الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩ الصفحة 6

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٩

مِلْطَاءٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْمِلْطَاءُ فِي اللُّغَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ، وَبِالأَْلِفِ فِي لُغَةِ غَيْرِهِمْ، هِيَ: السِّمْحَاقُ بِكَسْرِ السِّينِ، وَالسِّمْحَاقُ: قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ فَوْقَ عَظْمِ الرَّأْسِ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمِلْطَاءَ هِيَ السِّمْحَاقُ، أَوْ هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تَخْرِقُ اللَّحْمَ حَتَّى تَدْنُوَ مِنَ الْعَظْمِ.

وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي أَزَالَتِ اللَّحْمَ وَقَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِل إِلَيْهِ، بَل بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سِتْرٌ رَقِيقٌ.

وَالسِّمْحَاقُ مَا كَشَطَتِ الْجِلْدَ عَنِ اللَّحْمِ (٢) .

_________

(١) المصباح المنير، ولسان العرب.

(٢) حاشية الدسوقي ٤ / ٢٥١، والشرح الصغير ٤ / ٣٥٠، والزيلعي ٣ / ١٣٢، والقليوبي ٤ / ١١٢، والمطلع على أبواب المقنع ص ٣٦٧ ط المكتب الإسلامي.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

السِّمْحَاقُ:

٢ - السِّمْحَاقُ بِكَسْرِ السِّينِ فِي اللُّغَةِ: قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ فَوْقَ عَظْمِ الرَّأْسِ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: قَال الْمَالِكِيَّةُ: السِّمْحَاقُ هِيَ كَشْطَةُ الْجِلْدِ، أَيْ إِزَالَتُهُ عَنْ مَحِلِّهِ (٢) .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمِلْطَاءِ وَالسِّمْحَاقِ عِنْدَهُمْ: أَنَّ السِّمْحَاقَ مِنَ الْجِرَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجِلْدِ، وَالْمِلْطَاءَ مِنَ الْجِرَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِاللَّحْمِ (٣) .

وَأَمَّا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فَالْمِلْطَاءُ وَالسِّمْحَاقُ مُتَرَادَفَانِ (٤) كَمَا سَبَقَ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٣ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَجِبُ فِي الْمِلْطَاءِ، أَيِ السِّمْحَاقِ دِيَةٌ وَلاَ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ

_________

(١) لسان العرب.

(٢) الدسوقي ٤ / ٢٥١.

(٣) المرجع السابق.

(٤) الاختيار ٥ / ٤٢، والقليوبي ٤ / ١١٢، والمطلع على أبواب المقنع ص ٣٦٧.

عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا أَمْ خَطَأً.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ يَجِبُ فِي عَمْدِهَا الْقِصَاصُ لإِمْكَانِ ضَبْطِهَا (١) .

_________

(١) الاختيار ٥ / ٤٢، والزيلعي ٣ / ١٣٢، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٥١، والقليوبي ٤ / ١١٢، والمطلع على أبواب المقنع ص ٣٦٧.

مِلْكٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْمِلْكُ لُغَةً - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا -: هُوَ احْتِوَاءُ الشَّيْءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ بِانْفِرَادِ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ الْمُحْدَثُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِيَّةِ عَنِ الْمِلْكِ، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ قَبْلَهُمْ يُعَبِّرُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِ.

وَقَدْ عَرَّفَ الْقَرَافِيُّ الْمِلْكَ - بِاعْتِبَارِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا - فَقَال: الْمِلْكُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ، يَقْتَضِي تَمَكُّنَ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِالْمَمْلُوكِ وَالْعِوَضِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ (٢) .

وَقَال ابْنُ الشَّاطِ: الْمِلْكُ هُوَ تَمَكُّنُ الإِْنْسَانِ شَرْعًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِيَابَةِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْمَنْفَعَةِ وَمِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ، أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنَ

_________

(١) لسان العرب، والقاموس المحيط، والمصباح المنير.

(٢) الفروق ٣ / ٢٠٩.

الاِنْتِفَاعِ خَاصَّةً (١) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْحَقُّ:

٢ - يُطْلَقُ الْحَقُّ لُغَةً عَلَى نَقْضِ الْبَاطِل وَعَلَى الْحَظِّ، وَالنَّصِيبِ، وَالثَّابِتِ وَالْمَوْجُودِ، وَالشَّيْءُ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي إِنْكَارُهُ (٢) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ الثَّابِتِ الَّذِي يَشْمَل حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقِ الْعِبَادِ (٣) .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْمِلْكِ: أَنَّ الْحَقَّ أَعَمُّ مِنَ الْمِلْكِ.

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْكِ:

يَتَعَلَّقُ بِالْمِلْكِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

حُرْمَةُ الْمِلْكِ فِي الإِْسْلاَمِ

٣ - صَانَ الإِْسْلاَمُ الْمِلْكَ، فَحَرَّمَ الاِعْتِدَاءَ

_________

(١) إدرار الشروق على أنواء الفروق بهامش الفروق ٣ / ٢٠٩.

(٢) القاموس المحيط، ولسان العرب، والمصباح المنير.

(٣) الموافقات للشاطبي ٢ / ٢١٨ - ٢١٩ ط دار المعرفة بيروت، وتيسير التحرير، ٢ / ١٧٥ ط الحلبي، وكشف الأسرار ٤ / ١٣٦ ط دار الكتاب العربي، وشرح التلويح ٢ / ١٤٠ ط الحلبي، وقواعد ابن رجب ص ١٨٨ - ١٩٥ ط الكليات الأزهرية.

عَلَيْهِ، وَالأَْدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل﴾ (١) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل﴾ (٢) وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ (٣) . وَقَوْلُهُ ﷺ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (٤) .

قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْقَاعِدَةُ الْمُعْتَبَرَةُ أَنَّ الْمُلاَّكَ مُخْتَصُّونَ بِأَمْلاَكِهِمْ، لاَ يُزَاحِمُ أَحَدٌ مَالِكًا فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، ثُمَّ الضَّرُورَةُ تُحْوِجُ مُلاَّكَ الأَْمْوَال إِلَى التَّبَادُل فِيهَا. . . فَالأَْمْرُ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ تَحْرِيمُ التَّسَالُبِ وَالتَّغَالُبِ وَمَدِّ الأَْيْدِي إِلَى أَمْوَال

_________

(١) سورة البقرة / ١٨٨.

(٢) سورة النساء / ٢٩.

(٣) حديث: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم ". أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٧ - ٨) ومسلم (٣ / ١٣٠٥ - ١٣٠٦) من حديث أبي بكرة.

(٤) حديث: " أمرت أن أقاتل. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٧٥) من حديث ابن عمر.

النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ (١)، وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَالرَّجُل أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٢) .

وَقَدْ جَعَل الإِْسْلاَمُ مِلْكَ الأَْمْوَال اسْتِخْلاَفًا وَمِنْحَةً رَبَّانِيَّةً، لأَِنَّ الْمَالِكَ الْحَقِيقِيَّ لِلأَْمْوَال هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ أَعْطَى لِلإِْنْسَانِ حَقَّ التَّمَلُّكِ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الأَْمْوَال، قَال تَعَالَى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ (٣) وَقَال تَعَالَى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَال اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ (٤) .

وَالآْيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَقِيل فِي تَفْسِيرِهَا: إِنَّ الأَْمْوَال الَّتِي فِي أَيْدِيكُمْ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَال اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَإِنْشَائِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا خَوَّلَكُمُ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَجَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، فَلَيْسَتْ هِيَ بِأَمْوَالِكُمْ فِي الْحَقِيقَةِ، وَمَا أَنْتُمْ فِيهَا إِلاَّ بِمَنْزِلَةِ الْوُكَلاَءِ (٥) .

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فِي الأَْمْوَال حُقُوقًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِلأَْقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ.

_________

(١) الغياثي لإمام الحرمين ص ٤٩٤ - ٤٩٥، تحقيق د. عبد العظيم الديب. ط قطر.

(٢) مجموع الفتاوى ٢٩ / ١٨٩ ط الرياض.

(٣) سورة الحديد / ٧.

(٤) سورة النور / ٣٣.

(٥) تفسير الكشاف للزمخشري ٤ / ٦١ ط مصطفى الحلبي.

أَقْسَامُ الْمِلْكِ:

لِلْمِلْكِ أَقْسَامٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:

- فَهُوَ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ: إمَّا مِلْكٌ تَامٌّ أَوْ نَاقِصٌ.

- وَبِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ: إِمَّا مِلْكٌ عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ: إِمَّا مِلْكٌ اخْتِيَارِيٌّ أَوْ جَبْرِيٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ احْتِمَال سُقُوطِهِ: إِمَّا مِلْكٌ مُسْتَقِرٌّ أَوْ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ.

أ - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ

٤ - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ إِلَى مِلْكٍ تَامٍّ وَمِلْكٍ نَاقِصٍ.

وَالْمِلْكُ التَّامُّ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَقَطْ، أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، أَوِ الاِنْتِفَاعِ فَقَطْ.

يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْمِلْكُ التَّامُّ يُمْلَكُ فِيهِ التَّصَرُّفُ فِي الرَّقَبَةِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَيُورَثُ عَنْهُ، وَيُمْلَكُ التَّصَرُّفُ فِي مَنَافِعِهِ بِالإِْعَارَةِ وَالإِْجَارَةِ وَالاِنْتِفَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (١) .

وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ بَدَل النَّاقِصِ، يَقُول الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ

_________

(١) مجموع الفتاوى ٢٩ / ١٧٨.

قِسْمَانِ: تَامٌّ وَضَعِيفٌ، فَالتَّامُّ يَسْتَتْبِعُ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ، وَالضَّعِيفُ بِخِلاَفِهِ، ثُمَّ اسْتُعْمِل مُصْطَلَحُ النَّاقِصِ أَيْضًا (١) .

ثُمَّ إِنَّ الأَْصْل فِي الْمِلْكِ هُوَ الْمِلْكُ التَّامُّ، وَأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ خِلاَفُ الأَْصْل، كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْمِلْكِ هُوَ الاِنْتِفَاعُ بِالأَْشْيَاءِ.

وَلِذَلِكَ جَاءَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ نَاقِصًا، كَأَنْ يُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَيْنٍ لِشَخْصِ، أَوْ أَنْ يُوصِيَ بِالرَّقَبَةِ لِشَخْصِ وَبِمَنْفَعَتِهَا لآِخَرَ (٢) .

أَمَّا مِلْكُ الْمَنَافِعِ: فَهُوَ مشَاعٌ، وَيَتَحَقَّقُ فِي الإِْجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالإِْعَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، وَالْوَقْفِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، وَالأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ الْمُقَرَّةِ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ بِالْخَرَاجِ.

وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ جَائِزَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَا عَدَا ابْنَ شُبْرُمَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى (٣) .

أَمَّا مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ: فَقَدْ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) وَإِنِ

_________

(١) المنثور ٣ / ٢٣٨.

(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣٥١، والأشباه والنظائر للسيوطي ص ٣٧٩، والقواعد لابن رجب ص ١٩٥ - ١٩٦.

(٣) المصادر السابقة.

اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيل أَحْكَامِهِ.

فَقَدْ قَسَّمَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ الْمِلْكَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: مِلْكِ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ عَيْنٍ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ مَنْفَعَةٍ بِلاَ عَيْنٍ، وَمِلْكِ انْتِفَاعٍ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، ثُمَّ قَال:

أَمَّا النَّوْعُ الأَْوَّل: فَهُوَ عَامَّةُ الأَْمْلاَكِ الْوَارِدَةِ عَلَى الأَْعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ بِالأَْسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهَا، مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مِلْكُ الْعَيْنِ بِدُونِ مَنْفَعَةٍ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ بِدُونِ عَيْنٍ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:

الضَّرْبُ الأَْوَّل: مِلْكٌ مُؤَبَّدٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ، وَمِنْهَا الْوَقْفُ، فَإِنَّ مَنَافِعَهُ وَثَمَرَاتِهِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. . . وَمِنْهَا الأَْرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مِلْكٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ، فَمِنْهُ الإِْجَارَةُ، وَمِنْهُ مَنَافِعُ الْبَيْعِ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً.

النَّوْعُ الرَّابِعُ: مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ الْمُجَرَّدِ، وَلَهُ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا مِلْكُ الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الاِنْتِفَاعَ لاَ الْمَنْفَعَةَ، إِلاَّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ.

وَمِنْهَا: الْمُنْتَفِعُ بِمِلْكِ جَارِهِ مِنْ وَضْعِ