الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٤٠
اشتراط النضوض لوجوب زكاة التجارة
أثر النضوض في إتمام المضاربة بعد انفساخها
ما يلزم توافره في المسألة الناقصة
أولا نبش القبر قبل البلى لغير ضرورة
ثانيا نبش القبر قبل البلى لضرورة
نبش القبر من أجل مال بلعه الميت
نبش القبر إذا دفن الميت بأرض مغصوبة
ثالثا نبش القبر لما يتعلق بحقوق الميت نفسه
نبش قبر الميت من أجل الصلاة عليه
نبش القبر إذا دفن الميت لغير القبلة
رابعا نبش القبر من أجل نقل الميت إلى مكان آخر
خامسا نبش قبر الميت لدفن آخر معه
سادسا نبش قبور الكفار لغرض صحيح
حكم من ادعى النبوة أو صدق مدعيا لها
أموالهم لا تورث عنهم بل تكون صدقة بعدهم
الأحكام الثابتة على الأمة مما يتعلق بالأنبياء
وجوب الإيمان بنبوتهم ورسالة الرسل منهم
طاعة الأنبياء ومتابعتهم ومحبتهم
المفاضلة بين الأنبياء وبين غيرهم من الخلق
غض الصوت عنده وتوقيره بعد موته ﷺ
توقير آل النبي ﷺ وأصحابه ﵃ وبرهم وحبهم
التسمي باسم النبي ﷺ والتكني بكنيته
حكم من تنقص النبي ﷺ أو استخف به أو آذاه
تقسيم النجاسة إلى نجاسة عينية ونجاسة حكمية
حكم ما يخرج من أبدان الناس والحيوانات
تلاقي الجافين أو الطاهر الجاف بالنجس المائع أو المبتل وعكسه
صلاة حامل النجاسة ومن تصيبه النجاسة أثناء الصلاة
تطهير الدباء إذا استعمل فيه الخمر
الانتفاع بالنجاسات والمتنجسات دون تطهير
الصبغ للثياب والاختضاب بمادة نجسة
سقي الزروع بالمياه النجسة والتسميد بالنجاسات
إطعام الحيوانات علفا نجسا أو متنجسا
النخامة من حيث الطهارة والنجاسة
كون المندوب مأمورا به أو غير مأمور به
أولا ما يتعلق بالندرة (بمعنى القلة) من أحكام
تقديم النادر على الغالب أحيانا
النادر إذا لم يدم يقتضي القضاء
النادر إذا دام يعطى حكم الغالب
ثانيا ما يتعلق بالندرة (بمعنى المعدن) من أحكام
ما يوجبه عدم الوفاء بنذر المباح
حكم نذر الصلاة أو الصيام مطلقا
نذر صيام شهر يبتدئ من يوم قدوم غائب فوافق قدومه غرة رمضان
نذر صيام يوم قدوم غائب فوافق قدومه يوما يحرم صيامه
صفة صيام من نذر صيام سنة مطلقة (من حيث وجوب التتابع أو عدمه)
الفطر لعذر أو لغيره في صيام غير معين منذور على وجه التتابع
أ - فطر الناذر لغير عذر في الصيام المتتابع
ب - فطر الناذر لعذر في الصيام المتتابع
الفطر لعذر أو لغيره في صيام معين منذور
أ - حكم فطر الناذر لغير عذر في الصيام المعين
ب - حكم فطر الناذر لعذر في الصيام المعين
فقد الناذر شروط صحة الصيام خلال المدة المعين صيامها
نذر الاعتكاف وما يوجبه على الناذر
أولا نذر الاعتكاف في المكان المعين
أ - نذر الاعتكاف في المسجد الحرام
ب - نذر الاعتكاف في مسجد النبي ﷺ
ج - نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى
د - نذر الاعتكاف في مسجد غير المساجد الثلاثة
ثانيا نذر الاعتكاف في الزمان المعين
ثالثا وقت الدخول والخروج في الاعتكاف المنذور في الزمان المعين
أ - وقت الدخول والخروج في نذر اعتكاف ليلة معينة
ب - وقت الدخول والخروج في نذر اعتكاف يوم بعينه
ج - وقت الدخول والخروج في نذر اعتكاف شهر
د - وقت الدخول والخروج في نذر اعتكاف العشر الأواخر من رمضان
رابعا حكم التتابع في الاعتكاف المنذور
أ - حكم التتابع في اعتكاف منذور شرط فيه التتابع
ب - حكم التتابع في اعتكاف منذور لم يشرط فيه التتابع
خامسا حكم التزام المعتكف بالصيام أثناء اعتكافه المنذور
حكم من عجز عن المشي المنذور إلى بيت الله الحرام
نذر المشي إلى بلد الله الحرام أو بقعة منها
نذر المشي إلى المدينة المنورة وبيت المقدس أو مسجديهما
نذر حج البيت هذا العام ممن عليه حجة الإسلام
نذر الصلاة في المسجد الحرام أو المسجد الأقصى
أ - نذر الصلاة في المسجد الحرام
ب - نذر الصلاة في المسجد الأقصى
نذر طاعة لا يطيقها الناذر أو عجز عنها بعد قدرته
أولا موت من نذر الحج قبل أدائه
أ - موت من نذر الحج قبل تمكنه من أدائه
ب - موت من نذر الحج بعد تمكنه من أدائه ولم يؤده حتى مات
ثانيا موت من نذر الصيام قبل أدائه
ثالثا موت من نذر الاعتكاف قبل فعله
رابعا موت من نذر الصلاة قبل أدائها
خامسا موت من نذر الصدقة قبل أدائها
نزول خطيب الجمعة بعد الفراغ من خطبته
بيع الشريك والوكيل والمضارب نساء
جواز نسخ الأثقل إلى الأخف وبالعكس
قراءة الحائض والجنب ما نسخ والصلاة به
أهمية النسل لبقاء النوع الإنساني
القسم الأول النسيان في ترك مأمور به
أ - نسيان التسمية في أول الوضوء
د - تيمم الجنب للحدث الأصغر ناسيا الجنابة
ح - نسيان النجاسة في بدن المصلي أو ثوبه
ك - نسيان قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر
ل - أثر النسيان في قطع تتابع الصوم الواجب تتابعه
المسألة الأولى الأكل والشرب والجماع نسيانا
المسألة الثالثة وطء المظاهر نسيانا
ن - نسيان ما أحرم الشخص به من النسك
س - نسيان التسمية عند الأكل والشرب
القسم الثاني النسيان في فعل منهي عنه ليس فيه إتلاف
أ - وطء الرجل امرأته الحائض نسيانا
د - الأكل والشرب أو الجماع ناسيا في رمضان
القسم الثالث النسيان " في فعل منهي عنه ترتب عليه إتلاف
مشروعية تأديب الناشزة وولاية تأديبها
هل يشترط تكرار النشوز حتى يشرع الضرب
التحكيم عند الشقاق بين الزوجين
أ - الحال التي يبعث عندها الحكمان
ج - كون الحكمين من أهل الزوجين
ط - امتناع الزوجين من توكيل الحكمين
توزيع أجرة القسمة على قدر نصيب المتقاسمين
انتفاع الشريك بنصيب صاحبه في المهايأة
بناء المشتري في النصيب (الشقص المشفوع فيه)
خامسا عتق النصيب في العبد المشترك
نضح الفرج والسراويل بعد الاستنجاء
نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية الشابة
نظر غير أولي الإربة من الرجال إلى المرأة
نظر الصغير إلى المرأة الأجنبية
نظر الرجل إلى العضو المنفصل من المرأة
نظر الرجل إلى المرأة عن طريق الماء والمرآة
نظر المرأة إلى محارمها من الرجال
ثانيا - النظر للعلاج وما يلتحق به
الجلال البلقيني (٧٦٣ - ٨٢٤ هـ)
الحسين بن الفضل (١٧٨ - ٢٨٢ هـ)
صاحب الفائق " ابن قاضي الجبل " (٦٩٣ - ٧٧١ هـ)
الفراء (٢٠٧ وقيل ٢٠٣ - ٢٧٠ هـ)
يزيد بن إبراهيم التميمي (ولد في خلافة عبد الملك ٦٥ - ٨٦ هـ - ١٦٢ هـ)
نَائِحَة
التَّعْرِيفُ:
١ - النَّائِحَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَبْكِي عَلَى الْمَيِّتِ وَتُعَدِّدُ مَحَاسِنَهُ (١) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (٢) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
٢ - يَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّ النَّائِحَةَ تُعَزَّرُ وَتُحْبَسُ حَتَّى تُحْدِثَ تَوْبَةً (٣)، حَكَى الأَْوْزَاعِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ سَمِعَ صَوْتَ بُكَاءٍ، فَدَخَل وَمَعَهُ غَيْرُهُ، فَمَال عَلَيْهِمْ ضَرْبًا حَتَّى بَلَغَ النَّائِحَةَ، فَضَرَبَهَا حَتَّى سَقَطَ خِمَارُهَا، فَقَال: اضْرِبْ فَإِنَّهَا نَائِحَةٌ وَلاَ حُرْمَةَ لَهَا، إِنَّهَا لاَ تَبْكِي لِشَجْوِكُمْ، إِنَّهَا تُهْرِيقُ دُمُوعَهَا عَلَى أَخْذِ دَرَاهِمِكُمْ، وَإِنَّهَا تُؤْذِي مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ،
_________
(١) المغرب للمطرزي.
(٢) حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٤، وشرح المنهاج للمحلي ١ / ٣٤٣، والزواجر ١ / ١٦١.
(٣) فتح القدير ٤ / ٣١٨ ط الأميرية.
وَأَحْيَاءَكُمْ فِي دُورِهِمْ، إِنَّهَا تَنْهَى عَنِ الصَّبْرِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَتَأْمُرُ بِالْجَزَعِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ (١) .
. وَقَال الشَّيْزَرِيُّ: يَتَفَقَّدُ الْمُحْتَسِبُ الْمَآتِمَ وَالْمَقَابِرَ، فَإِذَا سَمِعَ نَادِبَةً أَوْ نَائِحَةً عَزَّرَهَا وَمَنَعَهَا؛ لأَِنَّ النُّوَاحَ حَرَامٌ (٢) . قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: " النَّائِحَةُ وَمَنْ حَوْلَهَا فِي النَّارِ " (٣) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْضُوعِ (ر: نِيَاحَة) .
_________
(١) الزواجر عن اقتراف الكبائر ١ / ١٦٠ ط دار المعارف.
(٢) نهاية الرتبة في طلب الحسبة ص ١١٠ ط دار الثقافة - بيروت.
(٣) حديث: " النائحة ومن حولها في النار ". أورده بهذا اللفظ الشيزري فِي نهاية الرتبة في طلب الحسبة (ص ١١٠ - ط دار الثقافة) ولم يعزه إلى أي مصدر حديثي، ولم نهتد لمن أخرجه بهذا اللفظ، ولكن أخرج الطبراني (١٢ / ٤٢٦ - ٤٢٧ ط العراق) مرفوعا: " النائحة ومن حوله وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (١ / ١٩١ ط القدسي) وذكر أن في إسناده راويين لم ير من ذكرهما.
نَاب
انْظُرْ: سِن
نَار
انْظُرْ: إِحْرَاق
نَازِلَة
انْظُرْ: قُنُوت، جَائِحَة
نَاضّ
التَّعْرِيفُ:
١ - النَّاضُّ - فِي اللُّغَةِ - اسْمُ فَاعِلٍ مِنِ الْفِعْل نَضَّ، يُقَال: نَضَّ الْمَاءُ: سَال، وَالنَّاضُّ مِنَ الْمَاءِ: مَا لَهُ مَادَّةٌ وَبَقَاءٌ، وَنَضَّ الثَّمَنُ: حَصَل وَتَعَجَّل، وَالنَّضُّ: الدِّرْهَمُ الصَّامِتُ، وَالنَّاضُّ مِنَ الْمَتَاعِ: مَا تَحَوَّل وَرِقًا أَوْ عَيْنًا، وَأَهْل الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ نَضًّا وَنَاضًّا، وَإِنَّمَا يُسَمُّونَهُ نَاضًّا إِذَا تَحَوَّل عَيْنًا بَعْدَ مَا كَانَ مَتَاعًا؛ لأَِنَّهُ يُقَال: مَا نَضَّ بِيَدِي مِنْهُ شَيْءٌ، أَيْ مَا حَصَل، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: كَانَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْ نَاضِّ الْمَال (١)، وَهُوَ مَا كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، عَيْنًا أَوْ وَرِقًا. (٢) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٣) .
_________
(١) حديث عمر رضي الله تعالى عنه " كان يأخذ الزكاة من ناض المال ". أورده ابن الأثير في النهاية ٥ / ٧٢ ط دار الفكر
(٢) لسان العرب، والمصباح المنير
(٣) حاشية الدسوقي ٣ / ٥٣٥، وحاشية الجمل ٢ / ٢٦٨، وكشاف القناع ٣ / ٥٠٦.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّاضِّ مِنْ أَحْكَامٍ:
اشْتِرَاطُ النَّضُوضِ لِوُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ:
٢ - يَشْتَرِطُ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ فِي زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ إِذَا كَانَ التَّاجِرُ مُدِيرًا - وَهُوَ الَّذِي يَبِيعُ وَيَشْتَرِي كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ - أَنْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَال، وَلَوْ قَل كَدِرْهَمٍ لاَ أَقَل، فَإِذَا نَضَّ لَهُ دِرْهَمٌ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ فِي آخِرِ الْحَوْل يُقَوِّمُ عُرُوضَ تِجَارَتِهِ، وَيُخْرِجُ عَمَّا قَوَّمَهُ عَيْنًا لاَ عَرَضًا، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنِضَّ لَهُ فِي أَوَّل الْحَوْل أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ (١) .
وَذَكَرَ أَشْهَبُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنِضَّ لَهُ نِصَابٌ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّهُ يُزَكِّي وَلَوْ لَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ (٢) .
فَإِنْ لَمْ يَنِضَّ لِلتَّاجِرِ شَيْءٌ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ، قَال سَحْنُونٌ لاِبْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا كَانَ يُدِيرُ مَالَهُ لِلتِّجَارَةِ لاَ يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ، فَاشْتَرَى بِجَمِيعِ مَا عِنْدَهُ حِنْطَةً، فَلَمَّا جَاءَ شَهْرُهُ الَّذِي يُقَوَّمُ فِيهِ كَانَ جَمِيعُ مَالِهِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ حِنْطَةً فَقَال: أَنَا أُؤَدِّي إِلَى الْمَسَاكِينِ رُبْعَ عُشْرِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كَيْلًا وَلاَ أُقَوِّمُ، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: قَال لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: إِذَا كَانَ رَجُلٌ يُدِيرُ مَالَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلاَ يَنِضُّ
_________
(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ١ / ٤٧٣، ٤٧٤، والحطاب ٢ / ٣٢٠.
(٢) الحطاب ٢ / ٣٢٠.
لَهُ شَيْءٌ، إِنَّمَا يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ فَهَذَا لاَ يُقَوِّمُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، أَيْ لاَ زَكَاةَ وَلاَ يُقَوِّمُ حَتَّى يَنِضَّ لَهُ بَعْضُ مَالِهِ، قَال مَالِكٌ: وَمَنْ كَانَ يَبِيعُ بِالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ فَذَلِكَ الَّذِي يُقَوِّمُ (١) .
وَفِي الْحَطَّابِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لاَ تَجِبُ الزَّكَاةُ إِلاَّ بِالنَّضُوضِ، وَأَنَّهَا لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا بَاعَ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ، قَال الرَّجْرَاجِيُّ فِي الْمُدِيرِ إِذَا كَانَ يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ ذَرِيعَةً لإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبِ، وَيُؤْخَذُ بِزَكَاةِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَال، وَقَال ابْنُ جُزَيٍّ: مَنْ كَانَ يَبِيعُ الْعَرَضَ بِالْعَرَضِ وَلاَ يَنِضُّ لَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ عَيْنٌ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ فَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُ (٢) .
وَالتَّاجِرُ الْكَافِرُ إِذَا أَسْلَمَ وَكَانَ مُدِيرًا وَقَدْ نَضَّ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ وَلَوْ دِرْهَمًا فَقِيل: إِنَّهُ يُقَوِّمُ عُرُوضَهُ وَدُيُونَهُ وَيُزَكِّيهَا مَعَ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْعَيْنِ لِحَوْلٍ مِنْ إِسْلاَمِهِ، وَقِيل: إِنَّهُ يَسْتَقْبِل بِثَمَنِ مَا بَاعَ بِهِ مِنْ عُرُوضِ الإِْدَارَةِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ إِذَا كَانَ نِصَابًا؛ لأَِنَّهُ كَالْفَائِدَةِ، فَإِنْ كَانَ أَقَل مِنْ نِصَابٍ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ (٣) .
وَفِي الْمَوَّاقِ بِالنِّسْبَةِ لِمَال الْقِرَاضِ، قَال ابْنُ
_________
(١) المدونة ١ / ٢٥٤ - ٢٥٥.
(٢) الحطاب ٢ / ٣٢١.
(٣) حاشية الدسوقي ١ / ٤٧٧.
رُشْدٍ: إِنْ كَانَ الْعَامِل حَاضِرًا مَعَ رَبِّ الْمَال، فَكَانَا جَمِيعًا مُدِيرَيْنِ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنِضَّ الْمَال وَيَتَفَاصَلاَ، وَإِنْ أَقَامَ الْمَال بِيَدِهِ أَحْوَالًا (١) .
وَفِي الدُّسُوقِيِّ: إِذَا كَانَ كُلٌّ مِنَ الْعَامِل وَرَبِّ الْمَال مُدِيرًا يَكْفِي النَّضُوضُ لأَِحَدِهِمَا، وَإِنْ أَدَارَ الْعَامِل فَقَطْ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ.
وَقَال اللَّقَانِيُّ: يُشْتَرَطُ النَّضُوضُ فِيمَنْ لَهُ الْحُكْمُ (٢) .
وَيَظْهَرُ أَثَرُ النَّضُوضِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي ضَمِّ رِبْحِ التِّجَارَةِ إِلَى الأَْصْل أَوْ عَدَمِ ضَمِّهِ.
قَالُوا: يَضُمُّ رِبْحَ التِّجَارَةِ الْحَاصِل أَثْنَاءَ الْحَوْل إِلَى الأَْصْل فِي الْحَوْل، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَنِضَّ، فَلَوِ اشْتَرَى عَرَضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ قَبْل آخِرِ الْحَوْل وَلَوْ بِلَحْظَةٍ ثَلاَثَمِائَةٍ؛ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْجَمِيعَ آخِرَ الْحَوْل، سَوَاءٌ أَحَصَل الرِّبْحُ بِزِيَادَةٍ فِي نَفْسِ الْعَرَضِ كَسَمْنِ الْحَيَوَانِ أَمْ بِارْتِفَاعِ الأَْسْوَاقِ.
أَمَّا إِذَا نَضَّ - أَيْ صَارَ الْكُل نَاضًّا - دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَال الَّذِي هُوَ نِصَابٌ، وَأَمْسَكَهُ إِلَى آخِرِ الْحَوْل، أَوِ اشْتَرَى بِهِ عَرَضًا قَبْل تَمَامِهِ فَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلِهِ وَيُزَكِّي الأَْصْل بِحَوْلِهِ، وَهَذَا فِي الأَْظْهَرِ، وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ نَاضًّا بِالْبَيْعِ
_________
(١) المواق بهامش الحطاب ٢ / ٣٢٥.
(٢) حاشية الدسوقي ١ / ٤٧٧.
أَوْ بِإِتْلاَفِ أَجْنَبِيٍّ، فَإِذَا اشْتَرَى عَرَضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِثَلاَثِمِائَةٍ، وَأَمْسَكَهَا إِلَى تَمَامِ الْحَوْل، أَوِ اشْتَرَى بِهَا عَرَضًا، وَهُوَ يُسَاوِي ثَلاَثَمِائَةٍ فِي آخِرِ الْحَوْل فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ عَنْ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى أَخْرَجَ عَنِ الْمِائَةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ أَنَّهُ يُزَكِّي الرِّبْحَ بِحَوْل الأَْصْل، كَمَا يُزَكِّي النِّتَاجَ بِحَوْل الأُْمَّهَاتِ.
هَذَا إِذَا كَانَ النَّاضُّ مَنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَال، أَمَّا إِذَا كَانَ النَّاضُّ الْمَبِيعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَال فَهُوَ كَبَيْعِ عَرَضٍ بِعَرَضٍ فَيَضُمُّ الرِّبْحَ إِلَى الأَْصْل، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيل عَلَى الْخِلاَفِ فِيمَا هُوَ مِنِ الْجِنْسِ.
وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَال دُونَ نِصَابٍ: كَأَنِ اشْتَرَى عَرَضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَأَمْسَكَهَا إِلَى تَمَامِ حَوْل الشِّرَاءِ، وَاعْتَبَرْنَا النِّصَابَ آخِرَ الْحَوْل فَقَطْ زَكَّاهُمَا إِنْ ضَمَمْنَا الرِّبْحَ النَّاضَّ إِلَى الأَْصْل، وَهَذَا عَلَى الْقَوْل الْمَرْجُوحِ، وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ الرِّبْحَ إِلَى الأَْصْل - وَهَذَا عَلَى الْقَوْل الرَّاجِحِ - فَإِنَّهُ يُزَكِّي مِائَةً وَالرِّبْحَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَزَكَّى مِائَةَ الأَْصْل قَبْلَهَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْل التِّجَارَةِ؛ لأَِنَّ النَّضُوضَ لاَ يَقْطَعُهُ؛ لِكَوْنِهِ نِصَابًا.
وَإِنِ اعْتَبَرْنَا النِّصَابَ فِي جَمِيعِ الْحَوْل أَوْ فِي طَرَفَيْهِ فَابْتِدَاءُ حَوْل الْجَمِيعِ مِنْ حِينِ بَاعَ وَنَضَّ
فَإِذَا تَمَّ زَكَّى الْمِائَتَيْنِ (١) .
أَثَرُ النَّضُوضِ فِي فَسْخِ الشَّرِكَةِ:
٣ - الشَّرِكَةُ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لاَزِمٍ وَلِكُل وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ فَسْخُ الشَّرِكَةِ.
وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَشْتَرِطُ لِفَسْخِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ مَال الشَّرِكَةِ نَاضًّا، أَيْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، فَإِذَا كَانَ مَال الشَّرِكَةِ عُرُوضًا فَلاَ يَجُوزُ فَسْخُ الشَّرِكَةِ، وَتَبْقَى قَائِمَةٌ إِلَى أَنْ يَنِضَّ الْمَال، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (شَرِكَةِ الْعَقْدِ ف ٥٦، ٥٧) .
أَثَرُ النَّضُوضِ فِي فَسْخِ الْمُضَارَبَةِ:
٤ - إِذَا كَانَ رَأْسُ مَال الْمُضَارَبَةِ نَاضًّا - أَيْ صَارَ عَيْنًا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ - فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْمُضَارَبَةِ؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (٢) .
أَمَّا إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَال غَيْرَ نَاضٍّ بِأَنْ كَانَ
_________
(١) مغني المحتاج ١ / ٣٩٩، وشرح المحلي مع القليوبي ٢ / ٢٩، ٣٠، والجمل على شرح المنهج ٢ / ٢٦٨، وروضة الطالبين٢ / ٢٦٩ - ٢٧٠.
(٢) البدائع ٦ / ١٠٩، ١١٢، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٣ / ٥٣٥، ومغني المحتاج ٢ / ٣١٩، ٣٢٠، وكشاف القناع ٣ / ٥٠٦، ٥٢١، والمغني ٥ / ٦٤.
عُرُوضًا مَثَلًا فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ جَازَ (١) .
وَإِنْ طَلَبَ رَبُّ الْمَال أَوِ الْعَامِل تَنْضِيضَهُ فَقَدْ قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ طَلَبَ رَبُّ الْمَال أَوِ الْعَامِل نَضُوضَ الْمَال فَالْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي الأَْصْلَحِ مِنْ تَعْجِيل التَّنْضِيضِ أَوْ تَأْخِيرِهِ فَيَحْكُمُ بِهِ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى نَضُوضِهِ جَازَ كَمَا لَوِ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَةِ الْعُرُوضِ بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَيَكْفِي مِنْهُمُ اثْنَانِ، وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ كِفَايَةَ وَاحِدٍ عَارِفٍ يَرْضَيَانِهِ (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَلْزَمُ الْعَامِل تَنْضِيضُ رَأْسِ الْمَال إِنْ كَانَ عِنْدَ الْفَسْخِ عَرَضًا وَطَلَبَ الْمَالِكُ تَنْضِيضَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَال رِبْحٌ أَمْ لاَ، وَلَوْ كَانَ الْمَال عِنْدَ الْفَسْخِ نَاضًّا لَكِنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَال أَوْ مِنْ جِنْسِهِ وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ صِفَتِهِ كَالصِّحَاحِ وَالْمُكَسَّرَةِ فَكَالْعُرُوضِ.
فَإِنْ لَمْ يَطْلُبِ الْمَالِكُ التَّنْضِيضَ لَمْ يَجِبْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمَال لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَحَظُّهُ فِي التَّنْضِيضِ فَيَجِبُ، وَقِيل: لاَ يَلْزَمُ الْعَامِل التَّنْضِيضُ إِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ إِذْ لاَ فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ (٣) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَالْمَال عَرَضٌ فَرَضِيَ رَبُّ الْمَال أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ مِنَ الْعَرَضِ
_________
(١) الدسوقي ٣ / ٥٣٥، ومغني المحتاج ٢ / ٣١٩، والمغني ٥ / ٦٤.
(٢) الشرح الكبير ٣ / ٥٣٥، ٥٣٦.
(٣) مغني المحتاج ٢ / ٣٢٠.