الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٢
اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ ﷺ لِحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْل يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ (١)، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لاَ يَرْقُدُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ تَسَوَّكَ قَبْل أَنْ يَتَوَضَّأَ (٢) . (ر: اسْتِيَاك ف ١٠) .
رَابِعًا: وُجُودُ الْمَنِيِّ عِنْدَ الاِسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ:
١٣ - لَوِ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ وَوَجَدَ الْمَنِيَّ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلاَمًا، أَوْ إِذَا رَأَى فِي فِرَاشٍ يَنَامُ فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ يُمْنِيَ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْغُسْل.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (احْتِلاَم ف ٦، ٧) .
خَامِسًا: النَّوْمُ فِي الْمَسْجِدِ:
١٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ: فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ بِقُيُودٍ.
_________
(١) حديث: " أن النبي ﷺ كان إذا قام في الليل يشوص فاه بالسواك " أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٣٥٦ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٢٢٠ - ط الحلبي) من حديث حذيفة بن اليمان ﵁.
(٢) حديث: " أن النبي ﷺ كان لا يرقد في ليل أو نهار. . . " أخرجه أبو داود (١ / ٤٧ - ط حمص)، وذكر ابن حجر في التلخيص (١ / ٢٣٤ - ط العلمية) تضعيف أحد رواته.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَسْجِد ف ٢١) .
سَادِسًا: النَّوْمُ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ:
١٥ - النَّوْمُ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فِي الْجُمْلَةِ فِي قَوْل عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ إِلاَّ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ ﵁ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدٍ الأَْعْرَجِ: أَنَّهُ لاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ مِرَارًا مُضْطَجِعًا يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ ثُمَّ يُصَلِّي وَلاَ يُعِيدُ الصَّلاَةَ.
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ: الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ (١)، وَخَبَرِ: إِنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ (٢) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التَّفَاصِيل (٣) .
(ر: وُضُوء) .
_________
(١) حديث: " العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ ". أخرجه ابن ماجه (١ / ١٦١ - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب ﵁، ونقل ابن أبي حاتم في علل الحديث (١ / ٤٧ - ط السلفية) عن أبيه أنه قال عن الحديث: ليس بالقوي، كما نقل عن أبي زرعة أنه أعل إسناده بالانقطاع.
(٢) حديث: " إن العينين وكاء السه، فإذا نامت العينان. . . " أخرجه أحمد (٤ / ٩٧ - ط الميمنية)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١ / ٢٤٧ - ط القدسي): فيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف لاختلاطه.
(٣) المغني ١ / ١٧٣.
أَثَرُ النَّوْمِ فِي تَصَرُّفَاتِ الإِْنْسَانِ الْقَوْلِيَّةِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ:
١٦ - النَّوْمُ عَارِضٌ طَبْعِيٌّ يَطْرَأُ عَلَى الإِْنْسَانِ بِالضَّرُورَةِ فَيُعَطِّل الْعَقْل عَنِ الإِْدْرَاكِ، وَيَعْجِزُ عَنِ الْفَهْمِ فِي حَال النَّوْمِ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ مِنْهُ أَمْكَنَهُ الْفَهْمُ فَيَقْضِي مَا فَاتَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّوْمِ مِنَ الصَّلَوَاتِ.
وَالْمُبَادَرَةُ بِالْقَضَاءِ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ سَوَاءٌ تَعَدَّى أَوْ لَمْ يَتَعَدَّ بِالنَّوْمِ، وَنَدْبًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ، وَوُجُوبًا إِنْ تَعَدَّى بِهِ (١) .
(ر: قَضَاءُ الْفَوَائِتِ ف ١٩) .
أَمَّا أَثْنَاءَ النَّوْمِ فَجَمِيعُ عِبَارَاتِ النَّائِمِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّة لَغْوٌ، فَلاَ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ صَلاَةٍ، وَلاَ نُطْقُهُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ، وَلاَ يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلاَ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَلاَ يَقَعُ طَلاَقُهُ، وَلاَ يُقْبَل إِقْرَارُهُ بِحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لآِدَمِيٍّ، وَلاَ يَصِحُّ إِيجَابُهُ بِعَقْدٍ وَلاَ قَبُولُهُ.
وَكَذَا كُل تَصَرُّفٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ وَالتَّكْلِيفِ لأَِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّكْلِيفِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمُكَلَّفِ: فَهْمُهُ لِمَا كُلِّفَ بِهِ، أَيْ تَصَوُّرُ ذَلِكَ الأَْمْرِ وَالْفَهْمُ مِنْ خِطَابِ اللَّهِ جَل جَلاَلُهُ بِقَدْرٍ
_________
(١) الشرح الصغير ١ / ٣٦٤ - ٣٦٥، وتحفة المحتاج ١ / ١٣٩، ومغني المحتاج ١ / ١٢٧.
يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الاِمْتِثَال؛ لأَِنَّ التَّكْلِيفَ اسْتِدْعَاءُ حُصُول الْفِعْل عَلَى قَصْدِ الاِمْتِثَال، وَهُوَ مُحَالٌ عَادَةً وَشَرْعًا مِمَّنْ لاَ شُعُورَ لَهُ بِالأَْمْرِ كَالنَّائِمِ وَنَحْوِهِ، فَلاَ يُنَاسِبُ تَوْجِيهَ الْخِطَابِ إِلَيْهِ.
وَلِحَدِيثِ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ (١) . وَمَعْنَى رَفْعِ الْقَلَمِ عَنِ الثَّلاَثَةِ: عَدَمُ اعْتِبَارِ عِبَارَاتِهِمْ.
(ر: تَكْلِيف ف ٤) .
١٧ - وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ: مَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَإِنْ أُحْضِرَ الْمَوْقِفَ وَهُوَ نَائِمٌ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ وَلَوْ لَحْظَةً حَتَّى غَادَرَهَا يُجْزِئُ وُقُوفُهُ؛ لأَِنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَهُوَ أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ عُمُومًا فَيَصِحُّ الْوُقُوفُ مَعَ النَّوْمِ (٢) .
١٨ - وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ الْحَنَفِيُّ مَسَائِل قَال: إِنَّ النَّائِمَ فِيهَا كَالْمُسْتَيْقِظِ، وَعَزَاهَا إِلَى
_________
(١) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . " أخرجه أبو داود (٢ / ٥٥٨ - ط حمص) والحاكم (٢ / ٥٩ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عائشة ﵁، واللفظ للحاكم وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
(٢) حاشية ابن عابدين ٢ / ١٨٨، والشرح الصغير ٢ / ٥٣، وجواهر الإكليل ١ / ١٧٦، ومغني المحتاج ١ / ٤٩٨، وكشاف القناع ٢ / ٤٩٥.
فَتَاوَى الْوَلْوَالَجِيِّ أَوْصَلَهَا إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً:
الأُْولَى: إِذَا نَامَ الصَّائِمُ عَلَى قَفَاهُ وَفُوهُ مَفْتُوحٌ، فَقَطَرَ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فِي فِيهِ: فَسَدَ صَوْمُهُ، وَكَذَا إِنْ قَطَرَ غَيْرُهُ قَطْرَةً مِنَ الْمَاءِ فِي فِيهِ وَبَلَغَ ذَلِكَ جَوْفَهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا جَامَعَ الْمَرْأَةَ زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَسَدَ صَوْمُهَا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ.
الرَّابِعَةُ: الْمُحْرِمُ إِذَا نَامَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَحَلَقَ رَأَسَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
الْخَامِسَةُ: الْمُحْرِمُ إِذَا نَامَ وَانْقَلَبَ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
السَّادِسَةُ: إِذَا نَامَ الْمُحْرِمُ عَلَى بَعِيرٍ فَدَخَل فِي عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ.
السَّابِعَةُ: الصَّيْدُ الْمَرْمِيُّ إِلَيْهِ بِسَهْمٍ إِذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الرَّمْيَةِ يَكُونُ حَرَامًا، كَمَا إِذَا وَقَعَ عِنْدَ يَقْظَانٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَكَاتِهِ.
الثَّامِنَةُ: إِذَا انْقَلَبَ نَائِمٌ عَلَى مَتَاعٍ وَكَسَرَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.
التَّاسِعَةُ: إِذَا نَامَ الأَْبُ تَحْتَ جِدَارٍ فَوَقَعَ
الاِبْنُ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَمَاتَ الاِبْنُ يُحْرَمُ الأَْبُ مِنَ الْمِيرَاثِ. قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: عَلَى قَوْل الْبَعْضِ، وَهُوَ صَحِيحٌ.
الْعَاشِرَةُ: مَنْ رَفَعَ النَّائِمَ وَوَضَعَهُ تَحْتَ جِدَارٍ، فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ وَمَاتَ، لاَ يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى الْوَاضِعِ تَحْتَ الْجِدَارِ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ خَلاَ بِامْرَأَةٍ وَثَمَّةَ أَجْنَبِيٌّ نَائِمٌ لاَ تَصِحُّ الْخَلْوَةُ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: رَجُلٌ نَامَ فِي بَيْتٍ فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ وَهُوَ نَائِمٌ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً صَحَّتِ الْخَلْوَةُ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ نَائِمَةً فِي بَيْتٍ وَدَخَل عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَ عِنْدَهَا سَاعَةً صَحَّتِ الْخَلْوَةُ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: امْرَأَةٌ نَامَتْ فَجَاءَ رَضِيعٌ فَارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: الْمُتَيَمِّمُ إِذَا مَرَّتْ دَابَّتُهُ عَلَى مَاءٍ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ وَهُوَ عَلَيْهَا نَائِمٌ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: الْمُصَلِّي إِذَا نَامَ وَتَكَلَّمَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الْمُصَلِّي إِذَا نَامَ وَقَرَأَ فِي
قِيَامِهِ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فِي رِوَايَةٍ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) .
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: إِذَا تَلاَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي نَوْمِهِ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنَ الْيَقْظَانِ.
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: إِذَا اسْتَيْقَظَ هَذَا النَّائِمُ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي نَوْمِهِ، كَانَ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ يُفْتِي بِأَنَّهُ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلاَوَةِ، وَتَجِبُ فِي أَقْوَالٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ نَائِمٍ فَانْتَبَهَ فَأَخْبَرَهُ فَهُوَ عَلَى هَذَا: أَيْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ التِّلاَوَةِ.
الْعِشْرُونَ: إِذَا حَلَفَ رَجُلٌ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ فُلاَنًا فَجَاءَ الْحَالِفُ إِلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ، وَقَال لَهُ: قُمْ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظِ النَّائِمُ. قَال بَعْضُهُمْ: لاَ يَحْنَثُ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ. الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلاَقًا رَجْعِيًّا، فَجَاءَ الرَّجُل وَمَسَّهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ نَائِمَةٌ صَارَ مُرَاجِعًا.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: لَوْ كَانَ الزَّوْجُ نَائِمًا فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ، يَصِيرُ مُرَاجِعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -.
الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: الرَّجُل إِذَا نَامَ وَجَاءَتِ امْرَأَةٌ وَأَدْخَلَتْ فَرْجَهَا فِي فَرْجِهِ وَعَلِمَ الرَّجُل
بِفِعْلِهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ.
الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إِذَا جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى نَائِمٍ وَقَبَّلَتْهُ بِشَهْوَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِشَهْوَةٍ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ.
الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْمُصَلِّي إِذَا نَامَ فِي صَلاَتِهِ وَاحْتَلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْل وَلاَ يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ.
وَكَذَلِكَ: إِذَا بَقِيَ نَائِمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ صَارَتِ الصَّلاَةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (١) .
١٩ - وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ مَسَائِل يَنْفَرِدُ بِهَا النَّوْمُ عَنِ الْجُنُونِ وَالإِْغْمَاءِ وَهِيَ:
الأُْولَى: يَجِبُ عَلَى النَّائِمِ قَضَاءُ الصَّلاَةِ إِذَا اسْتَغْرَقَ النَّوْمُ وَقْتَهَا.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ صَوْمُ النَّائِمِ الَّذِي اسْتَغْرَقَ نَوْمُهُ النَّهَارَ كُلَّهُ إِذَا كَانَ قَدْ نَوَى مِنَ اللَّيْل. وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَضُرُّ كَالإِْغْمَاءِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا نَامَ الْمُعْتَكِفُ حُسِبَ زَمَنُ النَّوْمِ مِنَ الاِعْتِكَافِ قَطْعًا لأَِنَّهُ كَالْمُسْتَيْقِظِ (٢) .
أَثَرُ النَّوْمِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ:
٢٠ - اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ جِنَايَةَ النَّائِمِ عَلَى نَفْسٍ
_________
(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣١٩ - ٣٢١.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٢١٢ - ٢١٤.
أَوْ عُضْوٍ خَطَأً أَوْ جَارِيًا مَجْرَى الْخَطَأِ، فَتُجْرَى فِي فِعْلِهِ فِي كِلاَ التَّعْبِيرَيْنِ أَحْكَامُ الْخَطَأِ، فَإِذَا انْقَلَبَ نَائِمٌ عَلَى إِنْسَانٍ بِجَنْبِهِ فَقَتْلَهُ فَهُوَ خَطَأٌ أَوْ كَالْخَطَأِ فِي الْحُكْمِ؛ لأَِنَّ النَّائِمَ لاَ قَصْدَ لَهُ، فَلاَ يُوصَفُ فِعْلُهُ بِعَمْدٍ وَلاَ خَطَأٍ عِنْد بَعْضِهِمْ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْخَطَأِ لِحُصُول الْمَوْتِ بِفِعْلِهِ كَالْخَاطِئِ، فَتَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْخَطَأِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُخْطِئِ وَلَكِنَّهُ دُونَ الْخَطَأِ حَقِيقَةً؛ لأَِنَّ النَّائِمَ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْقَصْدِ أَصْلًا.
وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى النَّائِمِ لِتَرْكِ التَّحَرُّزِ عِنْدَ النَّوْمِ فِي مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا. وَالْكَفَّارَةُ فِي الْقَتْل الْخَطَأِ إِنَّمَا وَجَبَتْ لِتَرْكِ التَّحَرُّزِ أَيْضًا. وَحِرْمَانُ الْمِيرَاثِ: لِمُبَاشَرَةِ الْقَتْل وَتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَائِمًا وَإِنَّمَا كَانَ مُتَنَاوِمًا لِقَصْدِ اسْتِعْجَال الإِْرْثِ (١) .
أَثَرُ النَّوْمِ فِي إِتْلاَفِ الْمَال:
٢١ - النَّائِمُ فِي إِتْلاَفِ مَال الْغَيْرِ كَالْمُسْتَيْقِظِ تَمَامًا فَيَضْمَنُ. فَإِنَّ ضَمَانَ الْمَال لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ، بَل يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مِنْ أَهْل
_________
(١) الاختيار ٥ / ٢٦، حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٤٢، وروض الطالب ٤ / ١٢، والمغني ٧ / ٦٣٧، ومواهب الجليل ٦ / ٢٣٢.
الْوُجُوبِ، فَالْمُكَلَّفُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ فِيهَا سَوَاءٌ.
(ر: ضَمَان ف ١٦) .