الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢
الْمَالِكِيَّةُ (١) وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ.
جَاءَ فِي الآْدَابِ الشَّرْعِيَّةِ لاِبْنِ مُفْلِحٍ عَنْ ابْنِ تَمِيمٍ: لاَ يُشَمِّتُ الرَّجُل الشَّابَّةَ وَلاَ تُشَمِّتُهُ.
وَقَال السَّامِرِيُّ: يُكْرَهُ أَنْ يُشَمِّتَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ إِذَا عَطَسَتْ وَلاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْعَجُوزِ. وَقَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ﵁ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعُبَّادِ فَعَطَسَتِ امْرَأَةُ أَحْمَدَ، فَقَال لَهَا الْعَابِدُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَقَال أَحْمَدُ ﵀. عَابِدٌ جَاهِلٌ.
وَقَال حَرْبٌ: قُلْتُ لأَِحْمَدَ: الرَّجُل يُشَمِّتُ الْمَرْأَةَ إِذَا عَطَسَتْ؟ فَقَال: إِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنْطِقَهَا لِيَسْمَعَ كَلاَمَهَا فَلاَ؛ لأَِنَّ الْكَلاَمَ فِتْنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُشَمِّتَهُنَّ. وَقَال أَبُو طَالِبٍ: إِنَّهُ سَأَل أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: يُشَمِّتُ الرَّجُل الْمَرْأَةَ إِذَا عَطَسَتْ؟ قَال: نَعَمْ قَدْ شَمَّتَ أَبُو مُوسَى امْرَأَتَهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً تَمُرُّ أَوْ جَالِسَةً فَعَطَسَتْ أُشَمِّتُهَا؟ قَال: نَعَمْ. وَقَال الْقَاضِي: وَيُشَمِّتُ الرَّجُل الْمَرْأَةَ الْبَرْزَةَ وَيُكْرَهُ لِلشَّابَّةِ. وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: يُشَمِّتُ الْمَرْأَةَ الْبَرْزَةَ وَتُشَمِّتُهُ وَلاَ يُشَمِّتُ الشَّابَّةَ وَلاَ تُشَمِّتُهُ، وَقَال الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: يَجُوزُ لِلرَّجُل تَشْمِيتُ الْمَرْأَةِ الْبَرْزَةِ وَالْعَجُوزِ، وَيُكْرَهُ
_________
(١) حاشية العدوي على كفاية الطالب شرح الرسالة ٢ / ٣٩٩، والشرح الصغير ٤ / ٧٦٤.
لِلشَّابَّةِ، وَفِي هَذَا تَفْرِيقٌ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَغَيْرِهَا. (١)
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ: أَنَّهُ إِذَا عَطَسَ الرَّجُل فَشَمَّتَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ عَجُوزًا رَدَّ عَلَيْهَا وَإِلاَّ رَدَّ فِي نَفْسِهِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَكَذَا لَوْ عَطَسَتْ هِيَ كَمَا فِي الْخُلاَصَةِ. (٢)
تَشْمِيتُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ:
٩ - لَوْ عَطَسَ كَافِرٌ وَحَمِدَ اللَّهَ عُقَيْبَ عُطَاسِهِ وَسَمِعَهُ مُسْلِمٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَمِّتَهُ بِقَوْلِهِ: هَدَاكَ اللَّهُ أَوْ عَافَاكَ اللَّهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ قَال: كَانَتِ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ رَجَاءَ أَنْ يَقُول يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، فَكَانَ يَقُول: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ (٣) . وَفِي قَوْلِهِ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ. تَعْرِيضٌ لَهُمْ بِالإِْسْلاَمِ: أَيِ اهْتَدُوا وَآمِنُوا يُصْلِحِ اللَّهُ بَالَكُمْ. فَلَهُمْ تَشْمِيتٌ مَخْصُوصٌ، وَهُوَ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَإِصْلاَحِ الْبَال. بِخِلاَفِ تَشْمِيتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ أَهْلٌ
_________
(١) الآداب الشرعية لابن مفلح ٢ / ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٢) الاختيار شرح المختار ٣ / ١١٩ ط مصطفى الحلبي ١٩٣٦، وابن عابدين ٥ / ٢٣٦.
(٣) حديث أبي موسى الأشعري: " كانت اليهود يتعاطسون. . . " أخرجه الترمذي (٥ / ٨٢ - ط الحلبي) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ".
لِلدُّعَاءِ بِالرَّحْمَةِ بِخِلاَفِ الْكُفَّارِ. (١) وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَال: اجْتَمَعَ الْيَهُودُ وَالْمُسْلِمُونَ فَعَطَسَ النَّبِيُّ ﷺ فَشَمَّتَهُ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا، فَقَال لِلْمُسْلِمِينَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَيَرْحَمُنَا وَإِيَّاكُمْ. وَقَال لِلْيَهُودِ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ (٢)
تَشْمِيتُ الْمُصَلِّي غَيْرَهُ:
١٠ - مَنْ كَانَ فِي الصَّلاَةِ وَسَمِعَ عَاطِسًا حَمِدَ اللَّهَ عَقِبَ عُطَاسِهِ فَشَمَّتَهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ؛ لأَِنَّ تَشْمِيتَهُ لَهُ بِقَوْلِهِ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَجْرِي فِي مُخَاطَبَاتِ النَّاسِ، فَكَانَ مِنْ كَلاَمِهِمْ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ ﵁ قَال: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي الصَّلاَةِ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْل أُمَّاهُ، مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَضَرَبَ الْقَوْمُ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ ﷺ دَعَانِي بِأَبِي وَأُمِّي هُوَ، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا أَحْسَنَ تَعْلِيمًا
_________
(١) الشرح الصغير ٤ / ٧٦٤، وحاشية العدوي على كفاية الطالب شرح الرسالة ٢ / ٣٩٩، والآداب الشرعية لابن مفلح ٢ / ٣٥٢، والأذكار للنووي ٢٤٣ - ٢٤٤، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٠ / ٦٠٩.
(٢) حديث ابن عمر: " اجتمع اليهود والمسلمون. . . " أخرجه البيهقي في الشعب، وضعفه ابن حجر لضعف أحد رواته. (فتح الباري ١٥ / ٦٠٩ - ط السلفية) .
مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا ضَرَبَنِي ﷺ وَلاَ كَهَرَنِي ثُمَّ قَال: إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ الآْدَمِيِّينَ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ (١) هَذَا قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ تَعْبِيرُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْفَسَادِ وَتَعْبِيرُ غَيْرِهِمْ بِالْبُطْلاَنِ، إِلاَّ أَنَّ الْبُطْلاَنَ وَالْفَسَادَ فِي ذَلِكَ بِمَعْنًى. (٢)
فَإِنْ عَطَسَ هُوَ فِي صَلاَتِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَشَمَّتَ نَفْسَهُ فِي نَفْسِهِ دُونَ أَنْ يُحَرِّكَ بِذَلِكَ لِسَانَهُ بِأَنْ قَال: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا نَفْسِي لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خِطَابًا لِغَيْرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ كَمَا إِذَا قَال: يَرْحَمُنِي اللَّهُ. قَال بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْمَالِكِيَّةُ.
تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فَوْقَ ثَلاَثٍ:
١١ - مَنْ تَكَرَّرَ عُطَاسُهُ فَزَادَ عَلَى الثَّلاَثِ فَإِنَّهُ لاَ يُشَمَّتُ فِيمَا زَادَ عَنْهَا؛ إِذْ هُوَ بِمَا زَادَ عَنْهَا
_________
(١) حديث: " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء. . " أخرجه مسلم (١ / ٣٨١ - ٣٨٢ - ط الحلبي) من حديث معاوية بن الحكم.
(٢) ابن عابدين ١ / ٤١٦ - ٤١٧، وفتح القدير ١ / ٣٤٧ ط دار إحياء التراث العربي، والشرح الصغير ٤ / ٧٦٤، وكفاية الطالب شرح الرسالة للقيرواني ٢ / ٣٩٩، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل ٢ / ٣٣ مكتبة النجاح ليبيا، والمهذب في فقه الإمام الشافعي ١ / ٩٤، وروضة الطالبين ١ / ٢٩٢، وكشاف القناع عن متن الإقناع ١ / ٣٧٨ ط النصر الحديثة.
مَزْكُومٌ. فَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ ﵁: شَمَّتَ رَسُول اللَّهِ ﷺ رَجُلًا عَطَسَ مَرَّتَيْنِ بِقَوْلِهِ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ ثُمَّ قَال عَنْهُ فِي الثَّالِثَةِ: هَذَا رَجُلٌ مَزْكُومٌ. (١)
وَذَكَرَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ قَال: يُكَرَّرُ التَّشْمِيتُ إِذَا تَكَرَّرَ الْعُطَاسُ، إِلاَّ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ مَزْكُومٌ فَيَدْعُوَ لَهُ بِالشِّفَاءِ. وَعِنْدَ هَذَا سَقَطَ الأَْمْرُ بِالتَّشْمِيتِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالزُّكَامِ، لأَِنَّ التَّعْلِيل بِهِ يَقْتَضِي أَنْ لاَ يُشَمَّتَ مَنْ عُلِمَ أَنَّ بِهِ زُكَامًا أَصْلًا، لِكَوْنِهِ مَرَضًا، وَلَيْسَ عُطَاسًا مَحْمُودًا نَاشِئًا عَنْ خِفَّةِ الْبَدَنِ وَانْفِتَاحِ الْمَسَامِّ وَعَدَمِ الْغَايَةِ فِي الشِّبَعِ. (٢)
_________
(١) حديث سلمة بن الأكوع: أخرجه الترمذي (٥ / ٩٥ ط الحلبي) وقال: حسن صحيح.
(٢) الشرح الصغير ٤ / ٦٧٥، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر ١٠ / ٦٠٤ - ٦٠٧، والآداب الشرعية لابن مفلح ٢ / ٣٥٤.
تَشْمِيرٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - لِلتَّشْمِيرِ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ: مِنْهَا: الرَّفْعُ يُقَال: شَمَّرَ الإِْزَارَ وَالثَّوْبَ تَشْمِيرًا: إِذَا رَفَعَهُ، وَيُقَال: شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ، وَشَمَّرَ فِي أَمْرِهِ: أَيْ خَفَّ فِيهِ وَأَسْرَعَ، وَشَمَّرَ الشَّيْءَ فَتَشَمَّرَ: قَلَّصَهُ فَتَقَلَّصَ، وَتَشَمَّرَ أَيْ: تَهَيَّأَ. (١) وَفِي الاِصْطِلاَحِ لاَ يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى رَفْعِ الثَّوْبِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - السَّدْل:
٢ - مِنْ مَعَانِي السَّدْل فِي اللُّغَةِ: إِرْخَاءُ الثَّوْبِ.
يُقَال: سَدَلْتُ الثَّوْبَ سَدْلًا: إِذَا أَرْخَيْتَهُ وَأَرْسَلْتَهُ مِنْ غَيْرِ ضَمِّ جَانِبَيْهِ. وَسَدَل الثَّوْبَ يَسْدِلُهُ وَيَسْدُلُهُ سَدْلًا، وَأَسْدَلَهُ: أَرْخَاهُ وَأَرْسَلَهُ. (٢)
وَعَنْ عَلِيٍّ ﵁: أَنَّهُ خَرَجَ فَرَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ قَدْ سَدَلُوا ثِيَابَهُمْ، فَقَال: كَأَنَّهُمْ الْيَهُودُ
_________
(١) لسان العرب، والمصباح المنير، ومختار الصحاح. مادة: " شمر ".
(٢) المصباح المنير، ولسان العرب. مادة " سدل ".
خَرَجُوا مِنْ فُهُورِهِمْ (١) وَاصْطِلاَحًا: أَنْ يَجْعَل الشَّخْصُ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَيُرْسِل أَطْرَافَهُ مِنْ جَوَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُمَّهَا، أَوْ يَرُدَّ أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الْكَتِفِ الأُْخْرَى. وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ مَكْرُوهٌ بِالاِتِّفَاقِ. (٢) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ السَّدْل فِي الصَّلاَةِ. . (٣)
ب - الإِْسْبَال:
٣ - الإِْسْبَال فِي اللُّغَةِ: الإِْرْخَاءُ وَالإِْطَالَةُ.
يُقَال: أَسْبَل إِزَارَهُ: إِذَا أَرْخَاهُ. وَأَسْبَل فُلاَنٌ ثِيَابَهُ: إِذَا طَوَّلَهَا وَأَرْسَلَهَا إِلَى الأَْرْضِ، وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ. قَال: قُلْتُ: وَمَنْ هُمْ؟ خَابُوا
_________
(١) الفهور: جمع فهر، وهو مدراس اليهود الذي يجتمعون فيه للصلاة أو في الأعياد. (لسان العرب) .
(٢) ابن عابدين ١ / ٤٢٩، ومراقي الفلاح ١٩٢ - ١٩٣، وفتح القدير ١ / ٣٥٩ دار إحياء التراث العربي، والفتاوى الهندية ١ / ١٠٦، والاختيار شرح المختار ١ / ٦١ دار المعرفة، والخرشي على مختصر خليل ١ / ٢٥١، والمجموع شرح المهذب ٣ / ١٧٦ - ١٧٧، وكشاف القناع ١ / ٢٧٥ م النصر الحديثة، والمغني لابن قدامة ١ / ٥٨٤ - ٥٨٥ م الرياض الحديثة.
(٣) حديث: " نهى عن السدل كل في الصلاة ". أخرجه أبو داود (١ / ٤٢٣ ط عبيد الدعاس) والترمذي (٢ / ٢١٧ ط محمد الحلبي) . وصحح إسناده أحمد شاكر.
وَخَسِرُوا. فَأَعَادَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: الْمُسْبِل، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ (١)
قَال ابْنُ الأَْعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُ: الْمُسْبِل: الَّذِي يُطَوِّل ثَوْبَهُ وَيُرْسِلُهُ إِلَى الأَْرْضِ إِذَا مَشَى، وَإِنَّمَا يَفْعَل ذَلِكَ كِبْرًا وَاخْتِيَالًا. (٢)
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
وَحُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ، (٣) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلاَءِ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ (٤) وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَنْ أَسْبَل إِزَارَهُ فِي صَلاَتِهِ خُيَلاَءَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ جَل ذِكْرُهُ فِي حِلٍّ وَلاَ حَرَامٍ. (٥) وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَرْفَعُهُ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ
_________
(١) حديث: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا. . . " أخرجه مسلم (١ / ١٠٢ ط عيسى البابي) وأحمد (٥ / ١٤٨ ط المكتب الإسلامي) .
(٢) لسان العرب.
(٣) المغني لابن قدامة ١ / ٥٨٥ م الرياض الحديثة، وكشاف القناع ١ / ٧٧ م النصر الحديثة، والدين الخالص ٤ / ٥٢٠ لصديق خان مطبعة المدني.
(٤) حديث: " من جر ثوبه. . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٦٥٣ ط عيسى البابي) .
(٥) حديث: " من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ٤٢٣ ط عبيد الدعاس) . وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح. (شرح السنة للبغوي ٢ / ٤٢٨ ط المكتب الإسلامي) .
بَطَرًا. (١) وَلِلتَّفْصِيل ر: (صَلاَةٌ - عَوْرَةٌ - إِسْبَالٌ) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
٤ - التَّشْمِيرُ فِي الصَّلاَةِ مَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ كَفْتِ الثِّيَابِ وَالشَّعْرِ. (٢)
إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا بِكَرَاهَتِهِ فِيهَا إِذَا كَانَ فِعْلُهُ لأَِجْلِهَا. وَأَمَّا فِعْلُهُ خَارِجَهَا، أَوْ فِيهَا لاَ لأَِجْلِهَا، فَلاَ كَرَاهَةَ فِيهِ. وَمِثْل ذَلِكَ عِنْدَهُمْ تَشْمِيرُ الذَّيْل عَنِ السَّاقِ: فَإِنْ فَعَلَهُ لأَِجْل شُغْلٍ، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى وَهُوَ كَذَلِكَ فَلاَ كَرَاهَةَ. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ سَوَاءٌ عَادَ لِشُغْلِهِ، أَمْ لاَ. وَحَمَلَهَا الشَّبِيبِيُّ عَلَى مَا إِذَا عَادَ لِشُغْلِهِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي (٣) .
وَلِلتَّفْصِيل ر: (صَلاَةٌ، عَوْرَةٌ، لِبَاسٌ) .
_________
(١) حديث: " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر. . . ". أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٢٥٨ - ٢٥٩ ط السلفية) .
(٢) حديث: " نهى عن كفت الثياب. . . " أخرجه البخاري (٢ / ٢٩٥ ط السلفية)، ومسلم (١ / ٣٥٤ ط عيسى الحلبي) .
(٣) فتح القدير ١ / ٣٥٩ دار إحياء التراث العربي، ومراقي الفلاح ١٩٢، والفتاوى الهندية ١ / ١٠٦، ومنهاج الطالبين ١ / ١٩٣، ونهاية المحتاج للرملي ٢ / ٥٥، وحاشية الجمل على المنهج ١ / ٤٤٢، والشرح الكبير ١ / ٢١٨، والخرشي على مختصر خليل ١ / ٢٥٠، وكشاف القناع ١ / ٢٧٦، ٣٧٣ م النصر الحديثة.
تَشَهُّدٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - التَّشَهُّدُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ تَشَهَّدَ، أَيْ: تَكَلَّمَ بِالشَّهَادَتَيْنِ. (١)
وَيُطْلَقُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ عَلَى قَوْل كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَعَلَى التَّشَهُّدِ فِي الصَّلاَةِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. . إِلَى آخِرِهِ فِي الصَّلاَةِ. (٢) وَصَرَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلًا عَنْ الْحِلْيَةِ: أَنَّ التَّشَهُّدَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْكَلِمَاتِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ وَغَيْرِهِ. سُمِّيَ بِهِ لاِشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ. مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ جُزْئِهِ (٣) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
٢ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: أَنَّ التَّشَهُّدَ
_________
(١) متن اللغة مادة: " شهد ".
(٢) الاختيار ١ / ٥٣، ونهاية المحتاج ١ / ٥١٩ ط مصطفى البابي الحلبي، والمغرب للمطرزي، ولسان العرب المحيط مادة: " شهد ".
(٣) ابن عابدين ١ / ٣٤٢ ط دار إحياء التراث العربي، ونهاية المحتاج ١ / ٥١٩.