الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣ الصفحة 4

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣

أَوْ إِذْنِ مَالِكٍ سَابِقٍ، فَلَوْ كَانَتِ الأَْمَةُ مُزَوَّجَةً، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى طَلَبِ الطَّلاَقِ، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ الْحَقُّ فِي مَنْعِهَا مِنَ الْكَوْنِ مَعَ زَوْجِهَا لَيْلًا.

وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي مُرَاعَاةِ الْحَقَّيْنِ، حَقِّ الزَّوْجِ وَحَقِّ السَّيِّدِ، يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (١) .

د - إِنْ كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ يُمْنَعُ مِنْ إِتْيَانِ الْكَنِيسَةِ، أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ، أَوْ أَكْل لَحْمِ الْخِنْزِيرِ لأَِنَّ ذَلِكَ دِينُهُ، نَقَلَهُ الْبُنَانِيِّ عَنْ قَوْل مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ (٢)

١٣ - ثَانِيًا: لِلسَّيِّدِ حَقُّ الاِسْتِخْدَامِ فِي الْمَنْزِل وَخَارِجَهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ فِي زِرَاعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَيَتَقَيَّدُ هَذَا بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَل مِمَّا يُطِيقُهُ الرَّقِيقُ، فَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهُ بِمَا لاَ يُطِيقُهُ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً كَبِيرَةً، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُل، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ (٣) أَيْ لِيُعِنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ وَلأَِنَّ

_________

(١) روضة الطالبين ٧ / ٣٨٦، وكشاف القناع ٥ / ٤٨٩، ٤٩٣، والمغني ٦ / ٥٠٦.

(٢) البناني على الزرقاني ٥ / ٣٠٤.

(٣) حديث: " إخوانكم خولكم ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ١٧٤ - ط السلفية، ومسلم (٣ / ١٢٨٣ - ط الحلبي) من حديث أبي ذر.

ذَلِكَ يَضُرُّ بِهِ وَيُؤْذِيهِ، وَالسَّيِّدُ مَمْنُوعٌ مِنَ الإِْضْرَارِ بِرَقِيقِهِ (١) .

وَقَال مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى الْعَوَالِي كُل سَبْتٍ فَإِذَا وَجَدَ عَبْدًا فِي عَمَلٍ لاَ يُطِيقُهُ وَضَعَ عَنْهُ مِنْهُ.

قَال مَالِكٌ: وَكَانَ عُمَرُ يَزِيدُ فِي رِزْقِ مَنْ قَل رِزْقُهُ، قَال: وَأَكْرَهُ مَا أَحْدَثُوا مِنْ إِجْهَادِ الْعَبِيدِ (٢) .

وَإِذَا اسْتَعْمَل الْعَبْدَ نَهَارًا أَرَاحَهُ لَيْلًا، وَكَذَا بِالْعَكْسِ، وَيُرِيحُهُ بِالصَّيْفِ فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ، وَالنَّوْمِ، وَالصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي الشِّتَاءِ النَّهَارَ مَعَ طَرَفَيِ اللَّيْل، وَيَتَّبِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ (٣) .

وَإِذَا سَافَرَ بِهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُرْكِبَهُمْ وَلَوْ عُقْبَةً عِنْدَ الْحَاجَةِ (٤) .

١٤ - ثَالِثًا: لِلسَّيِّدِ حَقُّ انْتِزَاعِ الْمَال الْمُتَحَصِّل لِلرَّقِيقِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، كَمَا لَوْ كَانَ أَجْرَ عَمَلِهِ أَوْ مَهْرَ الأَْمَةِ، أَوْ أَرْشَ جِنَايَةٍ عَلَى الرَّقِيقِ، أَوْ بَدَل خُلْعِ الْعَبْدِ امْرَأَتَهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ وُهِبَ

_________

(١) فتح الباري ٥ / ١٧٥، وكشاف القناع ٥ / ٤٩١، والمغني ٧ / ٦٣١، وروضة الطالبين ٩ / ١١٩.

(٢) الموطأ بشرح الباجي ٧ / ٣٠٥.

(٣) روضة الطالبين ٩ / ١١٩، وكشاف القناع ٥ / ٤٩٠.

(٤) كشاف القناع ٥ / ٤٩٠، والقليوبي ٤ / ٩٤، والعقبة تناوب شخصين أو أكثر ركوب الدابة الواحدة.

لِلرَّقِيقِ مَالٌ، أَوِ اكْتَسَبَ مِنَ الْمُبَاحِ (١) .

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ أَوْ لاَ يَمْلِكُ كَمَا سَيَأْتِي، لَكِنْ عِنْدَ مَنْ قَال إِنَّهُ يَمْلِكُ فَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَال مَتَى شَاءَ، وَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا﴾ (٢) .

١٥ - رَابِعًا: لِلسَّيِّدِ حَقُّ اسْتِغْلاَل مَمَالِيكِهِ، أَيْ أَنْ يَسْتَعْمِل السَّيِّدُ رَقِيقَهُ فِيمَا يُدِرُّ عَلَى السَّيِّدِ مَالًا، وَذَلِكَ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ عَمَلٍ وَيَأْخُذَ السَّيِّدُ أَجْرَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ إِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ كَحِدَادَةٍ أَوْ خِيَاطَةٍ فِي أَنْ يَعْمَل بِأَجْرٍ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تِجَارَةٍ أَوْ زِرَاعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. وَمِنْ غَلَّةِ الأَْمَةِ وَلَدُهَا إِنْ زُوِّجَتْ، وَوُلِدَ عَلَى الرِّقِّ.

وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِالْكَسْبِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِمَا شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ بِالْكَسْبِ أَمَةً لاَ صَنْعَةَ لَهَا، قَال عُثْمَانُ ﵁ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: لاَ تُكَلِّفُوا الأَْمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ، فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهَا ذَلِكَ كَسَبْتِ بِفَرْجِهَا، وَلاَ تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ سَرَقَ (٣) . قَال الْبَاجِيُّ: أَيْ إِنَّهَا إِذَا أُلْزِمَتْ خَرَاجًا وَهِيَ لَيْسَتْ ذَاتَ صَنْعَةٍ تَصْنَعُهَا بِخَرَاجٍ، اضْطَرَّهَا ذَلِكَ لِلْكَسْبِ مِنْ أَيِّ

_________

(١) روضة الطالبين ٦ / ١٨٧، وكشاف القناع ٣ / ٥٦٨.

(٢) سورة النحل / ٧٥.

(٣) الموطأ وشرح الباجي ٧ / ٣٠٥.

وَجْهٍ أَمْكَنَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى أَنْ تَكْسِبَ بِفَرْجِهَا، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ إِذَا كُلِّفَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْخَرَاجِ وَهُوَ لاَ يُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَّهُ إِلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مِمَّا لَزِمَهُ مِنَ الْخَرَاجِ بِأَنْ يَسْرِقَ.

وَمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: نَهَى عَنْ كَسْبِ الأَْمَةِ (١) فَلَيْسَ عَلَى إِطْلاَقِهِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا: نَهَى عَنْ كَسْبِ الأَْمَةِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْ أَيْنَ هُوَ (٢) . وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ نَهَى عَنْ كَسْبِ الأَْمَةِ إِلاَّ مَا عَمِلَتْ بِيَدِهَا (٣) . وَقَال هَكَذَا بِيَدِهِ، نَحْوُ الْغَزْل وَالنَّفْشِ (٤) .

الْمُخَارَجَةُ:

١٦ - الْمُخَارَجَةُ أَنْ يَضْرِبَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ

_________

(١) حديث: " نهى عن كسب الأمة ". أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ٤٢٦ - ط السلفية) من حديث أبي جحيفة.

(٢) حديث: " نهى عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو ". أخرجه أبو داود (٣ / ٧١٠ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وفي إسناده جهالة كما في فيض القدير للمناوي (٦ / ٣٣٨ - ط المكتبة التجارية) ولكن يشهد له الذي بعده.

(٣) حديث: " نهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها ". أخرجه أبو داود (٣ / ٧١٠ - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (٢ / ٤٢ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.

(٤) فتح الباري ٤ / ٤٢٧.

أَمَتِهِ خَرَاجًا مَعْلُومًا يُؤَدِّيهِ كَكُل يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ مِمَّا يَكْتَسِبُهُ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَجْبُرَ الْعَبْدَ عَلَيْهَا وَلاَ لِلْعَبْدِ إِجْبَارُ السَّيِّدِ، بَل هُوَ عَقْدٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّرَاضِي مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ: لِلسَّيِّدِ إِجْبَارُهُ. قَال النَّوَوِيُّ: وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْل بِشَيْءٍ.

وَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى خَرَاجٍ فَلْيَكُنْ لَهُ كَسْبٌ دَائِمٌ يَفِي بِذَلِكَ الْخَرَاجِ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ إِنْ جَعَلَهَا فِي كَسْبِهِ. فَإِنْ وَضَعَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ كَسْبِهِ بَعْدَ نَفَقَتِهِ لَمْ يَجُزْ. وَكَذَا إِنْ كَلَّفَ مِنْ لاَ كَسْبَ لَهُ الْمُخَارَجَةَ، وَإِذَا وَفَّى مَا عَلَيْهِ وَزَادَ كَسْبُهُ عَلَى الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ فَالزِّيَادَةُ لَهُ. وَهِيَ بِرٌّ وَرِفْقٌ مِنَ السَّيِّدِ بِعَبْدِهِ، وَتَوْسِيعٌ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ.

وَيَجْبُرُ النَّقْصَ فِي بَعْضِ الأَْيَّامِ بِالزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهَا، وَإِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ فَلَهُ تَرْكُ الْعَمَل.

وَالْمُخَارَجَةُ جَائِزَةٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ غَيْرُ لاَزِمَةٍ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا (١) .

١٧ - خَامِسًا: يَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ أَيْضًا الْحِفْظُ وَالصِّيَانَةُ لِمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ نَفْسِهِ. وَقَدْ قَال النَّبِيُّ ﷺ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِْمَامُ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُل فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ

_________

(١) روضة الطالبين ٩ / ١١٨، والقليوبي ٤ / ٩٤، وكشاف القناع ٥ / ٤٩١، والمغني ٧ / ٦٣١.

مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَال سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ (١) .

قَال ابْنُ حَجَرٍ: رِعَايَتُهُ حِفْظُ مَا تَحْتَ يَدِهِ وَالْقِيَامُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَتِهِ (٢) .

وَعَلَى الرَّقِيقِ أَيْضًا النُّصْحُ لِسَيِّدِهِ، وَبَذْل جَهْدِهِ فِي خِدْمَتِهِ، وَتَنْفِيذُ أَوَامِرِهِ وَتَرْكُ الْكَسَل فِيهَا، لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا أَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ (٣) .

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْمَمْلُوكِ الَّذِي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَالنَّصِيحَةِ وَالطَّاعَةِ أَجْرَانِ (٤) .

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ (٥) قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ وَاجِبَانِ

_________

(١) حديث: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٦٩ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٤٥٩ - ط الحلبي من حديث ابن عمر، واللفظ للبخاري) .

(٢) فتح الباري ١٣ / ١١٣.

(٣) حديث: " أيما عبد أدى حق الله وحق مواليه فله أجران ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ١٧٥ - ط السلفية) .

(٤) حديث: " للمملوك الذي يحسن عبادة ربه. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ١٧٧ - ط السلفية) .

(٥) حديث: " إذا نصح العبد لسيده وأحسن عبادة ربه كان أجره مرتين ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٢٧٧ - ط السلفية) .

طَاعَةُ رَبِّهِ فِي الْعِبَادَاتِ، وَطَاعَةُ سَيِّدِهِ فِي الْمَعْرُوفِ، فَقَامَ بِهِمَا جَمِيعًا، كَانَ لَهُ ضِعْفُ أَجْرِ الْحُرِّ الْمُطِيعِ لِطَاعَتِهِ (١) .

١٨ - سَادِسًا: لِلسَّيِّدِ حَقُّ تَأْدِيبِ عَبْدِهِ وَمُعَاقَبَتِهِ عَلَى تَرْكِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، أَوْ فِعْل مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ مُخَالَفَةِ السَّيِّدِ، أَوْ إِسَاءَةِ الأَْدَبِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِاللَّوْمِ أَوِ الضَّرْبِ، كَمَا يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ النَّاشِزَ.

وَاخْتَلَفُوا فِي إِقَامَةِ السَّيِّدِ الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ عَلَى عَبْدِهِ (٢) . وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَمِنْ جُمْلَةِ الْعُقُوبَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا السَّيِّدُ أَنْ يَضْرِبَهُ عَلَى تَرْكِ الصَّلاَةِ إِذَا كَانَ مُمَيِّزًا وَبَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ، وَذَلِكَ لِتَمْرِينِهِ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْلَفَهَا وَيَعْتَادَهَا (٣) لِحَدِيثِ: وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ (٤) . قَال الْحَجَّاوِيُّ وَالْبُهُوتِيُّ: وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَزِيدَ فِي ضَرْبِ الرَّقِيقِ، تَأْدِيبًا عَلَى ضَرْبِ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ

_________

(١) فتح الباري ٥ / ١٧٢ - ١٧٤، والقليوبي ٤ / ٩٤.

(٢) روضة الطالبين ١٠ / ١٠٣، ١٧٥، وفتح الباري ١٢ / ١٦٣ - ١٦٥ و١٧٤ وكشاف القناع ٦ / ٧٩.

(٣) كشاف القناع ١ / ٢٢٥.

(٤) حديث: " واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ". أخرجه أبو داود (١ / ٣٣٤ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحسنه النووي في رياض الصالحين (ص ١٧١ - ط الرسالة) .

كَضَرْبِ أُمَيَّتِكَ (١) وَقَوْلِهِ: لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ (٢) . وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُقَيِّدَ عَبْدَهُ إِذَا خَافَ عَلَيْهِ الإِْبَاقَ (٣) .

١٩ - سَابِعًا: لِلسَّيِّدِ حَقُّ وَطْءِ مَمْلُوكَتِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ، كَأَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ مُزَوَّجَةً، أَوْ كَافِرَةً غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ، أَوْ تَكُونَ مُرْتَدَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، أَوْ فِيهَا شِرْكٌ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا وُطِئَتْ تَكُونُ سَرِيَّةً، إِلاَّ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً ثُمَّ مُلِكَتْ بِالسَّبْيِ جَازَ لِمَالِكِهَا فَسْخُ نِكَاحِهَا ثُمَّ وَطْؤُهَا بَعْدَ الاِسْتِبْرَاءِ.

وَلِلاِسْتِمْتَاعِ بِالإِْمَاءِ أَحْكَامٌ وَضَوَابِطُ شَرْعِيَّةٌ تُنْظَرُ فِي مَوْضِعِهَا مِمَّا يَلِي. وَفِي مُصْطَلَحِ: (تَسَرِّي) .

وَيَجِبُ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ أَنْ تُمَكِّنَ سَيِّدَهَا مِنْ نَفْسِهَا لِلاِسْتِمْتَاعِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الاِمْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ لأَِنَّهُ مَنْعُ حَقٍّ، مَا لَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، أَوْ

_________

(١) حديث: " لا تضرب ظعينتك كضربك أُميتك ". أخرجه أبو داود (١ / ٩٨ - ٩٩ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث لقيط بن صبرة، ونقل ابن حجر عن الإمام أحمد أن الراوي عن لقيط لم يسمع منه، كذا في التلخيص الحبير (١ / ٨١ - ط شركة الطباعة الفنية) .

(٢) حديث: " لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم ". أخرجه البخاري (الفتح ٩ / ٣٠٢ - ط السلفية) ومسلم (٤ / ٢١٩١ ط. الحلبي. من حديث عبد الله بن زمعة، واللفظ للبخاري) .

(٣) كشاف القناع ٥ / ٤٩١، ٤٩٢، وفتح القدير ٨ / ١٣٣.

يَكُونَ لَهَا عُذْرٌ صَحِيحٌ (١) .

٢٠ - ثَامِنًا: لِلسَّيِّدِ التَّصَرُّفُ فِي رَقِيقِهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُقُودِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا.

٢١ - تَاسِعًا: لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَ عَبْدَهُ مِنَ التَّزَوُّجِ، أَوِ التَّعَاقُدِ، أَوِ التَّصَرُّفِ بِالْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُ.

فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَعَاقُدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ السَّيِّدِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي لِلسَّيِّدِ عَلَى رَقِيقِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَاقِي هَذَا الْبَحْثِ.

إِبَاقُ الرَّقِيقِ وَهَرَبُهُ:

٢٢ - الإِْبَاقُ: انْطِلاَقُ الْعَبْدِ تَمَرُّدًا عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ كَدِّ عَمَلٍ، فَإِنْ كَانَ تَمَرُّدُهُ لِذَلِكَ لاَ يُسَمَّى آبِقًا، بَل هُوَ هَارِبٌ أَوْ ضَالٌّ أَوْ فَارٌّ. وَالإِْبَاقُ مُحَرَّمٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَال حَقِّ السَّيِّدِ، وَهُوَ مِنْ عُيُوبِ الرَّقِيقِ (٢) . وَلِلإِْبَاقِ أَحْكَامٌ مُخْتَلِفَةٌ تُنْظَرُ فِي (إِبَاق) .

مَا لاَ يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ مِنْ رَقِيقِهِ:

٢٣ - لَيْسَ لِلسَّيِّدِ قَتْل عَبْدِهِ، وَلاَ جَرْحُهُ، وَلاَ التَّمْثِيل بِهِ بِقَطْعِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، كَجَدْعِ

_________

(١) روضة الطالبين ٧ / ٢٠٧.

(٢) رد المحتار ٣ / ٣٢٥، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٢٧، ومغني المحتاج ٢ / ١٣، والمغني ٥ / ٦٦٠ و٧ / ٦٣٤، وكشاف القناع ٣ / ٤٨٣.

أَنْفِهِ أَوْ قَطْعِ أُذُنِهِ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الْمُثْلَةِ (١) .

وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ خِصَاءُ عَبْدِهِ.

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا إِلاَّ لِذَنْبٍ عَظِيمٍ.

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْطِمَهُ فِي وَجْهِهِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ (٢) . وَلِحَدِيثِ: مَنْ لَطَمَ غُلاَمَهُ فَكَفَّارَتُهُ عِتْقُهُ (٣) . وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ جَنَاهُ. وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَشْتُمَ أَبَوَيْ رَقِيقِهِ وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ (٤) .

وَإِنْ مَثَّل السَّيِّدُ بِرَقِيقِهِ، فَقَطَعَ أُذُنَهُ أَوْ أَنْفَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهُ، أَوْ جَبَّهُ أَوْ خَصَاهُ أَوْ خَرَقَ أَوْ حَرَقَ عُضْوًا مِنْهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ بِلاَ حُكْمِ حَاكِمٍ بَل بِمُجَرَّدِ التَّمْثِيل بِهِ. عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَفِي قَوْلٍ: بَل بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ زِنْبَاعًا وَجَدَ غُلاَمًا لَهُ مَعَ جَارِيَةٍ فَجَدَعَ أَنْفَهُ وَجَبَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَال مَنْ فَعَل هَذَا بِكَ؟

_________

(١) حديث: " نهى النبي ﷺ عن المثلة ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ١١٩ - ط السلفية) من حديث عبد الله بن يزيد الأنصاري.

(٢) حديث: " إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه ". أخرجه أحمد (٢ / ٢٤٤ - ط الميمنية) من حديث أبي هريرة، وأصله في مسلم (٤ / ٢٠١٦ - ط الحلبي) .

(٣) حديث: " من لطم غلامه فكفارته عتقه ". أخرجه مسلم (٣ / ١٢٧٨ - ط الحلبي) وأحمد (٢ / ٢٥ - ط الميمنية) من حديث ابن عمر. واللفظ لأحمد.

(٤) كشاف القناع ٥ / ٤٩٢، والمغني ٧ / ٦٣٤.