الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ الصفحة 7

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠

عَرَبِيَّةٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - فِي اللُّغَةِ: عَرُبَ لِسَانُهُ عُرُوبَةً: إِذَا كَانَ عَرَبِيًّا فَصِيحًا، وَرَجُلٌ عَرَبِيٌّ: ثَابِتُ النَّسَبِ فِي الْعَرَبِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَصِيحٍ، وَرَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ: إِذَا كَانَ بَدَوِيًّا صَاحِبَ نُجْعَةٍ وَارْتِيَادٍ لِلْكَلأَِ وَتَتَبُّعِ مَسَاقِطِ الْغَيْثِ، وَأَعْرَبَ: إِذَا كَانَ فَصِيحًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْعَرَبِ، وَعَرَّبَ مَنْطِقَهُ أَيْ: هَذَّبَهُ مِنَ اللَّحْنِ، وَعَرَّبَهُ: عَلَّمَهُ الْعَرَبِيَّةَ.

وَاللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ: مَا نَطَقَ بِهِ الْعَرَبُ، قَال قَتَادَةَ: كَانَتْ قُرَيْشُ تَخْتَارُ أَفْضَل لُغَاتِ الْعَرَبِ حَتَّى صَارَ أَفْضَل لُغَاتِهَا لُغَتَهَا فَنَزَل الْقُرْآنُ بِهَا.

قَال الأَْزْهَرِيُّ: وَجَعَل اللَّهُ ﷿ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّل عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَرَبِيًّا؛ لأَِنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى الْعَرَبِ الَّذِينَ أُنْزِل بِلِسَانِهِمْ (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٢) .

_________

(١) لسان العرب والمصباح المنير.

(٢) ابن عابدين ٥ / ٢٦٩.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - عُجْمِيَّةٌ

٢ - فِي اللُّغَةِ: الْعُجْمُ وَالْعَجَمُ خِلاَفُ الْعَرَبِ وَالْعَرَبُ، يُقَال: عَجَمِيٌّ وَجَمْعُهُ عَجَمٌ وَالْعُجْمُ: جَمْعُ الأَْعْجَمِ الَّذِي لاَ يُفْصِحُ، وَالْعَجَمِيُّ: الَّذِي مِنْ جِنْسِ الْعَجَمِ أَفْصَحَ أَوْ لَمْ يُفْصِحْ.

وَرَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ وَأَعْجَمُ: إِذَا كَانَ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ وَإِنْ أَفْصَحَ بِالْعَجَمِيَّةِ.

وَيُقَال: لِسَانٌ أَعْجَمِيٌّ إِذَا كَانَ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ (١)، وَعَلَى ذَلِكَ فَالْعُجْمَةُ وَالْعَجَمِيَّةُ خِلاَفُ الْعَرَبِيَّةِ.

ب - لُغَةٌ:

٣ - اللُّغَةُ: اللَّسْنُ وَهِيَ أَصْوَاتٌ يُعَبِّرُ بِهَا كُل قَوْمٍ عَنْ أَغْرَاضِهِمْ، وَالْجَمْعُ لُغَاتٌ وَلُغُونٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لَغَا فُلاَنٌ عَنِ الصَّوَابِ وَعَنِ الطَّرِيقِ: إِذَا مَال عَنْهُ، قَال ابْنُ الأَْعْرَابِيِّ: وَاللُّغَةُ أُخِذَتْ مِنْ هَذَا؛ لأَِنَّ هَؤُلاَءِ تَكَلَّمُوا بِكَلاَمٍ مَالُوا فِيهِ عَنْ لُغَةِ هَؤُلاَءِ الآْخَرِينَ (٢) .

وَعَلَى ذَلِكَ فَاللُّغَةُ أَعَمُّ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا تَشْمَل الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا

_________

(١) لسان العرب والمصباح المنير، وقواعد الأحكام ٢ / ١٠٢.

(٢) لسان العرب.

فَضْل اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ:

٤ - لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ الأَْلْسُنِ؛ لأَِنَّهَا لِسَانُ أَهْل الْجَنَّةِ، وَيُثَابُ الإِْنْسَانُ عَلَى تَعَلُّمِهَا وَعَلَى تَعْلِيمِهَا غَيْرَهُ (١)، وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاَثٍ: لأَِنِّي عَرَبِيٌّ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ، وَلِسَانُ أَهْل الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَلاَمُ أَهْل الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ (٢)

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٥ - قَال الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ عَلَى كُل مُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ مَا يَبْلُغُهُ جَهْدُهُ فِي أَدَاءِ فَرْضِهِ، قَال فِي الْقَوَاطِعِ: مَعْرِفَةُ لِسَانِ الْعَرَبِ فَرْضٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ إِلاَّ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ عَلَى الْعُمُومِ فِي إِشْرَافِهِ عَلَى الْعِلْمِ بِأَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ، أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنَ الأُْمَّةِ فَفَرْضٌ فِيمَا وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِهِ فِي الصَّلاَةِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالأَْذْكَارِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ (٣) .

_________

(١) الدر المختار ٥ / ٢٦٩.

(٢) حديث: " أحبوا العرب لثلاث، لأني عربي. . . ". أخرجه الحاكم (٤ / ٨٧) من حديث ابن عباس، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠ / ٥٢) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط. . وفيه العلاء بن عمرو الحنفي وهو مجمع على ضعفه.

(٣) البحر المحيط (٦ / ٢٠٢)، وإرشاد الفحول ص٢٥٢.

مَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُجْتَهِدِ.

٦ - جَاءَ فِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ: مِنْ شُرُوطِ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَمَوْضُوعِ خِطَابِهِمْ لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا، فَلْيَعْرِفِ الْقَدْرَ الَّذِي يَفْهَمُ بِهِ خِطَابَهُمْ وَعَادَاتِهِمْ فِي الاِسْتِعْمَال، إِلَى حَدٍّ يُمَيِّزُ بِهِ صَرِيحَ الْكَلاَمِ وَظَاهِرَهُ، وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيَّنَهُ، وَعَامَّهُ وَخَاصَّهُ، وَحَقِيقَتَهُ وَمَجَازَهُ.

قَال أَبُو إِسْحَاقَ: وَيَكْفِيهِ مِنَ اللُّغَةِ أَنْ يَعْرِفَ غَالِبَ الْمُسْتَعْمَل وَلاَ يُشْتَرَطُ التَّبَحُّرُ، وَمِنَ النَّحْوِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ التَّمْيِيزُ فِي ظَاهِرِ الْكَلاَمِ كَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالْخَافِضِ وَالرَّافِعِ (١) .

وَفِي إِرْشَادِ الْفُحُول: يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَفْسِيرُ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مِنَ الْغَرِيبِ وَنَحْوِهِ وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لَهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، بَل الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنَ اسْتِخْرَاجِهَا مِنْ مُؤَلَّفَاتِ الأَْئِمَّةِ الْمُشْتَغِلِينَ بِذَلِكَ (٢) .

الاِحْتِجَاجُ بِالْعَرَبِيَّةِ:

٧ - قَال ابْنُ فَارِسٍ: لُغَةُ الْعَرَبِ يُحْتَجُّ بِهَا فِيمَا

_________

(١) البحر المحيط ٦ / ٢٠٢.

(٢) إرشاد الفحول ص٢٥١ - ٢٥٢.

اخْتُلِفَ فِيهِ إِذَا كَانَ التَّنَازُعُ فِي اسْمٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ مِنْ سُنَنِهَا فِي حَقِيقَةٍ أَوْ مَجَازٍ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا مَا سَبِيلُهُ الاِسْتِنْبَاطُ، وَمَا فِيهِ لِدَلاَئِل الْعَقْل مَجَالٌ، فَإِنَّ الْعَرَبَ وَغَيْرَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ.

وَأَمَّا خِلاَفُ الْفُقَهَاءِ فِي الْقُرْءِ، وَالْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ، وَنَحْوِهِ، فَمِنْهُ مَا يَصْلُحُ لِلاِحْتِجَاجِ فِيهِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ مَا يُوَكَّل إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

قَال: وَيَقَعُ فِي الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ لُغَتَانِ كَالصِّرَامِ، وَثَلاَثٌ كَالزُّجَاجِ، وَأَرْبَعٌ كَالصَّدَاقِ، وَخَمْسٌ كَالشِّمَال، وَسِتٌّ كَالْقِسْطَاسِ وَلاَ يَكُونُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ (١) .

مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَرَبِيَّةُ وَمَا لاَ يُشْتَرَطُ.

٨ - يَشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ - فِي الْجُمْلَةِ - الْعَرَبِيَّةَ فِي مَسَائِل مِنْهَا: - قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَالأَْذْكَارُ فِي الصَّلاَةِ مِنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحِ، وَالتَّكْبِيرِ فِي الصَّلاَةِ وَالأَْذَانِ، وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (تَرْجَمَة ف ٥ وَمَا بَعْدَهَا) .

عَرَج

انْظُرْ: أَعْرَج

_________

(١) البحر المحيط ٢ / ٢٤.

عُرْسٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْعُرْسُ فِي اللُّغَةِ: مِهْنَةُ الإِْمْلاَكِ وَالْبِنَاءِ، وَقِيل: اسْمٌ لِطَعَامِ الْعُرْسِ خَاصَّةً، وَالْعَرُوسُ: وَصْفٌ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى مَا دَامَا فِي إِعْرَاسِهِمَا، وَأَعْرَسَ الرَّجُل بِامْرَأَتِهِ: إِذَا دَخَل بِهَا، وَالْعِرْسُ بِالْكَسْرِ: امْرَأَةُ الرَّجُل، وَالْجَمْعُ أَعْرَاسٌ، وَالْعُرْسُ بِالضَّمِّ: الزِّفَافُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٢) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الزِّفَافُ:

٢ - الزِّفَافُ لُغَةً: إِهْدَاءُ الزَّوْجَةِ إِلَى زَوْجِهَا، يُقَال: زَفَّ النِّسَاءُ الْعَرُوسَ إِلَى زَوْجِهَا، وَالاِسْمُ الزِّفَافُ.

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٣) .

وَالْعُرْسُ أَعَمُّ مِنَ الزِّفَافِ.

_________

(١) لسان العرب، المصباح المنير.

(٢) قواعد الفقه للبركتي والمغرب.

(٣) المصادر السابقة، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٢٦٢.

تَخَلُّفُ الْعَرُوسُ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ

٣ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ: لاَ يَجُوزُ لِلْعَرُوسِ التَّخَلُّفُ عَنِ الْخُرُوجِ لِحُضُورِ الْجَمَاعَاتِ وَسَائِرِ أَعْمَال الْبِرِّ، كَعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَتَشْيِيعِ الْجَنَائِزِ مُدَّةَ الزِّفَافِ بِسَبَبِ الْعُرْسِ، وَلاَ حَقَّ لِلزَّوْجَةِ فِي مَنْعِهِ مِنْ شُهُودِ ذَلِكَ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِلاَّ لَيْلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى السُّنَّةِ، وَخَالَفَهُمْ فِي هَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ: يَجُوزُ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ حُضُورِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِسَبَبِ الْعُرْسِ، لِلاِشْتِغَال بِزَوْجَتِهِ وَتَأْنِيسِهَا وَاسْتِمَالَةِ قَلْبِهَا (١) .

وَلِيمَةُ الْعُرْسِ:

٤ - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ وَلِيمَةَ الْعُرْسِ مَشْرُوعَةٌ، لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَعَلَهَا وَأَمَرَ بِهَا، قَال أَنَسٌ ﵁: أَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاَثًا يَبْنِي عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا

_________

(١) جواهر الإكليل ١ / ١٠٠، القوانين الفقهية ص ٧٩، مواهب الجليل ٢ / ١٨٤، مغني المحتاج ٣ / ٢٥٧، ٣ / ٢٥٧، الإنصاف ٢ / ٣٠٣، كشاف القناع ١ / ٤٩٧.

كَانَ فِيهَا خُبْزٌ وَلاَ لَحْمٌ، أَمَرَ بِالأَْنْطَاعِ فَأَلْقَى فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَْقِطِ وَالسَّمْنِ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ (١)، وَقَال النَّبِيُّ ﷺ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ﵁ حِينَ قَال لَهُ: تَزَوَّجْتُ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ (٢) وَوَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً فِي قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهَا طَعَامٌ لِسُرُورٍ حَادِثٍ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الأَْطْعِمَةِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَيْنًا، لِظَاهِرِ أَمْرِهِ ﷺ بِهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ﵁؛ وَلأَِنَّ الإِْجَابَةَ إِلَيْهَا وَاجِبَةٌ، فَكَانَتْ وَاجِبَةً.

أَمَّا إِجَابَةُ الْوَلِيمَةِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَيْنًا عَلَى كُل مَنْ يُدْعَى إِلَيْهَا (٣) لِقَوْلِهِ ﷺ: إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا (٤) وَفِي لَفْظٍ: أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ إِلَيْهَا (٥) وَلِحَدِيثِ: مَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ

_________

(١) حديث أنس: " أقام النبي ﷺ بين خيبر والمدينة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ١٢٦)، ومسلم (٢ / ١٠٤٤) واللفظ للبخاري.

(٢) حديث: " أولم ولو بشاة ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٢٢١) من حديث أنس.

(٣) جواهر الإكليل ١ / ٣٢٥، مغني المحتاج ٣ / ٢٤٤، المغني لابن قدامة ٧ / ١، شرح السنة للبغوي ٩ / ١٣٢، سبل السلام ٣ / ٣٢٥.

(٤) حديث: " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٢٤٠) من حديث ابن عمر.

(٥) حديث: " أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليها. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٢٤٦)، ومسلم (٢ / ١٠٥٣) من حديث ابن عمر.

عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ (١) .

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وَلِيمَة) .

تَهْنِئَةُ الْعَرُوسِ:

٥ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اسْتِحْبَابِ تَهْنِئَةِ الْعَرُوسِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، لإِدْخَال السُّرُورِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْعَقْدِ وَالْبِنَاءِ، فَيَقُول لَهُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ؛ لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، ﵁ أَثَرَ صُفْرَةٍ فَقَال: مَا هَذَا؟ فَقَال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ (٢) وَلِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَفَأَ الإِْنْسَانَ إِذَا تَزَوَّجَ قَال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ (٣) .

قَال ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: وَلاَ بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى هَذَا مِنْ ذِكْرِ السَّعَادَةِ، وَمَا أَحَبَّ مِنْ خَيْرٍ، إِلاَّ أَنَّهُ يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ

_________

(١) حديث: " من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله ". أخرجه مسلم (٢ / ١٠٥٥) من حديث أبي هريرة.

(٢) حديث: " رأى على عبد الرحمن بن عوف أثرة صفرةً. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٢٢١) من حديث أنس - وقد تقدم ف ٥.

(٣) حديث: " أن النبي ﷺ كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج. . . ". أخرجه أبو داود (٢ / ٥٩٨ - ٥٩٩) والحاكم (٢ / ١٨٣) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

يَقُول: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَقْوَال الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ (١) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَقِيل بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁: تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ جُشَمَ، فَدَخَل عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَقَالُوا: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ، فَقَال: لاَ تَفْعَلُوا ذَلِكَ. قَالُوا: فَمَا نَقُول يَا أَبَا يَزِيدَ؟ قَال: قُولُوا: بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ، إِنَّا كَذَلِكَ كُنَّا نُؤْمَرُ. (٢)

دُعَاءُ الْعَرُوسِ لِنَفْسِهِ وَلِعَرُوسِهِ:

٦ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْعَرُوسِ إِذَا زُفَّتْ إِلَيْهِ زَوْجَتُهُ أَوَّل مَرَّةٍ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاصِيَتِهَا، وَيَدْعُوَ أَنْ يُبَارِكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ (٣) وَمِنَ الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ فِي ذَلِكَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً، أَوِ

_________

(١) سبل السلام ٣ / ٢٣٩، جواهر الإكليل ١ / ٢٧٥، مواهل الجليل ٣ / ٤٠٨، مغني المحتاج ٣ / ١٣٩، كشاف القناع ٥ / ٢٢، المغني لابن قدامة ٦ / ٥٣٩، شرح السنة للبغوي ٩ / ١٣٢، ١٣٥، الأذكار للنووي ص٢٥١، ٣٢٦.

(٢) حديث: " أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من جشم. . . ". أخرجه أحمد (١ / ٢٠١) من طريق الحسن البصري عن عقيل، وقال ابن حجر في فتح الباري (٩ / ٢٢٢): رجاله ثقات، إلا أن الحسن لم يسمع من عقيل فيما يقال.

(٣) مواهب الجليل ٣ / ٤٠٨، مغني المحتاج ٣ / ١٣٩، سبل السلام ٣ / ٢٣٩ المغني لابن قدامة ٦ / ٥٣٩، كشاف القناع ٥ / ٢٢، الأذكار للنووي ص٢٥١.