الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ الصفحة 3

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الظُّلْمُ:

٢ - الظُّلْمُ اسْمٌ مِنْ ظَلَمَهُ ظُلْمًا وَمَظْلِمَةً، وَأَصْل الظُّلْمِ: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ (١) .

يَقُول الأَْصْفَهَانِيُّ: الظُّلْمُ يُقَال فِي مُجَاوَزَةِ الْحَقِّ الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى نُقْطَةِ الدَّائِرَةِ، وَيُقَال فِيمَا يَكْثُرُ وَفِيمَا يَقِل مِنَ التَّجَاوُزِ (٢) .

وَيَقُول الأَْلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا﴾ (٣)

الظُّلْمُ وَالْعُدْوَانُ بِمَعْنًى، وَقِيل: أُرِيدَ بِالْعُدْوَانِ: التَّعَدِّي عَلَى الْغَيْرِ، وَبِالظُّلْمِ: الظُّلْمُ عَلَى النَّفْسِ بِتَعْرِيضِهَا لِلْعِقَابِ (٤)

ب - الإِْثْمُ:

٣ - الإِْثْمُ لُغَةً: الذَّنْبُ، وَقِيل: هُوَ أَنْ يَعْمَل مَا لاَ يَحِل لَهُ.

وَعَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهُ: مَا يَجِبُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ شَرْعًا وَطَبْعًا (٥) قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى

_________

(١) المصباح المنير.

(٢) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني.

(٣) سورة النساء / ٣٠.

(٤) تفسير روح المعاني للألوسي ٥ / ١٦.

(٥) التعريفات للجرجاني.

: ﴿تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (١) الإِْثْمُ: الْفِعْل الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الذَّمَّ (٢)، وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الأَْلُوسِيُّ (٣)، وَقِيل: مَا تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ، وَلاَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ (٤)، وَفِي الْحَدِيثِ: الإِْثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ. (٥)

وَعَلَى ذَلِكَ فَالإِْثْمُ أَعَمُّ مِنَ الْعُدْوَانِ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٤ - يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْعُدْوَانِ حَسَبَ اخْتِلاَفِ مُتَعَلَّقِهِ، فَقَدْ قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ أَنَّ حِفْظَ الدِّينِ وَالنَّفْسِ وَالْعَقْل وَالنَّسْل وَالْمَال مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا فِي قِيَامِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، بِحَيْثُ إِذَا فُقِدَتْ لَمْ تَجْرِ مَصَالِحُ الدُّنْيَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ، بَل عَلَى فَسَادٍ وَتَهَارُجٍ، وَفِي الأُْخْرَى فَوْتُ النَّجَاةِ وَالنَّعِيمِ (٦) .

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال فِي خُطْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ

_________

(١) سورة البقرة / ٨٥.

(٢) القرطبي ٢ / ٢٠.

(٣) تفسير روح المعاني للألوسي ١ / ٣١٢.

(٤) تفسير القرطبي ٢ / ٢٠.

(٥) حديث: " الإثم ما حاك في صدرك ". أخرجه مسلم (٤ / ١٩٨٠) من حديث النواس بن سمعان.

(٦) الموافقات للشاطبي ٢ / ٨، ١١.

حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا (١)

وَعَلَى ذَلِكَ: فَالْعُدْوَانُ عَلَى الأَْنْفُسِ عَمْدًا حَرَامٌ وَمُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ (٢) وَكَذَلِكَ الْعُدْوَانُ عَلَى الأَْعْضَاءِ عَمْدًا.

وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَتْل الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ الْعُدْوَانُ، قَال الْبُنَانِيُّ: الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ، وَالْعُدْوَانُ مَا كَانَ غَضَبًا لاَ لَعِبًا وَلاَ أَدَبًا (٣) . وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الأَْبِيُّ الأَْزْهَرِيُّ (٤) .

وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحَيْ: (قَتْلٌ - قِصَاصٌ)

وَالْعُدْوَانُ عَلَى الأَْمْوَال بِالسَّرِقَةِ أَوِ الْحِرَابَةِ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ، كَمَا فُصِّل فِي مُصْطَلَحَيْهِمَا كَمَا أَنَّ الْعُدْوَانَ عَلَى الأَْمْوَال بِالْغَصْبِ وَالنَّهْبِ وَالاِخْتِلاَسِ وَالاِحْتِيَال وَنَحْوِهَا مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ أَنَّهُ: الاِسْتِيلاَءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، قَال الْقَلْيُوبِيُّ: يَدْخُل فِيهِ أَمَانَاتٌ

_________

(١) حديث: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ١٨٥)، ومسلم (٣ / ١٣٠٦) من حديث أبي بكرة، واللفظ لمسلم.

(٢) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ٥ / ٣٥٣، وجواهر الإكليل ٢ / ١٥٥، وحاشية القليوبي ٤ / ١٠٥، والمغني لابن قدامة ٧ / ٦٤٨.

(٣) شرح الزرقاني على مختصر خليل ٨ / ٧.

(٤) جواهر الإكليل ٢ / ١٤٨.

تَعَدَّى فِيهَا وَإِنْ جَهِلَهَا (١) .

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (غَصْبٌ، نَهْبٌ، إِتْلاَفٌ ف ٣٤) .

٥ - وَالضَّمَانُ يَكُونُ بِرَدِّ الْعَيْنِ إِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً، وَإِلاَّ فَعَلَى الْغَاصِبِ مِثْلُهَا إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، أَوْ قِيمَتُهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلِيَّةً، قَال ابْنُ الْهُمَامِ: رَدُّ الْمِثْل هُوَ الأَْصْل فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ الأَْصْل (أَيْ: أَصْل الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ)، أَمَّا الْقِيمَةُ فَتُعْتَبَرُ مِثْلًا مَعْنًى وَلاَ تَكُونُ مَشْرُوعَةً مَعَ احْتِمَال الأَْصْل (٢) .

قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (٣) .

وَالْعُدْوَانُ عَلَى الأَْعْرَاضِ بِالزِّنَا أَوِ الْقَذْفِ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ، وَبِمَا دُونَ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِلتَّعْزِيرِ، وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ: (زِنى، قَذْف)

عُدُول

انْظُرْ: رُجُوع

_________

(١) فتح القدير ٧ / ٣٦٦، والاختيار ٣ / ٥٩، والمواق ٥ / ٢٧٤، القليوبي ٣ / ٢٦.

(٢) فتح القدير مع الهدية ٧ / ٣٦٦، ٣٦٧ مع تصرف في العبارة، ومجمع الضمانات ص٢٠٣، والدسوقي مع الشرح الكبير ٤ / ٣٥٧، ومغني المحتاج ٤ / ١٩٤.

(٣) سورة البقرة / ١٩٤.

عَدْوَى

التَّعْرِيفُ:

١ - الْعَدْوَى فِي اللُّغَةِ: أَصْلُهُ مِنْ عَدَا يَعْدُو إِذَا جَاوَزَ الْحَدَّ، وَأَعْدَاهُ مِنْ عِلَّتِهِ وَخُلُقِهِ وَأَعْدَاهُ بِهِ جَوَّزَهُ إِلَيْهِ.

وَالْعَدْوَى: أَنْ يَكُونَ بِبَعِيرٍ جَرَبٌ مَثَلًا فَتُتَّقَى مُخَالَطَتُهُ بِإِبِلٍ أُخْرَى حَذَارٍ أَنْ يَتَعَدَّى مَا بِهِ مِنَ الْجَرَبِ إِلَيْهَا فَيُصِيبَهَا مَا أَصَابَهُ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: قَال الطِّيبِيُّ: الْعَدْوَى: تَجَاوُزُ الْعِلَّةِ صَاحِبَهَا إِلَى غَيْرِهِ (٢)

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْمَرَضُ:

٢ - الْمَرَضُ فِي اللُّغَةِ: السَّقَمُ، نَقِيضُ الصِّحَّةِ، يَكُونُ لِلإِْنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ، وَالْمَرَضُ: حَالَةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الطَّبْعِ ضَارَّةٌ بِالْفِعْل، قَال ابْنُ الأَْعْرَابِيِّ: أَصْل الْمَرَضِ: النُّقْصَانُ، وَهُوَ بَدَنٌ مَرِيضٌ: نَاقِصُ الْقُوَّةِ، وَقَلْبٌ مَرِيضٌ: نَاقِصُ الدِّينِ، وَقَال ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَرَضُ فِي

_________

(١) لسان العرب، والمصباح المنير.

(٢) الأبي شرح صحيح مسلم ٦ / ٣٧.

الْبَدَنِ: فُتُورُ الأَْعْضَاءِ، وَفِي الْقَلْبِ: فُتُورٌ عَنِ الْحَقِّ (١) .

وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: الْمَرَضُ هُوَ مَا يَعْرِضُ لِلْبَدَنِ فَيُخْرِجُهُ عَنِ الاِعْتِدَال الْخَاصِّ (٢) .

وَعَلاَقَةُ الْمَرَضِ بِالْعَدْوَى أَنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْعَدْوَى وَبِالْعَكْسِ.

مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَدْوَى مِنْ أَحْكَامٍ:

يَتَعَلَّقُ بِالْعَدْوَى أَحْكَامٌ مِنْهَا:

نَفْيُ الْعَدْوَى أَوْ إِثْبَاتُهَا:

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِثْبَاتِ الْعَدْوَى أَوْ نَفْيِهَا عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:

٣ - أَوَّلًا: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمَرَضَ لاَ يُعْدِي بِطَبْعِهِ، وَإِنَّمَا بِفِعْل اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ ﷺ: لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَْسَدِ (٣) كَمَا وَرَدَ عَنْهُ قَوْلُهُ ﷺ: لاَ يُورَدُ مُمَرَّضٌ عَلَى مُصِحٍّ (٤) .

قَال النَّوَوِيُّ: قَال جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُمَا صَحِيحَانِ،

_________

(١) لسان العرب، والمصباح المنير.

(٢) التعريفات للجرجاني.

(٣) حديث: " لا عدوى ولا طيرة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١٠ / ١٥٨)

(٤) حديث: " لا يورد ممرض على مصح ". أخرجه مسلم (٤ / ١٧٤٤) من حديث أبي هريرة.

وَطَرِيقُ الْجَمْعِ أَنَّ حَدِيثَ: لاَ عَدْوَى الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَزْعُمُهُ وَتَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْمَرَضَ وَالْعَاهَةَ تَعْدِي بِطَبْعِهَا لاَ بِفِعْل اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا حَدِيثُ: لاَ يُورَدُ مُمَرَّضٌ عَلَى مُصِحٍّ فَأَرْشَدَ فِيهِ إِلَى مُجَانَبَةِ مَا يَحْصُل الضَّرَرُ عِنْدَهُ فِي الْعَادَةِ بِفِعْل اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ، فَنَفَى فِي الْحَدِيثِ الأَْوَّل الْعَدْوَى بِطَبْعِهَا، وَلَمْ يَنْفِ حُصُول الضَّرَرِ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِعْلِهِ، وَأَرْشَدَ فِي الثَّانِي إِلَى الاِحْتِرَازِ مِمَّا يَحْصُل عِنْدَهُ الضَّرَرُ بِفِعْل اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَقَدَرِهِ (١) .

٤ - ثَانِيًا: ذَهَبَ عُمَرُ ﵁ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ، وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى الْقَوْل بِنَفْيِ الْعَدْوَى لِحَدِيثِ: لاَ عَدْوَى، وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا عَنْ حَدِيثِ: وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَْسَدِ. فَقَالَتْ: مَا قَال ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَال: لاَ عَدْوَى وَقَال: فَمَنْ أَعْدَى الأَْوَّل؟ "

وَاسْتُدِل لِهَذَا الْمَذْهَبِ كَذَلِكَ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ إِيرَادِ الْمُمَرَّضِ عَلَى الْمُصِحِّ لَيْسَ لِلْعَدْوَى بَل لِلتَّأَذِّي (٢) .

_________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي (١٤ / ١٣، ١٤) .

(٢) فتح الباري (١٠ / ١٥٨، ١٥٩)، وصحيح مسلم بشرح النووي (١٤ / ٢١٤) .

٥ - ثَالِثًا ذَهَبَ فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى الْقَوْل بِإِثْبَاتِ الْعَدْوَى، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَال: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَل إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ (١) وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَْسَدِ. (٢)

الْخَوْفُ مِنَ الْعَدْوَى:

٦ - الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لاَ يَكُونُ حَرَامًا: إِنْ كَانَ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ فِعْل وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ مُحَرَّمٍ وَكَانَ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْخَوْفِ كَالْخَوْفِ مِنَ الأُْسُودِ وَالْحَيَّاتِ، وَالْعَقَارِبِ وَالظُّلْمَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْخَوْفُ مِنْ أَرْضِ الْوَبَاءِ لِقَوْلِهِ ﷺ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ فِي الأَْرْضِ فَلاَ تَدْخُلُوهَا. (٣)

قَال الْمُنَاوِيُّ: أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْخَوْفُ مِنَ الْمَجْذُومِ عَلَى أَجْسَامِنَا مِنَ الأَْمْرَاضِ وَالأَْسْقَامِ وَفِي الْحَدِيثِ: فِرَّ مِنَ

_________

(١) حديث: " كان في وفد ثقيف رجل مجذوم. . . ". أخرجه مسلم (٤ / ١٧٥٢) .

(٢) حديث: " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر. . . ". سبق تخريجه، والفروق ٤ / ٢٤٠، والآداب الشرعية ٣ / ٣٨١.

(٣) حديث: " إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١٠ / ١٧٩)، ومسلم (٤ / ١٧٣٨) واللفظ للبخاري.

الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَْسَدِ فَصَوْنُ النُّفُوسِ وَالأَْجْسَامِ وَالْمَنَافِعِ وَالأَْعْضَاءِ وَالأَْمْوَال وَالأَْعْرَاضِ عَنِ الأَْسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ وَاجِبٌ (١) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (٢)

عَزْل الزَّوْجِ الْمَرِيضِ عَنِ الصَّحِيحِ:

٧ - إِذَا أُصِيبَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِمَرَضٍ مُعْدٍ، كَالْجُذَامِ، فَيَرَى الْجُمْهُورُ ثُبُوتَ خِيَارِ الْفَسْخِ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ؛ لإِثَارَةِ النُّفْرَةِ بَيْنَهُمَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْل الْعَقْدِ.

أَمَّا إِنْ حَصَل بَعْدَهُ، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْفَسْخِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ ر: (جُذَامٌ ف ٤)

_________

(١) الفروق للقرافي ٤ / ٢٣٧ وهامشه ٤ / ٢٥٨.

(٢) سورة البقرة / ١٩٥.

عُذْر

التَّعْرِيفُ:

١ - الْعُذْرُ لُغَةً: - هُوَ الْحُجَّةُ الَّتِي يُعْتَذَرُ بِهَا، وَالْجَمْعُ أَعْذَارٌ، يُقَال: لِي فِي هَذَا الأَْمْرِ عُذْرٌ، أَيْ: خُرُوجٌ مِنَ الذَّنْبِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَذَرْتُهُ عُذْرًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ: رَفَعْتُ عَنْهُ اللَّوْمَ، فَهُوَ مَعْذُورٌ أَيْ: غَيْرُ مَلُومٍ (١)

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الرُّخْصَةُ:

٢ - الرُّخْصَةُ فِي اللُّغَةِ هِيَ: اسْمٌ مِنْ (رَخَّصَ) تَقُول: رَخَّصَ لَهُ الأَْمْرَ أَيْ: أَذِنَ لَهُ فِيهِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْهُ، وَتَأْتِي بِمَعْنَى تَرْخِيصِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ فِي أَشْيَاءَ خَفَّفَهَا عَنْهُ (٢) فَهِيَ إِذْنٌ بِمَعْنَى: التَّيْسِيرِ وَالتَّخْفِيفِ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ مَا شُرِعَ مِنَ الأَْحْكَامِ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمُحَرِّمِ (٣)، وَلَوْلاَ الْعُذْرُ لَثَبَتَتِ الْحُرْمَةُ.

_________

(١) لسان العرب والمصباح المنير.

(٢) لسان العرب.

(٣) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١ / ١٠١.