الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢١
الأحكام الإجمالية ومواطن البحث
الدفن ليلا وفي الأوقات المكروهة
الدفن قبل الصلاة عليه ومن غير غسل وبلا كفن
دفن المسلم في مقابر المشركين وعكسه
الدليل الإجمالي والدليل التفصيلي
تعامل العرب بالدينار وموقف الإسلام منه
تقدير الدينار الشرعي في العصر الحاضر
تقدير بعض الحقوق الشرعية بالدينار
أن يكون المجني عليه معصوم الدم
أنواع القتل الذي تجب فيه الدية
حكمة وجوب دية الخطأ على العاقلة
وجوه تغليظ الدية وتخفيفها في شبه العمد
حالات وجوب الدية في القتل العمد
٢ - الاشتراك مع من لا قصاص عليه
ثانيا - الاعتداء على ما دون النفس
القسم الأول إبانة الأطراف (قطع الأعضاء)
أولا - دية ما لا نظير له في البدن من الأعضاء.
دية إتلاف مسلك البول ومسلك الغائط
ثانيا - الأعضاء التي في البدن منها اثنان
الأعضاء التي في البدن منها أربعة
ضابط ما يدين فيه، وما يقبل ظاهرا
ما يقبل الثبوت في الذمة دينا من الأموال
الحالة الأولى (تمليك الدين للمدين)
(النوع الأول) ما يكون الملك عليه مستقرا
(النوع الثاني من الديون) ما لا يكون الملك عليه مستقرا
الديون التي لم يستقر ملك الدائن عليها لعدم قبض المدين الشيء المقابل لها
الحالة الثانية (تمليك الديون لغير المدين)
تغير النقود إذا كان الدين نقدا بالخلقة
تغير النقود إذا كان الدين نقدا بالاصطلاح
الحالة الأولى (الكساد العام للنقد)
الحالة الثانية (الكساد المحلي للنقد)
الحالة الرابعة (غلاء النقد ورخصه)
أسباب صيرورة حق الله تعالى دينا في الذمة
إتلاف المعين من الأموال أو تلفه
النيابة عن الغير في أداء دين الله
أثر دين الله تعالى في وجوب الزكاة
القسم الأول ما يختص بالجيش من إثبات وعطاء
الإخراج أوالخروج من ديوان الجيش
القسم الثاني ما يختص بالأعمال من رسوم وحقوق
القسم الثالث ما يختص بالعمال من تقليد وعزل
أثر الذكاة في الحيوان غير المأكول
النوع الأول من أنواع الذكاة الذكاة الاختيارية
الشريطة الثانية أن يكون مسلما أو كتابيا
حكم من انتقل إلى دين أهل الكتاب أو غيرهم
الشريطة الثالثة أن يكون حلالا إذا أراد ذبح صيد البر
الشريطة الرابعة تسمية الله تعالى عند التذكر والقدرة
الشريطة الخامسة ألا يهل لغير الله بالذبح
الشريطة السادسة أن يقطع الذابح من مقدم العنق
الشريطة السابعة ألا يرفع يده قبل تمام التذكية
الشريطة الثانية ألا تكون الآلة سنا أو ظفرا قائمين
الأصبع، القبضة، القصبة، الأشل، القفيز، العشير
أولا ذرق الطيور التي يؤكل لحمها
ثانيا - ذرق الطيور التي لا يؤكل لحمها
أفضل الأذكار من حيث الاشتغال بها
الذكر بغير المأثور في مناسبات معينة
التبديل في ألفاظ الأذكار الواردة
الذكر بالاسم المفرد، وبالضمير المفرد
أن يكون الذاكر متطهرا من الحدث
ذكر الله تعالى حال قضاء الحاجة
الحرص على الذكر في العزلة والانفراد عن الناس
الرقص والدوران والطبل والزمر عند الذكر
التحزيب والأوراد وقضاء ما يفوت
كتابة ذكر الله وأحكام الذكر المكتوب
ثانيا الذكر بمعنى النطق باسم الشخص أو الشيء
ثالثا الذكر بمعنى استحضار الشيء في القلب
رابعا الذكر بمعنى الصيت والشرف
الإسراف في التحلي كاتخاذ المرأة أكثر من خلخال من الذهب
تحلية الكعبة وأبواب المساجد وجدرها بالذهب
تراجم فقهاء الجزء الحادي والعشرين
أبو حمزة الشاري (الخارجي) (؟ - ١٣٠ هـ)
أحمد بن عبد العزيز النويري (٦٠٠ - ٧٢٣ هـ)
دَفْعٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الدَّفْعُ: مَصْدَرُ دَفَعَ. وَمِنْ مَعَانِي مَادَّتِهِ فِي اللُّغَةِ: التَّنْحِيَةُ وَالْمُمَاطَلَةُ وَالْمُحَاجَّةُ عَنِ الْغَيْرِ وَالرَّدُّ، وَيَشْمَل رَدَّ الْقَوْل وَرَدَّ غَيْرِهِ كَالْوَدِيعَةِ مَثَلًا، وَالاِرْتِحَال عَنِ الْمَوْضِعِ، وَالْمَجِيءَ بِمَرَّةٍ. وَإِذَا بُنِيَ فِعْلُهُ لِلْمَفْعُول كَانَ بِمَعْنَى الاِنْتِهَاءِ إِلَى الشَّيْءِ (١) .
وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ: فَهُوَ كَمَا جَاءَ فِي الْكُلِّيَّاتِ (٢): صَرْفُ الشَّيْءِ قَبْل الْوُرُودِ، وَإِذَا عُدِّيَ فِعْلُهُ بِإِلَى كَانَ مَعْنَاهُ الإِْنَالَةَ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ (٣)﴾، وَإِذَا عُدِّيَ بِعَنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْحِمَايَةَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا (٤)﴾ .
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَإِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الدَّفْعَ
_________
(١) الصحاح والقاموس واللسان والمصباح، مادة: " دفع ".
(٢) الكليات ٢ / ٣٣٩ ط. دمشق.
(٣) سورة النساء / ٦.
(٤) سورة الحج / ٣٨.
بِمَعْنَى الإِْعْطَاءِ، أَوِ الإِْخْرَاجِ، أَوِ الأَْدَاءِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ (١) .
وَيَسْتَعْمِلُونَهُ أَيْضًا بِمَعْنَى الرَّدِّ كَمَا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ إِلَى الْمُودِعِ (٢) .
وَيَسْتَعْمِلُونَهُ أَيْضًا بِمَعْنَى اتِّقَاءِ الشَّرِّ وَمَنْعِهِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِل (٣) .
وَيَسْتَعْمِلُونَهُ أَيْضًا بِمَعْنَى رَدِّ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي وَإِبْطَال دَعْوَاهُ (٤) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - دَرْءٌ:
٢ - وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: الدَّفْعُ. قَال فِي الْمِصْبَاحِ: دَرَأْتُ الشَّيْءَ - بِالْهَمْزَةِ - دَرْءًا مِنْ بَابِ نَفَعَ، دَفَعْتُهُ، وَدَارَأْتُهُ دَافَعْتُهُ، وَتَدَارَءُوا تَدَافَعُوا.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: أَيْضًا مَعْنَاهُ الدَّفْعُ.
_________
(١) فتح القدير ٢ / ٢٨ - ط بولاق، جواهر الإكليل ١ / ١٤٠ - ط المعرفة، حاشية القليوبي ٢ / ١٩٥ - ط الحلبي، المغني ٢ / ٦٨٤ - ٦٨٥ - ط الرياض.
(٢) جواهر الإكليل ٢ / ١٤٣ - ١٤٤ - ط المعرفة، حاشية القليوبي ٣ / ١٨٦ - ط الحلبي، المغني ٦ / ٣٩٢ - ط الرياض.
(٣) حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٥١ - ط المصرية، جواهر الإكليل ٢ / ٢٩٧ - ط المعرفة، حاشية القليوبي ٤ / ٢٠٦ - ط الحلبي، المغني ٨ / ٣٢٩ - ٣٣٠ ط الرياض.
(٤) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٣٤ - ط المصرية، التبصرة ١ / ١٣٢ - ط العلمية، روضة الطالبين ١٢ / ١٣ - ط المكتب الإسلامي.
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى كَقَوْلِهِمْ: الْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ (١) .
ب - رَدٌّ:
٣ - وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْعُ. وَالرُّجُوعُ، أَوِ الإِْرْسَال. قَال فِي الْمِصْبَاحِ: رَدَدْتُ الشَّيْءَ رَدًّا مَنَعْتُهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَقَدْ يُوصَفُ بِالْمَصْدَرِ فَيُقَال: فَهُوَ رَدٌّ. وَرَدَدْتُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ. وَرَدَدْتُ إِلَيْهِ جَوَابَهُ أَيْ: رَجَعْتُ وَأَرْسَلْتُ. وَمِنْهُ رَدَدْتُ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةَ أَيْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ (٢) .
ج - رَفْعٌ:
٤ - وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: خِلاَفُ الْخَفْضِ، وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا إِذَاعَةُ الأَْمْرِ، وَالشَّرَفُ فِي النَّسَبِ، وَالإِْسْرَاعُ فِي السَّيْرِ، وَقَبُول الْعَمَل، وَهُوَ فِي الأَْجْسَامِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَرَكَةِ وَالاِنْتِقَال. وَفِي الْمَعَانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ، وَمَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ: يُقَابِل مَعْنَى الدَّفْعِ إِذْ مَعْنَاهُ صَرْفُ الشَّيْءِ بَعْدَ وُرُودِهِ، وَالدَّفْعُ صَرْفُهُ قَبْل وُرُودِهِ (٣) .
د - مَنْعٌ:
٥ - وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: الْحِرْمَانُ مِنَ الأَْمْرِ، وَالْكَفُّ عَنْهُ، وَمُنَازَعَةُ الشَّيْءِ، وَالتَّمَنُّعُ بِالْقَوْمِ: التَّقَوِّي بِهِمْ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: خِلاَفُ الْعَطَاءِ، وَالصِّلَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّفْعِ هِيَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ
_________
(١) المصباح مادة: " دري "، المغرب / ١٦٢ - ط العربي.
(٢) المصباح مادة: " رد "، والمغني ٦ / ٣٩٢ - ط الرياض.
(٣) المصباح مادة: " رفع "، الكليات ٢ / ٣٣٩ - ط دمشق.
يَسْتَعْمِلُونَ الدَّفْعَ وَيُرِيدُونَ مِنْهُ الْمَنْعَ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِل (١) .
الأَْحْكَامُ الإِْجْمَالِيَّةُ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
٥ - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ الأَْحْكَامَ الْخَاصَّةَ بِمُصْطَلَحِ دَفْعٍ فِي عَدَدٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ كَمَا يَلِي:
أ - الزَّكَاةُ:
٦ - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ دَفْعٍ فِي الزَّكَاةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْطِنٍ وَأَرَادُوا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى، فَقَدِ اسْتَعْمَلُوهُ بِمَعْنَى الإِْعْطَاءِ أَوِ الأَْدَاءِ، كَقَوْلِهِمْ: مَنْ يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ لَهُ الصَّدَقَةُ وَمَنْ لاَ يَجُوزُ، وَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ عِنْدَ دَفْعِهَا، وَبِمَعْنَى الإِْخْرَاجِ كَقَوْلِهِمْ: وَقْتُ دَفْعِ الزَّكَاةِ (٢) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (زَكَاة) .
ب - الْوَدِيعَةُ:
٧ - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الدَّفْعِ أَيْضًا فِي الْوَدِيعَةِ، وَأَرَادُوا بِهِ الرَّدَّ، أَيْ رَدَّهَا إِلَى الْمُودِعِ وَدَفْعَهَا إِلَيْهِ، أَوْ إِلَى وَكِيلِهِ عِنْدَ طَلَبِهَا. فَإِنْ أَخَّرَهَا حَتَّى تَلِفَتْ ضَمِنَ (٣) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وَدِيعَة) .
_________
(١) المصباح مادة: " منع "، المغرب / ٤٣٥ - ط العربي، حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٥١ - ط المصرية.
(٢) فتح القدير ٢ / ٢٨ - ط بولاق، جواهر الإكليل ١ / ١٤٠ - ط المعرفة، حاشية القليوبي ٢ / ١٩٥ - ط الحلبي، المغني ٢ / ٦٨٤ - ط الرياض.
(٣) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٩٥ - ط المصرية، جواهر الإكليل ٢ / ١٤٣ - ١٤٤ - ط المعرفة، حاشية القليوبي ٣ / ١٨٦ - ط الحلبي، المغني ٦ / ٣٩٢ - ط الرياض.
ج - الصِّيَال:
٨ - يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ الدَّفْعَ فِي الصِّيَال وَيَعْنُونَ بِهِ مَنْعَ الصَّائِل مِنْ تَحْقِيقِ غَرَضِهِ وَاتِّقَاءِ شَرِّهِ. وَالصَّائِل هُوَ مَنْ قَصَدَ غَيْرَهُ بِشَرٍّ سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّائِل مُسْلِمًا أَمْ ذِمِّيًّا أَمْ عَبْدًا أَمْ حُرًّا أَمْ صَبِيًّا أَمْ مَجْنُونًا أَمْ بَهِيمَةً، فَيَجُوزُ دَفْعُهُ عَنْ كُل مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ، وَعَنِ الْبُضْعِ، وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَعَنِ الْمَال وَإِنْ قَل، مَعَ رِعَايَةِ التَّدْرِيجِ فِي كَيْفِيَّةِ الدَّفْعِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالأَْهْوَنِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ إِلاَّ بِقَتْلِهِ قَتَلَهُ. وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ بِقِصَاصٍ، وَلاَ دِيَةٍ، وَلاَ كَفَّارَةٍ، وَلاَ قِيمَةٍ.
فَإِنْ قُتِل الْمُدَافِعُ كَانَ شَهِيدًا لِخَبَرِ: وَمَنْ قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (١) وَلأَِنَّهُ قُتِل لِدَفْعِ ظَالِمٍ، فَكَانَ شَهِيدًا كَالْعَادِل إِذَا قَتَلَهُ الْبَاغِي (٢) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (صِيَال) .
د - دَعْوَى:
٩ - يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ الدَّفْعَ فِي الدَّعْوَى وَيَعْنُونَ بِهِ رَدَّ كَلاَمِ الْمُدَّعِي وَإِبْطَال دَعْوَاهُ. وَمِمَّا ذَكَرُوهُ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَنْ يَقُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ فُلاَنٌ الْغَائِبُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي، أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْهُ، أَوْ أَعَارَنِي، أَوْ آجَرَنِي. وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ
_________
(١) حديث: " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد " أخرجه الترمذي (٤ / ٣٠ - ط الحلبي) من حديث سعيد بن زيد، وقال: " حديث حسن صحيح ".
(٢) حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٥١ - ط المصرية، جواهر الإكليل ٢ / ٢٩٧ - ط المعرفة، الدسوقي ٤ / ٣٥٧ - ٣٥٨ - ط الفكر، شرح الزرقاني ٨ / ١١٨ - ط الفكر، التبصرة ٢ / ٢٥٠ - ٢٥١ - ط الأولى، حاشية القليوبي ٤ / ٢٠٦ - ط الحلبي، روضة الطالبين ١٠ / ١٨٦ - ١٨٧ - ط المكتب الإسلامي، نهاية المحتاج ٨ / ٢١ - ط المكتب الإسلامي، المغني ٨ / ٣٢٩ - ٣٣٠ - ط الرياض.
بَيِّنَةً، فَحِينَئِذٍ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُحْتَالًا كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ.
وَمِمَّا تَنْدَفِعُ بِهِ دَعْوَى مَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِمِلْكِ إِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِتِلْكَ الدَّعْوَى، أَوْ يُقِرُّ بِهِ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي كَمَا فِي التَّبْصِرَةِ مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ.
وَمِمَّا تَنْدَفِعُ بِهِ دَعْوَى الدَّيْنِ أَنْ يَقُول الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَضَيْتُ أَوْ أَبْرَأَنِي، كَمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ.
وَتَنْدَفِعُ دَعْوَى مَنِ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَلاَ بَيِّنَةَ لَهُ بِإِنْكَارِهَا، وَلاَ يُسْتَحْلَفُ كَمَا ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ (١) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (دَعْوَى) .
الدَّفْعُ أَقْوَى مِنَ الرَّفْعِ:
١٠ - وَهِيَ قَاعِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ ذَكَرَهَا الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَنْثُورِ. وَمِنْ فُرُوعِهَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَل إِذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ لاَ يَعُودُ طَهُورًا فِي وَجْهٍ، وَفِي وَجْهٍ يَعُودُ. فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ قَبْل الاِسْتِعْمَال فَإِنَّهُ لاَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِهِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَاءَ إِذَا اسْتُعْمِل وَهُوَ قُلَّتَانِ كَانَ دَافِعًا لِلاِسْتِعْمَال، وَإِذَا جُمِعَ كَانَ رَافِعًا. وَالدَّفْعُ أَقْوَى مِنَ الرَّفْعِ
_________
(١) الاختيار ٢ / ١١٦ - ط المعرفة، حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٣٤ - ط المصرية، التبصرة ١ / ١٣٢ - ط العلمية، روضة الطالبين ١٢ / ١٣ - ط المكتب الإسلامي، المغني ٩ / ٢٧٢ - ط الرياض.
وَمِنْ فُرُوعِهَا أَيْضًا أَنَّ السَّفَرَ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الصِّيَامِ يُبِيحُ الْفِطْرَ وَيَدْفَعُ الصَّوْمَ. وَلَوْ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لاَ يُبِيحُهُ وَلاَ يَرْفَعُ الصَّوْمَ. وَالدَّفْعُ أَقْوَى مِنَ الرَّفْعِ (١) .
هَذَا وَيَرِدُ ذِكْرُ الدَّفْعِ فِي كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَمَسَائِلِهِ، كَالصَّلاَةِ وَالإِْحْرَامِ وَالسَّلَمِ وَالْحَوَالَةِ وَالرَّهْنِ وَالضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَاللُّقَطَةِ وَالْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ وَالنَّفَقَاتِ وَالْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ وَالْجِهَادِ وَالْجِزْيَةِ. وَالتَّفْصِيل فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِتِلْكَ الأَْبْوَابِ وَالْمَسَائِل.
دَفْعُ الصَّائِل
انْظُرْ: صِيَال
دُفٌّ
انْظُرْ: مَلاَهِي
_________
(١) المنثور ٢ / ١٥٥ - ط الأولى.
دَفْنٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - الدَّفْنُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْمُوَارَاةِ وَالسَّتْرِ. يُقَال: دَفَنَ الْمَيِّتَ وَارَاهُ، وَدَفَنَ سِرَّهُ: أَيْ كَتَمَهُ (١) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مُوَارَاةُ الْمَيِّتِ فِي التُّرَابِ (٢)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
٢ - دَفْنُ الْمُسْلِمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِجْمَاعًا إِنْ أَمْكَنَ. وَالدَّلِيل عَلَى وُجُوبِهِ: تَوَارُثُ النَّاسِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ ﵇ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا مَعَ النَّكِيرِ عَلَى تَارِكِهِ.
وَأَوَّل مَنْ قَامَ بِالدَّفْنِ هُوَ قَابِيل الَّذِي أَرْشَدَهُ اللَّهُ إِلَى دَفْنِ أَخِيهِ هَابِيل (٣)، لِمَا جَاءَ فِي قَوْله تَعَالَى
_________
(١) لسان العرب المحيط، ومختار الصحاح مادة: " دفن ".
(٢) حاشية الدسوقي ١ / ٤٠٧ ط دار الفكر.
(٣) ابن عابدين ١ / ٥٩٨ ط دار إحياء التراث العربي، والبدائع ١ / ٣١٨ ط دار الكتاب العربي، والتاج والإكليل على هامش مواهب الجليل ٢ / ٢٠٨ ط دار الفكر، وحاشية الدسوقي ١ / ٤٠٧، ٤٠٨، وروضة الطالبين ٢ / ١٣١ ط المكتب الإسلامي، وكشاف القناع ٢ / ١٢٦، ١٣١.
﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَال يَا وَيْلَتَى أَعْجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْل هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (١)﴾ .
وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ: كَمَا لَوْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ، غُسِّل وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنَ الْبَرِّ. وَتَقْدِيرُ الْقُرْبِ: بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَرِّ مُدَّةٌ لاَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَيِّتُ.
وَصَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُثَقَّل بِشَيْءٍ لِيَرْسُبَ، وَقَال الشَّافِعِيُّ: يُثَقَّل إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَإِلاَّ يُرْبَطُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِيَحْمِلَهُ الْبَحْرُ إِلَى السَّاحِل، فَرُبَّمَا وَقَعَ إِلَى قَوْمٍ يَدْفِنُونَهُ (٢) .
أَفْضَل مَكَانٍ لِلدَّفْنِ:
٣ - الْمَقْبَرَةُ أَفْضَل مَكَانٍ لِلدَّفْنِ، وَذَلِكَ لِلاِتِّبَاعِ، وَلِنَيْل دُعَاءِ الطَّارِقِينَ، وَفِي أَفْضَل مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ أَوْلَى. وَإِنَّمَا دُفِنَ النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِهِ؛ لأَِنَّ مِنْ خَوَاصِّ الأَْنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يَمُوتُونَ.
وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الدَّارِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا. وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَكَذَلِكَ الدَّفْنُ فِي مَدْفَنٍ
_________
(١) سورة المائدة / ٣١.
(٢) ابن عابدين ١ / ٥٩٨، ٥٩٩، ٦٠٠، وجواهر الإكليل ١ / ١١٧ ط دار الباز مكة المكرمة، والقوانين الفقهية / ٩٥ ط دار الكتاب العربي، وروضة الطالبين ٢ / ١٤١، ١٤٢، والمغني ٢ / ٥٠٠، ٥٠١ ط الرياض.
خَاصٍّ كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَبْنِي مَدْرَسَةً وَنَحْوَهَا وَيَبْنِي لَهُ بِقُرْبِهِ مَدْفَنًا (١) .
وَأَمَّا الدَّفْنُ فِي الْمَسَاجِدِ، فَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ دَفْنُ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ لِلصَّلاَةِ فِيهِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَحْرُمُ دَفْنُهُ فِي مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ؛ لِتَعْيِينِ الْوَاقِفِ الْجِهَةَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَيُنْبَشُ عِنْدَهُمْ مَنْ دُفِنَ بِمَسْجِدٍ تَدَارُكًا لِلْعَمَل بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. كَمَا يَحْرُمُ دَفْنُهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلاَ إِذْنِ رَبِّهِ لِلْعُدْوَانِ، وَلِلْمَالِكِ إِلْزَامُ دَافِنِهِ بِإِخْرَاجِهِ وَنَقْلِهِ؛ لِيَفْرُغَ لَهُ مِلْكُهُ عَمَّا شَغَلَهُ بِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَالأَْوْلَى لَهُ تَرْكُهُ حَتَّى يَبْلَى؛ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ (٢) .
نَقْل الْمَيِّتِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ:
٤ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نَقْل الْمَيِّتِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ مُطْلَقًا. وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِجَوَازِهِ إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ رَدَّهُ فَقَال نَقْلًا عَنِ الْفَتْحِ: اتِّفَاقُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي امْرَأَةٍ دُفِنَ ابْنُهَا
_________
(١) ابن عابدين ١ / ٦٠٠، حاشية الدسوقي ١ / ٤٢٤، والقليوبي ١ / ٣٤٩، وحاشية الجمل ٢ / ٢٠٠، وأسنى المطالب ١ / ٣٢٤، وروضة الطالبين ٢ / ١٣١، والمغني ٢ / ٥١٠.
(٢) مواهب الجليل ٢ / ٢٣٩، وحاشية الدسوقي ١ / ٤٢٨، وكشاف القناع ٢ / ١٤٥.