الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٣
ذبح الحيوان الذي وصل إلى الرمق الأخير
وقوع الحصى في الجمرة التي يجتمع فيها الحصى
أن يقصد المرمى ويقع الحصى فيه بفعله اتفاقا في ذلك
الرمي في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق
أثر رمي الجمار يومي التشريق النفر الأول
ما يبطل به الرهن بعد لزوم العقد
حكم الروث من حيث الطهارة والنجاسة
التخلف عن الجمعة والجماعة لشدة الريح
هل يزكى ريع الوقف وعلى من تجب زكاته
الحكم الإجمالي لاستعمال الزعفران
حكم المياه التي خالطها طاهر كالزعفران
حكم لبس المزعفر من الثياب أثناء الإحرام
الزكاة في المال العام (أموال بيت المال)
الزكاة في الأموال المشتركة والأموال المختلفة والأموال المتفرقة
شروط المال الذي تجب فيه الزكاة
الشرط الأول كون المال مملوكا لمعين
الشرط الثاني أن يكون ملكية المال مطلقة
الزكاة في مال الأسير، والمسجون ونحوه
الشرط الرابع الزيادة على الحاجات الأصلية
الشرط السادس أن يبلغ المال نصابا
الوقت الذي يعتبر وجود النصاب فيه
الأموال التي يمنع الدين زكاتها والتي لا يمنع
القسم الثاني الأصناف التي تجب فيها الزكاة وأنصبتها ومقادير الزكاة في كل منها
الزكاة في الوحشي من بهيمة الأنعام والمتولد بين الأهلي والوحشي
المقادير الواجبة في زكاة الإبل
وفي زكاة الإبل مسائل فرعية منها
ثانيا زكاة الذهب والفضة والعملات المعدنية والورقية
ما تجب فيه الزكاة من الذهب والفضة
نصاب زكاة الذهب والفضة والقدر الواجب فيهما
النصاب في المغشوش من الذهب والفضة
زكاة الأوراق النقدية (ورق النوط)
ضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، وضم عروض التجارة إليهما
الشرط الأول أن لا يكون لزكاتها سبب آخر غير كونها عروض تجارة
الحلي والمصنوعات الذهبية والفضية التي للتجارة
الأراضي الزراعية التي للتجارة وما يخرج منها
الشرط الثاني تملك العرض بمعاوضة
نقص قيمة التجارة في الحول عن النصاب
كيفية التقويم والحساب في زكاة التجارة
التقويم للسلع المشتراة التي لم يدفع التاجر ثمنها
إخراج زكاة عروض التجارة نقدا أو من أعيان المال
زكاة مال التجارة الذي بيد المضارب
ما تجب فيه الزكاة من أجناس النبات
شروط وجوب الزكاة في الزروع والثمار
ما يضم بعضه إلى بعض لتكميل النصاب
ضم غلة العام الواحد بعضها إلى بعض
نصاب ما له قشر، وما ينقص كيله باليبس
وقت وجوب الزكاة في الحب والثمر
من تلزمه الزكاة في حال اختلاف مالك الغلة عن مالك الأرض
الأرض التي تستغل بالمزارعة أو المساقاة
قدر المأخوذ في زكاة الزروع والثمار
ما يطرح من الخارج قبل أخذ العشر أو نصفه
ما يلزم المالك فعله قبل إخراج القدر الواجب
زكاة العسل والمنتجات الحيوانية
زكاة الخارج من الأرض غير النبات
تأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها
حكم من ترك إخراج الزكاة حتى مات
حكم من شك هل أدى الزكاة أم لم يؤدها
الإخراج بإسقاط المزكي دينه عن مستحق للزكاة
ما ينبغي لمخرج الزكاة مراعاته في الإخراج
أن لا يخبر المزكي الفقير أنها زكاة
تلف المال كله أو بعضه بعد وجوب الزكاة
القسم الرابع جمع الإمام ونوابه للزكاة
حكم دفع الزكاة إلى الإمام العادل
دفع الزكاة إلى الأئمة الجائرين، وإلى البغاة
إرسال الجباة والسعاة لجمع الزكاة وصرفها
ما يصنع الساعي عند اختلاف الحول على الملاك
الصنفان الأول والثاني الفقراء والمساكين
الغنى المانع من أخذ الزكاة بوصف الفقر أو المسكنة
إعطاء الزكاة لمن لا يملك مالا وله مورد رزق
إعطاء الفقير والمسكين القادرين على الكسب
إعطاء الزكاة لمن له مال أو كسب وامتنع عنه ماله أو كسبه
القدر الذي يعطاه الفقير والمسكين من الزكاة
الصنف الثالث العاملون على الزكاة
الضرب الثاني الغارم لإصلاح ذات البين
الضرب الأول الغزاة في سبيل الله تعالى
الضرب الأول المتغرب عن وطنه الذي ليس بيده ما يرجع به إلى بلده
أصناف الذين لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة
دفع الزوج زكاة ماله إلى زوجته وعكسه
جهات الخير من غير الأصناف الثمانية
ما يراعى في قسمة الزكاة بين الأصناف الثمانية
حكم من أعطي من الزكاة لوصف فزال الوصف وهي في يده
حكم من أخذ الزكاة وليس من أهلها
من له حق طلب الزكاة وهو من أهلها
تراجم فقهاء الجزء الثالث والعشرين
أيوب السختياني (٦٦ - ١٣١ هـ) .
الربيع بن سليمان الجيزي (بعد ١٨٠ - ٢٥٦ وقيل ٢٥٧ هـ)
عبد العزيز البخاري (؟ - ٧٣٠ هـ)
الأصل في الإنسان الحرية لا الرق
إلغاء الشريعة الإسلامية لأنواع من الاسترقاق
النوع الأول أحكام الرقيق القن المملوك لمالك واحد
حقوق السيد وواجبات رقيقه تجاهه
الرقيق والتكاليف الشرعية، وأحكام التصرفات
الأصل الثاني هل يملك الرقيق المال أم لا يملك؟
الأصل الثالث الأموال المتعلقة بالرقيق
طلاق السرية والظهار منها، وتحريمها، والإيلاء منها
استبراء الأمة إذا دخلت في الملك
استدامة نكاح الأمة عند زوال بعض الشروط
النوع الثاني زواج العبد بالأمة
النوع الثالث زواج العبد بالحرة
بيع الأمة المزوجة هل يكون فسخا لنكاحها
اكتساب الرقيق من المباحات والتقاطه
العاقلة وجناية العبد والجناية عليه
النوع الثاني أحكام الرقيق القن المشترك
النقش، والوشي، والنمنمة، والتزويق
أن يجده في موات أو ما لا يعلم له مالك
ثانيا أن يوجد الركاز في دار الصلح
ثالثا أن يوجد الركاز في دار الحرب
استقبال القبلة في صلاة التطوع على الراحلة
إدراك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام
إطالة الركوع ليدرك الداخل الركعة
الرابعة أن ليلة القدر في رمضان
الثامنة مضاعفة ثواب الأعمال الصالحة في رمضان
رُقْبَى
التَّعْرِيفُ:
١ - الرُّقْبَى فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْمُرَاقَبَةِ. يُقَال: رَقَبْتُهُ، وَأَرْقَبْتُهُ، وَارْتَقَبْتُهُ: انْتَظَرْتُهُ. وَأَنْ يَقُول الرَّجُل: أَرْقَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ هِيَ لَكَ رُقْبَى مُدَّةَ حَيَاتِكَ عَلَى أَنَّكَ إِنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَتْ إِلَيَّ، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَكَ فَهِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ.
وَسُمِّيَتِ الرُّقْبَى لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: هِيَ أَنْ يَقُول الرَّجُل لِلآْخَرِ: إِنْ مِتَّ قَبْلِي فَدَارُكَ لِي، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَكَ فَدَارِي لَكَ (١) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعُمْرَى:
٢ - الْعُمْرَى - وَهِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَعَ الْقَصْرِ - مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعُمُرِ، وَهُوَ الْحَيَاةُ، وَمَعْنَاهَا: أَنْ يَقُول الرَّجُل: أَعْمَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ أَوْ
_________
(١) المصباح المنير، الصحاح، نيل الأوطار٢ / ١١٩، المغني ٥ / ٦٨٦، الهداية ٣ / ٢٣٠، نهاية المحتاج ٥ / ٤١٠، الوجيز ١ / ٢٤٩، والقوانين الفقهية ص ٣٧٧.
هِيَ لَكَ عُمْرَى مُدَّةَ حَيَاتِكَ، فَإِذَا مِتَّ فَهِيَ لِعَقِبِكَ.
ب - الْهِبَةُ وَالإِْعَارَةُ وَالْمَنِيحَةُ:
٣ - الْهِبَةُ: تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِلاَ عِوَضٍ. وَالْعَارِيَّةُ: تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلاَ عِوَضٍ. وَالْمَنِيحَةُ: الشَّاةُ أَوِ النَّاقَةُ يُعْطِيهَا صَاحِبُهَا رَجُلًا لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا إِذَا انْقَطَعَ اللَّبَنُ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
٤ - الرُّقْبَى نَوْعٌ مِنَ الْهِبَةِ، كَانَ الْعَرَبُ يَتَعَامَلُونَ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَكَانَ الرَّجُل مِنْهُمْ يَقُول لِلرَّجُل: أَرْقَبْتُكَ دَارِي أَوْ أَرْضِي فِي حَيَاتِكَ، فَإِذَا مِتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِلَيَّ، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَكَ اسْتَقَرَّتْ لَكَ. وَسُمِّيَتْ رُقْبَى: لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْقُبُ الآْخَرَ مَتَى يَمُوتُ لِتَرْجِعَ إِلَيْهِ (١) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِهَا، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ، وَهِيَ لِمَنْ أُرْقِبَهَا، وَلاَ تَرْجِعُ إِلَى الْمُرْقِبِ، وَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَاسْتَدَلُّوا بِخَبَرِ: مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لِمُعْمَرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، وَلاَ تَرْقُبُوا، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ سَبِيلُهُ (٢) . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الرُّقْبَى جَائِزَةٌ (٣) وَفِي رِوَايَةٍ الْعُمْرَى
_________
(١) المصادر السابقة.
(٢) حديث: " من أعمر شيئًا فهو لمعمره محياه. . . " أخرجه أبو داود (٣ / ٨٢١ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث زيد بن ثابت وإسناده حسن لغيره يشهد له ما بعده.
(٣) حديث: " الرقبى جائزة ". أخرجه النسائي (٦ / ٢٦٩ - ط المكتبة التجارية) من حديث زيد بن ثابت، وإسناده صحيح.
جَائِزَةٌ لأَِهْلِهَا وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لأَِهْلِهَا (١)، وَقَالُوا: فَهَذِهِ نُصُوصٌ تَدُل عَلَى مِلْكِ الْمُعْمَرِ وَالْمُرْقَبِ (بِالْفَتْحِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) وَبُطْلاَنِ شَرْطِ الْعَوْدِ إِلَى الْمُرْقِبِ (٢) .
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: قَوْل الْمُرْقِبِ: دَارِي لَكَ، تَمْلِيكٌ، وَقَوْلُهُ: رُقْبَى شَرْطٌ فَاسِدٌ فَيَلْغُو.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: إِنَّ الرُّقْبَى بَاطِلَةٌ؛ لأَِنَّ مَعْنَى الرُّقْبَى: إِنْ مِتُّ قَبْلَكَ فَهُوَ لَكَ وَإِنْ مِتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِلَيَّ، وَهَذَا تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ (أَيِ الأَْمْرُ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ) فَيَبْطُل.
وَلِخَبَرِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: أَجَازَ الْعُمْرَى وَرَدَّ الرُّقْبَى (٣) وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الرُّقْبَى تَكُونُ الْعَيْنُ عَارِيَّةً؛ لأَِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِطْلاَقَ الاِنْتِفَاعِ بِهِ (٤) .
_________
(١) حديث: " العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها ". أخرجه الترمذي (٣ / ٦٢٥ - ط الحلبي) وقال: " حديث حسن ".
(٢) المغني ٥ / ٦٨٦، نهاية المحتاج ٥ / ٤١٠، الوجيز ١ / ٢٤٩، كشاف القناع ٤ / ٣٠٨، نيل الأوطار ٢ / ١١٩.
(٣) خبر أن النبي ﷺ " أجاز العمرى ورد الرقبى ". قال الزيلعي في نصب الراية (٤ / ١٢٨ - ط المجلس العلمي): " غريب " يعني أنه لا أصل له، وتعقبه ابن قطلوبغا فقال: " رواه الإمام محمد بن الحسن بهذا اللفظ ". كذا في منية الألمعي (ص٦٣ - ط المجلس العلمي) .
(٤) الهداية ٣ / ٢٣٠، رد المحتار على الدر المختار ٤ / ٥٢٠، الزرقاني ٧ / ١٠٤.
رَقَبَة
التَّعْرِيفُ:
١ - الرَّقَبَةُ فِي اللُّغَةِ: الْعُنُقُ، وَقِيل: أَعْلاَهُ، وَقِيل: مُؤَخَّرُ أَصْل الْعُنُقِ.
وَالْجَمْعُ رَقَبٌ، وَرِقَابٌ، وَرَقَبَاتٌ، وَأَرْقُبٌ، وَهِيَ فِي الأَْصْل اسْمٌ لِلْعُضْوِ الْمَعْرُوفِ، فَجُعِلَتْ كِنَايَةً عَنْ جَمِيعِ ذَاتِ الإِْنْسَانِ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِبَعْضِهِ، أَوْ إِطْلاَقًا لِلْجُزْءِ وَإِرَادَةَ الْكُل، وَسُمِّيَتِ الْجُمْلَةُ بِاسْمِ الْعُضْوِ لِشَرَفِهَا، وَالرَّقَبَةُ: الْمَمْلُوكُ، وَأَعْتَقَ رَقَبَةً أَيْ نَسَمَةً، وَفَكَّ رَقَبَةً أَيْ أَطْلَقَ أَسِيرًا.
وَيُقَال: أَعْتَقَ اللَّهُ رَقَبَتَهُ، وَلاَ يُقَال: أَعْتَقَ اللَّهُ عُنُقَهُ.
وَجُعِلَتِ الرَّقَبَةُ اسْمًا لِلْمَمْلُوكِ، كَمَا عَبَّرَ بِالظَّهْرِ عَنِ الْمَرْكُوبِ.
وَسُمِّيَ الْحَافِظُ: الرَّقِيبَ، وَذَلِكَ إِمَّا لِمُرَاعَاتِهِ رَقَبَةَ الْمَحْفُوظِ، وَإِمَّا لِرَفْعِهِ رَقَبَتَهُ (١) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ لاَ تَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
_________
(١) لسان العرب، والمصباح المنير، وغريب القرآن للأصفهاني مادة: (رقب) .
الأَْحْكَامُ الإِْجْمَالِيَّةُ:
أ - مَسْحُ الرَّقَبَةِ فِي الْوُضُوءِ:
٢ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الرَّقَبَةِ بِظَهْرِ يَدَيْهِ لاَ الْحُلْقُومِ إِذْ لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْوُضُوءِ.
وَهُنَاكَ قَوْلٌ لَدَى الْحَنَفِيَّةِ: بِأَنَّ مَسْحَ الرَّقَبَةِ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ مُسْتَحَبًّا فَقَطْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ مَسْحِ الرَّقَبَةِ فِي الْوُضُوءِ، لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فِي وُضُوئِهِ ﷺ؛ وَلأَِنَّ هَذَا مِنَ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُسْتَحَبُّ مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَوِ الْعُنُقِ فِي الْوُضُوءِ، لِعَدَمِ ثُبُوتِ ذَلِكَ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ إِطَالَةُ الْغُرَّةِ بِغَسْلٍ زَائِدٍ عَلَى الْوَاجِبِ مِنَ الْوَجْهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ، وَغَايَتُهَا غَسْل صَفْحَةِ الْعُنُقِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الرَّأْسِ، لِحَدِيثِ: إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيل غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَل (١)
ب - إِضَافَةُ الطَّلاَقِ إِلَى الرَّقَبَةِ.
٣ - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا أَضَافَ
_________
(١) حديث: " إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين. . " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ٢٣٥ - ط السلفية)، ومسلم (١ / ٢١٦ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة. وانظر حاشية ابن عابدين ١ / ٨٤، مغني المحتاج ١ / ٦١، جواهر الإكليل ١ / ١٦، الخرشي على مختصر سيدي خليل ١ / ١٤٠، كشاف القناع ١ / ١٠٠.
الطَّلاَقَ إِلَى رَقَبَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ عُنُقِهَا، كَأَنْ يَقُول: طَلَّقْتُ رَقَبَتَهَا أَوْ عُنُقَهَا، أَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَّقْتُ رَقَبَتَكِ أَوْ عُنُقَكِ، فَإِنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ؛ لأَِنَّهَا جُزْءٌ يُسْتَبَاحُ بِنِكَاحِهَا فَتُطَلَّقُ بِهِ (١) .
ج - إِضَافَةُ الظِّهَارِ إِلَى الرَّقَبَةِ:
٤ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُظَاهِرَ لَوْ شَبَّهَ رَقَبَةَ زَوْجَتِهِ أَوْ عُنُقَهَا بِظَهْرِ أُمِّهِ فَهُوَ مُظَاهِرٌ.
وَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَ عُضْوًا مِنْ زَوْجَتِهِ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ أَوْ عُنُقِهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ كَذَلِكَ.
وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُظَاهِرٍ حَتَّى يُشَبِّهَ جُمْلَةَ امْرَأَتِهِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لاَ يَمَسُّ عُضْوًا مِنْهَا لَمْ يَسْرِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الأَْعْضَاءِ، فَكَذَلِكَ الْمُظَاهِرُ (٢) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ شَبَّهَهَا بِرَقَبَةِ الأُْمِّ أَوْ عُنُقِهَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا؛ لأَِنَّهُ شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ مِنَ الأُْمِّ لاَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَيَكُونُ مُظَاهِرًا عِنْدَهُمْ إِذَا شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الأُْمِّ كَالْفَرْجِ وَالْفَخِذِ وَالْبَطْنِ وَنَحْوِهَا.
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٤٣٥، تحفة المحتاج ٧ / ٣٨، مغني المحتاج ٣ / ٢٩٠، المغني لابن قدامة ٧ / ٢٤٢، جواهر الإكليل ١ / ٣٥٠، الخرشي على مختصر خليل ٤ / ٥٣.
(٢) حاشية ابن عابدين ٢ / ٥٧٤، الخرشي ٤ / ١٠٢، مغني المحتاج ٣ / ٣٥٢، المغني لابن قدامة ٧ / ٣٤٦، كشاف القناع ٥ / ٣٦٩.
الرَّقَبَةُ بِمَعْنَى الإِْنْسَانِ الْمَمْلُوكِ:
٥ - تَرِدُ الرَّقَبَةُ بِمَعْنَى الإِْنْسَانِ الْمَمْلُوكِ فِي أَبْوَابِ الْعِتْقِ، وَالْمُكَاتَبَةِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَعَدَّدَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ شُرُوطًا لِلرَّقَبَةِ الَّتِي تَعْتِقُ مِنْ أَجْل كَفَّارَةِ إِفْسَادِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَكَذَلِكَ الظِّهَارِ، وَالْقَتْل، وَالْيَمِينِ، وَالنَّذْرِ مِنْهَا (١) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الأَْبْوَابِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي مُصْطَلَحِ: (رِقّ) .
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٥٧٨، مغني المحتاج ٣ / ٣٦٢، ٤ / ١٠٧، القوانين الفقهية ص١٢٨، ٢٤٨، حاشية العدوي ٢ / ٩٦، المغني لابن قدامة ٧ / ٣٥٩.
رَقْص
التَّعْرِيفُ:
١ - الرَّقْصُ وَالرَّقَصُ وَالرَّقَصَانُ مَعْرُوفٌ.
وَهُوَ مَصْدَرُ رَقَصَ يَرْقُصُ رَقْصًا، وَالرَّقْصُ: أَحَدُ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى فَعَل فِعْلًا نَحْوُ طَرَدَ طَرَدًا، وَحَلَبَ حَلَبًا.
وَيُقَال: أَرْقَصَتِ الْمَرْأَةُ وَلَدَهَا وَرَقَّصَتْهُ، وَفُلاَنٌ يَرْقُصُ فِي كَلاَمِهِ أَيْ: يُسْرِعُ، وَلَهُ رَقْصٌ فِي الْقَوْل أَيْ: عَجَلَةٌ (١) .
فَتَدُورُ مَوَادُّ اللَّفْظِ لُغَةً عَلَى مَعَانِي الإِْسْرَاعِ فِي الْحَرَكَةِ وَالاِضْطِرَابِ وَالاِرْتِفَاعِ وَالاِنْخِفَاضِ.
وَالزَّفْنُ: الرَّقْصُ، وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَزْفِنُ لِلْحَسَنِ أَيْ: تُرَقِّصُهُ (٢) .
وَاصْطِلاَحًا: عَرَّفَ ابْنُ عَابِدِينَ الرَّقْصَ بِأَنَّهُ التَّمَايُل، وَالْخَفْضُ، وَالرَّفْعُ بِحَرَكَاتٍ مَوْزُونَةٍ (٣) .
_________
(١) أساس البلاغة ١ / ٣٦١، ولسان العرب ١ / ١٢٠٦، والقاموس المحيط ص ٨٠١ مادة: (رقص) .
(٢) لسان العرب مادة: (زفن) .
(٣) حاشية ابن عابدين ٣ / ٣٠٧.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
(أ) اللَّعِبُ:
٢ - وَهُوَ طَلَبُ الْفَرَحِ بِمَا لاَ يَحْسُنُ أَنْ يُطْلَبَ بِهِ (١) .
(ب) اللَّهْوُ:
٣ - صَرْفُ الْهَمِّ بِمَا لاَ يَحْسُنُ أَنْ يُصْرَفَ بِهِ، وَقِيل: اللَّهْوُ الاِسْتِمْتَاعُ بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا.
وَاللَّعِبُ: الْعَبَثُ، وَقِيل: اللَّهْوُ: الْمَيْل عَنِ الْجِدِّ إِلَى الْهَزْل، وَاللَّعِبُ: تَرْكُ مَا يَنْفَعُ بِمَا لاَ يَنْفَعُ (٢) .
حُكْمُ الرَّقْصِ:
٤ - عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: كَانَتِ الْحَبَشَةُ يَزْفِنُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَيَرْقُصُونَ، يَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ. فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالُوا: يَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ (٣) .
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ - أَيْ تَرْقُصُ -
_________
(١) الكليات للكفوي ٤ / ١٧٤.
(٢) لسان العرب.
(٣) حديث أنس: " كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله ". أخرجه أحمد (٣ / ١٥٢ - ط الميمنية) وإسناده صحيح.