الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩ -
أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ. (١)
وَمَعَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ:
أ - فَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ لِكَافِرٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (٢) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الْمُسَافَرَةِ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ أَيْدِيهِمْ، فَلاَ يَجُوزُ تَمْكِينُهُمْ مِنْهُ. وَلأَِنَّهُ يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنَ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ، فَمُنِعَ مِنَ ابْتِدَائِهِ كَسَائِرِ مَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلِمَا فِي مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ مِنَ الإِْهَانَةِ. (٣) وَفَرَّعَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى هَذَا فَسْخَ الْبَيْعِ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَنَسَبَ هَذَا الرَّأْيَ سَحْنُونٌ إِلَى أَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ (٤) . وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ الإِْسْلاَمَ - كَمَا يَقُول ابْنُ جُزَيٍّ - فِي الْبَيْعِ إِلاَّ فِي شِرَاءِ
_________
(١) حديث: " نهى أن يسافر بالقرآن. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١٣٣ ط السلفية)، ومسلم (٣ / ١٤٩٠) ط الحلبي) .
(٢) سورة المائدة / ٢.
(٣) الشرح الكبير في ذيل المغني ٤ / ١٣، وكشاف القناع ٣ / ١٣٤، وشرح المنهج بحاشية الجمل ٣ / ٢٠، وانظر شرح المحلي على المنهاج ٢ / ١٥٦، وتحفة المحتاج ٤ / ٢٣٠.
(٤) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ٣ / ٧.