الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ الصفحة 5

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يَعْتَبِرُوا وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ عُذْرًا يُبِيحُ لِلْمُكَلَّفِ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلاَ عَنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَعْذَارٌ عَامَّةٌ تَتَّصِل بِأَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ:

١٤ - لَقَدْ بَنَى الإِْسْلاَمُ أَحْكَامَهُ عَلَى الْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ، فَشَرَعَ أَلْوَانًا مِنَ الرُّخَصِ لِظُرُوفٍ تُوجِدُ لِلْمُكَلَّفِ نَوْعًا مِنَ الْمَشَقَّةِ تُثْقِل كَاهِلَهُ فِي الْقِيَامِ بِبَعْضِ الْعِبَادَاتِ. . وَمِنْ أَسْبَابِ هَذِهِ الرُّخَصِ:

أ - السَّفَرُ:

وَهُوَ السَّفَرُ الَّذِي تُنَاطُ بِهِ الرُّخَصُ وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (سَفَر ف ٦ وَمَا بَعْدَهَا) وَهِيَ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا يَلِي:

قَصْرُ الصَّلاَةِ وَجَمْعُهَا:

١٥ - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَصْرِ الصَّلاَةِ فِي السَّفَرِ، وَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّ السَّفَرَ مِنَ الأَْعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِجَمْعِ الصَّلَوَاتِ.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَةُ الْمُسَافِرِ) .

جَوَازُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ:

١٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ بِشُرُوطِهِ مِنَ

الأَْعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (صَوْم) .

امْتِدَادُ مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:

١٧ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ السَّفَرَ يُطِيل مُدَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (مَسْحٌ عَلَى الْخُفَّيْنِ) .

سُقُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ:

١٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْقَامَةَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ السَّفَرُ بِشُرُوطِهِ مِنْ أَسْبَابِ سُقُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَنِ الْمُسَافِرِ.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَةُ الْجُمُعَةِ) .

سُقُوطُ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ:

١٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْعَدْل فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ، وَيَسْقُطُ هَذَا فِي السَّفَرِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (قَسْمٌ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ) .

ب - الْمَرَضُ:

وَمِنَ الرُّخَصِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَرَضِ مَا يَأْتِي:

التَّيَمُّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَال الْمَاءِ شَرْعًا:

٢٠ - إِذَا خَافَ الْمَرِيضُ مِنَ اسْتِعْمَال الْمَاءِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ التَّلَفَ، أَوْ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ تَأَخُّرَ الْبُرْءِ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَيَمُّم ف ٢١) .

الْعَجْزُ عَنْ أَدَاءِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاَةِ:

٢١ - إِذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ أَدَاءِ الصَّلاَةِ بِأَرْكَانِهَا أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضِهِ بِذَلِكَ صَلَّى عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: صَلاَةُ الْمَرِيضِ.

الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ:

٢٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ لِلْمَرِيضِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (جَمْعُ الصَّلَوَاتِ ف ٩) .

التَّخَلُّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ:

٢٣ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ تَخَلُّفِ الْمَرِيضِ عَنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ لِلْعَجْزِ أَوِ الْمَشَقَّةِ عَلَى

تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَةُ الْجُمُعَةِ) .

الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ:

٢٤ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الْفِطْرِ لِلْمَرِيضِ

فِي رَمَضَانَ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَوْم) .

خُرُوجُ الْمُعْتَكِفِ مِنَ الْمَسْجِدِ:

٢٥ - يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَالَةَ الْمَرَضِ.

وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (اعْتِكَافٌ ف ٣٦ وَمَا بَعْدَهَا) .

الاِسْتِنَابَةُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَفِي رَمْيِ الْجَمَرَاتِ:

٢٦ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الإِْنَابَةِ فِي الْحَجِّ، وَفِي رَمْيِ الْجِمَارِ لِغَيْرِ الْقَادِرِ عَلَيْهِمَا عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَجّ ف ٦٦، ١١٥) .

اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ مَعَ الْفِدْيَةِ:

٢٧ - حَظَرَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ عَلَى الْمُحْرِمِ تَذْكِيرًا لَهُ بِمَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ مِنْ نُسُكٍ، لَكِنَّ الشَّارِعَ رَاعَى الأَْعْذَارَ الَّتِي قَدْ تَقُومُ بِالْمُحْرِمِ، فَأَبَاحَ بَعْضَ الْمَحْظُورَاتِ، وَشَرَعَ الْفِدْيَةَ جَبْرًا لِمَا قَدْ يَكُونُ فِي إِحْرَامِ الْمُحْرِمِ مِنْ مُخَالَفَةٍ.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِحْرَام ف ٥٤ وَمَا بَعْدَهَا) .

التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ:

٢٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ عَلَى

عَدَمِ جَوَازِ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ وَالنَّجِسِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ (١) لَكِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ أَبَاحُوا التَّدَاوِيَ بِهِمَا لِعُذْرٍ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَدَاوِي ف ٨ وَ٩) .

إِبَاحَةُ النَّظَرِ إِلَى الْعَوْرَةِ وَلَمْسِهَا:

٢٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ نَظَرِ الأَْجْنَبِيِّ إِلَى الْعَوْرَةِ، وَلَمْسِهَا مِنَ الذَّكَرِ، أَوِ الأُْنْثَى، لَكِنَّهُمْ أَبَاحُوا ذَلِكَ لِلْعُذْرِ أَوِ الضَّرُورَةِ كَالْمَرَضِ وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَطْبِيب ف ٤، وَعَوْرَة) .

ج - الإِْكْرَاهُ: -

٣٠ - الإِْكْرَاهُ الَّذِي تَتَغَيَّرُ مَعَهُ بَعْضُ الأَْحْكَامِ هُوَ: حَمْل الْغَيْرِ عَلَى أَمْرٍ يَمْتَنِعُ عَنْهُ بِتَخْوِيفٍ يَقْدِرُ الْحَامِل عَلَى إِيقَاعِهِ وَيَصِيرُ الْغَيْرُ خَائِفًا بِهِ (٢)، وَلِلإِْكْرَاهِ تَقْسِيمَاتٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ رَاعَاهَا الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ وَمِنْهَا: تَقْسِيمُ الإِْكْرَاهِ إِلَى إِكْرَاهٍ بِحَقٍّ، وَهُوَ: الإِْكْرَاهُ الْمَشْرُوعُ الَّذِي لاَ ظُلْمَ فِيهِ وَلاَ إِثْمَ، وَإِكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ

_________

(١) حديث: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ". أخرجه البيهقي (١٠ / ٥) عن حديث أم سلمة ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ٨٦) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

(٢) كشف الأسرار ٤ / ١٥٠٢.

وَهُوَ: الإِْكْرَاهُ ظُلْمًا أَوِ الإِْكْرَاهُ الْمُحَرَّمُ لِتَحْرِيمِ وَسِيلَتِهِ أَوْ لِتَحْرِيمِ الْمَطْلُوبِ بِهِ.

وَقَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الإِْكْرَاهَ إِلَى: إِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ: وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ بِالتَّهْدِيدِ، بِإِتْلاَفِ النَّفْسِ أَوْ عُضْوٍ مِنْهَا، أَوْ بِإِتْلاَفِ جَمِيعِ الْمَال، أَوِ التَّهْدِيدِ بِهَتْكِ الْعِرْضِ، أَوْ بِقَتْل مَنْ يَهُمُّ الإِْنْسَانَ أَمْرُهُ، وَإِكْرَاهٍ غَيْرِ مُلْجِئٍ وَهُوَ: الَّذِي يَكُونُ بِمَا لاَ يُفَوِّتُ النَّفْسَ أَوْ بَعْضَ الأَْعْضَاءِ، كَالْحَبْسِ لِمُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَالضَّرْبِ الَّذِي لاَ يُخْشَى مِنْهُ الْقَتْل أَوْ إِتْلاَفُ بَعْضِ الأَْعْضَاءِ.

وَالإِْكْرَاهُ بِجَمِيعِ أَقْسَامِهِ مُفْسِدٌ لِلرِّضَا فِي الْجُمْلَةِ، وَبَعْضُهُ مُفْسِدٌ لِلاِخْتِيَارِ، عَلَى خِلاَفٍ فِي ذَلِكَ، وَفِي أَحْكَامِ الإِْكْرَاهِ بِأَقْسَامِهِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَفِي آثَارِ كُل قِسْمٍ عَلَى الاِخْتِيَارِ وَالرِّضَا. وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (إِكْرَاه، ف ١٦ وَمَا بَعْدَهَا) .

د - الْجَهْل وَالنِّسْيَانُ:

٣١ - الْجَهْل هُوَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ (١)، وَالنِّسْيَانُ مِنْ مَعَانِيهِ: تَرْكُ الشَّيْءِ عَنْ ذُهُولٍ وَغَفْلَةٍ (٢)، وَالْجَهْل وَالنِّسْيَانُ يُعْتَبَرَانِ عُذْرَيْنِ مُسْقِطَيْنِ لِلإِْثْمِ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (جَهْل ف ٤ وَمَا بَعْدَهَا، وَنِسْيَان) .

_________

(١) التعريفات للجرجاني.

(٢) المصباح المنير.

هـ - الْجُنُونُ وَالإِْغْمَاءُ وَالنَّوْمُ:

٣٢ - الْجُنُونُ هُوَ: اخْتِلاَل الْعَقْل يَمْنَعُ جَرَيَانَ الأَْفْعَال وَالأَْقْوَال عَلَى نَهْجِ الْعَقْل إِلاَّ نَادِرًا (١)

وَالإِْغْمَاءُ هُوَ: آفَةٌ فِي الْقَلْبِ أَوِ الدِّمَاغِ تُعَطِّل الْقُوَى الْمُدْرِكَةَ عَنْ أَفْعَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَقْل مَغْلُوبًا (٢)، وَالنَّوْمُ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ عُرِّفَ بِأَنَّهُ: فُتُورٌ يَعْرِضُ لِلإِْنْسَانِ مَعَ قِيَامِ الْعَقْل يُوجِبُ الْعَجْزَ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَحْسُوسَاتِ وَالأَْفْعَال الاِخْتِيَارِيَّةِ وَاسْتِعْمَال الْعَقْل (٣) .

٣٣ - وَالْجُنُونُ: عُذْرٌ وَعَارِضٌ مِنْ عَوَارِضِ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ، وَهُوَ يُزِيلُهَا مِنْ أَصْلِهَا؛ لأَِنَّ أَسَاسَهَا الْعَقْل وَالتَّمْيِيزُ، وَالْمَجْنُونُ عَدِيمُ الْعَقْل وَالتَّمْيِيزِ وَلاَ يُؤَثِّرُ الْجُنُونُ فِي أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ؛ لأَِنَّ أَسَاسَهَا الإِْنْسَانِيَّةُ، أَمَّا أَثَرُ الْجُنُونِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ وَالْجِنَايَاتِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (جُنُون ف ٩ وَمَا بَعْدَهَا وَأَهْلِيَّة ف ٢٧) .

٣٤ - وَكُلٌّ مِنَ الإِْغْمَاءِ وَالنَّوْمِ عُذْرٌ، وَهُمَا لاَ يُنَافِيَانِ أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ؛ لِعَدَمِ إِخْلاَلِهِمَا بِالذِّمَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُمَا يُوجِبَانِ تَأْخِيرَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِالأَْدَاءِ إِلَى حَال الْيَقَظَةِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِغْمَاء ف ٥ وَمَا بَعْدَهَا، وَأَهْلِيَّة ف ٣٠ - ٣١ وَنَوْم)

_________

(١) التعريفات للجرجاني.

(٢) المصباح المنير، التقرير والتحبير ٢ / ١٧٩.

(٣) المصباح المنير، التقرير والتجبير ٢ / ١٧٧.

وَالاِضْطِرَارُ:

٣٥ - الاِضْطِرَارُ: ظَرْفٌ قَاهِرٌ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عُذْرًا يَجُوزُ بِسَبَبِهِ ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ شَرْعًا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى إِحْدَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ وَهِيَ: النَّفْسُ، وَالْمَال وَالْعِرْضُ، وَالْعَقْل، وَالدِّينُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ قَاطِبَةً وَفِي هَذَا الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (ضَرُورَة) .

ز - الْحَاجَةُ:

٣٦ - الْحَاجَةُ هِيَ: الَّتِي لاَ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِيَانَةُ الأُْصُول الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلاَ حِمَايَتُهَا، وَلَكِنْ تَتَحَقَّقُ بِدُونِهَا مَعَ الضِّيقِ وَالْحَرَجِ، فَهِيَ إِذَنْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ اسْتِجَابَةِ الْمُكَلَّفِ إِلَيْهَا عُسْرٌ وَصُعُوبَةٌ (١) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَاجَة ف ٢) .

ح - الصِّغَرُ:

٣٧ - الصِّغَرُ عَارِضٌ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ؛ لِمَا فِي الصَّغِيرِ مِنَ النَّقْصِ فِي الْعَقْل وَالْقُدْرَةِ الْجِسْمِيَّةِ، وَالصَّبِيُّ قَبْل أَنْ يُمَيِّزَ كَالْمَجْنُونِ، أَمَّا بَعْدَ التَّمْيِيزِ فَيَحْدُثُ لَهُ ضَرْبٌ مِنْ أَهْلِيَّةِ الأَْدَاءِ (٢) .

_________

(١) الموافقات للشاطبي ٢ / ١٠ تعليق عبد الله محمد دراز.

(٢) التلويح على التوضيح ٢ / ٣٣٥، ٣٣٦.

أَعْذَارٌ لَهَا أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ:

أ - الإِْعْسَارُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ:

٣٨ - إِذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنِ الإِْنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ لإِعْسَارِهِ، وَطَلَبَتِ التَّفْرِيقَ بِنَاءً عَلَى عَجْزِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهَا وَلَوْ بِمَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ، فَهَل يُعْتَبَرُ الإِْعْسَارُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ عُذْرًا لِعَدَمِ تَلْبِيَةِ طَلَبِهَا؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لإِعْسَارِ الزَّوْجِ وَعَجْزِهِ عَنِ النَّفَقَةِ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْعْسَارَ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ لَيْسَ عُذْرًا، فَلاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنِ النَّفَقَةِ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ يَسَارٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَحَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَالْمُزَنِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْعُسْرَ عَرَضٌ لاَ يَدُومُ، وَالْمَال غَادٍ وَرَائِحٌ؛ وَلأَِنَّ التَّفْرِيقَ ضَرَرٌ بِالزَّوْجِ لاَ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، أَمَّا عَدَمُ الإِْنْفَاقِ فَهُوَ ضَرَرٌ بِالزَّوْجَةِ يُمْكِنُ عِلاَجُهُ بِالاِسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ، فَيُرْتَكَبُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ (٢) .

_________

(١) الدردير على الدسوقي ٢ / ٥١٨، والمهذب ٢ / ١٦٣، والمغني ٧ / ٥٦٤ وما بعدها.

(٢) تبيين الحقائق ٣ / ٥٤، وفتح القدير٣ / ٣٢٩، ومغني المحتاج ٣ / ٤٤٢، وزاد المعاد ٤ / ١٥٤.

ب - الْعُذْرُ فِي تَأْخِيرِ رَدِّ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ:

٣٩ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا (١)، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَدُّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَيْبَ فَأَخَّرَ الرَّدَّ لَمْ يَبْطُل خِيَارُهُ، حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا (٢)، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَسَكَتَ لِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَسْقُطُ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ مَهْمَا سَكَتَ عَنِ الْمُطَالَبَةِ بِالرَّدِّ، فَهُوَ مَعْذُورٌ مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ (٣) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ فَلاَ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إِلاَّ بِعُذْرٍ، وَمِنَ الْعُذْرِ عِنْدَهُمْ: انْشِغَالُهُ بِصَلاَةٍ دَخَل وَقْتُهَا، أَوْ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ.

وَكَذَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ تَرَاخَى لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفِ لِصٍّ، أَوْ حَيَوَانٍ مُفْتَرِسٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ؛ لأَِنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ عِنْدَهُمْ عَلَى الْفَوْرِ، إِذِ الأَْصْل فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ، وَالْجَوَازُ عَارِضٌ؛ وَلأَِنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ

_________

(١) رد المحتار ٤ / ٩٣، والمغني ٤ / ١٤٤، ومغني المحتاج ٢ / ٥٦.

(٢) رد المحتار ٤ / ٩٣، والمغني في الشرح الكبير ٤ / ٩٥.

(٣) الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ١٢١.