الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٩ -

وَاسْتِثْنَاءُ رَأْسِهِ وَجِلْدِهِ وَأَطْرَافِهِ وَسَوَاقِطِهِ. وَجَوَّزَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ فَقَطْ، إِذْ لاَ ثَمَنَ لِلسَّوَاقِطِ هُنَاكَ، وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ، وَلأَِنَّ الْمُسَافِرَ لاَ يُمْكِنُهُ الاِنْتِفَاعُ بِالْجِلْدِ وَالسَّوَاقِطِ، وَالدَّلِيل عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَرُّوا بِرَاعِي غَنَمٍ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرٌ فَاشْتَرَيَا مِنْهُ شَاةً. وَشَرَطَا لَهُ سَلَبَهَا أَيْ جِلْدَهَا وَأَكَارِعَهَا وَبَطْنَهَا (١) وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.

وَمِمَّا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ مِنَ الاِسْتِثْنَاءِ مَا اعْتَبَرَهُ بَعْضُهُمْ شَرْطًا صَحِيحًا، فَأَجَازَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ، وَاعْتَبَرَهُ غَيْرُهُمْ شَرْطًا فَاسِدًا، فَأَبْطَلَهُ وَأَبْطَل الْبَيْعَ.

وَمِثَال ذَلِكَ: مَنْ يَبِيعُ الدَّارَ وَيُسْتَثْنَى سُكْنَاهَا شَهْرًا مَثَلًا، فَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيُّ ﷺ جَمَلًا، وَاشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ أَيْ رُكُوبَهُ وَفِي لَفْظٍ: قَال: بِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلاَنَهُ إِلَى أَهْلِي (٢) .

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَيَبْطُل الشَّرْطُ وَالْبَيْعُ، لأَِنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مُلاَئِمٍ (٣) .

_________

(١) حديث " أن النبي ﷺ لما هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مروا براعي غنم. . . " عزاه صاحب كشاف القناع (٣ / ١٧١ ط الرياض) إلى أبي الخطاب.

(٢) حديث جابر في اشتراط الحمل على الجمل. أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٣١٤ ط السلفية)، ومسلم (٣ / ١٢٢١ ط الحلبي) .

(٣) ابن عابدين ٤ / ٤٠ - ٤١، والهداية ٣ / ٢٥ - ٢٦، وجواهر الإكليل ٢ / ٧، والبهجة شرح التحفة ٢ / ٣٢، والفواكه الدواني ٢ / ٢٣٨، ونهاية المحتاج ٣ / ٤٤٥، وشرح روض الطالب ٢ / ١٥ - ١٧، والمهذب ١ / ٢٧٦، وحاشية الجمل ٣ / ٨٣، والمغني ٤ / ١١٣ وما بعدها، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ١٤٨.