الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠
ثَمَنًا، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ، وَهَذَا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ. (١)
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لاَ تَكُونُ الْمُفَاوَضَةُ بِمَثَاقِيل ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَمُرَادُهُ التِّبْرُ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ التِّبْرُ سِلْعَةٌ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، فَلاَ تَصْلُحُ رَأْسَ مَالٍ فِي الْمُضَارَبَاتِ وَالشَّرِكَاتِ، وَنَحْوِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (٢)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِتِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ وَلَوْ تَسَاوَيَا قَدْرًا إِنْ كَثُرَ فَضْل السِّكَّةِ، فَإِنْ سَاوَتْهَا جَوْدَةُ التِّبْرِ فَقَوْلاَنِ كَمَا فِي الشَّامِل. (٣)
التِّبْرُ الْمُسْتَخْرَجُ مِنَ الأَْرْضِ:
٥ - التِّبْرُ الْمُسْتَخْرَجُ مِنَ الأَْرْضِ جَعَل فِيهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْخُمُسَ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ (٤) وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ فِيهِ رُبُعَ الْعُشْرِ (٥) (ر: رِكَازٌ) .
_________
(١) الهداية ٣ / ٣ - ٦ نشر المكتبة الإسلامية.
(٢) تكملة فتح القدير ٧ / ٣٧٩ ط دار صادر، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٣١٠، وشرح المنهاج ٣ / ٥٢.
(٣) شرح الزرقاني ٦ / ٤٢ ط دار الفكر.
(٤) حديث " في الركاز الخمس. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٣٦٤ ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٣٣٥ ط الحلبي) .
(٥) حاشية ابن عابدين ٢ / ٤٤ - ٢٦، وجواهر الإكليل ١ / ١٣٧، وشرح الزرقاني ٢ / ١٦٩، ١٧١ ط دار الفكر، وشرح المنهاج مع حاشية قليوبي ٢ / ٢٥، ٢٦، ونيل الأوطار ٤ / ١٤٧، ١٤٨، والمغني لابن قدامة ٣ / ١٨ - ٢٣.
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
٦ - فَصَّل الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ التِّبْرِ فِي (رِبًا، وَصَرْفٌ، وَشَرِكَةٌ، وَزَكَاةٌ، وَبَيْعٌ، وَمُضَارَبَةٌ، وَرِكَازٌ) " كَنْزٌ ".
تَبَرُّؤٌ
اُنْظُرْ: بَرَاءَةٌ.
تَبَرُّجٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - التَّبَرُّجُ لُغَةً: مَصْدَرُ تَبَرَّجَ، يُقَال: تَبَرَّجَتِ الْمَرْأَةُ: إِذَا أَبْرَزَتْ مَحَاسِنَهَا لِلرِّجَال.
وَفِي الْحَدِيثِ كَانَ يَكْرَهُ عَشْرَ خِلاَلٍ، مِنْهَا: التَّبَرُّجُ بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا (١) وَالتَّبَرُّجُ: إِظْهَارُ الزِّينَةِ لِلرِّجَال الأَْجَانِبِ وَهُوَ الْمَذْمُومُ. أَمَّا لِلزَّوْجِ فَلاَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: لِغَيْرِ مَحَلِّهَا. (٢) وَهُوَ فِي مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا.
قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ (٣) أَيْ غَيْرَ مُظْهِرَاتٍ
_________
(١) حديث (كان يكره عشر خلال منها التبرج. . . " أخرجه أبو داود (٤ / ٤٢٧ - ط عزت عبيد دعاس) وأعله ابن المديني بجهالة أحد رواته (مختصر السنن للمنذري ٦ / ١١٤ نشر دار المعرفة) .
(٢) لسان العرب والمصباح المنير مادة: " برج ".
(٣) سورة النور / ٦٠.
وَلاَ مُتَعَرِّضَاتٍ بِالزِّينَةِ لِيُنْظَرَ إِلَيْهِنَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَقْبَحِ الأَْشْيَاءِ وَأَبْعَدِهَا عَنِ الْحَقِّ. وَأَصْل التَّبَرُّجِ: التَّكَشُّفُ وَالظُّهُورُ لِلْعُيُونِ. (١)
وَقَال فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى﴾ (٢) حَقِيقَةُ التَّبَرُّجِ: إِظْهَارُ مَا سَتْرُهُ أَحْسَنُ.
قِيل: مَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ ﵉: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ غَيْرَ مَخِيطِ الْجَانِبَيْنِ، وَتَلْبَسُ الثِّيَابَ الرِّقَاقَ، وَلاَ تُوَارِي بَدَنَهَا. (٣)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّزَيُّنُ:
٢ - التَّزَيُّنُ: اتِّخَاذُ الزِّينَةِ، وَهِيَ مَا يُسْتَعْمَل اسْتِجْلاَبًا لِحُسْنِ الْمَنْظَرِ مِنَ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَهَا
_________
(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٢ / ٣٠٩، وانظر ابن عابدين ٥ / ٢٣٥، وتكملة فتح القدير ٨ / ٤٦٠، ٤٦٥ - ٤٧٠، وقليوبي ٣ / ٢٠٨ - ٢١٠، وكشاف القناع عن متن الإقناع ١ / ٢٦٥، ٥ / ١٥ - ١٧ نشر مكتبة النصر الحديثة، والآداب الشرعية والمنح المرعية ٣ / ٣٩٠، والمغني لابن قدامة ٦ / ٥٥٤ - ٥٥٨. ٥٦٠ ط الرياض.
(٢) سورة الأحزاب / ٣٣.
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٤ / ١٧٩ - ١٨٠.
وَازَّيَّنَتْ﴾ (١) أَيْ حَسُنَتْ وَبَهَجَتْ بِالنَّبَاتِ. فَأَمَّا التَّبَرُّجُ: فَهُوَ إِظْهَارُ تِلْكَ الزِّينَةِ لِمَنْ لاَ يَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا.
مَا يُعْتَبَرُ إِظْهَارُهُ تَبَرُّجًا:
٣ - التَّبَرُّجُ: إِظْهَارُ الزِّينَةِ وَالْمَحَاسِنِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِيمَا يُعْتَبَرُ عَوْرَةً مِنَ الْبَدَنِ: كَعُنُقِ الْمَرْأَةِ وَصَدْرِهَا وَشَعْرِهَا، وَمَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الزِّينَةِ. أَوْ كَانَ فِيمَا لاَ يُعْتَبَرُ عَوْرَةً: كَالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، إِلاَّ مَا وَرَدَ الإِْذْنُ بِهِ شَرْعًا كَالْكُحْل، وَالْخَاتَمِ، وَالسِّوَارِ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ (٢) قَال: مَا ظَهَرَ مِنْهَا: الْكُحْل، وَالْخَاتَمُ، وَالسِّوَارُ (٣) . وَلأَِنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى كَشْفِ ذَلِكَ فِي الْمُعَامَلاَتِ فَكَانَ فِيهِ ضَرُورَةٌ، عَلَى أَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنَ الْعَوْرَةِ خِلاَفًا يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (عَوْرَةٌ) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلتَّبَرُّجِ:
تَبَرُّجُ الْمَرْأَةِ:
٤ - تَبَرُّجُ الْمَرْأَةِ عَلَى أَشْكَالِهِ الْمُخْتَلِفَةِ، سَوَاءٌ
_________
(١) سورة يونس / ٢٤.
(٢) سورة النور / ٣١.
(٣) تفسير القرطبي ١٢ / ٢٢٨، وفتح القدير للشوكاني ٤ / ٢٤.
مَا كَانَ مِنْهُ بِإِظْهَارِ الزِّينَةِ وَالْمَحَاسِنِ لِغَيْرِ مَنْ لاَ يَحِل لَهُ نَظَرُ ذَلِكَ، أَوْ مَا كَانَ بِالتَّبَخْتُرِ وَالاِخْتِيَال، وَالتَّثَنِّي فِي الْمَشْيِ، وَلُبْسِ الرَّقِيقِ مِنَ الثِّيَابِ الَّذِي يَصِفُ بَشَرَتَهَا، وَيُبَيِّنُ مَقَاطِعَ جِسْمِهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ - مِمَّا يَبْدُو مِنْهَا مُثِيرًا لِلْغَرَائِزِ وَمُحَرِّكًا لِلشَّهْوَةِ - حَرَامٌ إِجْمَاعًا لِغَيْرِ الزَّوْجِ؛ لِقَوْل اللَّهِ ﵎: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى﴾ (١)
وَقَوْلِهِ ﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ (٢) وَذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى كُنَّ يَخْرُجْنَ فِي أَجْوَدِ زِينَتِهِنَّ وَيَمْشِينَ مِشْيَةً مِنَ الدَّلاَّل وَالتَّبَخْتُرِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِتْنَةً لِمَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ. (٣) حَتَّى الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ، وَهُنَّ الْعَجَائِزُ وَنَحْوُهُنَّ مِمَّنْ لاَ رَغْبَةَ لِلرِّجَال فِيهِنَّ، نَزَل فِيهِنَّ: قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ (٤) فَأَبَاحَ
_________
(١) سورة الأحزاب / ٣٣.
(٢) سورة النور / ٣١.
(٣) رد المحتار على الدر المختار ٥ / ٢٣٦، وتكملة فتح القدير٨ / ٤٦٠، ٤٦٥، وقليوبي ٣ / ٢٠٨ - ٢١٠، ٢١٣، والشرح الكبير ١ / ٢١٤، ٢ / ٢١٤ - ٢١٥، وكشاف القناع ٥ / ١٥ - ١٧ ط النصر الحديثة، والمغني لابن قدامة ٦ / ٥٥٧ ط الرياض الحديثة، والآداب الشرعية والمنح المرعية ٣ / ٢٩٠، ٥٢٣ ط الرياض الحديثة.
(٤) سورة النور / ٦٠.
لَهُنَّ وَضْعَ الْخِمَارِ، وَكَشْفَ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ، وَنَهَاهُنَّ مَعَ ذَلِكَ عَنِ التَّبَرُّجِ.
تَبَرُّجُ الرَّجُل:
تَبَرُّجُ الرَّجُل إِمَّا بِإِظْهَارِ عَوْرَتِهِ أَوْ تَزَيُّنِهِ، وَالتَّزَيُّنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلشَّرِيعَةِ، أَوْ مُخَالِفًا لَهَا.
أ - التَّبَرُّجُ بِإِظْهَارِ الْعَوْرَةِ:
٥ - يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل كَشْفُ عَوْرَتِهِ أَمَامَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ غَيْرِ زَوْجَتِهِ، أَوْ لِحَاجَةِ التَّدَاوِي وَالْخِتَانِ، عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَحْدِيدِ الْعَوْرَةِ. يُنْظَرُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (عَوْرَةٌ) .
وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ مِنَ الرَّجُل إِلَى مَا يَنْظُرُ الرَّجُل إِلَيْهِ مِنَ الرَّجُل إِذَا أَمِنَتِ الشَّهْوَةَ؛ لاِسْتِوَاءِ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ فِي النَّظَرِ إِلَى مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى التَّحْرِيمِ.
كَمَا يُكْرَهُ نَظَرُ الرَّجُل إِلَى فَرْجِهِ عَبَثًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. (١)
ب - التَّبَرُّجُ بِإِظْهَارِ الزِّينَةِ:
٦ - إِظْهَارُ الزِّينَةِ مِنَ الرَّجُل قَدْ يَكُونُ مُوَافِقًا -
_________
(١) تكملة فتح القدير ٨ / ٤٦٣ - ٤٦٥، وابن عابدين ١ / ٣٧٥ - ٣٧٩، والشرح الصغير ١ / ٢٨٥، والدسوقي ١ / ٢١١ - ٢١٧، ومغني المحتاج ١ / ١٨٥، وقليوبي ٣ / ٢١١، وروضة الطالبين ١ / ٢٨٣، والمغني ١ / ٥٥٨، وكشاف القناع ١ / ٣٠٦، والآداب الشرعية ٣ / ٣٣٧.
لِلشَّرِيعَةِ، وَقَدْ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهَا. فَالتَّزَيُّنُ الْمُخَالِفُ لِلشَّرِيعَةِ، كَالأَْخْذِ مِنْ أَطْرَافِ الْحَاجِبِ تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ، وَكَوَضْعِ الْمَسَاحِيقِ عَلَى الْوَجْهِ تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ، وَكَالتَّزَيُّنِ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالتَّخَتُّمِ بِهِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ، وَهُنَاكَ صُوَرٌ مِنَ التَّزَيُّنِ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِهَا. تُنْظَرُ فِي (اخْتِضَابٌ) وَفِي (لِحْيَةٌ وَتَزَيُّنٌ) .
وَأَمَّا التَّزَيُّنُ الَّذِي أَبَاحَتْهُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْهُ تَزَيُّنٌ حَضَّتْ عَلَيْهِ: كَتَزَيُّنِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ كَتَزَيُّنِهَا لَهُ، وَتَسْرِيحِ الشَّعْرِ أَوْ حَلْقِهِ، لَكِنْ يُكْرَهُ الْقَزَعُ، وَيُسَنُّ تَغْيِيرُ الشَّيْبِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ.
وَيَجُوزُ التَّزَيُّنُ بِالتَّخَتُّمِ بِالْفِضَّةِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنَ الْفِضَّةِ، إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْخَاتَمِ (١) وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (تَخَتُّمٌ) .
تَبَرُّجُ الذِّمِّيَّةِ:
٧ - الذِّمِّيَّةُ الْحُرَّةُ عَوْرَتُهَا كَعَوْرَةِ الْمُسْلِمَةِ الْحُرَّةِ، حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقِ الْفُقَهَاءُ فِي إِطْلاَقِهِمْ لِلْحُرَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَغَيْرِهَا، كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ عَوْرَةِ الرَّجُل الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَ
_________
(١) ابن عابدين ٥ / ١٥٥، ٢٥٥، والمنتقى على الموطأ ٧ / ٢٥٤، وبجيرمي على الخطيب ٢ / ٢٢٧ - ٢٣٠، والمغني ١ / ٥٨٨ - ٥٩١، وشرح مسلم للنووي ٣ / ١٤٩، ونيل الأوطار ١ / ١١٦، والآداب الشرعية لابن مفلح ٣ / ٣٤٥، وما بعدها و٣ / ٥٠١ وما بعدها.
النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ الذِّمِّيِّ رَجُلًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ سَتْرُ عَوْرَتِهَا وَالاِمْتِنَاعُ عَنِ التَّبَرُّجِ الْمُثِيرِ لِلْفِتْنَةِ؛ دَرْءًا لِلْفَسَادِ وَمُحَافَظَةً عَلَى الآْدَابِ الْعَامَّةِ. (١)
مَنْ يُطْلَبُ مِنْهُ مَنْعُ التَّبَرُّجِ؟
٨ - عَلَى الأَْبِ أَنْ يَمْنَعَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ عَنِ التَّبَرُّجِ إِذَا كَانَتْ تُشْتَهَى، حَيْثُ لاَ يُبَاحُ مَسُّهَا وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِبِنْتِهِ الَّتِي لَمْ تَتَزَوَّجْ مَتَى كَانَتْ فِي وِلاَيَتِهِ، إِذْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَهَا بِجَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ، وَيَنْهَاهَا عَنْ جَمِيعِ الْمَنْهِيَّاتِ، وَمِثْل الأَْبِ فِي ذَلِكَ وَلِيُّهَا عِنْدَ عَدَمِهِ.
وَعَلَى الزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ عَنْهُ؛ لأَِنَّهُ مَعْصِيَةٌ، فَلَهُ تَأْدِيبُهَا وَضَرْبُهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فِي كُل مَعْصِيَةٍ لاَ حَدَّ فِيهَا، إِذَا لَمْ تَسْتَجِبْ لِنُصْحِهِ وَوَعْظِهِ، مَتَى كَانَ مُتَمَشِّيًا مَعَ الْمَنْهَجِ الشَّرْعِيِّ. وَعَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يَنْهَى عَنِ التَّبَرُّجِ الْمُحَرَّمِ، وَلَهُ أَنْ يُعَاقِبَ عَلَيْهِ، وَعُقُوبَتُهُ التَّعْزِيرُ، وَالْمُرَادُ بِهِ التَّأْدِيبُ، وَيَكُونُ بِالضَّرْبِ أَوْ بِالْحَبْسِ أَوْ بِالْكَلاَمِ
_________
(١) ابن عابدين ١ / ٣٧٥ - ٣٧٩، وتبيين الحقائق ١ / ٩٥ - ٩٧، والشرح الصغير ١ / ٢٨٥، والقوانين الفقهية ص٥٣، والدسوقي ١ / ٢١١ - ٢١٧، ومغني المحتاج ١ / ١٨٥ ط والروضة ١٠ / ٣٢٨، والمغني ١ / ٥٧٧ - ٥٨٢، وكشاف القناع ١ / ٣٠٦ - ٣١٥، وأحكام أهل الذمة ٢ / ٧٣٥ وما بعدها و٧٦٥، ٧٦٦.
الْعَنِيفِ، أَوْ لَيْسَ فِيهِ تَقْدِيرٌ، بَل هُوَ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِ مَنْ يَقُومُ بِهِ وَفْقَ مُقْتَضَيَاتِ الأَْحْوَال الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا التَّعْزِيرُ. (١) وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (تَعْزِيرٌ) .
تَبَرُّزٌ
اُنْظُرْ: قَضَاءُ الْحَاجَةِ.
_________
(١) تكملة فتح القدير ٨ / ٤٦٢، وابن عابدين ١ / ٢٣٥، ٢ / ٥٣٧، ٦٦٥، ٣ / ١٧٧ - ١٨٢، ١٨٨ - ١٨٩، ٥ / ٢٧٤. وقليوبي ٤ / ٢٠٥ - ٢٠٦، ٢١٤، وكشاف القناع عن متن الإقناع ٥ / ٢٠٩ - ٢١٠، ٦ / ١٢١ - ١٢٥ ط النصر الحديثة، والآداب الشرعية والمنح المرعية ١ / ٥٠٦، ٣ / ٥٥٧ - ٥٥٨ ط الرياض الحديثة، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٥ / ١٦٨ - ١٧٤.