الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠
النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ. (١)
تَبَسُّطٌ
اُنْظُرْ: تَوْسِعَةٌ.
تَبَعٌ
اُنْظُرْ: تَابِعٌ.
تَبَعُّضٌ
اُنْظُرْ: تَبْعِيضٌ.
تَبِعَةٌ
اُنْظُرِ: اتِّبَاعٌ، ضَمَانٌ.
_________
(١) حديث: " أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد " أخرجه الترمذي (٣ / ٣٩٠ - ط الحلبي) وقال: هذا حديث غريب حسن في هذا الباب، وعيسى بن ميمون الأنصاري - يعني راويه - يضعف في الحديث.
تَبْعِيضٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - التَّبْعِيضُ فِي اللُّغَةِ: التَّجْزِئَةُ، وَهُوَ مَصْدَرُ بَعَّضَ الشَّيْءَ تَبْعِيضًا، أَيْ جَعَلَهُ أَبْعَاضًا أَيْ أَجْزَاءً مُتَمَايِزَةً. وَبَعْضُ الشَّيْءِ: جُزْؤُهُ، وَهُوَ طَائِفَةٌ مِنْهُ سَوَاءٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ. وَمِنْهُ: أَخَذُوا مَالَهُ فَبَعَّضُوهُ، أَيْ: فَرَّقُوهُ أَجْزَاءً. (١) وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِكَلِمَةِ التَّبْعِيضِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّفْرِيقُ:
٢ - التَّفْرِيقُ: مَصْدَرُ فَرَّقَ الشَّيْءَ تَفْرِيقًا، أَيْ فَصَلَهُ أَبْعَاضًا، فَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّبْعِيضِ وَالتَّجَزُّؤِ، وَهُوَ ضِدُّ الْجَمْعِ. وَفَرَّقْتُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَتَفَرَّقَا. قَال ابْنُ الأَْعْرَابِيِّ: فَرَقْتُ بَيْنَ الْكَلاَمَيْنِ فَافْتَرَقَا، مُخَفَّفٌ، وَفَرَّقْتُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَتَفَرَّقَا مُثَقَّلٌ، فَجُعِل الْمُخَفَّفُ فِي الْمَعَانِي، وَالْمُثَقَّل فِي
_________
(١) مختار الصحاح، والمصباح المنير، وتاج العروس مادة: " بعض ".
الأَْعْيَانِ. وَالَّذِينَ حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى، وَالتَّثْقِيل لِلْمُبَالَغَةِ. (١) وَيَأْتِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِمَعْنَى التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
٣ - لَيْسَ لِلتَّبْعِيضِ حُكْمٌ عَامٌّ جَامِعٌ، وَلاَ يُمْكِنُ اطِّرَادُهُ عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلاَفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَالْمُعَامَلاَتِ وَالدَّعَاوَى، وَالْجِنَايَاتِ، وَغَيْرِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي.
أَهَمُّ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تُبْنَى عَلَيْهَا مَسَائِل التَّبْعِيضِ وَأَحْكَامُهَا:
٤ - تُبْنَى أَحْكَامُ التَّبْعِيضِ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ عَلَى قَوَاعِدَ فِقْهِيَّةٍ كَثِيرَةٍ فِي الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ، نُجْمِل أَهَمَّهَا فِيمَا يَأْتِي:
أ - قَاعِدَةُ " ذِكْرِ بَعْضِ مَا لاَ يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ ".
٥ - فَإِذَا طَلَّقَ الْمَرْأَةَ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةً. أَوْ طَلَّقَ نِصْفَ الْمَرْأَةِ طَلُقَتْ. (٢)
وَلِلْقَاعِدَةِ فُرُوعٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، يَأْتِي ذِكْرُ بَعْضِهَا فِي مَوَاضِعِهَا، وَنَظِيرُهَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَاعِدَةُ " مَا لاَ يَقْبَل التَّبْعِيضَ فَاخْتِيَارُ بَعْضِهِ كَاخْتِيَارِ كُلِّهِ، وَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ كَإِسْقَاطِ كُلِّهِ (٣) ".
_________
(١) مختار الصحاح، ومحيط المحيط، ولسان العرب المحيط.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم / ١٨٩.
(٣) المنثور في القواعد للزركشي ٣ / ١٥٣، ١٧٥، والأشباه والنظائر لابن نجيم ١٨٩.
ب - " مَا جَازَ عَلَى الْبَدَل لاَ يَدْخُلُهُ تَبْعِيضٌ فِي الْبَدَل وَالْمُبْدَل مِنْهُ مَعًا ":
٦ - وَلِهَذَا قَال الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَدَدِ: الْوَاجِبُ الْوَاحِدُ لاَ يَتَأَدَّى بِبَعْضِ الأَْصْل، وَبَعْضُ الْبَدَل كَخِصَال الْكَفَّارَةِ، وَكَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ، أَمَّا فِي أَحَدِهِمَا فَنَعَمْ، كَمَا لَوْ وَجَدَ مِنَ الْمَاءِ مَا لاَ يَكْفِيهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ وَيَتَيَمَّمُ عَنِ الْبَاقِي. (١) فَهَذَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
ج - قَاعِدَةُ " الْمَيْسُورُ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ ".
٧ - قَال ابْنُ السُّبْكِيِّ: هِيَ مِنْ أَشْهَرِ الْقَوَاعِدِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (٢) وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا مَا إِذَا قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ لَزِمَهُ قَطْعًا.
وَكَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصَّاعِ مِنَ الْفِطْرَةِ لَزِمَهُ إِخْرَاجُهُ عَلَى الأَْصَحِّ، وَيَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أُمُورٌ مِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمُحْدِثُ الْفَاقِدُ لِلْمَاءِ ثَلْجًا أَوْ بَرَدًا، وَتَعَذَّرَتْ إِذَابَتُهُ فَلاَ يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَمَا إِذَا وَجَدَ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ بَعْضَ الرَّقَبَةِ لاَ يَجِبُ قَطْعًا؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ قَصَدَ
_________
(١) المنثور في القواعد للزركشي ١ / ٢٥٨، ٢٥٩.
(٢) حديث: (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٣ / ٢٥١ ط السلفية) ومسلم (٢ / ٩٧٥ ط الحلبي) .
تَكْمِيل الْعِتْقِ قَطْعًا. (١) وَسَيَأْتِي تَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ.
أَحْكَامُ التَّبْعِيضِ
التَّبْعِيضُ فِي الطَّهَارَةِ:
٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّبْعِيضَ يَتَأَتَّى فِي الطَّهَارَةِ:
فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ الشَّخْصِ مِنَ الْمِرْفَقِ غَسَل مَا بَقِيَ مِنْ مَحَل الْفَرْضِ، وَكَذَلِكَ كُل عُضْوٍ سَقَطَ بَعْضُهُ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِبَاقِيهِ غَسْلًا وَمَسْحًا؛ طِبْقًا لِقَاعِدَةِ " الْمَيْسُورُ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ ".
وَإِذَا وَجَدَ الْجُنُبُ مَاءً يَكْفِي غَسْل بَعْضِ أَعْضَائِهِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، إِلَى أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُهُ؛ لأَِنَّ هَذَا الْمَاءَ لاَ يُطَهِّرُهُ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِعْمَالُهُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَل، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَل وَالْمُبْدَل، وَلأَِنَّ مَا جَازَ عَلَى الْبَدَل لاَ يَدْخُلُهُ تَبْعِيضٌ. وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَحَمَّادٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيِّ، إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَيَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي. وَبِهِ قَال
_________
(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ١٤٢، والمنثور في القواعد للزركشي ١ / ٢٢٧، ٢٣١.
عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ وَمَعْمَرٌ، وَنَحْوُهُ قَال عَطَاءٌ. (١)
وَأَمَّا إِنْ وَجَدَ الْمُحْدِثُ حَدَثًا أَصْغَرَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ مِنْ مَاءٍ فَالْحُكْمُ لاَ يَخْتَلِفُ عِنْدَ مَنْ لاَ يُجَوِّزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْبَدَل وَالْمُبْدَل مِنْهُ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الأَْصَحِّ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلْحَنَابِلَةِ أَيْضًا؛ لأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَزِمَهُ كَالْجُنُبِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ صَحِيحًا وَبَعْضُهُ جَرِيحًا.
وَمَأْخَذُ مَنْ لاَ يَرَاهُ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِمَّا أَنَّ الْحَدَثَ الأَْصْغَرَ لاَ يَتَبَعَّضُ رَفْعُهُ فَلاَ يَحْصُل بِهِ مَقْصُودُهُ، أَوْ أَنَّهُ يَتَبَعَّضُ لَكِنَّهُ يَبْطُل بِالإِْخْلاَل بِالْمُوَالاَةِ، فَلاَ يَبْقَى لَهُ فَائِدَةٌ، أَوْ أَنَّ غَسْل بَعْضِ أَعْضَاءِ الْمُحْدِثِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، بِخِلاَفِ غَسْل بَعْضِ أَعْضَاءِ الْجُنُبِ. (٢)
وَعَلَى هَذَا الْخِلاَفِ الْجَرِيحُ وَالْمَرِيضُ إِذَا أَمْكَنَ غَسْل بَعْضِ جَسَدِهِ دُونَ بَعْضٍ، فَقَدْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: إِنْ كَانَ أَكْثَرُ بَدَنِهِ صَحِيحًا غَسَل وَلاَ تَيَمُّمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَكْسُ تَيَمَّمَ وَلاَ غَسْل عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْبَدَل وَالْمُبْدَل لاَ يَجِبُ كَالصِّيَامِ وَالإِْطْعَامِ. وَيَلْزَمُهُ غَسْل
_________
(١) ابن عابدين ١ / ١٧٢ وحاشية الدسوقي ١ / ١٤٩، وروضة الطالبين ١ / ٩٦، والمغني ١ / ٢٣٧، ٢٣٨، والأشباه والنظائر للسيوطي ص ١٤٢. وقواعد ابن رجب ١١، والمنثور في القواعد للزركشي ١ / ٢٢٨، ٢٢٩، ٢٥٩.
(٢) المراجع السابقة.
مَا أَمْكَنَهُ، وَالتَّيَمُّمُ لِلْبَاقِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ. (١)
٩ - وَإِذَا تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ خَلَعَهُمَا قَبْل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ غَسْل قَدَمَيْهِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ إِذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ قَبْل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ بَطَل وُضُوءُهُ، وَبِهِ قَال النَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ مَبْنِيٌّ عَلَى الاِخْتِلاَفِ فِي وُجُوبِ الْمُوَالاَةِ فِي الْوُضُوءِ، فَمَنْ أَجَازَ التَّفْرِيقَ جَوَّزَ غَسْل الْقَدَمَيْنِ لأَِنَّ سَائِرَ أَعْضَائِهِ مَغْسُولَةٌ، وَمَنْ مَنَعَ التَّفْرِيقَ أَبْطَل وُضُوءَهُ لِفَوَاتِ الْمُوَالاَةِ.
وَنَزْعُ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ كَنَزْعِهِمَا فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، مِنْهُمْ: مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالْحَنَابِلَةُ. وَيَلْزَمُهُ نَزْعُ الآْخَرِ. وَقَال الزُّهْرِيُّ: يَغْسِل الْقَدَمَ الَّتِي نُزِعَ الْخُفُّ مِنْهَا، وَيَمْسَحُ الآْخَرَ؛ لأَِنَّهُمَا عُضْوَانِ فَأَشْبَهَا الرَّأْسَ وَالْقَدَمَ. (٢)
_________
(١) ابن عابدين ١ / ١٧١، وحاشية الدسوقي ١ / ١٦٦، والمغني ١ / ٢٥٨.
(٢) ابن عابدين ١ / ١٨٣، ١٨٤، وحاشية الدسوقي ١ / ١٤٥، وروضة الطالبين ١ / ١٣٢، والمغني ١ / ٢٨٨، ٢٨٩.
كَمَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ غَسْل إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَالْمَسْحُ عَلَى الأُْخْرَى؛ لأَِنَّ الشَّارِعَ خَيَّرَ الْمُتَوَضِّئَ بَيْنَ غَسْل الرِّجْلَيْنِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْبَدَل وَالْمُبْدَل مِنْهُ. (١)
١٠ - وَأَمَّا التَّبْعِيضُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ:
فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ يُجْزِئُهُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَقَدْ نُقِل عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ، وَابْنُ عُمَرَ مَسَحَ الْيَافُوخَ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى وُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِهِ فِي حَقِّ كُل أَحَدٍ، إِلاَّ أَنَّ الظَّاهِرَ عَنْ أَحْمَدَ فِي حَقِّ الرَّجُل: وُجُوبُ الاِسْتِيعَابِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ يُجْزِئُهَا مَسْحُ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا. (٢)
وَفِي مَوْضِعِ الْمَسْحِ وَبَيَانِ الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ تَفْصِيلٌ ذُكِرَ فِي مَوْطِنِهِ. ر: مُصْطَلَحَ (وُضُوءٌ) .
_________
(١) المنثور في القواعد للزركشي ١ / ٢٥٩، وروضة الطالبين ١ / ١٣٣.
(٢) ابن عابدين ١ / ٦٧، وقليوبي وعميرة ١ / ٤٩، وشرح الزرقاني ١ / ٥٩، والمغني ١ / ١٢٥، ١٢٦.
التَّبْعِيضُ فِي الصَّلاَةِ:
١١ - ذَهَبَ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ إِلَى جَوَازِ التَّبْعِيضِ فِي بَعْضِ أَفْعَال الصَّلاَةِ، وَمِنْهَا مَا يَلِي:
إِذَا قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَالأَْصْل فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَاعِدَةُ " الْمَيْسُورُ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ " أَيْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكُل لاَ يُسْقِطُ الْبَعْضَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَاعِدَةُ " مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْعِبَادَةِ، فَمَا هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْعِبَادَةِ - وَهُوَ عِبَادَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي نَفْسِهِ - فَيَجِبُ فِعْلُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ فِعْل الْجَمِيعِ بِغَيْرِ خِلاَفٍ ".
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلاَ يَتَأَتَّى هَذَا عِنْدَهُمْ؛ لأَِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلاَةِ لاَ تَتَعَيَّنُ، وَتُجْزِئُ آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ. (١)
وَإِذَا وَجَدَ الْمُصَلِّي بَعْضَ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ، فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَطْعًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَزَ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ الْقِيَامِ " لَزِمَاهُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ إلاَّ بِالزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ أَتَى بِالْمُمْكِنِ؛
_________
(١) ابن عابدين ١ / ٣٠٠، والمغني ١ / ٤٧٩.
لِلْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ، (١) وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. (٢)
التَّبْعِيضُ فِي الزَّكَاةِ:
١٢ - مَنْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنَ النِّصَابِ قَصْدًا لِلتَّنْقِيصِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ، لَمْ تَسْقُطْ عِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ وَالْحَنَابِلَةِ، وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْل إِذَا كَانَ إِبْدَالُهُ أَوْ إِتْلاَفُهُ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ، وَلَوْ فَعَل ذَلِكَ فِي أَوَّل الْحَوْل لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَظِنَّةٍ لِلْفِرَارِ. وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَقَال الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ؛ لأَِنَّهُ نَقَصَ قَبْل تَمَامِ الْحَوْل، فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ لِحَاجَتِهِ. (٣)
التَّبْعِيضُ فِي الصَّوْمِ:
١٣ - لاَ يَصِحُّ صِيَامُ بَعْضِ الْيَوْمِ، فَمَنْ قَدَرَ عَلَى صَوْمِ بَعْضِ الْيَوْمِ لاَ يَلْزَمُهُ إِمْسَاكُهُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِصَوْمٍ شَرْعِيٍّ. (٤)
_________
(١) ابن عابدين ١ / ٢٧٧، ٥٠٩، وحاشية الدسوقي ١ / ٢٢٠، ٢٥٨، وروضة الطالبين ١ / ٢٣١، ٢٣٣، ٢٤٨، ٢٨٩، والمغني ١ / ٤٧١، ٤٩٥، ٥٩٥، ٥٩٦.
(٢) حديث: " إذا أمرتكم. . . " سبق تخريجه (ف ٦) .
(٣) ابن عابدين ٣ / ٢١، والدسوقي ١ / ٤٧٣، وروضة الطالبين ٢ / ١٩٠، والمغني ٢ / ٩٧٩.
(٤) المواهب السنية على هامش الأشباه والنظائر للسيوطي ٣٤٩، وقواعد ابن رجب ١٠.