الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨ الصفحة 35

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٨

جَنَاحِهِ أَثَرُ غُبَارٍ وَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ، فَضَحِكَ إِلَيَّ، فَتَبَسَّمْتُ إِلَيْهِ (١) .

وَقَدْ قَسَّمَ الأَْقْفَهْسِيُّ، مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الضَّحِكَ إِلَى وَجْهَيْنِ: بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ، وَبِصَوْتٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْل الرِّسَالَةِ: وَمَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلاَةِ أَعَادَهَا وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَال أَصْبَغُ كَذَلِكَ: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّبَسُّمِ، إِلاَّ الْفَاحِشُ مِنْهُ شَبِيهٌ بِالضَّحِكِ، فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ فِي عَمْدِهِ، وَيَسْجُدَ فِي سَهْوِهِ (٢) .

ضِرَابُ الْفَحْل

انْظُرْ: عَسْبُ الْفَحْل

ضِرَارٌ

انْظُرْ: ضَرَر

_________

(١) حديث: " بينما كان يصلي العصر في غزوة بدر إذ تبسم ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦ / ٨٣) وقال: (رواه أبو يعلى، وفيه الوازع بن نافع وهو متروك) .

(٢) مواهب الجليل ٢ / ٣٣.

ضَرْبٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - يُطْلَقُ الضَّرْبُ لُغَةً عَلَى مَعَانٍ، مِنْهَا: الإِْصَابَةُ بِالْيَدِ أَوِ السَّوْطِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا، يُقَال: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِالسَّوْطِ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا: عَلاَهُ بِهِ، وَالسَّيْرُ فِي الأَْرْضِ ابْتِغَاءَ الرِّزْقِ أَوِ الْغَزْوِ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَصِيَاغَةُ النُّقُودِ، وَطَبْعُهَا، وَتَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِالآْخَرِ (١)، وَمَعَانٍ أُخْرَى، مِنْهَا ضَرْبُ الدُّفِّ. وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِلضَّرْبِ عَنْ هَذِهِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - التَّأْدِيبُ:

٢ - التَّأْدِيبُ مَصْدَرُ أَدَّبَهُ تَأْدِيبًا: إِذَا عَاقَبَهُ عَلَى إِسَاءَتِهِ بِالضَّرْبِ، أَوْ بِغَيْرِهِ.

ب - التَّعْزِيرُ:

٣ - التَّعْزِيرُ: عُقُوبَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ شَرْعًا تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ أَوْ لآِدَمِيٍّ فِي كُل مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ وَلاَ كَفَّارَةٌ غَالِبًا (٢) .

_________

(١) لسان العرب، والمصباح المنير.

(٢) المبسوط ٩ / ٣٦، والقليوبي ٤ / ٢٠٥، وكشاف القناع ٤ / ٢٠٥.

ج - الْقَتْل:

٤ - الْقَتْل إِزْهَاقُ الرُّوحِ بِالضَّرْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٥ - تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ الضَّرْبِ بِاخْتِلاَفِ الْمَعَانِي الَّتِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا:

فَالضَّرْبُ بِالسَّوْطِ أَوِ الْيَدِ، أَوْ بِغَيْرِهِمَا: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ سَبَبِهِ، وَتَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ التَّالِيَةُ: فَتَارَةً يَكُونُ حَرَامًا، كَضَرْبِ الْبَرِيءِ، وَتَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا، كَضَرْبِ شَارِبِ الْمُسْكِرِ، وَالزَّانِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ لإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا، وَضَرْبِ الْقَاذِفِ بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَبِدُونِ طَلَبِهِ - أَيْضًا - عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَضَرْبِ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ لِتَرْكِ الصَّلاَةِ، وَنَحْوِهَا.

وَتَارَةً يَكُونُ جَائِزًا كَضَرْبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ لِحَقِّهِ، كَالنُّشُوزِ وَغَيْرِهِ، وَضَرْبِ الْمُعَلِّمِ الصَّبِيَّ لِلتَّعْلِيمِ، وَضَرْبِ السُّلْطَانَ مَنِ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا لاَ حَدَّ فِيهِ، وَلاَ كَفَّارَةَ، عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ.

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ: (حُدُود ف ٣١، تَأْدِيب ف ٨ تَعْزِير ف ١٤) .

أَدَاةُ الضَّرْبِ:

٦ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الضَّرْبَ فِي الْحُدُودِ يَكُونُ بِالسَّوْطِ إِلاَّ حَدَّ الشُّرْبِ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ بِالسَّوْطِ، كَمَا يُضْرَبُ أَيْضًا بِالنِّعَال وَالأَْيْدِي وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ (١) .

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ السَّوْطُ، وَقَالُوا: يُفْهَمُ مِنْ إِطْلاَقِ الْجَلْدِ الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ، وَلأَِنَّهُ ﷺ جَلْدٌ فِي الْخَمْرِ (٢) . كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِجَلْدِ الزَّانِي، فَكَانَ بِالسَّوْطِ مِثْلَهُ، وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ضَرَبُوا بِالسَّوْطِ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.

أَمَّا الضَّرْبُ لِلتَّعْزِيرِ، أَوِ التَّأْدِيبِ فَيَكُونُ بِالسَّوْطِ وَالْيَدِ، وَأَمَّا ضَرْبُ الصَّبِيِّ فِي التَّأْدِيبِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِيَدٍ، وَلاَ يُجَاوِزُ ثَلاَثًا، وَكَذَا: الْمُعَلِّمُ وَالْوَصِيُّ (٣) لِقَوْلِهِ ﷺ لِمِرْدَاسٍ الْمُعَلِّمِ: إِيَّاكَ أَنْ تَضْرِبَ فَوْقَ الثَّلاَثِ، فَإِنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَ فَوْقَ

_________

(١) حديث أبي هريرة: " أتى النبي ﷺ بسكران. . . ". أخرجه البخاري (١٢ / ٧٥) .

(٢) حديث: " أن رسول الله ﷺ جلد في الخمر ". أخرجه البخاري (١٢ / ٦٦) من حديث أنس بن مالك.

(٣) ابن عابدين ١ / ٢٣٥، والرهوني ٨ / ١٦٤، والمغني ٨ / ٣١٩.

ثَلاَثٍ اقْتَصَّ اللَّهُ مِنْكَ (١) .

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (شُرْب، وَحُدُود ف ٣١، وَتَعْزِير ف ١٤ وَتَأْدِيب ف ٨) .

صِفَةُ سَوْطِ الضَّرْبِ:

٧ - يَكُونُ سَوْطُ الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَسَطًا بَيْنَ قَضِيبٍ، وَعَصًا، وَرَطْبٍ، وَيَابِسٍ، لِمَا رُوِيَ: أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَدَعَا لَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِسَوْطٍ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَال: فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ فَقَال: دُونَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رَكِبَ بِهِ وَلاَنَ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَجُلِدَ (٢) .

وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ يَكُونُ وَسَطًا، لاَ شَدِيدًا فَيَقْتُل، وَلاَ ضَعِيفًا فَلاَ يَرْدَعُ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ تَأْدِيبُهُ، لاَ قَتْلُهُ (٣) .

_________

(١) حديث: " إياك أن تضرب فوق الثلاث ". أورده ابن عابدين في الحاشية (١ / ٢٣٥) وعزاه إلى أحكام الصفار للاستروشيني ولم نهتد إليه في أي مصدر من المصادر الحديثية لدينا.

(٢) حديث: " أن رجلا اعترف على نفسه بالزنى في عهد رسول الله ﷺ ". أخرجه مالك في الموطأ (٢ / ٨٢٥) من حديث زيد بن أسلم مرسلا.

(٣) ابن عابدين ٣ / ١٨١، حاشية الدسوقي ٤ / ٣٥٤ - ٣٥٥، والقليوبي ٤ / ٢٠٢ - ٢٠٣.

كَيْفِيَّةُ الضَّرْبِ:

٨ - يُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَى الأَْعْضَاءِ، فَلاَ يُجْمَعُ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ، وَيَتَّقِي الْمَقَاتِل، كَالْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ، وَالنَّحْرِ، وَالْفَرْجِ.

وَأَشَدُّ الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ: ضَرْبُ الزَّانِي، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الْقَذْفِ، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الشُّرْبِ، ثُمَّ ضَرْبُ التَّعْزِيرِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: أَشَدُّ الضَّرْبِ: ضَرْبُ التَّعْزِيرِ؛ لأَِنَّهُ خُفِّفَ عَدَدًا فَلاَ يُخَفَّفُ وَصْفًا، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الزِّنَا لِثُبُوتِهِ بِالْكِتَابِ، ثُمَّ حَدُّ الشُّرْبِ لِثُبُوتِهِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الْقَذْفِ لِضَعْفِ سَبَبِهِ لاِحْتِمَال صِدْقِ الْقَاذِفِ (١)، وَقَال مَالِكٌ: كُلُّهَا وَاحِدٌ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَأْنُهُ أَمَرَ بِجَلْدِ الزَّانِي، وَالْقَاذِفِ أَمْرًا وَاحِدًا، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الزَّجْرُ فَيَجِبُ تَسَاوِيهَا فِي الصِّفَةِ.

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (حُدُود ف ٣١، وَتَعْزِير ف ١٤) .

ضَرْبُ الزَّوْجَةِ:

٩ - يَجِبُ فِي ضَرْبِ الزَّوْجَةِ لِلنُّشُوزِ أَوْ لِغَيْرِهِ: أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلاَ مُدْمٍ، وَأَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ، وَالأَْمَاكِنَ الْمُخِيفَةَ، وَلاَ يَضْرِبَهَا

_________

(١) المصادر السابقة.

إِلاَّ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ كَالنُّشُوزِ، فَلاَ يَضْرِبُهَا لِحَقِّ اللَّهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، كَتَرْكِ الصَّلاَةِ.

(ر: نُشُوز) .

ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ:

١٠ - ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الْمَنُوطَةِ بِالإِْمَامِ فَلَيْسَ لِلأَْفْرَادِ ضَرْبُهَا، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَخَاطِرِ الْغِشِّ، وَمَنَعَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ.

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (دَرَاهِم ف ٧) .

ضَرْبُ الدُّفِّ:

١١ - يَجُوزُ ضَرْبُ الدُّفِّ لِعُرْسٍ وَخِتَانٍ وَعِيدٍ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لإِظْهَارِ الْفَرَحِ (١)، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂: قَالَتْ: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ الدُّفُوفَ (٢) .

وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَْنْصَارِ فَقَال نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ

_________

(١) المغني ٧ / ١٠، فتح القدير ٢ / ٣٤٣، شرح مختصر الخليل ١ / ٣٢٦ و١٠٣، والقليوبي ٤ / ٣٢٠.

(٢) حديث: " أعلنوا هذا النكاح. . . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٣٨٩ - ٣٩٠) وضعف إسناده ابن حجر في الفتح (٩ / ٢٢٦) .

: يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟، فَإِنَّ الأَْنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ (١) وَحَدِيثُ: فَصْل مَا بَيْنَ الْحَلاَل وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ (٢) وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَل عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى: تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَال: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ (٣) .

وَالتَّفْصِيل فِي: (لَهْو، وَلِيمَة، عُرْس) .

_________

(١) حديث عائشة " أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار. . ". أخرجه البخاري (٩ / ٢٢٥) .

(٢) حديث: " فصل ما بين الحرام والحلال. . . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٣٨٩) من حديث محمد بن حاطب، وحسنه الترمذي.

(٣) حديث عائشة: " أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان. . . ". أخرجه البخاري (٢ / ٤٧٤) ومسلم (٢ / ٦٠٨) .

ضَرَرٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الضَّرَرُ: اسْمٌ مِنَ الضَّرِّ، وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى كُل نَقْصٍ يَدْخُل الأَْعْيَانَ، وَالضَّرُّ - بِفَتْحِ الضَّادِ - لُغَةً: ضِدُّ النَّفْعِ، وَهُوَ النُّقْصَانُ، يُقَال: ضَرَّهُ يَضُرُّهُ إِذَا فَعَل بِهِ مَكْرُوهًا وَأَضَرَّ بِهِ، يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ ثُلاَثِيًّا وَبِالْبَاءِ رُبَاعِيًّا. قَال الأَْزْهَرِيُّ: كُل مَا كَانَ سُوءَ حَالٍ وَفَقْرٍ وَشِدَّةٍ فِي بَدَنٍ فَهُوَ ضُرٌّ بِالضَّمِّ، وَمَا كَانَ ضِدَّ النَّفْعِ فَهُوَ بِفَتْحِهَا (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلَفْظِ الضَّرَرِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (٢) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الإِْتْلاَفُ:

٢ - الإِْتْلاَفُ فِي اللُّغَةِ: الإِْفْنَاءُ، يُقَال: تَلِفَ الْمَال يَتْلَفُ إِذَا هَلَكَ، وَأَتْلَفَهُ: أَفْنَاهُ، وَهُوَ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ مَنْفَعَةً مَطْلُوبَةً مِنْهُ عَادَةً (٣) .

_________

(١) القاموس المحيط والمصباح المنير وقواعد الفقه للمجددي البركتي، والكليات للكفوي ٣ / ١٤٧.

(٢) حاشية الجمل ٥ / ٢٠٦.

(٣) القاموس، المصباح المنير، البدائع ٧ / ١٦٤، وانظر الموسوعة الفقهية ١ / ٢١٦.

فَهُوَ فِي اللُّغَةِ لاَ يُطْلَقُ إِلاَّ عَلَى مَا أَصَابَهُ الْعَدَمُ، فَإِذَا تَعَطَّل الشَّيْءُ وَلَمْ يُمْكِنِ الاِنْتِفَاعُ بِهِ عَادَةً كَانَ تَالِفًا لَدَى الْفُقَهَاءِ دُونَ اللُّغَوِيِّينَ، وَعَلَى هَذَا فَالإِْتْلاَفُ نَوْعٌ مِنَ الضَّرَرِ وَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.

ب - الاِعْتِدَاءُ:

٣ - الاِعْتِدَاءُ فِي اللُّغَةِ وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الظُّلْمُ وَتَجَاوُزُ الْحَدِّ، يُقَال: اعْتَدَى عَلَيْهِ إِذَا ظَلَمَهُ، وَاعْتَدَى عَلَى حَقِّهِ أَيْ جَاوَزَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (١) .

وَعَلَى هَذَا فَالاِعْتِدَاءُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ وَفَرْعٌ عَنْهُ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٤ - الأَْصْل تَحْرِيمُ سَائِرِ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ إِلاَّ بِدَلِيلٍ (٢)، وَتَزْدَادُ حُرْمَتُهُ كُلَّمَا زَادَتْ شِدَّتُهُ، وَقَدْ شَهِدَتْ عَلَى ذَلِكَ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ الْكَثِيرَةُ، مِنْهَا:

قَوْله تَعَالَى: ﴿لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ (٣) .

وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ (٤) .

_________

(١) الموسوعة الفقهية ٥ / ٢٠٢.

(٢) فيض القدير للمناوي ٦ / ٤٣١.

(٣) سورة البقرة / ٢٣٣.

(٤) سورة البقرة / ٢٣١