الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦ الصفحة 2

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٦

وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ الْوَلِيَّ لاَ يَمْلِكُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، فَلاَ يَمْلِكُ الإِْذْنَ بِهَا.

أَمَّا الْوَصِيَّةُ، وَالصُّلْحُ، وَالإِْعَارَةُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جِوَازِهَا نَظَرًا لِمَا رَأَوْهُ فِيهَا مِنْ نَفْعٍ أَوْ ضَرَرٍ (١) .

ج - أَمَّا تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْل إِذْنِ الْوَلِيِّ، أَوْ بَعْدَ إِذْنِهِ، فَتَصَرُّفُهُ قَبْل الإِْذْنِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا، وَيَكُونُ نَفَاذُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ، إِنْ أَجَازَهُ لَزِمَ، وَإِنْ رَدَّهُ فُسِخَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَتَعْلِيل ذَلِكَ: أَنَّ عِبَارَةَ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ صَحِيحَةٌ؛ لأَِنَّهُ قَاصِدٌ لَهَا، فَاهِمٌ لِمَعْنَاهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَلاَ مَعْنَى لإِلْغَائِهَا، وَلأَِنَّ فِي تَصْحِيحِ عِبَارَتِهِ تَعْوِيدًا لَهُ عَلَى التِّجَارَةِ، وَمِرَانًا وَاخْتِبَارًا لِمَدَى مَا وَصَل إِلَيْهِ مِنْ إِدْرَاكٍ، مِمَّا يُسَهِّل الْحُكْمَ بِرُشْدِهِ، أَوْ عَدَمِ رُشْدِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ (٢) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي رِوَايَةٍ - إِلَى

_________

(١) بدائع الصنائع للكاساني ٨ / ٣٩١٠، ومغني المحتاج ٢ / ٣٩٧، وتحفة المحتاج لابن حجر ٦ / ٢٣٦، ونهاية المحتاج للرملي ٤ / ٢٢٤.

(٢) كشف الأسرار للبخاري ٤ / ٢٥٦، ٢٥٧، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ٤ / ٢٦٧، وبدائع الصنائع للكاساني ٦ / ٣٠٢٢، والمبدع لابن مفلح ٤ / ٨، والبهجة شرح التحفة للتسولي ٢ / ٣٠٤.

عَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِدُونِ إِذْنِ وَلِيِّهِ؛ لأَِنَّ عِبَارَتَهُ مُلْغَاةٌ، فَلاَ تَصِحُّ بِهَا الْعُقُودُ، وَلأَِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَالسَّفِيهِ، وَلأَِنَّ فِي تَصْحِيحِ تَصَرُّفِهِ ضَيَاعًا لِمَالِهِ، وَضَرَرًا عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ، فَلاَ يَصِحُّ مِنْهُ (١) .

أَمَّا تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الإِْذْنِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ.

فَالْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: يَرَوْنَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ نَافِذٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (٢) وَالاِبْتِلاَءُ يَكُونُ قَبْل الْبُلُوغِ، وَلأَِنَّ الصَّبِيَّ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ، فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، كَمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ إِذْنُهُ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الإِْذْنِ، كَمَا لَمْ يَصِحَّ قَبْل الإِْذْنِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِل أَوْ يُفِيقَ (٣)

_________

(١) المجموع للنووي ٩ / ١٦١، ١٦٤، والمبدع ٤ / ٨، وكشاف القناع للبهوتي ٣ / ٤٤٢، ٤٥٨.

(٢) سورة النساء / ٦.

(٣) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٥٨) والحاكم (٢ / ٥٩) من حديث عائشة، واللفظ لابن ماجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

، فَلَوْ صَحَّ بَيْعُهُ لَزِمَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ مِنْ عُهْدَةٍ، وَالْحَدِيثُ يَنْفِي الْتِزَامَ الصَّبِيِّ بِأَيِّ شَيْءٍ، فَالْقَوْل بِصِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ يَتَنَافَى مَعَ الْحَدِيثِ، فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْل بِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَصِحُّ مِنَ الْمَأْذُونِ لِلْحَاجَةِ (١) .

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَبِيعَ أَوِ الثَّمَنَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ (٢) .

تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْمَأْذُونِ

٨ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ السَّفِيهَ الْمَأْذُونَ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ هَذَا.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْعَقْدِ.

وَفِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْوَجْهِ الآْخَرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَصِحُّ عَقْدُهُ.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سَفَهٌ ف ٢٦ وَمَا بَعْدَهَا) .

_________

(١) روضة الطالبين ٤ / ١٨١، وحاشية القليوبي ٢ / ٣٠٢.

(٢) الهداية مع تكملة فتح القدير ٩ / ٣١٠، ٣١١، وكشاف القناع ٣ / ٤٥٧، والمجموع للنووي ٩ / ١٦٤، ١٦٥، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي ٥ / ٣١٨.

وَفَاةُ الآْذِنِ وَأَثَرُهُ فِي بُطْلاَنِ الإِْذْنِ

٩ - إِذَا مَاتَ الآْذِنُ: إِنْ كَانَ أَبًا، انْتَهَتِ الْوِلاَيَةُ، وَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ بُطْلاَنُ الإِْذْنِ وَاسْتِمْرَارُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ الآْذِنُ وَصِيًّا، فَتَنْتَهِي الْوِصَايَةُ بِوَفَاتِهِ، وَيَنْتَهِي الإِْذْنُ أَيْضًا، وَمَا يَفْعَلُهُ الْمَأْذُونُ مِنْ تَصَرُّفَاتٍ بَعْدَ مَوْتِ الآْذِنِ لاَ تَصِحُّ، وَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَيُّ آثَارٍ.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِذْنٌ ف ٦٥) وَمُصْطَلَحِ (وِلاَيَةٌ وَوَصِيَّةٌ) .

الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْمُؤَلَّفَةُ فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ مُؤَلَّفٍ، وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الأُْلْفَةِ، يُقَال: أَلَّفْتُ بَيْنَهُمْ تَأْلِيفًا إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقٍ، وَالْمُرَادُ بِتَأْلِيفِ قُلُوبِهِمُ: اسْتِمَالَةُ قُلُوبِهِمْ بِالإِْحْسَانِ وَالْمَوَدَّةِ (١) .

وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ فِي الاِصْطِلاَحِ: هُمُ الَّذِينَ يُرَادُ تَأْلِيفُ قُلُوبِهِمْ بِالاِسْتِمَالَةِ إِلَى الإِْسْلاَمِ، أَوْ تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى الإِْسْلاَمِ، أَوْ كَفُّ شَرِّهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ نَصْرُهُمْ عَلَى عَدُوٍّ لَهُمْ، وَنَحْوُ ذَلِكَ (٢) .

حِكْمَةُ تَأْلِيفِ الْقُلُوبِ

٢ - حَثَّ الإِْسْلاَمُ أَتْبَاعَهُ بِالإِْحْسَانِ إِلَى خُصُومِهِمْ وَأَعْدَائِهِمْ، وَبِذَلِكَ يَفْتَحُ الإِْسْلاَمُ الْقُلُوبَ بِالإِْحْسَانِ، كَمَا يَفْتَحُ الْعُقُول بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَسْتَوِي

_________

(١) المصباح المنير، وتاج العروس، ولسان العرب، ومختار الصحاح، والمفردات في غريب القرآن مادة (ألف)، وتحرير ألفاظ التنبيه ص١١٩.

(٢) حاشية ابن عابدين ٢ / ٦٠ - ط. بولاق مصر، وقواعد الفقه للبركتي ص٤٥٩، والمغرب في ترتيب المعرب ص٢٧.

الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (١) .

وَلِذَلِكَ شَرَعَ الإِْسْلاَمُ نَصِيبًا مِنْ مَال الزَّكَاةِ لِتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ، قَال الْقُرْطُبِيُّ: قَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: اخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فَقِيل: هُمْ صِنْفٌ مِنَ الْكُفَّارِ يُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا عَلَى الإِْسْلاَمِ، وَكَانُوا لاَ يُسْلِمُونِ بِالْقَهْرِ وَالسَّيْفِ، وَلَكِنْ يُسْلِمُونَ بِالْعَطَاءِ وَالإِْحْسَانِ، وَقِيل: هُمْ قَوْمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ يُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا أَتْبَاعَهُمْ عَلَى الإِْسْلاَمِ، قَال: هَذِهِ الأَْقْوَال مُتَقَارِبَةٌ، وَالْقَصْدُ بِجَمِيعِهَا الإِْعْطَاءُ لِمَنْ لاَ يُتَمَكَّنُ إِسْلاَمُهُ حَقِيقَةً إِلاَّ بِالْعَطَاءِ فَكَأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ الْجِهَادِ.

وَقَال: الْمُشْرِكُونَ ثَلاَثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يَرْجِعُ بِإِقَامَةِ الْبُرْهَانِ، وَصِنْفٌ بِالْقَهْرِ، وَصِنْفٌ بِالإِْحْسَانِ، وَالإِْمَامُ النَّاظِرُ لِلْمُسْلِمِينَ يَسْتَعْمِل مَعَ كُل صِنْفٍ مَا يَرَاهُ سَبَبًا لِنَجَاتِهِ وَتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكُفْرِ (٢)، وَقَدْ فَقَّهَ الرَّسُول ﷺ أُمَّتَهُ فِي تَأْلِيفِ النَّاسِ عَلَى الإِْسْلاَمِ بِقَوْلِهِ: إِنِّي لأَُعْطِي الرَّجُل وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ (٣) .

_________

(١) سورة فصلت / ٣٤.

(٢) تفسير القرطبي ٨ / ١٧٩.

(٣) حديث: " إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٣٤٠) ومسلم (٢ / ٧٣٣) من حديث سعد ابن أبي وقاص.

سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ:

٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سَهْمِ الزَّكَاةِ الْمُخَصَّصِ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ سَهْمَهُمْ بَاقٍ.

وَذَهَبَ بِهِ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ سَهْمَهُمْ مُنْقَطِعٌ لِعِزِّ الإِْسْلاَمِ، لَكِنْ إِذَا احْتِيحَ إِلَى تَأَلُّفِهِمْ أُعْطُوا.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ بِسُقُوطِ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.

٤ - ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَقْسَامِهِمْ.

فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ كُفَّارٌ يُتَأَلَّفُونَ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُعْطَى مِنْ هَذَا السَّهْمِ لِكَافِرٍ أَصْلًا.

وَجَوَّزَ الْحَنَابِلَةُ الإِْعْطَاءَ لِمُؤَلَّفٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا.

وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ ضَرْبَانِ:

كُفَّارٌ وَمُسْلِمُونَ، وَالْكُفَّارُ صِنْفَانِ، وَالْمُسْلِمُونَ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ.

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (زَكَاةٌ ف ١٦٧ - ١٦٨) .

مَأْمُومَةٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْمَأْمُومَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تَبْلُغُ أُمَّ الرَّأْسِ، وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تَجْمَعُ الدِّمَاغَ، وَيُقَال لَهَا: آمَّةٌ أَيْضًا، قَال الْمُطَرِّزِيُّ: إِنَّمَا قِيل لِلشَّجَّةِ: آمَّةٌ وَمَأْمُومَةٌ عَلَى مَعْنَى ذَاتِ أَمٍّ كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، وَجَمْعُهَا أَوَامُّ وَمَأْمُومَاتٌ وَمَآمِيمُ (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. (٢)

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الشَّجَّةُ:

٢ - الشَّجَّةُ فِي اللُّغَةِ: الْجِرَاحَةُ فِي الْوَجْهِ أَوِ الرَّأْسِ، وَالشَّجَجُ أَثَرُ الشَّجَّةِ فِي الْجَبِينِ، وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلَفْظِ الشَّجَّةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٣) .

_________

(١) المصباح المنير، ولسان العرب، والمغرب في ترتيب المعرب.

(٢) تبيين الحقائق للزيلعي ٦ / ١٣٢، والمغني لابن قدامة ٨ / ٤٧، مغني المحتاج ٤ / ٢٦.

(٣) المصباح المنير، ولسان العرب، ورد المحتار ٥ / ٣٧٢، وبدائع الصنائع ٧ / ٢٩٦، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٥٠، ومغني المحتاج ٤ / ٢٦.

وَالصِّلَةُ: أَنَّ الشَّجَّةَ أَعَمُّ مِنَ الْمَأْمُومَةِ؛ لأَِنَّ الْمَأْمُومَةَ وَاحِدَةٌ مِنْ شِجَاجِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٣ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ (١) وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ (٢) .

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (دِيَاتٌ ف ٦٨، وَشِجَاجٌ ف ٤ وَمَا بَعْدَهَا) .

_________

(١) الاختيار ٥ / ٤٢، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٦٠، وروضة الطالبين ٩ / ٢٦٢، ٢٦٤، والمغني ٨ / ٤٧.

(٢) حديث عمرو بن حزم: " في المأمومة ثلث الدية ". أخرجه النسائي (٨ / ٥٨) ونقل ابن حجر في التلخيص (٤ / ١٨) تصحيحه عن جماعة من العلماء.

مُؤْنَةٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْمُؤْنَةُ - بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ - فِي اللُّغَةِ: الثِّقَل، وَالْمَئُونَةُ مِثْلُهُ، وَالْمَئُونَةُ: الْقُوتُ (١) .

وَالْمُؤْنَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: الْكُلْفَةُ (٢)، أَيْ مَا يَتَكَلَّفُهُ الإِْنْسَانُ مِنْ نَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا (٣) .

وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ عَنِ النَّفَقَةِ بِالْمُؤْنَةِ وَعَنِ الْمُؤْنَةِ بِالنَّفَقَةِ (٤) .

وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُؤْنَةَ أَعَمُّ مِنَ النَّفَقَةِ، قَال الشَّرْقَاوِيُّ: لأَِنَّ الْمُؤْنَةَ فِي اللُّغَةِ: الْقِيَامُ.

بِالْكِفَايَةِ قُوتًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالإِْنْفَاقُ النَّفَقَةُ بَل ذُو الْقُوتِ فَقَطْ (٥) .

وَالْفُقَهَاءُ يَعْقِدُونَ بَابًا خَاصًّا لِلنَّفَقَةِ وَيَقْصِدُونَ بِهَا نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَالأَْقَارِبِ

_________

(١) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط.

(٢) مغني المحتاج ١ / ٣٦٣.

(٣) فتح القدير ٥ / ٤٣٤. نشر دار إحياء التراث، والمغني ٣ / ٣٩، ومغني المحتاج ٢ / ٣٩٥، والفتاوى الهندية ٤ / ٣٧٢، والمجموع شرح المهذب ٥ / ٤٢٦ تحقيق المطيعي، والمهذب ١ / ٤٠٨.

(٤) مغني المحتاج ٣ / ٤٤٠ و١ / ٤٦٣، والقليوبي ٣ / ١٧٢.

(٥) القليوبي ٣ / ٥٧، وحاشية الشرقاوي على شرح التحرير ١ / ١٠٢.