الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦ الصفحة 17

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٦

فَقَدَّرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِعُشْرِ الدِّيَةِ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ الْهَاشِمَةَ تُرَادِفُ الْمُنَقِّلَةَ.

وَقَدَّرَهَا الشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْصَحِّ - وَالْحَنَابِلَةُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ بِعَشْرٍ مِنَ الإِْبِل إِنْ كَانَتْ مَعَ إِيضَاحٍ أَوِ احْتِيجَ إِلَيْهِ بِشَقٍّ لإِخْرَاجِ عَظْمٍ أَوْ تَقْوِيمِهِ، فَإِنْ لَمْ تُوضِحْ فَخَمْسٌ مِنَ الإِْبِل وَقِيل: حُكُومَةٌ.

وَأَمَّا مَا قَبْل الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ وَهِيَ الْحَارِصَةُ وَالسِّمْحَاقُ وَمَا بَيْنَهُمَا فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ بِتَوْقِيفٍ، وَلاَ لَهُ قِيَاسٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْحُكُومَةِ (١) .

وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (دِيَاتٌ) .

النَّوْعُ الثَّالِثُ: إِبْطَال الْمَنَافِعِ:

٤٠ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تَجِبُ بِإِزَالَةِ الْعَقْل كَمَال الدِّيَةِ؛ لأَِنَّهُ أَكْبَرُ الْمَعَانِي قَدْرًا، وَأَعْظَمُ الْحَوَاسِّ نَفْعًا، وَبِإِبْطَال السَّمْعِ مِنَ الأُْذُنَيْنِ أَوِ الْبَصَرِ مِنِ الْعَيْنَيْنِ، أَوِ الشَّمِّ مِنَ الْمَنْخِرَيْنِ كَمَال الدِّيَةِ، وَبِإِبْطَال الْمَنْفَعَةِ مِنْ إِحْدَى الأُْذُنَيْنِ، أَوِ الْعَيْنَيْنِ، أَوِ الْمَنْخِرَيْنِ، نِصْفُ الدِّيَةِ، مِنْ إِحْدَاهَا.

وَكَذَلِكَ بِإِبْطَال الصَّوْتِ، وَالذَّوْقِ،

_________

(١) الاختيار ٥ / ٤١، ٤٢ وما بعدها، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٦٧، والقوانين الفقهية ص ٣٤٤، والشرح الصغير ٤ / ٣٨١ وما بعدها، وروضة الطالبين ٩ / ٢٦٣ وما بعدها، والمغني ٨ / ٤٢ وما بعدها، وكشاف القناع ٦ / ٥١ - ٥٦.

وَالْمَضْغِ، وَالإِْمْنَاءِ وَالإِْحْبَال، وَالْجِمَاعِ، وَالْبَطْشِ، وَالْمَشْيِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ.

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَذَاقَ مُشْتَمِلٌ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْحَلاَوَةِ، وَالْمَرَارَةِ، وَالْحُمُوضَةِ، وَالْعُذُوبَةِ، وَالْمُلُوحَةِ، فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَفِي أَحَدِ أَقْسَامِهَا خُمُسُهَا (١) . وَفِي شَرَائِطِ وُجُوبِ الدِّيَةِ وَكَيْفِيَّتِهَا خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ مُصْطَلَحِ: (دِيَاتٌ) .

_________

(١) الاختيار ٥ / ٤٣، وابن عابدين ٥ / ٣١٩ وما بعدها، والبدائع ٧ / ٣١١ وما بعدها، والقوانين الفقهية ص ٣٤٤، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٦٧، وروضة الطالبين ٩ / ٢٨٩ وما بعدها، والمغني ٨ / ٣٧ وما بعدها.

جِنْسٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْجِنْسُ فِي اللُّغَةِ الضَّرْبُ مِنْ كُل شَيْءٍ.

قَال فِي اللِّسَانِ: الإِْبِل جِنْسٌ مِنَ الْبَهَائِمِ الْعُجْمِ، فَإِذَا وَالَيْتَ سِنًّا مِنْ أَسْنَانِ الإِْبِل عَلَى حِدَةٍ فَقَدْ صَنَّفْتَهَا تَصْنِيفًا، كَأَنَّكَ جَعَلْتَ بَنَاتِ الْمَخَاضِ مِنْهَا صِنْفًا، وَبَنَاتِ اللَّبُونِ صِنْفًا، وَالْحِقَاقِ صِنْفًا، وَكَذَلِكَ الْجَذَعُ وَالثَّنِيُّ. وَالْحَيَوَانُ أَجْنَاسٌ، فَالنَّاسُ جِنْسٌ، وَالإِْبِل جِنْسٌ، وَالْبَقَرُ جِنْسٌ، وَالشَّاءُ جِنْسٌ. (١)

وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ عَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهُ اسْمٌ دَالٌّ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ بِالأَْنْوَاعِ. وَقَال الشِّرْبِينِيُّ: الْجِنْسُ: كُل شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ جَمَعَهَا اسْمٌ خَاصٌّ تَشْتَرِكُ فِي ذَلِكَ الاِسْمِ بِالاِشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ (٢) .

وَعَرَّفَهُ الْمَنَاطِقَةُ بِأَنَّهُ مَا صَدَقَ

_________

(١) انظر الصحاح، والقاموس، واللسان، والمصباح مادة (جنس) .

(٢) التعريفات للجرجاني في المادة ومغني المحتاج ٢ / ٢٣.

فِي جَوَابِ مَا هُوَ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ بِالْحَقِيقَةِ، وَالنَّوْعُ مَا صَدَقَ فِي جَوَابِ مَا هُوَ عَلَى كَثِيرِينَ مُتَّفِقِينَ بِالْحَقِيقَةِ. (١)

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِنْسِ:

أ - اتِّحَادُ الْجِنْسِ فِي الزَّكَاةِ:

٢ - قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي زَكَاةِ الْخُلْطَةِ: إِنَّ الْخُلَطَاءَ يُعَامَلُونَ فِي الزَّكَاةِ مُعَامَلَةَ الْمَالِكِ الْوَاحِدِ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ بِالشُّرُوطِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي بَابِهَا، وَبِشَرْطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْخُلْطَةُ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ، أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، (٢) لِخَبَرِ أَنَسٍ لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ مُجْتَمِعٌ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ (٣) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخُلْطَةَ لاَ أَثَرَ لَهَا فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ، وَلاَ فِي النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ، فَلَوْ كَانَتْ سَائِمَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لاَ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يَبْلُغَ نَصِيبُ كُل شَرِيكٍ نِصَابًا (٤) لِقَوْلِهِ ﵊:

_________

(١) حاشية الصبان على السلم ص ٦٠، ٦٢ - ط الأولى.

(٢) الزرقاني ٢ / ١٢٣ - ط دار الفكر، نهاية المحتاج ٣ / ٥٩ - ط المكتبة الإسلامية، وحاشية القليوبي ٢ / ١١ - ١٢ - ط الحلبي، والمغني ٢ / ٦٠٧ - ٦٠٨ - ط الرياض.

(٣) حديث: " لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق مجتمع خشية الصدقة " أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ٣١٤ - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.

(٤) الاختيار ١ / ١١٠ - ط المعرفة.

فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُل نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ (١) .

وَأَمَّا اتِّحَادُ الْجِنْسِ عِنْدَ الْمَالِكِ الْوَاحِدِ بِأَنْ مَلَكَ إِبِلًا، بَعْضُهَا أَرْحَبِيَّةٌ، وَبَعْضُهَا مُهْرِيَّةٌ، أَوْ مَلَكَ بَقَرًا بَعْضُهَا عِرَابٌ، وَبَعْضُهَا جَوَامِيسُ، أَوْ مَلَكَ غَنَمًا بَعْضُهَا مِنَ الضَّأْنِ، وَبَعْضُهَا مِنَ الْمَعْزِ، فَإِنَّهُ يَضُمُّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، وَيَجُوزُ الإِْخْرَاجُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مَا دَامَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَوْجُهٌ أُخْرَى مَحَلُّهَا مُصْطَلَحُ: (زَكَاةٌ) .

وَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَتِ الأَْجْنَاسُ فَالأَْصْل أَنْ لاَ يُضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَلاَ تُضَمُّ الْبَقَرُ إِلَى الإِْبِل، وَلاَ إِلَى الْغَنَمِ، وَلاَ يُضَمُّ الْقَمْحُ إِلَى التَّمْرِ فِي تَكْمِيل النِّصَابِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ مُعَيَّنَةٌ يَأْخُذُ بِهَا بَعْضُ الْمَذَاهِبِ (٢) (وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: زَكَاةٌ) .

ب - أَثَرُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَاخْتِلاَفِهِ فِي الْبُيُوعِ الرِّبَوِيَّةِ:

٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الشَّيْئَيْنِ إِذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَانَا رِبَوِيَّيْنِ، فَإِذَا بِيعَ أَحَدُهُمَا بِالآْخَرِ فَلاَ يَجُوزُ فِيهِمَا النَّسَاءُ، أَيْ تَأْخِيرُ التَّسْلِيمِ

_________

(١) حديث: " فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ٣١٧ - ٣١٨ - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.

(٢) الزرقاني ٢ / ١٢٣ - ط دار الفكر، وحاشية القليوبي ٢ / ٩ - ١٢ - ط الحلبي، وروضة الطالبين ٢ / ١٧٢ - ط المكتب الإسلامي، والمغني ٢ / ٦٠٧ - ٦٠٨ - ط الرياض.

لِكِلاَ الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (١) .

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي بَعْضِ الأَْشْيَاءِ الْمُتَشَابِهَةِ هَل هِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَيَحْرُمُ فِيهَا التَّفَاضُل، أَمْ جِنْسَانِ فَلاَ يَحْرُمُ؟

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ كُل شَيْئَيْنِ اتَّفَقَا فِي الاِسْمِ الْخَاصِّ مِنْ أَصْل الْخِلْقَةِ كَالتَّمْرِ الْبَرْنِيِّ وَالتَّمْرِ الْمَعْقِلِيِّ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَكُل شَيْئَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الاِسْمِ مِنْ أَصْل الْخِلْقَةِ كَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ فَهُمَا جِنْسَانِ بِدَلاَلَةِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ.

وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الطَّعَامَيْنِ إِنِ اسْتَوَيَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَأَصْنَافِ الْحِنْطَةِ، أَوْ تَقَارَبَا فِيهَا كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَبَايَنَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَالتَّمْرِ وَالْقَمْحِ فَهُمَا جِنْسَانِ. (٢) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الْقَوْل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مُصْطَلَحِ: (رِبًا) .

_________

(١) حديث: " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر. . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٢١١ - ط عيسى الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت.

(٢) الزيلعي ٤ / ٨٥، ٨٦، وجواهر الإكليل ٢ / ١٨، والمجموع ١ / ١٧٥، وكشاف القناع ٣ / ٢٥٤، ٢٥٥.

ج - الْجِنْسُ فِي السَّلَمِ:

٤ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَضْبُوطًا بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلاَفِهَا ظَاهِرًا؛ لأَِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ عِوَضٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالصِّفَةِ، كَالثَّمَنِ فَيَذْكُرُ جِنْسَهُ بِأَنْ يَقُول تَمْرٌ، وَنَوْعُهُ كَتَمْرٍ بَرْنِيِّ أَوْ مَعْقِلِيٍّ، فَإِنْ أَتَى بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لاَ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ إِذْ لاَ يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَإِنْ أَتَى بِجِنْسِهِ وَعَلَى صِفَتِهِ الْمَشْرُوطَةِ وَجَبَ قَبُولُهُ قَطْعًا. (١)

د - الاِخْتِلاَفُ فِي جِنْسِ الْمَغْصُوبِ:

٥ - إِذَا اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي جِنْسِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ صِفَتِهِ، أَوْ قَدْرِهِ، أَوْ وَزْنِهِ، أَوْ تَلَفِهِ، فَالْقَوْل قَوْل الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَكَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ أَيْضًا قَوْل الْحَنَابِلَةِ فِي غَيْرِ الإِْتْلاَفِ بِلاَ خِلاَفٍ، وَفِي الإِْتْلاَفِ عَلَى الصَّحِيحِ، مِنَ الْمَذْهَبِ؛ لأَِنَّهُ غَارِمٌ، (٢) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (غَصْبٌ) .

_________

(١) البناية ٦ / ٦٦١ - ٦٦٢ - ط دار الفكر، وجواهر الإكليل ٢ / ٦٨، ٧٠ - ط دار المعرفة، والدسوقي ٣ / ٢٠٠، والإقناع ١ / ٢٦٨ - ط دار المعرفة، وروضة الطالبين ٤ / ٢٩ - ٣٠ - ط المكتب الإسلامي، ونهاية المحتاج ٤ / ٢٠٩ - ط المكتبة الإسلامية، وكشاف القناع ٣ / ٢٩٢ - ط النصر، والمغني ٤ / ٣١٠ - ط الرياض.

(٢) الفتاوى الهندية ٥ / ١٣٨ - ط المكتبة الإسلامية، الخرشي ٦ / ١٤٥ - ط صادر، الزرقاني ٦ / ١٥٢ - ط دار الفكر، جواهر الإكليل ٢ / ١٥٢ - ط دار المعرفة، وروضة الطالبين ٥ / ٢٨ - ط المكتب الإسلامي، والإنصاف ٦ / ٢١١ ط التراث.

هـ - الْوَصِيَّةُ لِجِنْسِ فُلاَنٍ:

٦ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ قَال فِي وَصِيَّتِهِ " أَوْصَيْتُ لِجِنْسِ فُلاَنٍ " فَهُمْ أَهْل بَيْتِ أَبِيهِ دُونَ أَهْل بَيْتِ أُمِّهِ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يَتَجَنَّسُ بِأَبِيهِ وَلاَ يَتَجَنَّسُ بِأُمِّهِ، فَكَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ جِنْسَهُ فِي النَّسَبِ. بِخِلاَفِ مَا لَوْ أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ، فَيَدْخُل أَيْضًا أَقَارِبُهُ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ؛ لأَِنَّ الْقَرَابَةَ مَنْ يَتَقَرَّبُ إِلَى الإِْنْسَانِ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ فِي الطَّرَفَيْنِ بِخِلاَفِ الْجِنْسِ. (١) وَالتَّفْصِيل فِي: (وَصِيَّةٌ) .

و شُرْبُ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ:

٧ - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحَدُّ بِشُرْبِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ مَا شَرِبَهُ لِقِلَّتِهِ أَوِ اعْتِيَادِ الشَّارِبِ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ عَصِيرَ عِنَبٍ، أَوْ نَقِيعَ زَبِيبٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ رُطَبٍ، أَوْ بُسْرٍ، أَوْ عَسَلٍ، أَوْ حِنْطَةٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ ذُرَةٍ، أَوْ أُرْزٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. أَمَّا الْخَمْرُ الَّتِي هِيَ مِنَ الْعِنَبِ فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْقَلِيل وَالْكَثِيرَ مِنْهَا سَوَاءٌ فِي الْحُرْمَةِ وَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ، (٢) لِقَوْلِهِ ﷺ فِي مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مَا أَسْكَرَ

_________

(١) بدائع الصنائع ٧ / ٣٥٠ - ط الجمالية، والهداية مع تكملة فتح القدير ٨ / ٤٧٥.

(٢) جواهر الإكليل ٢ / ٢٩٥ - ط المعرفة، والدسوقي ٤ / ٣٥٢ - ط دار الفكر، الزرقاني ٨ / ١١٢ - ط دار الفكر، الاختيار ٤ / ٩٨ - دار المعرفة، حاشية القليوبي ٤ / ٢٠٢ - ط الحلبي، وكشاف القناع ٦ / ١١٦ - ١١٧ - ط النصر.

كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ (١) وَلِقَوْلِهِ ﷺ فِي مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ (٢) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (أَشْرِبَةٌ) .

مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:

٨ - يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ الْجِنْسَ فِي مَوَاطِنَ أُخْرَى فَيَذْكُرُونَهُ فِي تَعْيِينِ النِّيَّةِ فِي الْكَفَّارَةِ إِذَا كَانَتْ أَسْبَابُهَا مُخْتَلِفَةً أَوْ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ، وَفِي الْبَيْعِ كَاخْتِلاَطِ الْمَبِيعِ بِجِنْسِهِ، وَفِي الإِْجَارَةِ كَعُدُولِهِ عَنِ الْجِنْسِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَفِي الإِْقْرَارِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِتِلْكَ الْمَوَاطِنِ.

_________

(١) حديث: " ما أسكر كثيره فقليله حرام " أخرجه أبو داود (٤ / ٨٧ - ط عزت عبيد دعاس) . والترمذي (٤ / ٢٩٢ - ط مصطفى الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه ابن حجر (التلخيص الحبير ٤ / ٧٣ - ط شركة الطباعة الفنية) .

(٢) حديث: " من شرب الخمر فاجلدوه " أخرجه أحمد (١٤ / ١٨٤ ط دار المعارف، وجمعه أحمد شاكر) . وأبو داود (٤ / ٦٢٥ ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (٤ / ٣٧١ ط دار الكتاب العربي) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين.

جِنٌّ

التَّعْرِيفُ:

١ - الْجِنُّ خِلاَفُ الإِْنْسِ، وَالْجَانُّ: الْوَاحِدُ مِنَ الْجِنِّ، يُقَال: جَنَّهُ اللَّيْل وَجَنَّ عَلَيْهِ وَأَجَنَّهُ: إِذَا سَتَرَهُ. وَكُل شَيْءٍ سُتِرَ عَنْكَ فَقَدْ جُنَّ عَنْكَ.

قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: وَبِهِ سُمِّيَ الْجِنُّ لاِسْتِتَارِهِمْ وَاخْتِفَائِهِمْ عَنِ الأَْبْصَارِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْجَنِينُ لاِسْتِتَارِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.

وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ الْمَلاَئِكَةَ جِنًّا لاِسْتِتَارِهِمْ عَنِ الْعُيُونِ. وَالْجِنُّ: أَجْسَامٌ نَارِيَّةٌ لَهَا قُوَّةُ التَّشَكُّل. قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْل مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ (١):.

قَال الْبَيْضَاوِيُّ: الْجِنُّ أَجْسَامٌ عَاقِلَةٌ خَفِيَّةٌ تَغْلِبُ عَلَيْهِمُ النَّارِيَّةُ أَوِ الْهَوَائِيَّةُ. وَقَال أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا: الْجِنُّ حَيَوَانٌ هَوَائِيٌّ يَتَشَكَّل بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ. (٢) وَلاَ يَخْرُجُ الاِصْطِلاَحُ الْفِقْهِيُّ عَنْ ذَلِكَ.

_________

(١) سورة الحجر / ٢٧.

(٢) لسان العرب ومختار الصحاح مادة: (جنن)، والكليات فصل الجيم ٢ / ١٦٩، وآكام المرجان ص ٦، وحاشية العدوي على الخرشي ١ / ١٦٤، وتفسير البيضاوي ٤ / ٢٢٤ ط المكتبة التجارية الكبرى.