الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠ الصفحة 4

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢٠

ثَالِثًا: السَّلَبُ:

١٤ - السَّلَبُ: ثِيَابُ الْقَتِيل - مِنَ الْكُفَّارِ - وَسِلاَحُهُ، وَمَرْكُوبُهُ وَمَا عَلَيْهِ وَمَعَهُ مِنْ قُمَاشٍ، وَمَالٍ (عَلَى تَفْصِيلٍ وَاخْتِلاَفٍ) .

وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِلَى أَنَّ السَّلَبَ - إِنِ اسْتَحَقَّهُ الْقَاتِل - لاَ يُخَمَّسُ، لِمَا رَوَى عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ﵄ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِل وَلَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ (١) وَلِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ قَتَل قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ (٢) فَهُوَ بِعُمُومِهِ يَقْتَضِي أَنَّ السَّلَبَ كُلَّهُ لِلْقَاتِل وَلَوْ خُمِّسَ لَمْ يَكُنْ كُلُّهُ لَهُ.

وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ مَا حَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَمَكْحُولٍ - أَنَّ السَّلَبَ يُخَمَّسُ فَيُدْفَعُ خُمُسُهُ لأَِهْل الْفَيْءِ، وَالْبَاقِي لِلْقَاتِل، لِعُمُومِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ. . .﴾

_________

(١) حديث " قضى رسول الله ﷺ بالسلب للقاتل. . . " أخرجه أبو داود (٣ / ١٦٥، تحقيق عزت عبيد دعاس)، وأورده ابن حجر في " التلخيص " (٣ / ١٠٥ -. ط شركة الطباعة الفنية)، وقال: " وهو ثابت في صحيح مسلم من حديث طويل فيه قصة لعوف بن مالك مع خالد بن الوليد ".

(٢) حديث: " من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه "،. أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٢٤٧ -. ط السلفية)، ومسلم (٣ / ١٣٧١ -. ط الحلبي) من حديث أبي قتادة.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا لَمْ يُنَفَّل بِالسَّلَبِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ يُخَمَّسُ، وَلاَ يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِل لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلاَّ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ (١) فَإِذَا جَعَل الإِْمَامُ السَّلَبَ لِلْقَاتِل انْقَطَعَ حَقُّ الْبَاقِينَ عَنْهُ، وَلاَ يُخَمَّسُ السَّلَبُ إِلاَّ أَنْ يَقُول: مَنْ قَتَل قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَإِنَّهُ يُخَمَّسُ.

وَقَال إِسْحَاقُ: إِنِ اسْتَكْثَرَ الإِْمَامُ السَّلَبَ خَمَّسَهُ وَذَلِكَ إِلَيْهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ بَارَزَ مَرْزُبَانَ الزَّارَةِ بِالْبَحْرَيْنِ فَطَعَنَهُ فَدَقَّ صُلْبَهُ وَأَخَذَ سِوَارَيْهِ وَسَلَبَهُ، فَلَمَّا صَلَّى عُمَرُ الظُّهْرَ أَتَى أَبَا طَلْحَةَ فِي دَارِهِ فَقَال: إِنَّا كُنَّا لاَ نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالًا وَأَنَا خَامِسُهُ، فَكَانَ أَوَّل سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الإِْسْلاَمِ سَلَبَ الْبَرَاءِ، رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي السُّنَنِ، وَفِيهَا أَنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ بَلَغَ ثَلاَثِينَ أَلْفًا. (٢)

رَابِعًا: الرِّكَازُ:

١٥ - الرِّكَازُ: الْمَدْفُونُ فِي الأَْرْضِ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ رَكَزَ إِذَا أَخْفَى، يُقَال: رَكَزَ الرُّمْحَ إِذَا غَرَزَ أَسْفَلَهُ فِي الأَْرْضِ، وَمِنْهُ الرِّكْزُ وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ

_________

(&# x٦٦١ ;) حديث: " ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه "،. أورده الزيلعي في نصب الراية (٤ / ٢٩٠ -. ط المجلس العلمي)، وقال: " رواه الطبراني، وفيه ضعف، من حديث معاذ ".

(٢) الاختيار ٤ / ١٣٣، جواهر الإكليل ١ / ٢٦١، مغني المحتاج ٣ / ١٠٠ - ١٠٣، المغني ٨ / ٣٩٠ - ٣٩٢.

قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا﴾ (١) وَالْوَاجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال:. وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ (٢) .

وَلِبَيَانِ الْوَاجِبِ فِي الرِّكَازِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْمَعَادِنِ وَالْكُنُوزِ، وَالشُّرُوطِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُوبُ مِنْ حَيْثُ طَبِيعَةُ الدَّفْنِ، وَصِفَتُهُ، وَمَوْضِعُهُ وَمَصْرِفُ الْخُمُسِ، وَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ. يُنْظَرُ: (زَكَاةٌ، رِكَازٌ، مَعْدِنٌ، كَنْزٌ) .

_________

(١) سورة مريم / ٩٨.

(٢) حديث: " أن رسول الله ﷺ قال: ". . . وفي الركاز الخمس "، أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٣٦٤ -. ط السلفية) من حديث أبي هريرة.

خُنْثَى

التَّعْرِيفُ:

١ - الْخُنْثَى فِي اللُّغَةِ: الَّذِي لاَ يَخْلُصُ لِذَكَرٍ وَلاَ أُنْثَى، أَوِ الَّذِي لَهُ مَا لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا مِنَ الْخَنَثِ، وَهُوَ اللِّينُ وَالتَّكَسُّرُ، يُقَال: خَنَّثْتُ الشَّيْءَ فَتَخَنَّثَ، أَيْ: عَطَّفْتُهُ فَتَعَطَّفَ، وَالاِسْمُ الْخُنْثُ (١) .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَنْ لَهُ آلَتَا الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، أَوْ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَصْلًا، وَلَهُ ثُقْبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْل (٢) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْمُخَنَّثُ:

٢ - الْمُخَنَّثُ بِفَتْحِ النُّونِ: هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ الْمَرْأَةَ فِي اللِّينِ وَالْكَلاَمِ وَالنَّظَرِ وَالْحَرَكَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ ضَرْبَانِ.

_________

(١) لسان العرب مادة: " خنث ".

(٢) ابن عابدين ٥ / ٤٦٤، ونهاية المحتاج ٦ / ٣١. ط مصطفى البابي الحلبي، والمغني ٦ / ٢٥٣، ٦٧٧. ط الرياض، العذب الفائض ٢ / ٥٣، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٤٨٩.

أَحَدُهُمَا: مَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ، فَهَذَا لاَ إِثْمَ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ خِلْقَةً، بَل يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فِي حَرَكَاتِهِنَّ وَكَلاَمِهِنَّ (١)، فَهَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَتِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِلَعْنِهِ. فَالْمُخَنَّثُ لاَ خَفَاءَ فِي ذُكُورِيَّتِهِ بِخِلاَفِ الْخُنْثَى.

أَقْسَامُ الْخُنْثَى:

يَنْقَسِمُ الْخُنْثَى إِلَى مُشْكِلٍ وَغَيْرِ مُشْكِلٍ:

أ - الْخُنْثَى غَيْرُ الْمُشْكِل:

٣ - مَنْ يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلاَمَاتُ الذُّكُورَةِ أَوِ الأُْنُوثَةِ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، فَهَذَا لَيْسَ بِمُشْكِلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ فِيهِ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ، أَوِ امْرَأَةٌ فِيهَا خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ، وَحُكْمُهُ فِي إِرْثِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ حُكْمُ مَا ظَهَرَتْ عَلاَمَاتُهُ فِيهِ.

ب - الْخُنْثَى الْمُشْكِل:

٤ - هُوَ مَنْ لاَ يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلاَمَاتُ الذُّكُورَةِ أَوِ الأُْنُوثَةِ، وَلاَ يُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ تَعَارَضَتْ فِيهِ الْعَلاَمَاتُ

، فَتَحَصَّل مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُشْكِل نَوْعَانِ:

نَوْعٌ لَهُ آلَتَانِ، وَاسْتَوَتْ فِيهِ الْعَلاَمَاتُ، وَنَوْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنَ الآْلَتَيْنِ وَإِنَّمَا لَهُ ثُقْبٌ. (٢)

_________

(١) ابن عابدين ٣ / ١٨٣، ١٨٤.

(٢) ابن عابدين ٥ / ٤٦٤ - ٤٦٥، وفتح القدير ٨ / ٥٠٤، ٥٠٥. ط دار صادر، ومواهب الجليل ٦ / ٤٢٤، الشرح الصغير ٤ / ٧٢٥، ٧٢٦، ٧٢٧، والأشباه والنظائر للسيوطي / ٢٤١، ٢٤٢، والمغني ٦ / ٢٥٣، ٢٥٤، وروضة الطالبين ١ / ٧٨.

مَا يَتَحَدَّدُ بِهِ نَوْعُ الْخُنْثَى:

٥ - يَتَبَيَّنُ أَمْرُ الْخُنْثَى قَبْل الْبُلُوغِ بِالْمَبَال، وَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي:

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْخُنْثَى قَبْل الْبُلُوغِ إِنْ بَال مِنَ الذَّكَرِ فَغُلاَمٌ، وَإِنْ بَال مِنَ الْفَرْجِ فَأُنْثَى، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِل عَنِ الْمَوْلُودِ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ، مِنْ أَيْنَ يُورَثُ؟ قَال يُورَثُ مِنْ حَيْثُ يَبُول (١) وَرُوِيَ ﵊ أُتِيَ بِخُنْثَى مِنَ الأَْنْصَارِ، فَقَال: وَرِّثُوهُ مِنْ أَوَّل مَا يَبُول مِنْهُ (٢) . وَلأَِنَّ مَنْفَعَةَ الآْلَةِ عِنْدَ الاِنْفِصَال مِنَ الأُْمِّ خُرُوجُ الْبَوْل، وَمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَافِعِ يَحْدُثُ بَعْدَهَا، وَإِنْ بَال مِنْهُمَا جَمِيعًا فَالْحُكْمُ لِلأَْسْبَقِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَائِرِ أَهْل الْعِلْمِ.

_________

(١) حديث: " سئل في المولود له قبل وذكر، من أين بورث؟ " أخرجه البيهقي (٦ / ٢٦١ -. ط دائرة المعارف العثمانية) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وضعف إسناده.، وقال ابن حجر في التلخيص (١ / ١٢٨ -. ط شركة الطباعة الفنية): الكلبي هو محمد بن السائب: " متروك الحديث بل كذاب ".

(٢) حديث: " ورثوه من أول ما يبول منه ". أورده المغني (٦ / ٢٥٣. ط الرياض) ولم نعثر عليه فيما لدينا من كتب السنة.

وَإِنِ اسْتَوَيَا فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ، لأَِنَّ الْكَثْرَةَ مَزِيَّةٌ لإِحْدَى الْعَلاَمَتَيْنِ، فَيُعْتَبَرُ بِهَا كَالسَّبْقِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُوَ حِينَئِذٍ مُشْكِلٌ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَال: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا، فَإِذَا بَال مَرَّتَيْنِ مِنَ الْفَرْجِ وَمَرَّةً مِنَ الذَّكَرِ دَل عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، وَلَوْ كَانَ الَّذِي نَزَل مِنَ الذَّكَرِ أَكْثَر كَيْلًا أَوْ وَزْنًا.

وَيَرَى بَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ عِبْرَةَ بِالْكَثْرَةِ، لأَِنَّ الْكَثْرَةَ لَيْسَتْ بِدَلِيلٍ عَلَى الْقُوَّةِ، لأَِنَّ ذَلِكَ لاِتِّسَاعِ الْمَخْرَجِ وَضِيقِهِ، لاَ لأَِنَّهُ هُوَ الْعُضْوُ الأَْصْلِيُّ، وَلأَِنَّ نَفْسَ الْخُرُوجِ دَلِيلٌ بِنَفْسِهِ، فَالْكَثِيرُ مِنْ جِنْسِهِ لاَ يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ كَالشَّاهِدَيْنِ وَالأَْرْبَعَةِ، وَقَدِ اسْتَقْبَحَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ فَقَال: وَهَل رَأَيْتَ قَاضِيًا يَكِيل الْبَوْل بِالأَْوَاقِي؟

٦ - وَأَمَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ بِأَحَدِ الأَْسْبَابِ الآْتِيَةِ:

إِنْ خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ، أَوْ أَمْنَى بِالذَّكَرِ، أَوْ أَحْبَل امْرَأَةً، أَوْ وَصَل إِلَيْهَا، فَرَجُلٌ، وَكَذَلِكَ ظُهُورُ الشَّجَاعَةِ وَالْفُرُوسِيَّةِ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ دَلِيلٌ عَلَى رُجُولِيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنِ الإِْسْنَوِيِّ.

وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ وَنَزَل مِنْهُ لَبَنٌ أَوْ حَاضَ، أَوْ أَمْكَنَ وَطْؤُهُ، فَامْرَأَةٌ، وَأَمَّا الْوِلاَدَةُ فَهِيَ تُفِيدُ

الْقَطْعَ بِأُنُوثَتِهِ، وَتُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْعَلاَمَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهَا.

وَأَمَّا الْمَيْل، فَإِنَّهُ يُسْتَدَل بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الإِْمَارَاتِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ مَال إِلَى الرِّجَال فَامْرَأَةٌ، وَإِنْ مَال إِلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ، وَإِنْ قَال أَمِيل إِلَيْهِمَا مَيْلًا وَاحِدًا، أَوْ لاَ أَمِيل إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَمُشْكِلٌ. (١)

قَال السُّيُوطِيُّ: وَحَيْثُ أُطْلِقَ الْخُنْثَى فِي الْفِقْهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُشْكِل. (٢)

أَحْكَامُ الْخُنْثَى الْمُشْكِل:

٧ - الضَّابِطُ الْعَامُّ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْمُشْكِل أَنَّهُ يُؤْخَذُ فِيهِ بِالأَْحْوَطِ وَالأَْوْثَقِ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَلاَ يُحْكَمُ بِثُبُوتِ حُكْمٍ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِهِ.

وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل بَعْضِ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُنْثَى.

عَوْرَتُهُ:

٨ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ عَوْرَةَ الْخُنْثَى كَعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ حَتَّى شَعْرُهَا النَّازِل عَنِ الرَّأْسِ خَلاَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَلاَ يَكْشِفُ الْخُنْثَى لِلاِسْتِنْجَاءِ

_________

(١) ابن عابدين ٥ / ٤٦٤ - ٤٦٥، وفتح القدير ٨ / ٥٠٤، ٥٠٥ دار صادر والشرح الصغير، والأشباه والنظائر للسيوطي / ٢٤١، ٢٤٢، وروضة الطالبين ١ / ٧٨، والمغني ٦ / ٢٥٣، ٢٥٤.

(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي / ٢٤٨. ط دار الكتب العلمية.

وَلاَ لِلْغُسْل عِنْدَ أَحَدٍ أَصْلًا، لأَِنَّهَا إِنْ كَشَفَتْ عِنْدَ رَجُلٍ احْتَمَل أَنَّهَا أُنْثَى، وَإِنْ كَشَفَتْ عِنْدَ أُنْثَى، احْتَمَل أَنَّهُ ذَكَرٌ. وَأَمَّا ظَهْرُ الْكَفِّ فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهَا عَوْرَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْقَدَمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَصَوْتُهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَذِرَاعَاهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ (١) .

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ سَتْرَ النِّسَاءِ فِي الصَّلاَةِ وَالْحَجِّ بِالأَْحْوَطِ، فَيَلْبَسُ مَا تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ. (٢)

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَالْخُنْثَى عِنْدَهُمْ كَالرَّجُل فِي ذَلِكَ، لأَِنَّ سَتْرَ مَا زَادَ عَلَى عَوْرَةِ الرَّجُل مُحْتَمَلٌ، فَلاَ يُوجَبُ عَلَيْهِ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ وَمُتَرَدِّدٌ. (٣)

نَقْضُ وُضُوئِهِ بِلَمْسِ فَرْجِهِ:

٩ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى عَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الْفَرْجِ مُطْلَقًا (٤)

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوُضُوءَ يُنْقَضُ بِلَمْسِ الْخُنْثَى فَرْجَهُ (٥) .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ فَرْجَيْهِ جَمِيعًا. (٦)

_________

(١) ابن عابدين ١ / ١٠٥، ٢٠٧، والأشباه والنظائر لابن نجيم / ٣٨٤. ط دار الفكر بدمشق، وروضة الطالبين ١ / ٢٨٣، والأشباه والنظائر للسيوطي / ٢٤٠.

(٢) الحطاب ٦ / ٤٣٣.

(٣) المغني ١ / ٦٠٥.

(٤) الاختيار ١ / ١٠، ومواهب الجليل ١ / ٢٩٩، ٦ / ٤٣٣.

(٥) مواهب الجليل ١ / ٢٩٩، ٦ / ٤٣٣.

(٦) الأشباه والنظائر للسيوطي / ٢٤٣.

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ فَصَّلُوا الْكَلاَمَ فِيهِ وَقَالُوا: إِنَّ الْخُنْثَى لَوْ لَمَسَ أَحَدَ فَرْجَيْهِ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ، لأَِنَّهُ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ خِلْقَةً زَائِدَةً، وَإِنْ لَمَسَهَا جَمِيعًا فَعَلَى قَوْل عَدَمِ نَقْضِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ بِمَسِّ فَرْجِهَا لاَ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً مَسَّتْ فَرْجَهَا، أَوْ خِلْقَةً زَائِدَةً، وَيُنْقَضُ عَلَى قَوْل نَقْضِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ بِمَسِّ فَرْجِهَا، لأَِنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فَرْجًا. وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (حَدَثٌ) (وَوُضُوءٌ) (١) .

وُجُوبُ الْغُسْل عَلَى الْخُنْثَى:

١٠ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْغُسْل عَلَى الْخُنْثَى بِإِيلاَجٍ بِلاَ إِنْزَالٍ لِعَدَمِ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ الأَْصْلِيَّةِ بِيَقِينٍ (٢) .

أَذَانُهُ:

١١ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ أَذَانُ الْخُنْثَى وَأَنَّهُ لاَ يُعْتَدُّ بِهِ، لأَِنَّهُ لاَ يُعْلَمُ كَوْنُهُ رَجُلًا. وَلأَِنَّهُ إِنْ كَانَ أُنْثَى خَرَجَ الأَْذَانُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً، وَلَمْ يَصِحَّ (٣) .

_________

(١) المغني ١ / ١٨٢، ١٨٣.

(٢) ابن عابدين ١ / ١٠٩، وحاشية الزرقاني ١ / ٩٦، ٩٧، وروضة الطالبين ١ / ٨٢، ٨٣، والأشباه والنظائر للسيوطي / ٢٤٣، والمغني ١ / ٢٠٥.

(٣) ابن عابدين ١ / ٢٦٣، ٢٦٤، وحاشية الدسوقي ١ / ١٩٥، والزرقاني ١ / ١٦٠، والقليوبي ١ / ١٢٩، وروضة الطالبين ١ / ٢٠٢، وكشاف القناع ١ / ٤٥، والمغني ١ / ٤١٣، ونيل المآرب ١ / ١١٤.