الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ الصفحة 4

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣

فَلاَ يَلْزَمُ إِدْخَال الْمَاءِ إِلَيْهِ وَلَوْ أَمْكَنَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى إِزَالَةِ كُل حَائِلٍ يَمْنَعُ وُصُول الْمَاءِ إِلَى مَا تَحْتَهُ، كَعَجِينٍ وَعُمَاصٍ فِي الْعَيْنِ لِيَحْصُل التَّعْمِيمُ (١) .

ج - التَّيَمُّمُ:

٥ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْمِيمِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ بِالْمَسْحِ فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَسْحِ عَلَى الْوَجْهِ وَيَدْخُل فِيهِ اللِّحْيَةُ وَلَوْ طَالَتْ، لأَِنَّهَا مِنَ الْوَجْهِ، لِمُشَارَكَتِهَا فِي حُصُول الْمُوَاجَهَةِ. وَالْمُعْتَبَرُ تَوْصِيل التُّرَابِ إِلَى جَمِيعِ الْبَشَرَةِ الظَّاهِرَةِ مِنَ الْوَجْهِ، وَإِلَى مَا ظَهَرَ مِنَ الشَّعْرِ. وَلاَ يَجِبُ إِيصَال التُّرَابِ إِلَى مَا تَحْتَ الْحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبِ وَالْعِذَارَيْنِ وَالْعَنْفَقَةِ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَصَفَ التَّيَمُّمَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ بِإِحْدَاهُمَا، وَمَسَحَ إِحْدَى الْيَدَيْنِ بِالأُْخْرَى (٢) وَبِذَلِكَ لاَ يَصِل التُّرَابُ إِلَى بَاطِنِ هَذِهِ الشُّعُورِ لِلْمَشَقَّةِ فِي إِيصَالِهِ فَسَقَطَ

_________

(١) رد المحتار على الدر المختار ١ / ١٠٢، ١٠٣، ١٠٤ ط. بيروت لبنان، البدائع ١ / ٣٤، ٣٥، وحاشية الدسوقي ١ / ١٢٦، ١٣٤، وشرح الزرقاني ١ / ٩٤، ٩٥، ١٠١، ١٠٢، ونهاية المحتاج ١ / ٢٠٧، ٢٠٨، وشرح الروض ١ / ٦٩ وما بعدها، وكشاف القناع ١ / ١٥٢ - ١٥٥، والمغني ١ / ٢٢٤ - ٢٢٨.

(٢) حديث: " وصف التيمم واقتصر على ضربتين. . " أخرجه أبو داود (١ / ٢٣٥ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وضعفه ابن حجر في التلخيص (١ / ١٥١ ط شركة الطباعة الفنية) .

وُجُوبُهُ، وَلأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ تَعْمِيمُ الْمَسْحِ لاَ التُّرَابِ. وَيَجِبُ تَعْمِيمُ مَسْحِ يَدَيْهِ وَكُوعَيْهِ مَعَ تَخْلِيل أَصَابِعِهِ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَيَلْزَمُ نَزْعُ الْخَاتَمِ - وَلَوْ مَأْذُونًا فِيهِ أَوْ وَاسِعًا - وَإِلاَّ كَانَ حَائِلًا، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (١) . (ر: تَيَمُّمٌ) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَعْمِيمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ شَرْطٌ لاَ رُكْنٌ. فَإِنْ كَانَ الْمَسْحُ بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَمْسَحَ بِجَمِيعِ يَدِهِ أَوْ أَكْثَرِهَا، وَالْمَفْرُوضُ الْمَسْحُ بِالْيَدِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَيَجِبُ مَسْحُ الشَّعْرِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ الْمُحَاذِي لِلْبَشَرَةِ، فَلاَ يَجِبُ مَسْحُ مَا طَال مِنَ اللِّحْيَةِ وَقَالُوا: إنَّ تَحْرِيكَ الْخَاتَمِ الضَّيِّقِ وَالسِّوَارِ يَكْفِي فِي التَّيَمُّمِ؛ لأَِنَّ التَّحْرِيكَ مَسْحٌ لِمَا تَحْتَهُ، وَالْمَفْرُوضُ هُوَ الْمَسْحُ لاَ وُصُول الْغُبَارِ (٢) .

د - الدُّعَاءُ:

٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّعْمِيمَ فِي الدُّعَاءِ مِنَ السُّنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ (٣) وَلِخَبَرِ مَا مِنْ دُعَاءٍ

_________

(١) حاشية الدسوقي ١ / ١٥٥، وشرح الزرقاني ١ / ١٢٠ ونهاية المحتاج ١ / ٢٨٢ - ٢٨٤، والمهذب ١ / ٤٠، شرح الروض ١ / ٨٦ ط المكتبة الإسلامية، والمغني لابن قدامة ١ / ٢٥٤، ٢٥٥، وكشاف القناع ١ / ١٧٤ - ١٧٥.

(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٣٠، وشرح فتح القدير ١ / ٥٠، ٥١، وبدائع الصنائع ١ / ٤٦ وما بعدها ط. أولى.

(٣) سورة محمد / ١٩، وانظر حاشية ابن عابدين ١ / ٣٥٠، والشرح الصغير ١ / ٣٣٣ ط دار المعارف، والجمل على شرح المنهج ١ / ٣٩٠، ٣٩١، وكشاف القناع ١ / ٣٦٧.

أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يَقُول الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ رَحْمَةً عَامَّةً (١) وَلِحَدِيثِ الأَْعْرَابِيِّ الَّذِي قَال: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا فَقَال: لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا. (٢)

تَعْمِيمُ الأَْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الزَّكَاةِ:

٧ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ تَعْمِيمِ الأَْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الزَّكَاةِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى وُجُوبِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (الزَّكَاةُ) .

تَعْمِيمُ الدَّعْوَةِ إِلَى الْوَلاَئِمِ:

٨ - اخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الدَّعْوَةِ الْعَامَّةِ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى (الْجَفْلَى) فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ إِجَابَتِهَا، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ إِجَابَتِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (دَعْوَةٌ)

تَعَوُّذٌ

انْظُرِ: اسْتِعَاذَةٌ

_________

(١) حديث: " ما من دعاء أحب إلى الله. . . " أخرجه الخطيب في تاريخه (٦ / ١٥٧ ط. مطبعة السعادة) وابن عدي في الكامل (٤ / ١٦٢١ ط. دار الفكر) واستنكره ابن عدي.

(٢) حديث الأعرابي الذي قال: " اللهم ارحمني ومحمدا. . . " أخرجه الترمذي (١ / ٢٧٦ ط الحلبي) من حديث أبي هريرة ﵁ وقال: حديث حسن صحيح.

تَعْوِيذٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - التَّعْوِيذُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَوَّذَ، مِنْ عَاذَ يَعُوذُ عَوْذًا: بِمَعْنَى الْتَجَأَ. قَال اللَّيْثُ يُقَال: فُلاَنٌ عَوْذٌ لَكَ: أَيْ مَلْجَأٌ وَيُقَال: عُذْتُ بِفُلاَنٍ: اسْتَعَذْتُ بِهِ: أَيْ لَجَأْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ عِيَاذِي: أَيْ مَلْجَئِي. وَالْعُوذَةُ: مَا يُعَاذُ بِهِ مِنَ الشَّيْءِ، وَالْعُوذَةُ وَالتَّعْوِيذَةُ وَالْمَعَاذَةُ كُلُّهُ بِمَعْنَى: الرُّقْيَةُ الَّتِي يُرْقَى بِهَا الإِْنْسَانُ مِنْ فَزَعٍ أَوْ جُنُونٍ. وَالْجَمْعُ: عُوَذٌ وَتَعَاوِيذُ، وَمُعَاذَاتٌ (١)

وَالتَّعْوِيذُ فِي الاِصْطِلاَحِ يَشْمَل الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَنَحْوَهَا مِمَّا هُوَ مَشْرُوعٌ أَوْ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الرُّقْيَةُ:

٢ - الرُّقْيَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ رَقَاهُ يَرْقِيهِ رُقْيَةً بِمَعْنَى: الْعُوذَةِ وَالتَّعْوِيذِ. قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: الرُّقْيَةُ: الْعُوذَةُ الَّتِي يُرْقَى بِهَا صَاحِبُ الآْفَةِ، كَالْحُمَّى وَالصَّرَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْفَاتِ، لأَِنَّهُ يُعَاذُ بِهَا. وَمِنْهُ

_________

(١) مختار الصحاح، وتاج العروس، ومتن اللغة، المفردات للراغب الأصفهاني.

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقِيل مَنْ رَاقٍ﴾ (١) أَيْ مَنْ يَرْقِيهِ؟ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لاَ رَاقِيَ يَرْقِيهِ، فَيَحْمِيهِ (٢) .

وَعَرَّفَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: بِأَنَّهَا مَا يُرْقَى بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ (٣) .

فَالرُّقْيَةُ أَخَصُّ مِنَ التَّعْوِيذِ، لأَِنَّ التَّعْوِيذَ يَشْمَل الرُّقْيَةَ وَغَيْرَهَا، فَكُل رُقْيَةٍ تَعْوِيذٌ وَلاَ عَكْسَ

ب - التَّمِيمَةُ:

٣ - التَّمِيمَةُ فِي اللُّغَةِ: خَيْطٌ أَوْ خَرَزَاتٌ كَانَ الْعَرَبُ يُعَلِّقُونَهَا عَلَى أَوْلاَدِهِمْ، يَمْنَعُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زَعْمِهِمْ، فَأَبْطَلَهَا الإِْسْلاَمُ. قَال الْخَلِيل بْنُ أَحْمَدَ: التَّمِيمَةُ قِلاَدَةٌ فِيهَا عُوَذٌ.

وَمَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ: مَا عُلِّقَ فِي الأَْعْنَاقِ مِنَ الْقَلاَئِدِ خَشْيَةَ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ (٤) أَيْ: فَلاَ أَتَمَّ اللَّهُ صِحَّتَهُ وَعَافِيَتَهُ (٥) .

_________

(١) سورة القيامة / ٢٧.

(٢) مختار الصحاح، وتاج العروس، والمفردات للراغب الأصفهاني: مادة: " رقي " وعمدة القاري ١٠ / ١٦٥، ١٨٥.

(٣) حاشية العدوي على شرح الرسالة ١ / ٤٥٢ ط دار المعرفة.

(٤) حديث: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له. . . " أخرجه أحمد (٤ / ١٥٤ ط الميمنية) وفي إسناده جهالة. (تعجيل المنفعة ص ١١٤ نشر دار الكتاب العربي) .

(٥) شرح منتهى الإرادات ١ / ٣٢٠، وكشاف القناع ٢ / ٧٧، والقرطبي ١٠ / ٣٢٠، ونيل الأوطار ٨ / ٣١٢، والمغرب للمطرزي مادة: " تمم ".

وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الْعُوذَةُ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالصِّبْيَانِ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهَا الْقُرْآنُ وَذِكْرُ اللَّهِ إِذَا خُرِزَ عَلَيْهَا جِلْدٌ (١) .

فَالتَّمِيمَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا: نَوْعٌ مِنَ التَّعْوِيذِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرُّقْيَةِ: أَنَّ الأُْولَى هِيَ تَعْوِيذٌ يُعَلَّقُ عَلَى الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِيَةُ تَعْوِيذٌ يُقْرَأُ عَلَيْهِ

ج - الْوَدَعَةُ:

٤ - الْوَدَعَةُ: شَيْءٌ أَبْيَضُ يُجْلَبُ مِنَ الْبَحْرِ يُعَلَّقُ فِي أَعْنَاقِ الصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلاَ وَدَعَ اللَّهُ لَهُ (٢) أَيْ فَلاَ بَارَكَ اللَّهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لأَِنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّقُونَهَا مَخَافَةَ الْعَيْنِ (٣) فَالْوَدَعَةُ مِثْل التَّمِيمَةِ فِي الْمَعْنَى (٤) .

د - التُّوَلَةُ:

٥ - التُّوَلَةُ فِي اللُّغَةِ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ:

_________

(١) القوانين الفقهية لابن جزي ص ٤٥٢، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ١ / ٩٥، الشرح الصغير ٤ / ٧٤٩ ونهاية المحتاج ١ / ١٢٥، وأسنى المطالب ١ / ٦١.

(٢) حديث: " من علق ودعة فلا ودع الله له. . . " أخرجه (أحمد ٤ / ١٥٤ ط الميمنية) وفي إسناده جهالة. " تعجيل المنفعة ص ١١٤ نشر دار الكتاب العربي) .

(٣) مختار الصحاح مادة: " ودع "، والقرطبي ١٠ / ٣٢٠، والآداب الشرعية ٣ / ٧٦.

(٤) تفسير القرطبي ١٠ / ٣٢٠.

السِّحْرُ، وَخَرَزٌ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ يُحَبِّبُ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا، وَيُقَال فِيهَا أَيْضًا: التُّوَلَةُ كَعِنَبَةٍ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: تَحْبِيبُ الْمَرْأَةِ إِلَى زَوْجِهَا.

كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ رَاوِي الْحَدِيثِ. " قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذِهِ التَّمَائِمُ وَالرُّقَى قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا التُّوَلَةُ؟ قَال: شَيْءٌ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ بِهِ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ.

فَالتُّوَلَةُ أَيْضًا ضَرْبٌ مِنَ التَّعْوِيذِ (٢) .

هـ - (التَّفْل، النَّفْثُ، النَّفْخُ):

٦ - التَّفْل: النَّفْخُ مَعَهُ رِيقٌ. وَالنَّفْثُ: نَفْخٌ لَيْسَ مَعَهُ رِيقٌ. فَالتَّفْل شَبِيهٌ بِالْبَزْقِ، وَهُوَ أَقَل مِنْهُ، أَوَّلُهُ الْبَزْقُ، ثُمَّ التَّفْل، ثُمَّ النَّفْثُ، ثُمَّ النَّفْخُ (٣) . فَكُلٌّ مِنَ التَّفْل، وَالنَّفْثِ، وَالنَّفْخِ قَدْ يَكُونُ مِنْ مُلاَبَسَاتِ التَّعَاوِيذِ.

و النُّشْرَةُ:

٧ - النُّشْرَةُ فِي اللُّغَةِ: كَالتَّعْوِيذِ وَالرُّقْيَةِ. يُعَالَجُ بِهَا الْمَجْنُونُ وَالْمَرِيضُ وَحَل السِّحْرِ عَنِ الْمَسْحُورِ (٤)، وَفِي الْحَدِيثِ فَلَعَل طِبًّا أَصَابَهُ،

_________

(١) القاموس، والمغرب للمطرزي، وابن عابدين ٥ / ٢٧٥، ٢٧٦، والآداب الشرعية ٣ / ٧٥.

(٢) ابن عابدين ٥ / ٢٧٥، ٢٧٦، ونيل الأوطار ٨ / ٣١٢، والدين الخالص ٣ / ٢٣٨، والآداب الشرعية ٣ / ٧٥.

(٣) نيل الأوطار ٨ / ٢١٢، وعمدة القاري ١٠ / ١٨٤.

(٤) القاموس المحيط، ولسان العرب مادة: " نشر " والنهاية لابن الأثير ٣ / ٦٣٦

يَعْنِي سِحْرًا، ثُمَّ نَشَرَهُ ب قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) أَيْ رَقَاهُ. وَالتَّنْشِيرُ: الرُّقْيَةُ أَوْ كِتَابَةُ النُّشْرَةُ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ أَنْ يَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَغْسِلُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يُمْسَحُ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ يُسْقَاهُ. أَوْ يُكْتَبُ قُرْآنٌ وَذِكْرٌ بِإِنَاءٍ لِحَامِلٍ لِعُسْرِ الْوِلاَدَةِ، وَلِمَرِيضٍ يُسْقَيَانِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (٢) .

ز - الرَّتِيمَةُ:

٨ - الرَّتِيمَةُ وَالرَّتْمَةُ: خَيْطٌ يُرْبَطُ بِأُصْبُعٍ أَوْ خَاتَمٍ لِتُسْتَذْكَرَ بِهِ الْحَاجَةُ، وَيُقَال: أَرْتَمَهُ: إِذَا شَدَّ فِي أُصْبُعِهِ الرَّتِيمَةَ وَقِيل: هِيَ خَيْطٌ كَانَ يُرْبَطُ فِي الْعُنُقِ أَوْ فِي الْيَدِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ عَلَى زَعْمِهِمْ (٣) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلتَّعْوِيذِ:

٩ - يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعَاوِيذِ بِاخْتِلاَفِ مَا تُتَّخَذُ مِنْهُ التَّعَاوِيذُ. وَتَنْقَسِمُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الأَْوَّل:

١٠ - مَا لاَ يُعْقَل مَعْنَاهُ:

وَمِنْهُ مَا كَانَ يُرْقَى بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَذَهَبَ

_________

(١) حديث: " فلعل طبا أصابه، ويعني سحرا. . . " أورده ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة: " طبب " وهو في لسان العرب أيضا، ولم نعثر عليه في كتب السنة.

(٢) ابن عابدين ٥ / ٢٣٢، وشرح منتهى الإرادات ١ / ٣٢٠ - ٣٢١، المفردات للراغب الأصفهاني مادة: " نشر " والآداب الشرعية ٣ / ٧٣، وتفسير القرطبي ١٠ / ٣١٨.

(٣) مختار الصحاح مادة: " رتم "، وابن عابدين ٥ / ٢٣٢.

جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى: أَنَّهُ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ بِلاَ خِلاَفٍ. لِمَا صَحَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁: أَنَّهُ دَخَل عَلَى امْرَأَتِهِ، وَفِي عُنُقِهَا شَيْءٌ تَتَعَوَّذُ بِهِ، فَجَبَذَهُ، فَقَطَعَهُ، ثُمَّ قَال: لَقَدْ أَصْبَحَ آل عَبْدِ اللَّهِ أَغْنِيَاءَ عَنْ أَنْ يُشْرِكُوا بِاَللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا. ثُمَّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ شِرْكٌ، قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذِهِ الرُّقَى وَالتَّمَائِمُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا التُّوَلَةُ، قَال: شَيْءٌ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ (١) .

فَيَتَعَيَّنُ حَمْل الْوَعِيدِ عَلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَعْلِيقِ خَرَزَةٍ يُسَمُّونَهَا تَمِيمَةً أَوْ نَحْوَهَا، يَرَوْنَ أَنَّهَا تَدْفَعُ عَنْهُمُ الآْفَاتِ. وَلاَ شَكَّ أَنَّ اعْتِمَادَ هَذَا جَهْلٌ وَضَلاَلٌ، وَأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، لأَِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ شِرْكًا فَهُوَ يُؤَدِّي إِلَيْهِ، إِذْ لاَ يَنْفَعُ وَلاَ يَضُرُّ وَلاَ يَمْنَعُ وَلاَ يَدْفَعُ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذُ مَحْمُولَةٌ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِ وَلاَ يُدْرَى مَا هِيَ، وَلَعَلَّهُ يَدْخُلُهَا سِحْرٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يُعْرَفُ مَعْنَاهُ، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ حَرَامٌ، صَرَّحَ بِهِ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ،

_________

(١) حديث: " إن الرقي والتمائم والتولة شرك. . . " أخرجه الحاكم (٤ / ٢١٧ ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.

وَقَال فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: لاَ يُرْقَى بِالأَْسْمَاءِ الَّتِي لَمْ يُعْرَفْ مَعْنَاهَا، قَال مَالِكٌ: مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهَا كُفْرٌ؟ (١) .

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ النَّفْثِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذِ، فَمَنَعَهُ قَوْمٌ، وَأَجَازَهُ آخَرُونَ. قَال النَّوَوِيُّ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ، وَاسْتَحَبَّهُ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَنْفُثُ فِي الرُّقْيَةِ وَلَفْظُهُ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ؛ لأَِنَّهَا أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ يَدِي (٢) وَأَيْضًا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ ﵁ أَنَّ يَدَهُ احْتَرَقَتْ، فَأَتَتْ بِهِ أُمُّهُ النَّبِيَّ ﷺ فَجَعَل يَنْفُثُ عَلَيْهَا، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهُ (٣) .

_________

(١) ابن عابدين ٥ / ٢٣٢، والشرح الصغير ٤ / ٧٦٩، والفتاوى الحديثية ص ١٢٠، والإنصاف ١٠ / ٣٥٢، وكشاف القناع ٦ / ١٨٦، وعمدة القاري ٥ / ٦٥٣، والقرطبي ٢٠ / ٢٥٨، والزواجر ١ / ١٥٥، ونيل الأوطار ٨ / ٢١٤، والدين الخالص ٢ / ٢٣٢، ٢٣٤.

(٢) حديث: " كان إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٢٠٦ط السلفية، ومسلم (٤ / ١٧٢٢ط الحلبي) .

(٣) حديث محمد بن حاطب أن يده احترقت، " فأتت به أمه النبي ﷺ فجعل. . . " أخرجه (أحمد ٤ / ٢٥٩ ط الميمنية)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ١١٢ ط القدسي): رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح.