الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩ -
مُقَدِّمَتِهِ: الْعَهْدُ عَلَى الطَّاعَةِ، كَأَنَّ الْمُبَايِعَ يُعَاهِدُ أَمِيرَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ النَّظَرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ وَأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، لاَ يُنَازِعُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُطِيعَهُ فِيمَا يُكَلِّفُهُ بِهِ مِنَ الأَْمْرِ عَلَى الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَكَانُوا إِذَا بَايَعُوا الأَْمِيرَ وَعَقَدُوا عَهْدَهُ جَعَلُوا أَيْدِيَهُمْ فِي يَدِهِ تَأْكِيدًا لِلْعَهْدِ، فَأَشْبَهَ ذَلِكَ فِعْل الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَصَارَتِ الْبَيْعَةُ تَقْتَرِنُ بِالْمُصَافَحَةِ بِالأَْيْدِي.
هَذَا مَدْلُولُهَا فِي اللُّغَةِ وَمَعْهُودُ الشَّرْعِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ فِي بَيْعَةِ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَعِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَحَيْثُمَا وَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ. وَمِنْهُ: بَيْعَةُ الْخُلَفَاءِ، وَمِنْهُ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ. فَقَدْ كَانَ الْخُلَفَاءُ يَسْتَحْلِفُونَ عَلَى الْعَهْدِ وَيَسْتَوْعِبُونَ الأَْيْمَانَ كُلَّهَا لِذَلِكَ. فَسُمِّيَ هَذَا الاِسْتِيعَابُ أَيْمَانَ الْبَيْعَةِ. (١)
٢ - هَذَا وَقَدِ اسْتَفَاضَ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُبَايِعُونَهُ تَارَةً عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، وَتَارَةً عَلَى إِقَامَةِ أَرْكَانِ الإِْسْلاَمِ، وَتَارَةً عَلَى الثَّبَاتِ وَالْقَرَارِ فِي مَعْرَكَةِ الْكُفَّارِ، وَتَارَةً عَلَى التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ وَاجْتِنَابِ الْبِدْعَةِ وَالْحِرْصِ عَلَى الطَّاعَاتِ. (٢)
هَذَا، وَالْكَلاَمُ عَنِ الْبَيْعَةِ بِمَعْنَى (الْمَرَّةِ مِنَ الْبَيْعِ) مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ: (بَيْع) .
_________
(١) مقدمة ابن خلدون ص ٢٠٩ ط دار إحياء التراث العربي.
(٢) القواعد الفقهية للمجددي البركتي ٦١٢ ط دكا.