الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦
تقيد الإذن بالزمان والمكان ونوعية التصرف
وفاة الآذن وأثره في بطلان الإذن
ثانيا مؤنة المستأجر أثناء الإجارة
هل انفراق أرنبة المارن من علامات البلوغ
بالنظر إلى كونه مثليا أو قيميا
بالنظر إلى رجاء صاحبه في عوده إليه
الزكاة في الأموال الظاهرة والباطنة
علة النهي عن الصلاة في مبارك الإبل
المبالغة في المضمضة والاستنشاق في الوضوء
المبالغة في دلك العقب في الوضوء
المبالغة في الدعاء ورفع اليدين في الاستسقاء
ما يترتب على المتاركة من أحكام
تخلية العقار المبيع من متاع غير المشتري
(أ) الناسية للعدد فقط (الإضلال بالعدد)
(ب) الناسية للمكان فقط (الإضلال بالمكان)
كيفية الاحتياط في الأحكام عند من يقول به
الاحتياط في قراءة القرآن ومس المصحف
الاحتياط في دخول المسجد والطواف
من يكون له حق الولاية ونصب المتولي
ثالثا قتل صيد من المثليات في الحرم
إنكار ما يجاهر به من محظورات ومباحات
المفاضلة بين المجاهرة بالطاعات والإسرار بها
الصلح على إجراء ماء في أرض مملوكة للغير أو على سطح الجار
تقابض العوضين في مجلس العقد في الصرف
ثبوت خيار فسخ العقد في مجلس العقد
أولا وقوع المجمل في الكتاب والسنة
ثانيا التعبد بالمجمل قبل البيان والحكمة في ذلك
أولا المحاباة في البيع والشراء
المحاباة من المريض مرض الموت لغير وارثه
المحاباة من المريض مرض الموت لوارثه
الأمر الأول محاباة وتفضيل الوالد بعض أولاده بهبته
الأمر الثاني المحاباة في الهبة في مرض الموت
المحاذاة في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام
محاذاة المأموم إمامه في الصلاة
سابعا محاسبة من بيده التركة من الورثة
محبة العلماء والصالحين وعموم المؤمنين
محبة إحدى الزوجات أو أحد الأولاد أكثر من غيره
محبة المهاجرين والأنصار والخلفاء الراشدين
سفر المرأة لغير الفرض بدون محرم
كيفية معرفة قرابة الرضاع المحرمة
الثالث المطلقة ثلاثا بالنسبة لمن طلقها
السادس الجمع بين الأختين ومن في حكمهما
السابع الجمع بين أكثر من أربع زوجات
الأحكام الفقهية المتعلقة بالمحكوم عليه
الأحكام الأصولية المتعلقة بالمحكوم عليه
أولا - المحل بمعنى الموضع والمكان
النظر إلى محل السجود في الصلاة
ثانيا المحل بمعنى الأجل والزمان
مخارج الحيل في التصرفات الشرعية
الحيلة في إسقاط حد السرقة والزنا
ثالثا انتقاض الوضوء بخروج المخاط ونحوه
نظر المخنث إلى غير محارمه من النساء
ثانيا المخيلة بمعنى الأمارة على الحمل
من الأحكام المتعلقة بالمدح ما يأتي
استحقاق المدرس ما رتب له يوم البطالة
أولا المدرك لوقت الصلاة بعد زوال الأسباب المانعة
ثالثا حصول العذر للمدرك قبل فعل الفرض
رابعا ما تدرك به الجماعة والجمعة
ثياب مدمن الخمر من حيث الطهارة والنجاسة
إضافة المشتري الأول شيئا إلى المبيع
المراجعة بمعنى معاودة النظر في الأمر
الخروج من الخلاف بإتيان ما لا يعتقد وجوبه
مراعاة الخلاف فيما بعد وقوع المختلف فيه
اشتراط وجود الراحلة لوجوب الحج
رابعا المرسل مرادا به المصلحة المرسلة
خامسا المرسل مرادا به الواحد من رسل الله تعالى
أولا جواز التيمم مع وجود الماء للمرض
ثالثا كيفية صلاة المريض واستقبال القبلة
رابعا التخلف عن الجماعة وصلاة الجمعة والعيدين
خامسا الجمع بين الصلاتين للمرض
الخروج من الاعتكاف لعيادة المريض
الاستنابة في الحج والعمرة للمرض
التأخير في استيفاء القصاص للمرض
أثر مرض أحد الزوجين في خلوة النكاح
قسم الزوج المريض والقسم للزوجة المريضة
نفقة الزوجة المريضة والأولاد المرضى والقريب المريض
تراجم فقهاء الجزء السادس والثلاثين
أبو بردة (؟ - ١٠٣ هـ وقيل غير ذلك)
أبو العباس القرطبي (٥٧٨ - ٦٥٦ هـ)
عبد الله بن عدي بن الحمراء (؟ -؟)
مَأْتَمٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الْمَأْتَمُ فِي اللُّغَةِ: مُجْتَمَعُ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ فِي الْغَمِّ وَالْفَرَحِ، ثُمَّ خُصَّ بَهِ اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ لِلْمَوْتِ، وَقِيل: هُوَ لِلشَّوَابِّ مِنَ النِّسَاءِ لاَ غَيْرَ، وَالْعَامَّةُ تَخُصُّهُ بِالْمُصِيبَةِ.
وَالْمَأْتَمُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ: اجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي الْمَوْتِ (١) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّعْزِيَةُ:
٢ - التَّعْزِيَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَزَّى وَالثُّلاَثِيُّ مِنْهُ عَزِيَ أَيْ: صَبَرَ عَلَى مَا نَابَهُ، يُقَال: عَزَّيْتُهُ تَعْزِيَةً: قُلْتُ لَهُ: أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَكَ، أَيْ رَزَقَكَ الصَّبْرَ الْحَسَنَ، وَالْعَزَاءُ اسْمٌ مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَال: تَعَزَّى هُوَ: تَصَبَّرَ، وَشِعَارُهُ أَنْ يَقُول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٢) .
قَال الأَْزْهَرِيُّ: أَصْلُهَا التَّعْبِيرُ لِمَنْ أُصِيبَ
_________
(١) النهاية في غريب الحديث والأثر ولسان العرب، ومواهب الجليل ٢ / ٢٤١.
(٢) المصباح المنير.
بِمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ (١) .
وَالتَّعْزِيَةُ اصْطِلاَحًا: الأَْمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْل عَلَيْهِ بِوَعْدِ الأَْجْرِ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ (٢) .
وَالتَّعْزِيَةُ أَخَصُّ مِنَ الْمَأْتَمِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
٣ - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَكَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ كَرَاهَةَ الْمَأْتَمِ (٣) .
جَاءَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَأَمَّا الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الأَْصْحَابِ عَلَى كَرَاهَتِهِ، قَالُوا: يُعْنَى بِالْجُلُوسِ لَهَا أَنْ يَجْتَمِعَ أَهْل الْمَيِّتِ فِي بَيْتٍ فَيَقْصِدُهُمْ مَنْ أَرَادَ التَّعْزِيَةَ، قَالُوا: بَل يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ، فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ فِي كَرَاهَةِ الْجُلُوسِ لَهَا، قَال الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ: وَأَكْرَهُ الْمَأْتَمَ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ (٤) .
وَقَال الْبُهُوتِيُّ: وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا أَيْ لِلتَّعْزِيَةِ، بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُصَابُ فِي مَكَانٍ
_________
(١) تحرير ألفاظ التنبيه للنووي ص٩٩.
(٢) مغني المحتاج ١ / ٣٣٥.
(٣) روضة الطالبين ٢ / ١٤٤، والمجموع ٥ / ٣٠٦ - ٣٠٧، والمغني ٢ / ٥٤٥، وتسلية أهل المصائب للمنبجي ص١١٣، وحاشية ابن عابدين ١ / ٦٠٤.
(٤) المجموع ٥ / ٣٠٦ - ٣٠٧.
لِيُعَزُّوهُ، أَوْ يَجْلِسَ الْمُعَزِّي عِنْدَ الْمُصَابِ لِلتَّعْزِيَةِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ اسْتِدَامَةِ الْحُزْنِ، وَقَال نَقْلًا عَنِ الْفُصُول: يُكْرَهُ الاِجْتِمَاعُ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ لِتَهْيِيجِهِ الْحُزْنَ (١) .
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلًا عَنِ الإِْمْدَادِ: وَقَال كَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَئِمَّتِنَا: يُكْرَهُ الاِجْتِمَاعُ عِنْدَ صَاحِبِ الْبَيْتِ، وَيُكْرَهُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَيْهِ مَنْ يُعَزِّي، بَل إِذَا فَرَغَ وَرَجَعَ النَّاسُ مِنَ الدَّفْنِ فَلْيَتَفَرَّقُوا وَيَشْتَغِل النَّاسُ بِأُمُورِهِمْ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ بِأَمْرِهِ (٢) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُل لِلتَّعْزِيَةِ كَمَا فَعَل النَّبِيُّ ﷺ حِينَ جَاءَ خَبَرُ جَعْفَرٍ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَمَنْ قُتِل مَعَهُمْ ﵃ بِمُؤْتَةَ (٣)، وَوَاسِعٌ كَوْنُهَا قَبْل الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ، وَالأَْوْلَى عِنْدَ رُجُوعِ الْوَلِيِّ إِلَى بَيْتِهِ (٤)، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: كُرِهَ اجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكَاءٍ سِرًّا، وَمُنِعَ جَهْرًا كَالْقَوْل الْقَبِيحِ مُطْلَقًا (٥) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجُلُوسُ
_________
(١) كشاف القناع ٢ / ١٦٠.
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٦٠٤.
(٣) حديث: " أن النبي ﷺ جلس للتعزية. . . ". أورده ابن عابدين في الحاشية (١ / ٦٠٤) ولم يعزه إلى أي مصدر، ولم نهتد لمن أخرجه.
(٤) حاشية الصاوي على الشرح الصغير ١ / ٥٦٠ - ٥٦١، وحاشية ابن عابدين ١ / ٦٠٤.
(٥) الشرح الصغير ١ / ٥٦٩، ومواهب الجليل ٢ / ٢٤٠ - ٢٤١.
لِلْمُصِيبَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ خِلاَفُ الأَْوْلَى، وَيُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ (١)، وَفِي الأَْحْكَامِ عَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى: الْجُلُوسُ فِي الْمُصِيبَةِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ لِلرِّجَال جَاءَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ، وَلاَ تَجْلِسُ النِّسَاءُ قَطْعًا (٢) .
(ر: تَعْزِيَةٌ ف ٦)
مَأْدُبَةٌ
انْظُرْ: وَلِيمَةٌ
_________
(١) غنية المتملي في شرح منية المصلي ص٦٠٨، وحاشية ابن عابدين ١ / ٦٠٣.
(٢) حاشية ابن عابدين ١ / ٦٠٣ - ٦٠٤، والبريقة المحمودية في شرح الطريقة المحمدية ٤ / ١٦٨ ط: استانبول.
مَأْذُونٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الْمَأْذُونُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَذِنَ، يُقَال: أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ: أَيْ أَبَاحَهُ لَهُ (١) .
وَالاِسْمُ: الإِْذْنُ، وَيَكُونُ الأَْمْرُ إِذْنًا، وَكَذَا الإِْرَادَةُ، نَحْوُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَيُقَال: أَذِنْتُ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ.
وَالْفُقَهَاءُ يَحْذِفُونَ الصِّلَةَ تَخْفِيفًا، فَيَقُولُونَ: الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، لِفَهْمِ الْمَعْنَى (٢) .
وَتَأْتِي أَذِنَ بِمَعْنَى: عَلِمَ، عَلَى مِثْل قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ (٣) .
وَبِمَعْنَى اسْتَمَعَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ (٤) .
وَالْمَأْذُونُ اصْطِلاَحًا: هُوَ الَّذِي فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، وَأُذِنَ لِلتِّجَارَةِ، وَأُطْلِقَ لَهُ
_________
(١) القاموس المحيط للفيروز آبادي.
(٢) المصباح المنير - للفيومي.
(٣) سورة البقرة / ٢٧٩.
(٤) سورة الانشقاق / ٢.
التَّصَرُّفُ مِنْ مَوْلاَهُ إِنْ كَانَ عَبْدًا، وَمِنْ وَلِيِّهِ إِنْ كَانَ صَغِيرًا (١) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمَحْجُورُ:
٢ - الْمَحْجُورُ لُغَةً وَاصْطِلاَحًا: هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْ نَفَاذِ التَّصَرُّفِ
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَأْذُونِ وَالْمَحْجُورِ التَّضَادُّ.
حُكْمُ الإِْذْنِ لِلْمَأْذُونِ:
٣ - الإِْذْنُ بِالتَّصَرُّفِ لِلْمَأْذُونِ جَائِزٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِذَا قَامَ مُبَرِّرٌ لِذَلِكَ كَالْقَاصِرِ إِذَا قَارَبَ الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يُؤْذَنُ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ.
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الإِْذْنُ لَهُ بِالتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّى وَلِيُّهُ الْعَقْدَ (٢) .
شُرُوطُ الْمَأْذُونِ لَهُ
٤ - لِلْمَأْذُونِ لَهُ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ، مِنْهَا: التَّمْيِيزُ، وَإِينَاسُ الْخِبْرَةِ فِي التِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ.
وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صِغَرٌ ف ٣٩) .
تَقَيُّدُ الإِْذْنِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِيَّةِ التَّصَرُّفِ:
٥ - الإِْذْنُ لِلصَّغِيرِ قَدْ يَكُونُ عَامًّا فِي كُل أَنْوَاعِ
_________
(١) قواعد الفقه للبركتي.
(٢) تبيين الحقائق ٥ / ٢٣٠ وما بعدها، وابن عابدين ٥ / ١٠٨ - ١١١، والشرح الكبير ٣ / ٢٩٤، ٣٣٠، ومغني المحتاج ٢ / ١٧٠، والمغني ٤ / ٤٦٨.
التِّجَارَةِ، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِأَنْ يَكُونَ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، لاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ.
فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الإِْذْنَ إِنْ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، أَوْ لَمْ يُحَدَّدْ بِوَقْتٍ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الأَْنْوَاعِ وَتَوَابِعِهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ رَهْنٍ وَإِعَارَةٍ.
وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فِي نَوْعٍ مِنَ التِّجَارَةِ، أَوْ حُدِّدَ الإِْذْنُ بِوَقْتٍ - كَشَهْرٍ أَوْ عِدَّةِ أَشْهُرٍ - فَإِنَّ الإِْذْنَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَتَوَابِعِهَا وَضَرُورَاتِهَا، فَيَنْقَلِبُ الإِْذْنُ الْخَاصُّ عَامًّا، وَلاَ يَتَحَدَّدُ بِنَوْعٍ مِنَ التِّجَارَاتِ، وَلاَ بِوَقْتٍ، بَل لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ وَنَهَاهُ عَنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنِ الصَّغِيرُ مُلْزَمًا بِهَذَا النَّهْيِ، وَكَانَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ الْوَلِيُّ خِلاَفًا لِزُفَرَ.
وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عِنْدَ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُجَوِّزِ الصَّاحِبَانِ ذَلِكَ، وَجَوَّزَاهُ فِي الْغَبْنِ الْيَسِيرِ الْمُحْتَمَل عَادَةً (١) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الإِْذْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ، وَأَنَّ هَذَا الإِْذْنَ لاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ اخْتِبَارًا وَتَمْرِينًا لِلصَّغِيرِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الصَّبِيِّ مِقْدَارًا مَحْدُودًا وَقَلِيلًا مِنَ الْمَال، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهَذَا الْمَبْلَغِ، وَلَكِنْ حَتَّى بَعْدَ هَذَا الإِْذْنِ، فَلَنْ يَكُونَ عَقْدُ الصَّغِيرِ
_________
(١) تحفة الفقهاء للسمرقندي ٣ / ٤٨٣، ٤٨٤، وبدائع الصنائع للكاساني ١٠ / ٤٥٢٩، والهداية للمرغيناني مع تكملة فتح القدير ٩ / ٢٨٧، وابن عابدين ٥ / ١٠٠.
لاَزِمًا نَافِذًا، بَل هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ (١) .
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ وَجْهَانِ فِي وَقْتِ اخْتِبَارِ الصَّبِيِّ، أَحَدُهُمَا: بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَأَصَحُّهُمَا قَبْلَهُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اخْتِبَارِهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُدْفَعُ إِلَيْهِ قَدْرٌ مِنَ الْمَال، وَيُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُسَاوَمَةِ، فَإِذَا آل الأَْمْرُ إِلَى الْعَقْدِ عَقَدَ الْوَلِيُّ، وَالثَّانِي: يَعْقِدُ الصَّبِيُّ وَيَصِحُّ مِنْهُ هَذَا الْعَقْدُ لِلْحَاجَةِ (٢) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الإِْذْنَ مَحَل اعْتِبَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يُمَارِسَ التِّجَارَةَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا الْتَزَمَ الصَّغِيرُ بِهِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَعَلَى الصَّغِيرِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَا حَدَّدَهُ لَهُ الْوَلِيُّ قَدْرًا وَنَوْعًا، فَإِذَا حَدَّدَ لَهُ الاِتِّجَارَ فِي نَوْعٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ، أَوْ مَبْلَغًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذْنًا مُطْلَقًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي غَيْرِهَا مِنْ وَكَالَةٍ أَوْ تَوْكِيلٍ، أَوْ رَهْنٍ أَوْ إِعَارَةٍ (٣) .
مَنْ لَهُ حَقُّ الإِْذْنِ:
٦ - حَقُّ الإِْذْنِ بِالتَّصَرُّفِ لِلْمَأْذُونِ يَكُونُ لِمَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَنْهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ، وَالْوَصِيُّ،
_________
(١) البهجة شرح التحفة للتسولي ٢ / ٣٠٢.
(٢) روضة الطالبين ٤ / ١٨١، والقليوبي وعميرة ٢ / ٣٠٢.
(٣) شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٩٦، ٢٩٧، وكشاف القناع للبهوتي ٣ / ٤٥٧، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ٤ / ٢٦٧ - ٢٦٨.
وَالْقَاضِي، وَذَلِكَ بِشُرُوطٍ وَضَوَابِطَ بَيَّنَهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاضِعِهَا.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ (إِذْنٌ ف ٢٧، وَلِيٌّ، وَصِيٌّ) .
تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ
٧ - تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ تَعْتَرِيهَا حَالاَتٌ ثَلاَثٌ: فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَافِعَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ضَارَّةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَأَرْجِحَةً بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ.
وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بَعْضُهَا تَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَبَعْضُهَا لاَ تَصِحُّ وَلَوْ بِالإِْذْنِ، وَبَعْضُهَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ.
أ - فَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَكُونُ نَافِعَةً لِلصَّغِيرِ، وَلاَ تَحْتَمِل الضَّرَرَ: مِنْ تَمَلُّكِ مَالٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ دُونَ مُقَابِلٍ، لاَ تَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غَيْرَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ: أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ قَالُوا بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَقْبَل الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ، وَأَنْ يَقْبِضَهَا، وَيَمْلِكَهَا بِقَبْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ (١) .
وَلَمَّا كَانَ قَبُول الْهِبَةِ وَقَبْضُهَا نَفْعًا مَحْضًا لاَ
_________
(١) الهداية مع تكملة فتح القدير للمراغيناني ٩ / ٣١٢، وشرح الحطاب على مختصر خليل ٦ / ٢٥، والمغني لابن قدامة ٦ / ٤٩، ٥٠.
يَشُوبُهُ ضَرَرٌ، صَحَّ مِنَ الصَّبِيِّ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ، لأَِجْل مَصْلَحَتِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصَّبِيَّ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُول الْهِبَةِ وَلاَ يَقْبِضُهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا بِهَذَا الْقَبْضِ؛ لإِبْطَالِهِمْ سَائِرَ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ؛ لأَِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَقْدَ هِبَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لإِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَإِنْ تَمَحَّضَ نَفْعًا (١) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الصَّغِيرَ يَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ وَقَبْضُهَا، إِذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ وَلاَ قَبْضُهُ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ، وَلاَ بُدَّ لِمَنْ يَقْبَل أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لإِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ إِلاَّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (٢) .
وَلأَِنَّهُ بِالْقَبْضِ يَصِيرُ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَال، وَهُنَاكَ احْتِمَال تَضْيِيعِهِ أَوِ التَّفْرِيطِ فِي حِفْظِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ عَنْهُ وَيُمْنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بِالإِْذْنِ، فَإِنَّ الاِحْتِمَال هَذَا مَدْفُوعٌ (٣) .
ب - أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الضَّارَّةُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى ضَرَرٍ مَحْضٍ، وَلاَ تَحْتَمِل النَّفْعَ كَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْقَرْضِ، فَلاَ تَصِحُّ مِنَ الصَّغِيرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ.
_________
(١) المجموع للنووي ٩ / ١٦٦.
(٢) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي ٤ / ٢٦٩.
(٣) المغني لابن قدامة ٦ / ٥٠.