الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٦
وهذه الشروط الجعلية تنقسم من حيث اعتبارها إلى ثلاثة أنواع
القسم الثاني شرط هو في حكم العلل
ما يختص به الشرط الجعلي بقسميه المعلق والمقيد
الأثر المترتب على تعليق الحكم بالشرط
أثر الشرط الجعلي التعليقي على التصرفات
أثر الشرط التقييدي على التصرفات
الضرب الثاني من ضربي الشرط الفاسد
أولا إلى شركة دين، وشركة غيره.
ثانيا - إلى اختيارية، واضطرارية (جبرية)
رجوع الشريك على شريكه بما أنفق
ما يقوم مقام القبض (ما يعادل الوفاء)
تقسيم شركة العقد باعتبار محلها
تقسيم شركة العقد باعتبار التساوي والتفاوت
تقسيم شركة العقد باعتبار العموم والخصوص
النوع الأول في كل من شركتي المفاوضة والعنان
ثانيا - أن يكون الربح معلوما بالنسبة
النوع الثاني في شركة المفاوضة خاصة
ثانيا يشترط أبو حنيفة ومحمد التساوي في أهلية التصرف
ثالثا أن لا يشترط العمل على أحد الشريكين
الشرط الثاني أن يكون المال من الأثمان
الشرط الثالث أن يكون رأس المال حاضرا
شروط خاصة بشركة المفاوضة في الأموال
الشرط الأول اشترط الحنفية المساواة في رأس المال ويعتبر ابتداء وانتهاء
الشرط الثاني شمول رأس المال لكل ما يصلح له من مال الشريكين
الشرط الثالث إطلاق التصرف لكل شريك في جميع أنواع التجارة
أحكام الشركة والآثار المترتبة عليها
أحكام مشتركة بين المفاوضة والعنان
إقرار الشريك بدين على شريك المفاوضة
قسمة الكسب بين شريكي العمل وتحملهما الخسارة
الشروع بدون إذن فيما يحتاج إلى إذن
استعمال آلة من شعار شربة الخمر
أولا إنشاء الشعر وإنشاده واستماعه
والشفاعة تكون في الآخرة وفي الدنيا
الاستشفاع إلى الله تعالى بأهل الصلاح
شفعة الجار المالك والشريك في حق من حقوق المبيع
الشروط الواجب توافرها في الشفيع
التصرفات التي تجوز فيها الشفعة
ثالثا مزاحمة المشتري الشفيع لغيره من الشفعاء
البناء والغراس في المال المشفوع فيه
التنازل عن الشفعة مقابل تعويض أو صلح عنها
أولا حكم الشفة بالمعنى الأول (عضو الإنسان)
النوع الأول الشكر لله تعالى على نعمه
النوع الثاني الشكر على دفع النقم
النوع الثالث الشكر عند المكروهات من البلوى والمصائب والآلام
يتحقق شكر الله تعالى على النعمة بأمور
أقسام الشك باعتبار حكم الأصل الذي طرأ عليه
أقسام الشك بحسب الإجماع على اعتباره وإلغائه
الشك في الدعوى، أو محلها، أو محل الشهادة
الشك لا تناط به الرخص أو الرخص لا تناط بالشك
ثانيا ما يرجع من شروط الأداء إلى الشهادة نفسها ومن ذلك
رابعا ما يرجع من شروط الأداء إلى نصاب الشهادة
ضابط الشهيد الذي لا يغسل ولا يصلى عليه
حكم ثبوت الجريمة بالشيوع في الناس
مذاهب الفقهاء في حقيقة الصابئة
إقرار الصابئة في بلاد الإسلام وضرب الجزية عليهم
حكم ذبائح الصابئة، وحكم تزوج نسائهم
أولا - استعمال الصابون المعمول من زيت نجس
يشترط في جواز بيع الصبرة جزافا ما يلي
إنكار صحبة من ثبتت صحبته بنص القرآن
تصدق الزوجة من مالها بأكثر من الثلث
التصدق على ذوي القرابة والأزواج
التصدق بالمال الحلال والحرام والمال المشتبه فيه
الأحوال والأماكن التي تفضل فيها الصدقة
صلاة من تنجس ثوبه أو بدنه بالصديد
النوع الأول - بيع أحد النقدين (الذهب والفضة) بجنسه
النوع الثاني - بيع أحد النقدين بالآخر
النوع الثالث بيع النقد بالنقد ومع أحدهما أو كليهما شيء آخر
النوع الرابع - بيع جملة من الدراهم والدنانير بجملة منها
النوع الخامس - الصرف على الذمة أو في الذمة
النوع السادس صرف الدراهم والدنانير المغشوشة
تراجم فقهاء الجزء السادس والعشرين
أبو البركات الحارثي (٤٨٦ هـ - ٥٦٢ هـ)
أبو الفرج الدارمي (؟ - ٤٤٨ هـ)
شَرْطٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الشَّرْطُ بِسُكُونِ الرَّاءِ لُغَةً: إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ، وَيُجْمَعُ عَلَى شُرُوطٍ، وَبِمَعْنَى الشَّرْطِ الشَّرِيطَةُ وَجَمْعُهَا الشَّرَائِطُ. وَالشَّرَطُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعْنَاهُ الْعَلاَمَةُ وَيُجْمَعُ عَلَى أَشْرَاطٍ وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ عَلاَمَاتُهَا (١) .
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلاَ عَدَمٌ لِذَاتِهِ (٢) .
وَعَرَّفَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ بِأَنَّهُ: مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ لاَ وُجُودُهُ، وَمَثَّل لَهُ بِالإِْحْصَانِ، فَإِنَّ تَأْثِيرَ الزِّنَا فِي الرَّجْمِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ الإِْسْنَوِيُّ، وَأَمَّا نَفْسُ الزِّنَا فَلاَ؛ لأَِنَّ الْبِكْرَ قَدْ تَزْنِي (٣) .
_________
(١) الصحاح والقاموس واللسان والمصباح مادة (شرط) والتعريفات للجرجاني / ١٦٦ (ط. صبيح) .
(٢) حاشية البناني على جمع الجوامع ٢ / ٢٠ (ط. حلب) .
(٣) شرح البدخشي ٢ / ١٠٨ - ١٠٩ (ط صبيح) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الرُّكْنُ:
٢ - رُكْنُ الشَّيْءِ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا لاَ وُجُودَ لِذَلِكَ الشَّيْءِ إِلاَّ بِهِ، وَهُوَ الْجُزْءُ الذَّاتِيُّ الَّذِي تَتَرَكَّبُ الْمَاهِيَّةُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَتَوَقَّفُ قِيَامُهَا عَلَيْهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرْطِ: هُوَ أَنَّ الشَّرْطَ يَكُونُ خَارِجًا عَنِ الْمَاهِيَّةِ، وَالرُّكْنُ يَكُونُ دَاخِلًا فِيهَا فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ (١) .
ب - السَّبَبُ:
٣ - السَّبَبُ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ. فَالسَّبَبُ وَالشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِمَا الْعَدَمُ. وَلَكِنَّ السَّبَبَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْوُجُودُ، كَصَلاَةِ الظُّهْرِ سَبَبُهَا زَوَال الشَّمْسِ وَشَرْطُهَا الطَّهَارَةُ (٢) .
ج - الْمَانِعُ:
٤ - وَمَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ كَمَا ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي
_________
(١) التعريفات / ١٤٩ (ط. دار الكتاب العربي)، والكليات ٢ / ٣٩٥ - ٣٩٦ (ط. الثانية)، وحاشية ابن عابدين ١ / ٦١ - ٦٤ ط. المصرية، وحاشية الجمل ١ / ٣٢٨ ط. دار إحياء التراث.
(٢) أصول السرخسي ٢ / ٣٠١، ٣٠٤ (ط. دار الكتاب العربي)، والفروق للقرافي (١ / ٦١ - ٦٢ ف الثالث (ط المعرفة)، وحاشية البناني على جمع الجوامع ١ / ٩٤ (ط. الحلبي) .
الْفُرُوقِ: هُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلاَ عَدَمٌ لِذَاتِهِ، فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى عَكْسُ الشَّرْطِ لأَِنَّ الشَّرْطَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلاَ عَدَمٌ لِذَاتِهِ.
وَقَال ابْنُ السُّبْكِيِّ: الْمَانِعُ: هُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ كَالأُْبُوَّةِ فِي الْقِصَاصِ (١) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَانِعٌ) .
تَقْسِيمَاتُ الشَّرْطِ:
يَنْقَسِمُ الشَّرْطُ إِلَى مَا يَلِي:
٥ - الأَْوَّل - الشَّرْطُ الْمَحْضُ: وَهُوَ مَا يَمْتَنِعُ بِتَخَلُّفِهِ وُجُودُ الْعِلَّةِ فَإِذَا وُجِدَ وُجِدَتِ الْعِلَّةُ فَيَصِيرُ الْوُجُودُ مُضَافًا إِلَى الشَّرْطِ دُونَ الْوُجُوبِ، مِثَالُهُ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلاَةِ وَاشْتِرَاطُ الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ.
ثُمَّ يَنْقَسِمُ الشَّرْطُ الْمَحْضُ إِلَى قِسْمَيْنِ: شُرُوطٌ شَرْعِيَّةٌ، وَشُرُوطٌ جَعْلِيَّةٌ.
فَالشُّرُوطُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الَّتِي اشْتَرَطَهَا الشَّارِعُ إِمَّا لِلْوُجُوبِ كَالْبُلُوغِ لِوُجُوبِ الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الأُْمُورِ التَّكْلِيفِيَّةِ، وَإِمَّا لِلصِّحَّةِ كَاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلاَةِ.
_________
(١) الفروق للقرافي ١ / ٦٢ (ط. المعرفة)، جمع الجوامع مع حاشية البناني (١ / ٩٨ ط. الحلبي) .
وَإِمَّا لِلاِنْعِقَادِ كَاشْتِرَاطِ الأَْهْلِيَّةِ لاِنْعِقَادِ التَّصَرُّفِ وَصَلاَحِيَّةِ الْمَحَل وَلِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ.
وَإِمَّا لِلُّزُومِ كَاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْخِيَارِ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ، وَإِمَّا لِنَفَاذِ اشْتِرَاطِ الْوِلاَيَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لِنَفَاذِ التَّصَرُّفِ.
وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَيِّ شَرْطٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَدَمُ الْحُكْمِ الْمَشْرُوطِ لَهُ فَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ لَزِمَ عَدَمُ وُجُوبِ الْفِعْل عَلَى الْمُكَلَّفِ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْفِعْل وَهَكَذَا، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الاِنْعِقَادِ بُطْلاَنُ التَّصَرُّفِ بِحَيْثُ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيْ حُكْمٍ.
٦ - وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْجَعْلِيَّةُ فَهِيَ الشُّرُوطُ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا الْمُكَلَّفُ فِي الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا كَالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ وَالْوَصِيَّةِ وَهُوَ نَوْعَانِ شَرْطٌ تَعْلِيقِيٌّ مِثْل إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي (تَعْلِيقٌ)، وَشَرْطٌ تَقْيِيدِيٌّ مِثْل وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَالِبًا لِلْعِلْمِ.
وَهَذِهِ الشُّرُوطُ الْجَعْلِيَّةُ تَنْقَسِمُ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَنْوَاعٍ:
(١) شَرْطٌ لاَ يُنَافِي الشَّرْعَ: بَل هُوَ مُكَمِّلٌ لِلشُّرُوطِ وَذَلِكَ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ الْمُقْرِضُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا.
(٢) شَرْطٌ غَيْرُ مُلاَئِمٍ لِلْمَشْرُوطِ: بَل هُوَ مَنَافٍ لِمُقْتَضَاهُ، كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ الزَّوْجُ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ أَنْ لاَ يُنْفِقَ عَلَى الزَّوْجَةِ.
(٣) شَرْطٌ لاَ يُنَافِي الشَّرْعَ مَا شُرِطَ فِيهِ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لأَِحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَلَكِنَّ الْعَقْدَ لاَ يَقْتَضِيهِ فَلاَ تُعْرَفُ مُلاَءَمَتُهُ أَوْ عَدَمُ مُلاَءَمَتِهِ لِلْعَقْدِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَ مَنْزِلًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهُ الْبَائِعُ مَثَلًا فَتْرَةً مَعْلُومَةً أَوْ يَسْكُنَهُ فُلاَنٌ الأَْجْنَبِيُّ.
وَهَذَا الشَّرْطُ مَحَل خِلاَفٍ (١) . وَتَفْصِيلُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: شَرْطٌ هُوَ فِي حُكْمِ الْعِلَل:
٧ - وَهُوَ شَرْطٌ لاَ تُعَارِضُهُ عِلَّةٌ تَصْلُحُ أَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إِلَيْهَا فَيُضَافَ الْحُكْمُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُودُ دُونَ الْوُجُوبِ فَصَارَ شَبِيهًا بِالْعِلَل، وَالْعِلَل أُصُولٌ لَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ عِلَلًا بِذَوَاتِهَا اسْتَقَامَ أَنْ تَخْلُفَهَا الشُّرُوطُ، وَمِثَالُهُ حَفْرُ الْبِئْرِ، فَعِلَّةُ السُّقُوطِ هِيَ الثِّقَل لَكِنَّ الأَْرْضَ مَانِعٌ مِنَ السُّقُوطِ فَإِزَالَةُ الْمَانِعِ بِالْحَفْرِ صَارَ شَرْطًا وَهَذِهِ الْعِلَّةُ لاَ تَصْلُحُ لإِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهَا (وَهُوَ الضَّمَانُ) لأَِنَّ الثِّقَل أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ وَالْمَشْيُ مُبَاحٌ فَلاَ يَصْلُحَانِ لإِضَافَةِ الضَّمَانِ إِلَيْهِمَا، فَيُضَافُ
_________
(١) كشف الأسرار ٤ / ٢٠٢ - ٢٠٣، وفتح الغفار ٣ / ٧٤، والتلويح على التوضيح ١ / ١٢٠.
إِلَى الشَّرْطِ لأَِنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ لأَِنَّ الضَّمَانَ فِيمَا إِذَا حَفَرَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِخِلاَفِ مَا إِذَا أَوْقَعَ نَفْسَهُ (١) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: شَرْطٌ لَهُ حُكْمُ الأَْسْبَابِ:
٨ - وَهُوَ شَرْطٌ حَصَل بَعْدَ حُصُولِهِ فِعْل فَاعِلٍ مُخْتَارٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ ذَلِكَ الْفِعْل إِلَى الشَّرْطِ كَمَا إِذَا حَل قَيْدَ صَيْدٍ حَتَّى نَفَرَ لاَ يَضْمَنُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ، فَإِنَّ الْحَل لَمَّا سَبَقَ النُّفُورَ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ التَّلَفِ صَارَ كَالسَّبَبِ فَإِنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَى صُورَةِ الْعِلَّةِ وَالشَّرْطُ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا (٢) .
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: شَرْطٌ اسْمًا لاَ حُكْمًا:
٩ - وَهُوَ مَا يَفْتَقِرُ الْحُكْمُ إِلَى وُجُودِهِ وَلاَ يُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِهِ، فَمِنْ حَيْثُ التَّوَقُّفُ عَلَيْهِ سُمِّيَ شَرْطًا، وَمِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُودِ الْحُكْمِ عِنْدَهُ لاَ يَكُونُ شَرْطًا حُكْمًا.
وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ فَخْرُ الإِْسْلاَمِ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ أَوَّل الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ يُضَافُ إِلَى آخِرِهِمَا الْحُكْمُ فَإِنَّ كُل حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ فَإِنَّ أَوَّلَهُمَا شَرْطٌ اسْمًا لاَ حُكْمًا؛ لأَِنَّ حُكْمَ الشَّرْطِ أَنْ يُضَافَ الْوُجُودُ إِلَيْهِ وَذَلِكَ مُضَافٌ إِلَى آخِرِهِمَا
_________
(١) فتح الغفار ٣ / ٧٤ (ط. الحلبي)، كشف الأسرار ٤ / ٢٠٦ - ٢٠٨ (ط. دار الكتاب العربي)، أصول السرخسي ٢ / ٣٢٣ - ٣٢٤.
(٢) فتح الغفار ٣ / ٧٤ - ٧٥ (ط. الحلبي)، كشف الأسرار ٤ / ٢١٢ (ط. دار الكتاب العربي) .
فَلَمْ يَكُنِ الأَْوَّل شَرْطًا حُكْمًا بَل اسْمًا.
الْقِسْمُ الْخَامِسُ: شَرْطٌ هُوَ بِمَعْنَى الْعَلاَمَةِ الْخَالِصَةِ:
١٠ - وَذَلِكَ كَالإِْحْصَانِ فِي بَابِ الزِّنَا وَإِنَّمَا كَانَ الإِْحْصَانُ عَلاَمَةً لأَِنَّ حُكْمَ الشَّرْطِ أَنْ يَمْنَعَ انْعِقَادَ الْعِلَّةِ إِلَى أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ وَهَذَا لاَ يَكُونُ فِي الزِّنَا بِحَالٍ.
لأَِنَّ الزِّنَا إِذَا وُجِدَ لَمْ يَتَوَقَّفْ حُكْمُهُ عَلَى إِحْصَانٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ، لَكِنَّ الإِْحْصَانَ إِذَا ثَبَتَ كَانَ مُعَرِّفًا لِحُكْمِ الزِّنَا فَأَمَّا أَنْ يُوجَدَ الزِّنَا بِصُورَتِهِ فَيَتَوَقَّفَ انْعِقَادُ عِلَّةٍ عَلَى وُجُودِ الإِْحْصَانِ فَلاَ يَثْبُتُ أَنَّهُ عَلاَمَةٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَمْ يَصْلُحْ عِلَّةً لِلْوُجُودِ وَلاَ لِلْوُجُوبِ وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْعَل لَهُ حُكْمُ الْعِلَل بِحَالٍ.
وَلِذَلِكَ لاَ يَضْمَنُ شُهُودُ الإِْحْصَانِ إِذَا رَجَعُوا عَلَى حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ رَجَعُوا وَحْدَهُمْ أَمْ رَجَعُوا مَعَ شُهُودِ الزِّنَا (١) .
مَا يَخْتَصُّ بِهِ الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ بِقِسْمَيْهِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُقَيَّدِ:
١١ - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ أُمُورٌ مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ أَيْ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ
_________
(١) فتح الغفار ٣ / ٧٥ (ط. الحلبي)، كشف الأسرار ٤ / ٢١٩ (ط. دار الكتاب العربي) .
لاَ يَكُونَ، وَأَنْ يَكُونَ أَمْرًا يُرْجَى الْوُقُوفُ عَلَى وُجُودِهِ، وَأَنْ لاَ يُوجَدَ فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ (١) . وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا مُسْتَقْبَلًا بِخِلاَفِ الْمَاضِي فَإِنَّهُ لاَ مَدْخَل لَهُ فِي التَّعْلِيقِ (٢) . وَأَنْ لاَ يَقْصِدَ بِالتَّعْلِيقِ الْمُجَازَاةَ فَلَوْ سَبَّتْهُ بِمَا يُؤْذِيهِ فَقَال إِنْ كُنْتُ كَمَا قُلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ تَنَجَّزَ الطَّلاَقُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كَمَا قَالَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ لأَِنَّ الزَّوْجَ فِي الْغَالِبِ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ إِيذَاءَهَا بِالطَّلاَقِ، وَأَنْ يُوجَدَ رَابِطٌ حَيْثُ كَانَ الْجَزَاءُ مُؤَخَّرًا وَإِلاَّ تَنَجَّزَ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ التَّعْلِيقُ مَالِكًا لِلتَّنْجِيزِ أَيْ قَادِرًا عَلَى التَّنْجِيزِ وَهَذَا الأَْمْرُ فِيهِ خِلاَفٌ (٣) .
يُنْظَرُ فِي (تَعْلِيقٌ ف ٢٨ - ٢٩ ج ١٢) .
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٤٩٣ ط. المصرية، والأشباه والنظائر لابن نجيم / ٣٦٧ (ط. الهلال)، تبيين الحقائق ٢ / ٢٤٣ (ط. بولاق)، جواهر الإكليل ١ / ٢٤٣ - ٢٤٤ (ط المعرفة)، حاشية القليوبي ٣ / ٣٤٢ (ط. الحلبي)، الإنصاف ٩ / ١٠٤ (ط. الأولى) .
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي / ٣٧٦ (ط. الحلبي) .
(٣) ابن عابدين ٢ / ٤٩٤ (ط. المصرية)، الأشباه والنظائر لابن نجيم / ٣٦٧ (ط. الهلال)، فتح القدير ٣ / ١٢٧ (ط. بولاق)، الدسوقي ٢ / ٣٧٠ (ط. الفكر)، الخرشي ٤ / ٣٧ - ٣٨ (ط. بولاق) .
مَا يَخْتَصُّ بِهِ الشَّرْطُ الْمُقَيَّدُ:
يَخْتَصُّ الشَّرْطُ الْمُقَيَّدُ بِأَمْرَيْنِ:
١٢ - الأَْوَّل: كَوْنُهُ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى أَصْل التَّصَرُّفِ. فَقَدْ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا جُزِمَ فِيهِ بِالأَْصْل - أَيْ أَصْل الْفِعْل - وَشَرَطَ فِيهِ أَمْرًا آخَرَ (١) .
الثَّانِي: كَوْنُهُ أَمْرًا مُسْتَقْبَلًا وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ نُجَيْمٍ: أَنَّ الشَّرْطَ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ (٢) .
هَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ شَرْطِ التَّعْلِيقِ وَشَرْطِ التَّقْيِيدِ كَمَا ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ التَّعْلِيقَ مَا دَخَل عَلَى أَصْل الْفِعْل بِأَدَاتِهِ كَإِنْ وَإِذَا، وَالشَّرْطُ مَا جَزَمَ فِيهِ بِالأَْصْل وَشَرَطَ فِيهِ أَمْرًا آخَرَ (٣) .
وَقَال الْحَمَوِيُّ: وَإِنْ شِئْتَ فَقُل فِي الْفَرْقِ إِنَّ التَّعْلِيقَ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ يُوجَدُ بِإِنْ أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا وَالشَّرْطُ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ (٤) .
مَا يُعْرَفُ بِهِ الشَّرْطُ:
١٣ - يُعْرَفُ الشَّرْطُ بِصِيغَتِهِ بِأَنْ دَخَل فِي
_________
(١) المنثور ١ / ٣٧٠ (ط. الأولى)، الحموي على ابن نجيم ٢ / ٢٢٤ (ط. العامرة) .
(٢) الحموي على ابن نجيم ٢ / ٢٢٥ (ط. العامرة) .
(٣) المنثور ١ / ٣٧٠ (ط. الأولى) .
(٤) الحموي على ابن نجيم ٢ / ٢٢٥ (ط. العامرة) .
الْكَلاَمِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ فَكَانَ الْفِعْل الَّذِي دَخَل عَلَيْهِ شَرْطًا، وَصِيَغُهُ كَمَا ذَكَرَ الآْمِدِيُّ فِي الإِْحْكَامِ كَثِيرَةٌ وَهِيَ إِنِ الْخَفِيفَةُ، وَإِذَا، وَمَنْ، وَمَا، وَمَهْمَا، وَحَيْثُمَا، وَأَيْنَمَا، وَإِذْ مَا، وَأُمُّ هَذِهِ الصِّيَغِ " إِنْ " الشَّرْطِيَّةُ (١) .
وَيُعْرَفُ الشَّرْطُ أَيْضًا بِدَلاَلَتِهِ أَيْ بِالْمَعْنَى بِأَنْ يَكُونَ الأَْوَّل أَيْ مِنَ الْكَلاَمِ سَبَبًا لِلثَّانِي كَقَوْلِهِ: الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُ طَالِقٌ ثَلاَثًا، فَإِنَّهُ مُبْتَدَأٌ مُتَضَمِّنٌ لِمَعْنَى الشَّرْطِ. وَالأَْوَّل يَسْتَلْزِمُ الثَّانِيَ أَلْبَتَّةَ دُونَ الْعَكْسِ؛ لِوُقُوعِ الْوَصْفِ - وَهُوَ وَصْفُ التَّزَوُّجِ - فِي النَّكِرَةِ فَيَعُمُّ.
وَلَوْ وَقَعَ الْوَصْفُ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَمَا صَلَحَ دَلاَلَةً عَلَى الشَّرْطِ؛ لأَِنَّ الْوَصْفَ فِي الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ فَبَقِيَ قَوْلُهُ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ طَالِقٌ فَيَلْغُو فِي الأَْجْنَبِيَّةِ، وَنَصُّ الشَّرْطِ يَجْمَعُ الْمُعَيَّنَ وَغَيْرَهُ حَتَّى لَوْ قَال إِنْ تَزَوَّجْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أَوِ امْرَأَةً طَلُقَتْ إِذَا تَزَوَّجَ بِهَا. وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَحَلُّهُ كُتُبُ الأُْصُول (٢) .
الأَْثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالشَّرْطِ:
١٤ - يَذْكُرُ الأُْصُولِيُّونَ مَسْأَلَةً هَامَةً وَهِيَ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالشَّرْطِ هَل يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ
_________
(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٢ / ٣٠٩ - ٣١٠ (ط. المكتب الإسلامي) .
(٢) فتح الغفار ٣ / ٧٥ (ط. الحلبي)، كشف الأسرار للبزدوي ٤ / ٢٠٣ - ٢٠٦ (ط. دار الكتاب العربي) .