الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩ الصفحة 10

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٩

فِي الرَّمْيِ، وَإِنَّمَا الْمَطْلُوبُ أَخْذُ الْحَصَاةِ بِسَبَّابَتِهِ وَإِبْهَامِهِ مِنَ الْيَدِ الْيُمْنَى وَرَمْيُهَا. (١) وَهُمْ بِذَلِكَ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي الْكَيْفِيَّةِ.

وَاخْتَلَفَتِ الأَْقْوَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ ذَكَرُوا هَيْئَةَ الْخَذْفِ وَهِيَ: وَضْعُ الْحَصَى عَلَى بَطْنِ الإِْبْهَامِ وَرَمْيُهُ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ، ثُمَّ قَالُوا: إِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَهَذَا مَا جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ، وَحَاشِيَةِ الْجَمَل، وَحَوَاشِي تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ، وَاسْتَدَلُّوا لِلْكَرَاهَةِ بِالنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنِ الْخَذْفِ، وَهَذَا يَشْمَل الْحَجَّ وَغَيْرَهُ، قَالُوا: وَالأَْصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنْ يَرْمِيَ الْحَصَى عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ الْخَذْفِ. لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مُقَابِل الأَْصَحِّ هُوَ مَا ذَكَرُوهُ عَنِ الرَّافِعِيِّ، فَقَدْ قَالُوا: وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ نَدْبَ هَيْئَةِ الْخَذْفِ. (٢) أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَمْ يَذْكُرُوا لِلرَّمْيِ كَيْفِيَّةً خَاصَّةً. (٣)

هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَيْفِيَّةِ:

٦ - أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمِقْدَارِ الْحَصَاةِ الَّتِي تُرْمَى بِهَا الْجِمَارُ، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ: ارْمُوا الْجَمْرَةَ بِمِثْل حَصَى الْخَذْفِ. (٤) وَنَحْوِهِ

_________

(١) حاشية الدسوقي ٢ / ٥٠، الشرح الصغير ١ / ٢٨٢ ط الحلبي، وأسهل المدارك ١ / ٢٧٣.

(٢) نهاية المحتاج ٣ / ٣٠٤، وحواشي تحفة المحتاج ٤ / ١٣٣، وحاشية ٢ / ٤٧٤، ومغني المحتاج ١ / ٥٠٨.

(٣) المغني ٣ / ٤٢٥، وكشاف القناع ٢ / ٤٩٩، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٦١.

(٤) حديث: فارموا بمثل حصى الخذف ". تقدم تخريجه (ف / ٥) .

مِنَ الأَْحَادِيثِ بَيَّنَتْ قَدْرَ الْحَصَاةِ بِأَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً كَالَّتِي يَخْذِفُهَا بِهَا، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ الصِّغَرِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهَا مِقْدَارُ الْبَاقِلاَّ، أَيْ قَدْرُ الْفُولَةِ، وَقِيل: قَدْرُ الْحِمَّصَةِ، أَوِ النَّوَاةِ، أَوِ الأُْنْمُلَةِ. قَال فِي النَّهْرِ:

وَهَذَا بَيَانُ الْمَنْدُوبِ، وَأَمَّا الْجَوَازُ فَيَكُونُ وَلَوْ بِالأَْكْبَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (١) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: قَدْرُ الْفُول، أَوِ النَّوَاةِ، أَوْ دُونَ الأُْنْمُلَةِ، وَلاَ يُجْزِئُ الصَّغِيرُ جِدًّا كَالْحِمَّصَةِ، وَيُكْرَهُ الْكَبِيرُ خَوْفَ الأَْذِيَّةِ وَلِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ. (٢) وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: حَصَاةُ الرَّمْيِ دُونَ الأُْنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا فِي قَدْرِ حَبَّةِ الْبَاقِلاَّ - وَيُجْزِئُ عِنْدَهُمُ الرَّمْيُ بِأَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (٣)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَا كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ، وَإِنْ رَمَى بِحَجَرٍ أَكْبَرَ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: لاَ يُجْزِئُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْحَصَى عَلَى مَا فَعَل النَّبِيُّ ﷺ وَذَلِكَ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ فِي قَوْلِهِ: بِأَمْثَال هَؤُلاَءِ. . . " (٤) وَنَهَى عَنْ تَجَاوُزِهِ، وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ وَلأَِنَّ الرَّمْيَ بِالْكَبِيرِ مِنَ الْحَصَى رُبَّمَا آذَى مَنْ يُصِيبُهُ. قَال فِي الْمُغْنِي. وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تُجْزِئُهُ مَعَ تَرْكِهِ

_________

(١) ابن عابدين ٢ / ١٧٩.

(٢) حاشية الدسوقي ٢ / ٥٠.

(٣) حاشية الجمل ٢ / ٤٧٤، ونهاية المحتاج ٣ / ٣٠٤.

(٤) حديث: " بأمثال هؤلاء ". سبق تخريجه (ف / ٤) .

لِلسُّنَّةِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ رَمَى بِالْحَجَرِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الصَّغِيرِ. (١)

وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَشَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: لاَ تُجْزِئُ حَصَاةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا، أَوْ كَبِيرَةٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ. (٢) كَمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نَوْعِ الْحَصَى وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: (رَمْيٌ - جِمَارٌ - حَجٌّ) .

ثَانِيًا: فِي الصَّيْدِ:

٧ - لاَ يَحِل الصَّيْدُ بِحَصَى الْخَذْفِ لأَِنَّهُ وَقِيذٌ، وَفِي رَمْيِ الصَّيْدِ بِغَيْرِهِ خِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَيْدٌ) .

_________

(١) المغني ٣ / ٤٢٥.

(٢) كشاف القناع ٢ / ٤٩٩، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٦١.

خَرَاجٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْخَرَاجُ لُغَةً، مِنْ خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجًا أَيْ بَرَزَ وَالاِسْمُ الْخَرَاجُ، وَأَصْلُهُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الأَْرْضِ. وَالْجَمْعُ أَخْرَاجٌ، وَأَخَارِيجُ، وَأَخْرِجَةٌ. (١)

وَيُطْلَقُ الْخَرَاجُ عَلَى الْغَلَّةِ الْحَاصِلَةِ مِنَ الشَّيْءِ كَغَلَّةِ الدَّارِ، وَالدَّابَّةِ، وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ. (٢)

وَيُطْلَقُ الْخَرَاجُ أَيْضًا عَلَى الأُْجْرَةِ، أَوِ الْكِرَاءِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَهَل نَجْعَل لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَل بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ (٣) وقَوْله تَعَالَى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ﴾ . (٤)

_________

(١) ابن منظور: لسان العرب، والمصباح المنير مادة: " خرج ".

(٢) حديث: " الخراج بالضمان " أخرجه أبو داود (٣ / ٧٨٠ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة، وصححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير (٣ / ٢٢ - ط شركة الطباعة الفنية) .

(٣) سورة الكهف / ٩٤.

(٤) سورة المؤمنون / ٧٢.

وَالْخُرْجُ وَالْخَرَاجُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ وَاللَّيْثِ وَهُوَ الأُْجْرَةُ. وَفَرَّقَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاَءِ بَيْنَهُمَا، فَقَال الْخُرْجُ مَا تَبَرَّعْتَ بِهِ أَوْ تَصَدَّقْتَ بِهِ، وَالْخَرَاجُ مَا لَزِمَكَ أَدَاؤُهُ. (١)

وَيُطْلَقُ الْخَرَاجُ أَيْضًا عَلَى الإِْتَاوَةِ، أَوِ الضَّرِيبَةِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَال النَّاسِ، فَيُقَال خَارَجَ السُّلْطَانُ أَهْل الذِّمَّةِ، إِذَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ ضَرِيبَةً يُؤَدُّونَهَا لَهُ كُل سَنَةٍ.

٢ - الْخَرَاجُ فِي الاِصْطِلاَحِ:

لِلْخَرَاجِ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ مَعْنَيَانِ عَامٌّ وَخَاصٌّ.

فَالْخَرَاجُ - بِالْمَعْنَى الْعَامِّ - هُوَ الأَْمْوَال الَّتِي تَتَوَلَّى الدَّوْلَةُ أَمْرَ جِبَايَتِهَا وَصَرْفِهَا فِي مَصَارِفِهَا. وَأَمَّا الْخَرَاجُ - بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ - فَهُوَ الْوَظِيفَةُ أَوِ (الضَّرِيبَةُ) الَّتِي يَفْرِضُهَا الإِْمَامُ عَلَى الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ النَّامِيَةِ.

وَعَرَّفَهُ كُلٌّ مِنَ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَبِي يَعْلَى بِأَنَّهُ (مَا وُضِعَ عَلَى رِقَابِ الأَْرْضِ مِنْ حُقُوقٍ تُؤَدَّى عَنْهَا) . (٢)

_________

(١) ابن الجوزي: زاد المسير في علم التفسير ٥ / ١٩١، المكتب الإسلامي ببيروت ط ١ / ١٩٦٤ م.

(٢) الماوردي: الأحكام السلطانية ص ١٤٦ - مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة ط ٣ / ١٣٩٣ هـ - ١٩٧٣ م، أبو يعلى الفراء: الأحكام السلطانية ص ١٦٢ - مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة ط ٢، ١٣٨٦ - ١٩٦٦ م، والمغرب مادة: " خرج ".

الأَْلْفَاظُ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى الْخَرَاجِ:

أَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الْخَرَاجِ - بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ - عِدَّةَ أَلْفَاظٍ وَمُصْطَلَحَاتٍ مِنْهَا:

أ - جِزْيَةُ الأَْرْضِ:

٣ - يُطْلَقُ عَلَى الْخَرَاجِ جِزْيَةُ الأَْرْضِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْجِزْيَةِ خَرَاجُ الرَّأْسِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ اللَّفْظَيْنِ يَشْتَرِكَانِ فِي مَعْنًى، وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ. (١)

ب - أُجْرَةُ الأَْرْضِ:

٤ - أَطْلَقَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْخَرَاجِ " أُجْرَةَ الأَْرْضِ " (٢) وَذَلِكَ لأَِنَّ الْخَرَاجَ الْمَفْرُوضَ عَلَى الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ النَّامِيَةِ بِمَثَابَةِ الأُْجْرَةِ لَهَا. فَالإِْمَامُ يَقِفُ الأَْرْضَ الْمَفْتُوحَةَ عَنْوَةً عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَتْرُكُهَا فِي أَيْدِي أَهْلِهَا يَزْرَعُونَهَا بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ.

ج - الطَّسْقُ:

٥ - أَوَّل مَنِ اسْتَعْمَل هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي الإِْسْلاَمِ الإِْمَامُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ حَيْثُ

_________

(١) عليش: شرح منح الجليل على مختصر خليل ١ / ٧٥٦ - مكتبة النجاح بليبيا، الآبي: جواهر الإكليل على مختصر خليل ١ / ٢٦٦ - مطبعة دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة.

(٢) أبو عبيد: الأموال ص ٩٨ - مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة ط ١ (١٣٨٨هـ ١٩٦٨م) .

كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ ﵁ فِي رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ أَسْلَمَا، كِتَابًا جَاءَ فِيهِ: (ارْفَعِ الْجِزْيَةَ عَنْ رُءُوسِهِمَا وَخُذِ الطَّسْقَ عَنْ أَرْضِيهِمَا) وَبَوَّبَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الأَْمْوَال بَابًا بِاسْمِ (أَرْضُ الْعَنْوَةِ تُقَرُّ فِي يَدِ أَهْلِهَا وَيُوضَعُ عَلَيْهَا الطَّسْقُ وَهُوَ الْخَرَاجُ) .

وَالطَّسْقُ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ يُرَادُ بِهَا الْوَظِيفَةُ الْمُقَرَّرَةُ عَلَى الأَْرْضِ (١) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْغَنِيمَةُ:

٦ - الْغَنِيمَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: اسْمٌ لِلْمَأْخُوذِ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ عَلَى سَبِيل الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَالْخَرَاجُ كَمَا تَقَدَّمَ، الْوَظِيفَةُ الَّتِي يَفْرِضُهَا الإِْمَامُ عَلَى الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ.

ب - الْفَيْءُ:

٧ - الْفَيْءُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ كُل مَالٍ صَارَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ (٢) . وَالْفَيْءُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا انْجَلُوا عَنْهُ أَيْ هَرَبُوا عَنْهُ: خَوْفًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ بَذَلُوهُ لِلْكَفِّ

_________

(١) ابن منظور: لسان العرب مادة: (طسق)، أبو عبيد: الأموال ص ٨١، ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث ٣ / ١٢٤.

(٢) الكاساني: بدائع الصنائع - ٩ / ٤٣٤٥ - مطبعة الإمام بالقاهرة ١٩٧٢ م.

عَنْهُمْ وَالثَّانِي: مَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ كَالْجِزْيَةِ، وَالْخَرَاجِ الصُّلْحِيِّ، وَالْعُشُورِ. (١) وَالْفَيْءُ أَعَمُّ مِنَ الْخَرَاجِ.

ج - الْجِزْيَةُ:

٨ - الْجِزْيَةُ مَالٌ يُوضَعُ عَلَى الرُّءُوسِ لاَ عَلَى الأَْرْضِ، وَالْخَرَاجُ يُوضَعُ عَلَى رَقَبَةِ الأَْرْضِ (٢) .

د - الْخُمُسُ:

٩ - الْخُمُسُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ اسْمٌ لِلْمَأْخُوذِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَالرِّكَازِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُخَمَّسُ (٣) .

هـ - الْعُشْرُ:

١٠ - الْعُشْرُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ اسْمٌ لِلْمَأْخُوذِ مِنَ الْمُسْلِمِ فِي زَكَاةِ الأَْرْضِ الْعُشْرِيَّةِ. وَالْعُشْرُ يَتَّفِقُ مَعَ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ فِي أَنَّهُمَا يَجِبَانِ فِي الْخَارِجِ مِنَ الأَْرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ.

وَيَخْتَلِفَانِ فِي مَحَلِّهِمَا، فَمَحَل الْعُشْرِ الأَْرْضُ الْعُشْرِيَّةُ الَّتِي يَمْلِكُهَا مُسْلِمٌ، وَمَحَل الْخَرَاجِ الأَْرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ. (٤)

_________

(١) ابن رشد: بداية المجتهد ١ / ٤٠٢ - مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة - ط ٣ / ١٣٧٩ هـ - ١٩٦٠ م، والتعريفات للجرجاني (فيء) والماوردي في الأحكام السلطانية ص ١٢٦.

(٢) الأحكام السلطانية للماوردي ص ١٤٢، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٥٣.

(٣) حاشية الدسوقي ٢ / ١٩٠ - دار إحياء الكتب العربية - القاهرة.

(٤) ابن عابدين: حاشية رد المحتار على الدر المختار ٢ / ٣٥١ - دار الفكر ببيروت ١٣٩٩هـ - ١٩٧٩ م.

الْخَرَاجُ فِي الإِْسْلاَمِ:

١١ - لَمَّا آلَتِ الْخِلاَفَةُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، وَازْدَادَتِ الْفُتُوحَاتُ الإِْسْلاَمِيَّةُ، وَاتَّسَعَتْ رُقْعَةُ الدَّوْلَةِ، وَزَادَتْ نَفَقَاتُهَا، رَأَى عُمَرُ ﵁ أَنْ لاَ يَقْسِمَ الأَْرْضَ الْمَفْتُوحَةَ عَنْوَةً بَيْنَ الْفَاتِحِينَ، بَل يَجْعَلُهَا وَقْفًا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَيَضْرِبُ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِزِرَاعَتِهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا. فَوَافَقَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَخَالَفَهُ آخَرُونَ فِي بِدَايَةِ الأَْمْرِ.

قَال أَبُو يُوسُفَ (١): وَشَاوَرَهُمْ فِي قِسْمَةِ الأَْرَضِينَ الَّتِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ فِيهَا، وَأَرَادُوا أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ وَمَا فَتَحُوا. فَقَال عُمَرُ ﵁: فَكَيْفَ بِمَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِدُونَ الأَْرْضَ بِعُلُوجِهَا قَدِ اقْتُسِمَتْ وَوُرِثَتْ عَنِ الآْبَاءِ وَحِيزَتْ، مَا هَذَا بِرَأْيٍ. فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ﵁: فَمَا الرَّأْيُ؟ مَا الأَْرْضُ وَالْعُلُوجُ إِلاَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. فَقَال عُمَرُ: مَا هُوَ إِلاَّ كَمَا تَقُول، وَلَسْتُ أَرَى ذَلِكَ، وَاللَّهِ لاَ يُفْتَحُ بَعْدِي بَلَدٌ فَيَكُونُ فِيهِ كَبِيرُ نَيْلٍ، بَل عَسَى أَنْ يَكُونَ كُلًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا قُسِمَتْ أَرْضُ الْعِرَاقِ بِعُلُوجِهَا، (٢) وَأَرْضُ الشَّامِ

_________

(١) الخراج لأبي يوسف ص ٢٤ - ٢٧.

(٢) العلوج: جمع علج وهو الرجل الذي يقوى على العمل من كفار العجم وغيرهم، والمراد بعلوج الأرض العمال الذين يقومون بزراعة الأرض.

بِعُلُوجِهَا، فَمَا يُسَدُّ بِهِ الثُّغُورُ، وَمَا يَكُونُ لِلذُّرِّيَّةِ وَالأَْرَامِل بِهَذَا وَبِغَيْرِهِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ؟ فَأَكْثَرُوا عَلَى عُمَرَ ﵁، وَقَالُوا: أَتَقِفُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ بِأَسْيَافِنَا عَلَى قَوْمٍ لَمْ يَحْضُرُوا وَلَمْ يَشْهَدُوا، وَلأَِبْنَاءِ الْقَوْمِ وَلآِبَاءِ أَبْنَائِهِمْ وَلَمْ يَحْضُرُوا؟ .

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ ﵀ أَنَّ بِلاَل بْنَ رَبَاحٍ كَانَ مِنْ أَشَدِّ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرِهِمْ تَمَسُّكًا بِالرَّأْيِ الْمُخَالِفِ، حَتَّى قَال عُمَرُ ﵁: اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلاَلًا وَأَصْحَابَهُ " (١) وَمَكَثُوا فِي ذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً أَوْ دُونَ ذَلِكَ وَعُمَرُ ﵁ يُحَاجُّهُمْ إِلَى أَنْ وَجَدَ مَا يُؤَيِّدُ رَأْيَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَال: قَدْ وَجَدْتُ حُجَّةً، قَال تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٢) حَتَّى فَرَغَ مِنْ شَأْنِ بَنِي النَّضِيرِ فَهَذِهِ عَامَّةٌ فِي الْقُرَى كُلِّهَا. ثُمَّ قَال تَعَالَى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْل الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُول وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَْغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ

_________

(١) المعني: اللهم اكفني خلافهم، وأعني على مناقشتهم وإقناعهم، ولا يظن بأنه دعا عليهم وعلى بلال بالموت، لأنه هو الذي يقول فيه: " أبو بكر سيدنا أعتق سيدنا ".

(٢) سورة الحشر / ٦.