الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٨

حرف الحاء

حقد

الألفاظ ذات الصلة

الحسد

الحكم التكليفي

حق

التعريف

الحق عند علماء الأصول

الاتجاه الأول

الاتجاه الثاني

المراد بالحق عند الفقهاء

مصدر الحق

أركان الحق هي

أقسام الحق

أولا باعتبار اللزوم وعدمه

ثانيا تقسيم الحقوق باعتبار عموم النفع وخصوصه

القسم الأول حقوق الله تعالى الخالصة

أنواع حقوق الله الخالصة

القسم الثالث ما اجتمع فيه حق الله وحق العبد ولكن حق الله غالب

القسم الرابع ما اجتمع فيه حق الله وحق العبد لكن حق العبد غالب

الحقوق كلها فيها حق لله وحق للعبد

تقديم الحقوق بعضها على بعض عند تيسره وتعذر الجمع

تقسيم الحقوق باعتبار قابليتها للإسقاط وعدمه

أولا حق الله ﷾

حقوق العباد

الدين

المنافع

الحق المطلق

تقسيم الحقوق باعتبار معقولية المعنى

الحق المحدود المقدار والحق غير المحدود

القسم الأول الحق المحدود

حكم الحق المحدود

القسم الثاني الحق غير المحدود

حكم الحق غير المحدود

القسم الثالث الحق المختلف فيه

أنواع التحديد وعدم التحديد

الحق التام والمخفف

تقسيم الحقوق باعتبار انتقالها للورثة وعدم انتقالها

أولا الحقوق التي تورث، وهي

ثانيا الحقوق التي تثبت بالخلافة ولا تورث

ثالثا الحقوق التي لا تورث ولا تنقل بالخلافة

خيار التعيين

خيار العيب

القصاص في النفس

تقسيم الحقوق باعتبار المالية وعدمها

الحق الواجب ديانة، والحق الواجب قضاء

حق التملك والحق المباح

الحق الثابت أو الحق الواجب

الحق المؤكد

حكم الحق المؤكد

استيفاء الحق

حقة

ابن المخاض وبنت المخاض

الحكم الإجمالي ومواطن البحث

حقنة

حقيقة

الكناية

أقسام الحقيقة

الحكم الإجمالي

حكر

الإجارة الطويلة

أقسام الحكر

حكم الإجارة الطويلة في الأوقاف

امتناع الإجارة الطويلة في الوقف إذا اشترط الواقف ذلك

حكم التحكير في الوقف وشروط جوازه

الحكر على الوقف الذي فيه الخلو

المدة في التحكير

مقدار الأجرة في الاستحكار للوقف

ما يترتب على التحكير بغبن فاحش

زيادة أجرة المثل في أثناء المدة أو بعدها

نقص أجرة المثل أثناء مدة الاحتكار

ملكية الغراس والبناء الذي يضعه المحتكر والتصرف فيها

وقف البناء من مالكه في أرض الوقف المحتكرة

انقضاء الحكر بهلاك البناء أو الأشجار

حكم

أنواع الحكم

أقسام الحكم التكليفي

حكمان

حكمة

حكومة عدل

الدية

الأحكام المتعلقة بحكومة العدل

ما يجب فيه حكومة العدل

شروط حكومة العدل

ألا يكون للجناية أرش مقدر

ألا تبلغ الحكومة أرش العضو

أن يكون التقويم بعد اندمال الجرح

كيفية تقدير حكومة العدل

حلال

من المسائل الأصولية المتعلقة بالحلال

المسألة الأولى

المسألة الثانية

المسألة الثالثة

حلف

حكمة التحليف ومشروعيته

صفة التحليف

الحقوق التي يجري فيها التحليف

أثر التحليف في الخصومة

صفة المحلوف عليه

حق التحليف

النية في التحليف

المؤاخاة والموالاة

الأحلاف في الجاهلية

الأحكام المتعلقة بالحلف

أولا التحالف بين مسلم ومسلم

أطوار التوارث بالحلف في الإسلام

التوارث بالحلف

أحكام الحليف في غير التوارث

ثانيا التحالف بين طائفتين من المسلمين

حلق

النتف

أحكام الحلق بالمعنى الأول (حلق الشعر) حلق الرأس

حلق رأس المولود

حلق الشارب

حلق شعر المحرم

الحلق للتحلل من الإحرام

مقدار الواجب حلقه للتحلل

المفاضلة بين الحلق والتقصير للتحلل

حلق شعر سائر الجسد

حلق شعر الكافر إذا أسلم

حلق شعر الميت

أحكام الحلق (بمعنى مساغ الطعام والشراب)

حل

الحل ضد الحرمة

أفضل بقاع الحل للإحرام بالعمرة

الحل المقابل لحرم المدينة

أشهر الحل

الحل مقابل الإحرام

حلم

حلوان

الجعل

الرشوة

حليف

حلي

الأحكام المتعلقة بالحلي

أولا حلية الذهب

حلية الذهب للرجال

حلية الفضة للرجال

حلية الذهب والفضة للنساء

الحلي من غير الذهب والفضة

زكاة الحلي

حكم انكسار الحلي

وقف الحلي

حمى

الإرفاق

شروط الحمى

عقوبة التعدي على حمى الإمام

إحياء الحمى

حمالة

الكفالة

مشروعية الحمالة

أحكام الحمالة

دفع الزكاة للحميل

إباحة السؤال لأجل الحمالة

حمد

الشكر

المدح

حمد الإنسان نفسه

حمد الإنسان غيره

حمد الله تعالى

أولا الابتداء بالحمد

ثانيا الحمد في دعاء الاستفتاح

ثالثا قراءة سورة الحمد في الصلاة

رابعا الحمد في الركوع والسجود

خامسا الحمد في الرفع بعد الركوع

سادسا الحمد بعد الصلاة

سابعا الحمد في الخطب المشروعة

الحمد في خطبتي الجمعة

الحمد في خطبتي الاستسقاء

الحمد في خطبتي الكسوف

الحمد في خطب الحج

ثامنا الحمد في بدء الدعاء وختمه

تاسعا الحمد عند حصول نعمة أو اندفاع مكروه

عاشرا الحمد بعد العطاس

حادي عشر الحمد عند الصباح والمساء

ثاني عشر الحمد عند موت الولد

رابع عشر الحمد إذا دخل السوق

سادس عشر الحمد إذا ركب دابته ونحوها

سابع عشر الحمد لمن أكل أو شرب، أو لبس جديدا، أو قام من المجلس، أو خرج من

ثامن عشر فضل الحمد وأفضل ألفاظه

حمدلة

حمل

الجنين

أحكام الحمل

أولا الحمل بمعنى ما تحمله الأنثى من ولد

مدة الحمل وأثرها في ثبوت النسب

أقل مدة الحمل

أكثر مدة الحمل

أثر الحمل في تصرفات الحامل

أهلية الحمل

الإرث

الوصية للحمل

الوقف على الحمل

الإقرار للحمل والهبة له

نفي الحمل

الاستلحاق

إخراج الحمل من الحامل الميت

ذكاة حمل الحيوان

بيع الحمل واستثناؤه في بيع الحامل

ثانيا الحمل بمعنى الرفع

حمل المبيع والمأجور

حمل المصحف

حمام

أحكام تتعلق بالحمام

الشفعة في الحمام

قسمة الحمام

دخول الحمام

دخول الذمية الحمام مع المسلمات

آداب الدخول إلى الحمام والخروج منه

طهارة ماء الحمام

السلام في الحمام

قراءة القرآن والذكر في الحمام

الصلاة في الحمام وعليه وإليه

قطع من سرق من حمام

حمو

حميل

حمية

حنتم

حنث

البر

ما يقع فيه الحنث من الأيمان

الكفارة قبل الحنث

حنث الناسي، والمكره، والجاهل

حوالة

السنة

القياس

حقيقة عقد الحوالة وحكمة مشروعيتها

تقسيم الحوالة وبيان أنواعها

أولا - النوعان الأصليان للحوالة

ثانيا - الأنواع الفرعية للحوالة

أنواع الحوالة المقيدة

أنواع الحوالة المطلقة

حوالة مؤجلة

ثالثا أقسام الحوالة عند جمهور الفقهاء

أركان الحوالة وشروطها

المراد بالصيغة

تغير الحوالة بألفاظ معينة

الصيغة

أولا رضا المحيل

ثانيا رضا المحال

ثالثا رضا المحال عليه

اختلاف المتعاقدين في أن المقصود بالحوالة وكالة

الحالة الأولى حين يكون المحيل هو منكر الحوالة

الاحتمال الثاني أن المحال قبض المال، وما زال عنده

الاحتمال الثالث أن المحال قبض المال، ولكنه هلك عنده

(الحالة الثانية) حين يكون المحال هو منكر الحوالة

(الاحتمال الأول) أن المحال لم يقبض المال

(الاحتمال الثالث) المحال قبض المال، ولكنه هلك عنده

تنبيه

مجلس العقد

الشروط التي يشترطها الأطراف

أطراف الحوالة

أولا - المحيل وشرائطه

النوع الأول شرائط تتعلق بأهلية المحيل

النوع الثاني مديونية المحيل للمحال

ثالثا المحال عليه وشرائطه

الأولى الأهلية

الثانية قدرة المحال عليه على الوفاء بما التزم به

ملاءة المحال عليه

إمكان إحضار المحال عليه مجلس الحكم

مديونية المحال عليه للمحيل عند من لا يجيز الحوالة المطلقة

محل الحوالة وشرائطه (المال المحال به والمال المحال عليه)

ثانيا حوالة العين

شرائط المال المحال به والمحال عليه

أولا كون المال المحال به لازما

ثانيا كون المال المحال به أو عليه يصح الاعتياض عنه

المال المحال به

ثالثا كون المال المحال به أو عليه مستقرا

المال المحال عليه

رابعا كون المال المحال عليه ناشئا عن معاوضة مالية

خامسا كون المال المحال به أو عليه معلوما

سادسا كون المال المحال به أو عليه ثابتا قبل الحوالة

سابعا كون المال المحال به أو عليه حالا

ثامنا كون المال المحال به أو عليه مثليا

تاسعا كون المالين المحال به أو عليه متساويين جنسا وقدرا وصفة

الاستعاضة في الحوالة

عاشرا قبض المال المحال عليه (إن كان رأس مال سلم أو ربويا يوافق المحال به في علة الربا) .

ما لا يشترط في الحوالة

الجزاء على تخلف إحدى شرائط الانعقاد (بطلان الحوالة)

شرائط النفاذ

أولا بلوغ المحيل والمحال، والمحال عليه بحسب الأحوال

ثانيا ولاية المحال على المال المحال به

أحكام الحوالة

آثار الحوالة

لزوم الحوالة

والجائزة

الشروط اللاحقة

النوع الأول من الشروط الملحقة شروط فاسدة

النوع الثاني من الشروط الملحقة شروط صحيحة

١ - أثر الحوالة في علاقة المحيل والمحال

كون الحوالة تنقل الدين والمطالبة

٢ - أثر الحوالة في علاقة المحال والمحال عليه

ثبوت ولاية للمحال في مطالبة المحال عليه

ثبوت حق للمحال في ملازمة المحال عليه

عدم جواز امتناع المحال عليه عن الدفع

الضمانات والدفوع

(النوع الثاني) - ضمانات لمصلحة المدين

٣ - أثر الحوالة في علاقة المحيل والمحال عليه

حق المحال عليه في ملازمة المحيل

حق المحال عليه في الرجوع

أولا - حالة الأداء الفعلي

(١) - أن تكون الحوالة برضا المحيل

(٣) أن لا يكون المحال عليه مدينا للمحيل بمثل دينه

ثانيا حالة الأداء الحكمي

حق المحيل في مطالبة المحال عليه

انتهاء الحوالة

أولا - انتهاء الحوالة بالتنفيذ

ثانيا انتهاء الحوالة دون تنفيذ

الأولى الانتهاء الرضائي.

الانتهاء بطريق التقايل (التراضي على الفسخ) .

الانتهاء بطريق الإبراء

الثانية - الانتهاء غير الرضائي

١ - الانتهاء بموت المحيل

ومن نتائج القول بالانفساخ عند الحنفية

٣ - الانتهاء بفوات المحل

(ب) ارتفاع المال المحال عليه أصالة

(ج) ارتفاع المال المحال به عروضا

(د) ارتفاع المال المحال عليه عروضا

(الحالة الأولى) - ارتفاع المحال عليه عروضا في الحوالة المطلقة

(الحالة الثانية) - ارتفاع المال المحال عليه عروضا في الحوالة المقيدة بعين

(الحالة الثالثة) - ارتفاع المال المحال عليه عروضا في الحوالة المقيدة بدين

٤ - الانتهاء بالتوى

(ب) - المعقول

آثار الصحابة

أدلة المالكية وموافقيهم

أسباب التوى

أولا - موت المحال عليه مفلسا قبل الأداء

ثانيا - جحد المحال عليه الحوالة، ولا بينة

رابعا - تلف الأمانة التي قيدت بها الحوالة أو ضياعها

آثار التوى

حوز

حوض

التفرقة بين القليل والكثير

حوقلة

الحيعلة

أحكام الحوقلة

عند سماع المؤذن

موارد ذكر الحوقلة

حول

الأحكام الشرعية المتعلقة بالحول

الحول في الزكاة

ابتداء الحول

ما يقطع حكم الحول

استبدال مال الزكاة في الحول بمثله

علف السائمة في خلال الحول

الحول في مدة الرضاع

اشتراط الحولين في الرضاع المؤثر في التحريم

العشى

الأحكام المتعلقة بالحول

فسخ النكاح بالحول

التضحية بالحولاء

ما يجب في الإحوال

حياء

الخجل

الأحكام المتعلقة بالحياء

أخذ مال الغير بسبب الحياء

حياة

الروح

الأحكام المتعلقة بالحياة

أولا بدء الحياة

ثانيا انتهاء الحياة

ثالثا الحفاظ على الحياة

رابعا الجناية على الحياة

جناية الشخص على حياته

جناية الشخص على حياة غيره

الجناية على حياة شخص حي

الجناية على حياة الجنين

خامسا الحياة المعتبرة في الإرث

سادسا الحياة المعتبرة في الصيد والذبائح

سابعا الحياة المعتبرة في غسل السقط وتكفينه والصلاة عليه

ثامنا الحياة المعتبرة في قبول التوبة

حيازة

القبض

وضع اليد

أحكام الحيازة

الحيازة كدليل على الملكية

أنواع الحيازة

شروط الحيازة بين الأجانب غير الشركاء

ما توجبه الحيازة

الحيازة بين الأجانب الشركاء

الحيازة بين الأقارب غير الشركاء، والأقارب الشركاء

الحيازة بين الأب وابنه

الحيازة بين الأختان والأصهار والموالي

الحيازة في غير العقار في المراتب الخمسة.

التصرف من النوع الثالث

تفويت البعض وله أحوال

تأخر الحيازة عن ثبوت حق الملكية

الحيازة كسبب من أسباب الملكية

حيض

القرء

الاستحاضة

النفاس

الحكم التكليفي لتعلم أحكام الحيض

ركن الحيض

شروط الحيض

ألوان دم الحيض

السن التي تحيض فيها المرأة

فترة الحيض

أحوال الحائض

المبتدأة

الحالة الأولى انقطاع الدم لتمام أكثر الحيض فما دون

المعتادة

ثبوت العادة

أحوال المعتادة

انقطاع الدم دون العادة

مجاوزة الدم للعادة

مذهب الحنفية في انتقال العادة

انتقال العادة عند غير الحنفية

وتلفيق الحيض

الطهر من الحيض

أقل الطهر وأكثره

علامة الطهر

دم الحامل

أنواع الطهر

ما يترتب على الحيض

(٢) التطهر

غسل الحائض

طهارة الحائض

(٣) الصلاة

إدراك وقت الصلاة

(أ) إدراك أول الوقت

(ب) إدراك آخر الوقت

(٤) الصوم

إدراك الصوم

(٥) الحج

أغسال الحج

الطواف

(٦) القرآن

قراءة القرآن

مس المصحف وحمله

دخول المسجد

اللبث في المسجد للحائض

الاستمتاع بالحائض

كفارة وطء الحائض

وطء الحائض بعد انقطاع الحيض

طلاق الحائض

ما يحل بانقطاع الدم

أحكام عامة

١- إنزال ورفع الحيض بالدواء

٣ - ما يتفق فيه الحيض والنفاس من أحكام وما يختلفان فيه

حيلة

التدبير

التورية والتعريض

تقسيم الحيل

الحيل المشروعة

الحيل المحرمة

أدلة مشروعية الحيل المباحة

أدلة تحريم الحيل المحرمة

حيوان

الدابة

النعم

الأحكام التي تتعلق بالحيوان

أكل الحيوان

ذكاة الحيوان

زكاة الحيوان

الإنفاق على الحيوان والرفق به

مواطن البحث

تراجم فقهاء الجزء الثامن عشر

ابراهيم الطرابلسي (٨٤٣ - ٩٢٢هـ)

ابن الأستاذ (٦١١ - ٦٦٢هـ)

أبو بكر الأنباري (٢٧١ - ٣٢٨هـ)

أبو زكريا يحيى السراج (؟ - ٨٠٥هـ)

أمير بادشاه (؟ - ٩٨٧هـ)

التسولي (؟ - ١٢٥٨هـ)

سعيد بن مزاحم (؟ -؟)

عبد الرحمن الحائك (؟ - كان حيا سنة ١٢٢٠هـ)

عبد الرحمن بن معاذ (؟ -؟)

علاء الدين البخاري (؟ - ٧٣٠هـ)

علي بن ربيعة بن نضلة (؟ -؟)

القاسم بن عبد الرحمن (؟ - ١٢٠هـ)

القونوي (؟ - ٩٨٥هـ)

محمد إبراهيم الميداني (؟ -؟)

حِقْدٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْحِقْدُ مِنْ مَعَانِيهِ: الضَّغَنُ وَالاِنْطِوَاءُ عَلَى الْبَغْضَاءِ، وَإِمْسَاكُ الْعَدَاوَةِ فِي الْقَلْبِ، وَالتَّرَبُّصُ لِفُرْصَتِهَا، أَوْ سُوءُ الظَّنِّ فِي الْقَلْبِ عَلَى الْخَلاَئِقِ لأَِجْل الْعَدَاوَةِ، أَوْ طَلَبُ الاِنْتِقَامِ. وَتَحْقِيقُ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْغَضَبَ إذَا لَزِمَ كَظْمُهُ لِعَجْزٍ عَنِ التَّشَفِّي فِي الْحَال رَجَعَ إلَى الْبَاطِنِ وَاحْتَقَنَ فِيهِ فَصَارَ حِقْدًا (١) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْحَسَدُ:

٢ - الْحَسَدُ أَحَدُ ثِمَارِ الْحِقْدِ وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: تَمَنِّي الْحَاسِدِ أَنْ تَزُول إلَيْهِ نِعْمَةُ الْمَحْسُودِ، أَوْ أَنْ يُسْلَبَهَا. وَهَذَا مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ. وَيَقُول ابْنُ جُزَيٍّ: مَعْنَاهُ تَأَلُّمُ الْقَلْبِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

_________

(١) راجع الصحاح والقاموس واللسان والمصباح مادة (حقد)، التعريفات للجرجاني / ١٢١ ط العربي، الكليات ٢ / ٢٦٦ ط دمشق، الشرح الصغير ٤ / ٧٣٧ ط المعارف.

عَلَى عِبَادِهِ وَتَمَنِّي زَوَالِهَا عَنِ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ. فَإِنْ تَمَنَّى مِثْلَهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَتَمَنَّ زَوَالَهَا عَنْ غَيْرِهِ فَذَلِكَ غِبْطَةٌ جَائِزَةٌ (١) .

ب - الْغَضَبُ:

٣ - الْغَضَبُ ضِدُّ الرِّضَا. وَحَقِيقَتُهُ: تَغَيُّرٌ يَحْصُل عِنْدَ غَلَيَانِ دَمِ الْقَلْبِ لِيَحْصُل عَنْهُ التَّشَفِّي لِلصَّدْرِ، وَهُوَ يُثْمِرُ الْحِقْدَ لأَِنَّ الْغَضَبَ إذَا لَزِمَ كَظْمُهُ لِعَجْزٍ عَنِ التَّشَفِّي فِي الْحَال رَجَعَ إلَى الْبَاطِنِ وَاحْتَقَنَ فِيهِ فَصَارَ حِقْدًا (٢) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

٤ - يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْحِقْدِ بِحَسَبِ بَاعِثِهِ، فَإِنْ كَانَ لِحَسَدٍ وَضَغَنٍ دُونَ حَقٍّ فَهُوَ مَذْمُومٌ شَرْعًا، لأَِنَّهُ يُثِيرُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَالإِْضْرَارَ بِالنَّاسِ لِغَيْرِ مَا ذَنْبٍ جَنَوْهُ.

وَقَدْ وَرَدَ ذَمُّهُ فِي الشَّرْعِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي ذَمِّ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ سَاءَهُمُ ائْتِلاَفُ الْمُؤْمِنِينَ وَاجْتِمَاعُ كَلِمَتِهِمْ بِحَيْثُ أَصْبَحَ أَعْدَاؤُهُمْ عَاجِزِينَ عَنِ التَّشَفِّي مِنْهُمْ

_________

(١) القوانين الفقهية ص ٢٨٦.

(٢) الصحاح والمصباح: (غضب)، التعريفات للجرجاني / ٢٠٩ - ط العربي، إحياء علوم الدين للغزالي ٣ / ١٧٧ - ط الحلبي.

﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَْنَامِل مِنَ الْغَيْظِ﴾ (١) فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ﷾ فِي هَذِهِ الآْيَةِ أَنَّ هَؤُلاَءِ الْمُنَافِقِينَ يُظْهِرُونَ الإِْيمَانَ عِنْدَ مُلاَقَاتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَإِنَّهُمْ يَعَضُّونَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِمْ لأَِجْل الْغَضَبِ وَالْحَنَقِ، لِمَا يَرَوْنَ مِنَ ائْتِلاَفِ الْمُؤْمِنِينَ وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ، وَنُصْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ، بِحَيْثُ عَجَزَ أَعْدَاؤُهُمْ عَنْ أَنْ يَجِدُوا سَبِيلًا إلَى التَّشَفِّي وَاضْطُرُّوا إلَى مُدَارَاتِهِمْ، وَعَضُّ الأَْنَامِل عَادَةُ النَّادِمِ الأَْسِيفِ الْعَاجِزِ. (٢)

وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ ذَمَّ الْحِقْدَ وَنَفَاهُ عَنِ الْمُؤْمِنِ فِي قَوْلِهِ ﷺ: الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِحَقُودٍ (٣)

هَذَا وَمِمَّا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْحِقْدِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: ثَلاَثٌ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا سِوَى ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَمْ يَكُنْ سَاحِرًا يَتْبَعُ السَّحَرَةَ، وَلَمْ يَحْقِدْ عَلَى أَخِيهِ (٤) .

_________

(١) سورة آل عمران / ١١٩.

(٢) القوانين الفقهية ص ٢٨٦، وإتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ٨ / ٣٧ - ٣٨ ط الفكر، وروح المعاني ٤ / ٣٩ ط المنيرية، وتفسير القرطبي ٤ / ١٨٢ ط المصرية.

(٣) حديث: " المؤمن ليس بحقود " ذكره الغزالي في الإحياء (بشرح الزبيدي ٨ / ٥٨ ط الميمنية) وقال العراقي: " لم أجد له أصلا مرفوعا، وإنما هو من قول الفضيل بن عياض: المؤمن يغبط ولا يحسد ".

(٤) حديث: " ثلاث من لم يكن فيه واحدة. . . " أخرجه الطبراني في الكبير (١٢ / ٢٤٤ ط وزارة الأوقاف العراقية) من حديث عبد الله بن عباس وأورده الهيثمي في المجمع (١ / ١٠٤ ط القدسي) وعزاه إلى الطبراني في الكبير والأوسط وقال: " وفيه ليث بن أبي سليم " يعني أنه ضعيف.

وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: قَامَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنَ اللَّيْل فَصَلَّى فَأَطَال السُّجُودَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ قُبِضَ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُمْتُ حَتَّى حَرَّكْتُ إبْهَامَهُ فَتَحَرَّكَ فَرَجَعَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَفَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ قَال: - يَا عَائِشَةُ - أَوْ يَا حُمَيْرَاءُ - أَظَنَنْتِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ خَاسَ بِكِ؟ قُلْتُ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُول اللَّهِ وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ قُبِضْتَ لِطُول سُجُودِكَ فَقَال: أَتَدْرِينَ أَيُّ لَيْلَةٍ هَذِهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِنَّ اللَّهَ ﷿ يَطَّلِعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانِ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ وَيُؤَخِّرُ أَهْل الْحِقْدِ كَمَا هُمْ (١) .

٥ - وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحِقْدَ كَمَا ذَكَرَ الْمُنَاوِيُّ مِنَ الْبَلاَيَا الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا الْمُنَاظِرُونَ قَال الْغَزَالِيُّ: لاَ يَكَادُ الْمُنَاظِرُ يَنْفَكُّ عَنْهُ، إِذْ لاَ تَكَادُ تَرَى مُنَاظِرًا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ يُضْمِرَ حِقْدًا عَلَى مَنْ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ عِنْدَ كَلاَمِ خَصْمِهِ وَيَتَوَقَّفُ فِي كَلاَمِهِ فَلاَ يُقَابِلُهُ

_________

(١) حديث عائشة: قام رسول الله ﷺ من الليل. . . " أورده المنذري في الترغيب والترهيب (٥ / ١٢٦ ط السعادة) وعزاه إلى البيهقي في الشعب ونقل عنه أنه قال: " مرسل جيد ". يعني أن فيه انقطاعا.

بِحُسْنِ الإِْصْغَاءِ، بَل يُضْمِرُ الْحِقْدَ وَيُرَتِّبُهُ فِي النَّفْسِ، وَغَايَةُ تَمَاسُكِهِ الإِْخْفَاءُ بِالنِّفَاقِ. (١)

٦ - وَمِمَّا يُذْهِبُ الْحِقْدَ الإِْهْدَاءُ وَالْمُصَافَحَةُ كَمَا قَال النَّبِيُّ ﷺ: تَهَادَوْا فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ. وَفِي رِوَايَةٍ: تَهَادَوْا تَحَابُّوا (٢) .

٧ - أَمَّا إِنْ كَانَ الْحِقْدُ عَلَى ظَالِمٍ لاَ يُمْكِنُ دَفْعُ ظُلْمِهِ أَوِ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ، أَوْ عَلَى كَافِرٍ يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ وَلاَ يُمْكِنُهُمْ دَفْعُ أَذَاهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْمُومٍ شَرْعًا، ثُمَّ إذَا تَمَكَّنَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ، فَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فَذَلِكَ مِنَ الإِْحْسَانِ وَالْعَفْوِ عَمَّنْ ظَلَمَهُ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ.

وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ فَلاَ حَرَجَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيل عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ﴾ (٣) الآْيَةَ، وَقَال تَعَالَى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ (٤)

_________

(١) فيض القدير٣ / ٢٨٩ ط التجارية.

(٢) حديث: " تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر " أخرجه أحمد (٢ / ٤٠٥ ط الميمنية) والترمذي (٤ / ٤٤١ ط الحلبي) من حديث أبي هريرة. وقال الترمذي: " هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأبو معشر اسمه نجيح مولى ابن هاشم، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ".

(٣) سورة الشورى / ٤١ - ٤٢.

(٤) سورة التوبة / ١٤.

حَقٌّ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْحَقُّ فِي اللُّغَةِ خِلاَفُ الْبَاطِل، وَهُوَ مَصْدَرُ، حَقَّ الشَّيْءُ يَحِقُّ إِذَا ثَبَتَ وَوَجَبَ. وَجَاءَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ الْحَقَّ يُطْلَقُ عَلَى الْمَال وَالْمِلْكِ وَالْمَوْجُودِ الثَّابِتِ. وَمَعْنَى حَقَّ الأَْمْرُ وَجَبَ وَوَقَعَ بِلاَ شَكٍّ، وَعَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهُ الثَّابِتُ الَّذِي لاَ يَسُوغُ إِنْكَارُهُ.

وَالْحَقُّ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيل مِنْ صِفَاتِهِ.

وَمِنْ مَعَانِي الْحَقِّ فِي اللُّغَةِ: النَّصِيبُ، وَالْوَاجِبُ، وَالْيَقِينُ، وَحُقُوقُ الْعَقَارِ مَرَافِقُهُ. (١)

وَالْحَقُّ فِي الاِصْطِلاَحِ يَأْتِي بِمَعْنَيَيْنِ:

الأَْوَّل: هُوَ الْحُكْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الأَْقْوَال وَالْعَقَائِدِ وَالأَْدْيَانِ وَالْمَذَاهِبِ بِاعْتِبَارِ اشْتِمَالِهَا عَلَى ذَلِكَ وَيُقَابِلُهُ الْبَاطِل.

وَالآْخَرُ: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْوَاجِبِ الثَّابِتِ. وَهُوَ قِسْمَانِ: حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعِبَادِ.

فَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ، فَقَدْ عَرَّفَهُ التَّفْتَازَانِيُّ: بِأَنَّهُ

_________

(١) المصباح المنير، القاموس، لسان العرب (حق)، والتعريفات للجرجاني.

مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ لِلْعَالَمِ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِأَحَدٍ، فَيُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِعِظَمِ خَطَرِهِ، وَشُمُول نَفْعِهِ، أَوْ كَمَا قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: حَقُّ اللَّهِ مَا لاَ مَدْخَل لِلصُّلْحِ فِيهِ، كَالْحُدُودِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهَا.

وَأَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ لَهُ، كَحُرْمَةِ مَالِهِ، أَوْ كَمَا قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ، فَهِيَ الَّتِي تَقْبَل الصُّلْحَ وَالإِْسْقَاطَ وَالْمُعَاوَضَةَ عَلَيْهَا (١) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْحُكْمُ:

٢ - الْحُكْمُ هُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَال الْمُكَلَّفِينَ بِالاِقْتِضَاءِ، أَوِ التَّخْيِيرِ، أَوِ الْوَضْعِ، وَالْحَقُّ أَثَرٌ لِلْحُكْمِ لأَِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ (٢) .

فَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْحُكْمِ عَلاَقَةُ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ.

الْحَقُّ عِنْدَ عُلَمَاءِ الأُْصُول:

٣ - الْمُرَادُ بِالْحَقِّ عِنْدَ عُلَمَاءِ أُصُول الْفِقْهِ:

اتَّجَهَ عُلَمَاءُ الأُْصُول الَّذِينَ ذَكَرُوا الْحَقَّ اتِّجَاهَيْنِ:

الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْحُكْمُ، وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَال الْمُكَلَّفِينَ

_________

(١) أعلام الموقعين ١ / ١٠٨ وشرح المنار وحواشيه ص٨٨٦، وتيسير التحرير ٢ / ١٧٤ - ١٨١.

(٢) التعريفات للجرجاني.

بِالاِقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ أَوِ الْوَضْعِ.

قَال فَخْرُ الإِْسْلاَمِ الْبَزْدَوِيُّ (١): أَمَّا الأَْحْكَامُ فَأَنْوَاعٌ: الأَْوَّل: حُقُوقُ اللَّهِ ﷿ خَالِصَةً. وَالثَّانِي: حُقُوقُ الْعِبَادِ خَالِصَةً. وَالثَّالِثُ: مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَقَّانِ، وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبٌ. وَالرَّابِعُ: مَا اجْتَمَعَا مَعًا وَحَقُّ الْعَبْدِ فِيهِ غَالِبٌ.

ثُمَّ قَال عَلاَءُ الدِّينِ الْبُخَارِيُّ فِي شَرْحِهِ: قَال أَبُو الْقَاسِمِ ﵀ فِي أُصُول الْفِقْهِ: الْحَقُّ: الْمَوْجُودُ مِنْ كُل وَجْهٍ الَّذِي لاَ رَيْبَ فِي وُجُودِهِ، وَمِنْهُ: السِّحْرُ حَقٌّ، وَالْعَيْنُ حَقٌّ، أَيْ مَوْجُودٌ بِأَثَرِهِ، وَهَذَا الدِّينُ حَقٌّ، أَيْ مَوْجُودٌ صُورَةً وَمَعْنًى، وَلِفُلاَنٍ حَقٌّ فِي ذِمَّةِ فُلاَنٍ، أَيْ شَيْءٌ مَوْجُودٌ مِنْ كُل وَجْهٍ.

وَقَال أَيْضًا: حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ لِلْعَالَمِ، فَلاَ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدٌ. وَيُنْسَبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، أَوْ لِئَلاَّ يَخْتَصَّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، مِثْل: حُرْمَةِ الْبَيْتِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةُ الْعَالَمِ، بِاِتِّخَاذِهِ قِبْلَةً لِصَلَوَاتِهِمْ، وَمَثَابَةً لَهُمْ. وَكَحُرْمَةِ الزِّنَى لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ عُمُومِ النَّفْعِ فِي سَلاَمَةِ الأَْنْسَابِ، وَصِيَانَةِ الْفِرَاشِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ يُنْسَبُ إلَيْهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا، لأَِنَّهُ يَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ حَقًّا لَهُ بِهَذَا الْوَجْهِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَهُ بِجِهَةِ التَّخْلِيقِ، لأَِنَّ الْكُل سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ. بَل الإِْضَافَةُ

_________

(١) كشف الأسرار ٤ / ١٣٤، ١٣٥.

إِلَيْهِ لِتَشْرِيفِ مَا عَظُمَ خَطَرُهُ، وَقَوِيَ نَفْعُهُ، وَشَاعَ فَضْلُهُ، بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ النَّاسُ كَافَّةً.

وَحَقُّ الْعَبْدِ: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ لَهُ، مِثْل: حُرْمَةِ مَالِهِ، فَإِنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ، لِيَتَعَلَّقَ صِيَانَةُ مَالِهِ بِهَا. فَلِهَذَا يُبَاحُ مَال الْغَيْرِ بِإِبَاحَةِ الْمَالِكِ، وَلاَ يُبَاحُ الزِّنَى بِإِبَاحَةِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ بِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا.

وَقَال صَاحِبُ تَيْسِيرِ التَّحْرِيرِ: وَيَرِدُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَال: يَعْنِي بِحَقِّ اللَّهِ مَا يَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ هُوَ اللَّهَ، وَبِحَقِّ الْعَبْدِ مَا يَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ هُوَ الْعَبْدَ. (١)

وَقَال الْكِنْدِيُّ: الْحَقُّ: الْمَوْجُودُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: حُكْمٌ يَثْبُتُ. (٢)

وَقَال الْقَرَافِيُّ: حَقُّ اللَّهِ: أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ. وَحَقُّ الْعَبْدِ: مَصَالِحُهُ. وَالتَّكَالِيفُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: الأَْوَّل: حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ، كَالإِْيمَانِ وَتَحْرِيمِ الْكُفْرِ. وَالثَّانِي: حَقُّ الْعِبَادِ فَقَطْ، كَالدُّيُونِ وَالأَْثْمَانِ.

وَالثَّالِثُ: قِسْمٌ اخْتُلِفَ فِيهِ، هَل يَغْلِبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ، أَوْ يَغْلِبُ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ، كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَنَعْنِي بِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَحْضِ: أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ، وَإِلاَّ فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلاَّ وَفِيهِ

_________

(١) تيسير التحرير ٢ / ١٧٤.

(٢) حاشية قمر الأقمار على كتاب نور الأنوار، شرح المنار٢ / ٢١٦.

حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَال ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. (١)

ثُمَّ قَال: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ، مُشْكِلٌ بِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (٢) فَيَقْتَضِي أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ نَفْسُ الْفِعْل، لاَ الأَْمْرُ بِهِ، وَهُوَ خِلاَفُ مَا نَقَلْتُهُ قَبْل هَذَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَدِيثَ مُئَوَّلٌ، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ إِطْلاَقِ الأَْمْرِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ الَّذِي هُوَ الْفِعْل، فَظَاهِرُهُ مُعَارِضٌ لِمَا حَرَّرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا: الصَّلاَةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلاَّ أَمْرُهُ بِهَا، إِذْ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهَا لَمْ يَصْدُقْ أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَنَجْزِمُ بِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ نَفْسُ الأَْمْرِ، لاَ الْفِعْل، وَمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ مُئَوَّلٌ. (٣)

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:

٤ - الْحَقُّ هُوَ الْفِعْل: ذَكَرَ سَعْدٌ التَّفْتَازَانِيُّ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْفِعْل فَقَال: الْمَحْكُومُ بِهِ (وَهُوَ

_________

(١) الفروق ١ / ١٤٠ - ١٤٢ الفرق الثاني والعشرين بين قاعدة حقوق الله تعالى وقاعدة حقوق الآدميين.

(٢) حديث: " حق الله على العباد أن يعبدوه. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٣٩٧ - ٣٩٨ ط السلفية) ومسلم (١ / ٥٨ - ط الحلبي) من حديث معاذ بن جبل.

(٣) المرجع السابق.

الصفحة السابقة