الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٨ -
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى - أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَال ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ:
أ - مَا اصْطَفَاهُ الإِْمَامُ لِبَيْتِ الْمَال بِحَقِّ الْخُمُسِ أَوْ بِاسْتِطَابَةِ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ، كَمَا اصْطَفَى عُمَرُ أَرَاضِيَ كِسْرَى وَأَهْلِهِ، وَلَمْ يُقْطِعْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ أَقْطَعَ مِنْهُ وَأَخَذَ مِنْهُ حَقَّ الْفَيْءِ. قَال الْمَاوَرْدِيُّ: فَكَانَ ذَلِكَ إِقْطَاعَ إِجَارَةٍ لاَ إِقْطَاعَ تَمْلِيكٍ. وَلاَ يَجُوزُ إِقْطَاعُ رَقَبَتِهِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ بِاصْطِفَائِهِ لِبَيْتِ الْمَال مِلْكًا لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَجَرَى عَلَى رَقَبَتِهِ حُكْمُ الْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ.
ب - أَرْضُ الْخَرَاجِ، فَلاَ يَجُوزُ تَمْلِيكُ رَقَبَتِهَا؛ لأَِنَّ أَرْضَ الْخَرَاجِ بَعْضُهَا مَوْقُوفٌ، وَخَرَاجُهَا أُجْرَةٌ، وَبَعْضُهَا مَمْلُوكٌ لأَِهْلِهَا، وَخَرَاجُهَا جِزْيَةٌ.
ج - مَا مَاتَ عَنْهُ أَرْبَابُهُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَارِثٌ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا النَّوْعِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا، فَعَلَى هَذَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلاَ إِقْطَاعُهَا.
وَثَانِيهِمَا: أَنَّهَا لاَ تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى يَقِفَهَا الإِْمَامُ. فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لَهُ إِقْطَاعُهَا تَمْلِيكًا، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهَا.
وَنَقَل قَوْلًا آخَرَ: أَنَّ إِقْطَاعَهَا لاَ يَجُوزُ، وَإِنْ جَازَ بَيْعُهَا؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ، وَهَذَا الإِْقْطَاعُ