الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢ الصفحة 9

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٢

الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ (١) .

لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ ﷿ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْل الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْرِ (٢) .

وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَاظَبَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِنْهَا إِلاَّ لِعُذْرٍ.

٤ - وَآكَدُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ لِوُرُودِ الأَْحَادِيثِ بِالتَّرْغِيبِ فِيهِمَا مَا لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ النَّوَافِل (٣) . عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا (٤) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَيْضًا أَنَّهُ قَال: لاَ تَدَعُوا الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْل صَلاَةِ

_________

(١) البدائع ١ / ٢٨٤، وحاشية ابن عابدين ١ / ٤٥٢.

(٢) حديث: " من ثابر على اثنتي عشرة ركعة. . . . . . . . . . " أخرجه النسائي (٣ / ٢٦١ - ط المكتبة التجارية)، والترمذي (٢ / ٢٧٣ - ط الحلبي) واللفظ للنسائي، وقال الترمذي: " حديث غريب من هذا الوجه، مغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه "، ولكن للحديث شاهد من حديث أم حبيبة أخرجه النسائي والترمذي يتقوى به.

(٣) البدائع ١ / ٢٨٤، وحاشية ابن عابدين ١ / ٤٥٢، والشرح الصغير للدردير ١ / ٤٠٨

(٤) حديث: " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها. . . . . . . " أخرجه مسلم (١ / ٥٠١ - ط الحلبي) .

الْفَجْرِ، فَإِنَّ فِيهِمَا الرَّغَائِبَ (١) وَفِي رِوَايَةٍ: لاَ تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَلَوْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْل (٢) .

ب - الْمُؤَذِّنُ الرَّاتِبُ:

٥ - إِذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ مُؤَذِّنٌ رَاتِبٌ فَلاَ يُؤَذَّنُ قَبْلَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَخَلَّفَ وَيُخَافَ فَوَاتُ وَقْتِ التَّأْذِينِ فَيُؤَذِّنُ غَيْرُهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ أَنَّهُ أَذَّنَ لِلنَّبِيِّ ﷺ حِينَ غَابَ بِلاَلٌ ﵁ (٣) وَأَذَّنَ رَجُلٌ حِينَ غَابَ أَبُو مَحْذُورَةَ (٤) . وَلأَِنَّ مُؤَذِّنِي الرَّسُول ﷺ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ يَسْبِقُهُمْ بِالأَْذَانِ.

_________

(١) حديث: " لا تدعوا الركعتين اللتين قبل صلاة الفجر " أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (١٢ / ٤٠٨ - ط الأوقاف العراقية) من حديث عبد الله بن عمر، وذكره الهيثمي في حديثه مطولًا في المجمع (٢ / ٢١٨ - ط القدسي) ثم قال: " رواه الطبراني في الكبير، وفيه عبد الرحيم بن يحيى وهو ضعيف، وروى أحمد منه: " وركعتي الفجر، حافظوا عليهما فإن فيهما الرغائب " وفيه رجل لم يسم.

(٢) حديث: " لا تدعوا ركعتي الفجر، ولو طردتكم الخيل " أخرجه أحمد (٢ / ٤٠٥ - ط الميمنية)، وأبو داود (٢ / ٤٦ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، واللفظ لأحمد. وقال عبد الحق الإشبيلي: " إسناده ليس بقوي " كذا في فيض القدير للمناوي (٦ / ٣٩٣ - ط المكتبة التجارية) .

(٣) حديث: " أذان زياد بن الحارث الصدائي. . . " أخرجه الترمذي (١ / ٣٨٣ - ٣٨٤ - ط الحلبي) وأعله الترمذي بضعف أحد رواته

(٤) حديث: " أذن رجل حين غاب أبو مخدورة " ذكره ابن قدامة في المغني (١ / ٤٢٩ - ط الرياض) وعزاه إلى الأثرم.

وَإِذَا نَازَعَ الْمُؤَذِّنَ الرَّاتِبَ غَيْرُهُ فِي الأَْذَانِ يُقَدَّمُ الرَّاتِبُ.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْمُؤَذِّنَ الرَّاتِبَ يُعِيدُ الأَْذَانَ إِذَا أَذَّنَ فِي الْمَسْجِدِ مَنْ يُكْرَهُ أَذَانُهُ كَالْفَاسِقِ، وَالْجُنُبِ، وَالْمَرْأَةِ. وَقَال فِي الْمَجْمُوعِ شَرْطُ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْمَوَاقِيتِ إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ ثِقَةٍ آخَرَ (١) .

وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (أَذَانٌ) .

ج - الإِْمَامُ الرَّاتِبُ:

٦ - الإِْمَامُ الرَّاتِبُ - وَهُوَ الَّذِي رَتَّبَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ نَائِبُهُ، أَوِ الْوَاقِفُ، أَوْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - يُقَدَّمُ فِي إِمَامَةِ الصَّلاَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْحَاضِرِينَ وَإِنِ اخْتُصَّ غَيْرُهُ بِفَضِيلَةٍ كَأَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ مِنْهُ أَوْ أَقْرَأَ مِنْهُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ أَتَى أَرْضًا لَهُ وَعِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ مَوْلًى لاِبْنِ عُمَرَ فَصَلَّى مَعَهُمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ فَأَبَى وَقَال: صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ.

أَمَّا إِنْ كَانَ مَعَهُ الإِْمَامُ الأَْعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ أَوِ الْقَاضِي أَوْ أَمْثَالُهُمْ مِنْ ذَوِي السُّلْطَانِ وَالْوِلاَيَةِ، فَيُقَدَّمُونَ عَلَى الإِْمَامِ الرَّاتِبِ لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ يَؤُمَّنَّ الرَّجُل الرَّجُل فِي سُلْطَانِهِ وَلاَ يَقْعُدْ عَلَى

_________

(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٦٤، والمجموع ٣ / ٨، ١٠٢، ومغني المحتاج ١ / ١٣٧، والمغني لابن قدامة ١ / ٤٢٩.

تَكْرِمَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ (١) .

" وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ: أَمَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَسًا فِي بُيُوتِهِمَا (٢) .

وَلأَِنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِ صَاحِبِ السُّلْطَانِ بِحَضْرَتِهِ بِدُونِ إِذْنِهِ لاَ يَلِيقُ بِبَذْل الطَّاعَةِ (٣) . وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّ مَحَل تَقْدِيمِ الْوَالِي عَلَى الإِْمَامِ الرَّاتِبِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِْمَامُ مُرَتَّبًا مِنَ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الإِْمَامُ مِمَّنْ رَتَّبَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ (٤) .

٧ - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ إِعَادَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ - وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - إِلَى كَرَاهَةِ إِعَادَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ، وَلاَ يَقَعُ فِي مَمَرِّ النَّاسِ، مَا لَمْ تَكُنِ الإِْعَادَةُ بِإِذْنِ الإِْمَامِ الرَّاتِبِ، فَمَنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ مَعَ الإِْمَامِ الرَّاتِبِ صَلَّى

_________

(١) حديث: " لا يَؤُمَنَّ الرجل الرجل في سلطانه. . . " أخرجه مسلم (١ / ٤٦٥ - ط الحلبي) من حديث أبي مسعود الأنصاري.

(٢) قوله: " لأن النبي ﷺ أَمَّ عتبان بن مالك وأنسًا في بيوتهما ". أما إمامته لعتبان بن مالك فأخرج حديثه البخاري (الفتح ١ / ٥١٨ - ط السلفية)، ومسلم (١ / ٤٥٥ - ط الحلبي) . وأما إمامته لأنس بن مالك فأخرجه البخاري (الفتح ٢ / ٣٤٥ - ط السلفية)، ومسلم (١ / ٤٥٧ - ط الحلبي) .

(٣) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٧٥، والشرح الصغير ١ / ٤٥٤، ومغني المحتاج ١ / ٢٤٤، والمغني لابن قدامة ٢ / ٢٠٥، والبدائع ١ / ١٥٨

(٤) مغني المحتاج ١ / ٢٤٤.

مُنْفَرِدًا لِئَلاَّ يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى اخْتِلاَفِ الْقُلُوبِ وَالْعَدَاوَةِ وَالتَّهَاوُنِ فِي الصَّلاَةِ مَعَ الإِْمَامِ الرَّاتِبِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَالنَّوَوِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وَأَيُّوبُ، وَابْنُ عَوْنٍ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ إِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا فِي مَمَرِّ النَّاسِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُل صَلاَةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَفِي رِوَايَةٍ: بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً (٢) .

وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ﵁ أَنَّ رَجُلًا دَخَل الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى رَسُول اللَّهِ ﷺ بِأَصْحَابِهِ فَقَال: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَصَلَّى مَعَهُ (٣) . وَفِي رِوَايَةٍ فَقَال ﷺ: أَلاَ رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ.

_________

(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٧١، والمجموع للإمام النووي ٤ / ٢٢١، والمغني لابن قدامة ٢ / ١٨٠

(٢) حديث: " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة " أخرجه البخاري (الفتح ٢ / ١٣١ - ط السلفية) من حديث أبي سعيد الخدري ورواية " سبع وعشرين درجة " أخرجها البخاري (الفتح ٢ / ١٣١ - ط السلفية)، ومسلم (١ / ٤٥٠ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.

(٣) حديث أبي سعيد: " أن رجلًا دخل المسجد " أخرجه أحمد (٣ / ٥ - ط الميمنية)، وأخرج الرواية الأخرى أحمد (٣ / ٦٤)، والحاكم (١ / ٢٠٩ - ط دائرة المعارف العثمانية)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي

وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَهُ، وَزَادَ: قَال: فَلَمَّا صَلَّيَا قَال: وَهَذَانِ جَمَاعَةٌ (١) . وَلأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ فَاسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (٢) .

أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ يَقَعُ فِي سُوقٍ، أَوْ فِي مَمَرِّ النَّاسِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ، أَوْ لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ وَلَكِنَّهُ أَذِنَ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَلاَ كَرَاهَةَ فِي الْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَمَا زَادَ، بِالإِْجْمَاعِ (٣) .

وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَزِيدُ تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي: (صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ) .

٨ - أَمَّا مَسْأَلَةُ الاِسْتِحْقَاقِ الرَّاتِبِ فِي الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْوَظَائِفِ فَتَفَاصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ: (رِزْقٌ، وَظِيفَةٌ، وَقْفٌ، إِجَارَةٌ) .

رَاكِبٌ

انْظُرْ: رُكُوبٌ.

_________

(١) حديث أبي أمامة أخرجه أحمد (٥ / ٢٥٤ - ط الميمنية)، وقال الهيثمي في المجمع (٢ / ٤٥ - ط القدسي)، " وله طرق كلها ضعيفة ".

(٢) المغني لابن قدامة ٢ / ١٨٠، والمجموع للإمام النووي ٤ / ٢٢٢.

(٣) المجموع للإمام النووي ٤ / ٢٢٢، والمغني لابن قدامة ٢ / ١٨٠، وحاشية ابن عابدين ١ / ٣٧١

رَاهِبٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الرَّاهِبُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ الْفَاعِل مِنْ رَهِبَ يَرْهَبُ رَهَبًا وَرُهْبًا وَرَهْبَةً إِذَا خَافَ.

وَالرَّاهِبُ: الْمُنْقَطِعُ لِلْعِبَادَةِ مِنَ النَّصَارَى. وَيُجْمَعُ عَلَى رُهْبَانٍ، كَرَاكِبٍ وَرُكْبَانٍ (١) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْقِسِّيسُ:

٢ - الْقِسِّيسُ بِالْكَسْرِ: عَالِمُ النَّصَارَى، وَجَمْعُهُ قِسِّيسُونَ، وَقَسَاوِسَةُ.

قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَالْقَسُّ بِالْفَتْحِ أَيْضًا رَئِيسٌ مِنْ رُؤَسَاءِ النَّصَارَى فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ (٢) .

فَالرَّاهِبُ: عَابِدُ النَّصَارَى، وَالْقِسِّيسُ: عَالِمُهُمْ.

ب - الأَْحْبَارُ:

٣ - الأَْحْبَارُ جَمْعُ الْحِبْرِ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْعَالِمُ.

_________

(١) المصباح المنير، ولسان العرب، مادة: (رهب) والقرطبي ٦ / ٢٥٨

(٢) المصباح المنير، مادة: (قسس)، والقرطبي ٦ / ٢٥٨.

وَالْحَبْرُ بِالْفَتْحِ لُغَةٌ فِيهِ، وَهُوَ مِنَ التَّحْبِيرِ، وَهُوَ التَّحْسِينُ، سُمِّيَ الْعَالِمُ حَبْرًا لأَِنَّهُ يُحَبِّرُ الْعِلْمَ، أَيْ: يُبَيِّنُهُ وَيُزَيِّنُهُ.

وَقَال الْجَوْهَرِيُّ: الْحِبْرُ وَالْحَبْرُ وَاحِدُ أَحْبَارِ الْيَهُودِ (١) .

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (٢) .

الأَْحْكَامُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالرَّاهِبِ:

أ - قَتْل الرَّاهِبِ فِي الْجِهَادِ:

٤ - إِذَا اشْتَرَكَ الرُّهْبَانُ فِي قِتَال الْمُسْلِمِينَ فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ قَتْلِهِمْ حِينَ الظَّفَرِ بِهِمْ كَسَائِرِ الْمُقَاتِلِينَ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَالَطُوا النَّاسَ، أَوْ كَانُوا يُمِدُّونَ الْمُقَاتِلِينَ بِرَأْيِهِمْ وَيُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى الْقِتَال (٣) .

أَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَرِكُوا فِي الْقِتَال وَلَمْ يُخَالِطُوا النَّاسَ بَل كَانُوا مُنْعَزِلِينَ فِي صَوَامِعِهِمْ بِلاَ رَأْيٍ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) إِلَى أَنَّهُمْ لاَ يُقْتَلُونَ؛ لاِعْتِزَالِهِمْ أَهْل دِينِهِمْ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَلِمَا

_________

(١) المصباح المنير، مادة: (حبر)، وتفسير القرطبي ٦ / ١٨٩، وتفسير الرازي ١٢ / ٣.

(٢) سورة التوبة / ٣١.

(٣) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٢٤ - ٢٢٦، وجواهر الإكليل ١ / ٢٥٣، والدسوقي ٢ / ١٧٧، والأحكام السلطانية للماوردي ص ١٣٤، والمغني ٨ / ٤٧٨

رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁ أَنَّهُ قَال: وَسَتَمُرُّونَ عَلَى أَقْوَامٍ فِي الصَّوَامِعِ قَدْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِيهَا فَدَعُوهُمْ حَتَّى يُمِيتَهُمُ اللَّهُ عَلَى ضَلاَلِهِمْ. وَلأَِنَّهُمْ لاَ يُقَاتِلُونَ تَدَيُّنًا فَأَشْبَهُوا مَنْ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِتَال (١) .

وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ قَتْلِهِمْ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ (٢)، وَلأَِنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُكَلَّفُونَ فَجَازَ قَتْلُهُمْ كَغَيْرِهِمْ (٣) . (ر: جِهَادٌ) .

ب - وَضْعُ الْجِزْيَةِ عَلَى الرُّهْبَانِ:

٥ - وَضْعُ الْجِزْيَةِ عَلَى الرُّهْبَانِ مَحَل خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي: (جِزْيَةٌ) .

_________

(١) المراجع السابقة، وانظر الحطاب ٣ / ٣٥١، وحاشية القليوبي ٤ / ٢١٨.

(٢) سورة التوبة / ٥.

(٣) مغني المحتاج ٤ / ٢٢٣، والقليوبي ٤ / ٢١٨.

رِبًا

التَّعْرِيفُ:

١ - الرِّبَا فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ مَقْصُورٌ عَلَى الأَْشْهَرِ، وَهُوَ مِنْ رَبَا يَرْبُو رَبْوًا، وَرُبُوًّا وَرِبَاءً (١) .

وَأَلِفُ الرِّبَا بَدَلٌ عَنْ وَاوٍ، وَيُنْسَبُ إِلَيْهِ فَيُقَال: رِبَوِيٌّ، وَيُثَنَّى بِالْوَاوِ عَلَى الأَْصْل فَيُقَال: رِبَوَانِ، وَقَدْ يُقَال: رِبَيَانِ - بِالْيَاءِ - لِلإِْمَالَةِ السَّائِغَةِ فِيهِ مِنْ أَجْل الْكَسْرَةِ (٢) .

وَالأَْصْل فِي مَعْنَاهُ الزِّيَادَةُ، يُقَال: رَبَا الشَّيْءُ إِذَا زَادَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ ﵎: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ (٣) . وَأَرْبَى الرَّجُل: عَامَل بِالرِّبَا أَوْ دَخَل فِيهِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: مَنْ أَجْبَى فَقَدْ أَرْبَى (٤) وَالإِْجْبَاءُ: بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْل أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ.

وَيُقَال: الرِّبَا وَالرَّمَا وَالرَّمَاءُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁

_________

(١) المصباح المنير، وتاج العروس، مادة: (ربو) .

(٢) لسان العرب، وتاج العروس، مادة: (ربو) .

(٣) سورة البقرة / ٢٧٦.

(٤) حديث: " من أجبى فقد أربى " أورده أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (١ / ٢١٧ - ط دائرة المعارف العثمانية) بدون إسناد.