الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩ -

وَوَجْهُ الْقَوْل بِالْبُطْلاَنِ: أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَكَلَّمَا بِصِيغَةِ الْبَيْعِ لاَ عَلَى قَصْدِ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ تَفْسِيرُ الْهَزْل، وَالْهَزْل يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ، لأَِنَّهُ يُعْدَمُ الرِّضَا بِمُبَاشَرَةِ السَّبَبِ، فَلَمْ يَكُنْ هَذَا بَيْعًا مُنْعَقِدًا فِي حَقِّ الْحُكْمِ (١) . وَكَذَلِكَ دَلاَلَةُ الْحَال عَلَى أَنَّهُمَا فِي مِثْل هَذَا الْبَيْعِ لاَ يُرِيدَانِ الْبَيْعَ، وَإِنْ لَمْ يَقُولاَ فِي الْعَقْدِ تَبَايَعْنَا هَذَا تَلْجِئَةٌ (٢) .

ثَانِيهُمَا: أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَيْضًا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ، وَكَذَا الْحَنَابِلَةُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي عِنْدَهُمْ (٣) .

وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل هُوَ أَنَّهُ لاَ عِبْرَةَ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْعَقْدِ الَّذِي أَظْهَرَاهُ، وَلأَِنَّ مَا شَرَطَاهُ فِي السِّرِّ لَمْ يَذْكُرَاهُ فِي الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا عَقَدَا عَقْدًا صَحِيحًا بِشَرَائِطِهِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الشَّرْطِ، كَمَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِطَا شَرْطًا فَاسِدًا عِنْدَ الْبَيْعِ، ثُمَّ بَاعَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (٤) .

ثَالِثُهُمَا: وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ (غَيْرُ لاَزِمٍ) وَيَلْزَمُ إِنْ أَجَازَاهُ مَعًا؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ بِبُطْلاَنِ هَذَا الْبَيْعِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ، فَلَوِ اعْتَبَرْنَا

_________

(١) بدائع الصنائع ٥ / ١٧٦.

(٢) كشاف القناع ٣ / ١٤٩.

(٣) بدائع الصنائع ٥ / ١٧٦، والمجموع ٩ / ٣٣٤، والفروع ٤ / ٤٩.

(٤) بدائع الصنائع ٥ / ١٧٦، والمجموع ٩ / ٣٣٤.