الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤
ط - إِنْهَاءُ عَقْدِ الزَّوَاجِ:
١١ - مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ إِنْهَاءُ عَقْدِ الزَّوَاجِ إِذَا فَسَدَ الْحَال بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَأَصْبَحَ بَقَاؤُهُ مَفْسَدَةً مَحْضَةً، وَضَرَرًا مُجَرَّدًا، لأَِنَّهُ أَحْرَصُ عَادَةً عَلَى بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ لِمَا أَنْفَقَ فِي سَبِيل الزَّوَاجِ مِنَ الْمَال، وَهُوَ أَكْثَرُ تَقْدِيرًا لِعَوَاقِبِ الأُْمُورِ، وَأَبْعَدُ عَنِ الطَّيْشِ فِي تَصَرُّفٍ يُلْحِقُ بِهِ ضَرَرًا كَبِيرًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّل اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ (١) .
وَفِي الأَْثَرِ: الطَّلاَقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ (٢) .
وَالتَّفْصِيل فِي (طَلاَقٍ) .
_________
(١) سورة النساء / ٣٤.
(٢) حديث: " الطلاق لمن أخذ بالساق. . . " أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٧٢ - ط الحلبي) من حديث ابن عباس، وضعفه البوصيري في " مصباح الزجاجة " (١ / ٣٥٨ - ط دار الجنان) .
زَوْجَةٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الزَّوْجَةُ فِي اللُّغَةِ: امْرَأَةُ الرَّجُل، وَجَمْعُهَا زَوْجَاتٌ، وَيُقَال لَهَا: زَوْجٌ، فَالرَّجُل زَوْجُ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ زَوْجُهُ. هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ (١) وَالْجَمْعُ فِيهَا أَزْوَاجٌ قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَأَهْل نَجْدٍ يَقُولُونَ فِي الْمَرْأَةِ: زَوْجَةٌ بِالْهَاءِ، وَأَهْل الْحَرَمِ يَتَكَلَّمُونَ بِهَا. وَعَكَسَ ابْنُ السِّكِّيتِ فَقَال: وَأَهْل الْحِجَازِ يَقُولُونَ لِلْمَرْأَةِ زَوْجٌ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ زَوْجَةٌ بِالْهَاءِ وَجَمْعُهَا زَوْجَاتٌ، وَالْفُقَهَاءُ يَقْتَصِرُونَ فِي الاِسْتِعْمَال عَلَيْهَا لِلإِْيضَاحِ وَخَوْفِ لَبْسِ الذَّكَرِ بِالأُْنْثَى (٢) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزَّوْجَةِ:
اتِّخَاذُ الزَّوْجَةِ:
٢ - ذَهَبَ عَامَّةُ أَهْل الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الزَّوَاجَ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ، إِلاَّ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ
_________
(١) سورة البقرة / ٣٥.
(٢) المصباح، ولسان العرب.
الْوُقُوعَ فِي مَحْظُورٍ فَيَلْزَمُهُ إِعْفَافُ نَفْسِهِ، وَلاَ يَزِيدُ عَنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ إِنْ خَافَ الْجَوْرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ (١) وَقَدْ تَعْتَرِيهِ أَحْكَامٌ أُخْرَى (٢) .
وَالتَّفْصِيل فِي (نِكَاحٍ) .
اخْتِيَارُ الزَّوْجَةِ:
٣ - الْمَرْأَةُ سَكَنٌ لِلزَّوْجِ وَحَرْثٌ لَهُ، وَأَمِينَتُهُ فِي مَالِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَوْضِعُ سِرِّهِ، وَعَنْهَا يَرِثُ أَوْلاَدُهَا كَثِيرًا مِنَ الصِّفَاتِ، وَيَكْتَسِبُونَ بَعْضَ عَادَاتِهِمْ مِنْهَا، لِهَذَا حَضَّتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى حُسْنِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ، وَحَدَّدَتْ صِفَاتِ الزَّوْجَةِ الصَّالِحَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
٤ - يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ ذَاتَ دِينٍ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَِرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك (٣) أَيْ أَنَّ الَّذِي يُرَغِّبُ فِي الزَّوَاجِ، وَيَدْعُو الرِّجَال إِلَيْهِ أَحَدُ هَذِهِ الْخِصَال الأَْرْبَعِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَلاَّ يَعْدِلُوا عَنْ ذَاتِ الدِّينِ إِلَى غَيْرِهَا.
_________
(١) سورة النساء / ٣.
(٢) المجموع ١٦ / ١٣١، نهاية المحتاج ٦ / ١٨٠، المغني ٦ / ٤٤٦، ابن عابدين ٢ / ٢٦١.
(٣) حديث: " تنكح المرأة لأربع: لمالها. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ١٣٢ - ط السلفية) ومسلم (٢ / ١٠٨٦ - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.
٥ - أَنْ تَكُونَ وَلُودًا، لِحَدِيثِ: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ، الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَْنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (١) .
وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا بِكَوْنِهَا مِنْ أُسْرَةٍ يُعْرَفُ نِسَاؤُهَا بِكَثْرَةِ الأَْوْلاَدِ.
٦ - أَنْ تَكُونَ بِكْرًا، لِخَبَرِ: فَهَلاَّ بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ (٢) .
٧ - أَنْ تَكُونَ حَسِيبَةً نَسِيبَةً أَيْ طَيِّبَةَ الأَْصْل بِانْتِسَابِهَا إِلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِكَرَاهَةِ الزَّوَاجِ بِبِنْتِ الزِّنَى، وَاللَّقِيطَةِ، وَبِنْتِ الْفَاسِقِ لِخَبَرِ: تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الأَْكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ (٣) .
٨ - وَأَنْ لاَ تَكُونَ ذَاتَ قَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ، لِحَدِيثِ: لاَ تَنْكِحُوا الْقَرَابَةَ الْقَرِيبَةَ فَإِنَّ الْوَلَدَ يُخْلَقُ ضَاوِيًا (٤) .
_________
(١) حديث: " تزوجوا الودود الولود " أخرجه أحمد (٣ / ٢٤٥ - ط الميمنية) من حديث أنس بن مالك. وأورده الهيثمي في المجمع (٤ / ٢٥٨ - ط القدسي) وقال: " رواه أحمد والطبراني في الأوسط وإسناده حسن ".
(٢) حديث: " فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ". أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ٣٤٣ - ط السلفية) ومسلم (٢ / ١٠٨٩ - ط. الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، ولفظ مسلم: " فهلا جارية ".
(٣) حديث: " تخيروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٣٣ - ط الحلبي) من حديث عائشة، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (١ / ٣٤٣ - ط دار الجنان) من حديث عائشة، ولكن حسنه لطرقه ابن حجر في التلخيص (٣ / ١٤٦ - ط. شركة الطباعة الفنية) .
(٤) حديث: " لا تنكحوا القرابة القريبة ". قال ابن الصلاح: لم أجد لهذا الحديث أصلا معتمدا، كذا في إتحاف السادة المتقين (٥ / ٤٣٩ - ط. الميمنية) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِاسْتِحْبَابِ اخْتِيَارِ الأَْجْنَبِيَّةِ فَإِنَّ وَلَدَهَا أَنْجَبُ.
٩ - أَنْ تَكُونَ جَمِيلَةً لأَِنَّهَا أَسْكَنُ لِنَفْسِهِ وَأَغَضُّ لِبَصَرِهِ، وَأَكْمَل لِمَوَدَّتِهِ، وَلِذَلِكَ شُرِعَ النَّظَرُ قَبْل الْعَقْدِ، وَلِحَدِيثِ: مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا أَسَرَّتْهُ، وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ (١) .
١٠ - أَنْ تَكُونَ ذَاتَ عَقْلٍ، وَيَجْتَنِبَ الْحَمْقَاءَ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ يُرَادُ لِلْعِشْرَةِ الدَّائِمَةِ، وَلاَ تَصْلُحُ الْعِشْرَةُ مَعَ الْحَمْقَاءِ وَلاَ يَطِيبُ الْعَيْشُ مَعَهَا، وَرُبَّمَا تَعَدَّى إِلَى وَلَدِهَا (٢) .
حَقُّ الْمَرْأَةِ فِي اخْتِيَارِ زَوْجِهَا:
١١ - لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْتَارَ زَوْجَهَا، جَاءَ فِي الأَْثَرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: لاَ تُنْكَحُ الأَْيِّمُ
_________
(١) حديث: " ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٥٩٦ - ط الحلبي) من حديث أبي أمامة، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (١ / ٣٢٥ - ط دار الجنان) .
(٢) نهاية المحتاج ٦ / ١٨٤ - ١٨٥، المجموع ١٦ / ١٣٢ وما بعده، المغني ٦ / ٥٦٥ وما بعده، شرح فتح القدير ٣ / ١٠٢، ابن عابدين ٢ / ٢٦٢.
حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَال: أَنْ تَسْكُتَ. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِي، قَال: رِضَاهَا صَمْتُهَا (١) . وَلاَ يَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ مُولِيَتَهُ إِلاَّ التَّقِيَّ الصَّالِحَ، جَاءَ فِي الأَْثَرِ: إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَْرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ (٢) . وَرُوِيَ: مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاسِقٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَهَا (٣) وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْمِرَ الْبِكْرَ قَبْل النِّكَاحِ وَيَذْكُرَ لَهَا الزَّوْجَ فَيَقُول: إِنَّ فُلاَنًا يَخْطُبُكِ أَوْ يَذْكُرُكِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْمَارٍ فَقَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ لِخَبَرِ: شَاوِرُوا النِّسَاءَ فِي أَبْضَاعِهِنَّ (٤) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ إِلاَّ بِرِضَاهَا، وَلاَ يَنْعَقِدُ
_________
(١) حديث أبي هريرة وعائشة، أخرجهما البخاري (الفتح ٩ / ١٩١ - ط. السلفية) .
(٢) حديث: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه " أخرجه الترمذي (٣ / ٣٨٥ - ٣٨٦ - ط الحلبي) والحاكم (٢ / ١٦٤ - ١٦٥ ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي هريرة، وأعله الذهبي.
(٣) حديث: " من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها ". أخرجه ابن عدي في الكامل (٢ / ٧٣٤ - ط دار الفكر) من حديث أنس بن مالك، وقال ابن الجوزي: هذا ليس من كلام رسول الله ﷺ، وإنما هذا من كلام الشعبي ولم يثبت رفعه إلى النبي ﷺ (الموضوعات لابن الجوزي ٢ / ٢٦٠ - ط المكتبة السلفية بالمدينة المنورة) .
(٤) حديث: " شاوروا النساء في أبضاعهن ". ورد بلفظ: " استأمروا النساء في أبضاعهن " أخرجه النسائي (٦ / ٨٦ - ط المكتبة التجارية) من حديث عائشة - ومعناه في البخاري (الفتح ١٢ / ٣١٩ - ط السلفية)، ومسلم (٢ / ١٠٣٧ - ط الحلبي) .
الزَّوَاجُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إِذَا زَوَّجَ الْقَاصِرَةَ أَوِ الْبِكْرَ بِغَيْرِ كُفْءٍ، وَلَهَا فَسْخُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وِلاَيَةٍ) .
وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ الثَّيِّبِ إِلاَّ بِإِذْنِهَا لِخَبَرِ: الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا (١) وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْضُلَهَا، وَيَسْقُطُ بِالْعَضْل حَقُّهُ فِي تَزْوِيجِهَا إِنْ رَغِبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ كُفْئًا (٢) قَال تَعَالَى: ﴿فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ (٣)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (نِكَاحٍ، وَلِيٍّ) .
حُقُوقُ الزَّوْجَةِ:
١٢ - إِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ صَحِيحًا نَافِذًا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ آثَارُهُ، وَتَنْشَأُ بِهِ حُقُوقٌ وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ:
١ - حُقُوقٌ وَاجِبَةٌ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا.
٢ - حُقُوقٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا.
٣ - وَحُقُوقٌ وَاجِبَةٌ لِلزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَتُرَاجَعُ فِي مُصْطَلَحِ: (زَوْجٍ) .
الْحُقُوقُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ هِيَ:
١٣ - ١ - حِل الْعِشْرَةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَاسْتِمْتَاعُ كُلٍّ
_________
(١) حديث: " الثيب أحق بنفسها من وليها ". أخرجه مسلم (٢ / ١٠٣٧ - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
(٢) الاختيار لتعليل المختار ٣ / ٩٢، نهاية المحتاج ٦ / ٢٢٨، المغني ٦ / ٤٩٣ - ٤٩٤.
(٣) سورة البقرة / ٢٣٢.
مِنْهُمَا بِالآْخَرِ فَيَحِل لِلزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا مَا يَحِل لَهُ مِنْهَا، وَتَفْصِيل هَذَا الْحَقِّ وَحُدُودُهُ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (عِشْرَةٍ) .
٢ - حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ، فَالزَّوْجَةُ تَحْرُمُ عَلَى آبَاءِ الزَّوْجِ وَأَجْدَادِهِ وَأَبْنَائِهِ، وَفُرُوعِ أَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ أُمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ وَجَدَّاتُهَا وَبَنَاتُهَا، وَبَنَاتِ آبَائِهَا وَبَنَاتِهَا، وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (نِكَاحٍ، وَمُحَرَّمَاتٍ) .
٣ - ثُبُوتُ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ إِتْمَامِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُل بِالزَّوْجَةِ، وَالتَّفْصِيل فِي: (إِرْثٍ) .
٤ - ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْ صَاحِبِ الْفِرَاشِ.
٥ - حُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ، فَيَجِبُ عَلَى الرَّجُل أَنْ يُعَاشِرَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا مِثْل ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (١) وَالتَّفْصِيل فِي (نِكَاحٍ) .
حُقُوقُ الزَّوْجَةِ الْخَاصَّةُ بِهَا:
١٤ - لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا حُقُوقٌ مَالِيَّةٌ وَهِيَ: الْمَهْرُ، وَالنَّفَقَةُ، وَالسُّكْنَى، وَحُقُوقٌ غَيْرُ مَالِيَّةٍ: كَالْعَدْل فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، وَعَدَمِ الإِْضْرَارِ بِالزَّوْجَةِ، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (عِشْرَةٍ) .
_________
(١) سورة النساء / ١٩.
أ - الْمَهْرُ:
١٥ - الْمَهْرُ هُوَ الْمَال الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا أَوْ بِالدُّخُول بِهَا (١) . وَهُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُل عَطِيَّةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُبْتَدَأَةً، أَوْ هَدِيَّةً أَوْجَبَهَا عَلَى الرَّجُل بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ (٢) إِظْهَارًا لِخَطَرِ هَذَا الْعَقْدِ وَمَكَانَتِهِ، وَإِعْزَازًا لِلْمَرْأَةِ وَإِكْرَامًا لَهَا.
وَالْمَهْرُ لَيْسَ شَرْطًا فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ وَلاَ رُكْنًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَمَّ الْعَقْدُ بِدُونِ ذِكْرِ مَهْرٍ صَحَّ بِاتِّفَاقِ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ (٣) فَإِبَاحَةُ الطَّلاَقِ قَبْل الْمَسِيسِ وَقَبْل فَرْضِ صَدَاقٍ يَدُل عَلَى جَوَازِ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فِي الْعَقْدِ. وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَغَيْرَهُنَّ، وَيَتَزَوَّجُ وَلَمْ يَكُنْ يُخَلِّي النِّكَاحَ مِنْ صَدَاقٍ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَفْسُدُ النِّكَاحُ إِنْ نَقَصَ صَدَاقُهُ عَنْ رُبُعِ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ أَوْ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ، وَيُتِمُّ النَّاقِصَ عَمَّا ذُكِرَ وُجُوبًا إِنْ دَخَل، وَإِنْ لَمْ
_________
(١) كشاف القناع ٥ / ١٢٨، نهاية المحتاج ٦ / ٤٣٤.
(٢) سورة النساء / ٤.
(٣) سورة البقرة / ٢٣٦.
يَدْخُل خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّ فَلاَ فَسْخَ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ بِطَلاَقٍ وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى (١)،
وَالتَّفْصِيل فِي (صَدَاقٍ) .
ب - النَّفَقَةُ:
١٦ - مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا: النَّفَقَةُ، وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الإِْسْلاَمِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ بِشُرُوطٍ يَذْكُرُونَهَا فِي بَابِ النَّفَقَةِ. وَالْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ مَحْبُوسَةٌ عَلَى الزَّوْجِ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الزَّوَاجِ، مَمْنُوعَةٌ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ إِلاَّ بِإِذْنٍ مِنْهُ لِلاِكْتِسَابِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا، فَالنَّفَقَةُ مُقَابِل الاِحْتِبَاسِ، فَمَنِ احْتَبَسَ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ مِنَ الْعَامِلِينَ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ.
وَالْمَقْصُودُ بِالنَّفَقَةِ تَوْفِيرُ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الزَّوْجَةُ مِنْ طَعَامٍ، وَمَسْكَنٍ، وَخِدْمَةٍ، فَتَجِبُ لَهَا هَذِهِ الأَْشْيَاءُ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٢) وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ (٣) .
_________
(١) المغني ٦ / ٦٨٠، نهاية المحتاج ٦ / ٣٣٥، شرح فتح القدير ٣ / ٢٠٤، بداية المجتهد ٢ / ١٨، الدسوقي ٢ / ٣٠٢.
(٢) سورة البقرة / ٢٣٣.
(٣) سورة الطلاق.