الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٥

حرف الثاء

ثأر

التعريف

الثأر في الجاهلية

الأحكام المتعلقة بالثأر

حكمة تشريع القصاص وتحريم الثأر على طريقة الجاهلية

ثبوت

الأحكام المتعلقة بالثبوت

ثبوت النسب

ثبوت الشهر

ثبوت الحديث

ثلج

ثمار

الألفاظ ذات الصلة

الفواكه

الأحكام المتعلقة بالثمار

أولا زكاة الثمار

الثمار التي تجب فيها الزكاة

نصاب الثمار

وقت وجوب الزكاة في الثمار

القدر الواجب في زكاة الثمر

ثانيا بيع الثمار

بيع الثمار بعد ظهورها وقبل بدو الصلاح

بيع الثمار بعد بدو الصلاح

بيع الثمار المتلاحقة الظهور

ملكية الثمار عند بيع الشجر

وضع الجوائح في الثمار المبيعة

ثالثا رهن الثمار

رابعا الشفعة في الثمار

أولا إذا بيع مع الأصل

ثانيا إذا بيع مفردا

نماء ثمر المشفوع فيه عند المشتري

خامسا العمل في الأرض على جزء من الثمر

سادسا سرقة الثمار

ثمن

الثمن من أركان عقد البيع

شروط الثمن

الشرط الأول - تسمية الثمن

الشرط الثاني - كون الثمن مالا

أنواع الأموال من حيث الثمنية

تعين الثمن بالتعيين

القول الأول

القول الثاني الأثمان تتعين بالتعيين

الشرط الثالث أن يكون الثمن المعين مملوكا للمشتري

الشرط الخامس معرفة القدر والوصف في الثمن

بيع صبرة طعام، كل قفيز بدرهم

لا يجوز البيع إلا بثمن معلوم الصفة

الحلول والتأجيل في الثمن

الاختلاف في الأجل

اعتبار مكان العقد وزمنه عند دفع الثمن المؤجل

زيادة الثمن والحط منه

تصرف البائع في الثمن

تسليم الثمن

الحوالة بالثمن هل تبطل حق حبس المبيع

مصروفات التسليم

ثني

الثني من الإبل

من الضأن والمعز

الحكم الإجمالي ومواطن البحث

ثواب

ما يتعلق بالثواب من أحكام

أولا الثواب من الله تعالى

من يستحق الثواب

ما يثاب عليه وشروطه

ما يثاب عليه الإنسان مما ليس من كسبه

أولا - فيما يهبه الإنسان لغيره من الثواب

ثانيا - ثواب فرض الكفاية لمن لم يفعله

ثالثا - المصائب التي تنزل بالإنسان هل يثاب عليها أم لا

تفاوت الثواب

من حيث المشقة

تفاوت الثواب من حيث الزمان

تفاوت الثواب من حيث المكان

بطلان الثواب

ثانيا الثواب في الهبة

ثول

الحكم الإجمالي

ثياب

ثيوبة

البكارة

تحقق الثيوبة

حرف الجيم

جائحة

الآفة

أنواع الجائحة وأحكامها

ما يترتب على الجائحة من آثار

أثر الجائحة في الزكاة

أثر الجائحة في البيع

مقدار ما يوضع من الجائحة

أثر الجائحة في الإجارة

أثر الجائحة في الغصب

أثر الجائحة في الصداق

جائز

جائزة

المكافأة

الجزاء

الحكم التكليفي

أولا جائزة السلطان

ثانيا جائزة السبق (الجعل)

جائفة

جار

جارحة

حكم ما تعقره الجارحة

شروط الجارحة التي يحل أكل صيدها

جارية

أحكام الجارية في الإطلاقات الفقهية

جامع

جبار

الضمان

جباية

الحساب

حكم الجباية

محل الجباية

جباية الزكاة

أولا - شروط الجابي

- أ - الإسلام

الكفاية

العدالة والأمانة

كونه من غير آل البيت

ثانيا - مقدار ما يستحقه مقابل عمله

ثالثا - كيفية جباية الزكاة

رابعا - جباية الفيء

جباية الجزية

جباية الخراج

ما يشترط في جابي الخراج

محاسبة الإمام للجباة

جب

العنة

الجب الحادث بعد الدخول

كيفية التفريق للجب

صفة الفرقة للجب

نسب ولد امرأة المجبوب

جبر

جبر واجب الزكاة

الجبر بالدم

جبهة

الجبين

الأحكام المتعلقة بالجبهة

أولا - غسل الجبهة في الوضوء ومسحها في التيمم

ثانيا - وضع الجبهة على الأرض في السجود

رابعا - شجاج الجبهة

مواطن البحث

جبيرة

العصابة

حكم المسح على الجبيرة

شروط المسح على الجبيرة

كيفية تطهر واضع الجبيرة

ما ينقض المسح على الجبيرة

الفرق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخف

جحد

الجحفة

الحكم الإجمالي وموطن البحث

جدار

جد

ولاية الجد في النكاح

إرث الجد

نفقة الجد

إعفاف الجد

حضانة الجد

القصاص من الجد

سرقة الجد من مال حفيده

قذف الجد حفيده

شهادة الجد لولد ولده

مرتبة الجد في الصلاة على الجنازة

جدة

ميراث الجدة

فرض الجدة والجدات

حجب الجدة

تحريم الجمع بين الزوجة وجدتها

حق الجدة بالحضانة

قتل الجدة بحفيدها

استئذان الجدة في الجهاد

جدع

المثلة

التمثيل بالأسرى والمحاربين

جدك

جدل

المراء

الحكم التكليفي للجدل

الجدل المذموم

أهمية الجدال بالحق

جذام

البرص

الأحكام المتعلقة بالجذام

التفريق بين الزوجين بسبب الجذام

اختلاط المجذوم بالناس

مصافحة المجذوم

جذع

الجذع من الإبل

الجذع من الضأن والمعز

الثني

جراح

الشجاج

تطهر الجرح

غسل الميت الجريح

حكم جريح المعركة

حكم الجروح الواقعة على الرأس والوجه وسائر البدن

جرح الصيد

جراد

جرب

جرح

جرة

جرموق

الخف

جزاف

جزم

الهم

الإسلام، والصلاة

الوضوء

صور مستثناة من اشتراط الجزم في النية لانعقاد العبادة

جزيرة العرب

جزية

خراج الرأس

الجالية

مال الجماجم

الألفاظ ذات الصلة بالجزية

الغنيمة

الخراج

تاريخ تشريع الجزية في الإسلام

الأدلة على مشروعية الجزية

الحكمة من مشروعية الجزية

١ - الجزية علامة خضوع وانقياد لحكم المسلمين

٢ - الجزية وسيلة لهداية أهل الذمة

٣- الجزية وسيلة للتخلص من الاستئصال والاضطهاد

والحاجات الأساسية للمجتمع

أنواع الجزية

أولا - الجزية الصلحية والعنوية

الفرق بين الجزية الصلحية والجزية العنوية

ثانيا - جزية الرءوس، والجزية على الأموال

طبيعة الجزية

إجابة الكافر إلى عقد الذمة بالجزية

ركنا عقد الذمة

محل الجزية

الطوائف التي تقبل منها الجزية

أهل الكتاب

أخذ الجزية من أهل الكتاب العرب

المجوس

قبول الجزية من الصابئة

أخذ الجزية من المشركين

الأماكن التي يقر الكافرون فيها بالجزية

شروط من تفرض عليهم الجزية

أولا البلوغ

ثالثا الذكورة

رابعا الحرية

خامسا المقدرة المالية

سادسا ألا يكون من الرهبان المنقطعين للعبادة في الصوامع

سابعا السلامة من العاهات المزمنة

ضبط أسماء أهل الذمة وصفاتهم في ديوان

مقدار الجزية

وقت وجوب الجزية

تعجيل الجزية

تأخير الجزية

من له حق استيفاء الجزية

١ - حكم دفع الجزية إلى أئمة العدل

٢ - حكم دفع الجزية إلى أئمة الجور والظلم

٣ - دفع الجزية إلى البغاة

طرق استيفاء الجزية

الطريقة الأولى

العمالة على الجزية

الرفق بأهل الذمة

الأموال التي تستوفى منها الجزية

استيفاء الجزية من ثمن الخمر والخنزير

تأخيرهم إلى غلاتهم

التعفف عن أخذ ما ليس له أخذه

الرقابة على عمال الجزية

الطريقة الثانية لاستيفاء الجزية

مسقطات الجزية

الأول الإسلام

دخول الذمي في الإسلام

الثاني الموت

الثالث اجتماع جزية سنتين فأكثر

الرابع طروء الإعسار

الخامس الترهب والانعزال عن الناس

السادس الجنون

السابع العمى والزمانة والشيخوخة

الثامن عدم حماية أهل الذمة

التاسع اشتراك الذميين في القتال مع المسلمين

مصارف الجزية

جعالة

حكم الجعالة، ودليل شرعيتها

أركان الجعالة

صيغة الجعالة

عقد الجعالة قبل تمام العمل هل هو لازم

المتعاقدان

ما يشترط في العامل

النيابة في عقد الجعالة

محل العقد وشرائطه

أنواعه

كون العمل مباحا غير واجب على العامل

تأقيت العمل

تضمن العمل نفعا للجاعل

الجعل وما يشترط فيه

معلوميته

ما لا يشترط فيه المعلومية

اشتراط كون الجعل حلالا، ومقدورا على تسليمه

تعجيل الجعل قبل تمام العمل

آثار عقد الجعالة

صفة يد العامل على مال الجاعل

النفقة على المال وهو في يد العامل

حبس المال المردود عن الجاعل لاستيفاء النفقة

استحقاق الجعل وشرائطه

الإذن في العمل بجعل

سماع الإذن بالعمل والعلم به

تحصيص الإذن والجعل بشخص معين

تخصيص الإذن والجعل بمكان معين

الدلالة على المال الضائع، والإخبار عنه

الفراغ من العمل والتسليم للجاعل

تعذر التسليم للجاعل

مشاركة العامل في العمل وأثرها في استحقاق الجعل

استحقاق الجعل في تعاقد الفضولي، والنائب

التبديل وما يترتب عليه

زيادة الجاعل في العمل أو نقصه

ما يستحقه العامل عند تلف الجعل المعين

قدر الجعل المستحق شرطا وشرعا

ما يستحقه العامل في حالة فساد الجعل

اختلاف المتعاقدين وتنازعهما

اشتراط الجعل في العقد

في قدر الجعل، وجنسه وصفته

في نوع العمل وعين المردود

اختلاف العامل والمشارك له

انحلال عقد الجعالة

أولا - فسخه وأسبابه

ثانيا - انفساخه وأسبابه

ثالثا - النتائج المترتبة على فسخ عقد الجعالة

بعد الشروع في العمل

ما يترتب على فسخ العقد بعتق العبد الآبق

ما يترتب على انفساخ عقد الجعالة

حكم عمل العامل بعد الفسخ

جعرانة

التنعيم

جعل

جلد

ثبوت الجلد

الجلد في حد الزنا

الجلد في حد القذف

الجلد في حد شرب الخمر

الجلد في التعزير

الأعضاء التي لا تجلد

تأخير الجلد لعذر

القصاص جلدا

الأديم

الإهاب

المسك

ثانيا تعلق الجلد المنزوع بمحل الطهارة

ثالثا - طهارة الجلد بالذكاة

خامسا - تطهير الجلد بالدباغ

سادسا - الاستنجاء بالجلد

سابعا - طهارة الشعر على الجلد

ثامنا - أكل الجلد

تاسعا - لبس الجلد واستعماله

عاشرا - نزع الملابس الجلدية للشهيد

ثاني عشر السلم في الجلد

ثالث عشر الإجارة على سلخ حيوان بجلده

رابع عشر ضمان الجلد

خامس عشر القطع بسرقة الجلد

جلسة

جلالة

زوال الكراهة بالحبس

التضحية بالجلالة

جلوس

القعود

الافتراش

التورك

أحكام تتعلق بالجلوس

أداء الأذان والإقامة جالسا

جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة

الجلوس قبل تحية المسجد

الجلوس عند العجز عن القيام في الصلاة

الجلوس بين السجدتين

جلسة الاستراحة

الجلوس في التشهد

الجلوس قبل الخطبتين وبعد الصعود إلى المنبر

حكم الجلوس بين الخطبتين ومقداره

الجلوس على الحرير

الجلوس للأكل والشرب

جلوس من يتبع الجنازة قبل وضعها

الجلوس للتعزية

الجلوس على القبور

الجلوس في المسجد للقضاء

حد المرأة وهي جالسة

الجلوس للتبول

جمار

أولا - الجمار بمعنى الحصيات التي يرمى بها

صفة جمار الرمي

حجم الجمار

كيفية رمي الجمار

ثانيا - الجمار التي يستنجى بها

جماع

جماعة

صلاة الجماعة

أقل الجماعة

قتل الجماعة بالواحد

القصاص من الواحد بقتل الجماعة

لزوم جماعة المسلمين

جمع

جمع الصلوات

الجمع للسفر

شروط صحة جمع التقديم

شروط صحة جمع التأخير

الجمع للمرض

الجمع للمطر، والثلج، والبرد، ونحوها

الجمع للخوف

الجمع بدون سبب

جمعة

جماء

القصماء والعضباء

تراجم فقهاء الجزء الخامس عشر

ابن أبي الدنيا (٢٠٨ - ٢٨١ هـ)

ابن حكم (٤٨٤ - ٥٦٧ هـ)

ابن زنجويه (١٨٠ - ٢٤٧، وقيل ٢٥١ هـ)

ابن العطار (٠ ٣٣ - ٣٩٩ هـ)

أبو الحويرث (؟ - ١٢٨، وقيل ١٣٢ هـ)

أبو مرثد الغنوي (؟ - ١٢ هـ)

أبو المليح (؟ - ٩٨ وقيل ١٠٨ هـ)

أبو نعيم (٢٤٢ - ٣٢٣ هـ)

الأزرقي (؟ - نحو ٢٥٠ هـ)

البويطي (؟ - ٢٣١ هـ)

التتائي (؟ - ٩٤٢ هـ)

حرملة (١٦٦ - ٢٤٣ هـ)

الحسن بن ثواب (؟ - ٢٦٨ هـ)

الخوارزمي (؟ - ٣٨٧ هـ)

الزعفراني (٤٤٢ - ٥١٧ هـ)

سعد بن عبادة (؟ - ١٤ هـ)

عبد الله بن أبي أوفى (؟ - ٨٦ وقيل ٨٨ هـ)

عدي بن عميرة الكندي (؟ - ٤٠ هـ)

عراك بن مالك (؟ - مات بالمدينة في زمن يزيد بن عبد الملك)

علي بن زياد (؟ - ١٨٣ هـ)

عمرو بن الشريد الثقفي (؟ -؟)

الفيومي (؟ - توفي بعد ٧٧٠ هـ)

قبيضة بن ذؤيب (١ - ٨٦ هـ)

قتادة بن النعمان (؟ - ٢٣ هـ)

القمولي (٦٥٣ - ٧٢٧ هـ)

المقريزي (٧٦٩ - ٨٤٥ هـ)

ميمونة بنت الحارث (؟ - ٥١ هـ)

هـ

هشام بن حكيم بن حزام (؟ - بعد ١٥ هـ)

ثَأْرٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الثَّأْرُ: الدَّمُ، أَوْ الطَّلَبُ بِالدَّمِ، يُقَال: ثَأَرْتُ الْقَتِيل وَثَأَرْتُ بِهِ فَأَنَا ثَائِرٌ، أَيْ قَتَلْتُ قَاتِلَهُ (١)

وَالثَّأْرُ: الذَّحْل، يُقَال: طَلَبَ بِذَحْلِهِ، أَيْ بِثَأْرِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: إِنَّ مِنْ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلاَثَةٌ: رَجُلٌ قَتَل غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَرَجُلٌ قَتَل فِي الْحَرَمِ، وَرَجُلٌ أَخَذَ بِذُحُول الْجَاهِلِيَّةِ (٢)

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الثَّانِي وَهُوَ طَلَبُ الدَّمِ.

_________

(١) لسان العرب والنهاية لابن الأثير والمفردات للأصفهاني والمعجم الوسيط، ومعجم مقاييس اللغة

(٢) القرطبي ٢ / ٢٢٥ - ٢٢٦ ط أولى دار الكتب سنة ١٣٥٣ هـ. وحديث: " إن من أعتى الناس. . . " أخرجه أحمد في المسند (٤ / ٣٢ - ط الميمنية) من حديث أبي شريح قال الهيثمي: " رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح " (مجمع الزوائد ٧ / ١٧٤ - ط دار الكتاب العربي)

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْقِصَاصُ:

٢ - الْقِصَاصُ: الْقَوَدُ، وَهُوَ الْقَتْل بِالْقَتْل، أَوْ الْجَرْحُ بِالْجَرْحِ. (١)

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّأْرِ وَالْقِصَاصِ أَنَّ الْقِصَاصَ يَدُل عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْقَتْل أَوْ الْجَرْحِ، أَمَّا الثَّأْرُ فَلاَ يَدُل عَلَى ذَلِكَ بَل رُبَّمَا دَل عَلَى الْمُغَالاَةِ لِمَا فِي مَعْنَاهُ مِنِ انْتِشَارِ الْغَضَبِ، وَطَلَبِ الدَّمِ وَإِسَالَتِهِ.

الثَّأْرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ:

٣ - تَزْخَرُ كُتُبُ التَّارِيخِ وَالتَّفْسِيرِ وَالسُّنَنِ بِذِكْرِ عَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الثَّأْرِ، وَكُلُّهَا تُؤَكِّدُ أَنَّ عَادَةَ الثَّأْرِ كَانَتْ مُتَأَصِّلَةً عِنْدَ الْعَرَبِ قَبْل الإِْسْلاَمِ، وَأَنَّ الثَّأْرَ كَانَ شَائِعًا ذَائِعًا حَيْثُ كَانَ نِظَامُ الْقَبِيلَةِ يَقُومُ مَقَامَ الدَّوْلَةِ، وَكُل قَبِيلَةٍ تُفَاخِرُ بِنَسَبِهَا وَحَسَبِهَا وَقُوَّتِهَا، وَتَعْتَبِرُ نَفْسَهَا أَفْضَل مِنْ غَيْرِهَا، وَكَانَتِ الْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْقَبَائِل خَاضِعَةً لِحُكْمِ الْقُوَّةِ، فَالْقُوَّةُ هِيَ الْقَانُونُ، وَالْحَقُّ لِلْقَوِيِّ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِيًا، وَالاِعْتِدَاءُ عَلَى أَحَدِ أَفْرَادِ الْقَبِيلَةِ يُعْتَبَرُ اعْتِدَاءً عَلَى الْقَبِيلَةِ بِأَجْمَعِهَا، يَتَضَامَنُ أَفْرَادُهَا فِي الاِنْتِقَامِ وَيُسْرِفُونَ فِي الثَّأْرِ، فَلاَ تَكْتَفِي قَبِيلَةُ الْمَقْتُول بِقَتْل الْجَانِي، لأَِنَّهَا تَرَاهُ غَيْرَ كُفْءٍ لِمَنْ فَقَدُوهُ. وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي نُشُوبِ

_________

(١) لسان العرب، ومعجم مقاييس اللغة، ومختار الصحاح والنهاية لابن الأثير، والقرطبي ٢ / ٢٢٥

الْحُرُوبِ الْمُدَمِّرَةِ الَّتِي اسْتَغْرَقَتِ الأَْعْوَامَ الطِّوَال.

٤ - وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَزْعُمُونَ أَنَّ رُوحَ الْقَتِيل الَّذِي لَمْ يُؤْخَذْ بِثَأْرِهِ تَصِيرُ هَامَةً فَتَرْقُو عِنْدَ قَبْرِهِ: وَتَقُول: اسْقُونِي، اسْقُونِي مِنْ دَمِ قَاتِلِي، فَإِذَا أُخِذَ بِثَأْرِهِ طَارَتْ.

وَهَذَا أَحَدُ تَأْوِيلَيْنِ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: لاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ (١) كَمَا يَقُول الدَّمِيرِيُّ فِي كِتَابِهِ (حَيَاةُ الْحَيَوَانِ)

وَكَانَ الْعَرَبُ مِنْ حِرْصِهِمْ عَلَى الثَّأْرِ وَإِسْرَافِهِمْ فِيهِ، وَخَوْفِهِمْ مِنَ الْعَارِ إذَا تَرَكُوهُ يُحَرِّمُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ النِّسَاءَ، وَالطِّيبَ، وَالْخَمْرَ حَتَّى يَنَالُوا ثَأْرَهُمْ، وَلاَ يُغَيِّرُونَ ثِيَابَهُمْ وَلاَ يَغْسِلُونَ رُءُوسَهُمْ، وَلاَ يَأْكُلُونَ لَحْمًا حَتَّى يَشْفُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَذَا الثَّأْرِ. (٢)

٥ - وَظَل الْعَرَبُ مُتَأَثِّرِينَ بِهَذِهِ الْعَادَةِ حَتَّى بَعْدَ ظُهُورِ الإِْسْلاَمِ، يَرْوِي الشَّافِعِيُّ وَالطَّبَرِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَال: كَانَ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنَ

_________

(١) حديث: " لا صفر ولا هامة " جزء من حديث أخرجه البخاري (فتح الباري ١٠ / ٢١٥ - ط السلفية)، ومسلم (٤ / ١٧٤٣ - ط عيسى الحلبي) من حديث أبي هريرة

(٢) ينظر في هذا: الكامل لابن الأثير ١ / ٣٣٦ وما بعدها، والأم ٦ / ٨، والألوسي ٥ / ٦٩، والقرطبي ٢ / ٢٢٥ - ٢٢٦، والطبري ٢ / ٦٠ وما بعدها، ١٥ / ٥٨ وما بعدها، وأحكام القرآن للشافعي / ٢٦٧ وما بعدها، وأحكام القرآن لابن العربي ١ / ٦١، وأحكام القرآن للجصاص ١ / ١٥٥ وما بعدها، والسياسة الشرعية لابن تيمية / ١٥٦

الأَْنْصَارِ قِتَالٌ كَانَ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ الطَّوْل فَكَأَنَّهُمْ طَلَبُوا الْفَضْل، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ (١) كَمَا نَزَل عَلَيْهِ مِنْ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ (٢) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالثَّأْرِ:

٦ - أ - حَرَّمَ الإِْسْلاَمُ قَتْل النَّفْسِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ حَقٍّ لِحُرْمَةِ النَّفْسِ الإِْنْسَانِيَّةِ، فَقَال تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ (٣) وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ الْحَقَّ الَّذِي يُقْتَل بِهِ الْمُسْلِمُ (٤) فَقَال: لاَ يَحِل دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالْمُفَارِقُ لِدِينِهِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ (٥) .

٧ - ب - أَبَاحَ الإِْسْلاَمُ الأَْخْذَ بِالثَّأْرِ عَلَى سَبِيل الْقِصَاصِ بِشُرُوطِهِ الْمُفَصَّلَةِ فِي مُصْطَلَحِ:

_________

(١» حديث: " إصلاح النبي ﷺ بين حيين من الأنصار. . . " أخرجه الطبري (٢ / ٦١ - ط دار المعرفة) من طريق السدي عن أبي مالك مرسلا. والسدي متكلم فيه (التقريب ص ١٠٨ - ط دار الرشيد)

(٢) سورة البقرة / ١٧٨. وانظر الطبري ٢ / ٦١، وأحكام القرآن للشافعي / ٢٧١.

(٣) سورة الأنعام / ١٥١

(٤) السياسة الشرعية لابن تيمية / ١٥٣ - ١٥٤، وفتح الباري ١٢ / ٢٠١، والألوسي ١٥ / ٦٩

(٥» حديث: " لا يحل دم امرئ مسلم. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٢ / ٢٠١ - ط السلفية) . ومسلم (٣ / ١٣٠٢ - ط عيسى الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود

(قِصَاصٌ وَجِنَايَةٌ عَلَى النَّفْسِ وَجِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ) .

قَال النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ قُتِل لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُودَى وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ (١) وَقَال أَبُو عُبَيْدٍ: إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْل الْقَتِيل، قَال ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ يُؤْخَذُ لَهُمْ بِثَأْرِهِمْ (٢) .

هَذَا وَإِنَّ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ إِذْنِ الإِْمَامِ، فَإِنِ اسْتَوْفَاهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِدُونِ إِذْنِهِ وَقَعَ مَوْقِعَهُ، وَعُزِّرَ لاِفْتِيَاتِهِ عَلَى الإِْمَامِ.

وَصَرَّحَ الزُّرْقَانِيُّ بِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَسْقُطُ إِذَا عَلِمَ وَلِيُّ الْمَقْتُول أَنَّ الإِْمَامَ لاَ يَقْتُل الْقَاتِل، فَلاَ أَدَبَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَلَوْ غِيلَةً، وَلَكِنْ يُرَاعِي فِيهِ أَمْنَ الْفِتْنَةِ وَالرَّذِيلَةِ. (٣)

٨ - ج - إِبَاحَةُ الإِْسْلاَمِ لِلثَّأْرِ مُقَيَّدَةٌ بِعَدَمِ التَّعَدِّي عَلَى غَيْرِ الْقَاتِل، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الإِْسْلاَمُ مَا كَانَ شَائِعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ قَتْل غَيْرِ الْقَاتِل، وَمِنَ الإِْسْرَافِ فِي الْقَتْل، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ قُتِل مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْل﴾ (٤)، قَال الْمُفَسِّرُونَ: أَيْ فَلاَ يُسْرِفِ

_________

(١) حديث: " من قتل له قتيل. . . " أخرجه النسائي (٨ / ٣٨ - ط دار البشائر) . وابن ماجه (٢ / ٨٧٦ - ط عيسى الحلبي) من حديث أبي هريرة

(٢) فتح الباري ١٢ / ٢٠٥ - ٢٠٨

(٣) شرح الزرقاني ٨ / ٤

(٤) سورة الإسراء / ٣٣

الْوَلِيُّ فِي قَتْل الْقَاتِل بِأَنْ يُمَثِّل بِهِ، أَوْ يَقْتَصَّ مِنْ غَيْرِ الْقَاتِل، وَقَال النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ مِنْ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلاَثَةٌ: رَجُلٌ قَتَل غَيْرَ قَاتِلِهِ (١)، وَقَوْلُهُ ﷺ: أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِْسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ (٢)، قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَمُبْتَغٍ فِي الإِْسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ عِنْدَ شَخْصٍ فَيَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِهِ. (٣)

حِكْمَةُ تَشْرِيعِ الْقِصَاصِ وَتَحْرِيمِ الثَّأْرِ عَلَى طَرِيقَةِ الْجَاهِلِيَّةِ:

٩ - أ - الْقِصَاصُ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى الْجَانِي فَلاَ يُؤْخَذُ غَيْرُهُ بِجَرِيرَتِهِ، فِي حِينِ أَنَّ الثَّأْرَ لاَ يُبَالِي وَلِيُّ الدَّمِ فِي الاِنْتِقَامِ مِنَ الْجَانِي أَوْ أُسْرَتِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ

وَبِذَلِكَ يَتَعَرَّضُ الأَْبْرِيَاءُ لِلْقَتْل دُونَ ذَنْبٍ جَنَوْهُ.

_________

(١) حديث: " إن من أعتى الناس على الله ﷿. . . " سبق تخريجه ف / ١

(٢) حديث: " أبغض الناس إلى الله ثلاثة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٢ / ٢١٠ - ط السلفية) من حديث ابن عباس

(٣) الألوسي ١٥ / ٦٩، والطبري ١٥ / ٥٩ - ٦٠، ومختصر تفسير ابن كثير ٢ / ٣٧٦، وفتح الباري ١٢ / ٢١٠ - ٢١١، وأحكام القرآن للشافعي / ٢٧٢، والسياسة الشرعية لابن تيمية / ١٥٥

ب - الْقِصَاصُ يَرْدَعُ الْقَاتِل عَنِ الْقَتْل لأَِنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَفَّ عَنِ الْقَتْل بَيْنَمَا الثَّأْرُ يُؤَدِّي إِلَى الْفِتَنِ وَالْعَدَاوَاتِ.

يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُول تَغْلِي قُلُوبُهُمْ بِالْغَيْظِ حَتَّى يُؤْثِرُوا أَنْ يَقْتُلُوا الْقَاتِل وَأَوْلِيَاءَهُ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْضَوْا بِقَتْل الْقَاتِل، بَل يَقْتُلُونَ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِ الْقَاتِل كَسَيِّدِ الْقَبِيلَةِ وَمُقَدَّمِ الطَّائِفَةِ، فَيَكُونُ الْقَاتِل قَدِ اعْتَدَى فِي الاِبْتِدَاءِ، وَتَعَدَّى هَؤُلاَءِ فِي الاِسْتِيفَاءِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ الْخَارِجُونَ عَنِ الشَّرِيعَةِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ مِنَ الأَْعْرَابِ، وَالْحَاضِرَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ يَسْتَعْظِمُونَ قَتْل الْقَاتِل لِكَوْنِهِ عَظِيمًا أَشْرَفَ مِنَ الْمَقْتُول، فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُول يَقْتُلُونَ مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَاتِل، وَرُبَّمَا حَالَفَ هَؤُلاَءِ قَوْمًا وَاسْتَعَانُوا بِهِمْ وَهَؤُلاَءِ قَوْمًا فَيُفْضِي إِلَى الْفِتَنِ وَالْعَدَاوَاتِ الْعَظِيمَةِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ خُرُوجُهُمْ عَنْ سَنَنِ الْعَدْل الَّذِي هُوَ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، فَكَتَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا الْقِصَاصَ، وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ، وَالْمُعَادَلَةُ فِي الْقَتْلَى، وَأَخْبَرَ أَنَّ فِيهِ حَيَاةً فَإِنَّهُ يَحْقِنُ دَمَ غَيْرِ الْقَاتِل مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّجُلَيْنِ، وَأَيْضًا فَإِذَا عَلِمَ مَنْ يُرِيدُ الْقَتْل أَنَّهُ يُقْتَل كَفَّ عَنِ الْقَتْل. (١) قَال

_________

(١) السياسة الشرعية لابن تيمية / ١٥٦ - ١٥٧

رَسُول اللَّهِ ﷺ: الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، أَلاَ لاَ يُقْتَل مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ (١) .

_________

(١) حديث: " المؤمنون تتكافأ. . . ". أخرجه أبو داود (٤ / ٦٦٦ - ٦٦٨ ط عزت عبيد الدعاس) . والنسائي (٨ / ٢٤ - ط دار البشائر) . من حديث علي بن أبي طالب وصححه أحمد شاكر (المسند ٢ / ٢١٢ - ط دار المعارف)

ثُبُوتٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - الثُّبُوتُ مَصْدَرُ ثَبَتَ الشَّيْءُ يَثْبُتُ ثَبَاتًا وَثُبُوتًا إِذَا دَامَ وَاسْتَقَرَّ فَهُوَ ثَابِتٌ.

وَثَبَتَ الأَْمْرُ صَحَّ، وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزِ وَالتَّضْعِيفِ، فَيُقَال: أَثْبَتَهُ وَثَبَّتَهُ، وَرَجُلٌ ثَبْتٌ أَيْ: مُتَثَبِّتٌ فِي أُمُورِهِ، وَرَجُلٌ ثَبَتٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا، وَالْجَمْعُ أَثْبَاتٌ.

وَيُقَال: ثَبَتَ فُلاَنٌ فِي الْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ بِهِ. (١)

وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُهُ اصْطِلاَحًا عَنِ الدَّوَامِ وَالاِسْتِقْرَارِ وَالضَّبْطِ. وَمِنْهُ ثُبُوتُ النَّسَبِ مَثَلًا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِقْرَارُ النَّسَبِ وَلُزُومُهُ عَلَى وَجْهٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ الشَّرْعِيَّةُ بِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ.

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالثُّبُوتِ:

ثُبُوتُ النَّسَبِ:

٢ - ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ آثَارِ عَقْدِ النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ ﵊

_________

(١) المصباح المنير، ولسان العرب مادة: " ثبت "

: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (١) .

وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِالإِْقْرَارِ بِهِ، وَبِاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ، وَبِالْبَيِّنَةِ (٢)، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (نَسَبٌ، إِقْرَارٌ، اسْتِلْحَاقٌ) .

ثُبُوتُ الشَّهْرِ:

٣ - يُعْتَمَدُ فِي ثُبُوتِ الشَّهْرِ فِي السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ عَلَى أَمْرَيْنِ:

الأَْوَّل: رُؤْيَةُ الْهِلاَل. وَالثَّانِي: إِكْمَال عِدَّةِ الشَّهْرِ قَبْلَهُ ثَلاَثِينَ يَوْمًا، إِنْ غُمَّ الْهِلاَل فِي لَيْلَةِ الثَّلاَثِينَ مِنْهُ.

وَيُغَمُّ الْهِلاَل بِأَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً فِي آخِرِ الشَّهْرِ، أَوْ حَال دُونَ رُؤْيَتِهِ قَتَرٌ أَوْ غُبَارٌ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً فَلاَ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى إِكْمَال ثَلاَثِينَ، بَل تَارَةً يَثْبُتُ بِإِكْمَال الْعِدَّةِ إِذَا لَمْ يُرَ الْهِلاَل، وَتَارَةً يَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْهِلاَل لَيْلَةَ الثَّلاَثِينَ. (٣)

وَتَثْبُتُ الرُّؤْيَةُ لَدَى الْحَاكِمِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، أَمَّا فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى اشْتِرَاطِ عَدْلَيْنِ،

_________

(١) حديث: " الولد للفراش " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٢ / ١٢٧ ط السلفية) ومسلم (٢ / ١٠٣٠ - ط الحلبي) من حديث عائشة ﵂

(٢) نهاية المحتاج ٧ / ١٠٦، وبدائع الصنائع ٧ / ٢٢٨، والشرح الصغير ٣ / ٥٤، والمغني ٥ / ٢٠٠

(٣) حاشية الدسوقي ١ / ٥١٩، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٩٥

الصفحة السابقة