الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩

حرف الباء

البيع

التعريف

الألفاظ ذات الصلة

ج - الصلح.

د - القسمة.

الحكم التكليفي

تقسيم البيع

أولا - تقسيم البيع باعتبار المبيع

بيع السلم

ثانيا - تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن

بيوع الأمانة

ثالثا - تقسيم البيع باعتبار كيفية الثمن

رابعا التقسيم باعتبار الحكم الشرعي

أركان البيع وشروطه

الصيغة وشروطها

انعقاد البيع بالمعاطاة (أو التعاطي)

انعقاد البيع بالإشارة من الأخرس وغيره

شروط البيع

شروط المبيع

أن يكون مالا

أن يكون مملوكا لمن يلي العقد

أن يكون معلوما لكل من العاقدين

المبيع وأحكامه وأحواله

أولا تعيين المبيع

ثانيا وسيلة معرفة المبيع وتعيينه

ثالثا - شمول المبيع

توابع المبيع

الاستثناء من المبيع

بيع الأصول

بيع الثمار

رابعا حضور المبيع وغيابه

حضور المبيع

غياب المبيع

خامسا ظهور النقصان أو الزيادة في المبيع

بيع المقدرات

الثمن وأحكامه وأحواله

أولا تعريف الثمن

حكم التسعير

ثانيا ما يصلح ثمنا وما لا يصلح

ثالثا تعيين الثمن وتمييزه عن المبيع

رابعا إبهام الثمن

أحكام مشتركة بين المبيع والثمن

أولا الزيادة في المبيع أو الثمن.

ثانيا الحط من المبيع أو الثمن

ثالثا آثار الزيادة أو الحط.

رابعا موانع التحاق الزيادة أو الحط في حق الغير

خامسا مئونة تسليم المبيع أو الثمن

سادسا هلاك المبيع أو الثمن المعين كليا أو جزئيا قبل التسليم

الآثار المترتبة على البيع

أولا انتقال الملك

ثانيا أداء الثمن الحال

البدء بتسليم أحد البدلين

الحالة الأولى أن يكونا معينين (المقايضة) أو ثمنين (الصرف)

الحالة الثانية أن يكون أحدهما معينا والآخر دينا في الذمة

اشتراط التراد بالتخلف عن الأداء

ثالثا تسليم المبيع

انتهاء البيع

بيع الاستجرار

البيع بالتعاطي

الأحكام المتعلقة ببيع الاستجرار

مذهب الحنفية

الصورة الأولى

الصورة الثانية

مذهب المالكية

مذهب الشافعية

مذهب الحنابلة

بيع الاستنامة

بيع الأمانة

أنواع بيع الأمانة

بيع الوفاء

بيع المرابحة

بيع الوضيعة

حكم الخيانة في بيوع الأمانة

البيع الباطل

البيع الفاسد

أسباب بطلان البيع

ما يتعلق بالبيع الباطل من أحكام

التراد

الضمان

تجزؤ البيع الباطل

تصحيح البيع الباطل

بيع التلجئة

بيع الهازل

التلجئة في غير البيع

أقسام بيع التلجئة

القسم الأول أن تكون التلجئة في نفس البيع.

الضرب الأول بيع تكون التلجئة في إنشائه

القسم الثاني بيع تكون التلجئة فيه في الثمن أو البدل

الضرب الأول بيع تكون التلجئة فيه في قدر الثمن.

الضرب الثاني بيع تكون فيه التلجئة في جنس الثمن.

أثر الاختلاف بين البائع والمشتري

بيع الثنية

البيع الجبري

أ - الإكراه على البيع

حكمه التكليفي

إجبار المدين على بيع ماله

بيع المرهون

الأخذ بالشفعة جبرا

بيع الجزاف

شروط بيع الجزاف

بيع الصبرة جزافا

تساوي موضع صبرة الطعام عند بيعها جزافا

البيع جزافا مع علم أحد المتبايعين بقدر المبيع

بيع الربوي بجنسه جزافا

ضم معلوم في البيع أو جزاف إلى جزاف

ظهور المبيع أقل أو أكثر من المسمى

بيع الحاضر للبادي

النهي عن هذا البيع

علة النهي عن بيع الحاضر للبادي

قيود النهي

حكم بيع الحاضر للبادي

أولا

ثانيا

ثالثا

رابعا

بيع الحصاة

حكم بيع الحصاة

بيع الصرف

بيع العرايا

حكمها

بيع العربون

الحكم الإجمالي

من أهم الأحكام في بيع العربون

بيع العهدة

بيع العينة

صورتها

بيع الغرر

ب - البيع الباطل

ج - البيع المكروه

د - البيع الموقوف

أسباب الفساد

عدم القدرة على التسليم إلا بتحمل الضرر

جهالة المبيع أو الثمن أو الأجل

البيع بالإكراه

الشرط المفسد

اشتمال العقد على الربا

بيع المنقول قبل قبضه

تجزؤ الفساد

أمثلة للبيع الفاسد

آثار البيع الفاسد

أولا - انتقال الملك بالقبض

ثانيا استحقاق الفسخ

شروط الفسخ

من يملك الفسخ

طريق فسخ البيع الفاسد

ما يبطل به حق الفسخ

الصورة الأولى التصرف القولي في المبيع بيعا فاسدا.

الصورة الثانية الأفعال التي ترد على المبيع بيعا فاسدا

ثالثا (من أحكام البيع الفاسد) حكم الربح في البدلين بالبيع الفاسد

رابعا قبول البيع الفاسد للتصحيح

خامسا الضمان إذا هلك المبيع

سادسا ثبوت الخيار فيه

بيع الفضولي

الأدلة

(أ) تصرف الفضولي في البيع

(ب) تصرف الفضولي في الشراء

بيع ما لم يقبض

ضابط ما يمنع من التصرف فيه قبل قبضه

تحديد القبض وتحققه

بيع الصدقة والهبة قبل القبض

بيع المحاقلة

حكم بيع المحاقلة

بيع المزابنة

حكم بيع المزابنة

بيع المسترسل

بيع الملامسة

بيع المنابذة

بيع منهي عنه

الأصل في البيع الحل إلا لطارئ

موجب النهي

أسباب النهي عن البيع

أسباب النهي العقدية

الأسباب التي تتعلق بمحل العقد

الشرط الأول ما يتعلق بالمعقود عليه

بيع عسب الفحل

الشرط الثاني ما يتعلق بمحل العقد

الشرط الثالث التقوم

بيع الكلب

بيع سباع البهائم وجوارح الطير والهوام

بيع آلات اللهو والمعازف

بيع الأصنام ونحوها

الشرط الرابع أن يلي البيع المالك أو من يقوم مقامه

أ - بيع الفضولي

(٥) ضربة الغائص

(٦) بيع الصدقة والهبة قبل القبض

(٧) بيع الغنيمة قبل القسم

الشرط الخامس أن يكون المبيع مقدور التسليم.

الأولى

الثانية

الرابعة

وفيما يلي أسباب النهي المتعلقة بالربا.

النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان

المثال الأول

المثال الثالث

المثال الخامس

المثال السادس

بيع الكالئ بالكالئ

بيع اللحم بالحيوان

أولا هل اللحم كله جنس واحد؟

ثانيا بيع اللحم بحيوان من جنسه

ثالثا بيع اللحم بحيوان من غير جنسه

رابعا بيع اللحم بحيوان غير مأكول.

بيع الرطب بالتمر

بيع وسلف

أسباب النهي المتعلقة بالغرر

بيع الجنين وهو في بطن أمه

بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه

معنى بدو الصلاح

حكم بيع الثمر قبل بدو صلاحه

الثالثة

الشرط الأول

الشرط الرابع

الرابعة من أحوال بيع الثمرة

الخامسة

السادسة

هل يشترط لصحة بيع الثمر بدو صلاح كله

خامسا

بيع المتلاحق من الثمر ونحوه

بيع السمك في الماء

بيع العبد الآبق

بيع اللبن في الضرع

بيع الصوف وهو على الظهر

بيع السمن في اللبن

الثنيا (أو استثناء المجهول في البيع)

أسباب النهي غير العقدية

النوع الأول الأسباب التي تؤدي إلى الضرر المطلق

التفرقة بين الأم وبين ولدها في بيع الرقيق

مذاهب الفقهاء في حكم هذا التفريق

حكم التفرقة بين الحيوان الصغير وبين أمه

بيع العصير لمن يتخذه خمرا

اشتراط علم البائع بقصد المشتري اتخاذ العصير للخمر

الحكم في بيع العصير وشموله لغيره

حكم بيع العصير لمتخذه خمرا، من حيث الصحة والبطلان

بيع ما يقصد به فعل محرم

حكم بيع ما يقصد به فعل محرم، من حيث الصحة والبطلان

بيع الرجل على بيع أخيه

حكمه

السوم، والشراء على شراء أخيه

النجش

تلقي الجلب أو الركبان أو السلع

حكم التلقي التكليفي

حكم التلقي الوضعي

النوع الثاني الأسباب التي تؤدي إلى مخالفة دينية أو عبادية محضة

البيع عند أذان الجمعة

قيود تحريم هذا البيع

قياس غير البيع من العقود عليه في التحريم

أحكام عامة في البيع عند الأذان

أولا حكم بيع من تلزمه الجمعة ممن لا تلزمه

ثانيا حكم التبايع حال السعي إلى الجامع وقد سمع النداء

ثالثا حكم البيع في المسجد بعد السعي

رابعا حكم البيع قبل الأذان الثاني، بعد الزوال

خامسا شمول النهي كل ما يشغل عن الجمعة

الحكم الوضعي فيه

بيع المصحف للكافر

مستثنيات من البيع

حكم بيع المسلم المصحف وشرائه له

آثار البيع المنهي عنه

الفرق بين الاصطلاحات الثلاثة الفساد والبطلان والصحة

أولا أحكام البيع الباطل عند الحنفية

ثانيا أحكام البيع الفاسد

ثالثا أحكام البيع المكروه

البيع الموقوف

مشروعية البيع الموقوف

أنواع البيع الموقوف

حكم البيع الموقوف

أثر البيع الموقوف

التصرفات الواقعة على المعقود عليه أثناء التوقف

أولا التصرفات التي تستند إلى وقت إنشاء العقد

ثانيا التصرفات التي يقتصر حكمها على وقت صدور الإجازة

بيع وشرط

ماهيته ومشروعيته

أولا مذهب الحنفية

ثانيا مذهب المالكية

السؤال الأول

الثاني

ثالثا مذهب الشافعية

القول الأول

والقول الثالث

رابعا مذهب الحنابلة

فالأول

الثالث

والآخر

النوع الأول

النوع الثاني

النوع الثالث

بيعتان في بيعة

حكم بيع الوفاء

شرط بيع الوفاء عند من يجيزه

الآثار المترتبة على بيع الوفاء

أولا - عدم نقله للملكية

ثالثا أثر موت أحد المتعاقدين في بيع الوفاء

رابعا اختلاف المتعاقدين في بيع الوفاء

الرابع

السادس

الصفقتان في الصفقة

حكم البيعتين في بيعة

توضيح مذهب المالكية في هذه المسألة

النوع الرابع

النوع الخامس

بيعة

الحكم التكليفي للبيعة

أدلة مشروعية البيعة

الفرق بين مبايعة الصحابة للنبي ﷺ وبين مبايعة غيره من الأئمة

هل البيعة عقد وتتوقف على القبول؟

أثر البيعة في انعقاد الإمامة

عدد من تنعقد بمبايعتهم الإمامة

كيفية البيعة

نقض البيعة

بينة

تراجم فقهاء الجزء التاسع

ابن الأثير هو المبارك بن محمد

ابن رشد هو محمد بن أحمد (الحفيد)

ابن الصلاح هو عثمان بن عبد الرحمن

ابن القاسم هو محمد بن قاسم

ابن القصار هو علي بن أحمد

ابن هاني (؟ - ٢٦٥ هـ)

أبو جحيفة (؟ - ٦٤ هـ)

أبو زيد (٣٠١ - ٣٧١ هـ)

أبو عبيد هو القاسم بن سلام

الأخوان

إسحاق بن منصور (؟ - ٢٥١ هـ)

إمام الحرمين هو عبد الملك بن عبد الله

باعلوي (؟ - ١٢٥١ هـ)

البهوتي هو منصور بن يونس

جابر بن عبد الله

الحلواني هو محمد بن علي

خير الدين الرملي

الرافعي هو عبد الكريم بن محمد

سالم بن عبد الله

سهل بن أبي حثمة (؟ ـ؟)

الشرنبلالي هو الحسن بن عمار

الشيخ العدوي هو علي بن أحمد

صاحب البيان

الصاحبان

طلحة بن عبيد الله (٢٨ ق هـ - ٣٦ هـ)

عبد الله بن عمر

عمر بن الخطاب

القاضي أبو الحسن هو علي بن الحسن الماتريدي

القسهتاني (؟ - نحو ٩٥٣ هـ)

الماتريدي (؟ - ٥١١ هـ)

مثنى بن جامع (من أهل القرن الثالث)

نافع هو نافع المدني، أبو عبد الله

يحيى بن أبي كثير (؟ - ١٢٩ هـ)

البَيْعٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْبَيْعُ لُغَةً مَصْدَرُ بَاعَ، وَهُوَ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، أَوْ دَفْعُ عِوَضٍ وَأَخْذُ مَا عُوِّضَ عَنْهُ.

وَالْبَيْعُ مِنَ الأَْضْدَادِ - كَالشِّرَاءِ - قَدْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا وَيُرَادُ بِهِ الآْخَرُ، وَيُسَمَّى كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ: بَائِعًا، أَوْ بَيِّعًا. لَكِنْ إِذَا أُطْلِقَ الْبَائِعُ فَالْمُتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ فِي الْعُرْفِ أَنْ يُرَادَ بِهِ بَاذِل السِّلْعَةِ، وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ لُغَةَ قُرَيْشٍ اسْتِعْمَال (بَاعَ) إِذَا أَخْرَجَ الشَّيْءَ مِنْ مِلْكِهِ (وَاشْتَرَى) إِذَا أَدْخَلَهُ فِي مِلْكِهِ، وَهُوَ أَفْصَحُ، وَعَلَى ذَلِكَ اصْطَلَحَ الْعُلَمَاءُ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ.

وَيَتَعَدَّى الْفِعْل (بَاعَ) بِنَفْسِهِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ فَيُقَال: بِعْتُ فُلاَنًا السِّلْعَةَ، وَيَكْثُرُ الاِقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَتَقُول: بِعْتُ الدَّارَ، وَقَدْ يُزَادُ مَعَ الْفِعْل لِلتَّوْكِيدِ حَرْفٌ، مِثْل: (مِنْ) أَوِ (اللاَّمِ) فَيُقَال: بِعْتُ مِنْ فُلاَنٍ، أَوْ لِفُلاَنٍ.

أَمَّا قَوْلُهُمْ: بَاعَ عَلَى فُلاَنٍ كَذَا، فَهُوَ فِيمَا بِيعَ مِنْ مَالِهِ بِدُونِ رِضَاهُ (١) .

أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَلِلْبَيْعِ تَعْرِيفَانِ:

_________

(١) المصباح، والمغرب، واللسان مادة " بيع "، والحطاب ٤ / ٢٢٢.

أَحَدُهُمَا: لِلْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ (وَهُوَ مُطْلَقُ الْبَيْعِ) وَالآْخَرُ: لِلْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الأَْخَصِّ (وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ) .

فَالْحَنَفِيَّةُ عَرَّفُوا الْبَيْعَ بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ بِمِثْل تَعْرِيفِهِ لُغَةً بِقَيْدِ (التَّرَاضِي) . لَكِنْ قَال ابْنُ الْهُمَامِ: إِنَّ التَّرَاضِيَ لاَ بُدَّ مِنْهُ لُغَةً أَيْضًا، فَإِنَّهُ لاَ يُفْهَمُ مِنْ (بَاعَ زَيْدٌ ثَوْبَهُ) إِلاَّ أَنَّهُ اسْتَبْدَل بِهِ بِالتَّرَاضِي، وَأَنَّ الأَْخْذَ غَصْبًا وَإِعْطَاءَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لاَ يَقُول فِيهِ أَهْل اللُّغَةِ بَاعَهُ (١) وَاخْتَارَ صَاحِبُ الدُّرَرِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ التَّقْيِيدَ بِ (الاِكْتِسَابِ) بَدَل (التَّرَاضِي) احْتِرَازًا مِنْ مُقَابَلَةِ الْهِبَةِ بِالْهِبَةِ؛ لأَِنَّهَا مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ لاَ بِقَصْدِ الاِكْتِسَابِ (٢) .

وَعَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلاَ مُتْعَةِ لَذَّةٍ، وَذَلِكَ لِلاِحْتِزَازِ عَنْ مِثْل الإِْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ، وَلِيَشْمَل هِبَةَ الثَّوَابِ (٣) وَالصَّرْفَ وَالسَّلَمَ (٤) .

وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.

وَأَوْرَدَ الْقَلْيُوبِيُّ تَعْرِيفًا قَال إِنَّهُ أَوْلَى، وَنَصُّهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ تُفِيدُ مِلْكَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ لاَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ. ثُمَّ قَال: وَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ نَحْوُ الْهَدِيَّةِ، وَبِالْمَالِيَّةِ نَحْوُ النِّكَاحِ، وَبِإِفَادَةِ مِلْكِ الْعَيْنِ الإِْجَارَةُ، وَبِالتَّأْبِيدِ الإِْجَارَةُ أَيْضًا، وَبِغَيْرِ وَجْهِ الْقُرْبَةِ الْقَرْضُ.

_________

(١) فتح القدير ٥ / ٤٥٥.

(٢) الدرر شرح الغرر ٢ / ١٤٢.

(٣) المراد بهبة الثواب هنا أن يهب ليعطيه الموهوب له مقابل هبته.

(٤) الحطاب ٤ / ٢٥٥.

وَالْمُرَادُ بِالْمَنْفَعَةِ بَيْعُ نَحْوِ حَقِّ الْمَمَرِّ (١) .

وَعَرَّفَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ: مُبَادَلَةُ مَالٍ - وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ - أَوْ مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ (كَمَمَرِّ الدَّارِ مَثَلًا) بِمِثْل أَحَدِهِمَا عَلَى التَّأْبِيدِ غَيْرِ رِبًا وَقَرْضٍ، وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ: مُبَادَلَةُ الْمَال بِالْمَال تَمْلِيكًا وَتَمَلُّكًا (٢) .

أَمَّا الْبَيْعُ بِالْمَعْنَى الأَْخَصِّ، وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ، فَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَعَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلاَ مُتْعَةِ لَذَّةٍ ذُو مُكَايَسَةٍ، أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ، مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ (٣) .

فَتَخْرُجُ هِبَةُ الثَّوَابِ بِقَوْلِهِمْ: ذُو مُكَايَسَةٍ، وَالْمُكَايَسَةُ: الْمُغَالَبَةُ، وَيَخْرُجُ الصَّرْفُ وَالْمُرَاطَلَةُ بِقَوْلِهِمْ: أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ، وَيَخْرُجُ السَّلَمُ بِقَوْلِهِمْ: مُعَيَّنٌ (٤) .

ثُمَّ لاَحَظَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ التَّعْرِيفَ لِلْبَيْعِ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْبَيْعُ وَحْدَهُ، بِاعْتِبَارِهِ أَحَدَ شِقَّيِ الْعَقْدِ، فَقَالُوا عَنْهُ إِنَّهُ: تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَمِنْ ثَمَّ عَرَّفُوا الشِّرَاءَ بِأَنَّهُ: تَمَلُّكٌ بِعِوَضٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.

كَمَا أَوْرَدَ الْحَطَّابُ تَعْرِيفًا شَامِلًا لِلْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ: دَفْعُ عِوَضٍ فِي مُعَوَّضٍ (٥)، لِمَا يَعْتَقِدُهُ صَاحِبُ هَذَا التَّعْرِيفِ مِنْ

_________

(١) شرح الروض ٢ / ٢، والقليوبي ٢ / ١٥٢.

(٢) المغني والشرح الكبير ٤ / ٢، وكشاف القناع ٣ / ١٤٦.

(٣) غير العين فيه، لأن غير العين في السلم لا يكون معينا بل يكون في الذمة، والمراد بالعين هنا: الذهب أو الفضة الذي هو رأس مال السلم.

(٤) الحطاب ٤ / ٢٢٥، والبهجة شرح التحفة ٢ / ٣.

(٥) الحطاب ٤ / ٢٢٣.

أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لاَ يَنْقُل الْمِلْكَ وَإِنَّمَا يَنْقُل شُبْهَةَ الْمِلْكِ، ثُمَّ أَشَارَ الْحَطَّابُ إِلَى أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الشَّيْءَ صَحِيحًا لِمُجَرَّدِ الاِعْتِقَادِ بِصِحَّتِهِ، فَالْمِلْكُ يَنْتَقِل عَلَى حُكْمِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِل عَلَى حُكْمِ الإِْسْلاَمِ، عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ مَعْرِفَةُ الصَّحِيحِ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْهِبَةُ، وَالْوَصِيَّةُ.

٢ - الْهِبَةُ: تَمْلِيكٌ بِلاَ عِوَضٍ حَال الْحَيَاةِ. وَالْوَصِيَّةُ: تَمْلِيكٌ بِلاَ عِوَضٍ بَعْدَ الْمَوْتِ (١) .

فَهُمَا يَفْتَرِقَانِ عَنِ الْبَيْعِ فِي أَنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ.

ب - الإِْجَارَةُ.

٣ - الإِْجَارَةُ: عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ.

فَالإِْجَارَةُ مُحَدَّدَةٌ بِالْمُدَّةِ أَوْ بِالْعَمَل، خِلاَفًا لِلْبَيْعِ.

وَالإِْجَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ، أَمَّا الْبَيْعُ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لِلذَّاتِ فِي الْجُمْلَةِ (٢) .

ج - الصُّلْحُ.

٤ - الصُّلْحُ: عَقْدٌ يَقْتَضِي قَطْعَ النِّزَاعِ وَالْخُصُومَةِ.

وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ: انْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ أَوْ دَعْوَى بِعِوَضٍ لِرَفْعِ نِزَاعٍ، أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ.

_________

(١) البدائع ٦ / ٣٣٣، وجواهر الإكليل ٢ / ٢١١، وقليوبي ٣ / ١٥٦، ومغني المحتاج ٢ / ٦.

(٢) الزيلعي ٢ / ١٥١، والشرح الصغير ٤ / ٥ ط دار المعارف، وجواهر الإكليل ٢ / ١٨٤، ومغني المحتاج ٢ / ٣٣٢، والمغني ٥ / ٤٣٣، ومنتهى الإرادات ٢ / ٣٥١.

وَإِذَا كَانَتِ الْمُصَالَحَةُ عَلَى أَخْذِ الْبَدَل فَالصُّلْحُ مُعَاوَضَةٌ، وَيَعْتَبِرُهُ الْفُقَهَاءُ بَيْعًا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ.

يَقُول الْفُقَهَاءُ: الصُّلْحُ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعٌ لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ بِالْمَأْخُوذِ إِنْ كَانَ ذَاتًا، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ. وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مَنَافِعَ فَهُوَ إِجَارَةٌ.

أَمَّا الصُّلْحُ عَلَى أَخْذِ بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ وَتَرْكِ بَاقِيهِ فَهُوَ هِبَةٌ.

فَالصُّلْحُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ يُعْتَبَرُ بَيْعًا (١) .

د - الْقِسْمَةُ.

٥ - عَرَّفَ الْحَنَفِيَّةُ الْقِسْمَةَ بِأَنَّهَا: جَمْعُ نَصِيبٍ شَائِعٍ فِي مُعَيَّنٍ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا: تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكِينَ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ.

وَهِيَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: تَمْيِيزُ بَعْضِ الْحِصَصِ وَإِفْرَازُهَا (٢) .

وَاعْتَبَرَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بَيْعًا. يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ:

الْقِسْمَةُ إِفْرَازُ حَقٍّ وَتَمْيِيزُ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ مِنَ الآْخَرِ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَال فِي الآْخَرِ: هِيَ بَيْعٌ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ: لأَِنَّهُ يُبْدِل نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِ السَّهْمَيْنِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنَ السَّهْمِ الآْخَرِ، وَهَذَا حَقِيقَةُ الْبَيْعِ.

_________

(١) الاختيار ٣ / ٥، وجواهر الإكليل ٢ / ١٠٢، ١٠٣، ومغني المحتاج ٢ / ١٧٧، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٠.

(٢) البحر الرائق ٨ / ١٦٧، ومنح الجليل ٣ / ٦١٩، ونهاية المحتاج ٨ / ٢٦٩، ومنتهى الإرادات ٣ / ٥٠٨.

وَعَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ. قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ. وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَإِنْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ رَدٌّ (وَقِسْمَةُ الرَّدِّ هِيَ الَّتِي يُسْتَعَانُ فِي تَعْدِيل أَنْصِبَائِهَا بِمَالٍ أَجْنَبِيٍّ) فَهِيَ بَيْعٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

جَاءَ فِي الْمُهَذَّبِ: إِنْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ رَدٌّ فَهِيَ بَيْعٌ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الرَّدِّ بِذَلِكَ الْمَال فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَل لَهُ مِنْ حَقِّ شَرِيكِهِ عِوَضًا.

وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: إِنْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ رَدُّ عِوَضٍ فَهِيَ بَيْعٌ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الرَّدِّ يَبْذُل الْمَال عِوَضًا عَمَّا حَصَل لَهُ مِنْ مَال شَرِيكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْبَيْعُ.

وَهِيَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَغْلِبُ فِيهَا مَعْنَى تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ فِي قِسْمَةِ الْمِثْلِيِّ. وَفِي قِسْمَةِ الْقِيَمِيِّ يَغْلِبُ فِيهَا مَعْنَى الْبَيْعِ (١) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ مَشْرُوعٌ عَلَى سَبِيل الْجَوَازِ، دَل عَلَى جَوَازِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْمَعْقُول.

فَمِنَ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ (٢) وَقَوْلُهُ ﷿: ﴿لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (٣)

_________

(١) المغني ٩ / ١١٤ - ١١٥، والمهذب ٢ / ٣٠٧، والكافي لابن عبد البر ٢ / ٨٧٦، ومنح الجليل ٣ / ٦٢٤، والفواكه الدواني ٢ / ٣٢٧، والبدائع ٧ / ١٧.

(٢) سورة البقرة / ٢٧٥.

(٣) سورة النساء / ٢٩.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِل: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فَقَال: عَمَل الرَّجُل بِيَدِهِ، وَكُل بَيْعٍ مَبْرُورٍ (١) وَكَذَلِكَ فِعْل النَّبِيِّ ﷺ وَإِقْرَارُهُ أَصْحَابَهُ عَلَيْهِ.

وَالإِْجْمَاعُ قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ.

أَمَّا الْمَعْقُول: فَلأَِنَّ الْحِكْمَةَ تَقْتَضِيهِ، لِتَعَلُّقِ حَاجَةِ الإِْنْسَانِ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَلاَ سَبِيل إِلَى الْمُبَادَلَةِ إِلاَّ بِعِوَضٍ غَالِبًا، فَفِي تَجْوِيزِ الْبَيْعِ وُصُولٌ إِلَى الْغَرَضِ وَدَفْعٌ لِلْحَاجَةِ (٢) .

هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الأَْصْلِيُّ لِلْبَيْعِ، وَلَكِنْ قَدْ تَعْتَرِيهِ أَحْكَامٌ أُخْرَى، فَيَكُونُ مَحْظُورًا إِذَا اشْتَمَل عَلَى مَا هُوَ مَمْنُوعٌ بِالنَّصِّ، لأَِمْرٍ فِي الصِّيغَةِ، أَوِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. وَكَمَا يَحْرُمُ الإِْقْدَامُ عَلَى مِثْل هَذَا الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لاَ يَقَعُ صَحِيحًا، بَل يَكُونُ بَاطِلًا أَوْ فَاسِدًا عَلَى الْخِلاَفِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَيَجِبُ فِيهِ التَّرَادُّ. عَلَى تَفْصِيلٍ يُعْرَفُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) وَفِي أَفْرَادِ الْبُيُوعِ الْمُسَمَّاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَفِي مُصْطَلَحَيْ (الْبَيْعُ الْبَاطِل، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ) .

وَقَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْكَرَاهَةَ، وَهُوَ مَا فِيهِ نَهْيٌ غَيْرُ جَازِمٍ وَلاَ يَجِبُ فَسْخُهُ، وَمَثَّل لَهُ الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِبَيْعِ السِّبَاعِ لاَ لأَِخْذِ جُلُودِهَا (٣) .

_________

(١) حديث: ". . . عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور. . . " أخرجه أحمد ٤ / ١٤١ ط الميمنية، وأورده الهيثمي في المجمع ٤ / ٦٠ ط القدسي، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه المسعودي وهو ثقة، ولكنه اختلط، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.

(٢) المغني والشرح الكبير ٤ / ٣، وكشاف القناع ٣ / ١٤٥، والمقدمات لابن رشد الجد ٣ / ٢١٣، وفتح القدير ٥ / ٧٣.

(٣) المراجع السابقة.

وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْبَيْعِ الْوُجُوبُ، كَمَنْ اضْطُرَّ إِلَى شِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ لِحِفْظِ الْمُهْجَةِ.

كَمَا قَدْ يَعْرِضُ لَهُ النَّدْبُ، كَمَنْ أَقْسَمَ عَلَى إِنْسَانٍ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً لاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي بَيْعِهَا فَتُنْدَبُ إِجَابَتُهُ؛ لأَِنَّ إِبْرَارَ الْمُقْسَمِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ مَنْدُوبٌ.

٧ - وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْبَيْعِ ظَاهِرَةٌ، فَهِيَ الرِّفْقُ بِالْعِبَادِ وَالتَّعَاوُنُ عَلَى حُصُول مَعَاشِهِمْ (١) .

تَقْسِيمُ الْبَيْعِ:

٨ - لِلْبَيْعِ تَقْسِيمَاتٌ عَدِيدَةٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، أَهَمُّهَا تَقْسِيمُهُ بِاعْتِبَارِ (الْمَبِيعِ) وَبِاعْتِبَارِ (الثَّمَنِ) مِنْ حَيْثُ طَرِيقَةُ تَحْدِيدِهِ، وَمِنْ حَيْثُ كَيْفِيَّةُ أَدَائِهِ. وَبِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ التَّكْلِيفِيِّ أَوِ الْوَضْعِيِّ (الأَْثَرُ) .

أَوَّلًا - تَقْسِيمُ الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ:

يَنْقَسِمُ الْبَيْعُ بِاعْتِبَارِ مَوْضُوعِ الْمُبَادَلَةِ فِيهِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ:

الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ:

٩ - وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ أَشْهَرُ الأَْنْوَاعِ، وَيُتِيحُ لِلإِْنْسَانِ الْمُبَادَلَةَ بِنُقُودِهِ عَلَى كُل مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الأَْعْيَانِ، وَإِلَيْهِ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ فَلاَ يَحْتَاجُ كَغَيْرِهِ إِلَى تَقْيِيدٍ.

بَيْعُ السَّلَمِ:

١٠ - وَهُوَ مُبَادَلَةُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ، أَوْ بَيْعُ شَيْءٍ مُؤَجَّلٍ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ (٢) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (سَلَم) .

_________

(١) حاشية العدوي ٢ / ١٢٥، ومحاسن الإسلام للبخاري الحنفي ص ٧٩.

(٢) المجلة مادة (١٢٣) .

بَيْعُ الصَّرْفِ:

١١ - وَهُوَ مُبَادَلَةُ الأَْثْمَانِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (صَرْف) .

وَيَخُصُّ الْمَالِكِيَّةُ الصَّرْفَ بِمَا كَانَ نَقْدًا بِنَقْدٍ مُغَايِرٍ وَهُوَ بِالْعَدِّ، فَإِنْ كَانَ بِنَقْدٍ مِنْ نَوْعِهِ فَهُوَ (مُرَاطَلَةً) وَهُوَ بِالْوَزْنِ (١)

بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ:

١٢ - وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي (مُقَايَضَة) .

ثَانِيًا - تَقْسِيمُ الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ طَرِيقَةِ تَحْدِيدِ الثَّمَنِ:

يَنْقَسِمُ الْبَيْعُ بِاعْتِبَارِ طَرِيقَةِ تَحْدِيدِ الثَّمَنِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ هِيَ:

بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ:

١٣ - وَهُوَ الْبَيْعُ الَّذِي لاَ يُظْهِرُ فِيهِ الْبَائِعُ رَأْسَ مَالِهِ.

بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ:

١٤ - بِأَنْ يَعْرِضَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ وَيَتَزَايَدَ الْمُشْتَرُونَ فِيهَا، فَتُبَاعُ لِمَنْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ الأَْكْثَرَ (٢) .

بُيُوعُ الأَْمَانَةِ:

١٥ - وَهِيَ الَّتِي يُحَدَّدُ فِيهَا الثَّمَنُ بِمِثْل رَأْسِ الْمَال، أَوْ أَزْيَدَ، أَوْ أَنْقَصَ. وَسُمِّيَتْ بُيُوعُ

_________

(١) الحطاب ٤ / ٢٢٦، والدسوقي ٣ / ٢.

(٢) ويقابله الشراء بالمناقصة، وهي أن يعرض المشتري شراء سلعة موصوفة بأوصاف معينة، فيتنافس الباعة في عرض البيع بثمن أقل، ويرسو البيع على من رضي بأقل سعر، ولم نطلع على ذكر له في كتب الفقه بعد التتبع، ولكنه يسري عليه ما يسري على المزايدة مع مراعاة التقابل.

الأَْمَانَةِ؛ لأَِنَّهُ يُؤْتَمَنُ فِيهَا الْبَائِعُ فِي إِخْبَارِهِ بِرَأْسِ الْمَال، وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:

أ - بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ، وَهُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يُحَدَّدُ فِيهِ الثَّمَنُ بِزِيَادَةٍ عَلَى رَأْسِ الْمَال. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (مُرَابَحَة) .

ب - بَيْعُ التَّوْلِيَةِ، وَهُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يُحَدَّدُ فِيهِ رَأْسُ الْمَال نَفْسُهُ ثَمَنًا بِلاَ رِبْحٍ وَلاَ خَسَارَةٍ. انْظُرْ مُصْطَلَحَ (تَوْلِيَة)

ج - بَيْعُ الْوَضِيعَةِ، أَوِ الْحَطِيطَةِ، أَوِ النَّقِيصَةِ: وَهُوَ بَيْعٌ يُحَدَّدُ فِيهِ الثَّمَنُ بِنَقْصٍ عَنْ رَأْسِ الْمَال، أَيْ بِخَسَارَةٍ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (وَضِيعَة) .

وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ لِجُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ فَيُسَمَّى بَيْعَ (الإِْشْرَاكِ) وَلاَ يَخْرُجُ عَنِ الأَْنْوَاعِ الْمُتَقَدِّمَةِ (١) .

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (إِشْرَاك - تَوْلِيَة) .

ثَالِثًا - تَقْسِيمُ الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ كَيْفِيَّةِ الثَّمَنِ:

١٦ - يَنْقَسِمُ الْبَيْعُ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ إِلَى:

أ - مُنْجَزِ الثَّمَنِ، وَهُوَ مَا لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَأْجِيل الثَّمَنِ، وَيُسَمَّى بَيْعَ النَّقْدِ، أَوِ الْبَيْعَ بِالثَّمَنِ الْحَال.

ب - مُؤَجَّل الثَّمَنِ، وَهُوَ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَأْجِيل الثَّمَنِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيل الْكَلاَمِ عَنْ هَذَا النَّوْعِ فِي مَبَاحِثِ الثَّمَنِ.

ج - مُؤَجَّل الْمُثَمَّنِ، وَهُوَ بَيْعُ السَّلَمِ، وَقَدْ سَبَقَتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ.

د - مُؤَجَّل الْعِوَضَيْنِ، وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (دَيْنٌ، وَبَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) (٢) .

_________

(١) رد المحتار ٤ / ٣، وفتح القدير ٥ / ٤٥٥.

(٢) فتح القدير ٥ / ٤٥٥.

الصفحة السابقة