الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٤
بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ الأَْصْلِيِّ مُسَافِرًا إِلَى بَلَدٍ، وَأَقَامَ فِيهَا الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، أَوْ نَوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَنْتَقِضْ بِذَلِكَ وَطَنُهُ الأَْصْلِيُّ، فَلَوْ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُدَّ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا.
أَمَّا وَطَنُ الإِْقَامَةِ، فَيَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ؛ لأَِنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِوَطَنِ الإِْقَامَةِ أَيْضًا؛ لأَِنَّهُ مِثْلُهُ، كَمَا يَنْتَقِضُ بِالسَّفَرِ، وَلاَ يَنْتَقِضُ وَطَنُ الإِْقَامَةِ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأَِنَّهُ دُونَهُ.
أَمَّا وَطَنُ السُّكْنَى، فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ، وَبِوَطَنِ الإِْقَامَةِ، وَبِوَطَنِ السُّكْنَى أَيْضًا، أَمَّا الأَْوَّلاَنِ فَلأَِنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَأَمَّا الآْخِرُ فَلأَِنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِهِ وَبِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
(ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف٥، ٧، ٩)
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَطَنِ:
١١ - يَتَعَلَّقُ بِالْوَطَنِ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلاَثَةِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، أَهَمُّهَا: قَصْرُ الصَّلاَةِ، وَجَمْعُ الصَّلَوَاتِ، وَالإِْفْطَارُ فِي رَمَضَانَ، وَالأُْضْحِيَّةُ، وَصَلاَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - قَصْرُ الصَّلاَةِ:
١٢ - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَاطِنَ فِي وَطَنِهِ الأَْصْلِيِّ أَوْ وَطَنِ الإِْقَامَةِ، لاَ يَقْصُرُ الصَّلاَةَ؛
لأَِنَّ الْقَصْرَ رُخْصَةُ السَّفَرِ، وَلاَ يَكُونُ الْقَاطِنُ فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَطَنَيْنِ مُسَافِرًا، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْقَصْرُ إِذَا عَادَ إِلَى وَطَنِهِ الأَْصْلِيِّ يَجِبُ عَلَيْهِ الإِْتْمَامُ مِنْ حِينِ الدُّخُول إِلَى الْوَطَنِ، سَوَاءٌ نَوَى الإِْقَامَةَ فِيهِ مُدَّةً، أَوْ أَقَامَ فِيهِ فِعْلًا، أَوْ نَوَى الْمُرُورَ فِيهِ لِمُتَابَعَةِ السَّفَرِ، وَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُ إِذَا دَخَل بَلَدًا وَنَوَى فِيهِ الإِْقَامَةَ، أَوْ أَقَامَ فِيهِ فِعْلًا الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، - بِحَسَبِ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُقِيمًا وَيُتِمُّ الصَّلاَةَ.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: صَلاَةِ الْمُسَافِرِ ف٢٦، ٣١) .
ب - الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ:
١٣ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صَلاَتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ صَلاَتِيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، جَمْعَ تَقْدِيمٍ أَوْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ بِشُرُوطِهِ.
وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا: لاَ جَمْعَ فِي السَّفَرِ.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: جَمْع الصَّلَوَاتِ ف٣ - ٨) .
ج - الإِْفْطَارُ فِي رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ:
١٤ - لِلْمُسَافِرِ بِشُرُوطِهِ أَنْ يُفْطِرَ فِي رَمَضَانَ مَا دَامَ مُسَافِرًا، وَإِنِ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَالْعُمْرَ كُلَّهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ سَفَرُهُ، فَإِنْ كَانَ الاِنْقِطَاعُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ - بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ - وَجَبَ عَلَيْهِ الإِْمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ حُرْمَةً لِلشَّهْرِ، ثُمَّ الصِّيَامُ فِي
الأَْيَّامِ الأُْخْرَى، وَإِنْ كَانَ انْقِطَاعُ السَّفَرِ فِي اللَّيْل لَزِمَهُ الصِّيَامُ فِي الأَْيَّامِ الأُْخْرَى، مَا لَمْ يُسَافِرْ.
وَانْقِطَاعُ السَّفَرِ يَكُونُ بِالْعَوْدَةِ إِلَى الْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ وَلَوْ كَانَ مُرُورًا فِيهِ، أَوْ بِأَنْ يُصْبِحَ مُقِيمًا فِي وَطَنِ الإِْقَامَةِ بِشُرُوطِهِ.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: صَوْمٍ ف٦١) .
د - الإِْعْفَاءُ مِنَ الأُْضْحِيَّةِ:
١٥ - ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الأُْضْحِيَّةِ الْوُجُوبُ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهُمْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَاشْتَرَطَ الأَْوَّلُونَ لِوُجُوبِهَا الإِْقَامَةَ، وَقَالُوا: لاَ تَجِبُ الأُْضْحِيَّةُ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لأَِنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ لاَ يَجِدُ مَا يُضَحِّي بِهِ بِشُرُوطِهِ، فَيَكُونُ فِي تَكْلِيفِهِ بِهَا حَرَجٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا انْقَطَعَ السَّفَرُ قَبْل فَجْرِ يَوْمِ عِيدِ الأَْضْحَى، وَهُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ، فَإِنَّ الأُْضْحِيَّةَ تَلْزَمُهُ، لاِنْقِطَاعِ سَفَرِهِ عِنْدَ وُجُوبِهَا، وَيَنْقَطِعُ السَّفَرُ - كَمَا تَقَدَّمَ - بِدُخُول الْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ وَلَوْ مُرُورًا فِيهِ، أَوْ بِعَدِّهِ مُقِيمًا فِي وَطَنِ الإِْقَامَةِ، أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا بِسِنِّيَّةِ الأُْضْحِيَّةِ، فَلَمْ يَشْتَرِطُوا الإِْقَامَةَ.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: أُضْحِيَّة ف١٥) .
هـ - سُقُوطُ التَّكْلِيفِ بِالْجُمُعَةِ:
١٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْقَامَةَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ، فَلاَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمُسَافِرِ، فَإِذَا انْقَطَعَ السَّفَرُ قَبْل إِقَامَةِ صَلاَةِ
الْجُمُعَةِ، وَجَبَتْ صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، وَانْقِطَاعُ السَّفَرِ يَكُونُ بِدُخُول الْوَطَنِ الأَْصْلِيِّ مُطْلَقًا، وَلَوْ مُرُورًا فِيهِ، أَوْ بِعَدِّهِ مُقِيمًا فِي وَطَنِ الإِْقَامَةِ بِشُرُوطِهِ.
(ر: صَلاَة الْجُمُعَةِ ف١١، سَفَر ف١٣)
وسُقُوطُ التَّكْلِيفِ بِالْعِيدَيْنِ:
١٧ - صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَفَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ بِهَا الإِْقَامَةُ أَوِ الاِسْتِيطَانُ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَلاَ يُكَلَّفُ بِهَا الْمُسَافِرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَإِذَا دَخَل الْمُسَافِرُ وَطَنَهُ الأَْصْلِيَّ أَوْ أَقَامَ فِي وَطَنِ إِقَامَةٍ بِشُرُوطِهِ قَبْل حُلُول وَقْتِهَا، كُلِّفَ بِهَا كَمَا فِي الْجُمُعَةِ.
وَلِلتَّفْصِيل (ر: صَلاَة الْعِيدَيْنِ ف٢ - ٣) .
ز - نَقْل الزَّكَاةِ:
١٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُزَكِّي فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ مَعَهُ فِي نَفْسِ الْبَلَدِ، فَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِزَكَاةِ هَذَا الْمَال أَهْل الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُزَكِّي فِي بَلَدٍ وَأَمْوَالُهُ فِي آخَرَ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَلَدُ وُجُودِ الْمَال أَوْ بَلَدُ وُجُودِ الْمُزَكِّي، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ.
(ر: زَكَاة ف١٨٥)
ح - تَوَطُّنُ الْحَرْبِيَّةِ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ:
١٩ - إِذَا دَخَلَتِ الْحَرْبِيَّةُ دَارَ الإِْسْلاَمِ بِأَمَانٍ وَتَزَوَّجَتْ بِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ تَصِيرُ ذِمِّيَّةً، فَالْمَرْأَةُ بِالسُّكْنَى تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَخْرُجُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَجَعَلَتْ نَفْسَهَا تَابِعَةً لِمَنْ هُوَ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَصَارَتْ ذِمِّيَّةً (١) .
(ر: أَهْل الذِّمَّةِ ف١٣، مُسْتَأْمَن ف٣٨)
ط - تَغْرِيبُ الزَّانِي الْغَرِيبِ إِلَى غَيْرِ وَطَنِهِ:
٢٠ - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ إِذَا زَنَى غَرِيبٌ غُرِّبَ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِ وَطَنِهِ لِيَكُونَ تَغْرِيبًا (٢) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْغَرِيبُ إِنْ زَنَى بِفَوْرِ نُزُولِهِ الْبَلَدَ الَّذِي زَنَى بِهِ يُسْجَنُ فِيهِ، وَإِنْ زَنَى بِهِ بَعْدَ تَأَنُّسِهِ بِأَهْلِهِ يُغَرَّبُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ (٣) .
(ر: تَغْرِيب ف٢)
ي - هِجْرَةُ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ وَطَنِهِ:
٢١ - لِهِجْرَةِ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ وَطَنِهِ حَالاَتٌ: فَمِنْهُمْ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ الْهِجْرَةُ.
_________
(١) المبسوط للسرخسي ١٠ / ٨٤، والفتاوى الهندية ٢ / ٢٣٥.
(٢) مغني المحتاج ٤ / ١٤٨، وكشاف القناع ٦ / ٩٢.
(٣) منح الجليل ٤ / ٤٩٩.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (دَار الْحَرْبِ ف٢، وَهِجْرَة ف١٠) .
ك - التَّوَطُّنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ:
٢٢ - لاَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُسَافِرَ مِنْ دَارِ الإِْسْلاَمِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ لِلتَّوَطُّنِ فِيهَا عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ.
أَمَّا السَّفَرُ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ لِلتِّجَارَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: لاَ يُمْنَعُ مِنْهُ إِذَا لَمْ يُلْزِمُوهُ بِفِعْل مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ. أَمَّا إِذَا كَانَ السَّفَرُ لِتَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَمُفَادَاةِ مُسْلِمٍ أَوْ تَبْلِيغِ رِسَالَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ (١) .
(ر: دَار الْحَرْبِ ف١٥)
_________
(١) فتح العلي المالك ١ / ٣٨٤، والقوانين الفقهية ص٢٩٦، ومنح الجليل ٤ / ٢١٤، ومواهب الجليل ٢ / ٥١٨، المدخل لابن الحاج ٤ / ٥٨ - ٥٩، والمدونة ٤ / ٢٧٠، والفروع لابن مفلح ٣٠٨، والمحلى لابن حزم ٩ / ٦٥.
وَظِيفَةٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الْوَظِيفَةُ مِنْ كُل شَيْءٍ: مَا يُقَدَّرُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ عَمَلٍ فِي زَمَنِ مُعَيَّنٍ. يُقَال: وَظَّفَ الشَّيْءَ عَلَى نَفْسِهِ: أَلْزَمَهَا إِيَّاهُ، وَوَظَّفَهُ: عَيَّنَ لَهُ فِي كُل يَوْمٍ وَظِيفَةً، وَوَظَّفَ عَلَيْهِ الْعَمَل وَالْخَرَاجَ وَنَحْوَ ذَلِكَ: قَدَّرَهُ. وَالْوَظِيفَةُ: الْوِرْدُ مِنْ قِرَاءَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَنْصِبِ وَالْخِدْمَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَهُوَ مُوَلَّدٌ (١) .
وَالْوَظِيفَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُقَدَّرُ فِي كُل يَوْمٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ رِزْقٍ. كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مَجَازًا. وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَمَل الْمَطْلُوبِ الْقِيَامُ بِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الأَْوْرَادِ (٢) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمِهْنَةُ:
٢ - الْمِهْنَةُ - بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ - لُغَةً: الْخِدْمَةُ
_________
(١) لسان العرب، والمعجم الوسيط مادة (وظف)، والمصباح المنير مادة (ورد) .
(٢) درر الحكام شرح غرر الأحكام ١ / ٢٩٥، وكشاف القناع ٤ / ٢٦٨، ومطالب أولي النهى ٤ / ١٩٢ - ١٩٣.
وَالْعَمَل وَنَحْوُهُ (١) .
وَلاَ يُخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٢) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْوَظِيفَةِ وَالْمِهْنَةِ أَنَّ الْوَظِيفَةَ أَعَمُّ مِنَ الْمِهْنَةِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَظِيفَةِ:
أَوَّلًا: الْوَظِيفَةُ بِمَعْنَى الْعَمَل الْمَطْلُوبِ الْقِيَامُ بِهِ:
الْوَظِيفَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَامَّةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ خَاصَّةً.
النوع الأول: الْوَظَائِفُ الْعَامَّةُ:
تَتَعَلَّقُ بِالْوَظَائِفِ الْعَامَّةِ أَحْكَامٌ، مِنْهَا:
أ - مَنْ لَهُ حَقُّ تَوْلِيَةِ الْوَظَائِفِ الْعَامَّة ِ:
٣ - يُعْتَبَرُ فِي تَوْلِيَةِ الْوَظَائِفِ نُفُوذُ الأَْوَامِرِ وَجَوَازُ النَّظَرِ، فَكُل مَنْ جَازَ نَظَرُهُ فِي عَمَلٍ نَفَذَتْ فِيهِ أَوَامِرُهُ وَصَحَّ مِنْهُ تَوْلِيَةُ الْعُمَّال عَلَيْهِ. وَهُوَ يَكُونُ مِنَ أَحَدِ ثَلاَثَةٍ: إِمَّا مِنَ السُّلْطَانِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُل الأُْمُورِ، وَإِمَّا مِنْ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ، وَإِمَّا مِنْ عَامِلٍ عَامِّ الْوِلاَيَةِ كَعَامِل إِقْلِيمٍ أَوْ مِصْرٍ عَظِيمٍ (٣) .
_________
(١) لسان العرب، والقاموس المحيط، والمصباح المني، والمعجم الوسيط.
(٢) قواعد الفقه للبركي.
(٣) الأحكام السلطانية للماوردي ص٢٠٩.
ب - مَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُوَلَّى الْوَظِيفَةَ الْعَامَّةَ:
٤ - يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُوَلَّى الْوَظِيفَةَ الْعَامَّةَ أَنْ يُوثَقَ بِأَمَانَتِهِ، وَأَنْ يَسْتَقِل بِكِفَايَتِهِ، وَيَكُونَ أَصْلَحَ النَّاسِ لِتَوَلِّي الْوَظِيفَةِ (١) . قَال النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ تَوَلَّى مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَاسْتَعْمَل عَلَيْهِمْ رَجُلًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ وَأَعْلَمُ مِنْهُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) . وَفِي رِوَايَةٍ: مَنِ اسْتَعْمَل رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَخَانَ رَسُولَهُ وَخَانَ الْمُؤْمِنِينَ (٣) .
ج - مَا يَلْزَمُ تَوَافُرُهُ عِنْدَ تَوْلِيَةِ الْوَظِيفَةِ:
٥ - يَلْزَمُ تَوَافُرُ مَا يَلِي عِنْدَ تَوْلِيَةِ الْوَظِيفَةِ:
١ - تَعْيِينُ الْعَمَل الَّذِي يَخْتَصُّ الْمُوَظَّفُ بِالنَّظَرِ
_________
(١) الأحكام السلطانية للماوردي ص٢٠٩، والسياسة الشرعية لابن تيمية ص٩.
(٢) حديث: " من تولى من أمر المسلمين شيئا. . . " أخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ١١٤ - ط وزارة الأوقاف العراقية) من حديث ابن عباس، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ٢١٢): فيه أبو محمد الجزري حمزة، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٣) حديث: " من استعمل رجلا من عصابة. . . " أخرجه الحاكم في المستدرك (٤ / ٦٢ - ٦٣) من حديث ابن عباس، ونقل الزيلعي في نصب الراية (٤ / ٦٢) عن الذهبي أنه ذكر أن فيه راويا ضعيفا.
فِيهِ مِنْ جِبَايَةٍ أَوْ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ أَوْ غَيْرِهَا.
٢ - الْعِلْمُ بِرُسُومِ الْعَمَل وَحُقُوقِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَنْتَفِي عَنْهُ الْجَهَالَةُ.
٣ - تَحْدِيدُ الْمَكَانِ الَّذِي يُمَارِسُ فِيهِ الْمُوَظَّفُ عَمَلَهُ بِمَا يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ (١) .
د - وِلاَيَةُ النَّظَرِ فِي الْوَظِيفَةِ:
٦ - وِلاَيَةُ الْمُوَظَّفِ فِي الْوَظِيفَةِ لَهَا ثَلاَثَةُ أَحْوَالٍ (كَمَا قَال الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى):
الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ يُقَدِّرَهُ بِمُدَّةٍ مَحْصُورَةِ الشُّهُورِ أَوِ السِّنِينَ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُهَا بِهَذِهِ الْمُدَّةِ مُجَوِّزًا لِلنَّظَرِ فِيهَا وَمَانِعًا مِنَ النَّظَرِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا. وَلاَ يَكُونُ النَّظَرُ فِي الْمُدَّةِ الْمُقَيَّدَةِ لاَزِمًا مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي، وَلَهُ صَرْفُهُ وَالاِسْتِبْدَال بِهِ إِذَا رَأَى فِي ذَلِكَ صَلاَحًا، فَأَمَّا لُزُومُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَامِل الْمُوَلَّى فَمُعْتَبَرٌ بِحَال مَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنَ الأَْجْرِ، فَإِنْ كَانَ الْجَارِي مَعْلُومًا بِمَا تَصِحُّ بِهِ الأُْجُورُ لَزِمَهُ الْعَمَل فِي الْمُدَّةِ إِلَى انْقِضَائِهَا؛ لأَِنَّ الْعِمَالَةَ فِيهَا تَصِيرُ مِنَ الإِْجَارَاتِ الْمَحْضَةِ، وَيُؤْخَذُ الْعَامِل فِيهَا بِالْعَمَل إِلَى انْقِضَائِهَا إِجْبَارًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي تَخْيِيرِ الْمُوَلِّي وَلُزُومِهَا لِلْمُوَلَّى أَنَّهَا فِي جَنَبَةِ الْمُوَلِّي مِنَ الْعُقُودِ الْعَامَّةِ لِنِيَابَتِهِ فِيهَا عَنِ الْكَافَّةِ، فُرُوعِيَ
_________
(١) الماوردي ٢٠٩.