الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٥ الصفحة 12

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٥

وَقَالُوا: إِذَا لَمْ يَصِفِ الْمُوَكِّل الشَّاةَ فَإِنَّ التَّوْكِيل لَمْ يَصِحَّ.

أَمَّا لَوْ قَال الْمُوَكِّل لِلْوَكِيل: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً وَوَصَفَهَا فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ: فَإِنْ لَمْ تُسَاوِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُوكِّل وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا جَمِيعًا عَلَى الدِّينَارِ لِفَوَاتِ مَا وَكَّل فِيهِ.

وَإِنْ سَاوَتْهُ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَالأَْظْهَرُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ وَحُصُول الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّل.

وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ: لَوِ اشْتَرَى الْوَكِيل فِي الذِّمَّةِ فَلِلْمُوكِّل وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَالأُْخْرَى لِلْوَكِيل وَيَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّل نِصْفَ دِينَارٍ.

وَأَمَّا لَوِ اشْتَرَى بِعَيْنِ الدِّينَارِ فَقَدِ اشْتَرَى شَاةً بِإِذْنٍ وَشَاةً بِغَيْرِ إِذْنٍ فَيَبْطُل فِي شَاةٍ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. (١)

- أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنِ الشَّاتَانِ بِالصِّفَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بِالصِّفَةِ دُونَ الأُْخْرَى وَتُسَاوِيهِ وَقَعَ شِرَاؤُهُمَا لِلْمُوكِّل وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالصِّفَةِ لَمْ يَقَعْ شِرَاؤُهُمَا لِلْمُوَكِّل. (٢)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ: لاَ خِيَارَ لِلْمُوكِّل

_________

(١) مغني المحتاج ٢ / ٢٢٩.

(٢) حاشية الجمل ٣ / ٤١٤.

إِنْ قَال لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ شَاةً بِدِينَارٍ مَثَلًا دَفَعَهُ لَهُ فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ اثْنَتَيْنِ لَمْ يُمْكِنْ إِفْرَادُ إِحْدَاهُمَا عَنِ الأُْخْرَى بِالشِّرَاءِ لاِمْتِنَاعِ الْبَائِعِ مِنْهُ.

وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِفْرَادُ إِحْدَاهُمَا بِالشِّرَاءِ وَاشْتَرَاهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَزِمَتِ الأُْولَى إِنِ اشْتَرَاهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَإِحْدَاهُمَا إِنِ اشْتَرَاهُمَا مَعًا فَالأُْولَى فِي الصُّورَةِ الأُْولَى وَإِحْدَاهُمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ، وَيُخَيَّرُ فِي أَخْذِ الشَّاةِ الثَّانِيَةِ، وَتَرْكِهَا لِلْوَكِيل بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (١)

ج - الْمُخَالَفَةُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ:

١٠٢ - إِذَا قَامَ الْوَكِيل بِتَفْرِيقِ مَا وَكَّل بِشِرَائِهِ بِأَنْ قَامَ بِشِرَاءِ بَعْضِ الصَّفْقَةِ فَقَطْ، وَلَمْ يَشْتَرِ الْبَاقِي، أَوْ قَامَ بِشِرَاءِ الْبَعْضِ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِشِرَاءِ الْبَاقِي، فَالأَْمْرُ لاَ يَخْلُو مِنْ حَالَتَيْنِ:

١٠٣ - الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّل بِهِ مِمَّا لاَ يَمْتَنِعُ تَبْعِيضُهُ عُرْفًا، وَلاَ يَضُرُّ الْمُوَكِّل تَبْعِيضُهُ.

وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّبْعِيضِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضَهَا سَوَاءً أَتْبَعَ ذَلِكَ بِشِرَاءِ الْبَاقِي أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْجُزْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَقَطْ.

_________

(١) جواهر الإكليل ٢ / ١٢٨.

فَلَوْ أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَاتَيْنِ بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمَالِ، فَاشْتَرَى الْوَكِيل وَاحِدَةً فَقَطْ بِنِصْفِ الْمَبْلَغِ صَحَّ الشِّرَاءُ، وَلَزِمَتِ الْمُوَكِّل الشَّاةُ الْمُشْتَرَاةُ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ النَّفَاذُ عَلَى شِرَاءِ الأُْخْرَى، لأَِنَّ الإِْذْنَ وَإِنْ تَنَاوَلَهُمَا مَعًا لَكِنَّ الْعُرْفَ لاَ يَمْنَعُ التَّبْعِيضَ وَهُوَ لاَ يَضُرُّ بِالْمُوَكِّلِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْوَكِيل إِلاَّ شِرَاءَ وَاحِدَةً فَقَطْ، فَتَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ، وَهَكَذَا فِي كُل سِلْعَةٍ لاَ يَضُرُّ تَفْرِيقُهَا بِالْمُوَكِّل.

وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ جَوَازَ الشِّرَاءِ مُفَرَّقًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا إِذَا لَمْ يَقُل الْمُوَكِّل: اشْتَرِ لِي ذَلِكَ صَفْقَةً، لأَِنَّ تَنْصِيصَهُ عَلَى ذَلِكَ يَدُل عَلَى غَرَضِهِ فِيهِ فَلَمْ يَتَنَاوَل إِذْنَهُ سِوَاهُ. (١)

١٠٤ - الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمْنَعَ الْعُرْفُ تَبْعِيضَهُ، أَوْ يَتَرَتَّبَ عَلَى تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ بِالْمُوَكِّلِ، كَأَنْ يُوَكِّل شَخْصٌ آخَرَ فِي شِرَاءِ ثَوْبٍ مِنَ الصُّوفِ، فَيَشْتَرِي الْوَكِيل بَعْضَهُ فَقَطْ.

وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَاتِ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ

_________

(١) حاشية الشلبي على الكنز ٤ / ٢٧٢، البدائع ٧ / ٣٤٧٠، المادة ١٤٨٠من المجلة، المهذب ١ / ٣٦٠، والمغني ٥ / ٢٥٢ - ٢٥٣، ومعونة أولي النهى ٤ / ٦٤٨ - ٦٤٩، ومطالب أولي النهى ٣ / ٤٦٩ - ٤٧٠.

الْمُوَكِّلِ، لأَِنَّ الإِْذْنَ تَنَاوَل جَمِيعَهُ، وَفِي التَّبْعِيضِ إِضْرَارٌ بِهِ وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّل لَزِمَ الْوَكِيل مَا اشْتَرَاهُ لِمُخَالَفَتِهِ إِذَنْ مُوَكِّلِهِ.

غَيْرَ أَنَّ جُمْهُورَ الْحَنَفِيَّةِ قَالُوا: إِذَا قَامَ الْوَكِيل بِشِرَاءِ الْبَاقِي مِنَ الصَّفْقَةِ وَقَعَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا وَلَزِمَ الْمُوَكِّل بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُخَاصِمَهُ الْمُوَكِّل أَمَامَ الْقَضَاءِ، لأَِنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً لِلاِمْتِثَال كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَوْرُوثًا فَيَشْتَرِيَهُ الْوَكِيل شِقْصًا شِقْصًا يَأْخُذُ مِنْ كُل وَارِثٍ حِصَّتَهُ فَإِنِ اشْتَرَى الْبَاقِيَ قَبْل مُخَاصَمَةِ الْمُوَكِّل تَبَيَّنَ أَنَّ شِرَاءَهُ لِلْبَعْضِ كَانَ وَسِيلَةً لِلاِمْتِثَال فَيَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّل.

وَقَال زُفَرُ: لاَ يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُوَكِّل بَل يَقَعُ لِلْوَكِيل. (١)

أَمَّا لَوْ خَاصَمَ الْمُوكِّل وَكِيلَهُ إِلَى الْقَاضِي قَبْل أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيل الْبَاقِيَ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْوَكِيلَ، ثُمَّ قَامَ الْوَكِيل بِشِرَاءِ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَى لاَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّل وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْوَكِيل بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ، لِمُخَالَفَتِهِ لأَِمْرِ

_________

(١) اللباب ٢ / ١٤٨، والبدائع ٧ / ٣٤٦٩، تكملة الفتح ٨ / ٨٦، المادة ١٤٨٠ من المجلة، مواهب الجليل ٥ / ١٩٦ - ١٩٧، وجواهر الإكليل ٢ / ١٢٧.

مُوَكِّلِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (١)

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى بُطْلاَنِ الشِّرَاءِ مَعَ التَّفْرِيقِ، لأَِنَّ الْوَكِيل خَالَفَ إِذْنَ مُوَكِّلِهِ بِشِرَاءِ الْجَمِيعِ، وَفِي تَبْعِيضِ الْمَبِيعِ إِضْرَارٌ بِالْمُوَكِّل وَتَفْرِيقٌ لِمِلْكِهِ فَلاَ يَلْزَمُهُ هَذَا الشِّرَاءُ. (٢)

د - مُخَالَفَةُ الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ بِأَنِ اشْتَرَى مَعِيبًا:

١٠٥ - إِذَا وَكَّل إِنْسَانٌ شَخْصًا فِي أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً مَوْصُوفَةً لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا إِلاَّ سَلِيمَةً خَالِيَةً مِنَ الْعُيُوبِ، لأَِنَّ إِطْلاَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي السَّلاَمَةَ مِنَ الْعُيُوبِ، وَلِهَذَا لَوِ اشْتَرَى عَيْنًا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا ثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ. (٣)

١٠٦ - فَإِذَا خَالَفَ وَاشْتَرَاهَا مَعِيبَةً فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا الشِّرَاءِ:

فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا وَكَّل فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ

_________

(١) اللباب ٢ / ١٤٨، وابن عابدين ٧ / ٣٣٩، وتكملة فتح القدير ٨ / ٨٦.

(٢) المغني ٥ / ٢٥٢، ومعونة أولي النهى ٤ / ٦٤٨ - ٦٤٩، ومطالب أولي النهى ٣ / ٤٧٠، والمهذب ١ / ٣٦٠.

(٣) البحر الرائق ٧ / ١٥٥، والفتاوى الهندية ٣ / ٥٧٥، وتكملة فتح القدير ٨ / ٣٤، مغني المحتاج ٢ / ٢٢٥، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٧ - ٣٨، والمغني ٥ / ٢٦٠، ومطالب أولي النهى ٣ / ٤٧٣، كشاف القناع ٣ / ٤٧٨.

مَوْصُوفَةٍ، فَاشْتَرَى سِلْعَةً لاَ تَتَحَقَّقُ فِيهَا هَذِهِ الصِّفَةُ، لَمْ تَلْزَمِ الآْمِرَ (الْمُوَكِّل) .

فَلَوْ قَال لَهُ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةً تَخْدُمُنِي أَوْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلْخَبْزِ، أَوْ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِعَمَلٍ مِنَ الأَْعْمَال فَاشْتَرَى جَارِيَةً عَمْيَاءَ، أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ، أَوِ الرِّجْلَيْنِ لاَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّل إِجْمَاعًا.

وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَابَّةً يَرْكَبُهَا فَاشْتَرَى مُهْرًا، أَوْ عَمْيَاءَ، أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ لَمْ يَلْزَمِ الآْمِرَ.

- وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا يَقْطَعُهُ قَمِيصًا، فَاشْتَرَى ثَوْبًا لاَ يَكْفِيهِ قَمِيصًا، لاَ يَلْزَمِ الآْمِرَ.

أَمَّا لَوْ وَكَّل رَجُلًا وَقَال لَهُ اشْتَرِ لِي جَارِيَةً أُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي، فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ، أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ، أَوِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيل بِذَلِكَ، لَزِمَ الآْمِرَ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ. لَوْ عَلِمَ الْوَكِيل بِذَلِكَ لاَ يَلْزَمُ الشِّرَاءُ الآْمِرَ. (١)

وَقَالُوا: إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيل وَقَبَضَ الْمُشْتَرَى ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ، وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى الْوَكِيل فِي مِثْل هَذَا الْعَقْدِ.

_________

(١) الفتاوى الهندية ٣ / ٥٧٥، والفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية ٣ / ٣٥.

فَإِنَّ سَلَّمَهُ إِلَى الْمُوكِّل لَمْ يَرُدَّهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ لأَِنَّهُ انْتَهَى حُكْمُ الْوَكَالَةِ بِتَسْلِيمِهِ إِلَى الْمُوَكِّل فَخَرَجَ مِنَ الْوَكَالَةِ.

وَلَوْ رَضِيَ الْوَكِيل بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ، ثُمَّ الْمُوَكِّل إِنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَ الْوَكِيل. (١)

١٠٧ - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيل مَعِيبًا مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ لَزِمَهُ إِذَا كَانَ اشْتَرَاهُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَأَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ.

أَمَّا إِذَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيل عَلَى خِيَارٍ لَهُ وَلَمْ يَنْقَضِ زَمَنُهُ فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ، وَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَمَحَل هَذَا إِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّل.

أَمَّا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ قَلِيلًا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ عَادَةً وَالشِّرَاءُ فُرْصَةً أَيْ غِبْطَةً فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّل كَدَابَّةٍ مَقْطُوعَةِ ذَنَبٍ لِغَيْرِ ذِي هَيْئَةٍ وَهِيَ رَخِيصَةٌ، أَمَّا شِرَاءُ دَابَّةٍ مَقْطُوعَةِ ذَنَبٍ لِذِي هَيْئَةٍ فَلاَ تَلْزَمُ وَلَوْ رَخِيصَةً. (٢)

١٠٨ - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: شِرَاءُ الْوَكِيل الْمَعِيبَ لاَ يَخْلُو:

إِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَعِيبَ فِي الذِّمَّةِ، وَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَيْنِ الْمَالِ، فَإِذَا اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ لاَ يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُسَاوِيَ الْمَعِيبَ مَعَ الْعَيْبِ مَا اشْتَرَاهُ

_________

(١) البحر الرائق ٧ / ١٥٥، وتكملة فتح القدير ٨ / ٣٤.

(٢) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير ٣ / ٣٨٤.

بِهِ، وَإِمَّا أَنْ لاَ يُسَاوِيَ.

فَإِذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَالْمَعِيبُ يُسَاوِي مَعَ الْعَيْبِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ عَنِ الْمُوَكِّل إِنْ جَهِل الْمُشْتَرِي الْمَعِيْبَ، إِذْ لاَ ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ، لِتَخْيِيرِهِ، وَلاَ تَقْصِيرَ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيل لِجَهْلِهِ، وَلاَ خَلَل مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ لإِطْلاَقِهِ.

وَإِنْ عَلِمَ الْوَكِيل الْعَيْبَ فَلاَ يَقَعُ الشِّرَاءُ عَنِ الْمُوَكِّل فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ سَوَاءٌ سَاوَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ أَمْ زَادَ.

وَفِي مُقَابِل الأَْصَحِّ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، لأَِنَّ الصِّيغَةَ مُطْلَقَةٌ وَلاَ نَقْصَ فِي الْمَالِيَّةِ.

وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْمَعِيبُ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ لَمْ يَقَعْ عَنِ الْمُوكِّل إِنْ عَلِمَ الْوَكِيل الْعَيْبَ لِتَقْصِيرِهِ، وَقَدْ يَهْرُبُ الْبَائِعُ فَلاَ يَتَمَكَّنُ مِنَ الرَّدِّ فَيَتَضَرَّرُ.

أَمَّا إِنْ جَهِل الْوَكِيل الْعَيْبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَعَ لِلْمُوَكِّل فِي الأَْصَحِّ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ جَاهِلًا.

وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لاَ يَقَعُ لِلْمُوَكِّل لأَِنَّ الْغَبْنَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ عَنِ الْمُوَكِّل مَعَ السَّلاَمَةِ فَعِنْدَ الْعَيْبِ أَوْلَى.

أَمَّا إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيل الْمَعِيبَ بِعَيْنِ مَال الْمُوَكِّل وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ الْعَيْبَ فَإِنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْمُوَكِّل.

وَإِذَا عَلِمَ الْوَكِيل الْعَيْبَ وَاشْتَرَى بِعَيْنِ مَال الْمُوَكِّل لاَ يَصِحُّ الشِّرَاءُ.

وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُوَكِّل عَلَى سَلاَمَةِ الْمُشْتَرَى مِنَ الْعَيْبِ، فَإِنْ نَصَّ عَلَى السَّلاَمَةِ فَالْوَجْهُ كَمَا قَال الإِْسْنَوِيُّ: أَنَّهُ لاَ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ. (١)

وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّل فِي صُورَتَيِ الْجَهْل فَلِكُلٍّ مِنَ الْوَكِيل وَالْمُوَكِّل الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، أَمَّا الْمُوَكِّل فَلأَِنَّهُ الْمَالِكُ وَالضَّرَرُ لاَحِقٌ بِهِ، وَأَمَّا الْوَكِيل فَلأَِنَّهُ نَائِبُهُ.

أَمَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ يَقَعُ لِلْمُوَكِّل فِي صُورَةِ الْعِلْمِ فَيَرُدُّهُ الْمُوَكِّل وَحْدَهُ.

وَلَوْ رَضِيَ الْمُوَكِّل بِالْعَيْبِ أَوْ قَصَّرَ فِي الرَّدِّ فِيمَا إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيل فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَرُدَّ الْوَكِيلُ، إِذْ لاَ حَظَّ لَهُ فِي الْفَسْخِ.

وَلَوْ قَصَّرَ الْوَكِيل فِي الرَّدِّ أَوْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ رَدَّهُ الْمُوَكِّل لِبَقَاءِ حَقِّهِ إِذَا سَمَّاهُ الْوَكِيل فِي الشِّرَاءِ أَوْ نَوَاهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَإِلاَّ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيل لأَِنَّهُ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ مَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُوَكِّل فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ.

وَلَوْ قَال الْبَائِعُ لِلْوَكِيل: أَخِّرِ الرَّدَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّل لَمْ تَلْزَمْهُ إِجَابَتُهُ، وَإِنْ أَخَّرَ فَلاَ رَدَّ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ. (٢)

_________

(١) مغني المحتاج ١ / ٢٢٥ - ٢٢٦، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٧ - ٣٨.

(٢) مغني المحتاج ٢ / ٢٢٦، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٧ - ٣٨.

١٠٩ - وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْوَكِيل إِذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مَعِيبَةً: إِمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْوَكِيل عَيْبَهَا، وَإِمَّا أَنْ لاَ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ.

فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِهِ، لَمْ يَلْزَمِ الْمُوَكِّل مَا اشْتَرَاهُ، لأَِنَّهُ اشْتَرَى غَيْرَ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي شِرَائِهِ.

هَذَا إِذَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيل فِي الذِّمَّةِ، وَقَالُوا: إِنِ اشْتَرَى الْوَكِيل بِعَيْنِ الْمَال فَكَشِرَاءِ فُضُولِيٍّ فِي الْمَذْهَبِ. (١)

وَقَال الأَْزَجِيُّ: إِنِ اشْتَرَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَهَل يَقَعُ عَنِ الْمُوَكِّل؟ لأَِنَّ الْعَيْبَ إِنَّمَا يُخَافُ مِنْهُ نَقْصُ الْمَالِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلثَّمَنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْضَى بِهِ، أَمْ لاَ يَقَعُ لِلْمُوَكِّل؟ فِيهِ وَجْهَانِ. (٢)

أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ، لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الصَّحِيحِ فِي الظَّاهِرِ لِعَجْزِهِ عَنِ التَّحَرُّزِ عَنْ شِرَاءِ مَعِيبٍ لاَ يَعْلَمُ عَيْبَهُ.

وَقَال الأَْزَجِيُّ: إِنْ جَهِل الْوَكِيل عَيْبَ الْمُشْتَرَى وَقَدِ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَال فَهَل يَقَعُ عَنِ الْمُوَكِّل؟ فِيهِ خِلاَفٌ. (٣)

فَإِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ مَلَكَ الرَّدَّ، لأَِنَّهُ قَائِمٌ فِي الشِّرَاءِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ، وَلِلْمُوَكِّل رَدُّهُ بِالْعَيْبِ أَيْضًا

_________

(١) المغني ٥ / ٢٦٠ - ٢٦١، الروض المربع ١ / ٢٠٧، والإنصاف ٥ / ٣٨٧، كشاف القناع ٣ / ٤٧٨.

(٢) الإنصاف ٥ / ٣٨٧.

(٣) الإنصاف ٥ / ٣٨٧.