الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٥ الصفحة 8

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٥

الزَّوَال إِلاَّ إِذَا أَتَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ فَلاَ يُكْرَهُ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ السَّفَرِ قَبْل الزَّوَال بِلاَ خِلاَفٍ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ السَّفَرِ قَبْل الزَّوَال أَيْضًا - وَأَوَّلُهُ الْفَجْرُ - لِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الْمَنْزِل قَبْلَهُ، وَالْجُمُعَةُ مُضَافَةٌ إِلَى الْيَوْمِ. فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِ أَوْ تَضَرَّرَ بِتَخَلُّفِهِ جَازَ وَإِلاَّ فَلاَ. وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ مُبَاحًا أَوْ طَاعَةً فِي الأَْصَحِّ (١) .

كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ السَّفَرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِخَبَرِ مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ (٢) .

سَفَرُ الْمَدِينِ:

٢٠ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ - فِي الْجُمْلَةِ - عَلَى أَنَّهُ

_________

(١) الطحطاوي على مراقي الفلاح ٢٨٣ حاشية ابن عابدين ١ / ٥٥٣، حاشية الدسوقي ١ / ٣٨٧، نهاية المحتاج ٢ / ٢٩١، مغني المحتاج ١ / ٢٧٨، كشاف القناع ٢ / ٢٥.

(٢) حديث: " من سافر ليلة الجمعة دعا عليه ملكاه ". قال العراقي: " رواه الخطيب في الرواة عن مالك من حديث أبي هريرة بسند ضعيف جدا: (إتحاف السادة المتقين ٣ / ٣٠٢) .

لَيْسَ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إِذْنِ دَائِنِهِ.

وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَمْنَعَ الْمَدِينَ مِنَ السَّفَرِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّل إِلاَّ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ طَوِيلًا وَيَحِل الدَّيْنُ فِي أَثْنَائِهِ.

وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لَهُ السَّفَرَ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَلَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْوَفَاءِ.

وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ السَّفَرَ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الأَْجَل قَرِيبًا أَمْ بَعِيدًا (١) .

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (غَرِيم) (وَدَيْن) .

آدَابُ السَّفَرِ:

٢١ - لِلسَّفَرِ آدَابٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:

(١) إِذَا اسْتَقَرَّ عَزْمُ الْمُسَافِرِ عَلَى السَّفَرِ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ

_________

(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣١٨، حاشية الدسوقي ٢ / ١٧٥، مواهب الجليل ٣ / ٣٤٩، روضة الطالبين ٤ / ١٣٦، ١٠ / ٢١٠ كشاف القناع ٣ / ٤٤.

جَمِيعِ الْمَعَاصِي، وَيَخْرُجَ مِنْ مَظَالِمِ الْخَلْقِ، وَيَقْضِيَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ دُيُونِهِمْ، وَيَرُدَّ الْوَدَائِعَ، وَيَسْتَحِل كُل مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ، وَيَكْتُبَ وَصِيَّتَهُ وَيُشْهِدَ عَلَيْهَا، وَيُوَكِّل مَنْ يَقْضِي مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ مِنْ دُيُونِهِ، وَيَتْرُكَ نَفَقَةً لأَِهْلِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ إِلَى حِينِ رُجُوعِهِ.

وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَسْتَخِيرَ اللَّهَ تَعَالَى فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَدْعُوَ بِدُعَاءِ الاِسْتِخَارَةِ يُنْظَرُ (اسْتِخَارَة) وَيَنْبَغِي إِرْضَاءُ وَالِدَيْهِ وَمَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بِرُّهُ وَطَاعَتُهُ.

(٢) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ مَنْ هُوَ مُوَافِقٌ رَاغِبٌ فِي الْخَيْرِ كَارِهًا لِلشَّرِّ، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ جَمَاعَةً؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَال: " قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِنَ الْوَحْدَةِ مَا سَرَى رَاكِبٌ بِلَيْلٍ. يَعْنِي وَحْدَهُ (١) .

(٣) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَإِنْ فَاتَهُ فَيَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ بَاكِرًا، وَدَلِيل

_________

(١) حديث: " لو أن الناس يعلمون ما أعلم في الوحدة ". أخرجه الترمذي (٤ / ١٩٣ - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".

الْخَمِيسِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ (١) وَفِي رِوَايَةٍ: أَقَل مَا كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَدَلِيل يَوْمِ الاِثْنَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ (٢) وَدَلِيل الْبُكُورِ حَدِيثُ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُِمَّتِي فِي بُكُورِهَا. قَال: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ جَيْشًا أَوْ سَرِيَّةً بَعَثَهُمْ أَوَّل النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ تَاجِرًا وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تُجَّارَهُ بَعَثَهُمْ أَوَّل النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ (٣) .

وَيُسْتَحَبُّ السُّرَى فِي آخِرِ اللَّيْل لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَْرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْل (٤) .

_________

(١) حديث: " كان يحب أن يخرج يوم الخميس ". أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١١٣ - ط السلفية) من حديث كعب بن مالك.

(٢) حديث: " هاجر من مكة يوم الإثنين ". أخرجه أحمد (١ / ٢٧٧ - ط الميمنية) والطبراني في الكبير (١٢ / ٢٣٧ - ط الوطن العربي) من حديث ابن عباس، وقال الهيثمي: " وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح (مجمع الزوائد ١ / ١٩٦: نشر دار الكتاب العربي) .

(٣) حديث صخر الغامدي: " اللهم بارك لأمتي في بكورها ". أخرجه الترمذي (٣ / ٥٠٨ - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن ".

(٤) حديث: " عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ". أخرجه الحاكم (١ / ٤٤٥ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك، وصححه ووافقه الذهبي.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الأُْولَى ﴿قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ وَفِي الثَّانِيَةِ ﴿قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: مَا خَلَّفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَل مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ السَّفَرَ (١) وَعَنْ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَنْزِل مَنْزِلًا إِلاَّ وَدَّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ (٢)

(٥) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَدِّعَ أَهْلَهُ وَجِيرَانَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ وَسَائِرَ أَحْبَابِهِ وَأَنْ يُوَدِّعُوهُ، وَيَقُول كُل وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ، زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَيَسَّرَ الْخَيْرَ لَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ. لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ كَانَ يَقُول لِلرَّجُل إِذَا أَرَادَ سَفَرًا: هَلُمَّ أُوَدِّعُكَ كَمَا وَدَّعَنِي رَسُول اللَّهِ ﷺ أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ

_________

(١) حديث: " كان لا ينزل منزلا إلا ودعه بركعتين ". أخرجه الحاكم (١ / ٣١٥ - ٣١٦ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك، ولمح الذهبي إلى تضعيفه لراو مضعف في إسناده.

عَمَلِكَ (١) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ ﵁ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ الْجَيْشَ قَال: أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ (٢) .

وَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي. فَقَال: زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى، فَقَال: زِدْنِي، فَقَال: وَغَفَرَ ذَنْبَكَ، قَال: زِدْنِي. قَال: وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ (٣) .

(٦) يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَمِّرَ الرُّفْقَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَفْضَلَهُمْ وَأَجْوَدَهُمْ رَأْيًا وَيُطِيعُونَهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالاَ: " قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ

_________

(١) حديث ابن عمر: استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. أخرجه أبو داود (٣ / ٧٦ - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (٥ / ٥٠٠ - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن صحيح ".

(٢) حديث عبد الله بن يزيد الخطمي: كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يودع الجيش. . . . أخرجه أبو داود (٣ / ٧٧ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه النووي في رياض الصالحين (ص ٣٠٧ - ط المكتب الإسلامي) .

(٣) حديث: " زودك الله التقوى. . . ". أخرجه الترمذي (٥ / ٥٠٠ - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن ".

إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ (١) .

(٧) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُكَبِّرَ إِذَا صَعِدَ الثَّنَايَا وَشَبَهَهَا، وَيُسَبِّحَ إِذَا هَبَطَ الأَْوْدِيَةَ وَنَحْوَهَا، وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا (٢) وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ ﵁ قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا. فَقَال النَّبِيُّ ﷺ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّهُ مَعَكُمْ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٣) وَيُسْتَحَبُّ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى قَرْيَةٍ يُرِيدُ دُخُولَهَا أَوْ مَنْزِلٍ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا.

لِحَدِيثِ صُهَيْبٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلاَّ قَال حِينَ يَرَاهَا: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ وَرَبَّ

_________

(١) حديث: " إذا خرج ثلاثة في سفر ". أخرجه أبو داود (٣ / ٨١ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه النووي في رياض الصالحين (ص ٣٧٦ - ط المكتب الإسلامي) .

(٢) حديث جابر: كنا إذا صعدنا كبرنا. أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١٣٥ - ط السلفية) .

(٣) حديث أبي موسى: كنا مع النبي ﷺ. . . . أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١٥٣ - ط السلفية) .

الأَْرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا أَذْرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا (١) .

(٨) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَدْعُوَ فِي سَفَرِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْوْقَاتِ لأَِنَّ دَعْوَتَهُ مُجَابَةٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ (٢) .

(٩) السُّنَّةُ لِلْمُسَافِرِ إِذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَنْ يُعَجِّل الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّل إِلَى أَهْلِهِ (٣) وَيُكْرَهُ أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ طُرُوقًا بِغَيْرِ

_________

(١) حديث صهيب: أن النبي ﷺ لم ير قرية يريد دخولها. أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص ٣٦٧ - ط الرسالة) وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية (٥ / ١٥٤ - ط (المنيرية) .

(٢) حديث: " ثلاث دعوات مستجابات ". أخرجه الترمذي (٥ / ٥٠٢ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: " حديث حسن ".

(٣) حديث: " السفر قطعة من العذاب ". أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١٣٩ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٥٢٦ - ط الحلبي) .

عُذْرٍ، وَهُوَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ فِي اللَّيْل، بَل السُّنَّةُ أَنْ يَقْدَمَ أَوَّل النَّهَارِ وَإِلاَّ فَفِي آخِرِهِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ وَكَانَ لاَ يَدْخُل إِلاَّ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً (١) وَقَدْ أَوْصَل النَّوَوِيُّ آدَابَ السَّفَرِ إِلَى اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أَدَبًا فَصَّلَهَا فِي كِتَابِهِ الْمَجْمُوعِ (٢) .

_________

(١) حديث: " كان لا يطرق أهله ". أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٦١٩ - ط السلفية) .

(٢) المجموع ٤ / ٣٨٥ وما بعدها المكتبة السلفية المدينة المنورة، القوانين الفقهية ٢٩٠ دار القلم ١٩٧٧م.

سُفْل

التَّعْرِيفُ:

١ - السُّفْل بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: ضِدُّ الْعُلْوِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا، وَالأَْسْفَل ضِدُّ الأَْعْلَى (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، إِذْ قَالُوا: السُّفْل اسْمٌ لِمَبْنًى مُسَقَّفٍ (٢) . وَالْمُرَادُ بِالسُّفْل السُّفْل النِّسْبِيُّ لاَ الْمُلاَصِقُ لِلأَْرْضِ لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ طِبَاقًا مُتَعَدِّدَةً، فَكُل مَا نَزَل عَنِ الْعُلْوِ فَهُوَ سُفْلٌ (٣) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسُّفْل:

هَدْمُ السُّفْل وَانْهِدَامُهُ:

٢ - إِذَا هَدَمَ صَاحِبُ السُّفْل سُفْلَهُ مِنْ غَيْرِ

_________

(١) المصباح المنير والمفردات للراغب الأصفهاني ولسان العرب.

(٢) شرح المجلة للأتاسي ٤ / ١٣٧، وحاشية خير الدين الرملي على جامع الفصولين ٢ / ٢٠٩.

(٣) الزرقاني ٦ / ٦٠.