الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩
لاَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي، بَل يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا يَشَاءُ هُوَ، لأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ حَمْل الْمَدِينِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَلِلْحَدِيثِ السَّابِقِ: لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْيَدُ وَاللِّسَانُ (١) .
وَتَكُونُ الْمُلاَزَمَةُ فِي النَّهَارِ لاَ لَيْلًا، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ الْكَسْبِ فَلاَ يُتَوَهَّمُ وُقُوعُ مَالٍ فِي يَدِهِ، فَالْمُلاَزَمَةُ لاَ تُفِيدُ (٢) .
وَكَذَا كُل وَقْتٍ لاَ يُتَوَهَّمُ وُقُوعُ مَالٍ فِي يَدِهِ فِيهِ كَوَقْتِ مَرَضِهِ.
ج - حَقُّ مُلاَزَمَةِ الْمَكْفُول لَهُ الْكَفِيل
٥ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا غَابَ الْمَكْفُول عَنْهُ وَعَجَزَ الْكَفِيل عَنْ إِحْضَارِهِ وَقْتَ الْحَاجَةِ، فَلِلْمَكْفُول لَهُ مُلاَزَمَةُ الْكَفِيل، كَالدَّائِنِ مَعَ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ تَمَامًا (٣) .
د - حَقُّ الْمُحَال فِي مُلاَزَمَةِ الْمُحَال عَلَيْهِ
٦ - يَجُوزُ لِلْمُحَال مُلاَزَمَةُ الْمُحَال عَلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْحَقُّ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ، فَلِلْمُحَال عَلَيْهِ أَنْ يُلاَزِمَ الْمُحِيل، لِيَتَخَلَّصَ مِنْ مُلاَزَمَةِ الْمُحَال.
_________
(١) حديث: " لصاحب الحق. . . " سبق تخريجه ف (٣) .
(٢) تبيين الحقائق ٥ / ٢٠٠، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٣١٥ - ٣٢٠ - ٣٢١.
(٣) تبيين الحقائق ٤ / ١٤٨، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٢٥٦.
وَالتَّفْصِيل فِي (حَوَالَةٌ ف وَمَا بَعْدَهَا) .
مُلاَعَنَةٌ
انْظُرْ: لِعَانٌ.
مُلاَمَسَةٌ
انْظُرْ: بَيْعُ الْمُلاَمَسَةِ.
مَلاَهِي
انْظُرْ: لَهْوٌ.
مُلْتَزَمٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الْمُلْتَزَمُ بِفَتْحِ الزَّايِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ فِعْل الْتَزَمَ، يُقَال: الْتَزَمْتُ الشَّيْءَ، أَيْ: اعْتَنَقْتُهُ فَهُوَ مُلْتَزَمٌ، وَمِنْهُ يُقَال لِمَا بَيْنَ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الأَْسْوَدِ: الْمُلْتَزَمُ، لأَِنَّ النَّاسَ يَعْتَنِقُونَهُ، أَيْ: يَضُمُّونَهُ إِلَى صُدُورِهِمْ (١) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الَّذِي بِهِ الْحَجَرُ الأَْسْوَدُ إِلَى بَابِ الْكَعْبَةِ مِنْ حَائِطِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، وَعَرْضُهُ عُلُوُّ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ (٢)، وَقَال الرُّحَيْبَانِيُّ: مِسَاحَتُهُ قَدْرُ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ (٣) .
وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ الْتَزَمَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ هُنَاكَ مَلَكًا يُؤَمِّنُ عَلَى الدُّعَاءِ (٤) .
_________
(١) المصباح المنير.
(٢) ابن عابدين ٢ / ١٧٠، والحطاب ٣ / ١١٢، والقليوبي ٢ / ١٠٨، وكشاف القناع ٢ / ٥١٣، وقواعد الفقه للبركتي.
(٣) مطالب أولي النهى ٢ / ٤٣٨.
(٤) القليوبي ٢ / ١٠٨. وحديث أن هناك ملكًا يؤمن على الدعاء لم نهتد لمن أخرجه من مصادر السُّنَّة.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
٢ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْتَزِمَ الطَّائِفُ الْمُلْتَزَمَ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ اقْتِدَاءً بِالرَّسُول ﷺ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَال: طُفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ: فَلَمَّا جِئْنَا دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلاَ تَتَعَوَّذُ؟ قَال: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا، وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، ثُمَّ قَال: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُهُ (١) .
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَيْضًا (٢) .
وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيَّةُ اسْتِحْبَابَ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ بَعْدَ الطَّوَافِ مُطْلَقًا (٣) .
_________
(١) حديث عمرو بن شعيب عن أبيه قال: " طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة. . . ". أخرجه أبو داود (٢ / ٤٥٢)، وأعله المنذري في مختصر السنن (٢ / ٣٨٦) بضعف الراوي عن عمرو بن شعيب.
(٢) ابن عابدين ٢ / ١٧٠، ١٨٧، وفتح القدير ٢ / ٣٦٠، ٣٩٨ ط دار إحياء التراث الإسلامي، والحطاب ٣ / ١١٢، وحاشية الجمل ٢ / ٤٤١، ٤٧٨، وكشاف القناع ٣ / ٥١٣، والمغني ٣ / ٤٦٢.
(٣) القليوبي ٢ / ١٠٨.
كَيْفِيَّةُ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ وَالدُّعَاءِ فِيهِ
٣ - نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ أَنْ يُلْصِقَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ بِجِدَارِ الْبَيْتِ، وَيَضَعَ خَدَّهُ الأَْيْمَنَ عَلَيْهِ، وَيَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ، بِحَيْثُ تَكُونُ يَدُهُ الْيُمْنَى إِلَى الْبَابِ وَالْيُسْرَى إِلَى الرُّكْنِ، وَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ كَمَا يَتَعَلَّقُ عَبْدٌ ذَلِيلٌ بِطَرْفِ ثَوْبٍ لِمَوْلَى جَلِيلٍ كَالْمُتَشَفِّعِ بِهَا، وَدَعَا حَال تَثَبُّتِهِ وَتَعَلُّقِهِ بِالأَْسْتَارِ مُجْتَهِدًا مُتَضَرِّعًا، مُتَخَشِّعًا، مُكَبِّرًا، مُهَلِّلًا، مُصَلِّيًا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَيَبْكِي أَوْ يَتَبَاكَى، وَلَوْ لَمْ يَنَل الأَْسْتَارَ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ مَبْسُوطَتَيْنِ عَلَى الْجِدَارِ قَائِمَتَيْنِ، وَالْتَصَقَ بِالْجِدَارِ، وَدَعَا بِمَا شَاءَ وَبِمَا أَحَبَّ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (١)، وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُكَ وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتَنِي فِي بِلاَدِكَ حَتَّى بَلَّغَتْنِي بِنِعْمَتِكَ إِلَى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتَنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلاَّ فَمِنَ الآْنَ قَبْل أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، فَهَذَا أَوَانُ الْفِرَاقِ إِنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلاَ بِبَيْتِكَ، وَلاَ رَاغِبٍ عَنْكَ وَلاَ عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ١٧٠ - ١٨٧، وفتح القدير ٢ / ٣٦٠ - ٣٩٨، والحطاب ٣ / ١١٢، وحاشية الجمل ٢ / ٤٤١، ٤٧٨، وكشاف القناع ٣ / ٥١٣، والمغني ٣ / ٤٦٢.
فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي، وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَإِنْ أَحَبَّ دَعَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ﷺ (١) .
وَقْتُ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ
٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْتِ الْتِزَامِ الْمُلْتَزَمِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْمَشْهُورِ مِنَ الرِّوَايَاتِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ، قَبْل الْخُرُوجِ إِلَى الصَّفَا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُنْدَبُ أَنْ يَلْتَزِمَ قَبْل الصَّلاَةِ. وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهُوَ الأَْسْهَل وَالأَْفْضَل وَعَلَيْهِ الْعَمَل (٢) .
_________
(١) كشاف القناع ٢ / ٥ ١٣، ٥١٤، والمغني ٣ / ٤٦٢.
(٢) ابن عابدين ٢ / ١٧٠، والحطاب ٣ / ١١٢، والقليوبي ٢ / ١٠٨، والمغني ٣ / ٤٦٢.
مِلْحٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الْمِلْحُ فِي اللُّغَةِ: مَا يَطِيبُ بِهِ الطَّعَامُ، يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ، وَالتَّأْنِيثُ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالْجَمْعُ مِلاَحٌ - بِالْكَسْرِ (١) -.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٢) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْحِ:
أ - التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمِلْحِ
٢ - قَال الْحَصْكَفِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءٍ يَنْعَقِدُ بِهِ مِلْحٌ، لاَ بِمَاءٍ حَاصِلٍ بِذَوَبَانِ مِلْحٍ، لِبَقَاءِ الأَْوَّل عَلَى طَبِيعَتِهِ الأَْصْلِيَّةِ وَانْقِلاَبِ الثَّانِي إِلَى طَبِيعَتِهِ الْمِلْحِيَّةِ (٣) .
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الزَّيْلَعِيِّ: وَلاَ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الْمِلْحِ، وَهُوَ مَا يَجْمُدُ فِي الصَّيْفِ
_________
(١) لسان العرب، والمصباح المنير.
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد ٤ / ٣٩٦ ط مؤسسة الرسالة، والآداب الشرعية لابن مفلح ٣ / ٥٩ - ٦٠.
(٣) الدر المختار ١ / ١٢١.
وَيَذُوبُ فِي الشِّتَاءِ عَكْسُ الْمَاءِ، وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بِمَاءِ الْمِلْحِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ انْعَقَدَ مِلْحًا ثُمَّ ذَابَ أَوْ لاَ، وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي (١) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - كَمَا نَقَل الدُّسُوقِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ - أَنَّ تَغَيُّرَ الْمَاءِ بِالْمِلْحِ لاَ يَضُرُّ وَلَوْ طُرِحَ قَصْدًا. وَقَال الْقَابِسِيُّ: إِنَّهُ كَالطَّعَامِ فَيَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ.
وَقَال الْبَاجِيُّ: الْمِلْحُ الْمَعْدِنِيُّ لاَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَالْمَصْنُوعُ كَالطَّعَامِ يَسْلُبُهُ. وَنَقَل الْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الْمِلْحَ الْمَعْدِنِيَّ يَضُرُّ لأَِنَّهُ طَعَامٌ فَيَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَالْمَصْنُوعُ لاَ يَضُرُّ، لأَِنَّ أَصْلَهُ التُّرَابُ فَلاَ يَسْلُبُ، الطَّهُورِيَّةَ (٢) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمِلْحِ أَوْجُهٌ:
أَصَحُّهَا: يَسْلُبُ الْمِلْحُ الْجَبَلِيُّ الطَّهُورِيَّةَ مِنْهُ دُونَ الْمَائِيِّ.
وَالثَّانِي: يَسْلُبَانِ.
_________
(١) حاشية ابن عابدين ١ / ١٢١، والفتاوى الهندية ١ / ٢١.
(٢) الشرح الصغير ١ / ٣٢، ٣٣، والحطاب ١ / ٥٧، ٥٨، والدسوقي ١ / ٣٧.
وَالثَّالِثُ: لاَ يَسْلُبَانِ (١) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّطَهُّرُ بِمَاءٍ مُتَغَيِّرٍ بِالْمِلْحِ الْمَائِيِّ، وَلاَ يَسْلُبُ خَلْطُ هَذَا الْمِلْحِ بِالْمَاءِ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ، لأَِنَّ أَصْلَهُ الْمَاءُ، بِخِلاَفِ الْمِلْحِ الْمَعْدِنِيِّ فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ (٢)، وَقَالُوا: الْمَاءُ الَّذِي خُلِطَ فِيهِ مِلْحٌ مَعْدِنِيٌّ فَغَيَّرَهُ طَاهِرٌ (٣) .
ب - التَّيَمُّمُ بِالْمِلْحِ
٣ - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالْمِلْحِ لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَهُمْ إِلاَّ بِالتُّرَابِ (٤) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْمِلْحَ الْمَائِيَّ لاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْحُ جَبَلِيًّا فَفِي التَّيَمُّمِ بِهِ رِوَايَتَانِ صُحِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَكِنِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ (٥) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمِلْحَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ مَا دَامَ فِي مَوْضِعِهِ (مَعْدِنِهِ) أَمَّا إِنْ نُقِل مِنْ مَحِلِّهِ وَصَارَ مَالًا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَلاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ (٦) .
_________
(١) روضة الطالبين ١ / ١١، والمجموع ١ / ١٠٢.
(٢) شرح منتهى الإرادات ١ / ١٣، والمغني ١ / ١٣.
(٣) كشاف القناع ١ / ٣١.
(٤) المجموع ٢ / ٢١٢، وكشاف القناع ١ / ١٧٢.
(٥) الفتاوى الهندية ١ / ٢٧.
(٦) الشرح الصغير ١ / ١٩٦.
ج - كَوْنُ الْمِلْحِ مَالًا رِبَوِيًّا ٤ - الْمِلْحُ مِنَ الأَْعْيَانِ الَّتِي نُصَّ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا (١)، فَقَدْ رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ﵁ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءِ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى (٢) . وَلِلتَّفْصِيل (ر: رِبًا ف ١٧) .
_________
(١) المجموع ٩ / ٣٩٢، والمغني ٤ / ٤، والاختيار ٢ / ٣٠، والقوانين الفقهية ص ٢٥٣، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٣ / ٣٤٨.
(٢) حديث عبادة: " سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن بيع الذهب بالذهب. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١٢١٠) .