الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٥
هـ - الحكم بغير ما أنزل الله مع استحلال ذلك
أنواع الأشربة المسكرة وحقيقة كل نوع
النوع الثاني الأشربة المسكرة الأخرى
النوع الأول الأشربة المتخذة من العنب وهي
الأول تحريم شربها قليلها وكثيرها
حكم المطبوخ من نبيذ التمر ونقيع الزبيب وسائر الأنبذة
تفصيلات لبعض المذاهب في بعض الأشربة
(الثاني) من أحكام الخمر أنه يكفر مستحلها
تخليل الخمر بنقلها، أو بخلطها بخل
رجوع الأجنبي بقيمة ما جهز به الميت إذا أشهد
الإشهاد عند الامتناع عن تسليم وثيقة الدين
الإشهاد على دفع المال إلى الصغير بعد بلوغه
الإشهاد على رد الوديعة إلى مالكها
الإشهاد عند قيام بعض الأعذار بالمودع
قيام الإشهاد مقام القبض في الهبة
الإشهاد على بناء الإنسان لنفسه في أرض الوقف
الإشهاد بالباطل للتوصل إلى الحق
الإشهاد بالإنفاق على من لا تجب عليه النفقة ليرجع بما أنفق
الإشهاد على الحائط المائل للضمان
ثمرة الخلاف في تحديد أشهر الحج
هل نسخ القتال في الأشهر الحرم؟
تخليل أصابع اليدين والرجلين في الوضوء
الأصول بمعنى الدور والأشجار في مقابل المنفعة والثمرة
أصل المسألة عند الفقهاء والأصوليين
التصرفات التي تقبل الإضافة إلى الوقت
العقود التي لا تصح إضافتها إلى المستقبل
النوع الثاني الإضافة إلى الشخص
النوع الأول شروط الأضحية في ذاتها
الشرط الأول أن تكون من الأنعام
الشرط الثاني أن تبلغ سن التضحية
الشرط الثالث سلامتها من العيوب الفاحشة
طروء العيب المخل بعد تعيين الأضحية
الشرط الرابع أن تكون مملوكة للذابح
النوع الثاني شرائط ترجع إلى المضحي
الشرط الثاني أن تكون النية مقارنة للذبح
الشرط الثالث ألا يشارك المضحي فيما يحتمل الشركة من لا يريد القربة رأسا
ما يرجع إلى الأضحية من المستحبات والمكروهات عند التضحية
ما يستحب في التضحية من أمور ترجع إلى المضحي
ما يرجع إلى وقت التضحية من المستحبات والمكروهات
ويكره للمضحي بعد الذبح عند الحنفية، أمور
مقدار الإطعام الواجب في الكفارة
المناسبات التي يستحب الإطعام فيها
السبب الأول الضرر اللاحق بالبدن أو العقل
السبب الرابع الاستقذار عند ذوي الطباع السليمة
السبب الخامس عدم الإذن شرعا لحق الغير
النوع الثالث الحيوانات المفترسة
النوع الرابع كل وحش ليس له ناب يفترس به وليس من الحشرات
النوع الخامس كل طائر له مخلب صائد
النوع السادس الطائر الذي لا يأكل إلا الجيف غالبا
النوع السابع كل طائر ذي دم سائل، وليس له مخلب صائد، وليس أغلب أكله الجيف
النوع الثاني عشر المتولدات، ومنها البغال
النوع الثالث عشر كل حيوان لم يعرفه العرب في أمصارهم
ما يحرم أو يكره من الحيوان المأكول لسبب عارض
وجود حيوان الصيد في نطاق الحرم المكي
السبب العارض الموجب للكراهة (الحيوانات الجلالة)
العضو المبان من المذكى المأكول بعد تمام تذكيته وقبل زهوق روحه
تفصيل المحرمات التي تبيحها الضرورة
شروط إباحة الميتة ونحوها للمضطر
(أولا) - الشروط العامة المتفق عليها
(ثانيا) - الشروط العامة المختلف فيها
توفير الأظفار للمجاهدين في بلاد العدو
أثر الوسخ المتجمع تحت الأظفار في الطهارة
إظهار المرء غير ما يبطن في العقائد
وقوع الفعل غير صحيح لعدم توفر شروط صحته
استحقاق العارية، وتلف المستعار المستحق، ونقصانه
الإعانة في دفع الضرر عن المسلمين
الخروج لقضاء الحاجة والوضوء والغسل الواجب
الخروج لعيادة المرضى وصلاة الجنازة
الإعذار إلى الممتنع من الإنفاق على زوجته
الإعذار إلى المعسر بمعجل المهر
من له حق الإعذار؟ وبم يكون؟ وجزاء الممتنع
أولا آثار الإعسار في حقوق الله المالية
أثر الإعسار في منع وجوب الحج ابتداء
ثانيا آثار الإعسار في حقوق العباد
الإعسار بأجرة الأجير وأجرة البيت ونحوه
إعسار المدين بما وجب عليه من الدين. وهل يحبس بذلك أم لا؟
الإعسار بدفع الجزية (الجزية المفروضة، والجزية المصالح عليها)
إعسار الدولة بالتكاليف الواجبة
أثر الإغماء في العبادات البدنية
أثر الإغماء في التصرفات القولية
هل يعتبر إغماء المعقود عليه عيبا
الصلاة على الثوب المفروش على النجاسة
المفاضلة بين كل من الإفراد والقران والتمتع
حالة وجوب الإفراد (وجوبه في حق المكي)
ما يفترق به المفرد عن المتمتع والقارن
أثر الشروط الفاسدة في إفساد العقد
أثر الإفساد في التوارث بين الزوجين
النوع الأول ما أمر الشرع بكتمانه
النوع الثاني ما طلب صاحبه كتمانه
ما يجوز فيه الستر والإفشاء، والستر أفضل
إشهار الحجر بالإفلاس والإشهاد عليه
إمضاء التصرفات السابقة على الحجر أو إلغاؤها
حكم ما يلزم المفلس من الحقوق في مدة الحجر
الأثر الثالث - حلول الدين المؤجل
الأثر الرابع مدى استحقاق الغريم أخذ عين ماله إن وجدها
الرجوع فيما قبضه المدين بغير الشراء
الرجوع في الأرض بعد البناء فيها أو غرسها
الأثر الخامس من آثار الحجر على المفلس بيع الحاكم ماله
الإنفاق على المفلس وعلى عياله مدة الحجر وقبل قسمة ماله على الغرماء
المبادرة بقسم مال المفلس بين غرمائه
كيفية قسمة مال المفلس بين غرمائه
ما يطالب به المفلس بعد قسمة ماله
ما يلزم المفلس من الديون بعد فك الحجر
الألفاظ التي تنعقد بها الإقالة
آثار اختلاف الفقهاء في حقيقة الإقالة
أولا - الإقالة بأقل أو أكثر من الثمن
ثانيا - الشفعة فيما يرد بالإقالة
أبو وائل (١ - ٨٢ هـ وقيل غير ذلك)
أبو واقد الليثي (؟ - ٦٨ وقيل ٧٥هـ)
عبد الملك بن يعلى. قاضي البصرة (؟ - مات بعد المائة)
إِشْرَافٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الإِْشْرَافُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَشْرَفَ، أَيِ اطَّلَعَ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ أَعْلَى (١) .
وَإِشْرَافُ الْمَوْضِعِ: ارْتِفَاعُهُ، وَالإِْشْرَافُ: الدُّنُوُّ وَالْمُقَارَبَةُ.
وَانْطِلاَقًا مِنَ الْمَعْنَى الأَْوَّل أَطْلَقَ الْمُحَدِّثُونَ كَلِمَةَ إِشْرَافٍ عَلَى " الْمُرَاقَبَةِ الْمُهَيْمِنَةِ " (٢) .
وَهُوَ مَعْنًى اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ كَالْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ الأُْخْرَى. فَقَدِ اسْتَعْمَلُوهُ فِي مُرَاقَبَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمُ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الْعُلُوِّ:
أ - إِشْرَافُ الْقَبْرِ:
٢ - لاَ يَحِل أَنْ يَكُونَ الْقَبْرُ مُشْرِفًا بِالاِتِّفَاقِ، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الأَْسَدِيِّ قَال: قَال لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَلاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ
_________
(١) لسان العرب، والصحاح، مادة: (شرف) .
(٢) انظر: المرجع للعلايلي مادة: (شرف) .
رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَلاَّ تَدَعَ تِمْثَالًا إِلاَّ طَمَسْتَهُ، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ (١)
وَفِي اعْتِبَارِ تَسْنِيمِ الْقَبْرِ إِشْرَافًا خِلاَفٌ تَجِدُهُ مُفَصَّلًا فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (٢) .
ب - إِشْرَافُ الْبُيُوتِ:
٣ - يُبَاحُ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَعْلُوَ بِبِنَائِهِ مَا شَاءَ بِشَرْطَيْنِ:
الأَْوَّل: أَلاَّ يَضُرَّ بِغَيْرِهِ، كَمَنْعِ النُّورِ أَوِ الْهَوَاءِ عَنِ الْغَيْرِ (٣) .
الثَّانِي: أَلاَّ يَكُونَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ ذِمِّيًّا، فَيُمْنَعُ مِنْ تَطْوِيل بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ، لِيَتَمَيَّزَ الْبِنَاءَانِ، وَلِئَلاَّ يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِ (٤) . وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الاِطِّلاَعِ مِنْ أَعْلَى:
٤ - يُمْنَعُ الشَّخْصُ مِنَ الإِْشْرَافِ عَلَى دَارِ غَيْرِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلِذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَفْتَحَ فِي جِدَارِهِ كُوَّةً يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ وَعِيَالِهِ (٥) .
٥ - أَمَّا الإِْشْرَافُ عَلَى الْكَعْبَةِ وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرُبَاتِ، وَالسَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَصْعَدُ عَلَى الصَّفَا وَعَلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى يُشْرِفَ عَلَى الْكَعْبَةِ،
_________
(١) حديث: " ألا تدع تمثالا إلا طمسته. . . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ٦٦٦ ط عيسى الحلبي) .
(٢) مطالب أولي النهى ١ / ٩١٠ طبع المكتب الإسلامي، وجواهر الإكليل ١ / ١١١ طبع شقرون، وحاشية قليوبي ١ / ٣٤١ طبع مصطفى الحلبي، وحاشية ابن عابدين ١ / ٦٠١.
(٣) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣٦١ الطبعة البولاقية الأولى.
(٤) أسنى المطالب ٢ / ٢٢٠، ٤ / ٢٢٠ طبع المكتبة الإسلامية، وحاشية ابن عابدين ٣ / ٢٧٦، والمغني ٨ / ٥٣٢.
(٥) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣٦١.
كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الْمُرَاقَبَةِ الْمُهَيْمِنَةِ:
٦ - إِقَامَةُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الإِْشْرَافِ وَاجِبٌ تَحْقِيقًا لِلْمَصَالِحِ الَّتِي هِيَ مَقْصِدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّارِعِ، وَيَتَجَلَّى ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أ - الْوِلاَيَةُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ وِلاَيَةً عَامَّةً كَوِلاَيَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْقَاضِي، وَنَحْوِهِمَا، أَمْ وِلاَيَةً خَاصَّةً كَوِلاَيَةِ الأَْبِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ، كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي مَبْحَثِ (وِلاَيَةٌ) .
ب - الْوِصَايَةُ: كَالْوِصَايَةِ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَبْحَثِ (الْحَجْرِ) .
ج - الْقِوَامَةُ: كَقِوَامَةِ الرَّجُل عَلَى زَوْجَتِهِ، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَبْحَثِ (النِّكَاحِ) .
د - النِّظَارَةُ: كَنَاظِرِ الْوَقْفِ، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
الإِْشْرَافُ بِمَعْنَى الْمُقَارَبَةِ وَالدُّنُوِّ:
٧ - يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْشْرَافِ بِهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ مِنَ الأَْحْكَامِ، ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي أَبْوَابِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ عَلَى
سَبِيل الْمِثَال لاَ الْحَصْرِ:
أ - عَدَمُ أَكْل الذَّبِيحَةِ إِذَا ذُبِحَتْ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ مُبَيَّنٍ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ (التَّذْكِيَةُ) .
ب - وُجُوبُ إِنْقَاذِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ كَالْغَرِيقِ وَنَحْوِهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ إِنْقَاذُهُ.
ج - وُجُوبُ الاِنْتِفَاعِ بِاللُّقَطَةِ إِذَا أَشْرَفَتْ عَلَى التَّلَفِ. كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي كِتَابِ (اللُّقَطَةِ) .
إِشْرَاكٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الإِْشْرَاكُ: مَصْدَرُ أَشْرَكَ، وَهُوَ اتِّخَاذُ الشَّرِيكِ، يُقَال أَشْرَكَ بِاَللَّهِ: جَعَل لَهُ شَرِيكًا فِي مُلْكِهِ، وَالاِسْمُ الشِّرْكُ (١) . قَال اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ لُقْمَانَ: ﴿يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاَللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (٢) هَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ.
كَمَا يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْكُفْرِ الشَّامِل لِجَمِيعِ الْمِلَل غَيْرِ الإِْسْلاَمِ. فَالشِّرْكُ أَخَصُّ مِنَ الْكُفْرِ عَلَى الإِْطْلاَقِ الْعَامِّ، فَكُل شِرْكٍ كُفْرٌ وَلاَ عَكْسَ.
كَمَا يُطْلَقُ الإِْشْرَاكُ عَلَى مُخَالَطَةِ الشَّرِيكَيْنِ. يُقَال: أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي الأَْمْرِ أَوِ الْبَيْعِ: جَعَلَهُ لَهُ شَرِيكًا. كَمَا يُقَال: تَشَارَكَ الرَّجُلاَنِ، وَاشْتَرَكَا، وَشَارَكَ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ (٣) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحَيْ (تَوْلِيَةٍ، وَشَرِكَةٍ) .
الإِْشْرَاكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى:
٢ - الإِْشْرَاكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ، وَكُلُّهُ مَذْمُومٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ أَكْبَرَ مِنْ بَعْضٍ.
وَالشِّرْكُ لَهُ مَرَاتِبُ، فَمِنْهُ الشِّرْكُ الأَْكْبَرُ، وَمِنْهُ الأَْصْغَرُ، وَهُوَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ.
أ - الشِّرْكُ الأَْكْبَرُ: وَهُوَ اتِّخَاذُ الشَّرِيكِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي
_________
(١) لسان العرب والمصباح المنير مادة: (شرك) .
(٢) سورة لقمان / ١٣.
(٣) شرح الروض مع حاشية الرملي ٣ / ١٦٣
أُلُوهِيَّتِهِ أَوْ عِبَادَتِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (١) وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَال: أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَكَ (٢)
ب - الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ وَهُوَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ: وَهُوَ مُرَاعَاةُ غَيْرِ اللَّهِ فِي الْعِبَادَةِ. مِثْل الرِّيَاءِ وَالنِّفَاقِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (٣) قَال ابْنُ حَجَرٍ: نَزَلَتْ فِيمَنْ يَطْلُبُ الْحَمْدَ وَالأَْجْرَ بِعِبَادَاتِهِ وَأَعْمَالِهِ. وَقَوْل رَسُول اللَّهِ: إِنَّ أَدْنَى الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَأَحَبُّ الْعَبِيدِ إِلَى اللَّهِ الأَْتْقِيَاءُ الأَْسْخِيَاءُ الأَْخْفِيَاءُ (٤) وَقَوْلُهُ ﵇ (٥): إِنَّ
_________
(١) سورة لقمان / ١٣.
(٢) حديث: " أي الذنب أعظم؟ . . . . . " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ (فتح الباري ٨ / ٤٩٢ ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ١ / ٩٠ ط عيسى الحلبي) .
(٣) سورة الكهف / ١١٠.
(٤) حديث: " إن أدنى الرياء شرك. . . . . " أخرجه الحاكم وابن ماجه من حديث معاذ بن جبل ﵁ مرفوعا بلفظ " إن اليسير من الرياء شرك، وإن من عادى ولي الله فقد بارز الله تعالى بالمحاربة، وإن الله يحب الأتقياء الأخفياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي. وقال الحافظ البوصيري تعليقا على إسناد ابن ماجه: في إسناده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف (المستدرك ٤ / ٣٢٨ نشر دار الكتاب العربي، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ١٣٢٠ - ١٣٢١ ط عيسى الحلبي) .
(٥) حديث: " إن أخوف ما أتخوف على أمتي الإشراك بالله. . . . . . " أخرجه ابن ماجه بهذا اللفظ من حديث شداد بن أوس مرفوعا. قال الحافظ البوصيري: في إسناده عامر بن عبد الله، لم أر من تكلم فيه. وباقي رجال الإسناد ثقات. وأخرجه أحمد والحاكم عن طريق عبد الواحد بن زيد من حديث شداد بن أوس مطولا ضمن قصة. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: عبد الواحد متروك. علما بأن إسناد ابن ماجه ليس فيه عبد الواحد (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٢ / ١٤٠٦ ومسند أحمد بن حنبل ٤ / ١٢٤ نشر المكتب الإسلامي، والمستدرك ٤ / ٣٣٠ نشر دار الكتاب العربي، والفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ١٩ / ٢٢٠) .
أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الإِْشْرَاكُ بِاَللَّهِ، أَمَا أَنِّي لَسْتُ أَقُول يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلاَ قَمَرًا وَلاَ وَثَنًا، وَلَكِنْ أَعْمَالًا لِغَيْرِ اللَّهِ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً
مَا يَكُونُ بِهِ الشِّرْكُ:
٣ - يَكُونُ الشِّرْكُ بِأُمُورٍ يَتَنَوَّعُ اسْمُهُ بِحَسَبِهَا إِلَى مَا يَأْتِي:
أ - شِرْكُ الاِسْتِقْلاَل، وَهُوَ إِثْبَاتُ إِلَهَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ كَشِرْكِ الثَّنَوِيَّةِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ إِلَهَيْنِ.
ب - شِرْكُ التَّبْعِيضِ، وَهُوَ اعْتِقَادُ أَنَّ الإِْلَهَ مُرَكَّبٌ مِنْ آلِهَةٍ، كَشِرْكِ النَّصَارَى الْقَائِلِينَ بِالأَْقَانِيمِ الثَّلاَثَةِ، وَشِرْكِ الْبَرَاهِمَةِ.
ج - شِرْكُ التَّقْرِيبِ، وَهُوَ عِبَادَةُ غَيْرِ اللَّهِ؛ لِيُقَرِّبَ إِلَى اللَّهِ زُلْفًى، كَشِرْكِ مُتَقَدِّمِي الْجَاهِلِيَّةِ.
د - شِرْكُ التَّقْلِيدِ، وَهُوَ عِبَادَةُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَبَعًا لِلْغَيْرِ، كَشِرْكِ مُتَأَخِّرِي الْجَاهِلِيَّةِ.
هـ - الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَل اللَّهُ مَعَ اسْتِحْلاَل ذَلِكَ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (١) وَقَدْ وَرَدَ أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ (٢) فَهُمْ لَمْ يَعْبُدُوهُمْ وَلَكِنْ شَرَعُوا لَهُمْ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ.
_________
(١) سورة التوبة / ٣١.
(٢) حديث: " أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ". أخرجه أحمد والترمذي وابن جرير وابن سعد، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في سننه أثرا عن عدي بن حاتم الطائي. قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. قال عبد القادر الأرناؤوط: لكن في الباب عن حذيفة موقوفا أخرجه الطبري (١٦٦٣٤) وربما يتقوى به (تحفة الأحوذي ٨ / ٤٩٢ - ٤٩٤، والدر المنثور ٣ / ٢٣٠ - ٢٣١ ط المطبعة الإسلامية بطهران، وتفسير الطبري بتحقيق محمود محمد شاكر ١٤ / ٢٠٩ - ٢١١ ط دار المعارف بمصر، وجامع الأصول بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط ٢ / ١٦١ نشر مكتبة الحلواني) .
وَشِرْكُ الأَْغْرَاضِ: وَهُوَ الْعَمَل لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
ز - شِرْكُ الأَْسْبَابِ: وَهُوَ إِسْنَادُ التَّأْثِيرِ لِلأَْسْبَابِ الْعَادِيَّةِ (١) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْكُفْرُ:
٤ - الْكُفْرُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى ضُرُوبٍ مِنَ الذُّنُوبِ، مِنْهَا الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَمِنْهَا الْجَحْدُ لِلنُّبُوَّةِ، وَمِنْهَا اسْتِحْلاَل مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَمِنْهَا إِنْكَارُ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. أَمَّا الشِّرْكُ فَهُوَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ، هُوَ اتِّخَاذُ إِلَهٍ مَعَ اللَّهِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ الشِّرْكُ عَلَى كُل كُفْرٍ عَلَى سَبِيل الْمُبَالَغَةِ.
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كُل شِرْكٍ كُفْرًا، وَلاَ يَكُونُ كُل كُفْرٍ شِرْكًا إِلاَّ عَلَى سَبِيل الْمُبَالَغَةِ (٢) .
ب - التَّشْرِيكُ:
٥ - التَّشْرِيكُ مَصْدَرُ: شَرَّكَ، وَهُوَ جَعْلُكَ الْغَيْرَ لَكَ
_________
(١) الكليات لأبي البقاء ٣ / ٧٠، وتلخيص كتابة الاستغاثة لابن تيمية ص ١٤٧، وشرح العقيدة الطحاوية ص ٨٥ ط المكتب الإسلامي.
(٢) الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري في مادة: (إلحاد، وشرك) .
شَرِيكًا فِي الأَْمْرِ أَوِ الْبَيْعِ (١) . فَهُوَ بِمَعْنَى الإِْشْرَاكِ. إِلاَّ أَنَّهُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ يَنْصَرِفُ الإِْشْرَاكُ إِلَى: اتِّخَاذِ شَرِيكٍ لِلَّهِ، وَالتَّشْرِيكُ: اتِّخَاذُكَ لِلْغَيْرِ شَرِيكًا فِي الْمَال أَوِ الأَْمْرِ.
صِفَتُهُ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ):
٦ - الإِْشْرَاكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى حَرَامٌ. وَحُكْمُ الأَْنْوَاعِ الْخَمْسَةِ الأُْولَى كُفْرُ مُرْتَكِبِهَا بِالإِْجْمَاعِ. وَحُكْمُ السَّادِسِ الْمَعْصِيَةُ مِنْ غَيْرِ كُفْرٍ بِالإِْجْمَاعِ. وَحُكْمُ السَّابِعِ التَّفْصِيل، فَمَنْ قَال فِي الأَْسْبَابِ الْعَادِيَّةِ: إِنَّهَا تُؤَثِّرُ بِطَبْعِهَا فَقَدْ حُكِيَ الإِْجْمَاعُ عَلَى كُفْرِهِ، وَمَنْ قَال إِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ (عَلَى سَبِيل الاِسْتِقْلاَل) بِقُوَّةٍ أَوْدَعَهَا اللَّهُ فِيهَا فَهُوَ فَاسِقٌ (&# x٦٦٢ ;) .
إِسْلاَمُ الْمُشْرِكِ:
٧ - يَدْخُل الْمُشْرِكُ كَغَيْرِهِ مِنِ الْكُفَّارِ فِي الإِْسْلاَمِ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ: ﷺ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ. (٣)
وَلَمْ تَشْتَرِطِ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ إِضَافَةَ شَيْءٍ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ، كَالتَّبَرِّي مِنْ كُل دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الإِْسْلاَمِ (٤)، إِلاَّ فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ. وَهُنَاكَ أُمُورٌ
_________
(١) المصباح المنير مادة: (شرك) .
(٢) الكليات لأبي البقاء ٣ / ٧١.
(٣) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. . . . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عمر ﵁ مرفوعا (فتح الباري ٣ / ٢٦٢ ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ١ / ٥١، ٥٢ ط عيسى الحلبي) .
(٤) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٣٥، ٣ / ٢٨٦، ٢٨٧، وجواهر الإكليل ١ / ٢٢، وحاشية الدسوقي ١ / ١٣٠، ١٣١، والمغني ٨ / ١٤٢، ونهاية المحتاج ٧ / ٢٩٩.
أُخْرَى يَدْخُل بِهَا الْمُشْرِكُ فِي الإِْسْلاَمِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ كُلُّهُ تَحْتَ عُنْوَانِ (إِسْلاَمٌ) .
نِكَاحُ الْمُشْرِكِ وَالْمُشْرِكَةِ:
٨ - أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا بَيْنَهُمْ الأَْصْل فِيهَا الصِّحَّةُ، وَأَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَيْهَا (١)، وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحَا: (نِكَاحٌ، وَكُفْرٌ) .
وَلاَ يَخْتَلِفُ نِكَاحُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنِ الْكُفَّارِ أَهْل الْكِتَابِ إِلاَّ فِي أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ كِتَابِيَّةً فَلَهُ اسْتِدَامَةُ نِكَاحِهَا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَتْ مُشْرِكَةً غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ، وَانْظُرِ التَّفْصِيل تَحْتَ عِنْوَانِ (نِكَاحٌ) .
الاِسْتِعَانَةُ بِالْمُشْرِكِينَ فِي الْجِهَادِ:
٩ - الْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِ هُنَا مَا يَعُمُّ كُل كَافِرٍ، فَيُنْظَرُ: إِنْ خَرَجَ لِلْخِدْمَةِ، كَسَائِقِ سَيَّارَةٍ وَنَحْوِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا.
أَمَّا إِذَا خَرَجَ لِلْقِتَال فَهُنَاكَ ثَلاَثَةُ اتِّجَاهَاتٍ:
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ خُرُوجُهُ بِدَعْوَةٍ أَمْ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ فِي حَرْبِهِ (٢)، كَمَا رُوِيَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ، فَأَسْهَمَ لَهُ. (٣)
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٣٨٦ - ٣٩٠، وحاشية الدسوقي ٢ / ٢٦٨، وشرح روض الطالب ٣ / ١٦٣، والمغني ٦ / ٦١٣، ٦١٤.
(٢) حديث: " أن رسول الله ﷺ استعان بناس من اليهود في حربه " أخرجه أبو داود في المراسيل كما في تحفة الأشراف (١٣ / ٣٧٩ - ط الدار القيمة) وأعله ابن حجر في التلخيص بالإرسال (٤ / ١٠٠ - ط الشركة الفنية) .
(٣) حديث: " أن صفوان بن أمية خرج مع النبي ﷺ يوم حنين وهو على شركه فأسهم له ". أخرجه مسلم (٢ / ٧٣٧ - ط الحلبي) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ إِلَى مَنْعِ الاِسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِ، لَكِنْ لاَ يُمْنَعُ إِذَا خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.
وَالرَّأْيُ الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْبَغَ - أَنَّهُ يُمْنَعُ مُطْلَقًا (١) .
أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ:
١٠ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تُقْبَل مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآْخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ (٢) وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ الْمَجُوسِ، لِنَصِّ الْحَدِيثِ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْل الْكِتَابِ (٣) وَلأَِنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ. وَقَدْ وَضَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ الْجِزْيَةَ عَلَيْهِمْ.
أَمَّا مَا عَدَا هَؤُلاَءِ فَهُمْ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
أ - مُرْتَدُّونَ:
وَهَؤُلاَءِ لاَ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ بِالإِْجْمَاعِ؛ لأَِنَّ
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٣٥، والمغني ٩ / ٢٥٩ ط القاهرة، والدسوقي ٢ / ١٧٨، ٤ / ٢١٧.
(٢) سورة التوبة / ٢٩.
(٣) حديث: " سنوا بهم. . . . . " أخرجه مالك عن طريق محمد بن علي من حديث عبد الرحمن بن عوف ﵁ مرفوعا. قال ابن عبد البر: هذا منقطع لأن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف، إلا أن معناه متصل من وجوه حسان. وأخرجه الطبراني من حديث السائب بن ومجمع الزوائد ٦ / ١٣ نشر مكتبة القدسي، وفتح الباري ٦ / ٢٦١ ط السلفية)