الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤ الصفحة 10

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٤

وَالْخِلاَفُ فِي قَبُول التَّوْبَةِ وَعَدَمِهَا إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الدُّنْيَا، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقْبَل تَوْبَتُهُ بِلاَ خِلاَفٍ (١) .

هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَتُوبَ قَبْل الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَبُول تَوْبَتِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: مَفْهُومُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الزِّنْدِيقَ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يُقْتَل، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ الْخَلاَّل، وَقَال: إِنَّهُ أَوْلَى عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ.

وَيُرْوَى ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ﵄، وَالدَّلِيل عَلَى قَبُول تَوْبَتِهِ وَعَدَمِ قَتْلِهِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف﴾ (٢) وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (٣) .

_________

(١» حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٩٢، ٢٩٣، ٢٩٦، ٢٩٧، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٣٠٦.

(٢) سورة الأنفال / ٣٨.

(٣) حديث: " فإذا فعلوا ذلك عصموا مني. . . " شطر من حديث أوله " أمرت أن أقاتل الناس. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٧٥ ط. السلفية)، ومسلم (١ / ٥١، ٥٢، ٥٣ ط. عيسى الحلبي)، عن ابن عمر واللفظ للبخاري.

وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَارَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ مَا سَارَّ بِهِ حَتَّى جَهَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْل رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟ قَال: بَلَى وَلاَ شَهَادَةَ لَهُ، قَال: أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ قَال: بَلَى وَلاَ صَلاَةَ لَهُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِمْ (١) كَمَا يَدُل عَلَى قَبُول تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَْسْفَل مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا﴾ (٢) .

وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ تُقْبَل تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا﴾ (٣) وَلأَِنَّ التَّوْبَةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ، وَلأَِنَّهُ لاَ تَظْهَرُ مِنْهُ عَلاَمَةٌ تُبَيِّنُ رُجُوعَهُ وَتَوْبَتَهُ لأَِنَّهُ كَانَ مُظْهِرًا لِلإِْسْلاَمِ مُسِرًّا لِلْكُفْرِ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَهَا وَهُوَ إِظْهَارُ الإِْسْلاَمِ (٤) .

_________

(١) حديث: " أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم ". أخرجه أحمد (٥ / ٤٣٣ ط الميمنية) والبيهقي (٣ / ٣٦٧ ط دار المعارف الإسلامية) عن عبد الله بن عدي، واللفظ له، وابن حبان (٧ / ٥٨٤ ط. دار الكتب العلمية) وصححه.

(٢) سورة النساء / ١٤٥، ١٤٦.

(٣) سورة البقرة / ١٦٠.

(٤) أسنى المطالب ٤ / ١٢٢، ونهاية المحتاج ٧ / ٣٩٨ - ٣٩٩، والمغني ٨ / ١٢٦ - ١٢٧، وكشاف القناع ٦ / ١٧٧.

مَال مَنْ تَزَنْدَقَ وَمَنْ يَرِثُهُ:

٦ - مِلْكُ الزِّنْدِيقِ يَزُول عَنْ مَالِهِ زَوَالًا مَوْقُوفًا، فَإِنْ مَاتَ قَبْل الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ ثُمَّ عُرِفَ ذَلِكَ عَنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ جَاءَ تَائِبًا، أَوْ قُتِل بَعْدَ الاِطِّلاَعِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ تَوْبَتِهِ لِعَدَمِ قَبُولِهَا مِنْهُ (عِنْدَ مَنْ يَقُول بِذَلِكَ)، فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ عُرِفَ أَمْرُهُ فَلَمْ يَتُبْ وَلَمْ يُنْكِرْ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى قُتِل أَوْ مَاتَ، فَمَالُهُ لِبَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ (١) .

وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ وَيُنْظَرُ (إِرْثٌ، رِدَّةٌ) .

_________

(١) ابن عابدين ٣ / ٣٠٠، والدسوقي ٤ / ٣٠٦، وكشاف القناع ٦ / ١٨٢.

زُنَّارٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الزُّنَّارُ وَالزُّنَّارَةُ فِي اللُّغَةِ مَا يَشُدُّهُ الْمَجُوسِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ عَلَى وَسَطِهِ (١) .

وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ، فَفِي الدُّسُوقِيِّ: الزُّنَّارُ خُيُوطٌ مُتَلَوِّنَةٌ بِأَلْوَانٍ شَتَّى يَشُدُّ بِهَا الذِّمِّيُّ وَسَطَهُ (٢) . وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: الزُّنَّارُ خَيْطٌ غَلِيظٌ فِيهِ أَلْوَانٌ يَشُدُّ بِهِ الذِّمِّيُّ وَسَطَهُ (٣) . وَهُوَ يَكُونُ فَوْقَ الثِّيَابِ (٤) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْحِزَامُ:

٢ - الْحِزَامُ اسْمُ مَا حُزِّمَ بِهِ، وَاحْتَزَمَ الرَّجُل وَتَحَزَّمَ إِذَا شَدَّ وَسَطَهُ بِحَبْلٍ، وَيَكُونُ الْحِزَامُ أَيْضًا لِلصَّبِيِّ فِي مَهْدِهِ، وَالْحِزَامُ لِلسَّرْجِ وَالدَّابَّةِ، وَحَزَّمَ الْفَرَسَ: شَدَّ حِزَامَهُ، وَأَحْزَمَهُ جَعَل لَهُ حِزَامًا (٥) .

_________

(١) لسان العرب، مختار الصحاح مادة: (زنر) .

(٢) الدسوقي ٢ / ٢٠٤.

(٣) نهاية المحتاج ٨ / ٩٧.

(٤) ابن عابدين ٣ / ٢٧٣.

(٥) لسان العرب والمصباح المنير.

ب - النِّطَاقُ:

٣ - الْمِنْطَقُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالنِّطَاقُ: كُل مَا شُدَّ بِهِ الْوَسَطُ، وَالنِّطَاقُ شِبْهُ إِزَارٍ فِيهِ تِكَّةٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَنْتَطِقُ بِهِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: النِّطَاقُ شُقَّةٌ أَوْ ثَوْبٌ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ تَشُدُّ وَسَطَهَا بِحَبْلٍ ثُمَّ تُرْسِل الأَْعْلَى عَلَى الأَْسْفَل إِلَى الرُّكْبَةِ (١) .

ج - الْهِمْيَانُ:

٤ - الْهِمْيَانُ: كِيسٌ تُجْعَل فِيهِ النَّفَقَةُ وَيُشَدُّ عَلَى الْوَسَطِ، وَفِي اللِّسَانِ: الْهِمْيَانُ هِمْيَانُ الدَّرَاهِمِ، أَيِ الَّذِي تُجْعَل فِيهِ النَّفَقَةُ، وَهُوَ أَيْضًا: شِدَادُ السَّرَاوِيل وَالْمِنْطَقَةِ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَشُدُّ بِهَا حَقْوَيْهَا. إِمَّا تِكَّةٌ وَإِمَّا خَيْطٌ (٢) .

مَا يَتَعَلَّقُ بِالزُّنَّارِ مِنْ أَحْكَامٍ:

أَوَّلًا: اتِّخَاذُ أَهْل الذِّمَّةِ الزُّنَّارَ:

٥ - مِمَّا يُؤْخَذُ بِهِ أَهْل الذِّمَّةِ وُجُوبًا إِظْهَارُ عَلاَمَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا، وَلاَ يُتْرَكُونَ يَتَشَبَّهُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ كَيْ لاَ يُعَامَلُوا مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُؤْمَرُ بِشَدِّ الزُّنَّارِ فِي وَسَطِهِ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ عَلاَمَةً مُمَيِّزَةً لَهُ، فَلاَ يُعَامَل مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ.

_________

(١) لسان العرب والمصباح المنير.

(٢) لسان العرب والمصباح المنير.

كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ أَيْضًا تُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَتَشُدُّهُ تَحْتَ إِزَارِهَا بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَعْضُهُ، وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ.

وَمَنْ خَالَفَ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ وَتَرَكَ الزُّنَّارَ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ (١) .

ثَانِيًا: لُبْسُ الْمُسْلِمِ الزُّنَّارَ:

٦ - يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ شَدُّ الزُّنَّارِ فِي وَسَطِهِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يُلْزَمُ بِهَا أَهْل الذِّمَّةِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ تَشَبُّهٌ بِهِمْ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ (٢) . وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ.

وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَكْفُرُ مَنْ شَدَّ عَلَى وَسَطِهِ زُنَّارًا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَلْزَمُ بِهَا أَهْل الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَاصٍ بِذَلِكَ كَسَائِرِ الْمَعَاصِي، حَيْثُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّزَيِّي بِزِيِّ الْكُفَّارِ (٣) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَعَظَ الإِْمَامُ فَاسِقًا وَنَدَبَهُ إِلَى التَّوْبَةِ، فَقَال: بَعْدَ الْيَوْمِ

_________

(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٧٣ - ٢٧٤، وفتح القدير ٥ / ٣٠٢، وفتاوى قاضيخان بهامش الهندية ٣ / ٥٩٠، وحاشية الدسوقي ٢ / ٢٠٤، ونهاية المحتاج ٨ / ٩٧، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٧، والمغني ٨ / ٥٢٤.

(٢) حديث: " من تشبه بقوم فهو منهم ". أخرجه أبو داود (٤ / ٣١٤ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عمرو، وجود إسناده ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (١ / ٢٤٦ - ط. مكتبة الرشد) .

(٣) مغني المحتاج ٤ / ١٣٦، وأسنى المطالب ٤ / ١١٩، وكشاف القناع ٣ / ١٢٨، ٦ / ١٦٩.

أَضَعُ عَلَى رَأْسِي قَلَنْسُوَةَ الْمَجُوسِ، وَكَانَتْ عَلاَمَةً خَاصَّةً بِهِمْ يَكْفُرُ؛ لأَِنَّ وَضْعَ تِلْكَ الْقَلَنْسُوَةِ كَشَدِّ الزُّنَّارِ عَلاَمَةُ الْكُفْرِ.

وَمَنْ شَدَّ الزُّنَّارَ وَدَخَل دَارَ الْحَرْبِ كَفَرَ، قَال الأُْسْرُوشَنِيُّ: إِنْ فَعَل ذَلِكَ لِتَخْلِيصِ الأَْسِيرِ لاَ يَكْفُرُ، وَلَوْ دَخَل لِلتِّجَارَةِ كَفَرَ، وَمَنْ لَفَّ عَلَى وَسَطِهِ حَبْلًا وَقَال: هَذَا زُنَّارٌ لاَ يَكْفُرُ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ؛ لأَِنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْكُفْرِ (١) .

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَمَا قَال الدَّرْدِيرُ: مِنْ عَلاَمَاتِ الرِّدَّةِ صُدُورُ فِعْلٍ يَقْتَضِي الْكُفْرَ كَشَدِّ زُنَّارٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَلْبُوسُ الْكَافِرِ الْخَاصُّ بِهِ أَيْ إِذَا فَعَلَهُ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلًا لأَِهْلِهِ، وَأَمَّا إِنْ لَبِسَهُ لَعِبًا فَحَرَامٌ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ، قَال الدُّسُوقِيُّ: يَكْفُرُ إِذَا فَعَلَهُ حُبًّا فِيهِ سَوَاءٌ أَسَعَى بِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَنَحْوِهَا أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ أَفَعَلَهُ فِي بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ أَمْ فِي بِلاَدِهِمْ، فَالْمَدَارُ فِي الرِّدَّةِ عَلَى فِعْلِهِ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلًا لأَِهْلِهِ كَمَا فِي الْبُنَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَرْزُوقٍ، لَكِنَّ الزَّرْقَانِيَّ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالسَّعْيِ بِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَبِفِعْلِهِ فِي بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ.

قَال الدُّسُوقِيُّ: وَإِنْ فَعَل ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ كَأَسِيرٍ عِنْدَهُمْ يُضْطَرُّ إِلَى اسْتِعْمَال ثِيَابِهِمْ، فَلاَ حُرْمَةَ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنِ الرِّدَّةِ كَمَا قَال ابْنُ مَرْزُوقٍ (٢) .

_________

(١) الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية ٦ / ٣٣١ - ٣٣٢.

(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ٤ / ٣٠١.

زَوَائِدُ

انْظُرْ: زِيَادَةٌ.

زَوَاجٌ

انْظُرْ: نِكَاحٌ.

زَوَالٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الزَّوَال لُغَةً: الْحَرَكَةُ وَالذَّهَابُ وَالاِسْتِحَالَةُ وَالاِضْمِحْلاَل. وَزَال الشَّيْءُ عَنْ مَكَانِهِ، وَأَزَالَهُ غَيَّرَهُ. وَيُقَال: رَأَيْتُ شَبَحًا ثُمَّ زَال، أَيْ تَحَرَّكَ.

وَالزَّوَائِل: النُّجُومُ لِزَوَالِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ. وَالزَّوَال: زَوَال الشَّمْسِ، وَزَوَال الْمِلْكِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَزُول عَنْ حَالِهِ. وَزَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ، وَزَال الظِّل (١) .

وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

وَرَدَتِ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزَّوَال فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ مِنْهَا:

أ - وَقْتُ صَلاَةِ الظُّهْرِ:

٢ - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ وَقْتَ صَلاَةِ الظُّهْرِ يَدْخُل حِينَ تَزُول الشَّمْسُ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ، وَهُوَ

_________

(١) لسان العرب مادة: (زول)، المجموع للنووي ٣ / ٢٤.

مَيْل الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ.

فَلَوْ شَرَعَ الْمُصَلِّي فِي التَّكْبِيرِ قَبْل ظُهُورِ الزَّوَال ثُمَّ ظَهَرَ الزَّوَال عَقِبَ التَّكْبِيرِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَصِحَّ الظُّهْرُ. وَيُعْرَفُ الزَّوَال بِزِيَادَةِ الظِّل بَعْدَ تَنَاهِي نُقْصَانِهِ لأَِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ رُفِعَ لِكُل شَاخِصٍ ظِلٌّ طَوِيلٌ إِلَى جَانِبِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ كُلَّمَا دَامَتِ الشَّمْسُ فِي الاِرْتِفَاعِ فَالظِّل يَنْتَقِصُ، فَإِذَا انْتَهَتِ الشَّمْسُ إِلَى وَسَطِ السَّمَاءِ - وَهِيَ حَالَةُ الاِسْتِوَاءِ وَانْتِصَافِ النَّهَارِ - انْتَهَى نُقْصَانُ الظِّل وَوَقَفَ، فَإِذَا زَادَ الظِّل أَدْنَى زِيَادَةً إِلَى الْجِهَةِ الأُْخْرَى دَل ذَلِكَ عَلَى الزَّوَال.

قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ زَوَال الشَّمْسِ فَانْصِبْ عَصًا أَوْ غَيْرَهَا فِي الشَّمْسِ عَلَى أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ وَعَلِّمْ عَلَى طَرَفِ ظِلِّهَا ثُمَّ رَاقِبْهُ فَإِنْ نَقَصَ الظِّل عَلِمْتَ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَزُل، وَلاَ تَزَال تَرْقُبُهُ حَتَّى يَزِيدَ فَمَتَى زَادَ عَلِمْتَ الزَّوَال.

وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ مَا تَزُول عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنَ الظِّل بِاخْتِلاَفِ الأَْزْمَانِ وَالأَْمَاكِنِ، فَأَقْصَرُ مَا يَكُونُ الظِّل عِنْدَ الزَّوَال فِي الصَّيْفِ عِنْدَ تَنَاهِي طُول النَّهَارِ، وَأَطْوَل مَا يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ عِنْدَ تَنَاهِي قِصَرِ النَّهَارِ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلأَْمَاكِنِ فَكُلَّمَا قَرُبَ الْمَكَانُ مِنْ خَطِّ الاِسْتِوَاءِ نَقَصَ الظِّل عِنْدَ الزَّوَال.

وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ وَقْتَ صَلاَةِ الظُّهْرِ يَدْخُل