الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ الصفحة 10

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦

وَذَكَرَ الأَْوْزَاعِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْلِمينَ مُعَاوَنَةُ صَاحِبِهِمْ، وَإِنْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ، وَخَافَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صَاحِبِهِمْ، لأَِنَّ الْمُبَارَزَةَ إِنَّمَا تَكُونُ هَكَذَا، وَلَكِنْ لَوْ حَجَزُوا بَيْنَهُمَا وَخَلَّوْا سَبِيل الْعِلْجِ الْكَافِرِ، قَال: فَإِنْ أَعَانَ الْعَدُوُّ صَاحِبَهُمْ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُعِينَ الْمُسْلِمُونَ صَاحِبَهُمْ (١) .

ضَرْبُ وَجْهِ الْمُبَارِزِ الْكَافِرِ

٩ - قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ تَوَجَّهَ لأَِحَدٍ ضَرْبُ وَجْهِ مَنْ يُبَارِزُهُ وَهُوَ فِي مُقَابَلَتِهِ حَال الْحَمْلَةِ لاَ يَكُفُّ عَنْهُ إِذْ قَدْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَقْتُلُهُ (٢) .

الْقَوَدُ فِي الْمُبَارَزَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُلاَعَبَةِ أَوِ التَّعْلِيمِ:

١٠ - نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَوْ بَارَزَ اثْنَانِ عَلَى وَجْهِ الْمُلاَعَبَةِ أَوِ التَّعْلِيمِ فَأَصَابَتِ الْخَشَبَةُ عَيْنَ أَحَدِهِمَا فَذَهَبَتْ يُقَادُ إِنْ أَمْكَنَ (٣) .

تَحْرِيضُ الْمُبَارِزِينَ بِالتَّكْبِيرِ

١١ - لاَ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيل فِي الْحَرْبِ إِلاَّ إِذَا كَانَ فِيهِ تَحْرِيضٌ لِلْمُبَارِزِينَ فَلاَ بَأْسَ بِهِ. (٤)

_________

(١) المغني ٨ / ٣٦٩.

(٢) فتح القدير ٤ / ١٢٧.

(٣) رد المحتار ٥ / ٣٥٢.

(٤) مجمع الأنهر ١ / ٦٥٨ - ٦٥٩.

مَبَارِكُ الإِْبِل

التَّعْرِيفُ:

١ - الْمَبَارِكُ جَمْعُ مَبْرَكٍ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْبُرُوكِ، يُقَال: بَرَكَ الْبَعِيرُ بُرُوكًا: وَقَعَ عَلَى بَرْكِهِ وَهُوَ صَدْرُهُ، وَيُقَال: أَبْرَكْتُهُ أَنَا، وَالأَْكْثَرُ: أَنَخْتُهُ فَبَرَكَ (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يُسَوُّونَ بَيْنَ الْمَبَارِكِ وَالْمَعَاطِنِ (٢) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْمَرَابِضُ:

٢ - الْمَرَابِضُ جَمْعُ مَرْبَضٍ، وَهُوَ مَأْوَى الْغَنَمِ، وَهُوَ كَالْمَبْرَكِ لِلإِْبِل (٣) .

وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا الْمُغَايَرَةُ وَالْمُبَايَنَةُ.

ب - الْمَرَابِدُ:

٣ - الْمَرَابِدُ، جَمْعُ مِرْبَدٍ، بِوَزْنِ مِقْوَدٍ، وَهُوَ

_________

(١) المصباح المنير.

(٢) مراقي الفلاح ١٩٦، وحاشية الدسوقي ١ / ١٨٩، وصحيح مسلم بشرح النووي ٤ / ٤٩، ونهاية المحتاج ٢ / ٦٠، الشرح الصغير ١ / ٢٦٨.

(٣) لسان العرب.

مَوْقِفُ الإِْبِل، أَوِ الَّذِي تُحْبَسُ فِيهِ الإِْبِل (١) وَالْمِرْبَدُ أَعَمُّ مِنَ الْمَبْرَكِ.

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَبَارِكِ الإِْبِل أ - الصَّلاَةُ فِي مَبَارِكِ الإِْبِل

٤ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ فِي مَبَارِكِ الإِْبِل مَكْرُوهَةٌ وَلَوْ طَاهِرَةً أَوْ فُرِشَتْ بِفِرَاشٍ طَاهِرٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ تَصِحُّ فِيهَا بِحَالٍ، وَتَلْزَمُ الإِْعَادَةُ إِنْ صَلَّى فِيهَا، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ كَالْجُمْهُورِ وَالصَّلاَةُ صَحِيحَةٌ، مَا لَمْ تَكُنِ الْمَبَارِكُ نَجِسَةً (٢) .

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةٌ ف ١٠٥) .

ب - عِلَّةُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي مَبَارِكِ الإِْبِل

٥ - قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: عِلَّةُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي مَبَارِكِ الإِْبِل مَا فِي الإِْبِل مِنَ النُّفُورِ، فَرُبَّمَا نَفَرَتْ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَتُؤَدِّي إِلَى قَطْعِهَا، أَوْ أَذًى يَحْصُل مِنْهَا، أَوْ تَشَوُّشُ الْخَاطِرِ الْمُلْهِي عَنِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلاَةِ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: النَّهْيُ تَعَبُّدِيٌّ لاَ لِعِلَّةٍ مَعْقُولَةٍ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: إِنَّ الْمَنْعَ مُعَلَّلٌ بِأَنَّهَا مَظَنَّةٌ لِلنَّجَاسَاتِ، لأَِنَّ الْبَعِيرَ الْبَارِكَ كَالْجِدَارِ يُمْكِنُ

_________

(١) المصباح المنير، وقواعد الفقه الكلية للبركتي (مِرْبَد) .

(٢) المغني ٢ / ٦٧ وما بعدها.

أَنْ يَسْتَتِرَ بِهِ وَيَبُول، وَهَذَا لاَ يَتَحَقَّقُ فِي حَيَوَانٍ سِوَاهَا، لأَِنَّهُ فِي حَال رَبْضِهِ يَسْتُرُ، وَفِي حَال قِيَامِهِ لاَ يَثْبُتُ، وَلاَ يَسْتُرُ (١)، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵄: أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُول إِلَيْهَا (٢) ".

_________

(١) بدائع الصنائع ١ / ١١٥، ونهاية المحتاج ٢ / ٦٣، ومغني المحتاج ١ / ٢٠٣، والشرح الصغير ١ / ٢٦٨، والمغني ٢ / ٦٩ - ٧٠.

(٢) أثر ابن عمر: " أنه أناخ راحلته مستقبل القبلة. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ٢٠)، وقال ابن حجر في الفتح (١ / ٢٤٧): سنده لا بأس به.

مُبَاشَرَةٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - مِنْ مَعَانِي الْمُبَاشَرَةِ فِي اللُّغَةِ:

الْمُلاَمَسَةُ وَأَصْلُهُ مِنْ لَمْسِ بَشَرَةِ الرَّجُل بَشَرَةَ الْمَرْأَةِ وَمِنْ مَعَانِيهَا - أَيْضًا -:

الْجِمَاعُ (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ ذَلِكَ.

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُبَاشَرَةِ:

تَتَعَلَّقُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

مُبَاشَرَةُ الْحَائِضِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ

٢ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ وَطْءَ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ كَمَا لاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي جَوَازِ مُبَاشَرَتِهَا فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَدُونَ الرُّكْبَةِ لِحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِل عَمَّا يَحِل لِلرَّجُل مِنَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَال: مَا فَوْقَ الإِْزَارِ (٢) وَاخْتَلَفُوا فِي مُبَاشَرَتِهَا فِيمَا بَيْنَ

_________

(١) لسان العرب.

(٢) حديث: " أن النبي ﷺ سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ". أخرجه أبو داود (١ / ١٤٦) من حديث معاذ بن جبل وقال: وليس هو بالقوي.

السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ حَرَامٌ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا (١) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَصْنَعَ كُل شَيْءٍ مَا عَدَا الْوَطْءَ.

وَلِلتَّفْصِيل - يُنْظَرُ (حَيْضٌ ف ٤٢) .

مُبَاشَرَةُ الصَّائِمِ

٣ - يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يُبَاشِرَ زَوْجَتَهُ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ إِنْ أَمِنَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ وَلاَ يَبْطُل صَوْمُهُ إِنْ لَمْ يُنْزِل (٢) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُقَبِّل وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ (٣) (ر: صَوْمٌ ف ٣٩) .

وَتَحْرُمُ الْمُبَاشَرَةُ إِنْ كَانَتْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ لِخَبَرِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ

_________

(١) حديث: عائشة: " كانت إحدانا إذا كانت حائضًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٤٠٣) ومسلم (١ / ٢٤٢) واللفظ للبخاري.

(٢) كشاف القناع ٢ / ٣١٩، ونهاية المحتاج ٣ / ١٧٣، ورد المحتار ٢ / ٩٨ - ١٠٠.

(٣) حديث: " كان النبي ﷺ يقبل ويباشر وهو صائم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ١٤٩)، ومسلم (٢ / ٧٧٧) واللفظ للبخاري.

لِلشَّيْخِ وَهُوَ صَائِمٌ وَنَهَى عَنْهَا الشَّابَّ وَقَال: الشَّيْخُ يَمْلِكُ إِرْبَهُ وَالشَّابُّ يَفْسُدُ صَوْمُهُ (١)

قَال الرَّمْلِيُّ: فَفَهِمْنَا مِنَ التَّعْلِيل أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِهَا وَلأَِنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ.

وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْمُعَانَقَةُ كَالْقُبْلَةِ (٢) .

مُبَاشَرَةُ الْمُعْتَكِفِ

٤ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِمَعْنَى الْوَطْءِ يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ . وَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ بِلاَ وَطْءٍ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (اعْتِكَافٌ ف ٢٧) .

مُبَاشَرَةُ الْمُحْرِمِ

٥ - يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ بِأَنْوَاعِهَا:

الْجِمَاعُ وَالْقُبْلَةُ وَالْمُعَانَقَةُ وَاللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الإِْنْزَال، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَال فِي الْحَجِّ﴾ وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ ف ٩٣) .

التَّعَدِّي عَلَى الْغَيْرِ بِالْمُبَاشَرَةِ

٦ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ التَّعَدِّيَ

_________

(١) حديث: (أن النبي ﷺ رخص القبلة للشيخ. . .) . أخرجه البيهقي (٤ / ٢٣٢) من حديث عائشة.

(٢) نهاية المحتاج ٣ / ١٧٠، ومغني المحتاج ١ / ٤٣١.

عَلَى الْغَيْرِ مُبَاشَرَةً هُوَ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الضَّمَانِ.

كَمَا اتَّفَقُوا فِي الْجُمْلَةِ: عَلَى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إِلَى الْمُبَاشِرِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ. فَالْقَاعِدَةُ: إِذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ أَوِ الْغُرُورُ وَالْمُبَاشَرَةُ قُدِّمَتِ الْمُبَاشَرَةُ (١) .

_________

(١) المنثور ١ / ١٣٣، والأشباه لابن نجيم مع حاشية الحموي ٢ / ١٩٦، وحلية العلماء ٧ / ٤٦٥، والسراج الوهاج على شرح متن المنهاج ص٤٧٩، والمغني ٧ / ٧٥٥.

مُبَالَغَةٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْمُبَالَغَةُ فِي اللُّغَةِ:

مَصْدَرُ بَالَغَ يُقَال: بَالَغَ يُبَالِغُ مُبَالَغَةً وَبَلاَغًا: إِذَا اجْتَهَدَ فِي الأَْمْرِ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَالْمُبَالَغَةُ: الْمُغَالاَةُ (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٢) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُبَالَغَةِ:

الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ فِي الْوُضُوءِ

٢ - الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ إِدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَعْمَاقِ الْفَمِ وَأَقَاصِيهِ وَأَشْدَاقِهِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الاِسْتِنْشَاقِ اجْتِذَابُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ إِلَى أَقْصَى الأَْنْفِ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ سُنَّةٌ لِغَيْرِ الصَّائِمِ. أَمَّا لِلصَّائِمِ فَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا مَكْرُوهَةٌ بِالنِّسْبَةِ

_________

(١) لسان العرب، وتاج العروس، والمعجم الوسيط، وتهذيب اللغة.

(٢) قواعد الفقه للبركتي.

لَهُ لِحَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبُرَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا (١) .

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (وُضُوءٌ، صَوْمٌ ف ٨٣) .

الْمُبَالَغَةُ فِي غَسْل أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ

٣ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ أَيْ غَسْل مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ مَسْحُهُ لِمَا رَوَى نُعَيْمٌ الْمُجَمِّرُ أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ يَتَوَضَّأُ فَغَسَل وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ ثُمَّ غَسَل رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إِلَى السَّاقَيْنِ ثُمَّ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيل غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَل (٢)، وَالْغُرَّةُ: بَيَاضٌ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وَالتَّحْجِيل فِي يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ

وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: يَأْتُونَ بِيضَ الْوُجُوهِ وَالأَْيْدِي وَالأَْرْجُل.

_________

(١) فتح القدير ١ / ١٦، وحاشية ابن عابدين ١ / ٧٩، وشرح الزرقاني على خليل ١ / ٦٧، والذخيرة ٢٧٢، وشرح المحلي ١ / ٥٣، والمجموع ١ / ٣٥٦ - ٣٥٧، والمغني ١ / ٣٥٦، والإنصاف ١ / ١٣٢ - ١٣٣. وحديث: " بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا ". أخرجه الترمذي (٣ / ١٤٦) وقال: حديث صحيح.

(٢) حديث: نعيم المجمر: " أنه رأى أبا هريرة ﵁ يتوضأ. . ". أخرجه مسلم (١ / ٢١٦) .