الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤١
الحالة الأولى انقطاع الدم انقطاعا تاما بغير عودة
الحالة الثانية انقطاع الدم ثم عودته في مدة النفاس
وجوب الغسل عند انقطاع دم النفاس
إجراء أحكام الإسلام الظاهرة على المنافقين
ب - صلاة الجنازة على المنافقين
د - الحذر من دخول أهل النفاق في شئون السياسة والحرب والإدارة
رابعا توبة قاتل النفس عمدا بغير حق
ب - تملك معدن النفط بالإحياء والإقطاع
ثانيا آلات التنظيف وأدوات الزينة والطيب
أولا نفقة زوجة الغائب قبل الدخول
ثانيا نفقة زوجة الغائب بعد الدخول
ثانيا إن كان أموال الغائب عروضا
د - المعتدة من نكاح فاسد أو وطء بشبهة
استحقاق الزوجة النفقة حال سفرها
امتناع الزوجة من السفر مع الزوج
نفقة الزوجة مدة حبس الزوج في دين نفقتها
القرابة الموجبة للنفقة وبيان درجاتها
شروط وجوب نفقة الحواشي عند القائلين بها
اجتماع الأصول والفروع والحواشي
امتناع مالك الحيوان من الإنفاق عليه
تنفل من عليه فرض من جنسه قبل أدائه
ج - تمييز الجيد من الدراهم أو الدنانير من الرديء منها
ثالثا النقد بمعنى تمييز جيد النقود من رديئها وزائفها
ب - بيع النقرة بجنسها صحاحا وبيع الصحاح بجنسها نقارا
د - عقد الشركة برأس مال من النقار
ج - نقش الدار وتزيينها وزخرفتها
ما ينقض من الأحكام وما لا ينقض
القسم الأول ما ينقض من الأحكام
القسم الثاني ما لا ينقض من الأحكام
القسم الثالث ما اختلف في نقضه من الأحكام
ب - عدم علم القاضي باختلاف الفقهاء
د - إذا خالف ما يعتقده أو خالف مذهبه
هـ - صدور الحكم من قاض لا يصلح للقضاء
شهادة الأصل لفرعه وعكسه وأحد الزوجين للآخر
ط - الدفع من المحكوم عليه بأن له بينة لم يعلمها
ج - نقض الأمير والفقهاء حكم القاضي
أولا الأحكام الشرعية المقدرة بالنقود
ج - كفارة من أتى امرأته في حيضها
ج - نقش شيء من شعائر الإسلام على النقود
هـ - ضرب النقود الحاملة للصور واستعمالها
ما يجب فيه النقود ولا يجوز العرض
ما ينصرف إليه النقد عند الإطلاق في العقود والإقرارات ونحوهما
تعين النقود بالتعيين في المعاوضات
قيام بعض النقود مقام بعض في الزكاة والمعاملات
استيفاء أحد جنسي النقد من الآخر
سادسا التغيرات التي تعتري النقود من حيث قيمتها
تحول النقود إلى سلعة بعد بطلان التعامل بها
محافظة الإمام على استقرار أسعار النقود
أثر تغير قيمة النقد على الديون
ما يترتب على الاختلاف في حقيقة النكاح
ب - المفاضلة بين النكاح والنوافل
أ - أن لا يزيد على امرأة واحدة
ب - أن يتزوج في شوال ويدخل فيه
ح - أن تكون خفيفة المهر والمؤنة
ترتيب هذه الصفات وما يسأل عنه أولا
دلالة الصيغة على الزمان وأثرها في العقد
ما يقوم مقام اللفظ في انعقاد النكاح يقوم مقام اللفظ في انعقاد النكاح أشياء منها
الشرط الثامن ألا يكون الولي مكرها
ذكر الفقهاء أسبابا لولاية النكاح وهي
النوع الثاني ولاية المشاركة أو ولاية الندب والاستحباب
تزويج وليين امرأة لأكثر من رجل
أ - توكيل الزوج غيره في النكاح
ج - توكيل الولي غيره في النكاح
الشروط الواجب توافرها في الشاهدين
والنوع الثاني من الشروط الفاسدة في النكاح
أولا الحقوق المشتركة بين الزوجين
ب - استمتاع كل من الزوجين بالآخر
د - عدم خروج الزوجة من البيت إلا بإذن الزوج
أنواع الأنكحة المنهي عنها وحكم كل نوع
الآثار المترتبة على نكاح المتعة
الآثار المترتبة على نكاح المحلل
التقسيم الأول باعتبار المشروعية وعدمها
التقسيم الثالث باعتبار الاتصال والانفصال.
ثانيا زكاة نماء المال أثناء الحول
المعنى الأول النهب بمعنى أخذ الشيء قهرا على وجه العلانية.
ب - إيداع المودع غيره زمن النهب
المعنى الثاني النهب بمعنى الأخذ من الشيء المباح
أولا النهر العام (غير المملوك)
أ - النهر العظيم وحق الانتفاع به
ب - النهر الصغير وحق الانتفاع به
ثانيا النهر الخاص (المملوك) وحق الانتفاع
رابعا النهر المشترك بين جماعة وحق الانتفاع به
مؤنة كرى الأنهار (عمارتها وإصلاحها)
امتناع أحد الشركاء عن الكري والإصلاح
أولا إفادة النهي الدوام والتكرار
ج - ما تستعمل فيه صيغة النهي من معان
تراجم فقهاء الجزء الحادي والأربعين
أبو إسحاق الجوزجاني (؟ - ٢٥٩هـ)
أبو الحسن العبادي (٤١٥ - ٤٩٥هـ)
نِفَاسٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - النِّفَاسُ لُغَةً: وِلاَدَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا وَضَعَتْ، وَتَنَفُّسُ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ، فَهِيَ نُفَسَاءُ، وَالنَّفْسُ: الدَّمُ، وَنُفِسَتِ الْمَرْأَةُ وَنَفِسَتْ - بِالْكَسْرِ - نَفَسًا وَنَفَاسَةً وَنِفَاسًا وَهِيَ نُفَسَاءُ، وَنَفْسَاءُ، وَنَفَسَاءُ.
وَقَال ثَعْلَبٌ: النُّفَسَاءُ الْوَالِدَةُ وَالْحَامِل وَالْحَائِضُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُل ذَلِكَ نُفَسَاوَاتٌ وَنِفَاسٌ وَنُفَاسٌ وَنُفَّسٌ (١)، وَفِي الْحَدِيثِ: " أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ " (٢) أَيْ وَضَعَتْ، وَالْمَنْفُوسُ الْمَوْلُودُ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: " مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ
_________
(١) لِسَانُ الْعَرَبِ، وَالْمِصْبَاحُ الْمُنِيرُ، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ ١ / ٣٧، وَالإِْقْنَاعُ ١ / ٨٢، وَكِفَايَةُ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ ١ / ١١٧.
(٢) حَدِيثُ: " أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. . . ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٢ / ٨٦٩ ط عِيسَى الْحَلَبِيِّ) مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂.
كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ " (١) . وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: بِأَنَّهُ الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِيبَ الْوِلاَدَةِ، وَعَرَّفَهُ الْمَالِكِيَّةُ:
بِأَنَّهُ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنَ الْفَرْجِ لأَِجْل الْوِلاَدَةِ عَلَى جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْعَادَةِ، بَعْدَهَا اتِّفَاقًا، أَوْ مَعَهَا عَلَى قَوْل الأَْكْثَرِ، لاَ قَبْلَهَا عَلَى الرَّاجِحِ.
وَعَرَّفَهُ الْحَنَابِلَةُ: بِأَنَّهُ دَمٌ تُرْخِيهِ الرَّحِمُ مَعَ الْوِلاَدَةِ وَقَبْلَهَا بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ مَعَ أَمَارَةٍ كَوَجَعٍ وَبَعْدَهَا إِلَى تَمَامِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا (٢) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْحَيْضُ:
٢ - الْحَيْضُ لُغَةً: مَصْدَرُ حَاضَ، يُقَال: حَاضَ السَّيْل إِذَا فَاضَ، وَحَاضَتِ الْمَرْأَةُ: سَال دَمُهَا (٣) .
وَاصْطِلاَحًا عُرِّفَ الْحَيْضُ بِتَعْرِيفَاتٍ مُتَقَارِبَةٍ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: هُوَ دَمٌ يُلْقِيهِ رَحِمُ امْرَأَةٍ مُعْتَادٌ
_________
(١) حَدِيثُ: " مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ. . . ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (فَتْحُ الْبَارِي ٣ / ٢٢٥ ط السَّلَفِيَّةِ) وَمُسْلِمٌ (٤ / ٢٠٣٩ ط الْحَلَبِيِّ) مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
(٢) فَتْحُ الْقَدِيرِ ١ / ١٦٤، وَالإِْقْنَاعُ ١ / ٨٢، وَنِهَايَةُ الْمُحْتَاجِ ١ / ٣٠٥، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١٠٨، وَرِسَالَةُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ ١ / ١٢٦، وَالدُّسُوقِيُّ ١ / ١٧٤، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢١٨.
(٣) لِسَانُ الْعَرَبِ، وَالْمِصْبَاحُ الْمُنِيرُ.
حَمْلُهَا، دُونَ وِلاَدَةٍ وَلاَ مَرَضٍ أَوِ افْتِضَاضٍ وَلاَ زِيَادَةٍ عَلَى الأَْمَدِ، وَقَال غَيْرُهُمْ نَحْوَ ذَلِكَ (١) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَمٌ يَخْرُجُ عَلَى جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْعَادَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْحَيْضِ دَمُ جِبِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى الرَّحِمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَفِي النِّفَاسِ دَمٌ يَخْرُجُ عَقِبَ الْوِلاَدَةِ.
ب - الاِسْتِحَاضَةُ:
٣ - الاِسْتِحَاضَةُ لُغَةً: أَنْ يَسْتَمِرَّ بِالْمَرْأَةِ خُرُوجُ الدَّمِ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا الْمُعْتَادِ، يُقَال: اسْتَحَاضَتِ الْمَرْأَةُ أَيِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ أَيَّامِهَا، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ (٢) .
وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: دَمٌ يَخْرُجُ مِنَ الْفَرْجِ عَلَى وَجْهِ الْمَرَضِ (٣)، وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا: الدَّمُ الْخَارِجُ - لِعِلَّةٍ - مِنْ عِرْقٍ مِنْ أَدْنَى الرَّحِمِ يُقَال لَهُ: الْعَاذِل فِي غَيْرِ أَيَّامِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ أَوْ أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ (٤) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّفَاسِ وَالاِسْتِحَاضَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَرْأَةِ، إِلاَّ أَنَّ دَمَ الاِسْتِحَاضَةِ دَمُ فَسَادٍ، وَدَمَ النِّفَاسِ دَمٌ صَحِيحٌ.
_________
(١) مَوَاهِبُ الْجَلِيل ١ / ٣٦٤، وَحَاشِيَةُ الدُّسُوقِيِّ ١ / ١٦٧ - ١٦٨، وَالْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ ص ٤٤.
(٢) لِسَانُ الْعَرَبِ، وَالْمِصْبَاحُ الْمُنِيرُ.
(٣) الْقَوَانِينُ الْفِقْهِيَّةُ ص ٤٥، وَبِدَايَةُ الْمُجْتَهِدِ ١ / ٥١.
(٤) الإِْقْنَاعُ ٢ / ٨٢، ٨٣.
أَثَرُ النِّفَاسِ عَلَى الأَْهْلِيَّةِ:
٤ - النِّفَاسُ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ، وَهُوَ لاَ يُسْقِطُ أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ وَلاَ أَهْلِيَّةَ الأَْدَاءِ لِبَقَاءِ الذِّمَّةِ وَالْعَقْل وَقُدْرَةِ الْبَدَنِ، إِلاَّ أَنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْهُ شَرْطٌ لِلصَّلاَةِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ؛ لِكَوْنِهِ مِنَ الأَْحْدَاثِ وَالأَْنْجَاسِ، وَلِلصَّوْمِ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ؛ لِتَأَدِّيهِ مَعَ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ (١) .
٤ مُدَّةُ النِّفَاسِ
مُدَّةُ النِّفَاسِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَقَل مُدَّةِ النِّفَاسِ وَفِي أَكْثَرِهَا، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ:
أ - أَقَل مُدَّةِ النِّفَاسِ:
٥ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ حَدَّ لأَِدْنَى النِّفَاسِ، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ رَأَتِ الطُّهْرَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ (٢) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: فِي اعْتِبَارِ أَقَل النِّفَاسِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ خِلاَفٌ، بِأَنْ قَال لَهَا زَوْجُهَا: إِذَا وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: نَفِسْتُ ثُمَّ طَهُرْتُ، فَبِكَمْ تَصْدُقُ فِي النِّفَاسِ؟ فَقَال
_________
(١) التَّلْوِيحُ عَلَى التَّوْضِيحِ ٢ / ٣٥١، ٣٥٢.
(٢) فَتْحُ الْقَدِيرِ وَالْكِفَايَةُ ١ / ١٦٦، وَبَدَائِعُ الصَّنَائِعِ ١ / ٤١، وَالْخُرَشِيُّ ١ / ٢١٠، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ ١ / ١٧٤، ١٧٥، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١١٩، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢١٨، ٢١٩، وَالْمُغْنِي ١ / ٢٤٥، ٢٤٧.
أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْتَبَرُ الأَْقَل بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: يُعْتَبَرُ الأَْقَل بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَال مُحَمَّدٌ: تَصْدُقُ فِيمَا ادَّعَتْ وَإِنْ كَانَ سَاعَةً (١) .
وَقَال الْمُزَنِيُّ - مِنَ الشَّافِعِيَّةِ -: أَقَل مُدَّةِ النِّفَاسِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ (٢)، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ (٣) .
ب - أَقْصَى مُدَّةِ النِّفَاسِ:
٦ - لِلْفُقَهَاءِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - وَهُوَ مُقَابِل الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَهُوَ غَالِبُ مُدَّةِ النِّفَاسِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلاَةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلاَّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْل ذَلِكَ فَتَغْتَسِل وَتُصَلِّي، وَقَال أَبُو عُبَيْدٍ: وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ (٤) .
_________
(١) فَتْحُ الْقَدِيرِ وَالْكِفَايَةُ ١ / ١٦٦، وَبَدَائِعُ الصَّنَائِعِ ١ / ٤١.
(٢) رَوْضَةُ الطَّالِبِينَ ١ / ١٧٤.
(٣) كَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢١٩، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١١٩.
(٤) فَتْحُ الْقَدِيرِ ١ / ١٦٦، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢١٨، وَالْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ ١ / ٣٤٥، ٣٤٦.
وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَنَسٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: " كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَرْبَعِينَ يَوْمًا " (١) . وَمَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ ﷺ: كَمْ تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتْ؟ قَال: " تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلاَّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْل ذَلِكَ " (٢)، فَإِنْ زَادَ دَمُ النِّفَاسِ عَلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَصَادَفَ عَادَةَ الْحَيْضِ فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ عَادَةً فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ.
الرَّأْيُ الثَّانِي: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ وَالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ حَكَاهَا ابْنُ عَقِيلٍ: إِلَى أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ النِّفَاسِ سِتُّونَ يَوْمًا، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَال:
_________
(١) حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ. . . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (١ / ٢١٧ ط حِمْصَ)، وَالتِّرْمِذِيُّ (١ / ٢٥٦ ط الْحَلَبِيِّ)، وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَقَال: حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
(٢) حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ ﷺ: " كَمْ تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتْ؟ . . . " أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (١ / ٢٢٣ ط الْفَنِّيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ)، وَنَقَل الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ (١ / ٢٠٥) عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّهُ أَعَلَّهُ بِجَهَالَةِ الرَّاوِيَةِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَرَى النِّفَاسَ شَهْرَيْنِ، وَرُوِيَ مِثْل ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ وَجَدَهُ، وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْوُجُودِ (١) .
ابْتِدَاءُ النِّفَاسِ:
٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ بَعْدَ انْفِصَال الْوَلَدِ نِفَاسٌ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّمِ الْخَارِجِ قَبْل الْوِلاَدَةِ لأَِجْلِهَا.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الدَّمَ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِل ابْتِدَاءً أَوْ حَال وِلاَدَتِهَا قَبْل خُرُوجِ الْوَلَدِ اسْتِحَاضَةٌ وَلَيْسَ بِنِفَاسٍ، وَإِنْ كَانَ مُمْتَدًّا (٢) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ: إِلَى أَنَّ الدَّمَ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِل قَبْل الْوِلاَدَةِ لأَِجْلِهَا حَيْضٌ وَلَيْسَ بِنِفَاسٍ، وَلاَ تُحْسَبُ مُدَّةُ النِّفَاسِ مِنْهُ، بَل مِنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ وَانْفِصَالِهِ (٣) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ النِّفَاسِ مِنْ خُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ، وَالدَّمُ الَّذِي رَأَتْهُ
_________
(١) الْخُرَشِيُّ مَعَ حَاشِيَةِ الْعَدَوِيِّ ١ / ٢١٠، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ ١ / ١٧٤، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١١٩، وَالْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ ١ / ٣٤٥.
(٢) فَتْحُ الْقَدِيرِ ١ / ١٦٤.
(٣) الْخُرَشِيُّ مَعَ حَاشِيَةِ الْعَدَوِيِّ ١ / ٢٠٦، وَرَوْضَةُ الطَّالِبِينَ ١ / ١٧٤، ١٧٥، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١١٩.
قَبْل خُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَل بِأَمَارَةٍ كَوَجَعٍ - فَهُوَ نِفَاسٌ كَالْخَارِجِ مَعَ الْوَلَدِ، وَلاَ يُحْسَبُ مَا قَبْل الْوِلاَدَةِ مِنْ مُدَّةِ النِّفَاسِ (١) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى قَوْل الأَْكْثَرِ إِلَى أَنَّ مَا خَرَجَ قَبْل الْوِلاَدَةِ لأَِجْلِهَا هُوَ دَمُ نِفَاسٍ (٢) .
أَمَّا الدَّمُ الْخَارِجُ مَعَ الْوَلَدِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ أَيْضًا:
فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ، وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ نِفَاسٌ عَلَى قَوْل الأَْكْثَرِ، وَكَذَا الْحَنَابِلَةُ (٣) .
انْقِطَاعُ الدَّمِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ:
انْقِطَاعُ الدَّمِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ أَيْ قَبْل تَمَامِ الأَْرْبَعِينَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ - إِمَّا أَنْ يَنْقَطِعَ انْقِطَاعًا تَامًّا بِغَيْرِ عَوْدَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يَنْقَطِعَ ثُمَّ يَعُودَ، وَالتَّفْصِيل فِيمَا يَلِي:
الْحَالَةُ الأُْولَى: انْقِطَاعُ الدَّمِ انْقِطَاعًا تَامًّا بِغَيْرِ عَوْدَةٍ:
٨ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ إِذَا
_________
(١) كَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢١٨، ٢١٩، وَالْمُغْنِي ١ / ٢٤٥ - ٢٤٧.
(٢) شَرْحُ الْخُرَشِيِّ ١ / ٢٠٩.
(٣) رَدُّ الْمُحْتَارِ ١ / ١٩٩، وَحَاشِيَةُ الدُّسُوقِيِّ ١ / ١٧٤، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١٠٨، وَالإِْقْنَاعُ ١ / ٢٤٠، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢١٩.
انْقَطَعَ دَمُهَا قَبْل الأَْرْبَعِينَ انْقِطَاعًا تَامًّا طَهُرَتْ، وَاغْتَسَلَتْ، وَصَلَّتْ (١) .
وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ ﵂ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ ﷺ: كَمْ تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتْ؟ قَال: " تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلاَّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْل ذَلِكَ " (٢) .
كَمَا عَلَّلُوا هَذَا الْحُكْمَ أَيْضًا: بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لأَِنَّ مُعَاوَدَةَ الدَّمِ مَوْهُومٌ، فَلاَ يُتْرَكُ الْمَعْلُومُ بِالْمَوْهُومِ (٣) .
غَيْرَ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ (٤) كَرِهُوا وَطْأَهَا قَبْل الأَْرْبَعِينَ بَعْدَ التَّطْهِيرِ، قَال أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا، عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهَا أَتَتْهُ قَبْل الأَْرْبَعِينَ، فَقَال: لاَ تَقْرَبِينِي، (٥)، وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ عَوْدُ الدَّمِ فِي زَمَنِ الْوَطْءِ.
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيُّ: أَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ لاَ يَكْرَهُ وَطْأَهَا (٦) .
_________
(١) بَدَائِعُ الصَّنَائِعِ ١ / ١٧٢، وَالْخُرَشِيُّ ١ / ٢١٠، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١١٩، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢١٩، ٢٢٠.
(٢) حَدِيثُ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا سَأَلَتْهُ: كَمْ تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتْ؟ سَبَقَ تَخْرِيجُهُ ف ٦
(٣) بَدَائِعُ الصَّنَائِعِ ١ / ١٧٢.
(٤) كَشَّافُ الْقِنَاعِ ١ / ٢٢٠.
(٥) الأَْثَرُ: انْظُرِ: الْمُصَنَّفَ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ ١ / ٣١٣، وَسُنَنَ الدَّارَقُطْنِيِّ ١ / ٢٢٠.
(٦) الاِنْتِصَارُ فِي الْمَسَائِل الْكِبَارِ لأَِبِي الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيِّ ١ / ٦٠٢ ط الْعُبَيْكَانِ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ أَكْثَرَ دَمِ النِّفَاسِ سِتُّونَ يَوْمًا، فَإِذَا انْقَطَعَ قَبْل تَمَامِ السِّتِّينَ انْقِطَاعًا تَامًّا بِغَيْرِ عَوْدَةٍ طَهُرَتْ وَاغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ (١) .
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: انْقِطَاعُ الدَّمِ ثُمَّ عَوْدَتُهُ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ:
٩ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِذَا انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَقَدْ تَمَّ طُهْرُهَا، وَمَا نَزَل بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ حَيْضٌ (٢) .
أَمَّا إِذَا نَقَصَتْ مُدَّةُ الاِنْقِطَاعِ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ زَادَتْ فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الأَْرْبَعِينَ فِي النِّفَاسِ لاَ يَفْصِل، سَوَاءٌ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ أَقَل أَوْ أَكَثَرَ، وَيَجْعَل إِحَاطَةَ الدَّمَيْنِ بِطَرَفَيْهِ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْخَمْسَةَ عَشَرَ تَفْصِل، فَلَوْ رَأَتْ بَعْدَ الْوِلاَدَةِ يَوْمًا دَمًا، وَثَمَانِيَةً وَثَلاَثِينَ طُهْرًا، وَيَوْمًا دَمًا، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الأَْرْبَعُونَ نِفَاسٌ، وَعِنْدَهُمَا الدَّمُ الأَْوَّل هُوَ النِّفَاسُ (٣) .
_________
(١) حَاشِيَةُ الدُّسُوقِيِّ ١ / ١٧٥، وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ ١ / ٣١٤ ط الْحَلَبِيِّ، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ ١ / ١١٠، ١٢٠.
(٢) الشَّرْحُ الصَّغِيرُ ١ / ١٧٠، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ١ / ١٩٣، وَالْمُهَذَّبُ مَعَ الْمَجْمُوعِ ١ / ٥٢٧، ٥٢٨.
(٣) رَدُّ الْمُحْتَارِ ١ / ١٩٣، وَتَبْيِينُ الْحَقَائِقِ لِلْزَّيْلَعِيِّ ١ / ٦٠ ط دَارِ الْكِتَابِ الإِْسْلاَمِيِّ، وَفَتْحُ الْقَدِيرِ ١ / ١٦٦.