الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩ -
وَفِي بَيْعِ الدَّيْنِ صُورَتَانِ: بَيْعُهُ مِنَ الْمَدِينِ نَفْسِهِ، وَبَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ.
وَلاَ يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ.
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَجُمْهُورُهُمْ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - لاَ يُجِيزُهُ، إِلاَّ فِي أَحْوَالٍ مُعَيَّنَةٍ، خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ.
وَفِيمَا يَلِي عَرْضٌ لأَِهَمِّ الصُّوَرِ وَالتَّقَاسِيمِ الَّتِي يَطْرَحُهَا الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الصَّدَدِ، مَعَ تِبْيَانِ أَحْكَامِهَا.
٥٤ - مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: وَيَتَّخِذُ الْعَقْدُ عَلَى الدَّيْنِ عِنْدَهُمْ صُوَرًا شَتَّى:
أ - فَسْخُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَيْ إِسْقَاطُهُ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ، سَوَاءٌ أَحَل الدَّيْنُ الْمَفْسُوخُ أَمْ لاَ، إِنْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا كَالْعَقَارِ، أَمْ كَانَ مَنَافِعَ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ. فَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَشَدُّ الأَْنْوَاعِ تَحْرِيمًا، وَتَحْرِيمُهُ بِالْكِتَابِ.
ب - بَيْعُ الدَّيْنِ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَالًا: وَهَذَا مَمْنُوعٌ بِالسُّنَّةِ.
فَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ، وَلآِخَرَ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو، فَبَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَيْنَهُ بِدِينٍ صَاحِبِهِ، كَانَ مُحَرَّمًا بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ فَاسِدٌ.
أَمَّا بَيْعُهُ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَعَقَارٍ، أَوْ بِمَنْفَعَةِ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو،