الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ الصفحة 2

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢

قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِ الْكَلاَمِ خَوَاصَّ وَمَنَافِعَ، فَمَا الظَّنُّ بِكَلاَمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ بِالْفَاتِحَةِ الَّتِي لَمْ يَنْزِل فِي الْقُرْآنِ وَلاَ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ مِثْلُهَا، لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ مَعَانِي الْكِتَابِ؟ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ أُصُول أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَجَامِعِهَا، وَإِثْبَاتِ الْمَعَادِ، وَذِكْرِ التَّوْحِيدِ، وَالاِفْتِقَارِ إِلَى الرَّبِّ فِي طَلَبِ الإِْعَانَةِ بِهِ وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ، وَذِكْرِ أَفْضَل الدُّعَاءِ، وَهُوَ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَال مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَعِبَادَتِهِ بِفِعْل مَا أَمَرَ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَالاِسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ، وَلِتَضَمُّنِهَا ذِكْرَ أَصْنَافِ الْخَلاَئِقِ، وَقِسْمَتَهُمْ إِلَى مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَل بِهِ، وَمَغْضُوبٍ عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ، وَضَالٍّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُ، مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَالشَّرْعِ، وَالأَْسْمَاءِ، وَالْمَعَادِ، وَالتَّوْبَةِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ، وَإِصْلاَحِ الْقَلْبِ، وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ أَهْل الْبِدَعِ، وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ كُل دَاءٍ. (١)

_________

(١) فتح الباري ١٠ / ١٩٨ ط. مكتبة الرياض الحديثة، والإتقان في علوم القرآن ٢ / ١٦٣ ط مصطفى الحلبي ١٩٣٥م.

فَاحِشَة

التَّعْرِيفُ:

١ - الْفَاحِشَةُ فِي اللُّغَةِ: الْفِعْلَةُ الْقَبِيحَةُ، وَالْقَبِيحُ مِنَ الْقَوْل وَالْفِعْل، وَجَمْعُهَا فَوَاحِشُ. يُقَال: أَفْحَشَ عَلَيْهِ فِي الْمَنْطِقِ، أَيْ قَال الْفُحْشَ، وَرَجُلٌ فَاحِشٌ أَيْ: ذُو فُحْشٍ، وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ. (١)

وَكُل مَا يَشْتَدُّ قُبْحُهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي فَهُوَ فَاحِشَةٌ.

وَتُطْلَقُ الْفَاحِشَةُ بِإِطْلاَقَاتٍ كَثِيرَةٍ، أَهَمُّهَا: الزِّنَا - كَمَا قَال ابْنُ الأَْثِيرِ - كَمَا تُطْلَقُ بِمَعْنَى الْقَبِيحِ وَالتَّعَدِّي فِي الْقَوْل وَالْفِعْل، وَبِمَعْنَى الْكَثْرَةِ وَالزِّيَادَةِ، وَبِمَعْنَى الْبُخْل. (٢)

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ

_________

(١) حديث: " إن الله لا يحب الفحش والتفحش. . . ". أخرجه مسلم (٤ / ١٧٠٧) من حديث عائشة.

(٢) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، وغريب القرآن للأصفهاني، والتعريفات للجرجاني، والمغرب في ترتيب المعرب مادة: فحش.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْفُجُورُ:

٢ - مِنْ مَعَانِي الْفُجُورِ فِي اللُّغَةِ: شَقُّ سِتْرِ الدِّيَانَةِ، يُقَال: فَجَرَ فُجُورًا فَهُوَ فَاجِرٌ، أَيِ: انْبَعَثَ فِي الْمَعَاصِي غَيْرَ مُكْتَرِثٍ وَيُقَال: يَمِينٌ فَاجِرَةٌ، أَيْ كَاذِبَةٌ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال الْجُرْجَانِيُّ: الْفُجُورُ هُوَ هَيْئَةٌ حَاصِلَةٌ لِلنَّفْسِ بِهَا يُبَاشِرُ أُمُورًا عَلَى خِلاَفِ الشَّرْعِ وَالْمُرُوءَةِ (١) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِفَاحِشَةٍ:

مِنَ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمُصْطَلَحِ فَاحِشَةٍ مَا يَأْتِي:

أ - فِي مُبْطِلاَتِ الصَّلاَةِ:

٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّلاَةَ تَبْطُل بِالأَْفْعَال الْكَثِيرَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهَا وَلاَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا، وَأَنَّهَا لاَ تَبْطُل بِالْفِعْلَةِ الْوَاحِدَةِ مَا لَمْ تَتَفَاحَشْ، فَإِنْ تَفَاحَشَتْ كَالضَّرْبِ، وَالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ، بَطَلَتِ الصَّلاَةُ. (٢)

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَةٌ ف ١٠٧ وَمَا بَعْدَهَا) .

_________

(١) المفردات في غريب القرآن والتعريفات للجرجاني.

(٢) مغني المحتاج ١ / ١٩٩، والمجموع ٤ / ٩٣.

ب - الْغَبْنُ الْفَاحِشُ:

٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ عَلَى الْعُقُودِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخِيَارِ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - عَلَى الْمَشْهُورِ - إِلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ لاَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَلاَ يُوجِبُ الرَّدَّ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ يُوجِبُ لِلْمَغْبُونِ حَقَّ الْخِيَارِ. (١)

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (غَبْنٌ ف ٦) . .

ج - فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ:

٥ - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي تَمْنَعُ وُجُوبَ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْوَلاَئِمِ الأُْخْرَى، وُجُودَ شَخْصٍ مُضْحِكٍ لِلنَّاسِ بِفَاحِشٍ مِنَ الْقَوْل أَوِ الْفِعْل أَوِ الْكَذِبِ (٢) .

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وَلِيمَة) .

د - فِي الْعِدَّةِ:

٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُ

_________

(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣٩٨، وجواهر الإكليل ٢ / ١٢٧ ومغني المحتاج ٢ / ٢٢٤، والمغني لابن قدامة ٥ / ١٣٥.

(٢) مغني المحتاج ٣ / ٢٤٧، والقليوبي وعميرة ٣ / ٢٩٧، وكشاف القناع ٥ / ١٦٧.

الْمُعْتَدَّةِ أَوْ خُرُوجُهَا هِيَ مِنْ مَسْكَنِ عِدَّتِهَا إِلاَّ لِضَرُورَةٍ، وَإِلاَّ أَنْ تَأْتِيَ بِفَاحِشَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَل اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ . (١)

وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى الْفَاحِشَةِ الْوَارِدَةِ فِي الآْيَةِ فَقَال بَعْضُهُمْ: هِيَ الزِّنَا، فَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَوْ وَرَثَتِهِ أَنْ يُخْرِجُوهَا مِنَ الْمَسْكَنِ إِذَا زَنَتْ وَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، كَمَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا مِنْ قِبَل الإِْمَامِ لإِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا، وَقَال بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ إِلاَّ أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْل زَوْجِهَا وَأَحْمَائِهَا، فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ حَل لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهَا، لِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ﵀ أَنَّهُ قَال فِي فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - وَهِيَ الَّتِي أَذِنَ لَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ بِالاِنْتِقَال مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا -: تِلْكَ امْرَأَةٌ اسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا فَأَمَرَهَا ﵊ أَنْ تَنْتَقِل (٢) .

_________

(١) سورة الطلاق / ١.

(٢) قول سعيد بن المسيب في فاطمة بنت قيس. أسنده الشافعي كما في ترتيب المسند (٢ / ٥) .

وَقَال آخَرُونَ: الْفَاحِشَةُ فِي الآْيَةِ خُرُوجُهَا مِنْ بَيْتِهَا فِي الْعِدَّةِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ.

وَقَال بَعْضُهُمُ: الْفَاحِشَةُ هِيَ كُل مَعْصِيَةٍ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْبَذَاءِ عَلَى الأَْهْل.

قَال أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ: هَذِهِ الْمَعَانِي كُلُّهَا يَحْتَمِلُهَا اللَّفْظُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا مُرَادًا. (١)

هـ - فِي الشِّعْرِ:

٧ - قَال الْفُقَهَاءُ: يَجُوزُ قَوْل الشِّعْرِ، وَإِنْشَادُهُ، وَاسْتِمَاعُهُ (٢)، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إِلَيْهِمْ، لِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِل رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ الشِّعْرِ فَقَال: هُوَ كَلاَمٌ، فَحَسَنُهُ حَسَنٌ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ (٣) إِلاَّ أَنْ يَكُونَ هِجَاءً لِمُسْلِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمَعْصُومِينَ، أَوْ إِلاَّ أَنْ يَفْحُشَ، وَهُوَ أَنْ يَتَجَاوَزَ الشَّاعِرُ الْحَدَّ فِي الْمَدْحِ وَالإِْطْرَاءِ، وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ

_________

(١) البدائع ٣ / ٢٠٥، مغني المحتاج ٣ / ٤٠٢، وكشاف القناع ٥ / ٤٣٠ وأحكام القرآن للجصاص ٣ / ٤٥٤ - ٤٦٢، وتفسير القرطبي ١٨ / ١٥٥، وأحكام القرآن لابن العربي ٤ / ١٨١٧ - ١٨١٩.

(٢) مغني المحتاج ٤ / ٤٣٠.

(٣) حديث عائشة: أنها قالت: " سئل رسول الله ﷺ عن الشعر. . . ". أخرجه أبو يعلى (٨ / ٢٠٠)، وأورده الهيثمي في المجمع (٨ / ١٢٢) وقال: فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وثقه دحيم وجماعة، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.

إِلاَّ شَانَهُ، وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ. (١)

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قَصِيدَةٌ، وَشِعْرٌ ف ٧ - ١٧) .

فَارِس

انْظُرْ: غَنِيمَة

فَارِسِيَّة

انْظُرْ: أَعْجَمِيّ

فَاسِد

انْظُرْ: فَسَاد

فَاسِق

انْظُرْ: فِسْق

_________

(١) حديث: " ما كان الفحش في شيء إلا شانه. . . ". أخرجه الترمذي (٤ / ٣٤٩) من حديث أنس، وقال: حديث حسن.

فَتْح عَلَى الإِْمَامِ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْفَتْحُ فِي اللُّغَةِ نَقِيضُ الإِْغْلاَقِ، يُقَال: فَتَحَ الْبَابَ يَفْتَحُهُ فَتْحًا: أَزَال غَلْقَهُ.

وَالإِْمَامُ كُل مَنْ يُقْتَدَى بِهِ. (١)

وَالْفَتْحُ عَلَى الإِْمَامِ فِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ: تَلْقِينُ الْمَأْمُومِ الإِْمَامَ الآْيَةَ عِنْدَ التَّوَقُّفِ فِيهَا (٢) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - اللَّبْسُ:

٢ - اللَّبْسُ: اخْتِلاَطُ الأَْمْرِ، مِنْ لَبَسَ الأَْمْرَ عَلَيْهِ يَلْبِسُ لَبْسًا فَالْتَبَسَ: إِذَا خَلَطَهُ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَعْرِفَ جِهَتَهُ (٣) وَفِي الْحَدِيثِ جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ (٤) .

_________

(١) لسان العرب والمصباح.

(٢) مغني المحتاج ١ / ١٥٨، ونهاية المحتاج ١ / ٤٨٣، والمغني ٢ / ٥٦، وفتح القدير ١ / ٣٤٧.

(٣) لسان العرب مادة لبس.

(٤) حديث: " جاءه الشيطان فلبس عليه ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ١٠٤، (ومسلم) ١ / ٣٩٨) .

وَالصِّلَةُ أَنَّ اللَّبْسَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِلْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ.

ب - الْحَصْرُ:

٣ - الْحَصْرُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِيِّ، مِنْ حَصِرَ الرَّجُل حَصْرًا: عَيِيَ، وَكُل مَنِ امْتَنَعَ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ حَصِرَ عَنْهُ. (١)

وَالْحَصْرُ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِلْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٤ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ فَتْحَ الْمُؤْتَمِّ عَلَى إِمَامِهِ إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَةِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ وَرَدَّهُ إِذَا غَلِطَ فِي الْقِرَاءَةِ إِلَى الصَّوَابِ مَشْرُوعٌ إِجْمَالًا، (٢) وَبِهِ قَال جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ ﵃، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ مَعْقِلٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ.

وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ صَلَّى صَلاَةً فَقَرَأَ فِيهَا فَلَبَسَ عَلَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال لأُِبَيٍّ ﵁: أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَال: نَعَمْ،

_________

(١) لسان العرب مادة حصر.

(٢) ابن عابدين ١ / ٤١٨، والبحر الرائق ٢ / ٦ - ٧، وفتح القدير ١ / ٣٤٧، وشرح الزرقاني ١ / ٢٤٢، وحاشية الدسوقي ١ / ٢٨٢، والمجموع شرح المهذب ٤ / ٢٣٨، ومغني المحتاج ١ / ١٥٨، والقليوبي ١ / ١٤٩، والمغني ٢ / ٥٥ - ٥٦.

قَال: فَمَا مَنَعَكَ؟ (١) وَبِحَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ يَزِيدَ الْمَالِكِيِّ ﵁ قَال: شَهِدْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ، فَتَرَكَ شَيْئًا لَمْ يَقْرَأْهُ فَقَال لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ تَرَكْتَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: هَلاَّ أَذْكَرْتَنِيهَا. (٢)

وَكَرِهَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ (٣) .

أَحْكَامُ الْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ:

٥ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ الْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ إِجْمَالًا.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُؤْتَمَّ إِنْ فَتَحَ عَلَى إِمَامِهِ بَعْدَ تَوَقُّفِهِ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَكُنْ كَلاَمًا مُفْسِدًا لِلصَّلاَةِ، لأَِنَّهُ مُضْطَرٌّ إِلَى إِصْلاَحِ صَلاَتِهِ، سَوَاءٌ أَقَرَأَ الإِْمَامُ مِقْدَارَ الْفَرْضِ فِي الْقِرَاءَةِ أَمْ لَمْ يَقْرَأْ، لأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْتَحْ عَلَيْهِ رُبَّمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا يَكُونُ مُفْسِدًا لِلصَّلاَةِ، فَكَانَ فِي الْفَتْحِ عَلَيْهِ صَلاَحُ صَلاَتِهِ فِي

_________

(١) حديث: " أن رسول الله ﷺ صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ٥٥٨ - ٥٥٩) من حديث ابن عمر. وصحح إسناده النووي في المجموع ٤ / ٢٤١.

(٢) حديث المسور بن يزيد: " شهدت رسول الله ﷺ يقرأ في الصلاة. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ٥٥٨) وجود إسناده النووي في المجموع ٤ / ٢٤١.

(٣) المجموع ٤ / ٢٤١.