الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩ - حرف الباء - بيعتان في بيعة - توضيح مذهب المالكية في هذه المسألة
وَقَدْ عَلَّل بِهَذِهِ الْعِلَّةِ الإِْمَامُ مَالِكٌ وَشَيْخُهُ رَبِيعَةُ وَسَائِرُ الْمَالِكِيَّةِ. جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ إِذَا مَلَكَ ثَوْبًا بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ دِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ، تَأْخُذُهُ بِأَيِّهِمَا شِئْتَ وَشِئْتُ أَنَا، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ أَحَدُهُمَا، فَهَذَا كَأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْكَ بِدِينَارٍ نَقْدًا، فَأَخَّرْتَهُ فَجَعَلْتُهُ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ، أَوْ فَكَأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْكَ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ فَجَعَلْتُهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا.
تَوْضِيحُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:
٧ - قَدْ تَوَسَّعَ الْمَالِكِيَّةُ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَانِ ضَوَابِطِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَحَاصِل كَلاَمِهِمْ مَا يَلِي:
أ - أَنَّ التَّحْرِيمَ شَامِلٌ لِمَا إِذَا كَانَ التَّرْدِيدُ بَيْنَ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، كَمَا لَوْ قَال: أَبِيعُكَ بِدِينَارٍ هَذِهِ السِّلْعَةَ، أَوْ هَذِهِ الشَّاةَ. وَلِمَا إِذَا كَانَ التَّرْدِيدُ بَيْنَ ثَمَنَيْنِ، كَمَا إِذَا قَال: أَبِيعُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِعِشْرِينَ إِلَى سَنَةٍ.
ب - وَلاَ يَحْرُمُ ذَلِكَ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى سَبِيل الإِْلْزَامِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ لأَِحَدِهِمَا بِأَحَدِ الأَْمْرَيْنِ، أَمَّا إِنْ كَانَ عَلَى سَبِيل التَّخْيِيرِ لِكِلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ إِلْزَامٍ جَازَ.
ج - وَهَذَا إِنْ كَانَتِ السِّلْعَتَانِ اللَّتَانِ حَصَل التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا مُخْتَلِفَتَيْنِ بِالْجِنْسِ، أَمَّا إِنْ كَانَتَا مُتَّفِقَتَيْنِ بِالْجِنْسِ، وَالاِخْتِلاَفُ بَيْنَهُمَا بِالْجَوْدَةِ أَوِ الرَّدَاءَةِ فَقَطْ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، لأَِنَّهُ لاَ يَخْتَارُ إِلاَّ