الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩ - حرف الباء - بيع الوفاء - حكم بيع الوفاء
حُكْمُ بَيْعِ الْوَفَاءِ:
٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِبَيْعِ الْوَفَاءِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى: أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ؛ لأَِنَّ اشْتِرَاطَ الْبَائِعِ أَخْذَ الْمَبِيعِ إِذَا رَدَّ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ وَحُكْمَهُ، وَهُوَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ عَلَى سَبِيل الاِسْتِقْرَارِ وَالدَّوَامِ. وَفِي هَذَا الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ، وَلَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ مُعَيَّنٌ يَدُل عَلَى جَوَازِهِ، فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ.
وَلأَِنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لاَ يُقْصَدُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْ وَرَائِهِ الْوُصُول إِلَى الرِّبَا الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ إِعْطَاءُ الْمَال إِلَى أَجَلٍ، وَمَنْفَعَةُ الْمَبِيعِ هِيَ الرِّبْحُ، وَالرِّبَا بَاطِلٌ فِي جَمِيعِ حَالاَتِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ جَائِزٌ مُفِيدٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ انْتِفَاعُ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ - دُونَ بَعْضِهَا - وَهُوَ الْبَيْعُ مِنْ آخَرَ.
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْبَيْعَ بِهَذَا الشَّرْطِ تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَتَعَامَلُوا بِهِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، فِرَارًا مِنَ الرِّبَا، فَيَكُونُ صَحِيحًا لاَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ، لأَِنَّ