الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣

حرف التاء

تعليم وتعلم

التعريف

الألفاظ ذات الصلة

التدريب

الحكم التكليفي

التعلم

التعليم

فضل التعليم والتعلم

آداب المعلم والمتعلم

أ - آداب المعلم

ب - آداب المتعلم

تعليم الصغار

تعليم النساء

الضرب للتعليم

الاستئجار لتعليم القرآن والعلم الشرعي

الاستئجار على تعليم الحرف والعلوم غير الشرعية

تعليم علوم محرمة

تعليم الجوارح

تعمير

تعميم

الحكم الإجمالي

التعميم يكون في أمور منها

الوضوء

الغسل

التيمم

الدعاء

تعوذ

تعويذ

الرقية

التميمة

التولة

النشرة

الحكم التكليفي للتعويذ

القسم الأول

ما لا يعقل معناه

القسم الثاني

القسم الثالث

الغرض من اتخاذ التعاويذ

أولا الاستشفاء

الاستشفاء بالقرآن

الاستشفاء بالأدعية المناسبة والأذكار المأثورة

ثانيا استمالة الزوج

ثالثا دفع ضرر العين

الإصابة بالعين

الوقاية من العين

قراءة بعض الأدعية والأذكار من قبل العائن

الاستشفاء من إصابة العين

رابعا دفع البلاء

تعليق التعويذات على الإنسان

تعليق الجنب والحائض التعاويذ

رقية الكافر للمسلم وعكسه

رقية الكافر للمسلم

أخذ الأجرة على التعاويذ والرقى

تعويض

التثمين

الأرش

حكم التعويض

التعويض بتفويت العين

التعويض عن تفويت المنفعة

مال اليتيم

التعويض بسبب التعدي والتفريط في العقود

التعويض عن العيب في المبيع

التعويض بسبب الإكراه

تعويض ما تتلفه الدواب

ما يكون به التعويض

تعين

تعيين

الإبهام

أولا التعيين عند الأصوليين

ثانيا التعيين عند الفقهاء

في الصلاة

في البيع

تعيين المبيع والثمن

خيار التعيين

التعيين في المسلم فيه

في الوكالة

في الطلاق

في الدعوى

تغريب

الأحكام المتعلقة بالتغريب

أولا التغريب في حد الزنى

من يغرب في حد الزنى

ثانيا التغريب في حد الحرابة

ثالثا التغريب على سبيل التعزير

تغرير

تغسيل الميت

ما ينبغي لغاسل الميت، وما يكره له

النية في تغسيل الميت

تجريد الميت وكيفية وضعه حالة الغسل

عدد الغسلات وكيفيتها

صفة ماء الغسل

ما يصنع بالميت قبل التغسيل وبعده

الحالات التي ييمم فيها الميت

من يجوز لهم تغسيل الميت

الأحق بتغسيل الميت

تغسيل المرأة لزوجها

تغسيل الزوج لزوجته

تغسيل المسلم للكافر وعكسه

تغسيل الرجال والنساء للأطفال الصغار وعكسه

(١) تغسيل الرجال والنساء للأطفال الصغار

تغسيل المحرم الحلال وعكسه، وكيفية تغسيل المحرم

تغسيل الخنثى المشكل

من يغسل من الموتى ومن لا يغسل

تغسيل الشهيد

تغسيل من لا يدرى حاله

تغسيل البغاة وقطاع الطريق

تغسيل الجنين إذا استهل

تغسيل جزء من بدن الميت

دفن الميت من غير غسل

ما يترتب على تغسيل الميت

تغليظ

المغلظ من النجاسات

العورة المغلظة

تغليظ الدية

ما يجري التغليظ فيه من الدعاوى

صفة تغليظ الأيمان

التغليظ في اللعان

تغير

تغيير

(الألفاظ ذات الصلة)

التبديل

تغير أوصاف الماء في الطهارة

تغير حالة الإنسان التكليفية في العبادات

تغير الاجتهاد في القبلة

تغيير نصاب الزكاة في الحول

تغيير الزوج أو الزوجة في النكاح من الحرية والدين

تغير حالة الجاني أو المجني عليه

تفاؤل

حكمه التكليفي

التفاؤل المباح

تفرق

التجزؤ

التفرق المؤثر وحكمه

الإكراه على التفرق

التفرق قبل القبض في بيع الربوي

التفرق قبل التقابض في بيع العرايا

تفرق الصفقة

تفرق جمع وظهور قتيل

تفريط

الإفراط

التفريط في العبادات

التفريط في عقود الأمانات

تفريط الأجير

التفريط في النفقة

التفريط في إنقاذ حياة الغير

تفريق

(الحكم التكليفي)

تفريق المال المختلط خشية الصدقة

تفريق أيام الصوم، في التمتع

التفريق بين الأم وولدها

تفريق الصفقة لتعدد أحد الطرفين أو تعدد المبيع

تفريق الصفقة المشتملة على ما يجوز بيعه، وما لا يجوز

مذهب الحنفية

مذهب المالكية

مذهب الشافعية

مذهب الحنابلة

تفريق الصوم في الكفارات

تتابع قضاء رمضان

تفسير

التأويل

البيان

حكم تفسير القرآن

طرق التفسير

تفسير القرآن بمقتضى اللغة

شروط المفسر للقرآن، وآدابه

مس المحدث كتب التفسير وحمله لها

تفسير المقر ما أبهمه في الإقرار

تفسيق

تفسيق المجلود في حد القذف

تفسيق مرتكب الكبائر

تفسيق أهل البدع

تفسيق من ليس فاسقا

مواطن البحث

تفضيل

التسوية

تفليج

الوشر

تفليس

تفويض

التخيير

الأحكام المتعلقة بالتفويض

أولا التفويض في النكاح

حقيقة التفويض وحكمه

أنواع التفويض

التفويض في النكاح على ضربين

ما يجب في نكاح التفويض

ثانيا التفويض في الطلاق

حكم التفويض في الطلاق

حقيقة التفويض في الطلاق وصفته

ألفاظ التفويض في الطلاق

زمن تفويض الزوجة

عدد الطلقات الواقعة بألفاظ التفويض ونوعها

ثالثا التفويض في الوزارة

مشروعيتها

اختصاصات وزير التفويض

تعدد وزراء التفويض

تقابض

التخلية

تقادم

التقادم المانع من سماع الدعوى

مدة التقادم المانع من سماع الدعوى

الأعذار المبيحة لسماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة

متى تبتدئ المطالبة بالحق

التقادم في الحدود

تقادم الشهادة في الحدود

تقايل

تقبل

الالتزام

تقبيل

أحكام التقبيل

أولا التقبيل المشروع

تقبيل الحجر الأسود

تقبيل الركن اليماني

ثانيا التقبيل الممنوع

تقبيل الأجنبية

تقبيل الرجل للرجل، والمرأة للمرأة

التقبيل في الاعتكاف والصيام

ثالثا التقبيل المباح

تقبيل المبرة والإكرام، وتقبيل المودة والشفقة

تقبيل الميت

تقبيل المصحف

تقبيل الخبز والطعام

آثار التقبيل

أثر التقبيل في الوضوء

أثر التقبيل في الصلاة

أثر التقبيل على الصيام

أثر التقبيل في الاعتكاف

أثر التقبيل في الحج

أثر التقبيل في الرجعة

أثر التقبيل في الظهار

أثر التقبيل في الإيلاء

أثر التقبيل في حرمة المصاهرة

تقرير

الإقرار

السكوت

أولا - التقرير عند الأصوليين

الأول بمعنى تثبيت حق المقرر في شيء وتأكيده

الثاني بمعنى استمرار الأمر الموجود وإبقائه على حاله

في الشركة

في القضاء

الثالث - التقرير بمعنى طلب الإقرار من المتهم وحمله على الاعتراف

تقسيم

أولا عند الأصوليين

ثانيا عند الفقهاء

تقسيم ما يستولي عليه المسلمون

تقسيم التركة

تقصير

القص

تقصير الشعر في الحج والعمرة

تقصير الحاكم في حكمه

تقصير الإزار

تقصير خطبة الجمعة

التقصير في طلب الشفعة أو أرش العيب

تقلد

تقلد السيف في الإحرام

تقليد

الإشعار

أحكام التقليد

أولا - تقليد الهدي

حكم تقليد الهدي

ما يقلد من الهدي وما لا يقلد

ما يقلد به، وكيفية التقليد

تقليد الهدي هل يكون به الإنسان محرما؟

تعين الهدي ولزومه بالتقليد

ثالثا تقليد المجتهد

حكم التقليد

حكم التقليد في العقائد

حكم التقليد في الفروع

شروط من يجوز تقليده

من يجوز له التقليد

تعدد المفتين واختلافهم على المقلد

تقليد المذاهب

أثر العمل بالتقليد الصحيح

إفتاء المقلد

قضاء المقلد

ما يفعله المقلد إذا تغير الاجتهاد

التقليد في استقبال القبلة ومواقيت الصلاة ونحو ذلك

تقوم

تقوم المتلفات

تقوم المنافع

تقويم

تقويم عروض التجارة

تقويم جزاء الصيد

تقويم السلعة المعينة في خيار العيب

التقويم في الربويات

تقويم الجوائح

التقويم في القسمة

تقويم نصاب السرقة

تقويم حكومة العدل

تقويم جناية البهائم

تقييد

الإضافة

التخصيص

الشرط

تقية

المداراة

المداهنة

مشروعية العمل بالتقية

التقية من الأنبياء

حكم العمل بالتقية

شروط جواز التقية

أنواع التقية

إظهار الكفر وموالاة الكفار

أكل لحم الميتة ونحوه

التقية في بعض أفعال الصلاة

التقية في البيع وغيره من التصرفات

التقية في بيان الشريعة والحكم بها

ما ينبغي للآخذ بالتقية أن يراعيه

تكافؤ

الكفاءة في النكاح

التكافؤ في الدماء

التكافؤ في المبارزة

التكافؤ بين الخيل في السبق

تكبير

أحكام التكبير

أولا التكبير في الصلاة

تكبيرة الإحرام

تكبيرات الانتقالات

مد تكبيرات الانتقالات وحذفها

التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين

التكبير في صلاة الاستسقاء

تكبيرات الجنازة

ثانيا التكبير خارج الصلاة

التكبير في الأذان

رفع الصوت بالتكبير عقيب المكتوبة

التكبير في طريق مصلى العيد

التكبير عند الحجر الأسود

التكبير في السعي بين الصفا والمروة

التكبير عند الذبح والصيد

التكبير عند رؤية الهلال

شروط صحة تكبيرة الإحرام

مقارنتها للنية

الإتيان بتكبيرة الإحرام قائما

كون تكبيرة الإحرام بالعربية

الشروط المتعلقة بلفظ تكبيرة الإحرام

تكرار

حكمه الإجمالي ومواطنه

ومن المسائل المختلف فيها

تكفير

التشريك

الأحكام المتعلقة بالتكفير

(أولا) تكفير المسلم

التحرز من التكفير

متى يحكم بالكفر

تكفير السكران

بم يكون التكفير

التكفير بالقول

تكفير من سب الله ﷿

تكفير مكفر الصحابة

تكفير من سب الشيخين

تكفير منكر الإجماع

التكفير بالعمل

تكفير مرتكب الكبيرة

تكفير الساحر

آثار التكفير

حبوط العمل

آثار التكفير على المكفر

(ثانيا) تكفير الذنوب

الذنوب التي لم تشرع لها كفارات محددة

تكفين

صفة الكفن

أنواع الكفن

كفن السنة

كفن الكفاية

الكفن الضروري للرجل والمرأة

تعميم الميت

على من يجب الكفن

كيفية تكفين الرجل

كيفية تكفين المرأة

كيفية تكفين المحرم والمحرمة

تكفين الشهيد

إعداد الكفن مقدما

القطع بسرقة الكفن

الكتابة على الكفن

تكليف

الأهلية

الذمة

الحكم الإجمالي ومواطن البحث

تكني

تلاوة

الترتيل

آداب تلاوة القرآن

البسملة

التدبر

البكاء عند التلاوة

تحسين الصوت

تفخيم التلاوة

الجهر بالقراءة

المفاضلة بين قراءة القرآن في المصحف وقراءته عن ظهر قلب

قطع القرآن لمكالمة الناس

ترتيب القراءة

السجود للتلاوة

تلبية

صيغتها المتفق عليها بين الفقهاء

بم تصح التلبية

رفع الصوت بالتلبية

الإكثار من التلبية

متى تبدأ التلبية

متى تنتهي التلبية

تلجئة

تلف

أسباب التلف

أولا أثر التلف في العبادات

تلف زكاة المال

تلف المال بعد وجوب زكاة الفطر

تلف الأضحية

تلف الهدي

ثانيا التلف في عقود المعاوضات

تلف المبيع

تلف كل المبيع قبل القبض

تلف بعض المبيع قبل القبض

تلف بعض المبيع بفعل البائع قبل القبض

تلف بعض المبيع بفعل المشتري

تلف بعض المبيع بفعل الأجنبي

تلف بعض المبيع بعد القبض

التلف في الإجارة

ثالثا التلف في عقود الأمانات وما في معناها

خامسا تلف المغصوب

سادسا تلف اللقطة

سابعا تلف المهر

الصداق بيد الزوج والنقصان فاحش

الصداق بيد الزوجة والنقصان فاحش

الصداق بيد المرأة والنقصان غير فاحش

ما يتلفه البغاة

ما تتلفه الدواب

تلفيق

التقدير

الأحكام الإجمالية ومواطن البحث

إدراك الجمعة بركعة ملفقة

التلفيق في مسافة القصر لمن كان بعض سفره في البحر وبعضه في البر

التلفيق في صوم الشهرين في كفارة الظهار وما شابهها

التلفيق بين شهادتين لإثبات الردة

التلفيق بين المذاهب

تلقين

تلقين المحتضر

التلقين بعد الموت

تلقين المقر في الحدود

تلقين الخصم والشاهد

تلوم

تراجم فقهاء الجزء الثالث عشر

ابن رزين (٦٤٩ - ٧١٠ هـ)

ابن العماد (٨٢٥ - ٨٨٧ هـ)

ابن محرز (٥٦٩ - ٦٥٥ هـ)

أبو بكر البختري (؟ - ٢٠٠ هـ)

أسماء بن يزيد (؟ - نحو ٣٠ هـ)

إلكيا الهراسي (٤٥٠ - ٥٠٤ هـ)

أيمن بن أم أيمن (؟ -؟)

جعفر بن أبي طالب (؟ - ٨ هـ)

الحازمي (٥٤٩ - ٥٨٤ هـ)

الحلواني (؟ - ٢٥٠ هـ)

حمزة بن حبيب (٨٠ - ١٥٦ هـ)

خباب بن الأرت (؟ - ٣٧ هـ)

زيد بن حارثة (؟ - ٨ هـ)

زيد بن صوحان (؟ - ٣٦ هـ)

سعيد بن عبد العزيز (٩٠ - ١٦٧ هـ)

سويد بن غفلة (؟ - ٨١ هـ)

صفوان بن سليم (؟ - ١٣٢ هـ)

طلحة بن مصرف (؟ - ١١٢هـ)

عثمان بن عبد الله بن أوس (؟ -؟)

الكوهكيلوني أورده الرملي الكبير في حواشيه على شرح الروض ٣ / ٢٢٦ ولم نعثر له على ترجمته فيما لدينا من المراجع.

النفراوي (١٠٤٣ - ١١٢٥ هـ)

تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ

التَّعْرِيفُ:

١ - التَّعَلُّمُ لُغَةً: مَصْدَرُ تَعَلَّمَ. وَالتَّعَلُّمُ مُطَاوِعُ التَّعْلِيمِ، يُقَال: عَلَّمْتُهُ الْعِلْمَ فَتَعَلَّمَهُ. وَالتَّعْلِيمُ مَصْدَرُ عَلَّمَ: يُقَال: عَلَّمَهُ إِذَا عَرَّفَهُ، وَعَلَّمَهُ وَأَعْلَمَهُ إِيَّاهُ فَتَعَلَّمَهُ، وَعَلِمَ الأَْمْرَ وَتَعَلَّمَهُ: أَتْقَنَهُ. وَالْعِلْمُ نَقِيضُ الْجَهْل.

وَالْعِلْمُ أَيْضًا: هُوَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ عَلَى سَبِيل الثِّقَةِ. وَجَاءَ بِمَعْنَى: الْمَعْرِفَةِ أَيْضًا (١) . قَال الرَّاغِبُ: التَّعْلِيمُ وَالإِْعْلاَمُ فِي الأَْصْل وَاحِدٌ، إِلاَّ أَنَّ الإِْعْلاَمَ اخْتَصَّ بِمَا كَانَ بِإِخْبَارٍ سَرِيعٍ، وَالتَّعْلِيمُ اخْتَصَّ بِمَا يَكُونُ بِتَكْرِيرٍ وَتَكْثِيرٍ، حَتَّى يَحْصُل مِنْهُ أَثَرٌ فِي نَفْسِ الْمُتَعَلِّمِ. رُبَّمَا اسْتُعْمِل التَّعْلِيمُ بِمَعْنَى الإِْعْلاَمِ إِذَا كَانَ فِيهِ تَكْرِيرٌ (٢)

_________

(١) لسان العرب، والقاموس المحيط، والمصباح المنير، والصحاح مادة: " علم ".

(٢) مفردات الراغب ص ٣٤٨ ط كراتشي، باكستان ١٣٨٠ هـ.

نَحْوُ ﴿أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ﴾ (١) . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِلتَّعْلِيمِ عَمَّا ذُكِرَ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - التَّثْقِيفُ:

٢ - التَّثْقِيفُ: مَصْدَرُ ثَقَّفَ. يُقَال: ثَقَّفْتُ الرُّمْحَ: أَيْ سَوَّيْتُهُ وَأَزَلْتُ عِوَجَهُ وَيُقَال: رَجُلٌ ثَقِفٌ: إِذَا كَانَ حَاذِقًا فَطِنًا سَرِيعَ الْفَهْمِ، وَثَقَّفَ الإِْنْسَانَ: أَدَّبَهُ وَعَلَّمَهُ وَهَذَّبَهُ (٢) . فَالتَّثْقِيفُ أَعَمُّ مِنَ التَّعْلِيمِ.

ب - التَّدْرِيبُ:

٣ - التَّدْرِيبُ: مِنَ الدُّرْبَةِ، وَهِيَ: التَّجْرِبَةُ وَالتَّعَوُّدُ وَالْجُرْأَةُ عَلَى الأَْمْرِ. وَقَدْ دَرَّبْتُهُ تَدْرِيبًا، وَمِنْهُ مَا فِي حَدِيثِ الثَّقَفِيِّ " وَكَانَتْ نَاقَةً مُدَرَّبَةً: " أَيْ مُخَرَّجَةً مُؤَدَّبَةً " قَدْ أَلِفَتِ الرُّكُوبَ وَالسَّيْرَ: " أَيْ عُوِّدَتِ الْمَشْيَ فِي الدُّرُوبِ، فَصَارَتْ تَأْلَفُهَا وَتَعْرِفُهَا وَلاَ تَنْفِرُ (٣)

فَالتَّدْرِيبُ مِنْ وَسَائِل التَّعْلِيمِ (٤) .

_________

(١) سورة الحجرات / ١٦.

(٢) لسان العرب، والصحاح والمعجم الوسيط مادة: " ثقف ".

(٣) حديث: الثقفي: " وهي ناقة مدربة " أخرجه مسلم (٣ / ١٢٦٣ ط الجمل) .

(٤) لسان العرب.

ج - التَّأْدِيبُ:

٤ - التَّأْدِيبُ: مَصْدَرُ أَدَّبَ. يُقَال: أَدَّبْتُهُ أَدَبًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَيُضَاعَفُ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْثِيرِ، فَيُقَال: أَدَّبْتُهُ - بِالتَّشْدِيدِ - إِذَا عَلَّمْتُهُ رِيَاضَةَ النَّفْسِ وَمَحَاسِنَ الأَْخْلاَقِ. وَالاِسْمُ: الأَْدَبُ. قَال أَبُو زَيْدٍ الأَْنْصَارِيُّ: الأَْدَبُ يَقَعُ عَلَى كُل رِيَاضَةٍ مَحْمُودَةٍ يَتَخَرَّجُ بِهَا الإِْنْسَانُ فِي فَضِيلَةٍ مِنَ الْفَضَائِل. وَيَأْتِي التَّأْدِيبُ أَيْضًا بِمَعْنَى: الْعُقُوبَةِ. يُقَال. أَدَّبْتُهُ تَأْدِيبًا: إِذَا عَاقَبْتُهُ عَلَى إِسَاءَتِهِ، لأَِنَّهُ سَبَبٌ يَدْعُو إِلَى حَقِيقَةِ الأَْدَبِ (١) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ

أ - التَّعَلُّمُ:

٥ - تَعَلُّمُ الْعِلْمِ تَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ الآْتِيَةُ: قَدْ يَكُونُ التَّعَلُّمُ فَرْضَ عَيْنٍ وَهُوَ تَعَلُّمُ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ لِلْمُسْلِمِ، لإِقَامَةِ دِينِهِ وَإِخْلاَصِ عَمَلِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ مُعَاشَرَةِ عِبَادِهِ. فَقَدْ فُرِضَ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ وَمُكَلَّفَةٍ - بَعْدَ تَعَلُّمِهِ مَا تَصِحُّ بِهِ عَقِيدَتُهُ مِنْ أُصُول الدِّينِ - تَعَلُّمُ مَا تَصِحُّ بِهِ الْعِبَادَاتُ وَالْمُعَامَلاَتُ مِنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْل وَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَأَحْكَامِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِخْلاَصُ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ لِلَّهِ. وَيَجِبُ تَعَلُّمُ أَحْكَامِ الْبُيُوعِ عَلَى التُّجَّارِ لِيَحْتَرِزُوا عَنِ الشُّبُهَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ فِي سَائِرِ الْمُعَامَلاَتِ،

_________

(١) المصباح المنير، والصحاح مادة: " أدب ".

وَكَذَا أَهْل الْحِرَفِ، وَكُل مَنِ اشْتَغَل بِشَيْءٍ يُفْرَضُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ حُكْمِهِ لِيَمْتَنِعَ عَنِ الْحَرَامِ فِيهِ.

وَقَدْ يَكُونُ التَّعَلُّمُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَهُوَ تَعَلُّمُ كُل عِلْمٍ لاَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ فِي قِيَامِ أُمُورِ الدُّنْيَا كَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْكَلاَمِ وَالْقِرَاءَاتِ وَأَسَانِيدِ الْحَدِيثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَمِنَ التَّعَلُّمِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ، وَمِنْهُ التَّبَحُّرُ فِي الْفِقْهِ بِالتَّوَسُّعِ فِيهِ، وَالاِطِّلاَعِ عَلَى غَوَامِضِهِ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَقَدْ يَكُونُ التَّعَلُّمُ حَرَامًا: وَمِنْهُ تَعَلُّمُ الشَّعْوَذَةِ (١) . وَضَرْبِ الرَّمْل (٢)، وَالسِّحْرِ وَكَذَا الْكِهَانَةُ، وَالْعِرَافَةُ.

وَقَدْ يَكُونُ التَّعَلُّمُ مَكْرُوهًا، وَمِنْهُ تَعَلُّمُ أَشْعَارِ الْغَزَل مِمَّا فِيهِ وَصْفُ النِّسَاءِ الْمُعَيَّنَاتِ، وَتَفْصِيل كُل مَا تَقَدَّمَ فِي مُصْطَلَحِهِ الْخَاصِّ.

وَقَدْ يَكُونُ التَّعَلُّمُ مُبَاحًا، وَمِنْهُ الأَْشْعَارُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا يُنْكَرُ مِنَ اسْتِخْفَافٍ بِأَحَدِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ ذِكْرِ عَوْرَاتِهِمْ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (٣) .

_________

(١) وهي: خفة في اليد كالسحر ترى الشيء بغير ما عليه كما في القاموس، وفي المصباح هي: لعب يرى الإنسان منها ما ليس له حقيقة كالسحر، وانظر إحياء علوم الدين (١ / ١٦ وما بعدها) .

(٢) الرمل: هو علم بضروب أشكال من الخطوط والنقط بقواعد معلومة تخرج حروفا تجمع ويستخرج جملة دالة على عواقب الأمور، وهو حرام قطعا، وتعلمه وتعليمه حرام، لما فيه من إيهام العوام أن فاعله يشارك الله تعالى في غيبه.

(٣) حاشية رد المحتار على الدر المختار، وشرح تنوير الأبصار ١ / ٤٢ - ٤٧ ط مصطفى الحلبي بمصر الطبعة الثانية، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٧٨، وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج ٧ / ٣٨٠ ط المكتبة الإسلامية، والإقناع للشربيني ١ / ١٠ ط دار المعرفة، والمغني لابن قدامة ٨ / ١٥٠ - ١٥٥ ط الرياض، وتفسير القرطبي ٦ / ٣٦ - ٤٠ ط دار الكتب المصرية بالقاهرة.

ب - التَّعْلِيمُ:

٦ - قَال النَّوَوِيُّ: تَعْلِيمُ الطَّالِبِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَصْلُحُ إِلاَّ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ جَمَاعَةٌ يَصْلُحُونَ، فَطُلِبَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمْ فَامْتَنَعَ فَهَل يَأْثَمُ؟ يَجْرِي فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ. وَالأَْصَحُّ: لاَ يَأْثَمُ (١) .

هَذَا وَيَلْزَمُ تَعْلِيمُ الْعِلْمِ اللاَّزِمِ تَعْلِيمُهُ، كَاسْتِعْلاَمِ كَافِرٍ يُرِيدُ الإِْسْلاَمَ عَنِ الإِْسْلاَمِ، أَوِ اسْتِعْلاَمِ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالإِْسْلاَمِ عَنْ صَلاَةٍ حَضَرَ وَقْتُهَا، وَكَالْمُسْتَفْتِي فِي الْحَلاَل وَالْحَرَامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الأُْمُورِ الإِْجَابَةُ، وَمَنِ امْتَنَعَ كَانَ آثِمًا.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الأَْمْرُ فِي نَوَافِل الْعِلْمِ الَّتِي لاَ ضَرُورَةَ بِالنَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا (٢) .

قَال ابْنُ الْحَاجِّ: يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ، أَوْ يَتَعَيَّنُ

_________

(١) المجموع للنووي ١ / ٥٢ نشر المكتبة العالمية بالفجالة.

(٢) المرقاة في شرح المشكاة ١ / ٢٨٦ ط مكتبة امدادية - باكستان وشرح السنة للبغوي ١ / ٣٠٢ وشرح سنن أبي داود للخطابي ٤ / ١٨٥.

عَلَيْهِ: إِذَا رَأَى النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ الْعِلْمِ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ، لِتَعْلِيمِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ وَإِنْ كَانُوا مُعْرِضِينَ (١) .

٧ - وَقَدْ حَثَّ الشَّرْعُ عَلَى تَعْلِيمِ الْعُلُومِ الَّتِي تَحْتَاجُهَا الأُْمَّةُ فِي دِينِهَا وَدُنْيَاهَا، وَجَاءَتِ الآْيَاتُ وَالأَْحَادِيثُ وَالأَْخْبَارُ بِذَلِكَ (٢) . وَمِنَ الآْيَاتِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُل فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (٣) وَالْمُرَادُ هُوَ التَّعْلِيمُ.

وَقَوْلُهُ جَل شَأْنُهُ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ (٤) وَهُوَ إِيجَابٌ لِلتَّعْلِيمِ.

وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (٥) وَهُوَ تَحْرِيمٌ لِلْكِتْمَانِ.

وَقَال ﷺ: مَنْ سُئِل عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (٦) .

_________

(١) المدخل لابن الحاج ٢ / ٨٨.

(٢) الإحياء للغزالي ١ / ١٦ وما بعدها.

(٣) سورة التوبة / ١٢٢.

(٤) سورة آل عمران / ١٨٧.

(٥) سورة البقرة / ١٤٦.

(٦) حديث: " من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من. . . " أخرجه أحمد (٢ / ٢٦٣ - ط الميمنية) والحاكم (١ / ١٠١ ط. دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي هريرة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وَقَال ﷺ: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُل شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ (١) . وَقَوْلُهُ ﵇: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُل مُسْلِمٍ (٢) .

وَالتَّحْقِيقُ حَمْل الْعِلْمِ فِي الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَلَى الْمَعْنَى الْعَامِّ، فَيَشْمَل عُلُومَ الشَّرْعِ: عِلْمَ الْكَلاَمِ، وَالْفِقْهِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالْحَدِيثِ، وَعُلُومَ الدُّنْيَا. وَمِنْهَا الزِّرَاعَةُ، وَالصِّنَاعَةُ، وَالسِّيَاسَةُ، وَالْحِرَفُ، وَالطِّبُّ، وَالتِّكْنُولُوجْيَا، وَالْحِسَابُ، وَالْهَنْدَسَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ، وَمَا يَرْتَبِطُ بِهِ مَصَالِحُ أُمُورِ الدُّنْيَا (٣) .

فَضْل التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ:

٨ - وَرَدَتِ الآْيَاتُ وَالأَْخْبَارُ وَالآْثَارُ، وَتَطَابَقَتِ الدَّلاَئِل الصَّرِيحَةُ عَلَى فَضِيلَةِ الْعِلْمِ، وَالْحَثِّ

_________

(١) حديث: " طلب العلم فريضة على كل مسلم، وإن طالب العلم يستغفر. . . ". أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١ / ٧ ط المنيرية) من حديث أنس ﵁، وضعف ابن حجر أحد رواته وهو حسان بن سياه كما في لسان الميزان (٢ / ١٨٨ ط دائرة المعارف العثمانية) .

(٢) حديث: " طلب العلم فريضة على كل مسلم " أخرجه ابن ماجه (١ / ٨١ ط الحلبي) من حديث أنس ﵁ بإسناد ضعيف، وأخرجه كذلك آخرون، وحسنه المزي لطرقه كما في المقاصد الحسنة للسخاوي (ص ٢٧٥ - ٢٧٦ ط الخانجي) .

(٣) الإحياء ١ / ١٦ وما بعدها.

عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَالاِجْتِهَادِ فِي اقْتِبَاسِهِ وَتَعْلِيمِهِ (١) .

فَمِنَ الآْيَاتِ قَوْله تَعَالَى: ﴿قُل هَل يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (٢) وقَوْله تَعَالَى. ﴿وَقُل رَبِّي زِدْنِي عِلْمًا﴾ (٣) وقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (٤) وَقَال: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُْمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْل لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ﴾ (٥)

وَمِنَ الأَْخْبَارِ قَوْلُهُ ﷺ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ (٦) وَقَوْلُهُ ﷺ لِعَلِيٍّ ﵁: لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ (٧) .

وَقَوْلُهُ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلاَ

_________

(١) إحياء علوم الدين ١ / ١٦ وما بعدها.

(٢) سورة الزمر / ٩.

(٣) سورة طه / ١١٤.

(٤) سورة فاطر / ٢٨.

(٥) سورة الجمعة / ٢.

(٦) حديث: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " أخرجه البخاري (الفتح ١ / ١٦٧ ط السلفية)، ومسلم (٢ / ٧١٨ ط الحلبي) من حديث معاوية ﵁.

(٧) حديث: " لأن يهدي الله بك رجلا واحد خيرا. . . " أخرجه مسلم (٤ / ١٨٧٢ ط الحلبي) من حديث سهل بن سعد ﵁.

مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا (١) .

وَمِنَ الآْثَارِ قَوْل عَلِيٍّ ﵁: كَفَى بِالْعِلْمِ شَرَفًا أَنْ يَدَّعِيَهُ مَنْ لاَ يُحْسِنُهُ، وَيَفْرَحُ بِهِ إِذَا نُسِبَ إِلَيْهِ، وَكَفَى بِالْجَهْل ذَمًّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ مَنْ هُوَ فِيهِ. وَقَوْلُهُ: الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ، وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَال. وَالْمَال تُنْقِصُهُ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمُ يَزْكُو بِالإِْنْفَاقِ.

آدَابُ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ

أ - آدَابُ الْمُعَلِّمِ:

٩ - فَصَّل الْفُقَهَاءُ الْقَوْل فِي آدَابِ الْمُعَلِّمِ وَوَظَائِفِهِ وَأَهَمُّهَا مَا يَلِي:

- أَنْ يَقْصِدَ بِتَعْلِيمِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ يَقْصِدَ تَوَصُّلًا إِلَى غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ (٢) .

- وَأَنْ يَتَخَلَّقَ بِالْمَحَاسِنِ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِهَا وَحَثَّ عَلَيْهَا، وَالْخِلاَل الْحَمِيدَةِ وَالشِّيَمِ الْمَرْضِيَّةِ الَّتِي أَرْشَدَ إِلَيْهَا.

- وَأَنْ يَحْذَرَ مِنَ الْحَسَدِ وَالرِّيَاءِ وَالإِْعْجَابِ وَاحْتِقَارِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ بِدَرَجَاتٍ.

- وَأَنْ لاَ يُذِل الْعِلْمَ وَلاَ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى مَكَانٍ

_________

(١) حديث: " إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن. . . ". أخرجه مسلم (٣ / ١١٠٥ ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله ﵄.

(٢) المجموع النووي بتحقيق المطيعي ١ / ٥٣ نشر المكتبة العالمية بالفجالة. وإحياء علوم الدين ١ / ٥٦ مطبعة الاستقامة، وجامع بيان العلم وفضله ١ / ١٩٣.

يُنْتَسَبُ إِلَى مَنْ يَتَعَلَّمُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَلِّمُ كَبِيرَ الْقَدْرِ (١) .

- وَأَنْ يُشْفِقَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ، وَأَنْ يُجْرِيَهُمْ مُجْرَى بَنِيهِ، قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ (٢) بِأَنْ يَقْصِدَ إِنْقَاذَهُمْ مِنْ نَارِ الآْخِرَةِ، وَهُوَ أَهَمُّ مِنْ إِنْقَاذِ الْوَالِدَيْنِ وَلَدَهُمَا مِنْ نَارِ الدُّنْيَا (٣) .

- وَأَنْ لاَ يَتَعَظَّمَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ، بَل يَلِينُ لَهُمْ وَيَتَوَاضَعُ. قَال عُمَرُ ﵁: تَوَاضَعُوا لِمَنْ عَلَّمَكُمْ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ جَبَّارِي الْعُلَمَاءِ (٤) .

- وَأَنْ يَتَفَقَّدَ الْمُتَعَلِّمِينَ، وَيَسْأَل عَمَّنْ غَابَ مِنْهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَاذِلًا وُسْعَهُ فِي تَفْهِيمِهِمْ وَتَقْرِيبِ الْفَائِدَةِ إِلَى أَذْهَانِهِمْ (٥) .

- وَأَنْ يَزْجُرَ الْمُتَعَلِّمَ عَنْ سُوءِ الأَْخْلاَقِ بِطَرِيقِ التَّعْرِيضِ مَا أَمْكَنَ وَلاَ يُصَرِّحُ، وَبِطَرِيقِ الرَّحْمَةِ لاَ بِطَرِيقِ التَّوْبِيخِ.

- وَأَنْ يَقْتَصِرَ بِالْمُتَعَلِّمِ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ، فَلاَ

_________

(١) المجموع النووي ١ / ٥٣، ٥٤، والآداب الشرعية لابن مفلح ٢ / ٥٦

(٢) حديث: " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد ". أخرجه أبو داود (١ / ١٨ - ١٩ تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة ﵁ وإسناده حسن.

(٣) إحياء علوم الدين ١ / ٥٥.

(٤) المجموع ١ / ٥٧، والآداب الشرعية ١ / ٢٥٤.

(٥) المجموع ١ / ٥٨.

الصفحة السابقة