الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣١

حرف العين

عموم

الألفاظ ذات الصلة

العام

المشترك

الحكم الإجمالي

عموم البلوى

التعريف

الأحكام المتعلقة بعموم البلوى

أولا الأحكام الفقهية

ثانيا المسائل الأصولية

خبر الواحد فيما تعم فيه البلوى

قول الصحابة فيما تعم به البلوى

عموم المقتضى

عنب

عنت

عنة

الخصاء

الأحكام المتعلقة بالعنة

ثبوت الخيار بالعنة

ثبوت العنة

ما يترتب على ثبوت العنة

الذي يحكم بالتأجيل

حكم التأجيل لمن به عجز خلقي

المراد بالسنة

نقص السنة

الاختلاف في الوطء أثناء السنة أو بعدها

التفريق بالعنة

الفرقة بالعنة فسخ أم طلاق

اختيار الزوجة الاستمرار في النكاح

وقت الاختيار بعد المدة

أثر الجنون على الحكم بالعنة

أثر الصبا على الحكم بالعنة

أثر الرتق على الحكم بالعنة

سبق الوطء على العنة

الجماع الذي يمنع التأجيل

مهر زوجة العنين

عدة زوجة العنين

عنوس

ما يتعلق بالعنوس من أحكام

نفقة العانس

عنوة

عهد

العقد

الحكم التكليفي

تحريم ظلم المعاهد

اليمين بعهد الله وآثاره

عهدة

أولا - العهدة في الشفعة

ثانيا - العهدة في خيار العيب

عور

العمش

الأحكام المتعلقة بالعور

التضحية بالعوراء

فسخ النكاح بالعور

جناية صحيح العينين على الأعور

جناية الأعور على صحيح العينين

جناية الأعور على الأعور

عورة

الستر

الأحكام المتعلقة بالعورة

عورة المرأة بالنسبة للرجل الأجنبي

عورة المرأة المسلمة بالنسبة للأجنبية الكافرة

عورة المرأة بالنسبة للمرأة المسلمة

عورة المرأة بالنسبة للمحارم

عورة الأمة بالنسبة للرجل الأجنبي

عورة الرجل بالنسبة للرجل

عورة الرجل بالنسبة للأجنبية

عورة الصغير والصغيرة

عورة كل من الزوجين بالنسبة للآخر

عورة الخنثى المشكل

ما تستره المرأة في الإحرام

عورة الميت

النظر إلى العورة لتحمل الشهادة

كشف العورة للحاجة الملجئة

السلام على مكشوف العورة

الإنكار على مكشوف العورة

عوض

الثمن

أنواع العوض

شروط العوض

أسباب ثبوت العوض

عقود المعاوضات

عقد النكاح

الجنايات

الإتلافات

عقد الجزية

تلف الزكاة والأضحية

ارتكاب المحظورات

التفريط والتعدي

ما لا يجوز أخذ العوض عنه

تقدير العوض

التصرفات التي يجب أن يكون العوض فيها مقدرا ومعلوما

التصرفات التي لا يجب فيها تقدير العوض

الأعواض التي قدرها الشارع

تجزئة العوض

تسليم العوض

موانع تسليم العوض

مسقطات العوض

هلاك المعقود عليه

العفو

الإسلام

عول

الرد

عوم

الأحكام المتعلقة بالعوم

ضمان العوام لمن غرق بيده

عيادة

فضل عيادة المريض

آداب عيادة المريض

وقت عيادة المريض

الدعاء للمريض

إطعام المريض ما يشتهي

عيافة

عيب

الكذب

الأحكام المتعلقة بالعيب

العيب في المبيع

العيوب التي يرد بها المبيع

أولا - العيوب الظاهرة

عيوب الدواب

عيوب الدور

عيوب الثياب

ثانيا - العيوب الخفية في المبيع

أثر العيب في عقد البيع

إعلام المشتري بالعيب

شروط الرد بالعيب

أن يكون العيب قديما

عدم اشتراط البراءة

رضا البائع في الرد بالعيب

تمسك المشتري بالمبيع المعيب مع الأرش

العيب في الصرف

أولا - العيب من نفس الجنس، اتحد الجنس أو اختلف، قبل القبض أو بعده

ثانيا - أخذ الأرش عن المعيب

إذا كان العوضان من جنسين

إذا كان العوضان من جنس واحد

ثالثا - الصرف معين والعيب من نفس الجنس والمعيب البعض

رابعا إذا تلف العوض بعد العقد ثم علم عيبه

حكم العقد من حيث الإمضاء أو الفسخ

حكم أخذ الأرش في المعيب التالف بعد القبض

خامسا - العيب عن غير الجنس

حكم العيب في الصرف في الذمة وأخذ البدل والأرش فيه

المسألة الأولى

المسألة الثانية

المسألة الثالثة

الاستحقاق في الصرف

العيب في السلم

العيب في الإجارة

العيب في القسمة

العيب في بدل الصلح

العيب في المال المغصوب

العيب في الزوج والزوجة

العيب في الأضحية

العيب في الهدي

العيب في الحيوان المأخوذ في الزكاة

عيد

الأحكام المتعلقة بالعيد

صلاة العيد

التكبير في العيدين

الأضحية في العيد

ما يستحب فعله في العيدين

التهنئة بيوم العيد

التزاور في العيدين

الغناء واللعب والزفن يوم العيد

زيارة المقابر في العيد

عظة النساء

عين

الحقد

ثبوت العين

ما يستطب به من العين

التبريك

الغسل

الرقية

عقوبة العائن

حرف الغين

غائط

غارمون

الكفيل

دفع الزكاة لغريم المدين

الاستدانة لعمارة مسجد ونحوه

غالب

الأحكام المتعلقة بلفظ غالب

غالب مدة الحيض

استعمال ما غالب حاله النجاسة

زكاة الإبل

زكاة الفطر

الإطعام الواجب في الكفارات

معاملة من غالب ماله حرام

غاية

غباء

الخلابة

ما يتصل بالغباء من أحكام

سكوت المدعى عليه لغبائه

غبار

ما يتعلق بالغبار من أحكام

النجاسة

التيمم

الصوم

غبطة

الحسد

غبن

التدليس

الغرر

أنواع الغبن

أثر الغبن في العقود

الاتجاه الأول

الاتجاه الثاني

الاتجاه الثالث

غدر

الخدعة

الجهاد مع الإمام الغادر

غراس

غرامات

الضمان

الأحكام المتعلقة بالغرامات

موجب الغرامات

غرر

الجهالة

أقسام الغرر

شروط الغرر المؤثر

أن يكون الغرر كثيرا

أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة

ألا تدعو للعقد حاجة

أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية

الغرر في العقود

أولا - الغرر في عقود المعاوضات المالية

الغرر في عقد البيع

١ - الغرر في صيغة العقد

٢ - الغرر في محل العقد

الغرر في عقد الإجارة

الغرر في عقد السلم

الغرر في الجعالة

ثانيا - الغرر في عقود التبرعات

عقد الهبة

الوصية

ثالثا - الغرر في عقد الشركة

رابعا - الغرر في عقد الرهن

خامسا - الغرر في عقد الكفالة

سادسا - الغرر في عقد الوكالة

سابعا الغرر في عقد الزواج

الغرر في الشروط

أولا - الشرط الذي في وجوده غرر

ثانيا - الشرط الذي يحدث غررا في العقد

ثالثا - الشرط الذي يزيد الغرر في العقد

غراوان

الحكم في المسألتين

الثانية

غرة

الدية

أولا - إطالة الغرة في الوضوء

ثانيا - الغرة في الجناية على الجنين

من تجب عليه الغرة

غرس

الزرع

الأحكام المتعلقة بالغرس

ثانيا عقد المغارسة

ثالثا الغرس في الأرض التي يتعلق بها حق الغير

الغرس في الأرض المغصوبة

الغرس في الأرض المستعارة

الغرس في الأرض المرهونة

الغرس في الأرض المشفوع فيها

رابعا غرس الشجر في المسجد والأرض الموقوفة.

خامسا الغرس في الأرض الموات

غرغرة

المضمضة

أثر الغرغرة في قبول التوبة

غرق

الغمر

الأحكام المتعلقة بالغرق

قتال الأعداء بإغراقهم

القتل بالإغراق

غرقى

الأحكام المتعلقة بالغرقى

حكم ترك إنقاذ الغريق

إرث الغرقى

غرماء

غروب

الشروق

ما يتعلق بالغروب من أحكام

في الصلاة

كراهة الصلاة عند غروب الشمس

في الصيام

غرور

الكبر

العجب

أقسام الغرور

الغرور بفهم فاسد من نصوص القرآن والسنة

الغرور بالطاعات والقرب

الغرور بصلاح الآباء والأسلاف

الغرور بتتابع النعم

أصناف المغرورين

أولا غرور أهل العلم

ثالثا غرور المتصوفة

رابعا - غرور أرباب الأموال

التخلص من الغرور

المعرفة

العلم

غسالة

غسل

الطهارة

موجبات الغسل

الأول - خروج المني

خروج المني بعد الغسل

الثاني - التقاء الختانين

الإيلاج بحائل

الإيلاج في فرج غير أصلي

وطء الجن

وطء الميت

وصول المني إلى الفرج من غير إيلاج

الثالث - الحيض والنفاس

الرابع - الموت

الخامس - إسلام الكافر

فرائض الغسل

الأولى - النية

الثانية - تعميم الشعر والبشرة بالماء

المضمضة والاستنشاق

نقض الضفائر

الثالثة - الموالاة

الرابعة - الدلك

سنن الغسل

التسمية

غسل الكفين

إزالة الأذى

الوضوء

البدء باليمين

تثليث الغسل

صفة الغسل

غش

الغش في المعاملات

أولا - الغش بالتدليس والتصرية

ثانيا - الغش المسبب للغبن

التعامل بالنقد المغشوش

صرف المغشوش بجنسه أو بالذهب والفضة

الغش في المكيال والميزان

الغش في المرابحة

الغش في التولية

غش الزوج أو الزوجة في النكاح

غش ولاة الأمور لرعيتهم

الغش في المشورة والنصيحة

التعزير على الغش

غصب

الاختلاس

ما يتحقق به الغصب

ما يتحقق فيه الغصب

العقار

زوائد المغصوب وغلته ومنافعه

غصب غير المتقوم

آثار الغصب

أولا - ما يلزم الغاصب

الإثم والتعزير

رد العين المغصوبة

ثانيا - حقوق المغصوب منه

زوائد المغصوب

الهدم والقلع

الجمع بين أخذ القيمة والغلة

ثالثا - ما يتعلق بالضمان من أحكام

كيفية الضمان

وقت الضمان

انتهاء عهدة الغاصب

تعذر رد المغصوب

نقصان المغصوب

اختلاف الغاصب والمالك في الغصب والمغصوب

ضمان المغصوب إذا تصرف فيه الغاصب أو غصب منه

تملك الغاصب المغصوب بالضمان

نفقة المغصوب

غصة

الإساغة

غضب

الألفاظ ذات الصلة به

الفرك

الأحكام المتعلقة بالغضب

آثار الغضب في تصرفات الغضبان

غفلة

السفه

أولا - الحجر بسبب الغفلة

حبس الطعام لإغلائه

الأحكام المتعلقة بالغلاء

أثر الغلاء في نفقة الزوجة

غلبة

السلطة

الغلبة على الحكم

غلبة الظن

غلس

الإسفار

غلق

غلة

الربح

ما يتعلق بالغلة من أحكام

أولا - غلة الموصى به

ثانيا - غلة المشفوع فيه

ثالثا - غلة المرهون

غلمة

الشهوة

الأحكام المتعلقة بالغلمة

غلول

عقوبة الغال

ما يؤخذ من الغنيمة ولا يعتبر غلولا

تملك ما بقي مما أبيح له أخذه قبل القسم

مال الغال الذي غله إذا تاب

غموس

غنى

المال

النعمة

حكم طلب الغنى

الغنى المحمود وفضله

ما يتعلق بالغنى من أحكام

أثر الغنى في أداء الدين

أثر الغنى في تحريم السؤال

الحجر على الغني بسبب إسرافه وتبذيره

الغنى الذي تتعلق به الزكاة

أثر الغنى في أداء الكفارات

أثر الغنى في النفقة الواجبة للزوجة

اعتبار الغنى في نفقة الأقارب

اعتبار الغنى فيمن يتحمل الدية

أثر الغنى في دفع الضرر

اعتبار الغنى في صدقة التطوع

اعتبار الغنى في الأضحية

أثر الغنى بالنسبة للوصية

اعتبار الغنى في الكفاءة في النكاح

والاتجاه الثاني

غناء

التغبير

الحداء

حكم الغناء

الإجارة على الغناء

مروءة المغني وشهادته

الوقف على المغني

التغني بالقرآن الكريم

غنم

الأحكام المتعلقة بالغنم

الصلاة في مرابض الغنم

زكاة الغنم

سرقة الغنم

السلم في الغنم

غنيمة

الفيء

النفل

ما يعتبر من أموال الغنيمة وما لا يعتبر

الأموال المنقولة

الأرض

ثانيا - ما جلا أهلها عنها خوفا

المال المأخوذ باتفاق

أموال البغاة

أموال المسلمين إذا استردوها من الحربيين

مكان قسمة الغنيمة

الأخذ من الغنيمة والانتفاع بها قبل القسمة وبعدها

بيع الغنائم في دار الحرب

السرقة من الغنيمة والغلول

حق الغائب عن القتال لمصلحة في الغنيمة

شروط استحقاق الغنيمة

ثانيا

قسمة الغنيمة

الفارس واستخدامه للفرس

الرضخ من الغنيمة

أصحاب الرضخ

الصبي

المرأة

العبد

الذمي

التفضيل والتسوية بين أهل الرضخ

زمن الرضخ

انفراد الكفار بغزوة

انفراد أهل الرضخ بغزوة

جواز بيع الغازي شيئا من مال دار الحرب

غوث

غيبة

الأحكام المتعلقة بالغيبة

غيبة الولي في النكاح

التفريق لغيبة الزوج عن زوجته

أثر غيبة الزوج في نفقة زوجته

التوكيل أثناء الغيبة

غيبة الشفيع

كفالة النفس في غيبة المكفول

نصب الوكيل عن شخص في غيبته

البهتان

النميمة

ما تكون به الغيبة

أما الثمانية التي تطرد في حق العامة فهي

وأما الأسباب الثلاثة التي هي في الخاصة،

أمور تباح فيها الغيبة

الأول

الثالث

الخامس

كيفية منع الغيبة

كفارة الغيبة

غيرة

الغيرة على حرمات الله تعالى

الغيرة على حقوق الآدميين

غيلة

ما يتعلق بالغيلة من أحكام

القتل غيلة

قتل المسلم بالذمي

قتل الحر بالعبد

قتل الوالد بالولد

حكم الغيلة بالإرضاع أو الوطء

تراجم فقهاء الجزء الحادي والثلاثين

ابن بزيزة (٦٠٦ - ٦٦٣)

ابن الجلاب (؟ - ٣٨٧هـ)

ابن محرز (؟ - ٤٥٠هـ)

ابن المنكدر (٥٤ - ١٣٠ هـ)

أبو الحسن الكرخي (٢٦٠ - ٣٤٠هـ)

أبو الحسن المنوفي (٨٥٧ - ٩٣٩ هـ)

أبو سعيد بن المعلى (؟ - ٧٣ هـ)

أبو الفتح المطرزي (٥٣٨ - ٦١٠ هـ)

أم سليم (؟ -؟)

حوشب (؟ -؟)

السمعاني (٤٦٦ - ٥١٠ هـ)

عبد الله في مغفل (؟ - ٦٠ هـ)

عبد الوهاب بن علي (٣٦٣ - ٤٢١هـ)

عطاء بن يسار (١٩ - ١٠٣هـ)

الفاكه بن سعد (؟ -؟)

عُمُومٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْعُمُومُ: مَصْدَرٌ مِنْ عَمَّ يَعُمُّ عُمُومًا فَهُوَ عَامٌّ، وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: الشُّمُول وَالتَّنَاوُل، يُقَال: عَمَّ الْمَطَرُ الْبِلاَدَ: شَمَلَهَا، وَمِنْهُ قَوْل الْعَرَبِ: عَمَّهُمْ بِالْعَطِيَّةِ أَيْ شَمَلَهُمْ، وَيُقَال: خَصْبٌ عَامٌ إِذَا شَمَل الْبُلْدَانَ وَالأَْعْيَانَ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهُ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ بِأَنَّهُ: إِحَاطَةُ الأَْفْرَادِ دُفْعَةً. وَقَال الْمَازِرِيُّ: الْعُمُومُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الأُْصُول هُوَ الْقَوْل الْمُشْتَمِل عَلَى شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا (٢) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْعَامُّ:

٢ - الْعَامُّ: هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ بِوَضْعٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ (٣) .

_________

(١) متن اللغة، والمصباح المنير، وكشف الأسرار على المنار ١ / ١١٠، وحاشية البناني على جمع الجوامع ١ / ٣٩٨.

(٢) دستور العلماء، والبحر المحيط في أصول الفقه للزركشي ٣ / ٦.

(٣) شرح البدخشي ٢ / ٧٥، وإرشاد الفحول ص١٠٥، وجمع الجوامع ١ / ٣٩٨.

وَعَرَّفَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ الْعَامَّ بِأَنَّهُ: لَفْظٌ يَتَنَاوَل أَفْرَادًا مُتَّفِقَةَ الْحُدُودِ عَلَى سَبِيل الشُّمُول. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْعَامِّ: أَنَّ الْعَامَّ هُوَ اللَّفْظُ الْمُتَنَاوِل، وَالْعُمُومُ تَنَاوُل اللَّفْظِ لِمَا صَلَحَ لَهُ. فَالْعُمُومُ مَصْدَرٌ. وَالْعَامُّ اسْمُ فَاعِلٍ مُشْتَقٌّ مِنْ هَذَا الْمَصْدَرِ، وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ " لأَِنَّ الْمَصْدَرَ الْفِعْل، وَالْفِعْل غَيْرُ الْفَاعِل (١) .

ب - الْخُصُوصُ

٣ - الْخُصُوصُ: كَوْنُ اللَّفْظِ مُتَنَاوِلًا لِبَعْضِ مَا يَصْلُحُ لَهُ لاَ لِجَمِيعِهِ (٢) . وَعَلَى ذَلِكَ فَالْخُصُوصُ ضِدُّ الْعُمُومِ.

ج - الْمُشْتَرَكُ:

٤ - الْمُشْتَرَكُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الاِشْتِرَاكِ. وَعَرَّفَهُ الأُْصُولِيُّونَ بِأَنَّهُ: كُل لَفْظٍ يَتَنَاوَل أَفْرَادًا مُخْتَلِفَةَ الْحُدُودِ عَلَى سَبِيل الْبَدَل، مِثْل كَلِمَةِ قُرْءٍ فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ يَصْدُقُ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ عَلَى سَبِيل الْبَدَل، وَكَذَلِكَ كَلِمَةُ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا اسْمٌ لِلنَّاظِرِ وَعَيْنِ الشَّمْسِ وَعَيْنِ الرُّكْبَةِ وَعَيْنِ الْمَاءِ، وَلِلنَّقْدِ

_________

(١) كشف الأسرار على المنار ١ / ١١٠ مع نور الأنوار على المنار، والبحر المحيط ٣ / ٧.

(٢) البحر المحيط ٣ / ٢٤٠.

مِنَ الْمَال، تُطْلَقُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى سَبِيل الْبَدَل (١) .

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٥ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّ الْعَامَّ يُوجِبُ الْحُكْمَ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ، فَإِذَا وَرَدَ فِي النَّصِّ لَفْظٌ عَامٌّ ثَبَتَ الْحُكْمُ لِمَا يَتَنَاوَلُهُ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلاَفِهِ.

وَاخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْعُمُومِ، وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

_________

(١) كشف الأسرار ١ / ٣٧، ٣٨.

عُمُومُ الْبَلْوَى

التَّعْرِيفُ:

١ - مِنْ مَعَانِي الْعُمُومِ فِي اللُّغَةِ: الشُّمُول وَالتَّنَاوُل، يُقَال: عَمَّ الْمَطَرُ الْبِلاَدَ، شَمَلَهَا، فَهُوَ عَامٌّ (١)

وَالْبَلْوَى فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ بِمَعْنَى الاِخْتِبَارِ وَالاِمْتِحَانِ، يُقَال: بَلَوْتُ الرَّجُل بَلْوًا وَبَلاَءً وَابْتَلَيْتُهُ: اخْتَبَرْتُهُ، وَيُقَال: بَلَى فُلاَنٌ وَابْتَلَى إِذَا امْتَحَنَ (٢) .

أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِعُمُومِ الْبَلْوَى: الْحَالَةُ أَوِ الْحَادِثَةُ الَّتِي تَشْمَل كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ وَيَتَعَذَّرُ الاِحْتِرَازُ عَنْهَا (٣)، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ (٤) وَبَعْضُهُمْ بِالضَّرُورَةِ الْمَاسَّةِ، أَوْ حَاجَةِ النَّاسِ (٥) .

وَفَسَّرَهُ الأُْصُولِيُّونَ بِمَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ

_________

(١) المصباح المنير، ولسان العرب، ومتن اللغة.

(٢) المصباح المنير، ولسان العرب.

(٣) ابن عابدين ١ / ٢٠٦، والقليوبي مع شرح المنهاج ١ / ١٨٣، ١٨٤.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ١ / ٣٤.

(٥) ابن عابدين ٤ / ٢٤٦، وبغية المسترشدين ص١٣٣، والفتاوى الهندية ٣ / ٢٠٩.

فِي عُمُومِ الأَْحْوَال (١) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِعُمُومِ الْبَلْوَى:

بَنَى الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ عَلَى عُمُومِ الْبَلْوَى أَحْكَامًا فِقْهِيَّةً وَأُصُولِيَّةً فِي مُخْتَلَفِ الأَْبْوَابِ وَالْمَسَائِل مِنْهَا مَا يَلِي:

أَوَّلًا: الأَْحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ:

٢ - مِنَ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَإِذَا ضَاقَ الأَْمْرُ اتَّسَعَ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (٢) وَقَال ﷺ بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ (٣)

وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ جَمِيعُ رُخَصِ الشَّرْعِ وَتَخْفِيفَاتُهُ (٤) .

وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَسْبَابَ التَّخْفِيفِ مِنَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَالإِْكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ وَالْجَهْل وَالْعُسْرِ وَعُمُومِ الْبَلْوَى وَنَحْوِهَا، وَبَيَّنُوا أَثَرَهَا فِي مُخْتَلَفِ الأَْحْكَامِ وَالْمَسَائِل الْفِقْهِيَّةِ.

_________

(١) كشف الأسرار ٣ / ١٦.

(٢) سورة البقرة / ١٨٥.

(٣) حديث: " بُعثت بالحنيفية السمحة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٩٣) تعليقًا، وأحمد (٥ / ٢٦٦) من حديث أبي أمامة، واللفظ لأحمد، وحسن إسناده ابن حجر في فتح الباري (١ / ٩٤) .

(٤) الأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٦، ٨٧، ولابن نجيم ص٧٦، ٧٧.

وَمِنَ الرُّخَصِ الَّتِي شُرِعَتْ بِسَبَبِ الْعُسْرِ وَعُمُومِ الْبَلْوَى مَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَابْنُ نُجَيْمٍ مِنْ جَوَازِ الصَّلاَةِ مَعَ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا، كَدَمِ الْقُرُوحِ وَالدَّمَامِل وَالْبَرَاغِيثِ، وَطِينِ الشَّارِعِ وَذَرْقِ الطُّيُورِ إِذَا عَمَّ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَطَافِ، وَمَا لاَ نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، وَأَثَرِ نَجَاسَةٍ عَسُرَ زَوَالُهُ، وَالْعَفْوُ عَنْ غُبَارِ السِّرْقِينِ وَقَلِيل الدُّخَانِ النَّجَسِ وَأَمْثَالِهَا، وَهِيَ كَثِيرَةٌ مُفَصَّلَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ (١) .

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنَ الْعَفْوِ عَنْ بَوْل الشَّخْصِ أَوْ بَوْل غَيْرِهِ الَّذِي انْتَضَحَ عَلَى ثِيَابِهِ كَرُءُوسِ إِبَرٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالْعِلَّةُ الضَّرُورَةُ قِيَاسًا عَلَى مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى مِمَّا عَلَى أَرْجُل الذُّبَابِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى النَّجَاسَةِ ثُمَّ يَقَعُ عَلَى الثِّيَابِ (٢)، وَمِثْلُهُ الدَّمُ عَلَى ثِيَابِ الْقَصَّابِ، فَإِنَّ فِي التَّحَرُّزِ عَنْهُ حَرَجًا ظَاهِرًا (٣) .

٣ - وَمِنَ الأَْحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى عُمُومِ الْبَلْوَى طَهَارَةُ الْخُفِّ وَالنَّعْل بِالدَّلْكِ عَلَى الأَْرْضِ وَنَحْوِهَا مِنَ الأَْشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ، كَمَا

_________

(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص٧٦، ٧٧، والأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٦، ٨٧،، حاشية ابن عابدين ١ / ٢١٤، ٢١٥، الاختيار لتعليل المختار ١ / ٣٦، وجواهر الإكليل على مختصر خليل ١ / ١١، ١٢، وحاشية القليوبي على شرح المنهاج ١ / ٨٣، وروضة الطالبين ١ / ١٨.

(٢) ابن عابدين ١ / ٢١٤.

(٣) ابن عابدين ١ / ٢٠٦، وجواهر الإكليل ١ / ١٢.

ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (١)، قَال التُّمُرْتَاشِيُّ: وَيَطْهُرُ خُفٌّ وَنَحْوُهُ، كَنَعْلٍ تَنَجَّسَ بِذِي جُرْمٍ بِدَلْكٍ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَإِنْ كَانَ رَطْبًا عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ. وَهُوَ الأَْصَحُّ الْمُخْتَارُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِعُمُومِ الْبَلْوَى (٢) .

وَلِعُمُومِ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَل فِيهِمَا. (٣)

٤ - وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ مِنَ الأَْحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى عُمُومِ الْبَلْوَى فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ: جَوَازُ أَكْل الْمَيْتَةِ وَمَال الْغَيْرِ مَعَ ضَمَانِ الضَّرَرِ إِذَا اُضْطُرَّ. وَأَكْل الْوَلِيِّ مِنْ مَال الْيَتِيمِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إِذَا احْتَاجَ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الرَّدِّ بِالْخِيَارَاتِ فِي الْبَيْعِ (٤) .

وَكَذَلِكَ مَشْرُوعِيَّةُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ (غَيْرِ اللاَّزِمَةِ) لأَِنَّ لُزُومَهَا يَشُقُّ، كَمَا ذَكَرَ مِنْهَا إِبَاحَةَ النَّظَرِ لِلْخُطْبَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالإِْشْهَادِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْمُعَالَجَةِ وَنَحْوِهَا (٥) .

وَلِتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ وَأَمْثَالِهَا يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (تَيْسِير ف ٤٨ وَمَا بَعْدَهَا،

_________

(١) ابن عابدين ١ / ٢٠٦، وجواهر الإكليل ١ / ١٢.

(٢) ابن عابدين ١ / ٢٠٦.

(٣) حديث: " إذا جاء أحدكم إلى المسجد. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ٤٢٧) من حديث أبي سعيد الخدري، وصحح إسناده النووي في المجموع (٢ / ١٧٩) .

(٤) الأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٧.

(٥) الأشباه والنظائر للسيوطي ص٨٧، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص٧٩.

وَحَاجَة ف ٢٤ وَمَا بَعْدَهَا) .

٥ - وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ جَوَازِ عَقْدِ الاِسْتِصْنَاعِ - وَهُوَ عَقْدُ مُقَاوَلَةٍ مَعَ أَهْل الصَّنْعَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَل شَيْئًا (١) - مَعَ أَنَّهُ يُخَالِفُ الْقَوَاعِدَ لأَِنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الْمَعْدُومِ؛ إِلاَّ أَنَّهُ أُجِيزَ لِلْحَاجَةِ الْمَاسَّةِ إِلَيْهِ وَفِي مَنْعِهِ مَشَقَّةٌ وَإِحْرَاجٌ (٢) .

وَمِنَ الْمَسَائِل الَّتِي بَنَاهَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَى عُمُومِ الْبَلْوَى جَوَازُ إِجَارَةِ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ مَعَ الْمَاءِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: جَازَ إِجَارَةُ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ أَيْ مَجْرَى الْمَاءِ مَعَ الْمَاءِ تَبَعًا، بِهِ يُفْتَى لِعُمُومِ الْبَلْوَى (٣) .

لَكِنَّ الْمَشَقَّةَ وَالْحَرَجَ إِنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي مَوْضِعٍ لاَ نَصَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْبَلْوَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: لاَ اعْتِبَارَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْبَلْوَى فِي مَوْضِعِ النَّصِّ، كَمَا فِي بَوْل الآْدَمِيِّ، فَإِنَّ الْبَلْوَى فِيهِ أَعَمُّ (٤) .

ثَانِيًا: الْمَسَائِل الأُْصُولِيَّةُ:

ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ أَثَرَ عُمُومِ الْبَلْوَى فِي مَسَائِل مِنْهَا:

أ - خَبَرُ الْوَاحِدِ فِيمَا تَعُمُّ فِيهِ الْبَلْوَى:

٦ - اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ

_________

(١) المجلة م ١٢٤.

(٢) ابن عابدين ٤ / ٢٤٦، وبغية المسترشدين ص١٣٣.

(٣) ابن عابدين ٥ / ٣٩.

(٤) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٨٤.

فِيمَا تَعُمُّ فِيهِ الْبَلْوَى، هَل يُوجِبُ الْعَمَل أَمْ لاَ؟ فَذَهَبَ عَامَّةُ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ يُقْبَل خَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا صَحَّ سَنَدُهُ، وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأَْكْثَرُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِعَمَل الصَّحَابَةِ ﵃، فَإِنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، مِثْل رُجُوعِهِمْ إِلَى خَبَرِ عَائِشَةَ ﵂ فِي وُجُوبِ الْغُسْل بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَبِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْل فِي هَذَا الْبَابِ ظَنِّيُّ الصِّدْقِ، فَيَجِبُ قَبُولُهُ، كَمَا إِذَا لَمْ تَعُمَّ بِهِ الْبَلْوَى، أَلاَ تَرَى أَنَّ الْقِيَاسَ يُقْبَل فِيهِ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنَ الْخَبَرِ. فَإِذَا قُبِل فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. مَا هُوَ دُونَ الْخَبَرِ - أَيِ الْقِيَاسِ - فَلأَنْ يُقْبَل فِيهِ الْخَبَرُ أَوْلَى (١) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ وَتَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، كَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ فِي مَسِّ الذَّكَرِ أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لاَ يُثْبِتُ الْوُجُوبَ دُونَ اشْتِهَارٍ أَوْ تَلَقِّي الأُْمَّةِ بِالْقَبُول. لأَِنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يَكْثُرُ السُّؤَال عَنْهُ مِنْ حَيْثُ احْتِيَاجُ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَتَقْضِي الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ مُتَوَاتِرًا، لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، فَلاَ يُعْمَل بِالآْحَادِ

_________

(١) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ٣ / ١٦، ١٧، وفواتح الرحموت مع مسلم الثبوت ٣ / ١٢٩ - ١٣١، وجمع الجوامع مع حاشية البناني ٢ / ١٣٠، ١٣٥.

فِيهِ (١)، قَال فِي كَشْفِ الأَْسْرَارِ: إِنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِي اسْتِفَاضَةَ نَقْل مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَذَلِكَ لأَِنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، كَمَسِّ الذَّكَرِ لَوْ كَانَ مِمَّا تُنْتَقَضُ بِهِ الطَّهَارَةُ لأَشَاعَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مُخَاطَبَةِ الآْحَادِ، بَل يُلْقِيهِ إِلَى عَدَدٍ يَحْصُل بِهِ التَّوَاتُرُ أَوِ الشُّهْرَةُ مُبَالَغَةً فِي إِشَاعَتِهِ؛ لِئَلاَّ يُفْضِيَ إِلَى بُطْلاَنِ صَلاَةِ كَثِيرٍ مِنَ الأُْمَّةِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِهِ. وَلِهَذَا تَوَاتَرَ نَقْل الْقُرْآنِ وَاشْتُهِرَتْ أَخْبَارُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ وَغَيْرِهَا، وَلَمَّا لَمْ يُشْتَهَرْ عَلِمْنَا أَنَّهُ سَهْوٌ أَوْ مَنْسُوخٌ (٢)، وَمِنْ أَحَادِيثِ الآْحَادِ الَّتِي لَمْ يَأْخُذْ بِهَا الْحَنَفِيَّةُ لِمُخَالَفَةِ عُمُومِ الْبَلْوَى حَدِيثُ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الصَّلاَةِ الْجَهْرِيَّةِ (٣) فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَمَل الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ خِلاَفَ ذَلِكَ مُدَّةَ عُمْرِهِمْ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ خَلْفَهُمْ، وَمِنَ الْبَيِّنِ أَنَّ شَأْنَهُمْ أَجَل مِنْ أَنْ يَتْرُكُوا السُّنَّةَ مُدَّةَ عُمْرِهِمْ (٤) .

_________

(١) مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت ٢ / ١٢٨ - ١٣٠، وجمع الجوامع ٢ / ١٣٥، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي ٣ / ١٧.

(٢) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ٣ / ١٧.

(٣) حديث: " الجهر بالتسمية. . . ". أخرجه الترمذي (٢ / ١٤) من حديث ابن عباس بلفظ: كان النبي ﷺ يفتتح صلاته بـ " بسم الله الرحمن الرحيم ".

(٤) فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت ٢ / ١٢٩، وانظر كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ٣ / ١٦، ١٧، ١٨.

الصفحة السابقة