الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٢
إطلاقات الأجل في كتاب الله تعالى
اشتراط تأجيل تسليم العين في التصرفات الناقلة للملكية
الديون من حيث جواز التأجيل وعدمه
المبحث الأول عقود لا تصح إلا ممتدة لأجل (مؤقتة)
المبحث الثاني عقود تصح مطلقة ومقيدة
النكاح المؤقت بمدة عمره أو عمرها، أو إلى مدة لا يعيشان إليها
تقسيم الأجل باعتبار ضبطه وتحديده
التأجيل إلى ما يحتمل أحد أمرين
التأجيل إلى فعل غير منضبط الوقوع
أثر التأجيل إلى أجل مجهول جهالة مطلقة
الاختلاف في أصل الأجل في البيع
استمرار العمل بموجب العقد المنقضي أجله دفعا للضرر
انقلاب الأجنبي إلى ذي علاقة، وعكسه
أولا الأجنبي الذي هو خلاف القريب
ثانيا الأجنبي في التصرفات والعقود
أثر الإجهاض في الطهارة والعدة والطلاق
تفاوت الحرف الشريفة فيما بينها
الحكم التكليفي للاحتراف تفصيلا
الاحتساب بمعنى الاعتداد أو الاعتبار
الاحتساب بمعنى طلب الثواب من الله تعالى
ما يسن للحاضرين أن يفعلوه عند الاحتضار
سادسا تحسين ظن المحتضر بالله تعالى
ما يسن للحاضرين أن يفعلوه عند موت المحتضر
الإحراق في الحدود والقصاص والتعزير
ملكية المغصوب المتغير بالإحراق
الانتقال من سبب موت - لآخر أهون
حرق ما عجز المسلمون عن نقله من أسلحة وبهائم وغيرها
وتفرع على ذلك عند الحنفية فرعان
شروط إقامة تقليد الهدي وسوقه مقام التلبية
أولا إضافة إحرام الحج إلى العمرة
ثانيا إضافة إحرام العمرة إلى الحج
أولا الميقات الزماني للإحرام بالحج
ثانيا الميقات الزماني للإحرام بالعمرة
أولا الميقات المكاني للإحرام بالحج
محظورات الإحرام في الملبس في حق الرجال
محظورات الإحرام من الملبس في حق النساء
إذا صاد الحلال صيدا فهل يحل للمحرم أكله؟
الفصل الثامن التحلل من الإحرام
الفصل التاسع أحكام خاصة في الإحرام
الفصل العاشر في كفارات محظورات الإحرام
المبحث الأول في كفارة محظورات الترفه
المبحث الثاني في قتل الصيد وما يتعلق به
سادسا أكل المحرم من ذبيحة الصيد أو قتيله
المبحث الثالث في الجماع ودواعيه
المبحث الرابع في أحكام كفارات محظورات الإحرام
الأصل التشريعي في موجب الإحصار
أنواع الإحصار بحسب الركن المحصر عنه
الثاني الإحصار عن الوقوف بعرفة دون الطواف
الإحصار بسبب فيه قهر (أو سلطة)
المفاضلة بين التحلل ومصابرة الإحرام
التحلل بالإحصار في الإحرام المطلق
إحصار من اشترط في إحرامه التحلل إذا حصل له مانع
تحلل من أحصر عن الوقوف بعرفة دون الطواف
أجزية محظورات الإحرام قبل تحلل المحصر
قضاء النسك الواجب الذي أحصر عنه المحرم
موانع المتابعة بعد الوقوف بعرفة
تفريع على التحلل وزوال الإحصار
الاجتماع لإحياء ليلة النصف من شعبان
الأراضي التي كانت جزائر وأنهارا
حريم العامر والآبار والأنهار وغيرها
ما اختص به ﷺ من الأحكام التكليفية
قضاء دين من مات معسرا من المسلمين
وجوب تخييره نساءه وإمساك من اختارته
نكاح الكافرة والأمة، والممتنعة عن الهجرة
الاختلاف في الأمور الاجتهادية (علم الخلاف)
الحكم التكليفي للاختلاف بحسب أنواعه
أدلة جواز الاختلاف في المسائل الفرعية
الاختلاف الجائز هل هو نوع من الوفاق
أسباب الخلاف الراجع إلى الدليل
الإنكار والمراعاة في المسائل الخلافية
أولا الإنكار في المسائل الخلافية
مراعاة الخلاف فيما بعد وقوع المختلف فيه
ما يصنع القاضي والمفتي في المسائل الخلافية
ارتفاع الخلاف بتصرف الإمام أو نائبه
مراعاة الإمام للمصلين خلفه إن كانوا يخالفونه في أحكام الصلاة
من أهم الأحكام التي تبنى على اختلاف الدين
تعارض الاختيار الصحيح مع الاختيار الفاسد
اشتراط الاختيار لترتيب الثواب والعقاب
ما يحل من ثياب الزينة ولا يعتبر اختيالا
أقسام العبادات باعتبار وقت الأداء
بم يتحقق الأداء إذا تضيق الوقت
تعجيل الأداء عن وقت الوجوب أو سببه
ادخار الدولة الأموال من غير الضروريات
ادخار الدولة الضروريات لوقت الحاجة
الجزء الثاني بدء مشروعية الأذان
يشترط في الأذان للصلاة ما يأتي
الأذان في مسجد صليت فيه الجماعة
ما يعلن به عن الصلوات التي لم يشرع لها الأذان
إجابة المؤذن والدعاء بعد الإجابة
الإذن بالنسبة للتصرف والوقت والمكان
أولا - ما لا يتقيد بوصف السلامة
الحقوق الواجبة بإيجاب الشارع ومن أمثلتها
الحقوق الواجبة بإيجاب العقد ومن أمثلتها
ابن أبي عاصم (٢٠٦ - ٢٨٧ وقيل ٢٨٩ هـ)
ابن حجر العسقلاني (٧٧٣ - ٨٥٢ هـ)
ابن السيد البطليوسي (٤٤٤ - ٥٢١ هـ)
ابن عطية (٤٨١ وقيل ٤٨٠ - ٥٤٢ هـ وقيل غير ذلك)
ابن المواز (١٨٠ - ٢٦٩ وقيل ٢٨١ هـ)
أبو الحسن الأبياري (٥٥٧ - ٦١٨ هـ) وعند البعض (٥٥٩ - ٦١٦ هـ)
أحمد البشبيشي (١٠٤٠ - ١٠٩٦ هـ)
أم الدرداء (توفيت في خلافة عثمان ﵁
الحسين بن علي (٤ هـ وقيل بعدها - ٦١ هـ)
حميد الدين الضرير (؟ - ٦٦٧ هـ)
سعد بن إبراهيم (؟ - ١٢٥ هـ وقيل غير ذلك)
الصعب بن جثامة (توفي في خلافة عثمان ﵁ .
عباد بن عبد الله بن الزبير (؟ -؟)
عبد الله بن جعفر (١ هـ وقيل غير ذلك - ٨٠ هـ وقيل غير ذلك)
العنبري (١٠٥ وقيل ١٠٦ - ١٦٧ هـ)
القاسم بن محمد (؟ - ١٠١ وقيل غير ذلك)
كعب بن عجرة (؟ - ٥١ وعند البعض ٥٢ هـ)
محمد بن إسحاق (؟ - ١٥٠ ويقال بعدها)
محمد بن جرير الطبري (٢٢٤ - ٣١٠ هـ)
مسلمة بن عبد الملك (؟ - ١٢٠ وعند البعض ١٢١ هـ)
المغيرة بن شعبة (٢٠ ق هـ - ٥٠ هـ)
أَجَلٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - أَجَل الشَّيْءِ لُغَةً: مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحُل فِيهِ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَجِل الشَّيْءُ أَجَلًا مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَأَجَّلْتُهُ تَأْجِيلًا جَعَلْتُ لَهُ أَجَلًا، وَالآْجِل - عَلَى وَزْنِ فَاعِلٍ - خِلاَفُ الْعَاجِل (١) .
إِطْلاَقَاتُ الأَْجَل فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى:
٢ - وَرَدَ إِطْلاَقُ الأَْجَل عَلَى أُمُورٍ:
أ - عَلَى نِهَايَةِ الْحَيَاةِ: قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلِكُل أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ (٢) .
ب - وَعَلَى نِهَايَةِ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ أَجَلًا لاِنْتِهَاءِ الْتِزَامٍ أَوْ لأَِدَائِهِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ (٣)
ج - وَعَلَى الْمُدَّةِ أَوِ الزَّمَنِ. قَال جَل شَأْنُهُ: ﴿وَنُقِرُّ فِي الأَْرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ . (٤)
_________
(١) القاموس والمصباح مادة (أجل) .
(٢) سورة الأعراف / ٣٤.
(٣) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٤) سورة الحج / ٥.
الأَْجَل فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ:
٣ - الأَْجَل هُوَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي يُضَافُ إِلَيْهَا أَمْرٌ مِنَ الأُْمُورِ، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الإِْضَافَةُ أَجَلًا لِلْوَفَاءِ بِالْتِزَامٍ، أَوْ أَجَلًا لإِنْهَاءِ الْتِزَامٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مُقَرَّرَةً بِالشَّرْعِ، أَوْ بِالْقَضَاءِ، أَوْ بِإِرَادَةِ الْمُلْتَزِمِ فَرْدًا أَوْ أَكْثَرَ.
وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَل:
أَوَّلًا: الأَْجَل الشَّرْعِيَّ، وَهُوَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الْمُشَرِّعُ الْحَكِيمُ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ، كَالْعِدَّةِ.
ثَانِيًا: الأَْجَل الْقَضَائِيَّ: وَهُوَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الْقَضَاءُ أَجَلًا لأَِمْرٍ مِنَ الأُْمُورِ كَإِحْضَارِ الْخَصْمِ، أَوِ الْبَيِّنَةِ.
ثَالِثًا: الأَْجَل الاِتِّفَاقِيَّ، وَهُوَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الْمُلْتَزِمُ مَوْعِدًا لِلْوَفَاءِ بِالْتِزَامِهِ (أَجَل الإِْضَافَةِ)، أَوْ لإِنْهَاءِ تَنْفِيذِ هَذَا الاِلْتِزَامِ (أَجَل التَّوْقِيتِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يَتِمُّ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ بِإِرَادَةٍ مُنْفَرِدَةٍ أَوْ بِإِرَادَتَيْنِ (١) .
خَصَائِصُ الأَْجَل:
٤ - أ - (الأَْجَل هُوَ زَمَنٌ مُسْتَقْبَلٌ)
ب - الأَْجَل هُوَ أَمْرٌ مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ (٢) . وَتِلْكَ خَاصِّيَّةُ الزَّمَنِ، وَفِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ يَقُول الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: " إِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْضَافَةِ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ الْمُسَبَّبِ إِلَى وُجُودِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي هُوَ كَائِنٌ
_________
(١) هذا التعريف مستخلص باستقراء استعمالات الفقهاء في المراجع.
(٢) ومن هنا يفترق عن الشرط لأنه أمر محتمل الوقوع.
لاَ مَحَالَةَ، إِذِ الزَّمَانُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ، فَالإِْضَافَةُ إِلَيْهِ إِضَافَةٌ إِلَى مَا قُطِعَ بِوُجُودِهِ " (١) .
ج - الأَْجَل أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْل التَّصَرُّفِ. وَذَلِكَ يُحَقِّقُهُ أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ قَدْ تَتِمُّ مُنَجَّزَةً، وَتَتَرَتَّبُ أَحْكَامُهَا عَلَيْهَا فَوْرَ صُدُورِ التَّصَرُّفِ، وَلاَ يَلْحَقُهَا تَأْجِيلٌ، وَقَدْ يَلْحَقُهَا الأَْجَل، كَتَأْجِيل الدَّيْنِ، أَوِ الْعَيْنِ أَوْ تَأْجِيل تَنْفِيذِ آثَارِ الْعَقْدِ (فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ) قَال السَّرَخْسِيُّ وَالْكَاسَانِيُّ مَا حَاصِلُهُ: إِنَّ الأَْجَل يُعْتَبَرُ أَمْرًا لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا شُرِعَ رِعَايَةً لِلْمَدِينِ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ (٢) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّعْلِيقُ:
٥ - هُوَ لُغَةً: رَبْطُ أَمْرٍ بِآخَرَ. وَاصْطِلاَحًا: أَنْ يُرْبَطَ أَثَرُ تَصَرُّفٍ بِوُجُودِ أَمْرٍ مَعْدُومٍ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالأَْجَل أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمْنَعُ الْمُعَلَّقَ عَنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْحُكْمِ فِي الْحَال، أَمَّا الأَْجَل فَلاَ صِلَةَ لَهُ بِالسَّبَبِ وَإِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ زَمَنِ فِعْل التَّصَرُّفِ.
الإِْضَافَةُ:
٦ - هِيَ لُغَةً: نِسْبَةُ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا. وَاصْطِلاَحًا: تَأْخِيرُ أَمْرِ التَّصَرُّفِ عَنْ وَقْتِ التَّكَلُّمِ إِلَى
_________
(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٣٢٧، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٣٥٦، والبدائع ١ / ١٨١ وتيسير التحرير لمحمد أمين على كتاب التحرير للكمال بن الهمام ١ / ١٢٩ ط الحلبي سنة ١٣٥٠ هـ.
(٢) المبسوط ١٣ / ٢٤، والبدائع ٥ / ١٧٤
زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ يُحَدِّدُهُ الْمُتَصَرِّفُ بِغَيْرِ أَدَاةِ شَرْطٍ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الإِْضَافَةِ وَالأَْجَل أَنَّ الإِْضَافَةَ فِيهَا تَصَرُّفٌ وَأَجَلٌ، فِي حِينِ أَنَّ الأَْجَل قَدْ يَخْلُو مِنْ إِيقَاعِ تَصَرُّفٍ. فَفِي كُل إِضَافَةٍ أَجَلٌ (١) .
التَّوْقِيتُ:
٧ - هُوَ لُغَةً: تَقْدِيرُ زَمَنِ الشَّيْءِ. وَاصْطِلاَحًا ثُبُوتُ الشَّيْءِ فِي الْحَال وَانْتِهَاؤُهُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ.
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَْجَل أَنَّ الأَْجَل وَقْتٌ مَضْرُوبٌ مَحْدُودٌ فِي الْمُسْتَقْبَل (٢) .
الْمُدَّةُ: (٣)
٨ - بِاسْتِقْصَاءِ مَا يُوجَدُ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ نَجِدُ أَنَّ لِلْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ اسْتِعْمَالاَتٍ أَرْبَعَةً: هِيَ مُدَّةُ الإِْضَافَةِ، وَمُدَّةُ التَّوْقِيتِ، وَمُدَّةُ التَّنْجِيمِ، وَمُدَّةُ الاِسْتِعْجَال.
وَبَيَانُهَا فِيمَا يَلِي:
مُدَّةُ الإِْضَافَةِ:
٩ - وَهِيَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي يُضَافُ إِلَيْهَا ابْتِدَاءً تَنْفِيذُ آثَارِ الْعَقْدِ، أَوْ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ، أَوْ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ (لِلدَّيْنِ) .
فَمِثَال الأَْوَّل مَا إِذَا قَال: " إِذَا جَاءَ عِيدُ الأَْضْحَى فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي شِرَاءِ أُضْحِيَةٍ لِي " فَقَدْ
_________
(١) فتح القدير ٣ / ٦١.
(٢) كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي ١ / ٨٣، والكليات ٢ / ١٠٣ والمصباح.
(٣) يراجع مصطلح مدة.
أَضَافَ عَقْدَ الْوَكَالَةِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَقَدْ صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِصِحَّةِ ذَلِكَ (١) .
وَمِثَال الثَّانِي: مَا جَاءَ فِي السَّلَمِ، مِنْ إِضَافَةِ الْعَيْنِ الْمُسْلَمِ فِيهَا إِلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. (٢)
وَمِثَال الثَّالِثِ: مَا إِذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ . (٣)
مُدَّةُ التَّوْقِيتِ:
١٠ - وَهِيَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي يَسْتَمِرُّ فِيهَا تَنْفِيذُ الاِلْتِزَامِ حَتَّى انْقِضَائِهَا، وَذَلِكَ كَمَا فِي الْعُقُودِ الْمُؤَقَّتَةِ، كَمَا فِي الإِْجَارَةِ، فَإِنَّهَا لاَ تَصِحُّ إِلاَّ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ يَتِمُّ فِي زَمَنٍ، وَبِانْتِهَائِهَا يَنْتَهِي عَقْدُ الإِْجَارَةِ (٤) وَمُدَّةُ عَقْدِ الإِْجَارَةِ تُعْتَبَرُ أَجَلًا. مِصْدَاقَ
_________
(١) سيأتي ذلك في العقود المضافة، أن القول بصحة ذلك هو قول الحنفية والمالكية والحنابلة، لقوله ﷺ في الإمارة " أميركم زيد، فإن قتل فجعفر فإن قتل فعبد الله بن رواحة)، رواه البخاري عن ابن عمر بلفظ " أمر النبي ﷺ في غزوة مؤتة زيد (جمع الفوائد ٢ / ١٣٦) .
(٢) سيأتي بيان ذلك في القسم الحاصل بإضافة العين إلى زمن مستقبل. وحديث: " من أسلف في شيء. . . " رواه الشيخان والأربعة وأحمد (الفتح الكبير ٣ / ١٦٠) .
(٣) سورة البقرة / ٢٨٢.
(٤) سيأتي في القسم الأول من العقود التي لا تصح إلا مؤقتة.
ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿قَال إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَال ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيُّمَا الأَْجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُول وَكِيلٌ﴾ كَمَا أَنَّ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ تَجْعَل " التَّأْجِيل تَحْدِيدَ الْوَقْتِ " " وَالتَّوْقِيتَ تَحْدِيدَ الأَْوْقَاتِ، يُقَال: وَقَّتَهُ لِيَوْمِ كَذَا تَوْقِيتًا مِثْل أَجَّل ". (١)
مُدَّةُ التَّنْجِيمِ (٢):
١١ - جَاءَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: النَّجْمُ لُغَةً الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمُنَجَّمُ، وَيُقَال: نَجَّمَ الْمَال تَنْجِيمًا إِذَا أَدَّاهُ نُجُومًا (أَقْسَاطًا)، وَالتَّنْجِيمُ اصْطِلاَحًا هُوَ " التَّأْخِيرُ لأَِجَلٍ مَعْلُومٍ، نَجْمًا أَوْ نَجْمَيْنِ " (٣) أَوْ هُوَ " الْمَال الْمُؤَجَّل بِأَجَلَيْنِ فَصَاعِدًا، يَعْلَمُ قِسْطَ كُل نَجْمٍ وَمُدَّتَهُ مِنْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا " (٤) فَالتَّنْجِيمُ نَوْعٌ مِنَ الأَْجَل يَرِدُ عَلَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّل فَيُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِهِ عِنْدَ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ يَلِيهِ الْبَعْضُ الآْخَرُ لِزَمَنٍ آخَرَ مَعْلُومٍ يَلِي الزَّمَنَ الأَْوَّل وَهَكَذَا.
وَمِنْ بَيْنِ مَا بَرَزَ فِيهِ التَّنْجِيمُ:
أ - دَيْنُ الْكِتَابَةِ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ تَنْجِيمِ مَال الْكِتَابَةِ. (وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ اتِّفَاقُ السَّيِّدِ
_________
(١) مختار الصحاح " أجل " و" وقت " والقاموس المحيط.
(٢) راجع مصطلح تنجيم.
(٣) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٣٤٦
(٤) كشاف القناع ٤ / ٥٣٩
وَعَبْدِهِ عَلَى مَالٍ يَنَال الْعَبْدُ نَظِيرَهُ حُرِّيَّةَ التَّصَرُّفِ فِي الْحَال، وَالرَّقَبَةِ فِي الْمَآل، بَعْدَ أَدَاءِ الْمَال)، وَاخْتَلَفُوا فِي لُزُومِ ذَلِكَ، فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لاَ تَكُونُ إِلاَّ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ مُنَجَّمٍ، وَسَيَأْتِي التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ فِي الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ. وَالْفِقْهُ الإِْسْلاَمِيُّ يَجْعَل التَّنْجِيمَ نَوْعًا مِنَ الأَْجَل.
ب - الدِّيَةُ فِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً عَلَى ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ فِي كُل سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
ج - الأُْجْرَةُ: جَاءَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ " إِذَا شَرَطَ تَأْجِيل الأَْجْرِ فَهُوَ إِلَى أَجَلِهِ، وَإِنْ شَرَطَهُ مُنَجَّمًا يَوْمًا يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا شَهْرًا، أَوْ أَقَل مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ عَلَى مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ إِجَارَةَ الْعَيْنِ كَبَيْعِهَا، وَبَيْعُهَا يَصِحُّ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ، فَكَذَلِكَ إِجَارَتُهَا ". (١)
مُدَّةُ الاِسْتِعْجَال:
١٢ - الْمُرَادُ بِهَا: الْوَقْتُ الَّذِي يُقْصَدُ بِذِكْرِهِ فِي الْعَقْدِ اسْتِعْجَال آثَارِ الْعَقْدِ، وَذِكْرُ الْوَقْتِ لِلاِسْتِعْجَال تَعَرَّضَ لَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الإِْجَارَةِ، فَقَالُوا إِنَّ الإِْجَارَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْقِدَهَا عَلَى مُدَّةٍ. وَالثَّانِي: أَنْ يَعْقِدَهَا عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَمَتَى تَقَدَّرَتِ الْمُدَّةُ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيرُ الْعَمَل عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا يُزِيدُ
_________
(١) المغني المطبوع مع الشرح الكبير ٦ / ١٦
الإِْجَارَةَ غَرَرًا؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَفْرُغُ مِنَ الْعَمَل قَبْل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. فَإِنِ اسْتُعْمِل فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فَقَدْ زَادَ عَلَى مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَل كَانَ تَارِكًا لِلْعَمَل فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ، وَقَدْ لاَ يَفْرُغُ مِنَ الْعَمَل فِي الْمُدَّةِ، فَإِنْ أَتَمَّهُ عَمِل فِي غَيْرِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَهَذَا غَرَرٌ، أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي مَحَل الْوِفَاقِ، فَلَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ مَعَهُ.
وَيَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ تَجُوزُ الإِْجَارَةُ هُنَا؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الْعَمَل، وَالْمُدَّةُ مَذْكُورَةٌ لِلتَّعْجِيل فَلاَ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ. فَعَلَى هَذَا إِذَا فَرَغَ مِنَ الْعَمَل قَبْل انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَمَا لَوْ قَضَى الدَّيْنَ قَبْل أَجَلِهِ، وَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ قَبْل الْعَمَل فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الإِْجَارَةِ؛ لأَِنَّ الأَْجِيرَ لَمْ يَفِ لَهُ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ رَضِيَ بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ لَمْ يَمْلِكِ الأَْجِيرُ الْفَسْخَ؛ لأَِنَّ الإِْخْلاَل بِالشَّرْطِ مِنْهُ، فَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ وَسِيلَةً إِلَى الْفَسْخِ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ أَدَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي وَقْتِهِ فَيَمْلِكُ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ الْفَسْخَ. وَيَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ، فَإِنِ اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْعَقْدِ طَالَبَهُ بِالْعَمَل لاَ غَيْرَ، كَالْمُسْلِمِ إِذَا صَبَرَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ إِلَى حِينِ وُجُودِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَإِنْ فَسَخَ الْعَقْدَ قَبْل عَمَل شَيْءٍ مِنَ الْعَمَل سَقَطَ الأَْجْرُ وَالْعَمَل، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَمَل شَيْءٍ مِنْهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ قَدِ انْفَسَخَ فَسَقَطَ الْمُسَمَّى، وَرَجَعَ إِلَى أَجَل الْمِثْل (١) .
_________
(١) المغني المطبوع مع الشرح الكبير ٦ / ٩
تَقْسِيمَاتُ الأَْجَل
بِاعْتِبَارِ مَصْدَرِهِ
يَنْقَسِمُ الأَْجَل بِاعْتِبَارِ مَصْدَرِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: أَجَلٍ شَرْعِيٍّ، وَأَجَلٍ قَضَائِيٍّ، وَأَجَلٍ اتِّفَاقِيٍّ. وَنَتَنَاوَل فِيمَا يَلِي التَّعْرِيفَ بِكُل قِسْمٍ، وَذِكْرَ مَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مِنْ أَنْوَاعٍ. جَاعِلِينَ لِكُل قِسْمٍ فَصْلًا مُسْتَقِلًّا.
الْفَصْل الأَْوَّل
الأَْجَل الشَّرْعِيُّ
الأَْجَل الشَّرْعِيُّ: هُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الشَّرْعُ الْحَكِيمُ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ. وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا النَّوْعِ الآْجَال الآْتِيَةُ:
مُدَّةُ الْحَمْل:
١٣ - مُدَّةُ الْحَمْل هِيَ الزَّمَنُ الَّذِي يَمْكُثُهُ الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْفِقْهُ الإِْسْلاَمِيُّ أَقَل مُدَّةِ الْحَمْل وَأَكْثَرَهُ، وَقَدِ اسْتُنْبِطَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مِمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الأَْثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الأَْسْوَدِ أَنَّهُ: رُفِعَ إِلَى عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَهَمَّ عُمَرُ بِرَجْمِهَا، فَقَال لَهُ عَلِيٌّ: لَيْسَ لَكَ ذَلِكَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ (١) وَقَال تَعَالَى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا﴾ (٢) فَحَوْلاَنِ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ ثَلاَثُونَ شَهْرًا، لاَ رَجْمَ عَلَيْهَا. فَخَلَّى عُمَرُ سَبِيلَهَا، وَوَلَدَتْ مَرَّةً
_________
(١) سورة البقرة / ٢٣٣
(٢) سورة الأحقاف / ١٥
أُخْرَى لِذَلِكَ الْحَدِّ (١) . كَمَا بَيَّنَ الْفِقْهُ الإِْسْلاَمِيُّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل، فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) أَنَّهَا أَرْبَعُ سَنَوَاتٍ. وَفِي رَأْيٍ لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّهَا خَمْسُ سَنَوَاتٍ، وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهَا سَنَتَانِ. وَقَدْ جَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل دَلِيلُهُ الاِسْتِقْرَاءُ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: " جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، امْرَأَةُ صِدْقٍ، وَزَوْجُهَا رَجُل صِدْقٍ، حَمَلَتْ ثَلاَثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، تَحْمِل كُل بَطْنٍ أَرْبَعَ سِنِينَ ". وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِيل إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَمَلَتْ أُمُّهُ بِهِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَفِي صِحَّتِهِ كَمَا قَال ابْنُ شَيْبَةَ نَظَرٌ؛ لأَِنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْل سَنَتَانِ، فَكَيْفَ يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ؟ " قَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: وَهَذَا مُشْكِلٌ مَعَ كَثْرَةِ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ (٢) ".
مُدَّةُ الْهُدْنَةِ (٣):
١٤ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ مُوَادَعَةُ أَهْل الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، كَمَا وَادَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَهْل مَكَّةَ.
_________
(١) المغني والشرح الكبير ٤ / ١١٥، وفتح القدير ٤ / ١٨١، غير أنه ذكر أن هذه الحادثة حدثت مع عثمان بن عفان، وأن ابن عباس هو الذي رأى ذلك.
(٢) الاختيار ٣ / ٢٤٣، وفتح القدير ٧ / ٣٢٢ و٩ / ٣٦٠، ورد المحتار ٤ / ٤٧٤، والدسوقي ٣ / ٤٠٧، وبداية المجتهد ٢ / ١١٧، ومغني المحتاج ٣ /. ٣٩، وكشاف القناع ٤ / ٤٦٣، والمغني مع الشرح ٧ / ١٩٧.
(٣) الهدنة لغة: السكون، وشرعا: العقد على ترك القتال مدة معلومة، وتسمى موادعة. (كشاف القناع ٣ / ١١١. ط. الرياض) .