الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦
السَّبَبِيَّةِ أَوْ يَمْنَعُ الْحُكْمَ عَنِ الثُّبُوتِ فَقَطْ لاَ السَّبَبَ عَنِ الاِنْعِقَادِ.
وَيُنْظَرُ الْخِلاَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مُصْطَلَحِ (تَعْلِيقٌ ف ٣٠) .
وَلاَ يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
التَّخْصِيصُ بِالشَّرْطِ:
١٥ - الشَّرْطُ مِنَ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الْكَلاَمِ، مَا لَوْلاَهُ لَدَخَل فِيهِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ (١) .
الاِسْتِدْلاَل بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ:
١٦ - تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى الشَّرْطِ بِكَلِمَةِ (إِنْ) أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الشُّرُوطِ اللُّغَوِيَّةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ (٢) .
فِيهِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ:
الأَْوَّل: ثُبُوتُ الْمَشْرُوطِ عِنْدَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ.
الثَّانِي: دَلاَلَةُ (إِنْ) عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ: عَدَمُ الْمَشْرُوطِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ.
الرَّابِعُ: دَلاَلَةُ (إِنْ) عَلَيْهِ.
_________
(١) مسلم الثبوت ١ / ٤٢٣ - ٤٣٢ (ط. بولاق) .
(٢) سورة الطلاق / ٦.
فَالثَّلاَثَةُ الأُْوَل لاَ خِلاَفَ فِيهَا، وَأَمَّا الأَْمْرُ الرَّابِعُ وَهُوَ دَلاَلَةُ (إِنْ) عَلَى عَدَمِ الْمَشْرُوطِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَهُوَ مَحَل الْخِلاَفِ وَتَفْصِيلُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
وَالأَْمْرُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ (١) يَقْتَضِي تَكَرُّرَ الْمَأْمُورِ بِهِ عِنْدَ تَكَرُّرِ شَرْطِهِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الأَْمْرَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ.
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الأَْمْرَ الْمُطْلَقَ لاَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلاَ يَدْفَعُهُ فَفِي كَوْنِهِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ هُنَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ لاَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَوْ لاَ يَقْتَضِيهِ لاَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلاَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَوْ لاَ يَقْتَضِيهِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَيَقْتَضِيهِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ خِلاَفٌ وَيُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
أَثَرُ الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ التَّعْلِيقِيِّ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ:
١٧ - يَظْهَرُ أَثَرُ الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ التَّعْلِيقِيِّ فِي التَّصَرُّفَاتِ مِثْل الإِْجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَالْقِسْمَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُضَارَبَةِ وَالنِّكَاحِ، وَالإِْبْرَاءِ وَالْوَقْفِ، وَالْحَجْرِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مُصْطَلَحِ " تَعْلِيقٌ ".
_________
(١) سورة المائدة / ٦.
أَثَرُ الشَّرْطِ التَّقْيِيدِيِّ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ:
١٨ - إِذَا قُيِّدَ التَّصَرُّفُ بِشَرْطٍ فَلاَ يَخْلُو هَذَا الشَّرْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلًا.
فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ فِي الْبَقَرَةِ كَوْنَهَا حَلُوبًا فَالْعَقْدُ جَائِزٌ لأَِنَّ الْمَشْرُوطَ صِفَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوِ الثَّمَنِ، وَهِيَ صِفَةٌ مَحْضَةٌ لاَ يُتَصَوَّرُ انْقِلاَبُهَا أَصْلًا وَلاَ يَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ بِحَالٍ (١) . وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا أَوْ فَاسِدًا كَمَا لَوِ اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا.
قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَجُمْلَةُ مَا لاَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَيَبْطُل بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ. الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ وَالإِْجَارَةُ وَالرَّجْعَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ وَالإِْبْرَاءُ عَنِ الدَّيْنِ وَالْحَجْرُ عَنِ الْمَأْذُونِ وَعَزْل الْوَكِيل فِي رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَتَعْلِيقُ إِيجَابِ الاِعْتِكَافِ بِالشُّرُوطِ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ وَالإِْقْرَارُ وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ (٢) .
هَذَا وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُمُ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ إِلَى أَنَّ الشَّرْطَ التَّقْيِيدِيَّ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ. صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ.
_________
(١) بدائع الصنائع ٥ / ١٦٩ (ط. جمالية) .
(٢) الفتاوى الهندية ٤ / ٣٩٦.
وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الَّذِينَ لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ وَيَقُولُونَ: إِنَّهُمَا وَاحِدٌ إِلَى أَنَّهُ قِسْمَانِ: صَحِيحٌ وَبَاطِلٌ أَوْ صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ.
الشَّرْطُ الصَّحِيحُ:
أ - ضَابِطُهُ:
١٩ - ضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ مَا يُلاَئِمُ مُقْتَضَاهُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ بِجَوَازِ اشْتِرَاطِهِ أَوِ اشْتِرَاطِ مَا جَرَى عَلَيْهِ التَّعَامُل.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلاَ يُنَافِيهِ.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةً مَشْرُوعَةً لِلْعَاقِدِ أَوِ اشْتِرَاطُ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ يُؤَكِّدُ مُقْتَضَاهُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا أَجَازَ الشَّارِعُ اشْتِرَاطَهُ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةً لِلْعَاقِدِ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ:
ب - أَنْوَاعُهُ:
٢٠ - النَّوْعُ الأَْوَّل: اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل التَّصَرُّفِ وَقْتَ صُدُورِهِ وَهَذَا النَّوْعُ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، فَإِنْ فَاتَ هَذَا الشَّرْطُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِفَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ كَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَقَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ حَلُوبًا (١)
النَّوْعُ الثَّانِي: اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَجَوَازُهُ أَيْضًا مَحَل اتِّفَاقٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لأَِنَّهُ بِمَثَابَةِ تَأْكِيدٍ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ مَا لَوْ اشْتَرَطَ فِي الشِّرَاءِ التَّسْلِيمَ إِلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ لأَِنَّ هَذَا الشَّرْطَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، وَمِنْهَا أَيْضًا اشْتِرَاطُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَرَدِّ الْعِوَضِ فَإِنَّهَا أُمُورٌ لاَزِمَةٌ لاَ تُنَافِي الْعَقْدَ بَل هِيَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ (&# x٦٦٢ ;) .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: اشْتِرَاطُ مَا يُلاَئِمُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهَذِهِ عِبَارَةُ الْحَنَفِيَّةِ.
قَال صَاحِبُ الْبَدَائِعِ فَهَذَا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَكِنَّهُ يُلاَئِمُ مُقْتَضَاهُ فَهُوَ لاَ يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَإِنَّمَا هُوَ مُقَرِّرٌ لِحُكْمِ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ
_________
(١) بدائع الصنائع (٥ / ١٧٢ ط. الجمالية)، الدسوقي (٣ / ١٠٨ ط. الفكر)، مغني المحتاج (٢ / ٣٤ ط. حلب)، كشاف القناع (٣ / ١٨٨ ط. النصر) .
(٢) البدائع (٥ / ١٧٢ ط. الجمالية)، الدسوقي (٣ / ٦٥ ط. الفكر)، المجموع (٥ / ٣٦٢ ط. السلفية)، كشاف القناع (٣ / ١٨٩ ط. النصر) .
الْمَعْنَى مُؤَكِّدٌ إِيَّاهُ فَيُلْحَقُ بِالشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ. وَعِبَارَةُ الْمَالِكِيَّةِ اشْتِرَاطُ مَا يُلاَئِمُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلاَ يُنَافِيهِ. وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ اشْتِرَاطُ مَا لاَ يَقْتَضِيهِ إِطْلاَقُ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ يُلاَئِمُهُ وَمُحَقِّقٌ مَصْلَحَةً لِلْعَاقِدِ وَمِثَالُهُ مَا لَوْ بَاعَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا وَالرَّهْنُ مَعْلُومٌ وَالْكَفِيل حَاضِرٌ جَازَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (١) .
النَّوْعُ الرَّابِعُ: اشْتِرَاطُ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ بِجَوَازِهِ.
النَّوْعُ الْخَامِسُ: اشْتِرَاطُ مَا جَرَى عَلَيْهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا النَّوْعَ الْحَنَفِيَّةُ سِوَى زُفَرَ، وَهُوَ مِمَّا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلاَ يُلاَئِمُ مُقْتَضَاهُ لَكِنْ لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ (٢) .
وَمِثَالُهُ إِذَا اشْتَرَى نَعْلًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا الْبَائِعُ أَوْ جِرَابًا عَلَى أَنْ يَخْرُزَهُ لَهُ خُفًّا فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ جَائِزٌ لأَِنَّ النَّاسَ تَعَامَلُوا بِهِ فِي الْبَيْعِ كَمَا تَعَامَلُوا بِالاِسْتِصْنَاعِ فَسَقَطَ الْقِيَاسُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ بِتَعَامُل النَّاسِ (٣) .
_________
(١) البدائع ٥ / ١٧١ (ط. الجمالية)، الدسوقي ٣ / ٦٥ (ط. الفكر)، المجموع ٩ / ٣٦٤ (ط. السلفية)، كشاف القناع ٣ / ١٨٩ (ط. النصر) .
(٢) البدائع (٥ / ١٧٤ ط، الجمالية) .
(٣) البدائع ٥ / ١٧٢ (ط. الجمالية) .
النَّوْعُ السَّادِسُ: اشْتِرَاطُ الْبَائِعِ نَفْعًا مُبَاحًا مَعْلُومًا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْكُنَهَا شَهْرًا (١) .
الشَّرْطُ الْفَاسِدُ أَوِ الْبَاطِل:
٢١ - هُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَيُبْطِلُهُ، وَثَانِيهِمَا: مَا يَبْقَى التَّصَرُّفُ مَعَهُ صَحِيحًا.
الضَّرْبُ الأَْوَّل: مَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَيُبْطِلُهُ.
أ - ضَابِطُهُ:
٢٢ - ضَابِطُ هَذَا الضَّرْبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى غَرَرٍ غَيْرِ يَسِيرٍ أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ مَحْظُورٍ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لأَِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلاَ يُلاَئِمُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلاَ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ وَلاَ مِمَّا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ بِجَوَازِهِ.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ مَحْظُورٍ أَوْ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى غَرَرٍ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ لَمْ
_________
(١) مغني المحتاج ٢ / ٣٣ ط. حلب، وكشاف القناع ٣ / ١٩٠ ط. النصر، وفتح الباري ٤ / ٢٩٩ (ط. البهية)، وصحيح مسلم (٢ / ١١٤٣ ط. حلب) .
يَرِدْ فِي الشَّرْعِ أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَةٍ.
وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: اشْتِرَاطُ عَقْدَيْنِ فِي عَقْدٍ أَوِ اشْتِرَاطُ شَرْطَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُخَالِفُ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعَقْدِ.
أَنْوَاعُهُ:
٢٣ - لِهَذَا الضَّرْبِ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ تُؤْخَذُ مِنْ ضَوَابِطِهِ:
النَّوْعُ الأَْوَّل: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى غَرَرٍ غَيْرِ يَسِيرٍ، وَهَذَا النَّوْعُ ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ. وَمِثَالُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا لَوِ اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ لأَِنَّهُ يَحْتَمِل الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ وَلاَ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ لِلْحَال فَكَانَ فِي وُجُودِهِ غَرَرٌ فَيُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ.
وَمَثَّل لَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِعَسْبِ فَحْلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَى إِعْقَاقِ الأُْنْثَى حَتَّى تَحْمِل فَلاَ يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَهَالَةِ وَلأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى غَبْنِ صَاحِبِ الأُْنْثَى إِنْ تَعَجَّل حَمْلَهَا وَإِلَى غَبْنِ صَاحِبِ الْفَحْل إِنْ تَأَخَّرَ الْحَمْل (١) .
النَّوْعُ الثَّانِي: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ مَحْظُورٍ (٢) .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُخَالِفُ الشَّرْعَ (٣) .
_________
(١) البدائع ٥ / ١٦٨ ط. الجمالية، الدسوقي ٣ / ٥٨ (ط. الفكر) .
(٢) البدائع (٥ / ١٦٩ ط. الجمالية) .
(٣) مغني المحتاج ٢ / ٣٣ (ط. حلب) .
النَّوْعُ الرَّابِعُ: اشْتِرَاطُ مَا يُخَالِفُ أَوْ يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَوْ يُنَافِي الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَمِثَالُهُ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْكُنَهَا مُدَّةً بَطَل الْبَيْعُ، أَوْ شَرَطَ أَنْ لاَ يَبِيعَهَا. لَمْ يَصِحَّ، أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ لاَ تَحِل لَهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ لاِشْتِرَاطِ مَا يُنَافِيهِ (١) .
النَّوْعُ الْخَامِسُ: اشْتِرَاطُ مَا يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَةٍ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا النَّوْعِ مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِثَمَنٍ إِلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ فَهَذَا الْبَيْعُ لاَ يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَهَالَةِ فِي الأَْجَل (٢) .
النَّوْعُ السَّادِسُ: اشْتِرَاطُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ عَقْدًا آخَرَ أَوِ اشْتِرَاطُ الْبَائِعِ شَرْطًا يُعَلِّقُ عَلَيْهِ الْبَيْعَ وَمِثَالُهُ كَمَا فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ مَا لَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ سَلَفًا أَيْ سَلَمًا أَوْ قَرْضًا بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ صَرْفَ الثَّمَنِ أَوْ صَرْفَ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرَ الثَّمَنِ فَاشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ يُبْطِل الْبَيْعَ كَمَا صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ لِكَوْنِهِ مِنْ قَبِيل بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَكَقَوْلِهِ بِعْتُكَ إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا أَوْ بِعْتُكَ إِنْ رَضِيَ فُلاَنٌ فَلاَ يَصِحُّ الْبَيْعُ لأَِنَّ مُقْتَضَى الْبَيْعِ نَقْل الْمِلْكِ
_________
(١) الدسوقي ٣ / ٣٠٩ - ٣١٠ (ط. الفكر)، المهذب ١ / ٢٧٥ (ط. حلب)، كشاف القناع (٥ / ٩٧ ط. النصر) .
(٢) مغني المحتاج (٢ / ٢٠ ط. حلب) .
حَال التَّبَايُعِ وَالشَّرْطُ هُنَا يَمْنَعُهُ (١) .
النَّوْعُ السَّابِعُ: اشْتِرَاطُ مَا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ مِمَّا جَرَى بِهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ نَحْوُ مَا إِذَا بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْبَائِعُ شَهْرًا ثُمَّ يُسَلِّمَهَا إِلَيْهِ أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَةً أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا شَهْرًا أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَلْبَسَهُ أُسْبُوعًا أَوْ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُشْتَرِي قَرْضًا أَوْ عَلَى أَنْ يَهَبَ لَهُ هِبَةً أَوْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ مِنْهُ أَوْ يَبِيعَ مِنْهُ كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ أَوِ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ الْبَائِعُ قَمِيصًا أَوْ حِنْطَةً عَلَى أَنْ يَطْحَنَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ.
فَالْبَيْعُ فِي هَذَا كُلِّهِ فَاسِدٌ كَمَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ لأَِنَّ زِيَادَةَ مَنْفَعَةٍ مَشْرُوطَةٍ فِي الْبَيْعِ تَكُونُ رِبًا لأَِنَّهَا زِيَادَةٌ لاَ يُقَابِلُهَا عِوَضٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَهُوَ تَفْسِيرُ الرِّبَا وَالْبَيْعُ الَّذِي فِيهِ الرِّبَا أَوِ الَّذِي فِيهِ شُبْهَةُ الرِّبَا فَاسِدٌ (٢) .
الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ ضَرْبَيِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ:
٢٤ - هُوَ مَا يَبْقَى التَّصَرُّفُ مَعَهُ صَحِيحًا
إِمَّا لأَِنَّ الْمُشْتَرِطَ أَسْقَطَهُ أَوْ يَبْقَى التَّصَرُّفُ مَعَهُ صَحِيحًا سَوَاءٌ أَسْقَطَهُ الْمُشْتَرِطُ أَوْ لَمْ يُسْقِطْهُ.
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ هَذَا الضَّرْبَ قِسْمَانِ.
٢٥ - أَحَدُهُمَا: مَا يُحْكَمُ مَعَهُ بِصِحَّةِ
_________
(١) كشاف القناع ٣ / ١٩٣ (ط. النصر) .
(٢) البدائع ٥ / ١٦٩ - ١٧٠ (ط. جمالية)، مغني المحتاج (٢ / ٣٣ ط. حلب)، المغني ٤ / ٩٣ - ٩٥.