الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ الصفحة 10

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢

وَكَذَا إِنِ اتَّفَقَ قَوْل مَنْ وَجَدَهُ مِنْهُمْ، أَوْ حَكَمَ بِقَوْل الْمُفْتِي حَاكِمٌ. (١)

ب - أَنْ يُفْتِيَهُ بِقَوْلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ جَوَازِ مُخَالَفَةِ الإِْجْمَاعِ (٢) .

ج - أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَفْتَاهُ هُوَ الأَْعْلَمَ الأَْوْثَقَ. (٣)

د - إِذَا اسْتَفْتَى الْمُتَنَازِعَانِ فِي حَقٍّ فَقِيهًا، وَالْتَزَمَا الْعَمَل بِفُتْيَاهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْعَمَل بِمَا أَفْتَاهُمَا.

فَلَوِ ارْتَفَعَا إِلَى قَاضٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ مَا أَفْتَاهُمَا بِهِ الْفَقِيهُ لَزِمَهُمَا فُتْيَا الْفَقِيهِ فِي الْبَاطِنِ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الظَّاهِرِ، قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ، وَقِيل: يَلْزَمُهُمَا حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. (٤)

هـ - إِذَا اسْتَفْتَى فَقِيهًا فَأَفْتَاهُ فَعَمِل بِفَتْوَاهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَلَوِ اسْتَفْتَى آخَرَ فَأَفْتَاهُ بِغَيْرِ فَتْوَى الأَْوَّل لَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، نَقَل الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ الْهِنْدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ (٥) .

حُكْمُ الْمُسْتَفْتِي إِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ إِلَى الْفُتْيَا:

٤٨ - قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: الْمُسْتَفْتِي لاَ تُخَلِّصُهُ

_________

(١) المجموع ١ / ٥٦، وشرح المنتهى ٣ / ٤٥٨، والبحر المحيط ٦ / ٣١٦.

(٢) البحر المحيط ٦ / ٣١٦.

(٣) المجموع ١ / ٥٦.

(٤) البحر المحيط ٦ / ٣١٥ - ٣١٦.

(٥) شرح المنتهى ٣ / ٤٥٨.

فَتْوَى الْمُفْتِي مِنَ اللَّهِ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الأَْمْرَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلاَفِ مَا أَفْتَاهُ، كَمَا لاَ يَنْفَعُهُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِذَلِكَ، لِحَدِيثِ: مَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلاَ يَأْخُذْهَا، (١) وَالْمُفْتِي وَالْقَاضِي فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَلاَ يَظُنُّ الْمُسْتَفْتِي أَنَّ مُجَرَّدَ فَتْوَى الْفَقِيهِ تُبِيحُ لَهُ مَا سَأَل عَنْهُ، سَوَاءٌ تَرَدَّدَ أَوْ حَاكَ فِي صَدْرِهِ، لِعِلْمِهِ بِالْحَال فِي الْبَاطِنِ، أَوْ لِشَكِّهِ فِيهِ، أَوْ لِجَهْلِهِ بِهِ، أَوْ لِعِلْمِهِ بِجَهْل الْمُفْتِي، أَوْ بِمُحَابَاتِهِ لَهُ فِي فَتْوَاهُ، أَوْ لأَِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالْفَتْوَى بِالْحِيَل وَالرُّخَصِ الْمُخَالِفَةِ لِلسُّنَّةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْسْبَابِ الْمَانِعَةِ مِنَ الثِّقَةِ بِفَتْوَاهُ وَسُكُونِ النَّفْسِ إِلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الثِّقَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ، لأَِجْل الْمُفْتِي يَسْأَل ثَانِيًا وَثَالِثًا حَتَّى تَحْصُل لَهُ الطُّمَأْنِينَةُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا، وَالْوَاجِبُ تَقْوَى اللَّهِ بِحَسَبِ الاِسْتِطَاعَةِ (٢) . اهـ.

_________

(١) حديث: " من قضيت له بحق أخيه شيئًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٢٨٨) من حديث أم سلمة.

(٢) إعلام الموقعين ٤ / ٢٥٤.

٢

فُتُوَّة

التَّعْرِيفُ:

١ - مِنْ مَعَانِي الْفُتُوَّةِ فِي اللُّغَةِ: الْحُرِّيَّةُ وَالْكَرَمُ، (١) قَال الْجَوْهَرِيُّ: الْفَتَى السَّخِيُّ الْكَرِيمُ، يُقَال هُوَ فَتًى بَيِّنُ الْفُتُوَّةِ. (٢)

وَجَاءَ فِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ: الْفُتُوَّةُ: الشَّبَابُ بَيْنَ طَوْرَيِ الْمُرَاهَقَةِ وَالرُّجُولَةِ وَالنَّجْدَةِ، وَمَسْلَكٌ أَوْ نِظَامٌ يُنَمِّي خُلُقَ الشُّجَاعَةِ وَالنَّجْدَةِ فِي الْفَتَى. (٣)

وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهَا ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ بِأَنَّهَا اسْتِعْمَال الأَْخْلاَقِ الْكَرِيمَةِ مَعَ الْخَلْقِ. (٤)

وَقِيل: الْفُتُوَّةُ اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَاسْتِعْجَال الْمَكَارِمِ، قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا الْقَوْل حَسَنٌ جِدًّا، لأَِنَّهُ يَعُمُّ بِالْمَعْنَى جَمِيعَ مَا قِيل فِي الْفُتُوَّةِ (٥) .

_________

(١) أساس البلاغة للزمخشري مادة (فتى) .

(٢) لسان العرب.

(٣) المعجم الوسيط.

(٤) مدارج السالكين ٢ / ٣٤٠.

(٥) تفسير القرطبي ١٠ / ٣٦٤.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْمُرُوءَةُ:

٢ - الْمُرُوءَةُ هِيَ: اسْتِعْمَال مَا يُجَمِّل الْعَبْدَ وَيُزَيِّنُهُ وَتَرْكُ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ (١) .

قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفُتُوَّةِ وَالْمُرُوءَةِ أَنَّ الْمُرُوءَةَ أَعَمُّ مِنْهَا.

فَالْفُتُوَّةُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُرُوءَةِ (٢) .

ب - الشَّجَاعَةُ:

٣ - حَقِيقَةُ الشَّجَاعَةِ: ثَبَاتُ الْجَأْشِ وَذَهَابُ الرُّعْبِ وَزَوَال هَيْبَةِ الْخَصْمِ أَوِ اسْتِصْغَارُهُ عِنْدَ لِقَائِهِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ هَذَا رَأْيٌ ثَاقِبٌ، وَنَظَرٌ صَائِبٌ، وَحِيلَةٌ فِي التَّدْبِيرِ، وَخِدَاعٌ فِي الْمُمَارَسَةِ، فَقَدْ قَال ﷺ: الْحَرْبُ خُدْعَةٌ (٣) .

وَالْفُتُوَّةُ مَسْلَكٌ يُؤَدِّي إِلَى الشَّجَاعَةِ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٤ - الْفُتُوَّةُ - كَمَا قَال ابْنُ الْقَيِّمِ - اسْتِعْمَال الأَْخْلاَقِ الْكَرِيمَةِ مَعَ الْخَلْقِ، (٤) وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ صِفَةُ الْمُرْسَلِينَ، وَأَفْضَل أَعْمَال الصِّدِّيقِينَ وَهُوَ عَلَى التَّحْقِيقِ شَطْرُ الدِّينِ،

_________

(١) مدارج السالكين ٢ / ٢٥٣.

(٢) مدارج السالكين ٢ / ٣٤٠.

(٣) المنهج المسلوك في سياسة الملوك ص٢٦٥، ٢٦٧.، وحديث: " الحرب خدعة " أخرجه البخاري (فتح الباري ٦ / ١٥٨) من حديث جابر ابن عبد الله.

(٤) مدارج السالكين ٢ / ٣٤٠.

وَثَمَرَةُ مُجَاهَدَةِ الْمُتَّقِينَ، وَرِيَاضَةُ الْمُتَعَبِّدِينَ (١)، فَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ وَحَبِيبِهِ مُثْنِيًا عَلَيْهِ وَمُظْهِرًا نِعْمَتَهُ لَدَيْهِ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (٢) وَقَال ﷺ إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَْخْلاَقِ (٣) . وَقَدْ أَتَمَّ النَّبِيُّ ﷺ مَكَارِمَ الأَْخْلاَقِ وَحَثَّ عَلَى الرُّسُوخِ فِيهَا (٤) . وَقَال: اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.

(٥) دَرَجَاتُ الْفُتُوَّةِ:

٥ - مِنْ دَرَجَاتِ الْفُتُوَّةِ: تَرْكُ الْخُصُومَةِ، وَالتَّغَافُل عَنِ الزَّلَّةِ وَنِسْيَانُ الأَْذِيَّةِ. أَمَّا تَرْكُ الْخُصُومَةِ فَهُوَ: أَلاَّ يُخَاصِمَ بِلِسَانِهِ، وَلاَ يَنْوِيَ الْخُصُومَةَ بِقَلْبِهِ، وَلاَ يَخْطِرَهَا عَلَى بَالِهِ، هَذَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ رَبِّهِ: فَالْفُتُوَّةُ أَنْ يُخَاصِمَ بِاللَّهِ وَفِي اللَّهِ، وَيُحَاكِمَ إِلَى اللَّهِ، وَأَمَّا التَّغَافُل عَنِ الزَّلَّةِ فَهُوَ أَنَّهُ إِذَا رَأَى مِنْ أَحَدٍ زَلَّةً

_________

(١) إحياء علوم الدين ٢ / ٤٧.

(٢) سورة القلم / ٤.

(٣) حديث: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". أخرجه الحاكم (٢ / ٦١٣)، والبيهقي (١٠ / ١٩٢) من حديث أبي هريرة واللفظ للبيهقي، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.، وانظر إحياء علوم الدين ٢ / ٤٨.

(٤) الأدب المفرد للبخاري ١ / ٣٧١.

(٥) حديث: " اتقِ الله حيثما كنت. . . " أخرجه الترمذي (٤ / ٣٥٥) من حديث أبي ذر وقال حديث حسن صحيح.، انظر تحفة الأحوذي ٦ / ١٢٢، وتفسير القرطبي ١٨ / ٢٢٨.

أَظْهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهَا، لِئَلاَّ يُعَرِّضَ صَاحِبَهَا لِلْوَحْشَةِ، وَيُرِيحَهُ مِنْ تَحَمُّل الْعُذْرِ.

وَأَمَّا نِسْيَانُ الأَْذِيَّةِ فَهُوَ بِأَنْ تَنْسَى أَذِيَّةَ مَنْ نَالَكَ بِأَذًى لِيَصْفُوَ قَلْبُكَ لَهُ وَلاَ تَسْتَوْحِشَ مِنْهُ.

قَال ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ: وَهُنَا نِسْيَانٌ آخَرُ أَيْضًا وَهُوَ مِنَ الْفُتُوَّةِ، وَهُوَ نِسْيَانُ إِحْسَانِكَ إِلَى مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْكَ، وَهَذَا النِّسْيَانُ أَكْمَل مِنَ الأَْوَّل. (١)

وَمِنْ دَرَجَاتِهَا كَذَلِكَ: أَنْ تُقَرِّبَ مَنْ يُقْصِيكَ، وَتُكْرِمَ مَنْ يُؤْذِيكَ، وَتَعْتَذِرَ إِلَى مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ، سَمَاحَةً لاَ كَظْمًا، وَمَوَدَّةً لاَ مُصَابَرَةً.

وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ أَعْلَى مِمَّا قَبْلَهَا وَأَصْعَبُ، فَإِنَّ الأُْولَى تَتَضَمَّنُ تَرْكَ الْمُقَابَلَةِ وَالتَّغَافُل، وَهَذِهِ تَتَضَمَّنُ الإِْحْسَانَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ، وَمُعَامَلَتَهُ بِضِدِّ مَا عَامَلَكَ بِهِ، فَيَكُونُ الإِْحْسَانُ وَالإِْسَاءَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ خُطَّتَيْنِ: فَخُطَّتُكَ الإِْحْسَانُ، وَخُطَّتُهُ الإِْسَاءَةُ.

وَمَعْنَى الاِعْتِذَارِ إِلَى مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ أَنَّكَ تُنَزِّل نَفْسَكَ مَنْزِلَةَ الْجَانِي لاَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْجَانِي خَلِيقٌ بِالْعُذْرِ (٢) .

وَلِلتَّفْصِيل (ر: مُرُوءَة) .

_________

(١) مدارج السالكين ٢ / ٣٤٤، ٣٤٥.

(٢) مدارج السالكين ٢ / ٣٤٥، ٣٤٦.

فُتْيَا

انْظُرْ: فَتْوَى

فَجْر

انْظُرْ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الْمَفْرُوضَةُ

فُجُور

انْظُرْ: فِسْق

فُحْشُ الْقَوْل

التَّعْرِيفُ:

١ - الْفُحْشُ لُغَةً: مَا عَظُمَ قُبْحُهُ مِنَ الأَْفْعَال وَالأَْقْوَال. (١)

وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ: الْفُحْشُ كُل مَا خَرَجَ عَنْ مِقْدَارِهِ حَتَّى يُسْتَقْبَحَ، وَيَدْخُل فِيهِ الْقَوْل وَالْفِعْل وَالصِّفَةُ، يُقَال: فُلاَنٌ طَوِيلٌ فَاحِشُ الطُّول إِذَا أَفْرَطَ فِي طُولِهِ، وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْقَوْل أَكْثَرُ. (٢)

وَقَال الْغَزَالِيُّ: الْفُحْشُ: هُوَ التَّعْبِيرُ عَنِ الأُْمُورِ الْمُسْتَقْبَحَةِ بِالْعِبَارَاتِ الصَّرِيحَةِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ فِي أَلْفَاظِ الْوِقَاعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَإِنَّ لأَِهْل الْفَسَادِ عِبَارَاتٌ صَرِيحَةٌ فَاحِشَةٌ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ، وَأَهْل الصَّلاَحِ يَتَحَاشَوْنَ عَنْهَا بَل يُكَنُّونَ عَنْهَا، وَيَدُلُّونَ عَلَيْهَا بِالرُّمُوزِ، فَيَذْكُرُونَ مَا يُقَارِبُهَا وَيَتَعَلَّقُ بِهَا. (٣)

_________

(١) المفردات للراغب الأصفهاني.

(٢) عمدة القاري ٢٢ / ١١٦، وفتح الباري ١ / ٤٥٣.

(٣) إحياء علوم الدين ٣ / ١١٨، وانظر بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية ٣ / ٢٠٢ ط الحلبي.

وَالْبَاعِثُ عَلَى الْفُحْشِ إِمَّا قَصْدُ الإِْيذَاءِ، وَإِمَّا الاِعْتِيَادُ الْحَاصِل مِنْ مُخَالَطَةِ الْفُسَّاقِ وَأَهْل الْخُبْثِ وَاللُّؤْمِ، وَمَنْ عَادَتُهُمُ السَّبُّ (١)، وَإِضَافَةُ (فُحْشٍ) إِلَى (الْقَوْل) هِيَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - اللَّغْوُ:

٢ - اللَّغْوُ هُوَ الْبَاطِل الَّذِي لاَ يَتَّصِل بِفِعْلٍ صَحِيحٍ، وَلاَ يَكُونُ لِقَائِلِهِ فِيهِ فَائِدَةٌ وَرُبَّمَا كَانَ وَبَالًا عَلَيْهِ، كَأَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُل بِمَا لاَ يَعْنِيهِ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ فَيُفْشِيَ أَسْرَارَهُمْ، وَيَهْتِكَ أَسْتَارَهُمْ (٢) .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ فُحْشِ الْقَوْل وَاللَّغْوِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ.

ب - السَّبُّ:

٣ - السَّبُّ: الشَّتْمُ قَال الدُّسُوقِيُّ: هُوَ كُل كَلاَمٍ قَبِيحٍ (٣)، وَفُحْشُ الْقَوْل أَعَمُّ مِنَ السَّبِّ.

ج - الرَّفَثُ:

٤ - مِنْ مَعَانِي الرَّفَثِ فِي اللُّغَةِ: اللَّغْوُ مِنَ الْكَلاَمِ، يُقَال: رَفَثَ فِي كَلاَمِهِ يَرْفُثُ إِذَا تَكَلَّمَ بِالْقَبِيحِ، ثُمَّ جُعِل كِنَايَةً عَنِ الْجِمَاعِ وَعَنْ كُل

_________

(١) إحياء علوم الدين ٣ / ١١٩ وبريقة محمودية ٣ / ٢٠٢.

(٢) المنهاج في شعب الإيمان للحليمي ٣ / ٤٠١.

(٣) الدسوقي ٤ / ٣٠٩.

مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَالرَّفَثُ بِاللِّسَانِ ذِكْرُ الْمُجَامَعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَالرَّفَثُ بِالْيَدِ اللَّمْسُ، وَبِالْعَيْنِ الْغَمْزُ، وَبِالْفَرْجِ الْجِمَاعُ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ أَوِ الْكَلاَمُ الْفَاحِشُ أَوْ ذِكْرُ الْجِمَاعِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ. (١)

وَبَيْنَ الرَّفَثِ وَفُحْشِ الْقَوْل عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٥ - الْفُحْشُ فِي الْقَوْل مَذْمُومٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ، (٢) قَال النَّبِيُّ ﷺ: إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلاَ الْمُتَفَحِّشَ (٣) . وَقَال ﷺ: لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ. (٤)

غِيبَةُ الْمُعْلِنِ بِالْفِسْقِ أَوِ الْفُحْشِ:

٦ - تَجُوزُ غِيبَةُ الْمُعْلِنِ بِالْفِسْقِ أَوِ الْفُحْشِ مَعَ

_________

(١) تاج العروس، وتفسير الرازي، وابن كثير في تفسير آية: (فلا رفث ولا فسوق)، وفتح القدير ٢ / ١٤١.

(٢) إحياء علوم الدين ٣ / ١١٧، ١١٨، والآداب الشرعية لابن مفلح ١ / ١١ وبريقة محمودية في شرح طريقة محمدية ٣ / ٢٠٢.

(٣) حديث: " إياكم والفحش. . . " أخرجه أحمد (٢ / ١٩١) والحاكم (١ / ١٢) من حديث أبي هريرة، واللفظ لأحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

(٤) حديث: " ليس المؤمن بالطعان. . . " أخرجه الترمذي (٤ / ٣٥٠) من حديث ابن مسعود، وقال: " حديث حسن غريب ".