الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤ الصفحة 14

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤

وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَيَمُّمٍ) (١) .

الزِّيَادَةُ فِي الْفِعْل وَالْقَوْل فِي الصَّلاَةِ:

١٥ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلاَةِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ زِيَادَةَ أَفْعَالٍ، أَوْ أَقْوَالٍ.

فَزِيَادَةُ الأَْفْعَال قِسْمَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ، فَتَبْطُل الصَّلاَةُ بِعَمْدِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سَهْوًا فَلاَ بُطْلاَنَ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.

وَالآْخَرُ: إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلاَةِ، فَيُبْطِل الصَّلاَةَ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَجَهْلُهُ، إِنْ كَانَ كَثِيرًا وَلَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ.

أَمَّا إِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ، أَوْ كَانَ يَسِيرًا، فَلاَ يَبْطُل.

وَالزِّيَادَةُ الْقَوْلِيَّةُ قِسْمَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا يُبْطِل عَمْدُهُ الصَّلاَةَ، كَكَلاَمِ الآْدَمِيِّينَ.

وَالآْخَرُ، مَا لاَ يُبْطِل الصَّلاَةَ كَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، إِلاَّ أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ.

وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الصَّلاَةَ تَبْطُل بِتَعَمُّدِ النُّطْقِ بِحَرْفَيْنِ، أَفْهَمَا أَمْ لَمْ يُفْهِمَا، وَبِحَرْفٍ مُفْهِمٍ

_________

(١) تبيين الحقائق ١ / ٣٨ ط. الأميرية، الدسوقي ١ / ١٥٨ ط. الفكر، حاشية القليوبي ١ / ٩١ ط. الحلبي، روضة الطالبين ١ / ١١٢ ط. المكتب الإسلامي، كشاف القناع ١ / ١٧٩ ط. النصر، المغني ١ / ٢٤٦ ط. الرياض.

كَذَلِكَ. وَقَالُوا: يُعْذَرُ مَنْ تَكَلَّمَ بِيَسِيرِ الْكَلاَمِ إِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ نَسِيَ الصَّلاَةَ، أَوْ جَهِل تَحْرِيمَ الْكَلاَمِ فِيهَا، وَقَرُبَ عَهْدُهُ بِالإِْسْلاَمِ، وَلاَ يُعْذَرُ بِالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ (١) .

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُفْسِدَاتِ الصَّلاَةِ، وَسُجُودِ السَّهْوِ.

وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْفِعْل، أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْهُ يُبْطِل الصَّلاَةَ.

وَفِي حَدِّهِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ، الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُصَلِّي بِحَالٍ لَوْ رَآهُ إِنْسَانٌ مِنْ بَعِيدٍ، فَتَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلاَةِ فَهُوَ كَثِيرٌ، إِنْ كَانَ يَشُكُّ أَنَّهُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَشُكَّ أَنَّهُ فِيهَا، فَهُوَ قَلِيلٌ.

وَأَمَّا الْقَوْل أَوِ الْكَلاَمُ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلاَتِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، لِحَدِيثِ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ (٢) .

وَمِنْهُ أَيْضًا: الأَْنِينُ وَالتَّأَوُّهُ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَكُل مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا قَصَدَ بِهِ الْجَوَابَ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْجَوَابَ بَل الإِْعْلاَمَ أَنَّهُ فِي الصَّلاَةِ، فَلاَ تَفْسُدُ بِالاِتِّفَاقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

_________

(١) حاشية الدسوقي ١ / ٢٧٥، جواهر الإكليل ١ / ٦٢، مغني المحتاج ١ / ١٩٤ - ١٩٩، وكشاف القناع ١ / ٣٩٥ وما بعدها.

(٢) حديث: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ". أخرجه مسلم (١ / ٣٨١ - ٣٨٢ - ط الحلبي) من حديث معاوية بن الحكم.

فَلَوْ كَانَ الذِّكْرُ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، كَمَا لَوْ ذَكَرَ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُؤَذِّنِ لَهُمَا، أَوْ سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ، فَقَال: جَل جَلاَلُهُ، أَوْ ذِكْرَ النَّبِيِّ ﷺ فَصَلَّى عَلَيْهِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ (١) .

الزِّيَادَةُ عَلَى التَّكْبِيرَاتِ الأَْرْبَعِ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَأَثَرُهَا:

١٦ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ صَلاَةَ الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ لاَ يَجُوزُ النَّقْصُ مِنْهَا، وَالأَْوْلَى عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ الْبُطْلاَنُ لِزِيَادَةِ رُكْنٍ، فَإِنْ زَادَ الإِْمَامُ عَلَيْهَا تَكْبِيرَةً خَامِسَةً، فَفِي مُتَابَعَةِ الْمَأْمُومِ لَهُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَوْ عَدَمِ مُتَابَعَتِهِ لَهُ فِيهَا خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

فَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ سِوَى زُفَرَ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا فَعَل ذَلِكَ لَمْ يُتَابِعْهُ الْمُؤْتَمُّ فِي تِلْكَ التَّكْبِيرَةِ، لأَِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ ﷺ كَبَّرَ أَرْبَعًا فِي آخِرِ صَلاَةِ جِنَازَةٍ صَلاَّهَا (٢) . وَقَال زُفَرُ: يُتَابِعُهُ لأَِنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا ﵁ كَبَّرَ خَمْسًا.

_________

(١) فتح القدير ط. أولى ١ / ٢٨٦، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي ١٧٥ - ١٧٩.

(٢) حديث: " أنه ﷺ كبر أربعا في آخر صلاة جنازة صلاها ". أخرجه الحاكم (١ / ٣٨٦ ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وضعف الذهبي في تلخيصه أحد رواته، وذكره ابن حجر في التلخيص (٢ / ١٢١ - ط شركة الطباعة الفنية) وقال: " روي هذا اللفظ من وجوه أخر كلها ضعيفة ".

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ وَلاَ يَنْتَظِرُ إِمَامَهُ فِي التَّكْبِيرَةِ الْخَامِسَةِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيُفَارِقُ الْمَأْمُومُ إِمَامَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْخَامِسَةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْل بِبُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِهَا، وَعَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ الْبُطْلاَنِ لاَ يُفَارِقُهُ، وَلَكِنْ لاَ يُتَابِعُهُ فِيهَا عَلَى الأَْظْهَرِ، وَفِي تَسْلِيمِهِ فِي الْحَال أَوِ انْتِظَارِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ إِمَامُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.

وَالأَْوْلَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ لاَ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَلاَ خِلاَفَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَلاَ يَجُوزُ النَّقْصُ عَنْ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عِنْدَهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِ إِلَى السَّبْعِ، فَظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ، وَلاَ يُتَابِعُهُ فِي زِيَادَةٍ عَلَيْهَا رَوَاهُ الأَْثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا وَقَال: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُكَبِّرُهَا (١) .

وَرَوَى حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا لاَ يُكَبِّرُ مَعَهُ، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ مَعَ الإِْمَامِ، لأَِنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مَسْنُونَةٍ لِلإِْمَامِ فَلاَ يُتَابِعُهُ الْمَأْمُومُ فِيهَا، كَالْقُنُوتِ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُكَبِّرُ مَعَ الإِْمَامِ إِلَى سَبْعٍ، قَال الْخَلاَّل: ثَبَتَ الْقَوْل عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ الإِْمَامِ إِلَى سَبْعٍ ثُمَّ

_________

(١) حديث زيد بن أرقم: " أن الرسول ﷺ كان يكبر خمسا على الجنائز ". أخرجه مسلم (٢ / ٦٥٩ - ط الحلبي) .

لاَ يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ مَعَ الإِْمَامِ (١) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ.

الزِّيَادَةُ فِي الزَّكَاةِ عَلَى الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ إِخْرَاجُهُ:

١٧ - الأَْصْل أَنْ يُخْرِجَ الْمُزَكِّي الْقَدْرَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، فَإِنْ زَادَ فَذَلِكَ خَيْرٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ (٢) وَالزِّيَادَةُ قَدْ تَكُونُ فِي الْمِقْدَارِ أَوْ فِي الصِّفَةِ. فَمِنْ أَمْثِلَةِ الزِّيَادَةِ فِي صِفَةِ الْوَاجِبِ إِخْرَاجُ بِنْتِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، فَإِنَّ بِنْتَ اللَّبُونِ تَخْرُجُ عَنْ سِتٍّ وَثَلاَثِينَ مِنَ الإِْبِل وَبِنْتَ الْمَخَاضِ تَخْرُجُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَالْحِقَّةُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ فَإِنَّ الْحِقَّةَ تَخْرُجُ عَنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ، وَإِخْرَاجُ الْجَذَعَةِ عَنِ الْحِقَّةِ فَإِنَّ الْجَذَعَةَ تَجِبُ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ الزِّيَادَةِ فِي الْمِقْدَارِ إِخْرَاجُ أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا صَاعٌ عَنْ كُل فَرْدٍ.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ: (زَكَاةٍ) .

_________

(١) فتح القدير مع العناية ١ / ٤٦١ ط. الأميرية، تبيين الحقائق ١ / ٢٤١ ط. المعرفة، الفتاوى الهندية ١ / ١٦٤ ط. المكتبة الإسلامية، حاشية العدوي على الرسالة ١ / ٣٧٤ ط. المعرفة، روضة الطالبين ٢ / ١٢٤ ط. المكتب الإسلامي، حاشية القليوبي ١ / ٣٣١ ط الحلبي، المغني ٢ / ٥١٤ - ٥١٥ ط. الرياض.

(٢) سورة البقرة / ١٥٨.

زِيَادَةُ الْوَكِيل عَمَّا حَدَّدَهُ لَهُ الْمُوَكِّل:

١٨ - الْوَكِيل لاَ يَمْلِكُ مِنَ التَّصَرُّفِ إِلاَّ مَا يَقْتَضِيهِ إِذْنُ مُوَكِّلِهِ مِنْ جِهَةِ النُّطْقِ أَوْ جِهَةِ الْعُرْفِ؛ لأَِنَّ تَصَرُّفَهُ بِالإِْذْنِ فَاخْتَصَّ بِمَا أَذِنَ فِيهِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالاِحْتِيَاطِ وَالْغِبْطَةِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي زَمَنٍ مُقَيَّدٍ لَمْ يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ إِذْنُهُ مُطْلَقًا، وَلاَ عُرْفًا؛ لأَِنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ التَّصَرُّفُ فِي زَمَنِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ (١) .

وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَكَالَةِ.

زِيَادَةُ الْمَبِيعِ وَأَثَرُهَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ:

١٩ - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ كَسِمَنٍ وَجَمَالٍ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ قَبْل الْقَبْضِ، وَكَذَا بَعْدَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ قَبُولُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَغَرْسٍ وَبِنَاءٍ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا. وَأَمَّا زِيَادَةُ الْمَبِيعِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالأَْرْشِ فَلاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ قَبْل الْقَبْضِ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا أَوْ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُمْتَنَعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ، وَأَمَّا

_________

(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٠٣ وما بعدها، جواهر الإكليل ٢ / ١٣٧ ط. المعرفة، مواهب الجليل ٥ / ١٩٦ ط. النجاح، روضة الطالبين ٤ / ٣١٦ ط. المكتب الإسلامي، المغني ٥ / ١٣١ - ١٣٢ ط. الرياض.

الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَكَسْبٍ، وَغَلَّةٍ، وَهِبَةٍ، فَقَبْل الْقَبْضِ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ، فَإِذَا رَدَّ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي بِلاَ ثَمَنٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلاَ تَطِيبُ لَهُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِلْبَائِعِ وَلاَ تَطِيبُ لَهُ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ أَيْضًا، وَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ.

وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي حَالَةِ رَدِّهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِبَائِعِهِ، يَشْتَرِكُ مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ بِمِثْل نِسْبَةِ مَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهِ، بِصَبْغِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ عَلَى قِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ مَعِيبًا، فَإِنْ قُوِّمَ مَصْبُوغًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَغَيْرَ مَصْبُوغٍ بِعَشَرَةٍ شَارَكَهُ بِثُلُثِهِ، دَلَّسَ بَائِعُهُ أَمْ لاَ، أَوْ يَتَمَسَّكُ بِالْمَبِيعِ وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الأَْرْجَحِ.

هَذَا فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ، وَذَكَرُوا فِي الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ يَشْتَرِكُ مَعَ الْبَائِعِ فِيهَا عِنْدَ الرَّدِّ (١) .

وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ تَتْبَعُ الأَْصْل فِي الرَّدِّ،

وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ فِي نَمَاءِ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِل كَالسِّمَنِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ لِعَدَمِ إِمْكَانِ إِفْرَادِ الزِّيَادَةِ، وَلِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِدُونِهَا، وَلأَِنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَجَدَّدَ بِالْفَسْخِ فَكَانَتِ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ فِيهِ تَابِعَةً لِلأَْصْل كَالْعَقْدِ.

_________

(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٨٠ - ٨١ ط. الأميرية، الاختيار ٢ / ٢٠ ط. المعرفة، جواهر الإكليل ٢ / ٤٥ - ٤٦، المعرفة، الدسوقي ٣ / ١٢٧ ط. الفكر.

وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ عَيْنًا كَالْوَلَدِ، أَوْ مَنْفَعَةً كَالأُْجْرَةِ، فَهِيَ مِنَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَمِنَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ فِي نَمَاءِ الْمَبِيعِ الْمُنْفَصِل، لِقَوْلِهِ ﷺ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (١) . وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ لاَ تَمْنَعُ الرَّدَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْعَيْبِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْعَيْبِ (٢) .

وَالتَّفْصِيل فِي خِيَارِ الْعَيْبِ.

الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَنِ وَأَثَرُهَا:

٢٠ - تَتَّضِحُ آثَارُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ أَوِ النَّقْصِ مِنْهُ فِي الإِْقَالَةِ. يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (إِقَالَةٍ) ف ٥ ٣٢٧

زِيَادَةُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ هَل تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلشَّفِيعِ؟:

٢١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زِيَادَةِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ هَل تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلشَّفِيعِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ الَّتِي حَدَثَتْ فِي يَدِ

_________

(١) حديث: " الخراج بالضمان ". أخرجه أبو داود (٣ / ٧٨٠ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة، وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير لابن حجر (٣ / ٢٢ - ط شركة الطباعة الفنية) .

(٢) نهاية المحتاج ٤ / ٦٥ - ٦٦ ط. المكتبة الإسلامية، والجمل على المنهج ٣ / ١٥١ ط. التراث، وكشاف القناع ٣ / ٢٢٠ ط النصر، الإنصاف ٤ / ٤١٢ - ٤١٣ ط. التراث.

الْمُشْتَرِي قِبَل الآْخِذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، إِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَالشَّجَرِ إِذَا كَبُرَ فَهِيَ لِلشَّفِيعِ، لِعَدَمِ تَمَيُّزِهَا فَتَبِعَتِ الأَْصْل، كَمَا لَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ إِقَالَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَمَيِّزَةً كَالْغَلَّةِ وَالأُْجْرَةِ وَالطَّلْعِ الْمُؤَبَّرِ وَالثَّمَرَةِ الظَّاهِرَةِ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لاَ حَقَّ لِلشَّفِيعِ فِيهَا؛ لأَِنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ، وَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مُبْقَاةً فِي رُءُوسِ النَّخْل إِلَى الْجُذَاذِ.

وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَمَيِّزَةِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ قَوْلاَنِ:

أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الْقَدِيمُ -: تَتْبَعُ الأَْصْل كَمَا فِي الْبَيْعِ.

وَالثَّانِي - وَهُوَ الْجَدِيدُ -: لاَ تَتْبَعُ الأَْصْل لأَِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ تَرَاضٍ فَلاَ يُؤْخَذُ بِهِ إِلاَّ مَا دَخَل بِالْعَقْدِ وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ لأَِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ عَنْ تَرَاضٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الاِسْتِثْنَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَثْنِ تَبِعَ الأَْصْل (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَشْفُوعِ فِيهِ كَالثَّمَرِ الَّذِي عَلَى النَّخْل لِلشَّفِيعِ إِذَا شَرَطَهُ فِي الْبَيْعِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَدْخُل بِدُونِ الشَّرْطِ، فَإِذَا شَرَطَهُ دَخَل فِي الْبَيْعِ وَاسْتُحِقَّ بِالشُّفْعَةِ، لأَِنَّهُ بِاعْتِبَارِ الاِتِّصَال صَارَ كَالنَّخْل وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ،

_________

(١) الاختيار ٢ / ٥٠ ط. المعرفة، جواهر الإكليل ٢ / ١٦٣ ط. المعرفة، المهذب ١ / ٣٨٩ ط. الحلبي، مطالب أولي النهى ٤ / ١٢٠ ط. المكتب الإسلامي، المغني ٥ / ٣٤٦ ط. الرياض.

وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ شُفْعَةَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ، حَتَّى لاَ يَدْخُل فِي الْبَيْعِ بِدُونِ الشَّرْطِ، وَإِذَا دَخَل فِي الشُّفْعَةِ فَإِذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي نَقَصَ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ لأَِنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالذِّكْرِ، فَقَابَلَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَرَةَ لأَِنَّهَا نَفْلِيَّةٌ أَيْ زِيَادَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى النَّخْل ثَمَرٌ وَقْتَ الْبَيْعِ فَأَثْمَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَرَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ سَرَى إِلَيْهَا فَكَانَتْ تَبَعًا، فَإِذَا جَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْل بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، لأَِنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فَلاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ غَلَّتَهُ، أَيْ غَلَّةَ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْل أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لأَِنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ.

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (شُفْعَةٍ) .

زِيَادَةُ الْمَرْهُونِ:

٢٢ - نَصَّ الْكَاسَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَرْهُونِ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَلِّدَةً مِنَ الأَْصْل وَلاَ فِي حُكْمِ الْمُتَوَلَّدِ مِنْهُ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لاَ يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الرَّهْنِ، لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مَرْهُونَةً بِنَفْسِهَا، وَلاَ هِيَ بَدَل الْمَرْهُونِ، وَلاَ جُزْءٌ مِنْهُ، وَلاَ بَدَل جُزْءٍ مِنْهُ.

وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُتَوَلِّدَةً مِنَ الأَْصْل كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ، أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهُ كَالأَْرْشِ وَالْعُقْرِ فَهِيَ مَرْهُونَةٌ تَبَعًا