الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥ الصفحة 14

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥

الْوُقُوعِ وَقَعَ فِي الْحَال، لأَِنَّ إِضَافَةَ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل أَوِ الْمُحَقَّقِ مَجِيئُهُ تَجْعَل النِّكَاحَ مُؤَقَّتًا، فَحِينَئِذٍ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ، فَيُنَجَّزُ الطَّلاَقُ. (١)

إِضَافَةُ تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ لِلْمُسْتَقْبَل:

١٢ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيَّةِ (بِنَاءً عَلَى قَوْلٍ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ فِي تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى التَّوْكِيل) إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِضَافَةُ تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل.

وَالْقَوْل الْجَدِيدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ، فَلاَ يُحْتَمَل الإِْضَافَةُ إِلَى الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّفْوِيضَ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ. (٢)

إِضَافَةُ الْخُلْعِ إِلَى الْوَقْتِ:

١٣ - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الْخُلْعِ إِلَى الْوَقْتِ. فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْل الْوَقْتِ، وَكَانَ يُرَادُ بِهِ التَّعْجِيل وَقَعَ الطَّلاَقُ بَائِنًا، وَاسْتَحَقَّ الزَّوْجُ الْعِوَضَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إِذَا طَلَّقَ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْخُلْعُ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلاَقُ،

_________

(١) البدائع ٤ / ١٨٣٨، ١٨٣٩ ط الإمام، وجواهر الإكليل ١ / ٣٥٠، ٣٥١، والدسوقي ٢ / ٣٨٩، ٣٩٠، ٤٠٦، ومواهب الجليل ٤ / ٦٦ - ٦٨، ٩١، ٩٢، وكشاف القناع ٥ / ٢٧٣ - ٢٧٥، والفروع ٣ / ٢١٤ - ٢٢٠، والقليوبي ٣ / ٣٢٩، ٣٥٠ - ٣٥٢، وشرح الروض ٣ / ٣٠٢، ومغني المحتاج ٣ / ٣١٣، والمهذب ٢ / ٨١.

(٢) تحفة المحتاج ٨ / ٢٣ - ٢٥، والمهذب ٢ / ٨١، والبدائع ٤ / ١٨٣٨ - ١٨٣٩، والدسوقي ٢ / ٤٠٦، ٤٠٧، وكشاف القناع ٥ / ٢٥٤، ٢٥٦.

وَلاَ شَيْءَ لِلزَّوْجِ. (١) وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي كَوْنِ هَذَا الطَّلاَقِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (خُلْعٌ) .

إِضَافَةُ الإِْيلاَءِ إِلَى الْوَقْتِ:

١٤ - الإِْيلاَءُ يَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى الْوَقْتِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ الإِْيلاَءَ يَمِينٌ، وَالْيَمِينُ يَحْتَمِل التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالإِْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ. (٢)

إِضَافَةُ الظِّهَارِ إِلَى الْوَقْتِ:

١٥ - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَعَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يَصِحُّ إِضَافَةُ الظِّهَارِ إِلَى الْوَقْتِ. وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِضَافَتُهُ إِلَى الْوَقْتِ. (٣) وَلَمْ نَجِدْ لِلشَّافِعِيَّةِ رَأْيًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

إِضَافَةُ الْيَمِينِ إِلَى الْوَقْتِ:

١٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ يَجُوزُ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ، مَعَ تَفْصِيلٍ ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِهِمْ. (٤) وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَانٌ) .

إِضَافَةُ النَّذْرِ إِلَى الْوَقْتِ:

١٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ إِضَافَةِ النَّذْرِ إِلَى وَقْتٍ

_________

(١) بدائع الصنائع ٤ / ١٨٩٣، والخرشي ٤ / ٢٥، وشرح روض الطالب ٣ / ٢٥٩، وكشاف القناع ٥ / ٣٣٥.

(٢) بدائع الصنائع ٤ / ١٩٣٨ ط الإمام، والخرشي ٤ / ٩٠، والقليوبي وعميرة ٤ / ١١ - ١٢.

(٣) بدائع الصنائع ٣ / ٢٣٢، والتاج والإكليل ٤ / ١١١، وكشاف القناع ٥ / ٣٧٣، وراجع في هذا مصطلح (ظهار) .

(٤) بدائع الصنائع ٣ / ١١ - ١٣، وبلغة السالك ١ / ٣٣٠، ٣٣١، ونهاية المحتاج ٨ / ١٧٠، وكشاف القناع ٦ / ٢٣٥.

مُسْتَقْبَلٍ، كَأَنْ يَقُول: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرَ رَجَبٍ، أَوْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ كَذَا، (١) عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (بَابِ النَّذْرِ) .

إِضَافَةُ الإِْجَارَةِ إِلَى الْوَقْتِ:

١٨ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الإِْجَارَةِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل فِي الْجُمْلَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَةٌ) (٢) .

إِضَافَةُ الْمُضَارَبَةِ إِلَى الْمُسْتَقْبَل:

١٩ - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ إِضَافَةَ الْمُضَارَبَةِ إِلَى الْوَقْتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ الْجَوَازِ. (٣) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (مُضَارَبَةٌ) .

إِضَافَةُ الْكَفَالَةِ:

٢٠ - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِضَافَةَ الْكَفَالَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْمَال أَمْ فِي الْبَدَنِ، لأَِنَّهَا تَبَرُّعٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَضَرْبُ أَجَلٍ لَهَا لاَ يُخِل بِالْمَقْصُودِ، فَصَحَّتْ كَالنَّذْرِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ تَجُوزُ إِضَافَتُهَا أَوْ تَعْلِيقُهَا إِنْ كَانَتْ فِي الْمَال اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ فِي الْبَدَنِ عَلَى

_________

(١) بدائع الصنائع ٥ / ٩٣ - ٩٥، ومواهب الجليل ٣ / ٣٣٧، ٣٣٨، ومغني المحتاج ٤ / ٣٥٤، ٣٦١، وكشاف القناع ٦ / ٢٨٠.

(٢) الزيلعي ٥ / ١٤٨، والدسوقي ٤ / ١٢، وقليوبي ٣ / ٧١، وكشاف القناع ٤ / ٥ - ٧.

(٣) تبيين الحقائق ٥ / ١٤٨، وحاشية الطحطاوي ٣ / ٣٦٥، وشرح منح الجليل ٣ / ٦٧٠، وحاشية قليوبي وعميرة ٣ / ٥٣، ونهاية المحتاج ٥ / ٢٢٣، وكشاف القناع ٣ / ٤٢٧.

الأَْصَحِّ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا تَجُوزُ (١) وَتَفْصِيل آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (كَفَالَةٌ) .

إِضَافَةُ الْوَقْفِ:

٢١ - يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِضَافَةُ الْوَقْفِ إِلَى الْوَقْتِ. وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُجِيزُونَ إِضَافَتَهُ، إِلاَّ أَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ إِضَافَةَ الْوَقْفِ إِذَا أَشْبَهَ التَّحْرِيرَ، كَمَا لَوْ جَعَل دَارَهُ مَسْجِدًا إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، حَيْثُ جَعَلَهَا مُحَرَّرَةً مِنْ كُل مِلْكٍ إِلاَّ لِلَّهِ ﷿. (٢)

إِضَافَةُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ:

٢٢ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ إِضَافَةَ الْمُعَامَلَةِ (الْمُسَاقَاةُ) إِلَى الْمُسْتَقْبَل جَائِزَةٌ. وَأَمَّا الْمُزَارَعَةُ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ قَبُولَهَا الإِْضَافَةَ. لأَِنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُعَامَلَةَ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى الإِْجَارَةِ، وَالإِْجَارَةُ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ فَكَذَلِكَ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ. (٣) وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَالِكِيَّةُ

_________

(١) تبيين الحقائق ٤ / ١٥٣، ٥ / ١٤٨، ورد المحتار على الدر المختار ٤ / ٢٥٥، وبدائع الصنائع ٦ / ٣، ومواهب الجليل ٥ / ١٠١، ومغني المحتاج ٢ / ٣٠٦، ومنتهى الإرادات ١ / ٤١٤، وكشاف القناع ٣ / ٣١٣، وراجع مصطلح (كفالة أو ضمان) .

(٢) تبيين الحقائق ٥ / ١٤٨، والفتاوى الهندية ٣ / ٣٠٥، ٤ / ٣٩٦، وحاشية الدسوقي ٤ / ٨٧، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٧٣، ومغني المحتاج ٢ / ٣٨٥، وحاشية قليوبي وعميرة ٣ / ١٠٣، والمغني مع الشرح الكبير ٦ / ٢٢١، وراجع مصطلح (وقف) .

(٣) تبيين الحقائق ٥ / ١٤٨، وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٧٣، ٣٧٧، ٥٤٢، وجواهر الإكليل ٣ / ١٢٣، ١٢٥، وروضة الطالبين ٥ / ١٧٠، ومغني المحتاج ٢ / ٣٢٦، وكشاف القناع ٣ / ٥٤٣.

إِلَى ذِكْرِ الْمُدَّةِ فِيهَا. وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ لاَ يَفْتَقِرَانِ لِلتَّصْرِيحِ بِمُدَّةٍ يَحْصُل الْكَمَال فِيهَا، بَل لَوْ زَارَعَهُ أَوْ سَاقَاهُ دُونَ أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً جَازَ، لأَِنَّ الرَّسُول ﷺ لَمْ يَضْرِبْ لأَِهْل خَيْبَرَ مُدَّةً. (١)

إِضَافَةُ الْوَصِيَّةِ وَالإِْيصَاءِ إِلَى الْوَقْتِ:

٢٣ - الْوَصِيَّةُ وَالإِْيصَاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي اللُّغَةِ، وَيُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الاِسْتِعْمَال، فَالإِْيصَاءُ مَعْنَاهُ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ، بِأَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْوَصِيَّةُ تَصَرُّفٌ مُضَافٌ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ تُسْتَعْمَل غَالِبًا فِي الأَْمْوَال. وَيَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالإِْيصَاءَ يَقْبَلاَنِ الإِْضَافَةَ إِلَى الْوَقْتِ. (٢)

إِضَافَةُ الْوَكَالَةِ إِلَى الْوَقْتِ:

٢٤ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ تَفْرِيعَاتِ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الْوَكَالَةِ إِلَى الْوَقْتِ. قَال صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: رُكْنُ التَّوْكِيل قَدْ يَكُونُ مُضَافًا إِلَى وَقْتٍ، بِأَنْ يَقُول وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ هَذِهِ الدَّارِ غَدًا، وَيَصِيرُ وَكِيلًا فِي الْغَدِ فَمَا بَعْدَهُ، وَلاَ يَكُونُ وَكِيلًا قَبْل الْغَدِ، لأَِنَّ التَّوْكِيل إِطْلاَقُ التَّصَرُّفِ، وَالإِْطْلاَقَاتُ مِمَّا تَحْتَمِل التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ

_________

(١) كشاف القناع ٣ / ٥٤٣، وراجع مصطلح (مزارعة) و(مساقاة) .

(٢) تبيين الحقائق ٥ / ١٤٨، والفتاوى الهندية ٤ / ٣٩٦، والخرشي ٨ / ١٩١، وجواهر الإكليل ٢ / ٣٣٥، وحاشية الدسوقي ٤ / ٤٥١، ومغني المحتاج ٣ / ٣٩ ط الحلبي، وكشاف القناع ٤ / ٣٥١، ٣٩٥.

وَالإِْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ، كَالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ. (١)

الْعُقُودُ الَّتِي لاَ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْمُسْتَقْبَل:

٢٥ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ عُقُودَ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ عَلَى مَالٍ، وَالرَّجْعَةِ، وَالْقِسْمَةِ لاَ تَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى الْمُسْتَقْبَل. وَمِثْلُهَا الشَّرِكَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَمْ يُعْثَرْ لِلآْخَرِينَ عَلَى قَوْلٍ فِيهَا. (٢) وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ قَبُول النِّكَاحِ لِلإِْضَافَةِ الصُّورَةَ التَّالِيَةَ: لَوْ أَضَافَ الأَْبُ نِكَاحَ ابْنَتِهِ إِلَى مَوْتِهِ، وَكَانَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا أَمْ لاَ، طَال أَوْ قَصُرَ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ إِذَا مَاتَ مِنْهُ، لأَِنَّهُ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ. (٣) وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْهِبَةِ لاَ يَقْبَل الإِْضَافَةَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، ذَكَرُوهَا فِي مَوْضِعِهَا. (٤) وَلِلتَّفْصِيل وَبَيَانِ الأَْدِلَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَوْضُوعَاتِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحَاتِهَا.

_________

(١) بدائع الصنائع ٦ / ٣٠، والفتاوى الهندية ٤ / ٣٩٦، وتبيين الحقائق ٥ / ١٤٨، ومواهب الجليل ٥ / ١٩٦، وجواهر الإكليل ٢ / ١٣٧، وحاشية الدسوقي ٣ / ٣٨٣، ونهاية المحتاج ٥ / ٢٨، ٢٩، وقليوبي وعميرة، ٢ / ٣٤٠، ٣٤١، وكشاف القناع ٣ / ٤٦٣، وراجع مصطلح (وصية) .

(٢) الزيلعي ٥ / ١٤٨، ١٤٩، والفتاوى الهندية ٤ / ٣٩٦، والقليوبي ٢ / ٣٠٦، ٣٣٢، ٤ / ٣، وجواهر الإكليل ١ / ١٦٤، ٢ / ١٠٢، ١١٥ - ١٢٣، والدسوقي ٢ / ٢٣٩، ٤٢٠، ٣ / ٤٩٨ - ٥١٧، وكشاف القناع ٣ / ٥٠٦، ٥٠٧، ٥ / ٣٤٣، والفروع ٣ / ٨٤٦ - ٨٥٦.

(٣) الدسوقي ٢ / ٢٢٤، والمواق بهامش الحطاب ٣ / ٤٢٨.

(٤) الزيلعي ٥ / ١٤٨، والقليوبي ٣ / ١١١، وجواهر الإكليل ٢ / ٢١٢، وكشاف القناع ٤ / ٢٩٩.

النَّوْعُ الثَّانِي

الإِْضَافَةُ إِلَى الشَّخْصِ

٢٦ - التَّصَرُّفَاتُ إِمَّا أَنْ يُضِيفَهَا مُبَاشِرُهَا إِلَى نَفْسِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُضِيفَهَا إِلَى غَيْرِهِ.

أ - إِضَافَةُ التَّصَرُّفِ إِلَى الْمُبَاشِرِ نَفْسِهِ:

٢٧ - الأَْصْل أَنْ يُضِيفَ مُبَاشِرُ التَّصَرُّفِ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ إِلَى نَفْسِهِ، وَأَنْ يُبَاشِرَ الْعَقْدَ مَنْ يَمْلِكُ السِّلْعَةَ، وَكَذَلِكَ الطَّلاَقُ، فَإِنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهُ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ، فَإِنْ صَدَرَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَقَعُ.

ب - إِضَافَةُ الْمُبَاشِرِ التَّصَرُّفَ إِلَى غَيْرِهِ:

٢٨ - إِذَا أَضَافَ الْمُبَاشِرُ التَّصَرُّفَ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الإِْضَافَةُ بِإِذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنْ أُضِيفَ بِإِذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَالْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، فَمَنْ وَكَّل غَيْرَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ طَلاَقٍ أَوْ إِيصَال هِبَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، فَإِنَّ التَّوْكِيل يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَكِّل فِيمَا وَكَّل بِهِ، وَتَصَرُّفَاتُ الْوَكِيل مُعْتَبَرَةٌ. (١) وَأَمَّا إِنْ أُضِيفَ التَّصَرُّفُ إِلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، فَإِنْ كَانَ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَذَلِكَ كَتَصَرُّفِ الْوَصِيِّ فِي شَأْنِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَنْ أَوْصَى غَيْرَهُ لِيَقُومَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي رِعَايَةِ أَبْنَائِهِ لاَ يَحْتَاجُ الْوَصِيُّ فِي تَصَرُّفَاتِهِ إِلَى إِذْنِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ، لأَِنَّهُمْ تَحْتَ وِصَايَتِهِ، فَتَصَرُّفَاتُهُ - أَيِ الْوَصِيِّ - تَنْفُذُ عَلَيْهِمْ عَمَلًا بِكَلاَمِ الْمُوصِي. (٢)

_________

(١) راجع مصطلح (وكالة) .

(٢) راجع مصطلح (وصية) .

وَمِثْل الْوَصِيَّةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْوِلاَيَةُ. فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِ الْوَلِيِّ تَنْفُذُ عَلَى مَنْ لَهُ الْوِلاَيَةُ عَلَيْهِمْ وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِهِمْ. (١) وَكَذَلِكَ الْقَيِّمُ الَّذِي يُعِينُهُ الْقَاضِي، فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِهِ صَحِيحَةٌ، وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ مَنْ لَهُ الْقِوَامَةُ عَلَيْهِ. ٢٩ - وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْغَيْرِ فَهُوَ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِلاَ إِذْنٍ وَلاَ وِصَايَةٍ وَلاَ وِلاَيَةٍ وَلاَ قِوَامَةٍ فِي بَيْعٍ وَغَيْرِهِ. وَفِي صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - عَلَى قَوْلٍ عِنْدَهُمْ - وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّ الْفُضُولِيَّ إِذَا تَصَرَّفَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ وَإِلاَّ فَلاَ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - عَلَى قَوْلٍ عِنْدَهُمْ - وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ بِالْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ بَاطِلٌ، حَتَّى وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ. وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَيَصِحُّ إِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمُشْتَرِي مَنِ اشْتَرَى لَهُ فِي الْعَقْدِ، بِأَنْ قَال: اشْتَرَيْتُ هَذَا، وَلَمْ يَقُل: لِفُلاَنٍ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ، سَوَاءٌ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ مَال الَّذِي اشْتَرَى لَهُ، أَوْ مِنْ مَال نَفْسِهِ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، لأَِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّصَرُّفِ، وَاَلَّذِي نَقَدَهُ إِنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَهُمْ - إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ بِالْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ بَاطِلٌ فِي الْعَقَارِ

_________

(١) راجع مصطلح (ولاية) .

وَجَائِزٌ فِي الْعُرُوضِ، أَيْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَنْقُولاَتِ دُونَ غَيْرِهَا كَالأَْرَاضِيِ وَالْبُيُوتِ (١) .

إِضْجَاعٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الإِْضْجَاعُ مَصْدَرُ أَضْجَعَ، يُقَال: أَضْجَعْتُهُ إِضْجَاعًا: وَضَعْتُ جَنْبَهُ بِالأَْرْضِ. (٢) وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الاِصْطِلاَحِ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الاِضْطِجَاعُ:

٢ - الاِضْطِجَاعُ وَضْعُ الإِْنْسَانِ جَنْبَهُ عَلَى الأَْرْضِ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ لاَزِمٌ، وَالاِضْطِجَاعُ مُتَعَدٍّ. (٣) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِْضْجَاعِ، أَنَّ الإِْضْجَاعَ يُقَال فِيمَنْ ضَجَعَ نَفْسَهُ. أَمَّا الإِْضْجَاعُ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِفِعْل الْغَيْرِ لَهُ. وَالاِضْطِجَاعُ فِي السُّجُودِ أَنْ يَتَضَامَّ فِيهِ وَلاَ يُجَافِي بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ (٤) .

_________

(١) بدائع الصنائع ٦ / ٣٠١٥ ط الإمام، وحاشية ابن عابدين ٤ / ١٤٠ ط الأميرية، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ١٢ ط دار الفكر، وجواهر الإكليل ٢ / ٥ ط دار المعرفة، وحاشية قليوبي وعميرة ٢ / ١٦٠ ط دار إحياء الكتب العربية، ونهاية المحتاج ٣ / ٣٨٩، ٣٩٠ ط المكتبة الإسلامية، وكشاف القناع ٣ / ١٥٧ ط مكتبة النصر، ومطالب أولي النهى ٣ / ١٩ ط المكتب الإسلامي، وانظر مصطلح (بيع الفضولي) .

(٢) تاج العروس ولسان العرب، والمصباح المنير. مادة (ضجع) .

(٣) لسان العرب، والمصباح المنير في المادة.

(٤) لسان العرب في المادة، والمغرب للمطرزي، وقواعد الفقه، لمحمد المجددي ص ١٨٣، طبع دكة، المدرسة العالية.

ب - اسْتِلْقَاءٌ:

٣ - الاِسْتِلْقَاءُ: النَّوْمُ عَلَى الْقَفَا (١) .

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:

٤ - يُفَصِّل الْفُقَهَاءُ فِي (الذَّبَائِحِ) حُكْمَ إِضْجَاعِ الذَّبِيحَةِ وَإِرَاحَتِهَا، وَيَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ آثَارٍ، وَلأَِنَّ فِيهِ إِرَاحَةً لِلذَّبِيحَةِ وَتَخْفِيفًا عَنْهَا. كَمَا يَتَكَلَّمُ الْفُقَهَاءُ عَلَى الإِْضْجَاعِ فِي الْجَنَائِزِ عِنْدَ احْتِضَارِ الشَّخْصِ، وَعِنْدَ دَفْنِهِ حَيْثُ يُسَنُّ إِضْجَاعُهُ عَلَى جَنْبِهِ الأَْيْمَنِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ، وَهَذَا مَوْضِعُ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الآْثَارِ (ر: جِنَازَةٌ) (٢)

_________

(١) لسان العرب في مادة (لقى) .

(٢) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٣٠٥، والفتاوى الهندية ١ / ١٥٧ - ١٦٦ ط بولاق، والمغني ٢ / ٤٤٨ - ٤٥١ ط الرياض، ومواهب الجليل ٢ / ٢١٩، ٢٣٣ ط دار الفكر، ونهاية المحتاج ٢ / ٢٦٦ ط المكتبة الإسلامية.