الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥ الصفحة 2

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٥

وَالتَّفْصِيل فِي (عِيَادَةٌ ف ٢ وَمَا بَعْدَهَا) .

د - غُسْل الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِ وَتَشْيِيعُهُ وَدَفْنُهُ:

١٣ - غُسْل الْمَيِّتِ غَيْرِ الشَّهِيدِ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (١)، لِقَوْلِهِ ﷺ فِي الَّذِي سَقَطَ عَنْ بَعِيرِهِ فَمَاتَ -: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ (٢) .

وَالتَّفْصِيل فِي (تَغْسِيل الْمَيِّتِ ف ٢) .

وَأَمَّا تَكْفِينُ الْمَيِّتِ غَيْرِ الشَّهِيدِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (٣)، لِقَوْلِهِ ﷺ فِي الَّذِي سَقَطَ عَنْ بَعِيرِهِ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلاَ تُمِسُّوهُ طِيبًا وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا (٤) .

وَالتَّفْصِيل فِي (تَكْفِينٌ ف ٢، ٣) .

_________

(١) مجمع الأنهر ١ / ١٨٢، والقوانين الفقهية ١٠٨، والشرح الصغير ١ / ٥٤٣، ٢ / ٢٧٣، وأسهل المدارك ١ / ٣٥١، والمهذب ١ / ١٣٤، والمنثور ٣ / ٣٧، والأذكار للنووي ١٤١، ورحمة الأمة ٦٤، والإفصاح ١ / ١٨٢، الإنصاف ٢ / ٤٧٠، والفتاوى لابن تيمية ٢٨ / ٨٠.

(٢) حديث: " اغسلوه بماء وسدر ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ١٣٧)، ومسلم (٢ / ٨٦٦) من حديث ابن عباس.

(٣) المراجع السابقة.

(٤) حديث: " اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين. . . ". # أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ١٣٧)، ومسلم (٢ / ٨٦٦) من حديث ابن عباس، واللفظ للبخاري.

وَأَمَّا الصَّلاَةُ عَلَى الْمَيِّتِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (١)، لِقَوْلِهِ ﷺ: صَلُّوا عَلَى مَنْ قَال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ (٢) .

وَالتَّفْصِيل فِي (جَنَائِزُ ف ٢٠) .

وَأَمَّا تَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (٣)، لِحَدِيثِ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ. . . وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ (٤) .

وَالتَّفْصِيل فِي (جَنَائِزُ ف ١٤) .

وَأَمَّا دَفْنُ الْمَيِّتِ فَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.

بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (٥)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ (٦) .

وَالتَّفْصِيل فِي (دَفْنٌ ف ٢) .

_________

(١) مجمع الأنهر والدر المنتقى ١ / ١٨٢، والشرح الصغير ١ / ٥٤٣، ٢ / ٢٧٣، والمنثور ٣ / ٣٧، والمهذب ١ / ١٣٩، والأذكار ١٤١، والأشباه للسيوطي ٤١١، ورحمة الأمة ٦٤، والإفصاح لابن هبيرة ١ / ١٨٢، والإنصاف ٢ / ٤٧٢، والفتاوى لابن تيمية ٢٨ / ٨٠.

(٢) حديث: " صلوا على من قال: لا إله إلا الله ". أخرجه الدارقطني (٢ / ٥٦) من حديث ابن عمر، وذكر ابن حجر في التلخيص (٢ / ٣٥) أن في إسناده راويًا اتهم بالكذب.

(٣) الهداية ٣ / ١٠٣، والفواكه الدواني ١ / ٣٣٩، والأشباه للسيوطي ٤١١، والآداب الشرعية ٣ / ٥٥٤.

(٤) حديث: " حق المسلم على المسلم ست. . . وإذا مات فاتبعه ". سبق تخريجه ف (١٢) .

(٥) مجمع الأنهر ١ / ١٨٢، والمقدمات لابن رشد ١ / ١٧٦، والأشباه للسيوطي ٤١١، والإنصاف ٢ / ٤٧٠، والفتاوى لابن تيمية ٢٨ / ٨٠.

(٦) سورة عبس / ٢١.

الْكِفَايَةُ فِي الْوِلاَيَاتِ وَالْوَظَائِفِ

١٤ - الْوِلاَيَةُ ضَرُورِيَّةٌ لِلإِْنْسَانِ لِتَنْظِيمِ مَا يَنْشَأُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ تَعَاوُنٍ، وَمَنْعِ التَّظَالُمِ، وَحِفْظِ الْحُقُوقِ لأَِصْحَابِهَا، وَإِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَحِمَايَتِهِ، وَوَقْفِ الْمُعْتَدِي عَنْ عُدْوَانِهِ.

وَقَدِ اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ نَصْبَ الإِْمَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجِبُ عَلَى الأُْمَّةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهَا مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ تَنْصِيبُ إِمَامٍ لِلْمُسْلِمِينَ يَقُومُ بِحِرَاسَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا (١)، وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ﴾ (٢)، وَقَوْلِهِ ﷺ: إِذَا كَانَ ثَلاَثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ (٣) .

الْمُكَلَّفُ بِتَحْقِيقِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فِي الإِْمَامَةِ الْعُظْمَى

١٥ - إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الإِْمَامَةَ الْعُظْمَى فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا قَامَ بِهَا مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ سَقَطَ الإِْثْمُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهَا أَحَدٌ حُرِّجَ النَّاسُ جَمِيعًا، وَيُطَالَبُ بِهَا فَرِيقَانِ مِنَ النَّاسِ هُمَا:

_________

(١) البدائع ٧ / ٢، والشرح الصغير ٢ / ٢٧٣، والأحكام السلطانية للماوردي ٥، والأشباه للسيوطي ٤١٤، والأحكام السلطانية للفراء ١٩، والآداب الشرعية ٣ / ٥٥٤.

(٢) سورة النساء / ٥٩.

(٣) حديث: " إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". أخرجه أبو داود (٣ / ٨١) من حديث أبي هريرة.

أ - أَهْل الاِخْتِيَارِ، أَوْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ: وَهُمُ الَّذِينَ يَنُوبُونَ عَنِ الأُْمَّةِ فِي اخْتِيَارِ الْخَلِيفَةِ.

ب - أَهْل الإِْمَامَةِ: وَهُمُ الَّذِينَ تَوَافَرَتْ فِيهِمُ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الإِْمَامَةِ (١) .

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْوِلاَيَاتِ الأُْخْرَى وَالْوَظَائِفِ الْعَامَّةِ.

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ (إِمَارَةٌ ف ٤، وَإِمَامَةُ الصَّلاَةِ ف ٥ وَمَا بَعْدَهَا، وَالإِْمَامَةُ الْكُبْرَى ف ٦ وَمَا بَعْدَهَا، وَقَضَاءٌ، وَفَتْوَى) .

الْكِفَايَةُ فِي حَاجَاتِ الأَْفْرَادِ الْخَاصَّةِ:

١٦ - تَكُونُ كِفَايَةُ الإِْنْسَانِ بِسَدِّ حَاجَاتِهِ الأَْصْلِيَّةِ، وَهِيَ مَا يَدْفَعُ عَنِ الإِْنْسَانِ الْهَلاَكَ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا مِمَّا لاَ بُدَّ مِنْهُ، عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَحَال مَنْ فِي نَفَقَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ تَقْتِيرٍ (٢) .

وَتَوْفِيرُ حَدِّ الْكِفَايَةِ لِلأَْفْرَادِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، وَذَلِكَ عَلَى الْفَرْدِ نَفْسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ عَلَى أَقَارِبِهِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

وَتَوْفِيرُ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا قِوَامُ الْعَيْشِ وَسَدَادُ الْخُلَّةِ مُعْتَبَرٌ فِي كُل إِنْسَانٍ بِحَسَبِ حَالِهِ وَمَعِيشَتِهِ وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (٣) .

_________

(١) الأحكام السلطانية للماوردي ٥، ٦، والأحكام السلطانية للفراء ١٩، ٢٠.

(٢) ابن عابدين ٢ / ٢٦٢، وتبيين الحقائق ١ / ٢٥٣، والزرقاني على خليل ٢ / ١٧٤، والمغني لابن قدامة ٣ / ٢٢٢، ومغني المحتاج ٣ / ١٠٦.

(٣) حاشية ابن عابدين ٢ / ٣٧٧، وفتاوى الشاطبي ١٨٦، وحاشية القليوبي ٤ / ٢١٥، وكشاف القناع ٢ / ٢٧٣.

أ - تَوْفِيرُ الْكِفَايَةِ مِنْ قِبَل الْفَرْدِ نَفْسِهِ:

١٧ - بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الإِْنْسَانَ جُبِل عَلَى الاِهْتِمَامِ بِنَفْسِهِ وَتَوْفِيرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِلاَّ أَنَّ النُّصُوصَ الشَّرْعِيَّةَ بَيَّنَتْ وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَحُدُودَهَا عَلَى النَّفْسِ فَقَال تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ (١)، وَقَال ﷺ: ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا (٢)، وَقَال ﷺ: إِنَّ لِنَفْسِك عَلَيْك حَقًّا (٣) .

وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْغَنِيَّ أَوِ الْقَادِرَ عَلَى الْعَمَل يُكَلَّفُ بِالْقِيَامِ بِسَدِّ حَاجَاتِهِ الأَْصْلِيَّةِ بِنَفْسِهِ وَلاَ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ (٤) لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ تَحِل الصَّدَقَةُ لِغَنِيِّ وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ (٥) .

ب - تَوْفِيرُ الْكِفَايَةِ مِنْ قِبَل الأَْقَارِبِ:

١٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ الْوَاجِبَةَ عَلَى قَرِيبِهِ هِيَ نَفَقَةُ كِفَايَةٍ بِحَسَبِ

_________

(١) سورة الفرقان / ٦٧.

(٢) حديث: " ابدأ بنفسك فتصدق عليها ". أخرجه مسلم (٢ / ٦٩٣) من حديث جابر بن عبد الله.

(٣) حديث: " إن لنفسك عليك حقا ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٢٠٩) من حديث أبي جحيفة.

(٤) ابن عابدين ٢ / ٥٩، ٦٤، والمجموع ٦ / ١٣٥، ١٩١، حاشية الدسوقي ١ / ٤٥٤، ٤٩٤، والمغني ٢ / ٦٦١، ٦ / ٤٢٣.

(٥) حديث: " لا تحل الصدقة لغني ولا. . . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٤٢) من حديث عبد الله بن عمرو قال: حديث حسن.

حَاجَتِهِ وَمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، لِقَوْلِهِ ﷺ لِهِنْدِ زَوْجَةِ أَبِي سُفْيَانَ: خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (١)، فَيَجِبُ لَهُ بِذَلِكَ الْمَأْكَل وَالْمَشْرَبُ وَالْمَلْبَسُ وَالسُّكْنَى وَالرَّضَاعُ إِنْ كَانَ رَضِيعًا وَالْخَادِمُ إِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى خِدْمَةٍ (٢) .

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ عَلَى مَذَاهِبَ.

وَالتَّفْصِيل فِي (نَفَقَةٌ) .

ج - تَوْفِيرُ كِفَايَةِ الزَّوْجَةِ:

١٩ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ (٣) وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ مَنْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ فِي مِقْدَارِهَا لِقَوْلِهِ لِهِنْدَ زَوْجَةِ أَبِي سُفْيَانَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (٤) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْمُوسِرِ لِزَوْجَتِهِ مُدَّانِ، وَعَلَى الْمُعْسِرِ مُدٌّ وَاحِدٌ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَنِصْفٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ وَجَبَ اللاَّئِقُ بِالزَّوْجِ،

_________

(١) حديث: " خذي من ماله ما يكفيك وولدك. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٤٠٥) ومسلم (٣ / ١٣٣٨) من حديث عائشة، واللفظ لمسلم.

(٢) بدائع الصنائع ٤ / ٣٨، وفتح القدير ٣ / ٣٤٦، وحاشية الدسوقي ٢ / ٥٠٩، ونهاية المحتاج ٧ / ٢١٠، وكشاف القناع ٥ / ٤٨٢ - ٤٨٣، والمغني ٧ / ٥٩٥.

(٣) مجمع الأنهر ١ / ٤٩٠، وقوانين الأحكام ص ٢٤٥، والمهذب ٢ / ١٦٠، والمغني لابن قدامة ٧ / ٥٦٤.

(٤) الحديث سبق تخريجه فقرة ١٨.

وَيَجِبُ أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ وَكِسْوَةٌ تَكْفِيهَا، وَمَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ أَوْ تَنَامُ عَلَيْهِ، وَإِخْدَامُهَا إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لاَ يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا، وَيَجِبُ مَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهَا، وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ إِمْتَاعٌ لاَ تَمْلِيكٌ (١) .

وَلِلتَّفْصِيل (ر: نَفَقَةٌ) .

طُرُقُ تَوْفِيرِ الْكِفَايَةِ:

تَتَعَدَّدُ طُرُقُ تَوْفِيرِ الْكِفَايَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

أ - تَوْفِيرُ الْكِفَايَةِ عَنْ طَرِيقِ الزَّكَاةِ:

٢٠ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْفَقِيرَ يُعْطَى أَقَل مِنَ النِّصَابِ، فَإِذَا أُعْطِيَ نِصَابًا جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَال زُفَرُ: لاَ يَجُوزُ إِعْطَاؤُهُ نِصَابًا، لأَِنَّ الْغِنَى قَارَنَ الأَْدَاءَ فَكَأَنَّ الأَْدَاءَ حَصَل لِلْغِنَى وَهُوَ لاَ يَجُوزُ.

وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ صَاحِبَ الْعِيَال بِحَيْثُ لَوْ فُرِّقَ عَلَيْهِمْ لاَ يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمْ نِصَابًا وَكَذَلِكَ الْمَدْيُونُ (٢) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَالْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ إِلَى أَنَّهُ يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ مُدَّةَ سَنَةٍ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ النِّصَابِ، لأَِنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ كُل سَنَةٍ فَيَحْصُل كِفَايَتُهُ مِنْهَا

_________

(١) مغني المحتاج ٣ / ٤٢٦، وما بعدها.

(٢) تبيين الحقائق ١ / ٣٥، والهداية ٢ / ٢٨، ومجمع الأنهر ١ / ٢٣٥، وأحكام القرآن للجصاص ٣ / ١٣٨، وابن عابدين ٢ / ٦٨.

سَنَةً بِسَنَةٍ (١)، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَحْبِسُ لأَِهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ (٢) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ - وَهِيَ الْمَذْهَبُ - وَأَبُو عُبَيْدٍ إِلَى أَنَّ الْفَقِيرَ يُعْطَى كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مِنَ الْفَقْرِ إِلَى أَدْنَى مَرَاتِبِ الْغِنَى وَلاَ يَرْجِعُ إِلَى أَخْذِ الزَّكَاةِ مَرَّةً أُخْرَى (٣) .

ب - تَوْفِيرُ الْكِفَايَةِ عَنْ طَرِيقِ بَيْتِ الْمَال:

٢١ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ لاَ يُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ كِفَايَتِهَا أَوْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شُرُوطِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهَا كَفُقَرَاءِ أَهْل الذِّمَّةِ يُصْرَفُ لَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَال (٤) .

ج - تَوْفِيرُ الْكِفَايَةِ عَنْ طَرِيقِ تَوْظِيفِ الضَّرَائِبِ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ:

٢٢ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ فَرْضَ ضَرَائِبَ عَلَى الْقَادِرِينَ لِوُجُوهِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَلِسَدِّ حَاجَاتِ الْمُسْلِمِينَ.

_________

(١) حاشية الدسوقي ١ / ٤٩٤، ومواهب الجليل ٢ / ٣٤٨، والمجموع ٦ / ١٤٠، وكشاف القناع ٢ / ٢٧٢، والمبدع ٢ / ٤٢٦.

(٢) حديث: " كان يحبس لأهله قوت. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٩ / ٥٠٢)، ومسلم (٣ / ١٣٧٩) من حديث ابن عمر.

(٣) المجموع ٦ / ١٣٩، والأحكام السلطانية ٢٠٥، والإنصاف ٣ / ٢٣٨، والأموال لأبي عبيد ٧٥٠.

(٤) بدائع الصنائع ٢ / ٦٨، ٨٩، والشهب اللامعة لابن رضوان ٣٧٢، والأحكام السلطانية للماوردي ١٤٠، والأحكام السلطانية للفراء ١٣٨.

قَال القرطبي: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ بَعْدَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْمَال إِلَيْهَا (١) .

_________

(١) القرطبي ٢ / ٢٤٢، وابن عابدين ٢ / ٥٧.

كُفْر

التَّعْرِيفُ:

١ - الْكُفْرُ فِي اللُّغَةِ: السِّتْرُ، يُقَال: كَفَرَ النِّعْمَةَ، أَيْ: غَطَّاهَا، مُسْتَعَارٌ مِنْ كَفَرَ الشَّيْءَ: إِذَا غَطَّاهُ، وَهُوَ أَصْل الْبَابِ.

وَالْكُفْرُ نَقِيضُ الإِْيمَانِ، وَالْكُفْرُ: كُفْرُ النِّعْمَةِ، وَهُوَ نَقِيضُ الشُّكْرِ، وَكَفَرَ النِّعْمَةَ وَبِالنِّعْمَةِ: جَحَدَهَا، وَكَفَرَ بِكَذَا تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَفِي التَّنْزِيل: ﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي﴾ (١)، وَيُقَال: كَفَرَ بِالصَّانِعِ: نَفَاهُ وَعَطَّل، وَهُوَ الدَّهْرِيُّ الْمُلْحِدُ، وَكَفَّرَهُ - بِالتَّشْدِيدِ: نَسَبَهُ إِلَى الْكُفْرِ، وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ: إِذَا فَعَل الْكَفَّارَةَ، وَأَكْفَرْتُهُ إِكْفَارًا: جَعَلْتُهُ كَافِرًا.

وَالْكُفْرُ شَرْعًا: هُوَ إِنْكَارُ مَا عُلِمَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ ﷺ، كَإِنْكَارِ وُجُودِ الصَّانِعِ، وَنُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسِّلاَمُ، وَحُرْمَةِ الزِّنَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (٢) .

_________

(١) سورة إبراهيم / ٢٢.

(٢) المنثور في القواعد ٣ / ٨٤.